يحتاج الوطن العربي الى 213 بنك جديد للفقراء/مؤسسة تمويل أصغر
لإشباع سوق التمويل الأصغر العربي حيث ان فجوة التغطية في صناعة
التمويل الأصغر العربية تقدر بحوالي 19 مليون عميل محتمل قادر على
الحصول على خدمات التمويل الأصغر وغير مخدوم مما يستلزم ضخ 16.6 مليار
دولار أمريكي في محفظة القروض الإجمالية.
وبحسب تقديرات التقرير العربي الإقليمي للتمويل الأصغر فإن متوسط
عدد المقترضين للمنشآت الأكثر إنتشاراً في الوطن العربي لعام 2009 هو89
ألف عميل (وبإفتراض أن بنوك الفقر الجديدة سوف تحقق نفس إنتشار
المؤسسات الأكثر إنتشاراً على المستوي العربي) فإننا نحتاج في مصر الى
54 بنك جديد للفقراء/ مؤسسة تمويل أصغر حيث ان فجوة التغطية في مصر
تقدر بحوالي 4.8 مليون عميل ونحتاج في السودان 47 بنك جديد للفقراء
حيث ان فجوة التغطية في السودان تقدر بحوالي 4.2 مليون عميل ونحتاج في
اليمن 27 بنك جديد للفقراء جديد حيث ان فجوة التغطية في اليمن تقدر
بحوالي 2.4 مليون عميل ونحتاج في الوطن العربي ككل الى213 بنك جديد
للفقراء.
إعتمدت الصناعة العربية للتمويل الأصغر في بداياتها في توفير
التمويل من خلال الإعانات والمنح والهبات التي تقدمها وكالات التنمية
والجهات المانحة وبمرور الوقت وبتمكين الصناعة إتجهت في أواخر عام 2008
الى التمويل التجاري وإستطاعت خلال تلك الفترة أن تحقق معدلات نمو جيدة
والتطور الطبيعي الذي يعقب مرحلة الدين التجاري من المؤسسات المالية
وبالخصوص البنوك التجارية المحلية هي أن تتحول مؤسسات التمويل الأصغر
العربية الى مؤسسات مالية ذات طابع إستثماري في صور شركات أو مصارف
متخصصة في التمويل الأصغر والمتناهي الصغر هذا مع إحتفاظها بالرسالة
الإجتماعية للتمويل الأصغر وهي تقديم خدمات مالية وغير مالية للفقراء
لتخفيف حدة الفقر.
ولكن لكي يحدث هذا التحول في مؤسسات صناعة التمويل الأصغر العربية
يجب أن يعاد صياغة التشريعات القانونية في كثير من الدول العربية حيث
يتعين إستحداث قوانين وأطر تساعد تلك المؤسسات للتحول الى كيانات ربحية
وأتصور أن بعد قيام الثورات العربية سوف تعمل كل حكومة من الحكومات
العربية على إيجاد البيئات القانونية التي تهيء العمل على تحسين أحوال
الفقراء.
أيضا سوف تعتمد مؤسسات التمويل الأصغر العربية في تحولها الى مؤسسات
إستثمارية على جذب مستثمرين جدد للصناعة ولكن يظل السؤال لماذا يستثمر
صاحب رأس المال في صناعة التمويل الأصغر دون غيرها؟ وللإجابة على هذا
السؤال نقول إن الإستثمار في مجال التمويل الأصغر هوإستثمار مزدوج
الهدف حيث يعمل على تحقيق عوائد إجتماعية في الوقت الذي يسعي فيه الى
تحقيق العوائد المالية وبالنسبة للعوائد المالية للصناعة في العالم
العربي فإنها تحقق عائد حقيقي على إجمالي محفظة القروض يصل الى 25%
وبهامش ربح يصل الى 18% كما أن صناعة التمويل الأصغر العربية تتمتع
بمحفظة قروض ذو جودة عالية مما يعزز مركزها المالي كما أنها تتمتع
بوجود خبرات بشرية عربية ممتازة كما انها تتمتع بوجود بنيه فنية داعمة
لا بأس بها حيث يوجد شبكات إقليمية متخصصة في التمويل الأصغر في الوطن
العربي في كل من اليمن وفلسطين والعراق ومصر بالإضافة الى شبكة البلدان
العربية للتمويل الأصغر – سنابل.
علاوة على ذلك فإن معدل التغلغل للصناعة في المنطقة العربية ما زال
منخفض ويقدر بحوالي 13.92% مما سبق فيمكن للمستثمر أن يحقق عوائد مالية
مستقرة على مدي دورة رأس المال وبالتعرض لأقل المخاطر في فقدان الأصول،
هذا بالإضافة الى العوائد الإجتماعية التي يمكن أن يحصل عليها المستثمر
في صناعة التمويل الأصغر العربية، فالإستثمار الإجتماعي ليس غريب على
عالمنا العربي فمن أكثر صور الإستثمار الإجتماعي شيوعاً في الوطن
العربي كانت الوقف والوقف هو ما يحبس من مال أو عقار أو غلال لتقديمه
طوعية لأفراد المجتمع للعمل على تنميتهم في النواحي الاقتصادية
والتعليمية والصحية وغيرها من النواحي التي تزيد من الخدمات المقدمة
للشرائح الفقيرة في المجتمع فالإستثمار الإجتماعي هي فكرة متأصله فينا
كعرب.
في الحقيقة أن الجهة الوحيدة العربية التي فطنت لأهمية إنشاء بنوك
الفقراء في الوطن العربي هي برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) ولقد
قامت بإنشاء تلك البنوك في الأردن والبحرين واليمن وسوريا ولكنها أنشأت
بنك واحد فقط في كل بلد تلك البلدان مع العلم أننا في الوطن العربي
نحتاج لإنشاء الكثير من بنوك الفقراء في كل دولة كما تم تبيانه فيما
سبق وأنا ادعوا كل رجل أعمال يريد أن يستثمر في التمويل الأصغر أن
يتباحث مع تلك المنظمة ويدرس تجربتها الناجحة ويتخذها نموذج يحتذى به.
إن التمويل الأصغر من شأنه تمكين الفقراء وتحسين مستواهم الاجتماعي
بتشجيعهم على إنشاء وتدعيم الأنشطة المولدة للدخل وهي أيضا صناعة مربحة
لمن أراد الإستثمار فيها فهل من مشمر؟ |