(الجبير كيت)... خفايا ما تحت الطاولة

هل تسعى واشنطن التقرب الى طهران؟

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تضاربت التصريحات التي تطلقها العواصم المتصارعة عبر البحار، والتي جاءت بين تأكيد وتفنيد لما بات يعرف بمؤامرة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، بعد ان زعمت الدوائر الأمنية في تلك الدولة عن إحباطها لمخطط إيراني هدف الى تصفية ارفع شخصية في سفارة الرياض لدى الولايات المتحدة.

إلا أن في خضم ذلك السجال، برزت العديد من السيناريوهات والتحليلات المصاحبة لهذا الحدث الضخم، لم تقل أهمية من ذات الحدث، بعد ان استشرفت توقعاتها الكثير من المعطيات في المستقبل، منها من رجح المواجهة وأخرى من اعتبرت ما يحدث مجرد فبركة تهدف الى نتائج قد تقلب الطاولة على مختلف المراقبين، في حال كانت هناك أياد خفية تتلاعب من تحتها.

الا انه وبغض النظر عن حقيقة ما حدث، فلا يعول الكثيرون على تداعيات قد تقع مستقبلا، سيما ان جميع الاطراف، او تحديدا العواصم الثلاث واشنطن الرياض طهران، لا ترى جدوى من اي تصعيد في الوقت الحالي، ذلك بسبب عدم انقشاع الضباب السياسي الذي اعقب رياح التغيير في بعض الدول العربية.

اسلحة الدمار الشامل بالعراق

فقد قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن مزاعم الولايات المتحدة عن محاولة اغتيال إيرانية تشبه مزاعمها عن اسلحة الدمار الشامل التي كانت اساس غزو العراق عام 2003 وسيثبت بالمثل أنها كاذبة. وقال إن المؤامرة الأمريكية المزعومة لقتل السفير السعودي في الولايات المتحدة اختلقتها واشنطن لاحداث شقاق بين طهران والرياض وصرف الانظار عن المشكلات الاقتصادية الأمريكية. وتابع أحمدي نجاد في مقابلة مع تلفزيون الجزيرة أذيعت على الهواء مباشرة "باتهام ايران لن يتمكنوا من انجاز أي شيء."

وقال "زعمت الحكومة الامريكية فيما مضى انه كانت توجد اسلحة دمار شامل بالعراق. وأعلنوا ذلك بقوة وعرضوا وقدموا وثائق تؤيد ذلك وقال الجميع نعم نحن نصدقكم." واضاف قوله "والان فان الجميع يسألهم هل كانت تلك المزاعم صحيحة؟ هل عثروا على أي سلاح للدمار الشامل في العراق؟ انهم اختلقوا حزمة من الاوراق. هل هذا شيء يصعب عمله؟" وقال أحمدي نجاد "الحقيقة ستتكشف في نهاية الامر ولن تكون هناك مشكلة بالنسبة لنا في ذلك الوقت."

وردا على سؤال بشأن ما اذا كان يعتقد ان الولايات المتحدة وايران على "طريق صدام" حتمي نحو مواجهة عسكرية رد أحمدي نجاد بالقول "لا أعتقد ذلك. "أعتقد ان هناك بعض الاشخاص في الحكومة الامريكية يريدون أن يحدث ذلك لكني أعتقد ان هناك عقلاء في الحكومة الامريكية يعرفون أن عليهم عدم القيام بهذا."واضاف قوله "امريكا اليوم غير مستقرة الى درجة انها لن تفكر مجرد تفكير في شن هجوم على ايران."

ودعا احمدي نجاد السعودية ألا تنخدع باستراتيجية امريكية هدفها تقسيم الخليج والسيطرة عليه. وقال "اذا كانت الحكومة الامريكية تحسب أنها بعمل ذلك يمكنها خلق شقاق بيننا وبين السعودية فيجب أن نقول ان الحكومة الامريكية مخطئة خطأ شديدا." واضاف قوله "الحكومة الامريكية لا تهتم بايران او السعودية وهم يرون مصالحهم في ايجاد نزاع بين ايران والسعودية انهم يريدون الهيمنة على منطقتنا." بحسب رويترز.

ويبدو ان الضجة التي أثارتها المؤامرة افسدت اي احتمال للعودة سريعا الى المفاوضات بين طهران والقوى العالمية بشأن البرنامج النووي الايراني غير ان وزير الخارجية علي اكبر صالحي قال ان ايران ستفحص تلك المزاعم.

ونقلت وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء عن صالحي قوله "لدينا استعداد لفحص اي قضية -حتى لو كانت ملفقة- بجدية وترو وقد دعونا امريكا الى أن تقدم لنا اي معلومات فيما يتعلق بهذا السيناريو."

لا "تحقيق"

كما اعلن محمود احمدي نجاد ان بلاده لا تنوي "اجراء تحقيق" حول الاتهامات الاميركية اعداد عنصرين من الحرس الثوري الايراني مؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. وقال احمدي نجاد في مقابلة مع قناة الجزيرة الناطقة بالانكليزية "لماذا علينا اجراء تحقيق. كل يوم تطلق الولايات المتحدة اتهاما جديدا بحق ايران. هذا الموقف من جانب الولايات المتحدة غير صحيح. اذا ما اعتقدوا انهم من خلال ممارسة الضغط سيحصلون على نتائج فانهم مخطئون".

واعلنت ايران في وقت سابق "استعدادها للنظر" في اتهامات الولايات المتحدة لطهران بالضلوع في هذه المؤامرة التي تم احباطها. وطلب وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي "من الاميركيين معلومات عن الاشخاص الضالعين لتحديد ماضيهم والنظر في القضية"، لكنه اعتبر ان اتهامات واشنطن "لا اساس صلبا لها".

في حين افادت وكالة فارس الايرانية للانباء ان ايران طلبت من واشنطن تسهيل "زيارة قنصلية" لمنصور ارباب سير الايراني-الاميركي المعقتل في الولايات المتحدة والمتهم بالتحضير لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة لحساب طهران.

وقال دبلوماسي ايراني رفيع المستوى للقائم بالاعمال السويسري الذي تم استدعاؤه للمرة الثانية الى وزارة الخارجية "لا شك في ان الاتهامات الاميركية لا اساس لها، الا ان تقديم معلومات تتعلق بالمتهم واجراء زيارة قنصلية هما من واجبات الحكومة الاميركية واي تاخير في هذا المجال مخالف للقوانين الدولية ولالتزامات الحكومة الاميركية". وتمثل سويسرا المصالح الاميركية في طهران منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن عام 1980. وبحسب وكالة فارس فان "رسالة موجهة الى الحكومة الاميركية تم تسليمها الى القائم بالاعمال السويسري". ولا تعترف ايران بالجنسية المزدوجة لمواطنيها. بحسب فرانس برس.

احتلال السعودية بكل يسر

من جانب آخر قال عضو اللجنة البرلمانية لشؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية محمد كريم عابدي، إن بإمكان إيران احتلال السعودية بكل يسر، لو أرادت ذلك. وجاءت هذه التصريحات رداً على حديث الأمير تركي الفيصل الذي شدد على ضرورة معاقبة طهران والرد عليها لضلوعها في محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير.

وأضاف عابدي: 'السؤال الذي أتوجه به هو: هل يرى أن لديهم قدرة الرد على إيران؟ ألا يعرف أن في وسع إيران، متى ما عزمت، أن تسلب الأمن في السعودية؟'. وأضاف: 'يجب على المسؤولين السعوديين تحمل ضريبة الاتهامات التي ساقوها ضد إيران'. وشدد النائب الأصولي على 'أن القوات العسكرية الإيرانية قادرة، في حال عزمت طهران على اتخاذ أي خطوة ضد السعودية، على احتلال أراضي المملكة بكل يسر'.

يشار إلى أن هذا النائب كان أعلن أواخر الأسبوع الماضي أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية تمكنت من التغلغل في إسرائيل من خلال استخدام عناصر جنّدتها، حيث حصلت على معلومات مهمة يمكن الاستفادة منها في حالة وقوع مواجهة عسكرية.

وجاءت تصريحات النائب محمد كريم عبادي رداً على معلومات مفادها أن إسرائيل سترسل أقماراً اصطناعية للتجسس إلى سماء إيران للحصول على معلومات. وأكد أن بلاده تملك القدرة على ضرب تلك الأقمار أو التشويش على معطياتها الاستخباراتية.

وذكر أن البحرية الإيرانية نجحت في إرسال طائرة من دون طيار إلى هدف بحري أمريكي في الخليج، وحصلت على معلومات عسكرية.

من جهته، حذر المرشد الإيراني قائد آية الله علي خامنئي، المسؤولين الأمريكيين، من أي تصرف سياسي أو أمني غير مناسب على حد تعبيره. وقال إن على المسؤولين الأمريكيين أن يعلموا أن إيران تتمتع بالوحدة الوطنية، والقوة، وستقف أمام أي مؤامرة ولن تخضع للابتزاز. وأشار خامنئي في خطابه أمام حشود طلبة الجامعات في محافظة کرمانشاه غرب إيران، إلى الاتهام الأمريکي الأخير لطهران في شأن محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وقال إن نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وطيلة 32 عاماً من عمره لم ولن يرضخ للضغوط وتهديدات الأعداء والتي لن تؤثر علي مسيرته. وشدد خامنئي علي أن أهداف النظام الإسلامي لن تتغير أبدا لأنها نابعة من الفطرة ولا يمکن النظر إليها من زاوية هوي النفس. كما أشار إلى ما وصفها بالصحوة التي تعيشها الشعوب على مستوى العالم ضد نظام السطة الرأسمالي والمظاهرات الحاشدة في الكثير من بلدان العالم، وقال إن شعوب ما يقارب 80 بلدا في العالم يدعمون حركة 'احتلوا وول ستريت'، ولو تعلم الشعوب الأوروبية أن مشاكلها تكمن في الهيمنة الصهيونية لتكاثرت هذه الحركات. أحمدي نجاد: لسنا بحاجة إلى اغتيالات.

كما هدد عضو مجلس خبراء القيادة في إيران آية الله عباس الكعبي من أن يشهد موسم الحج هذا العام مظاهرات واسعة جداً، للتنديد بما وصفها بالمؤامرات الأمريكية. وقال الكعبي إن أمريكا والصهيونية يخشون موسم الحج الحالي، ولهذا أثاروا الاتهامات الأخيرة لإيران في شأن محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن.

وكان الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، قد أعلن أن المملكة ستطبق أنظمة وإجراءات صارمة لمنع الحجاج من أي أمر يخل بأمن الحج، مشدداً على ما قاله الأمير نايف، النائب الثاني لرئيس المجلس الوزراء وزير الداخلية، بأن من أهم مسؤوليات المملكة العربية السعودية الحفاظ على راحة الحجاج وسكينتهم وأمنهم، وأن المملكة لن تسمح بأي حادث يعكر صفو الحج، أو يكدر خواطر الحجاج.

وحذر الأمير خالد في مؤتمر بجدة من أن السعودية لن تقبل بأي عبث أو شغب أو فوضى في موسم الحج أو في غيره، وستطبق العقوبات على المخالفين. وتعليقاً على تهديدات إيران، قال محمد التونسي، رئيس تحرير صحيفة 'عكاظ' السعودية إنه 'حتى لو أراد بعض الحجيج أن يعبِّروا، كما شهدنا في السنوات السابقة، من حجاج إيرانيين وغيرهم، لن نجد لديهم إلا العبث والفوضى ومزاحمة الناس، وربما التسبب في حوادث تخلف وفيات وغيرها'.

وقال: 'أي أمر من هذا النوع فيه مخالفة دينية بالدرجة الأولى، ومخالفة لحرمة المكان، ومخالفة لحرمة الشعيرة، ومخالفة لمسألة سياسية، وهي نظام الدولة'. وحول بعض التهديدات من الدول التي لها خلافات مع السعودية، أكد التونسي أن جاهزية المملكة هذا العام ستكون في أعلى مستوياتها، وأنه على يقين كما قال الأمير نايف، وأكد على كلامه الأمير خالد الفيصل، بأنه 'لن يُسمح لأي أحد بالعبث، فمن أراد أن يتظاهر ولديه مشكلة وثورة فليُقم مظاهرته في بلاده ولا يأتي هنا'.

تجميد أرصدة

من جهتها جمدت بريطانيا أرصدة خمسة أشخاص من بيتهم المشتبه بهما الرئيسيان في مؤامرة ايرانية مزعومة لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة في اجراء مماثل للعقوبات التي اتخذتها السلطات الامريكية. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ان بريطانيا تبحث اتخاذ اجراء مع شركائها في الاتحاد الاوروبي وتوقع ان تفرض دول أخرى أيضا عقوبات مماثلة.

ومن بين الخمسة المستهدفين منصور أرباب سيار الذي يحمل الجنسية الامريكية والذي ألقي القبض عليه في سبتمبر أيلول فيما يتصل بالمؤامرة التي وصفتها ايران بانها "عرض هزلي".

ومن بينهم أيضا غلام شكوري وهو ايراني قالت السلطات الامريكية انه شريك في المؤامرة وهو هارب ويعتقد أنه في ايران.

وقال هيج لرويترز "الولايات المتحدة حددت بموجب قانونها الخاص بالعقوبات خمسة أفراد. وبدءا من اليوم ستحدد المملكة المتحدة نفس الافراد الخمسة بموجب قانون تجميد الاصول الارهابية لعام 2010."

وأضاف لدى وصوله الى موريتانيا في اطار جولة في شمال افريقيا "نناقش ايضا مع شركائنا في الاتحاد الاوروبي اتخاذ اجراء أوسع ضد هؤلاء الافراد الخمسة.

"الامر مرتبط بنشاط ارهابي مزعوم وأنشطة قوة القدس التابعة للحرس الثوري الاسلامي (الايراني)."

وتابع هيج "الاجراء يمنعهم من استخدام مصارف المملكة المتحدة ونظامها المالي. نحن اول دولة بعد الولايات المتحدة تتخذ هذا الاجراء ونتوقع ان تحذو دول اخرى حذونا."

وفرضت وزارة الخزانة الامريكية قيودا مماثلة على الخمسة واصفة الاربعة المقيمين في ايران بأنهم أعضاء في قوة القدس وهي وحدة سرية تابعة للحرس الثوري الاسلامي الايراني تزعم الولايات المتحدة انها تدعم "أنشطة ارهابية في الخارج".

ويقول مسؤولون أمريكيون انهم يعتقدون أن رئيس قوة القدس كان على علم على الارجح بالمؤامرة المزعومة لقتل السفير السعودي عادل الجبير. بحسب رويترز.

كما أدرجت الخزانة البريطانية في القائمة السوداء قاسم سليماني الذي قالت انه قائد في الحرس الثوري. والاثنان الاخران هما الايراني حامد عبد الله وعبد الرضا شاه لاي الذي قالت انه يعيش في ايران.

وقالت السلطات الامريكية ان ارباب سيار دفع أموالا لمخبر سري قدم نفسه على أنه قاتل مأجور في عصابة مكسيكية لتجارة المخدرات وذلك مقابل اغتيال السفير. وتزعم السلطات ان زهاء 100 ألف دولار حولت من بنك أجنبي خارج ايران الى حساب القاتل المستأجر في الولايات المتحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/تشرين الأول/2011 - 24/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م