مسلمو أوربا... التعايش ألقسري هامش ضئيل من الحرية

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يعيش المسلمون "من كل الأجناس والأعراق" في بلدان المهجر وبالأخص في أوربا حياة أفضل بكثير من تلك التي يعيشها نظرائهم في بلدانهم الأصلية من ناحية ممارسة عقائدهم وطقوسهم بحرية تامة ومن دون مضايقة أو منع أو تهديد، هذا الكلام كان يقال بحق، لكن قبل أن تتحول أوربا هي الأخرى إلى ساحة من ساحات تكريس سلب الحريات العامة والتضييق على الآخرين وتنامي شعور الكراهية بسبب الدين أو المعتقد أو المذهب، وقد وصل الأمر بالقارة العجوز والتي كانت تعد من أرقى منابر الحرية والتسامح في العالم إلى سن القوانين والتشريعات التي من شانها أن تجرم بعض الأفعال والطقوس التي تمارسها بعض الأديان "ومن بينها الدين الإسلامي" ومنع معتنقيها من ممارسة هذه الشعائر في العلن، ومع محاولات البعض إلى العودة إلى صوت العقل والمنطق وإعطاء الآخرين حرياتهم المسلوبة، إلا إن هذه الأصوات باتت لا تسمع وسط نعيق المنع والتهديد والعقوبات.

الصلاة في شوارع فرنسا

حيث تعد ظاهرة النقاب من الظواهر التي يمتاز بها المسلمون وهذه الظاهرة قد تختفي من شوارع المدن الفرنسية بعد قرار منع الصلاة في الشوارع بعد ضغوط من قبل أحزاب اليمين أصدرت الحكومة الفرنسية قرارا يحظر الصلاة في الشوارع، مهددة بإجراءات عقابية ضد من ينتهك القانون، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل، الجالية المسلمة تحاول مع السلطات توفير أماكن بديلة للصلاة، لسنوات طويلة كان بعض المسلمين في فرنسا يصلون في الشوارع، وخاصة أيام الجمعة، وذلك بسبب ضيق المساحة في المساجد، ولكن صدور قرار جديد، يقضي بمنع الصلاة في الشوارع، أثار الكثير من الجدل، ساهمت في تأجيجه الزعيمة اليمينية المتشددة مارين لو بان، بشأن المسلمين الذين يضطرون للصلاة في الشوارع بالمدن الكبرى، في بلاد يعيش فيه أكثر من خمسة ملايين مسلم، وتحت ضغط من الأحزاب اليمنية، صدر بالفعل قرار يحظر الصلاة في الشوارع، ودخل حيز التنفيذ، يوم الجمعة (16 أيلول/ سبتمبر)، ووجه وزير الداخلية كلود جيون المسلمين في باريس لأماكن خصصت للصلاة، لحين بناء مساحات خاصة للصلاة، وحذر من أن الشرطة ستستخدم القوة، عند الضرورة، لفرض الحظر، مما دفع آلاف المصلين في شمال باريس إلى التوجه إلى موقع مؤقت، في ثكنة غير مستغلة لفرق الإطفاء، الأمر الذي أثار غضب الجالية المسلمة، والتي كثيرا ما تعبر عن رأيها بقوة.

تنظيف الثكنة الجديدة التي تم استئجارها لإقامة الصلاة في باريس وكان حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف قد أثار قضية صلاة المسلمين في الشوارع العام الماضي، حيث انتهز هذه السلوك من قبل المسلمين للتأكيد مزاعمهم بأن الإسلام يهدد القيم العلمانية الفرنسية، فقد قارنت مارين لوبن، زعيمة حزب الجبهة الوطنية، بشكل مثير للجدل، الصلاة في الشارع باحتلال ألمانيا النازية لباريس، ونظم المؤيدون اليمينيون المتشددون احتجاجات في شوارع جوت دور، ووافقت الحكومة على أن هذا الفعل ينتهك القوانين التي تحظر إظهار أن يتواجد رموز دينية في الأماكن العامة، ويقول زعماء مسلمون في فرنسا إن سرعة بناء المساجد الجديدة لم تنجح في التماشي مع احتياجات الجالية، الجدير بالذكر أن فرنسا هي موطن أكبر جالية مسلمة في غرب أوروبا، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد الأفراد الذين يصنفون أنفسهم على أنهم مسلمين يبلغ 2.1 مليون شخص ولكن يعتقد أن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

ورسميا يوجد في فرنسا أكثر من مليوني مسلم، لكن التقديرات تشير إلى ثلاثة أضعاف هذا الرقم ويأتي صدور القرار الجديد، قبل سبعة أشهر من الانتخابات الرئاسية، مما شكل غضب البعض في فرنسا، حيث يرونه محاولة لحشد المؤيدين لليمين إلى معسكر يمين الوسط، الذي ينتمي له الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وتحاول الجالية المسلمة أن تتفق مع الحكومة الفرنسية من أجل إيجاد أماكن أوسع للصلاة، فقد اتفق إماما مسجدين في مقاطعة جوت دور مع سلطات باريس على استئجار ثكنات عسكرية غير مستخدمة لمدة ثلاث سنوات، وسيظل المسجدان مغلقان الأسبوعين المقبلين، لتشجيع المصلين على الذهاب إلى المكان الجديد، الذي يمكن أن يتسع لما يصل إلى 2700 مصلٍ، بحسب مسؤولي المدينة، وفي الثكنة المؤقتة أمّ الشيخ محمد صلاح حمزة المصلين، الذين جاءوا من مختلف أنحاء باريس، وتدفق المصلون وبسطوا سجاجيدهم على أرض المبنى، الذي يشبه مستودعا للطائرات، وقالت السلطات في مارسيليا، ثاني أكبر المدن الفرنسية، والتي تمتلئ بعض مساجدها عن آخرها، إنه تم إيجاد مساحة أكبر، حيث يمكن للمسلمين الصلاة بعيدا عن الشارع.

تغريم منقبتان

الى ذلك اصدرت محكمة فرنسية قرارا بتغريم امرأتين فرنسيتين لاصرارهما على ارتداء النقاب، وهو انتهاك لقانون حديث فرض في فرنسا يمنع ارتداء النقاب في الامكان العامة، وتم ضبط هند أحمس ونجاة نايت علي وهما ترتديان النقاب في مكان عام خارج مبنى المجلس المحلي في "ميو" شرقي العاصمة باريس، ويقول ناشطون إنهم سيستأنفون الحكم ويتابعون الأمر حتى لو وصلت القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتابع مجريات المحاكمة كثيرون ليس في فرنسا فقط بل في بلدان مثل بلجيكا وايطاليا والدنمارك والنمسا وهولندا وسويسرا، حيث يحظر النقاب او تعتزم الدولة فرض حضره فيه، وقد أصبحت أماس وهي مطلقة تبلغ من العمر 32 عاما مثلا لعدة مئات من النساء في فرنسا ممن يصممن على ارتداء النقاب كخيار شخصي وحق بموجب القانون الأوروبي، ووالدا هند ليسا متشددين في تدينهم، وبدأت هي ارتداء النقاب قبل 6 أعوام فقط، وتقول إنها كانت قبل ذلك ترتدي ملابس قصيرة جدا وتعشق الحفلات قبل أن تعيد اكتشاف دينها، حسب قوله، وتقول بعض الجماعات الإسلامية إنه منذ فرض الحظر في نيسان/إبريل الماضي تعرضت بعض النساء للاعتداء اللفظي والبدني عليهن من قبل أفراد من الجمهور، ويرجح أن تستنفد المرأتان كل فرص الاستئناف في فرنسا مما سيستغرق وقتا طويلا قبل أن تتوجها إلى المحكمة الأوروبية في ستراسبورغ. بحسب بي بي سي.

من جهة أخرى وفي اطار التصدي لحظر النقاب فقد أعلن رجل الاعمال الفرنسي رشيد نكاز عزمه بيع مبنى يملكه بالمزاد العلني من أجل تمويل دفع الغرامات التي ستفرض على النساء اللواتي يرتدين الحجاب الاسلامي الكامل (النقاب والبرقع) في الاماكن العامة، ودعت منظمة "لا تمس دستوري" التي تضم 750 عضوا الى تظاهرة صامتة امام كاتدرائية نوتردام في باريس احتجاجا على قانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة والذي دخل حيز التنفيذ مؤخر، وأضاف نكاز "انا شخصيا ضد النقاب" مشيرا الى أنه كان يفضل قانونا يحظر ارتداء النقاب "في الاماكن العامة المغلقة كالادارات العامة والمصارف والمراكز التجارية والمدارس"، واضاف نكاز الذي حاول الترشح الى الانتخابات الرئاسية في 2007 ولكنه فشل في الحصول على التوقيعات اللازمة "ولكن ما أن قرر نيكولا ساركوزي توسيع نطاق تطبيق هذا القانون بحيث يشمل الشارع رأيت ان الخط الأحمر تم تخطيه"، وبدأت فرنسا تطبيق قانون حظر ارتداء الحجاب الاسلامي الكامل في الاماكن العامة تحت طائلة دفع غرامة لتصبح بذلك اول بلد اوروبي يقدم على مثل هذا الحظر العام، وبات محظورا تحت طائلة دفع غرامة مالية اخفاء الوجه بحجاب او خوذة او قناع في كل الاماكن العام، اي الشوارع والحدائق العامة ومحطات النقل المشترك والمتاجر، ولا يحق لقوى الأمن ان تنزع الحجاب عن وجوه النساء اللواتي يخرقن هذا الحظر لكن هؤلاء النسوة يعرضن انفسهن لعقوبة دفع غرامة تصل الى 150 يورو و/ أو تلقي دروس في المواطنة.

احتجاج على القانون

في سياق متصل أدى مئات المسلمين في كوسوف صلاة الجمعة في الشارع بالقرب من مبنى الحكومة ثم شاركوا في احتجاج على قرار البرلمان عدم السماح بارتداء الحجاب في المدارس، الاحتجاج نظمه عدد من المنظمات غير الحكومية وشكا المشاركون فيه من قلة الاماكن المخصصة لصلاة المسلمين، وقال الناشط المسلم فؤاد رميقي خلال الاحتجاج تجمعنا هنا في هذا الاحتجاج التحذيري لنطالب الساسة بأن يلتزموا بالاخلاق في السياسة والا سيكونون مسؤولين عن العواقب، وذكرت بلدية بريشتينا أن لديها قطعة أرض مناسبة لبناء مسجد لكن بعض المسلمين اعترضوا على موقعها لانها ليست قريبة من وسط بريشتينا مثل أماكن العبادة الكاثوليكية والارثوذكسية، وتزايدت المطالبات ببناء مسجد كبير في وسط بريشتينا في أعقاب هدم مدرسة من أجل افساح المجال لبناء كاتدرائية كاثوليكية في وسط المدينة، ويبلغ عدد سكان كوسوفو 1.73 مليون نسمة 90 في المئة منهم مسلمون يعتنقون نهجا دينيا معتدلا ويكرسون الطبيعة العلمانية للدولة المنصوص عليها في دستور كوسوفو، وسمحت سلطات كوسوفو للكنيسة الكاثوليكية التي يتبعها أربعة في المئة من السكان ببناء كاتدرائية ضخمة في بريشتين، ويقول محللون ان ذلك جاء ضمن بادرة عرفان للغرب الذي طرد القوات الصربية وساند استقلال كوسوفو عن صربيا عام 2008. بحسب رويترز.

حظر بناء المآذن

من جانبه قال السياسي الهولندي خيرت فيلدرز انه يريد أن تقوم هولندا باجراء استفتاء على حظر المآذن وذلك في أعقاب خطوة مماثلة من جانب سويسر، وقال فيلدرز للبرلمان الهولندي انه سيقترح مشروع قانون يمهد الطريق لاجراء استفتاء على حظر بناء المآذن ولم يقدم أي تفاصيل، وكانت سويسرا قد حظرت بناء مآذن جديدة عام 2009 في خطوة لاقت ادانة دولية في ذلك الوقت، وتغيرت سمعة هولندا المعروفة بتسامحها نسبيا بشأن الهجرة خلال العقد الماضي مما يعكس مخاوف الناخبين بشأن العدد الكبير للمهاجرين المسلمين ومعظمهم من المغرب وتركي، وقالت الحكومة الهولندية انها ستحظر النقاب الذي ترتديه بعض النساء المسلمات لانه لا يتوافق مع الحياة والثقافة الهولندية ويجعل من الصعب التعرف على الناس في الاماكن العامة، وتعكس الاجراءات الجديدة نفوذ فيلدرز الذي يمثل حزبه (الحرية) المعادي للاسلام والمناهض للهجرة ثالث أكبر كتلة في البرلمان والحليف الرئيسي للحكومة الائتلافية، ويرتبط فيلدرز باتفاق مع حكومة الاقلية لتقديم دعم حاسم في البرلمان مقابل تشديد السياسات بشأن الاسلام والهجرة من البلدان غير الغربية. بحسب رويترز.

مراقبة أصوليين

من جانب اخر وفي اطار الأمن فقد اعلن مانفريد مورك رئيس فرع مدينة هامبورغ في جهاز الاستخبارات الالماني، ان اصوليين اسلاميين ترددوا سابقاً على مسجد طيبة في هامبورغ الذي ارتبط بهجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001، انتقلوا منذ العام الماضي للصلاة في مساجد اخرى، اثر اغلاق الشرطة الالمانية المسجد بسبب تجدد المخاوف الأمنية، واشار الى ان حوالى 20 من رواد المسجد الذي اعتاد محمد عطا احد منفذي اعتداءات 11 ايلول الصلاة فيه، اعيد تجميعهم في مسجد التقوى جنوب هامبورغ حيث يلتقون مرة واحدة على الاقل اسبوعياً، فيما يرتاد بين 20 و30 آخرين مراكز اسلامية اخرى وسط المدينة التي يسكنها نسبة 27 من الأجانب او من ذوي الاصول المهاجرة، وكان مسجد طيبة اثار منتصف العام الماضي مخاوف جديدة نتجت من رصد الاستخبارات الأميركية معلومات عن احتمال تعرض اوروبا لهجمات يقف خلفها افراد مجموعة تضم 11 من المصلين السابقين في المسجد كانوا تركوا هامبورغ عام 2009 لقتال القوات الأميركية وتلك التابعة للحلف الأطلسي (ناتو) في افغانستان، وقال المسؤول الاستخباراتي "نراقبهم باستمرار، لأننا نعتقد بأنهم لا يزالون يفضلون الجهاد"، موضحاً ان بين 40 و50 من هؤلاء الاصوليين ينتمون لجماعات عرقية متنوعة تتحدر من شمال وغرب افريقيا والمنطقة العربية وآسيا ومناطق اخرى، وفيما أمل مورك بانضمام بعض هؤلاء الاصوليين في الوقت المناسب الى الغالبية المسلمة المعتدلة وتخليهم عن الجهاد، نفى احد المصلين في مسجد التقوى المؤلف من دور واحد ويقع في شارع هادئ تحيطه اشجار وجود أي نشاط مريب، لكن سكاناً صرحوا بأن سلفيين يصلون في المسجد، ويشكل السلفيون اقلية بين مسلمي المانيا البالغ عددهم اربعة ملايين، لكنهم اصبحوا اكثر ثقة ويتسببون احياناً في توتر العلاقات مع مسلمين آخرين الساعين للاندماج في المجتمع. حسب رويترز.

وتخشى السلطات تحريض معلقين اسلاميين على تنفيذ نشاطات متشددة بحجة نشرها قوات في افغانستان، علماً ان ثمانية من اعضاء مجموعة هامبورغ التي غادرت المانيا عام 2009 نجحوا في الوصول الى باكستان، حيث قتل اثنان منهم من غارة شنتها طائرة اميركية بلا طيار، وفي الولايات المتحدة، اتهم مدعون الباكستاني الاصل جيبر احمد الذي يعيش في شمال فرجينيا تقديم دعم مادي لجماعة «عسكر طيبة» المتشددة في بلده الأم، والكذب على السلطات خلال تحقيق عن الارهاب، وافاد البيان الاتهامي بأن احمد (24 سنة) بث دعاية مرئية مسجلة على موقع «يوتيوب» تدعم عسكر طيبة، الجماعة المسلحة المناهضة للهند والتي ترتبط بعلاقات قوية وتاريخية مع الاستخبارات الباكستانية، وأكد المدعون أن احمد تواصل مع ابن زعيم في الجماعة التي تتهمها نيودلهي بالوقوف خلف هجمات بومباي عام 2009 التي قتل فيها 166 شخصاً بينهم 6 اميركيين، في شأن تصوير شريط الفيديو عرض صوراً لزعيم الجماعة وشهداء ومركبات مدرعة تنفجر فور ضربها بعبوات ناسفة»، لكن احمد نفى علمه بالشريط، وأوردت إفادة رفعت الى المحكمة الفيدرالية في فرجينيا ان جبير تلقى تدريباً دينياً كمراهق لدى الجماعة في باكستان، ثم حضر تدريباً رئيسياً لها، مشيرة الى انه دخل الولايات المتحدة عام 2007 مع افراد من اسرته، قبل ان يبدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) بعد سنتين تحقيقاً إثر تلقيه معلومات عن احتمال علاقة احمد بالجماعة.

الإسلام في بعد بريفيك

بدورهم يواجه مسلمو أوروبا بعد بريفيكهل تصاعدا متزايدا لمشاعر البغضاء والكره لجاليتهم ودينهم؟، وهل سيظهر للقاتل النرويجي أندرس بريفيك أتباع ومناصرون؟، وإذا كانت التعددية الثقافية في أوروبا تعاني سكرات الموت، وفقا للاعتراف شبه الرسمي، فما هو البديل إذن؟، تفجيرات اوسلو الإرهابية التي هزت النرويج وتتوخى، حسب فكرة مدبرها اندريه بريويك، تنبيه اوروبا الى التخلص من مقولة التكافؤ العنصري والتحذير من خطر انتشار الإسلا م في هذه القارة، جعلت الكثيرين يتحدثون عن تصاعد الميول اليمينية المتطرفة في الدول الأوروبية وعن التخوف من ازدياد نسبة المسلمين بين سكان الإتحاد الأوروبي، وقد انعكس انتشار معاداة الأجانب ورفض نمط الحياة والتقاليد غير الأوروبية في السنوات الأخيرة على أمزجة السكان في الدول الأوروبية حتى ان ما بين ثلث الى نصف عدد المشاركين في استطلاع الرأي هناك يعتبرون الوافدين من البلاد الإسلامية خطرا على الحضارة الأوروبية، ويبدو ان المخاوف من الإسلام في اوروبا تتصاعد ليس فقط  بسبب المتطرفين اليمينيين الأوروبيين، بل وكذلك بسبب نشاط  المتطرفين الإسلامويين بين مسلمي اوروب، والى ذلك ينتشر اكثر فأكثر الرأي القائل إن المشكلة تكمن أساسا ليس في المسلمين الوافدين على اوروبا، بل في الأوروبيين أنفسهم، فهم يضعون الحواجز والعراقيل امام التأقلم او الإنخراط الإجتماعي والإقتصادي والثقافي في المجتمعات الأوروبية ويعيقون التعايش والوئام بين مختلف الطوائف الدينية والإثنية، ولذلك يضطر الوافدون والمهاجرون على الإنطواء في اطار جالياتهم وطوائفهم ويمارسون بالتالي حياتهم المألوفة وعلاقاتهم التي تعودوا عليها مع العالم الخارجي، ومهما يكن من أمر، يتعين على اوروبا ان تحل بأسرع ما يمكن مشكلة التعددية الثقافية تفاديا لما قد يحصل من تفاقم وتأزم في العلاقات بين الإقلية المسلمة وبين المتطرفين من انصار الأفكار اليمينية.

مكافحة التشدد

من جانبه حث وزير الداخلية الالماني المسلمين في بلاده على الانضمام الى جهود الحكومة لمكافحة التطرف بين الشبان المسلمين مسلطا الضوء بشكل خاص على تأثير مواقع الانترنت التابعة للمتشددين، وقال وزير الداخلية هانز بيتر فريدريش بعد محادثات مع زعماء للمسلمين في ألمانيا وخبراء أمن بشأن كيفية منع انتشار التشدد "نريد الوقوف سويا في وجه التطرف واساءة استخدام الدين"، وأضاف للصحفيين "يجب على جميع مواطني هذا البلد بغض النظر عن ميولنا السياسية أو الدينية المشاركة في مكافحة التطرف والارهاب، وضرب فريدريش مثلا بشاب من كوسوفو يبلغ من العمر 21 عاما نشأ في ألمانيا هاجم حافلة تقل أفرادا من الجيش الامريكي في مطار فرانكفورت في مارس اذار وقتل اثنين من جنود القوات الجوية، وقال ان الشاب الذي يدعى اريد أوكا والذي اتهمه ممثلو الادعاء الاتحاديون الامريكيون بالقتل تحول الى النهج المتطرف داخل ألمانيا ليس في بيئة تقليدية مثل مسجد أو مجتمع مسلم ولكن عبر الانترنت، وقالت المعارضة السياسية في ألمانيا ان الحكومة المحافظة تخاطر بالقاء الشبهات حول كل المسلمين، وقال توماس اوبرمان الزعيم البرلماني للحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي ينتمي لتيار يسار الوسط اذا كنا نريد عزل المتطرفين الذين يميلون الى العنف يجب علينا أن ندعم المسلمين المعتدلين ونجعلهم يشعرون بأنهم موضع ترحيب في ألماني، وقال أيمن مازيك رئيس المجلس الاعلى للمسلمين في ألمانيا ان المتطرفين أقلية صغيرة، وأضاف علينا أن نوضح انهم مجموعة صغيرة وتتناقص وبالحديث عنهم نزيدهم ونقويهم فحسب، لا ينبغي أن يكون هذا هو هدف مثل هذا المؤتمر. بحسب رويترز.

دعوة إلى الحوار

من جانب اخر دعا وزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش إلى إجراء حوار صريح وناقد حول الإسلام في ألماني، وقال فريدريش خلال ندوة حول موضوع الهجرة والاندماج في العاصمة برلين إن الاحتكاك جزء من عملية الاندماج، وذكر فريدريش أن الصمت عن الاختلافات والنزاعات أسوأ من مناقشتها بشكل علني، موضحا أن الصمت يؤدي إلى الاغتراب والعزلة، وأكد فريدريش أن الهدف من هذا الحوار هو أن يصبح الارتباط الديني للإنسان شيئا مثمرا بالنسبة للمجتمع بدلا من أن يتحول إلى سبب في انعزاله، وأوضح الوزير الألماني أن هذا الأمر سيتحقق من خلال طرح موضوعات حساسة حول الإسلام إلى المناقشة بدون مواراة، وأعلن فريدريش عزمه طرح موضوعات مثل العنف المنزلي والمساواة بين الجنسين والتطرف الإسلامي ومعاداة السامية والعداء ضد المسلمين خلال مؤتمر الإسلام أو مؤتمر "شراكة الوقاية" من التطرف الإسلامي، ويهدف المؤتمر الجديد الذي دعا إليه فريدريش إلى إقامة شراكة أمنية بين المنظمات والطوائف الإسلامية في ألمانيا وسلطات الأمن لرصد أي توجهات متطرفة بين المسلمين بشكل أسرع. بحسب فرانس برس.

تشديد التصدي

على صعيد مختلف طالب ساسة ومسؤولون في ألمانيا بفرض عقوبات مشددة على الأئمة المسلمين الذين يحرضون على الكراهية، وطالب وزير الداخلية المحلي في ولاية هيسن الألمانية، بوريس راين، بطرد هؤلاء الأئمة من البلاد إذا دعوا في المساجد إلى الجهاد القتالي، وقال راين إن الشرطة تواجه حاليا صعوبات شديدة في إثبات أن الإمام المشتبه به يحرض مستمعيه على الكراهية، وذكر راين أنه يوجد في ولاية هيسن حاليا ستة أئمة من أصول أجنبية، مصنفون على انهم "خطر"، مضيفا أن السلطات المختصة في ولايته نجحت في الحصول على حكم ابتدائي بترحيل واحد من هؤلاء الأئمة من البلاد، إلا أنه ليس من المؤكد أن يتم الإبقاء على هذا الحكم في محكمة الاستئناف، من ناحية أخرى، أعاد راين إلى الأذهان الهجوم الذي شنه أحد الإسلاميين مطلع آذار/ مارس الماضي على جنود أمريكيين في مطار فرانكفورت الدولي، والذي أسفر عن مقتل اثنين منهم، وقال راين كان هذ أول هجوم كامل ينفذه إسلامي في ألمانيا، موضحا أن هذه الجريمة ظهرت كالمعتاد كعمل فردي ليس له علاقة بإسلاميين آخرين، يشار إلى أن التحقيقات أظهرت أن منفذ الهجوم، وهو ألماني من أصول كوسوفية يدعى أريد يو "21 عاما"، صار متطرفا خلال فترة قصيرة من خلال مطالعته لمنتديات إسلامية متشددة على الإنترنت، ورأى راين أن الشرطة في ألمانيا بحاجة إلى مزيد من إمكانيات التحقيقات التي تساعدها في الكشف عن الهياكل الإسلامية المتشددة في البلاد، مطالبا في ذلك المشرعين بإعادة تنظيم قانون تخزين بيانات الاتصالات التي تجرى عبر الهواتف أو الإنترنت وفقا لقواعد المحكمة الدستورية العليا.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك خلافا في ألمانيا حول إعادة صياغة قانون تخزين البيانات الذي قضت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا من قبل بعدم دستوريته، حيث يطالب وزير الداخلية الألماني هانز-بيتر فريدريش بتخزين بيانات الاتصالات لمدة ستة أشهر، بينما تتمسك وزيرة العدل الألمانية زابينه لويتهويسر-شنارنبرجر بمشروع القانون الذي طرحته والذي ينص على تخزين البيانات في حالة الاشتباه فقط، وفي سياق متصل، طالب حزب الخضر الألماني المعارض الحكومة بمنع دخول الإمام المثير للجدل، أبو أمينة بلال فيليبس، للبلاد، وكتب فولكر بيك المدير التنفيذي للشئون البرلمانية للحزب في خطاب لوكيل وزارة الداخلية الألماني أوله شرودر، حصلت وكالة الأنباء الألمانية على نسخة منه اليوم، أن بلال فيليبس، المولود في جامايك، وجاء في الخطاب، أطلب من سيادتكم اتخاذ التدابير اللازمة لمنع دخول بلال فيليبس إلى البلاد، وذكر بيك في الخطاب أن السلطات نجحت في السابق في منع ظهور بلال فيليبس في حي نويكولن بالعاصمة برلين عام 2009، وأضاف، فيليبس معروف بكراهيته للمثليين جنسيا.

أئمة لتعليم الدين الإسلامي

بدورها وفي أطار التعليم قالت وزيرة التربية الالمانية انيت شافان في حديث لمجلة دي زايت ينشر انها ترغب في ان يعطي ائمة دروسا في الدين الاسلامي في المدارس، وفي المانيا حيث لا يتم فصل الدين عن الدولة، تعطى في المدارس دروس في الديانة الكاثوليكية او البروتستانتية، واضافت الوزيرة انه يمكن توظيف الائمة في المدارس بدوام جزئي مثل الكهنة لكنها اشترطت ان يتخرجوا من جامعات في الماني، ويتم تأسيس اربعة معاهد لتعليم الشريعة في جامعات توبينغ (جنوب غرب) وارلنغن (جنوب) ومونستر (غرب) وفرانكفورت (وسط) بدعم من وزارة الابحاث، حاليا يعيش ما بين 3،8 و4،3 ملايين مسلم (يحمل 45% الجنسية الالمانية) في المانيا من اصل 82 مليون، ويشكل الاتراك العدد الاكبر من المسلمين مع 2،5 مليون شخص، وكمعظم الدول الاوروبية، تواجه المانيا مشكلة استيعاب المسلمين الشائكة في مجتمعاته، وبحسب دراسة نشرتها المجلة في كانون الاول/ديسمبر، يعتبر 20% من الالمان ان الاسلام يطرح تهديد، وهذه النسبة اعلى منها في فرنسا وهولندا والدنمارك والبرتغال. بحسب فرانس برس.

اكثر اندماجا

فيما قال مراقبون في صحيفة الصنداي تلغراف موضوعا تحت عنوان "المسلمون اكثر اندماجا في المجتمع من المسيحيين"، وفي الداخل مقابلة مطولة مع رئيس لجنة المساواة وحقوق الانسان الحكومية ترفور فيليبس عن تقرير اللجنة الذي صدر مؤخراً حول المساواة والحريات في بريطاني، ويحذر فيليبس في المقابلة من ان المسيحيين، خاصة الانجيليين، اكثر تشددا من المسلمين في الشكوى من الاضطهاد مشيرا الى ان كثيرا من دعاواهم تستهدف الحصول على نفوذ السياسي، ويعرب رئيس لجنة المساواة عن قلقه من ان المؤمنين يتعرضون لحصار من الملحدين الذين يتهمهم بانهم يحاولون دفع الدين نحو العمل السري، واعترف تريفور فيليبس بان لجنته لا ينظر اليها على انها تقف مع من يضطهدون بسبب دينهم، مضيفا ان لجنته ترغب في حماية المسيحيين والمسلمين من التمييز ضدهم، ويرى فيليبس ان الطوائف الدينية يجب ان تظل بعيدة عن التدخل في شؤونها مشيرا الى ان من حق الكنيسة ان ترفض تعيين قساوسة مثليين او نساء، وبرأييه ان الدولة يجب ان تقف قوانينها على باب الكنيسة او المسجد، وان ادارة الشؤون الدينية للمتدينين بأي دين هي شأنهم هم، وتقول الصنداي تلغراف ان تقرير اللجنة سيشير الى ان بعض الجماعات المتدينة كانت ضحية تمييز واضطهاد في العقد الاخير.

وارتفع عدد الشكاوى من الاضطهاد بسبب الدين العام الماضي الى 100 شكوى، رغم ان عددا قليلا جدا تلك الشكاوى ثبتت جديته، وفي حواره مع الصحيفة، يشير الى فيليبس الى ان بعض الطوائف المسيحية تغالي في مسألة الاضطهاد لاهداف سياسية، ضاربا مثلا بالتركيز على المثلية الجنسية ليس لاسباب دينية ولكن لاسباب سياسية، في المقابل يرى ان المسلمين اقل شكوى لانهم يحاولون الاندماج في الليبرالية الديمقراطية البريطانية على حد قوله، ويقول رئيس لجنة المساواة، يبذل المسلمون في هذا البلد كل الجهد في محاولة الاندماج ويبذلون قصارى جهدهم لتطوير فكرة تماشي الاسلام مع الحياة في ديمقراطية ليبرالية حديثة، ويضيف، الضحية الاكثر احتمالا للتمييز الديني الفعلي في المجتمع البريطاني هو المسلم، اما الاكثر احتمالا ان يشعر بانه يميز ضده بسبب دينه هو المسيحي الانجيلي.

3 إمارات إسلامية

من ناحيتها دعت جماعة تطلق على نفسها مسلمون ضد الصليبية في بريطانيا إلى إنشاء 3 ولايات إسلامية داخل المملكة المتحدة من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية به، وتأتي هذه الدعوة في محاولة من هذه الجماعة لحل مشكلة كاميرات المراقبة التي قامت السلطات البريطانية بوضعها داخل المساجد، وحددت مسلمون ضد الصليبية عددا من المدن البريطانية التي تعتزم تحويلها إلى إمارات إسلامية، وهي مدن، يوركشاير، وبرادفورد، ودوسبري، وتاور هاملتز في شرق لندن لتكون البداية في تجربة تطبيق الشريعة الإسلامية، وستكون هذه الولايات خارجة تماما عن القانون البريطاني، حسب وثيقة نشرتها المجموعة على موقعها على الإنترنت، بحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية، وتحت عنوان "يجب أن يؤسس المسلمون إماراتهم في المملكة المتحدة كتبت مجموعة مسلمون ضد الصليبية"، "في هذا التوقيت نعلن أن المقاطعات البريطانية ذات الكثافات السكانية المسلمة العالية يجب أن تعلن عن تأسيس الولايات الإسلامية، وأنهم يتحاكمون إلى الشريعة، بأقصى استطاعتهم، في مدارسهم ونواديهم، وحتى في تجارتهم الخاصة"، وأثارت هذه الدعوة غضب الليبراليين من المسلمين، وقادة المجتمعات المحلية في هذه المناطق، وقال إيان جرينوود، رئيس بلدية برادفورد، لن ينجح المتطرفون في استفزازنا للعنف، وهذه الخطة هي جزء من الاستجابة ضد خطة الحكومة لمواجهة التطرف الإسلامي. بحسب فرانس برس.

وفي الوثيقة الموجودة على موقعها أيض، دعت إلى وضع حد لكاميرات المراقبة التلفزيونية الموجودة حول وداخل المساجد في بريطاني، وقالت، يجب أن تتخلص كل المساجد من كاميرات المراقبة التلفزيونية الموجودة داخله، بعض المساجد تبنت استخدام هذه الكاميرات للتجسس على المسلمين بالنيابة عن البوليس والشرطة، كما شملت الوثيقة بعض المطالب، منه، الإفراج عن كافة السجناء المسلمين، وعدم ضم المسلمين إلى صفوف الشرطة، أو الجيش البريطاني، ورفض الديمقراطية البريطانية، وتنتهي الوثيقة بجملة، نحن نستطيع أن نستنتج أن التدابير التي اتخذتها الحكومة البريطانية ليست أكثر من محاولة من جانبهم لسلخ المجتمع الإسلامي من هويته، ودمجه في طريقة غير إسلامية للحياة، وأشار جرينوود، رئيس بلدية برادفورد، نحن نعمل عن طريق التطوع المجتمعي، وكل المؤسسات المجتمعية شركاء في القطاعين العام والخاص، وكلها تعمل معا في برادفورد لتعزيز العلاقات بين أفراد المجتمع، وتشجيع التفاهم والاحترام بين كافة الطوائف، نحن نعتقد أن هذا هو واحد من أفضل السبل لبناء مجتمع متسامح ضد المتطرفين الذين لا يلعبون دورا حقيقيا فيه، بينما رفض مجلس مدينة هامليتز والسلطة المحلية لديوسبري التعليق على البيان.

محاضرات اسلامية في المدارس

الى ذلك بدأت فعاليات مؤتمر الإسلام في ألمانيا، والذي سيتطرق في دورته هذا العام إلى موضوع إدخال محاضرات الدين الإسلامي في المدارس الألمانية، وهناك مساع منذ أعوام لتحقيق ذلك في بعض الولايات الألمانية، إلا أن تنفيذ ذلك ليس سهل، وبالنظر إلى الوضع القانوني، فإن محاضرات الدين هي المادة الدراسية الوحيدة المذكورة في القانون الأساسي (الدستور)، والذي ينص على أن محاضرات الدين مادة تعليمية نظامية ويتعين تدريسها بعد مراجعة توافقها مع مبادئ المؤسسة الدينية التابعة له، وهذه المادة القانونية تنطبق من الناحية النظرية على المسلمين أيضا، لكن من الناحية العملية هناك نماذج مختلفة لمحاضرات الدين الإسلامي في ألمانيا بسبب اختصاص الولايات بتحديد قواعد التعليم بشكل مستقل عن الحكومة الاتحادية، ويشترط لتدريس محاضرات دينية في المدارس الألمانية أن تكون هناك مؤسسة دينية تقوم بتعريف مبادئها التي ستدرس في محاضرات الدين وتختار جهة معينة تمثلها في التحاور مع الهيئات الحكومية، لأنه ليس مسموحا للدولة بوضع مضمون المحاضرات الدينية، ويتعين على المؤسسة الدينية أن تضمن أن المبادئ التي ستحددها في مناهج الدين لن تتعارض مع المبادئ الأساسية للدستور مثل مبدأ الدولة القانونية أو الديمقراطية، وتختص كل ولاية بمسألة الاعتراف بالمؤسسات الدينية، ولا يتعين أن يكون مضمون المحاضرات الدينية في المدارس الألمانية موجه بالكامل إلى الدستور الدنيوي، لكن يتعين أن يراعي الحقوق الأساسية التي ينص عليها القانون الأساسي.

ومن المشكلات التي تواجه إدخال محاضرات دين إسلامي في المدارس الألمانية أن المسلمين ليس لديهم مؤسسة موحدة، حيث توجد في ألمانيا مؤسسات إسلامية مختلفة مثل (السنة والشيعة والعلوية)، كما يوجد اختلافات عرقية بين المسلمين المتحدرين من دول مختلفة، وتشكو الولايات الألمانية في الغالب من عدم وجود هيئة تمثيلية مركزية للمسلمين تستطيع التحاور معه، ويتطلب الاعتراف بمؤسسة دينية ضمان من المؤسسة نفسها أنها ستستمر قائمة، وتقوم السلطات الثقافية المختصة في الولايات بفحص ما إذا كانت المؤسسة الدينية مستوفية جميع الشروط، ومن المشكلات الأخرى التي تواجه محاضرات الدين الإسلامي هو العثور على المدرسين المناسبين، حيث يتعين أن يلقي المحاضرة مسلمون، وتكون اللغة المستخدمة في المحاضرة هي اللغة الألمانية، ويوجد حاليا جامعات ألمانية قليلة تتولى تدريب المدرسين لتدريس محاضرات الدين الإسلامي في المدارس، ورغم تلك الصعوبات التي تواجه مساعي إدخال محاضرات الدين الإسلامي يوجد في ولاية شمال الراين، ويستفاليا غربي ألمانيا نوعا من الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية في المدارس، وتعتبر تلك الخطوة من أقدم وأشمل التجارب المدرسية في ألمانيا لتدريس العلوم الإسلامية، وقد بدأت عام 1999، وتختلف محاضرات العلوم الإسلامية عن محاضرات الدين الإسلامي من منظور القانون الأساسي، ومن مميزات محاضرات العلوم الإسلامية أن الولاية لا تحتاج إلى مؤسسة دينية معترف بها لمناقشتها في مبادئ المنهج، حيث إنه يتطرق إلى علوم إسلامية محايدة إلى حد كبير، أما في ولاية سكسونيا السفلى غربي ألمانيا فيوجد تجربة مدرسية لتدريس محاضرات دين إسلامي، وبالرغم من عدم وجود مؤسسة دينية مركزية هناك قامت الولاية بتنظيم مائدة مستديرة ضمت المنظمات الإسلامية الممثلة في الولاية، والتي قامت بدورها بوضع خطط لمحاضرات الدين الإسلامي، ولا يثير موضوع محاضرات الدين الإسلامي جدلا في الولايات الواقعة شرقي ألمانيا بسبب قلة عدد المسلمين هناك. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

ويمثل المسلمون في ألمانيا نحو 5 من عدد السكان (أربعة ملايين مسلم)، وتضم المدارس الألمانية نحو 700 ألف تلميذ مسلم.  تهدف فكرة بناء مسجد كولونيا المركزي إلى تحويله إلى مكان عبادة لجميع سكان المدينة، بغض النظر عن اختلاف عقائدهم وأديانهم وطوائفهم، بهدف تعزيز التعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين، كما أن فكرة جعله مكان لقاء وتعارف وتقارب بين الناس تؤهله كي يصبح رمزا للإندماج الناجح في المجتمع الألماني، ولكن عندما عرضت مخططات البناء من قبل الاتحاد الإسلامي التركي ديتيب في كولونيا أمام الرأي العام لأول مرة، استغل معارضون فكرة بناء هذا المسجد الفرصة لإثارة نقاشات حادة حول الجالية المسلمة في كولوني، وتأتي حركة من أجل كولونيا/ برو كولونيا اليمينية في مقدمة من بدء بشن الحملة ضد بناء المسجد، وتطالب هذه الحركة اليمينية المتطرفة بوقف البناء معتمدة في ذلك على شعارات معادية للإسلام، ومن طرف آخر ينتقد الكاتب والصحافي المعروف رالف جوردانو بناء المسجد، ويرى أن عملية الاندماج في ألمانيا أصبحت في خطر جراء هذا المسجد، ولكن النقاش تحول من نقاش يتعلق بقضايا التعايش السلمي المشترك إلى نقاش حول الشكل المعماري للمسجد وحول موقعه في المدينة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/تشرين الأول/2011 - 15/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م