شبكة النبأ:
في اخر اسبوعين من شهر ايلول من كل عام وتحديدا في اخر يومي
خميس من هذا الشهر يمارس عدد من الشيعة العراقيين المعروفين ب (الكرد
الفيليين) طقوس زياراتهم الى عدد من المقامات التي تعود لبعض ائمة اهل
البيت وابنائهم (ع).
من المعروف ان مواسم الزيارة عادة ما تترافق بمناسبات الوفيات
والولادات اضافة الى مادرجت العادة عليه من الزيارات في كل يوم خميس من
كل اسبوع والتي هي اشبه ما تكون بطقس اعتقادي مستقل عن بقية تلك
الزيارات المخصوصة بايام ومناسبات معينة..
تتوزع الكثير من الاماكن والمقامات في مناطق عديدة من مدن العراق
ولا تقتصر على مدنه الدينية الرئيسية (النجف – كربلاء – سامراء –
الكاظمية) من هذه المقامات مقام الامام (كرز الدين) ويعتبر من اشهر
المراقد في مدينة مندلي وهو سيد أحمد بن أسحق بن هاشم بن جعفر الطيار (رض)
الملقب بأحمر العينين، أما أسم "كرز الدين" فلم نجد له معنى، لكن البعض
يقول أنه اسم مستعار للتستر في وقت ملاحقة العلويين.
وهناك أيضاً مرقد حاج يوسف ويقال أنه من أحفاد الإمام الحسن بن علي
(ع) والبعض يعتقد انه من حاملي البريد أثناء الفتوحات الإسلامية في
الشرق. وفي قلب مندلي ينتصب مرقد سيد أحمد بن الإمام زين العابدين (ع)
ويسمى من قبل العامة "بابا حافظ" لأنه اشتهر بتحفيظه القرآن للأطفال.
ومرقد (شيخ مندلي) وهو من اولاد الامام زين العابدين علي بن الحسين
(ع)، ومرقد (سيد رحمن) و(شيخ يونس) و (عبد الله بن علي) و (عون بن علي)
و (نبي طهران) وهو اخ النبي يوسف بن يعقوب (ع) ومرقد (الحاج يوسف) من
احفاد الإمام الحسن بن علي (ع).
واسم مدينة مندلي مر بتحولات كثيرة كما هو شأن الكثير من المدن
العراقية كما أرتبط بمعتقدات أهلها، ومن هذه المعتقدات التي يتداولها
العامة أن اسمها جاء من قول الأمام علي بن ابي طالب (ع) لأصحابه عندما
وصلها بعد حربه مع الخوارج "تمندلوا يا صحابة" أي استريحوا بعد أن وجد
طيب مناخها ورقة نسيمها، خاصة وأنهم خرجوا لتوهم من مدينة "شهربان"
التي أصابت الكثير من أصحابه وجيشه بالأمراض بسبب سوء مناخها.
لكن الوقائع التاريخية تنفي هذه الحكاية، وتقدم جذراً آخر للتسمية،
حيث كانت تعرف بـ "البندينجين"، وهو لفظ تثنية مثل "البحرين" كما ذكر
ذلك ياقوت الحموي في معجم البلدان، وقيل أن التسمية محرفة عن "وندتنكيان"
ومعناها "الملاكون الطيبون" وقيل أيضا ان معناها (الرباط الحسن)، لكن
أغلب المصادر ترجع التسمية الى عهود الآشوريين، وتذكر بثلاث لفظات هي؛
"وردنيكا" و "أردليكا" و "ورديكا" ومعنى هذه الألفاظ في اللغة الآشورية
"المدينة الفسيحة الواقعة في سفح الجبل" وبعد ذلك تحولت الى "بندينجين"
و "منديجين" و "مندلج" وكذلك "مندوعلي" وأطلقت هذه التسمية بعد انتهاء
معركة النهروان ومن ثم تحولت إلى (مندلي) الاسم الحالي. وهناك أكثر من
مؤشر على صحة أصل التسمية "البنديجين" ولعل أهمها وجود عوائل حتى إلى
وقت قريب تلقب بـ "البندنيج"، كما يذكر لنا التاريخ بعض الأعلام الذين
تلقبوا بهذا اللقب ومنهم أبو بشر اليماني البندنيجي النحوي الذي ولد في
سنة (200) هجرية.
وتشتهر مندلي بعدد من المراقد الدينية والمواقع الاثارية، منها "
منطقة "شيخ محمد" نسبة إلى محمد بن أبي بكر "رض" لأنه عسكر فيها.
تتبع مندلي قضاء خانقين والتي يوجد فيها عدد كبير من الحسينيات منها
الحسينية الكبيرة وحسينية المزرعة حيث تنطلق منها المواكب الحسينية في
عاشوراء واحياء ذكرى وفاة الامام الحسين (عليه السلام).
ويوجد في خانقين عدد من المراقد منها مرقد (السيد محمد ابن موسى
الكاظم) ومرقد (السيد عباس) ومرقد (السيد علم دار) ومرقد (باوه محمود)
ومرقد (خضر زنده)، ومن تلك المقامات ايضا مقام الامام زين العابدين
الذي يقع في قضاء داقوق من محافظة كركوك والذي يرتبط وجوده بالشيعة
التركمان.
والتي لا توجد وثائق كافية حول وضعهم في العراق وتاريخ تشيعهم. ولكن
من خلال الاطلاع على الاخبار التاريخية وهجرات التركمان إلى العراق
وبشكل خاص خلال العهد السلجوقي (1055 أوما بعدها)، يبدو بأن أي من
القبائل التركمانية المهاجرة لم تكن شيعية المذهب. من المحتمل أنه بعد
وفاة (شاه روح) حفيد تيمور وقيام دولة (قره قوينلو) بقيادة جهان شاه
وسيطرتها على بغداد وخاصة الانحاء الشمالية التي تتواجد فيها القبائل
التركمانية عام (1447) وتوسيعه لأراضيه حتى شط العرب. وكانت هذه
القبائل شيعية، فعملت على نشر التشيع في العراق وخاصة بين قبائل بني
جلدتهم من تركمان كركوك وحواليها.
وكان للشيعة التركمان مذاهب مختلفة دون أن تكون بينهم فروقات أساسية
وكلهم يؤمنون بإمامة علي (ع) وأولاده وكانوا يسمون بتسميات مختلفة مثل
العلوية والبكتاشية والصارالية والرافضة وغيرها. يلاحظ أنه لم تكن لهم
علاقات قوية مع النجف وكربلاء حتى ما بعد الانتداب الانكليزي بعد الحرب
العالمية الاولى، بعدها حصل التقارب بين علماء النجف وكربلاء ورجال
الدين الشيعة في أطراف كركوك والمدن المجاورة لها (طوز خورماتو وقره
تبه)، ويلاحظ تحول التركمان إلى الشيعة الاثنى عشرية وارتبطوا بكربلاء
والنجف ارتباطاً وثيقاً، وحتى انه في الدور القومي البعثي يلاحظ مشاركة
التركمان الشيعة في التنظيمات المختلفة وعلى اثر ذلك نفي وقتل منهم
الكثيرين بأعتبارهم مؤيدين أو أعضاء في حزب (الدعوة إلى الاسلام)
الشيعي.
ويلاحظ قلة وازدياد نفوس التركمان من كلا الطائفتين على طول خط
التركمان، ففي أطراف الموصل يلاحظ ازدياد التركمان والشبك الشيعة وفي
تلعفر وحواليه يحصل العكس ويزداد عدد الشيعة في داقوق وتازه خورماتو
وقره تبة ومناطق ديالى وخانقين ومندلي.
حالياً يمكن القول بأن سكان كركوك الشيعة والسنة متساوون عددياً في
المناطق التركمانية ولاتوجد احصائيات لحد الآن يمكن الاعتماد عليها في
تحديد السكان التركمان بشكل عام وتحديد المذهب بشكل خاص. أما مناطق
الشيعة التركمان في كركوك، فهي:
ـ مدينة تسعين (تسين) وهي تابعة لكركوك، ومن أحيائها (قبرباشي, دهنه
باشي, شيخل, قاب قيران,...الخ) فيها مقام الشاه طهماسب.
ـ ناحية تازة خورماتو مدينة تركمانية شيعية صرفة في جنوب كركوك من
أحيائها وعشائرها (قره صقالي, مرادلي, اوسطالي, بصمالي...الخ).
ـ قرية بشير وهي تركمانية شيعية صرفة هدمها النظام البائد بالكامل
ورجعت بعد السقوط للظهور ثانية من أبرز شخصياتها المرحوم سماحة الشيخ
البشيري.
ـ ناحية داقوق مدينة تركمانية ذو أكثرية تركمانية شيعية من أحيائها
(دميرجيلر, كوتوركه, ايلخانللر...الخ) في أطرافها الكاكائية
والطالبانية.
ـ قرية الامام فيها مقام الامام زين العابدين من أبناء الامام موسى
الكاظم(ع)، كل أهالي هذه القرية تركمانية شيعية.
ـ ناحية ليلان مدينة تركمانية أكثرية كردية وأقلية شيعية.
ـ قضاء طوز خورماتو أكبر قضاء تركماني بعد تلعفر يقع على بعد 180
كيلومتر شمال بغداد، ذو أكثرية تركمانية شيعية من أحيائها (مصطفى اغا,
اورطة محلة, ملا صفر, جمهورية.. الخ).
ـ ناحية امرلي وقرى البيات تقع جنوب طوز ذو أكثرية شيعية تركمانية
من قراها (مدينة امرلي, ينكجة, شاه سيون, جرداغلي, بروجلي، بسطاملي,...الخ).
ـ مدينة قره تبه ذو الاكثرية الشيعية الصرفة فيها مقام ابراهيم
السمين أحد أبناء الامام موسى الكاظم(ع).
في مدخل داقوق من الشمال وعلى الجانب الايمن للطريق العام القادم من
كركوك نزولا الى بغداد يقع مرقد السيد الهادي أبن الامام موسى الكاظم
(ع) ويبعد المرقد الشريف عن مركز مدينة داقوق بمسافة 1 كم باتجاه
كركوك. في الحرم مرقدان الاول للسيد الهادي عليه السلام وعلى يساره قبر
ابنته السيدة مريم بنت الهادي ابن الامام موسى الكاظم (ع). يعرف السيد
الهادي باسم (ابي الهواء) وجاءت هذه التسمية بسبب لجوء المرضى لهذا
المرقد لإزالة الأمراض والآلآم والاوجاع ولاسيما امراض المفاصل والظهر
والاطراف والتي تعرف عند اغلب الناس بامراض الهواء.
والزيارة على مدار ايام الاسبوع والشهور والسنين. لكن اليوم المفضل
للزيارة هو يوم الاربعاء حيث يؤمه الزوار من انحاء العراق كافة ولاسيما
اهالي داقوق وكركوك والنواحي والقرى المجاورة. واكثر الزيارات في شهر
(رجب المعظم) وفي الاعياد والمناسبات الدينية والعطل والجمع. وهنا في
داقوق مقامان، الاول على قمة تل مطل على المدينة حيث نبع ماء صاف تحف
به الارض الخضراء وهو مقام زين العابدين (ع) وفي وسط مقبرة المدينة
يوجد مقام الامام محمد الباقر (ع) ويؤم الزائرون هذين المقامين من كل
حدب وصوب للتبرك والاستشفاء بقدرة الله عز وجل.
اما لو توجهنا الى وسط العراق وتحديدا الى مدينة العزيزية التابعة
لمحافظة الكوت فاننا نجد على مقربة من المدينة مرقد أحد الأولياء
الصالحين (مرقد السيد تاج الدين) ويسمى بين الناس (التاج) والذي يعود
نسبه الى الإمام علي بن أبي طالب، يقع المرقد جنوب ناحية الحفرية، خلف
بستان الدفتري يزوره العديد من أهالي المنطقة والمناطق المجاورة في
الأعياد و المناسبات الدينية، وتقام مظاهر الاحتفالات المبهجة خصوصاً
في الأعياد.
وفي طرف المدينة الجنوبي الشرقي يقع تل صغير مخلفات لمعمل طابوق
(كورة) أطلق أهالي المدينة على المكان إسم (العلوية) لكونه يضم مرقد
لطفلة صغيرة دفنت هناك وقد أعتاد أهالي المدينة على دفن موتاهم من
الأطفال الصغار في السن (حديثي الولادة) فيه. |