الإصلاح يتطلب الاعداد لمملكة جديدة

غاندي ابو شرار

ان المملكة الجديدة هي الدولة التي تقوم على دعائم قوية واسس عملية بعيدة عن شعارات غوغائية لم تعد تجدي، وأهم هذه الدعائم يتمثل بثقة ومحبة وانتماء المواطن للأرض والقيادة... وحسبي ان هذه الدعامة تكون مفقودة حينما يشعر المواطن بانه عديم الوجود ولا قيمة معنوية له... حينها يكون هذا المواطن اداة هدم... لا اداة بناء.

ويا ليت صناع القرار لدينا يتعظون من تجربة الاتحاد السوفيتي سابقا... حيث بات المرء يخشى ان ينطبق حال المواطن السوفيتي سابقا على مواطنينا... فالحال ليس ببعيد عنهم ولم يعد بالمستحيل.

حيث لم تعد لقوة وامكانيات الدولة عبرة امام زئير وغضب المجتمع الذي حقق نسب عالية في الفقر والبطالة واختلاف الراي... فالسوفييت كانوا يمتلكون من المال والقوة الكثير والكثير، ولكن انعدام قيمة المواطن لديهم ساهم في هدم الدولة عن بكرة ابيها... بل ساهم المواطن نفسه في هدم اسس الدولة وخرج مهللا الى الشوارع ومبتهجا بانهيار دولته.

ان مملكتنا الحبيبة اشبه ما تكون بباقة ورد جميلة يتكون منها المجتمع الاردني بثقافاته وفكره المتنوع... ونظامنا الملكي هو ضمانة عدم تناثر ورود هذه الباقة الجميلة فلنحافظ عليها متماسكة ولنحافظ على ربيعها ورائحتها وجاذبيتها.... ولا يكون ذلك الا بنهضة شاملة تحمي النظام وتحمي المجتمع وتحمي المواطن...

وبرأيي الشخصي أن ما يقدمه النظام الملكي من تنازلات للشعب فانها لا تعتبر خسارة جولة او خسارة لمكسب بقدر ما هو تقرب من المجتمع والمواطنين ودلالة على وجود اذان صاغية تستمع وتستجيب لهذا المجتمع ونداءاته وبالتالي يكون المجتمع والنظام متضامنين وكفيلين ومتحدين في السراء والضراء.

لا اعتقد ان تغيير شخص رئيس الحكومة كفيل بإصلاح الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الاردن، وبخلافه فان الاجراءات والتغييرات التي تتخذ لا تتعدى عملية ارضاء وجبر للخواطر واسكات لبعض الاصوات المطالبة بالإصلاح خصوصا تلك التي اقحمت مصالحها الشخصية مع الاصوات الداعية للإصلاح ولمكافحة الفساد...

فالإصلاح كلمة فضفاضة وواسعة والأردن للأسف بحاجة الى اكثر من برنامج اصلاحي...

فالنظام الاجتماعي يحتاج الى اصلاح ( فالفقر والمحسوبية وثقافة نهب المال العام ) يحتاج الى برنامج توعية وتشديد في الإجراءات وتعديل للقوانين تمكن المواطن العادي من طرح سؤال " من أين لك هذا...

والنظام الاقتصادي يحتاج الى اجندة اصلاحية خاصة به (فالبطالة والمديونية العالية جدا وضياع مؤسسات وطنية كبيرة بثمن بخس يحتاج الى اجندة تراجع الخلل والتشريعات وتستعيد ثروات الوطن).

والنظام السياسي يحتاج الى اجندة اصلاحية خاصة به ( فتداخل السلطات وشكلية قرار الحكومة وثقافة الانتخابات الدارجة وتوريث المناصب وقوانين تشكيل الاحزاب وقانون الانتخابات واطلاق للحريات العامة ومنع تدخل الاجهزة الامنية في الحياة العامة كلها بحاجة الى اعادة مراجعة وتحديث شاملة).

والنظام التعليمي يحتاج اكثر من غيره الى اجندة اصلاحية شاملة.... فكيف يعقل ان يكون الاردن متقدما على دول أوروبية على سبيل المثال بنسبة حملة الشهادات العليا بينما ما يزال يقبع في ادنى سلم التنمية على مستوى العالم.

والنظام البيئي الاردني المأسوف عليه مهمل ولا يجد اهتمام كاف باستثناء جمعيات بيئية مبعثرة الجهود تعمل جاهدة على نشر التوعية والدعوة للمحافظة على ما تبقى من ارض وماء وطبيعة تنبض بالحياة، بل كيف يعقل ان يستورد الأردن مياه الشرب على سبيل المثال من دولة كإسرائيل.

كثيرة هي الانظمة التي تحتاج الى مراجعة وتحديث بما يوكب مصلحة الوطن والمواطن.... لا من يواكب التطور والتمدن فقط...

ان الدعوة الى معالجة مكامن الخلل تعني معالجة جذور الفساد والخلل.... ولا يكون ذلك الا من خلال برنامج وطني شامل... يبدا من الوعي بوجود الخلل مرورا بالاتفاق على ضرورة معالجة هذا الخلل وانتهاء بوضع برنامج عملي قابل للتطبيق.

ان الاردن يحتاج الى سنوات عدة ليتعافى مما اصابه من امراض باطنية لم تظهر اعراضها الا عندما ارتفعت الاصوات المنادية بالإصلاح ولولاها لبقي الاردن يعاني من تلك الامراض حتى ينتشر في جميع اجزاءه ليصيبه بالشلل التام في نهاية الأمر.

ان الاعداد للملكة الجديدة يعني الانفتاح الى المجتمع والمواطن أولا وقبل الانفتاح الى العالم الخارجي... فمع الظرف الراهن ولطبيعة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتطلب مواكبة وتحديث مستمرين فان الدعوة اصبحت ملحة الى بناء المملكة الدستورية الجديدة التي تتبنى بادىْ ذي بدء دستورا مرنا يلبي طموحات الشعب الأردني...

انها خلوة لمراجعة الحسابات.... فاجتماع مع دعاة الاصلاح حيث يكون الاتفاق واطلاق البرنامج الاصلاحي الشامل.... حيث يكون الرجل المناسب في المكان المناسب ليأخذ الاتفاق واعلان ولادة المملكة الجديدة موضع تطبيق فعلي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/تشرين الأول/2011 - 21/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م