ظاهرة المقاهي: ترفيه إيجابي ام بؤرة خطيرة

 

شبكة النبأ: لاشك أن المقاهي تعد من أماكن التسلية والترفيه المطلوبة، وهي قد تشكل مؤشرا عن عن نوع من البحبوحة التي يعيشها المجتمع، ولكن قد تكون على العكس من ذلك، أي أنها ربما تشي بوجود البطالة وانتشارها في حالة اكتظاظها بالشباب العاطل، مما يدل ذلك على كسل وخمول المجتمع، الذي تنتشر فيه المقاهي أكثر من الحد المعقول، ناهيك عن نوع المطاليب التي تقدمها المقاهي لزبائنها.

وفي هذا الصدد يمكن أن تنقسم المقاهي، من حيث الفائدة والضرر الى نوعين، مقاهي تقدم خدمات متوازنة ومطلوبة للمجتمع، فيكون وجودها وانتشارها ايجابيا، كونها تسهم ايجابيا في ترفيه المجتمع، وقد يكون دورها سلبيا عندما تكون مكانا بديلا عن العمل، بسبب البطالة التي تنتشر بين الشباب وغيرهم، نتيجة لقلة فرص العمل المتاحة لهم.

ومما يلفت النظر، تزايد أعداد المقاهي والكازينوهات بصورة لافتة في المدن خاصة، ومع هذا التزايد الملحوظ، نشاهد تزايدا ملحوظا ايضا، في أعداد الزبائن الذين يرتادون هذه المقاهي والكازينوهات، وهذا مؤشر واضح عن تزايد البطالة، خاصة عندما تكون الاوقات التي تغص فيها هذه المقاهي بالناس، اوقات مخصصة للعمل وليست اوقاتا مناسبة للراحة والترفيه.

في حالة كهذه سيكون سلوك الشباب الذي يعاني من الفراغ والبطالة، سلوكا استهلاكيا يستنزف ايرادات العائلة والافراد معا، واذا شح المال ووصلت الامور الى حد فقدان المال اللازم، هنا ستبدأ طرق بحث منحرفة عن المال، بسبب حاجة الشباب لها، وهكذا يمكن أن تتحول هذه المقاهي والكازينوهات، الى عبء اقتصادي يدفع الى الانحراف، وقد تصبح هذه الاماكن بؤر لانتاج العصابات، التي تمارس شتى الاعمال الخارجة عن القانون، مثل عصابات السرقة والخطف والسطو والابتزاز وما شابه.

هكذا يمكن أن تتحول أماكن الترفيه هذه الى أماكن خطرة، بعد أن تحولت من دورها الترفيهي الايجابي، الى دور آخر سلبي، يتمثل باستقطاب الشباب العاطل واليائس احيانا، لتبدأ عمليات التخطيط للانحراف الجمعي، كتكوين العصابات، وثمة ترابط بين هذه الاماكن، وبين السلوكيات التي تضر بالمجتمع في حالة تزايد البطالة، حيث قد يلجأ الشباب الى تعاطي المخدرات، او التعامل بها بيعا وشراءا، وهي مؤشرات خطيرة تدل على تفسخ واضح لدى الشباب، وهذا الامر لا يؤذيهم فحسب، بل يشكل خطرا وعبءا كبيرا على عموم افراد وشرائح المجتمع، لهذا يخشى الناس دائما، لاسيما العوائل، من انتشار مثل هذه الاماكن، التي تستقطب ابناءها، على الرغم من ان المقاهي والكازينوهات يمكن ان تقدم دورا جيدا، في مجال احتواء الفراغ وزيادة اللحمة والتقارب بين الشباب والنسيج المجتمعي عموما.

هناك أنشطة كثيرة تدل على ايجابيات المقاهي، إذ كانت تتشكل في الكثير من منها مقرات لفرق شعبية، في كرة القدم وغيرها، وكانت تتشكل في المقاهي ايضا مقرات لفرق فنية وادبية، وهناك الكثير من المقاهي الشهيرة التي استقطبت كبار الادباء والكتاب والمفكرين، في عدد من العواصم العربية مثلا، منها مقهى حسن عجمي، والشابندر والبرلمان والبرازيلية في بغداد، ومقهى ريش في القاهرة، حيث كان يرتادها الروائي الراحل نجيب محفوظ بصورة مستمرة، وكذلك هناك مقهى السنترال والفينيق في عمان، وهكذا يمكن ان تكون المقهى، مقرا للادب والفن والرياضة وغيرها، مما يسهم في زيادة المواهب وصقلها.

أما اذا كانت هذه الاماكن مقرا لامتصاص البطالة، فإنها ستكون مساعدة لاشاعة نمط استهلاكي خطير في المجتمع، وقد يعتاد الناس لاسيما الشباب منهم، على الكسل والانحراف والكسب غير المشروع، بسبب ارتيادهم لبعض المقاهي، واماكن الترفيه الاخرى، ولكن في الوقت نفسه، اذا تم استخدام المقهى لاغراض الترويح، ونشر العلم، والادب، والفن، والرياضة، فإنها ستكون مؤشرات جيدة عن استقرار البلد، وعن الدور السليم لمثل هذه الاماكن الترفيهية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/تشرين الأول/2011 - 18/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م