
شبكة النبأ: "في 19 أيلول/سبتمبر
2011، خاطب أندرو جيه. تابلر، روبرت ساتلوف، ومارغريت سكوبي منتدى
سياسي في معهد واشنطن. يقول أندرو جيه تابلر، جاءت الاستجابة التصاعدية
لإدارة أوباما تجاه الانتفاضات السورية نتيجة تصورات مغلوطة واسعة
النطاق وقائمة لفترات طويلة بأن واشنطن لا تمتلك أي نفوذ على دمشق.
ورغم ذلك يمكن للحكومة الأمريكية أن تتخذ تدابير هامة لدعم إعلانها
بأنه يتوجب على الرئيس بشار الأسد أن يتنحى.
وقد أظهر التاريخ أن الضغط المتضافر متعدد الأطراف هو الأداة الأكثر
فعالية للتأثير على دمشق. وبناءاً على ذلك، ينبغي على واشنطن أن تشترك
مع حلفائها في بناء استراتيجية واضحة لإسقاط نظام الأسد وتحقيق الأهداف
الأمريكية في سوريا ما بعد الأسد. ويجب القيام بذلك بحزم ولكن بعناية
أيضاً بحيث لا يروج الأسد بأن الاحتجاجات هي جزء من مؤامرة أجنبية.
وعلى وجه التحديد، ينبغي على واشنطن القيام بما يلي:
- العمل مع الاتحاد الأوروبي على استهداف سوريا وفرض المزيد من
العقوبات مع الاهتمام قدر الإمكان بعدم إلحاق الضرر بالشعب السوري. كما
ينبغي أن تركز هذه الجهود على استنفاذ احتياطات سوريا المعروفة من
العملة الأجنبية والبالغة نحو 17 مليار دولار. وبالإضافة إلى النفط،
فإن ضريبة الشركات على مجموعات الأعمال السورية البالغة 20 بالمائة تعد
مصدراً هائلاً لإيرادات النظام. وينبغي على الولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي استهداف هذه التكتلات التجارية بفرض عقوبات شاملة. إن توقيت
هذه الإجراءات هو أمر مهم أيضاً. فعلى سبيل المثال، أحجم الاتحاد
الأوروبي بحكمة عن فرض عقوبات على الواردات السورية من منتجات النفط.
فهذه الواردات، المدعمة من قبل النظام السوري، سوف تسهم في استنفاذ
خزائن الدولة على المدى القصير إلى المتوسط.
- التعاون مع المعارضة السورية وحلفائها لضمان إبراز فظائع النظام
على الساحة الدولية ووضع الأسد في موضع غير مريح يحتم عليه الدفاع
مراراً وتكراراً عن أفعاله أمام محكمة الرأي العام العالمي.
- الإقرار بحقيقة أن الأسد نفسه يتمتع بالسلطة المطلقة في سوريا.
وقد ثبت زيف صورته التي روج لها الحرس القديم عن كونه زعيماً تحديثياً.
وفيما يتعلق بسوريا بعد الأسد، يشكل الشقاق بين المعارضة مصدر قلق،
لكنه ليس مروعاً. ورغم أن نشطاء المعارضة لم يتّحِدوا بعد حول وثيقة
ثورية واحدة، إلا أنهم أصدروا مجموعة من المبادئ الأساسية الواعدة.
وبينما ركز النشطاء الشباب السوريون على إسقاط النظام، فإن رموز
المعارضة من الحرس القديم -- لا سيما أولئك الموجودين في المنفى
والبعيدين عن النظام وضغوطه -- سوف يلعبون دوراً هاماً في صياغة خطة
استراتيجية للحياة فيما بعد الأسد. وتعتمد احتمالية ظهور مشاكل
مستقبلية، على قدرة المعارضة على احترام نتيجة القرارات التي تصدر عن
طريق التصويت وليس التشرذم إلى فصائل.
ولم يظهر بعد أي مرشح واضح لقيادة سوريا فيما بعد الأسد. ولا يزال
المجتمع العلوي يراهن على الأسد كما يهيمن على الجيش ضباط موالين
لعائلته، مما يجعله مصدراً غير محتمل للقيادة السياسية في المستقبل.
وقد ذكرت بعض رموز المعارضة أن وزير الدفاع السابق علي حبيب محمود، وهو
من العلويين، يعتبر قائداً محتملاً، لكن موقفه تجاه النظام غير واضح
بشكل متزايد. ونظراً لاحتمال قيام المعارضة بتشكيل تحالف مع مجتمع
الأعمال السني، فقد يظهر زعيم من تلك الفئة، لكن يبقى أن نرى من سيتحمل
مخاطر الظهور في دائرة الضوء.
فيما يقول روبرت ساتلوف، على الرغم من أن النقاد يلاحظون أن
الاستجابة الأمريكية للانتفاضات العربية هذا العام كانت غير متسقة، إلا
أنه لا يوجد خطأ متأصل بشأن حقيقة اختلافها من بلد لآخر. إن الأمر
الأكثر جوهرية هو ما إذا كانت الأفعال والأقوال الأمريكية قد عززت من
المصلحة القومية للولايات المتحدة. وفي حين استجابت واشنطن بحكمة
وفعالية في بعض النواحي، إلا أن قائمة المجالات التي لم تُحسِن فيها
الأداء هي للأسف أطول من السابقة.
فعلى الجانب الإيجابي، لعبت واشنطن دوراً هاماً في دعم المرحلة
الأولى من التحول في مصر التي كانت سلمية نسبياً، وفي هندسة التغيير في
ليبيا بتكلفة زهيدة، وفي تغيير السياق الدولي للانتفاضة السورية من
خلال إصدار دعوة عامة لاستقالة الأسد.
وعلى الجانب السلبي، فإن خطاب الرئيس أوباما المحوري بشأن "الربيع
العربي" في 19 أيار/مايو كان فرصة ضائعة، حيث شتت الانتباه الدولي
بعيداً عن التغييرات داخل البلدان العربية وحوله إلى الصراع العربي
الإسرائيلي. ثانياً، يبدو أن الإدارة الأمريكية لم تدرك الأهمية
الاستراتيجية لاحتمالات التغيير في سوريا؛ وفي حين أن التغير الخطابي
لواشنطن كان موضع ترحيب، إلا أنه يبدو أن مغامرتها في ليبيا قد استنفذت
استعدادها في اتخاذ إجراءات أكثر حزماً. ثالثاً، سمحت واشنطن بتدهور
علاقاتها مع البلدين المحوريين الباقيين في الشرق الأوسط -- وهما
المملكة العربية السعودية وإسرائيل -- الأمر الذي ترتب عليه غياب
الجهود المشتركة لدعم التغيير الذي يعزز المصالح المتبادلة في المنطقة
(وتعد البحرين أفضل مثال على ذلك). وفيما يتعلق بمصر، فقدت الإدارة
التركيز بعد الأيام العاصفة في شباط/فبراير، حيث كرست على ما يبدو
القليل من المشاورات رفيعة المستوى -- إلا في حالات الطوارئ -- لمنع
حدوث أسوأ النتائج في التحول السياسي الداخلي في البلاد وفي علاقات مصر
الإقليمية.
بيد أنه لم يفت الأوان لتصحيح الوضع. ومن بين الأساليب التقويمية ما
يلي:
- وضع استراتيجية واضحة لمواءمة الدعم الأمريكي للتغيير السياسي في
البلدان العربية مع مجموعة واسعة من المصالح الأمريكية في الشرق
الأوسط: وتحديداً، مقاومة النفوذ الإيراني والانتشار النووي وتعزيز
التغيير الديمقراطي ومكافحة التطرف وحماية حرية تدفق النفط ودعم أمن
إسرائيل وبناء سلام دائم بين العرب وإسرائيل.
- المشاركة الناضجة والمباشرة مع القيادة والشعب المصري فيما يتعلق
بخطورة القرارات الكبرى المطروحة حالياً على أجندتهم الوطنية. إذ على
المصريين أن يدركوا أن أفعالهم -- حول قضايا تتراوح من الاختيارات
الانتخابية إلى السلام مع إسرائيل -- سيكون لها تبعات خطيرة.
- تجديد وتعزيز الحوار مع الزعماء في المملكة العربية السعودية
وإسرائيل بشأن التداعيات القصيرة والطويلة المدى للتغيير الإقليمي
والطريقة التي يمكن من خلالها لكل طرف أن يشكل ذلك التغيير على نحو
يعزز المصالح الوطنية المشتركة. - توضيح الخطوط الحمراء للولايات
المتحدة فيما يتعلق بالسلوكيات غير المقبولة، علانية وسراً على حد
سواء. وعلى الرغم من رغبة تركيا في الحفاظ على علاقات دفاع معينة مع
الولايات المتحدة، إلا أن صمت واشنطن في اعقاب تهديدات أنقرة الأخيرة
لكل من إسرائيل والنشاط التجاري المشروع في شرق البحر المتوسط من شأنه
أن يشجع فقط على المزيد من السلوك الشائن.
- الاستمرار في التركيز على بناء عراق مستقر وديمقراطي. ففشل
الديمقراطية في بغداد سيكون له تداعيات سلبية على كافة التجارب
الديمقراطية الأخرى في جميع أنحاء المنطقة.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |