شبكة النبأ: طغى العنف على مواضيع
الافلام العراقية المشاركة في "مهرجان بغداد السينمائي الدولي الثالث"
الذي فاز خلاله فيلم "انتباه" للمخرج ابراهيم الخزعلي بجائزة وهو يتحدث
عن اختطاف صحافية وقتلها على يد متطرفين.
فبعد ثلاثة عقود فظيعة شهد خلالها العراق ثلاث حروب وعقوبات
اقتصادية استمرت 13 عاما، يواجه هذا البلد صعوبة في الخروج من دوامة
العنف الغارق فيه منذ الاجتياح الاميركي العام 2003.
وقد غلبت سمة العنف على الافلام العراقية المشاركة في المهرجان وهو
الثالث منذ العام 2003، في بغداد.
وقد شارك 40 فيلما عراقيا (من وثائقي وافلام روائية طويلة وقصيرة)
في المهرجان الذي اختتم الاثنين. بحسب الـ فرانس برس.
وانطلقت فكرة فيلم "انتباه" للمخرج ابراهيم الخزعلي الذي فاز بجائزة
افضل انتاج متكامل خلال المهرجان، من حادث اختطاف واغتيال اعلامية في
ذروة موجة العنف التي اجتاحت العراق في 2006.
واشار الخزعلي الى ان الفكرة مستوحاة من اختطاف الاعلامية اطوار
بهجت التي قتلت بعد خطفها مع اثنين من زملائها اثناء محاولتهم دخول
سامراء بعد تفجير القبة الذهبية للامامين العسكريين العام 2006.
لم يبدأ الخزعلي (29 عاما) العمل على فيلمه انذاك، بسبب رفض استاذه
في اكاديمية الفنون الجميلة الامر، كونه كان يتطلب دعما كبيرا.
وعلى الرغم من جمعه المال اللازم لانتاج الفيلم عبر قرض من احد
المصارف اضافة الى مدخرات جمعها، واجه الخزعلي الكثير من المصاعب
الاخرى بينها تصوير بعض مشاهد الفيلم.
ويصور احد هذه المشاهد انقاذ رهينة، زوجة نقيب في الجيش، من قبل
وحدة قوات خاصة تدعمها ثلاث مروحيات عسكرية وثماني اليات مدرعة ونحو 45
جنديا عراقيا، والذي بدا كملحمة حقيقية تجري احداثها في احدى القرى
الواقعة عند اطراف بغداد.
واستعان الخزعلي بمشاهد يقدمها برنامج "حماة الوطن" الاسبوعي، الذي
يعرض على قناة العراقية الحكومية ويركز على تقديم انجازات ايجابية
للقوات العراقية.
لكن حتى هذا الامر، لم يمكنه من الحصول على ما يحتاجه من مشاهد
لمعدات عسكرية لعرضها في فيلمه.
الى ان جاءت الفرصة، خلال لقائه مع وزير الدفاع العراقي السابق عبد
القادر العبيدي، الذي وجد ان الفيلم يحمل طابعا وطنيا.
وقال الخزعلي لوزير الدفاع انذاك "اننا سنخدم العراق، وسألته ان
يقدم خدمة للعراق" ورد الوزير بقوله "اذا كان الامر لخدمة البلد فنحن
جاهزون".
واكد الخزعلي متحدثا من مبنى المسرح الوطني في بغداد، عدم حصوله على
دعم مالي من وزارة الدفاع او العمل بتوجيهاتها.
وعرض الفيلم، لقطات عن حياة العراقيين خلال الايام التي اعقبت
اجتياح البلاد، عندما ارغمت الاسر على البقاء في منازلها واضرمت
النيران في المباني الحكومية وصالات السينما خلال موجة العنف الطائفي
التي بلغت ذروتها بين 2006 و2008.
ويعود تاريخ صناعة السينما العراقية الى العام 1940. وقد شهد هذا
القطاع تطورا خلال الخمسينات لتصبح السينما شعبية اكثر عندما راحت
العائلات تعتبرها النزهة الاسبوعية لمشاهدة الافلام في سبعينات القرن
الماضي.
لكن حرب الخليج الاولى العام 1991 والحصار الاقتصادي الذي استمر حتى
سقوط النظام السابق العام 2003، تسببا في اندثار العمل السينمائي في
العراق.
واضافة لتركة العنف التي خلفتها السنين الماضية، لا تتوافر جهات
تدعم او تمول صانعي الافلام، ما دفع منظمي المهرجان الى الاعتماد على
انفسهم والعمل ضمن ميزانية صغيرة.
ورغم مشاهد العنف التي تخللته انتهى فيلم الخزعلي بالامل عندما عدل
الانتحاري عن تفجير سيارته واستخدم السيارة التي كانت محشوة بالمتفجرات
لمساعدة امرأة شابة كانت تسير في طريق مقطوع خال من المارة.
ووصف الخزعلي النهاية برسالة الى "الشباب الضائع السائر خلف اغراءات
التطرف والعنف.
واكد مدير المهرجان طاهر علوان ان "المهرجان منفتح على الجميع" في
اشارة الى طبيعة الافلام المشاركة.
وقال في تعليق على التسهيلات التي حصل عليها المخرج من وزارة الدفاع،
"ليست مشكلتنا بانه حصل على هذه التسهيلات".
واعتبر علوان الامر ايجابيا، بالقول "انه يفتح عقول صناع السينما
لنوع آخر من السينما بدلا من الانتاج الفقير الذي يكرر نفس القصص".
ويرى علوان بان "هناك نقصا في جميع انواع الافلام العراقية والمشكلة
تتمثل في تمويل هذه المشاريع".
واعرب احد اعضاء لجنة التحكيم في المهرجان عبد العزيز برحالي من
المغرب عن امله بتحقيق "رؤية جديدة" للسينما العراقية بعيدا عن قصص
العنف. ويرى برحالي ان "السينما العراقية تعتمد على الفيلم الوثائقي
الذي يتحدث عن الحرب" حاليا. وانتقد ذلك قائلا هذه "مشاهد مكررة، نريد
من المخرجين الشباب تغييرها، وتقديم ابداعات عن حياة جديدة تتحدث عن
السلام والتسامح" مؤكدا ان "هناك الكثير من القصص تروى عن العراق".
اما بالنسبة لابراهيم الخزعلي فقصة فيلمه المقبل باتت راسخة في ذهنه
وتتحدث عن تدمير عائلة عراقية بكاملها..برصاصة واحدة.
واستقبلت قاعة الاستقبال في المسرح الوطني العراقي في افتتاح مهرجان
السينما هذا الاسبوع نحو 300 شخص معظمهم من المخرجين والممثلين
العراقيين. وتتسع الصالة لنحو ألف شخص.
وقال طاهر علوان احد المخرجين المشاركين في المهرجان ان الحاضرين
يحاولون انجاح المهرجان على الرغم من المعوقات.
واقيم المهرجان الذي تنظمه جمعية غير حكومية هي سينمائيون عراقيون
بلا حدود مرتين فقط من قبل في 2005 وفي 2007 بسبب اعمال العنف
والصراعات السياسية وصعوبات التمويل.
وافتتح المهرجان بفيلم جزائري بعنوان "رحلة الى الجزائر" A Voyage
to Algeria وعرضت بعده أربعة افلام عراقية هي "الريشة" Feather
و"الرؤيا" The Visions و"نصف مضاء" Half Lightened و"ابتسم مرة أخرى"
Smile Again.
وتذمر الحاضرون من ضعف جودة شاشة العرض. وبعد نحو عشر دقائق تقريبا
بدأ كثير من الحاضرين في الانصراف. بحسب رويترز.
وقال المخرج العراقي علي السومري انه لا يريد أن يحكم على المهرجان
من أول عروضه لكنه عبر عن أمله في أن يتم تجنب مشكلات يوم الافتتاح في
الايام التالية حتى لا يتحول المهرجان الى فضيحة على حد وصفه.
ويشارك في المهرجان هذا العام أكثر من 160 فيلما من 32 دولة بينها
الولايات المتحدة وألمانيا . وتعرض بقية افلام المهرجان في ثلاثة اماكن
في بغداد على مدار ايام المهرجان الثمانية.
وحضر عدد قليل من الاجانب يوم الافتتاح على الرغم من الشعار الدولي
للمهرجان. وكان من ابرز الاجانب الحاضرين المغربي عبد العزيز بن غالي
الذي يرأس مهرجانا عربيا للافلام القصيرة.
وتبلغ ميزانية المهرجان هذا العام 30 ألف دولار فقط قدمت معظمها
معاهد أوروبية.
وقال علوان انه على الرغم من ضالة التمويل فان شيئا أفضل من لا شيء.
وتأتي اقامة هذا المهرجان الذي نتظمه جمعية "سينمائيون بلا حدود"
التي تستمد دعما خارجيا من منظمات المجتمع المدني، في اطار السعي
لاعادة الحياة الى السينما العراقية والمحافظة على الوعي السينمائي.
ويأمل القائمون عليه ان تلفت دورته الحالية الانظار لتحقيق ثقة
حقيقية لدى الجهات الحكومية حول اهمية الفن السابع ليشهد نموا متميزا
في المستقبل ينعكس على الثقافة السينمائية العراقية وطبيعة الصناعة
الراكدة والمتعطلة منذ تسعينيات القرن الماضي، اثر الحصار القاسي الذي
واجهته البلاد والقى بظلاله على كل الوان الفنون.
ويقول عمار العرادي رئيس "جمعية سينمائيون بلا حدود" ان "المهرجان
يأمل ان يلفت الانظار الى الواقع السينمائي الذي تشهده البلاد وربما
يدفع بالجهات المعنية وخصوصا الحكومية، لاظهار الدعم لاعادة الحياة الى
السينماالعراقية". بحسب الـ فرانس برس.
ويسعى القائمون على الجمعية ان يأخذ المهرجان بعدا اقليميا وعربيا
خصوصا بعدما انتشرت اصداؤه خارج البلاد واستوعب المهتمون بالشأن
السينمائي اهدافه وخطواته.
واوضح العرادي "نأمل ان تأخذ الدورة الجديدة للمهرجان مكانة اقليمية
وعربية الى جانب المهرجانات الاخرى التي تقام سنويا".
الا ان العرادي لم يخف حجم المشاكل التي يواجهها المهرجان قائلا
"ليست لدينا ميزانية مالية ولا نتلقى اي دعم حكومي بل نعتمد على
مساهمات خارجية لكنها محدودة".
واضاف "لكن التحدي للمضي في اهدافنا سيمنحنا الثقة للتغلب على تلك
المصاعب" مشيرا الى انه "في النسختين الاولى والثانية، لم يكن هناك
حضور متميز من المهتمين بالسينما من الخارج لكن الدورة الحالية ستشهد
مشاركة لافتة وهذا بالطبع سيشكل نقلة نوعية".
وتابع "لذا نتطلع ان يسهم بعودة السينما العراقية الى ماضيها وسابق
عهدها تدريجيا".
ويمنح المهرجان جوائز لافضل فيلم روائي طويل وافضل فيلم قصير وافضل
فيلم وثائقي.
وتضم لجنة التحكيم مخرجين وفنانين من مصر والمغرب والجزائر اضافة
الى العراق.
وعانت السينما في العراق خلال السنوات الماضية من اندثار حقيقي
نتيجة غياب صالات العرض وانعدام الاهتمام في هذا الفن الذي عرفته
البلاد منذ العام 1909. وقد فتحت اول دار عرض في بغداد العام 1911.
وانجبت السينما العراقية اجيالا من الفنانين الذين تركوا بصماتهم
على الصناعة السينمائية في العراق وعلى ثقافة الفن السابع، قبل ان يبدأ
التاريخ الحقيقي لانهيار السينما العراقية مع مطلع تسعينيات القرن
الماضي بسبب تعرض البلاد لحظر دولي. وتواصل تدهور الوضع السينمائي في
العراق بعد العام 2003. |