
شبكة النبأ: تشير الاوضاع الحالية في
مصر الى خطور الموقف تجاه التحولات الديمقراطية فأن مصر بحاجة إلى
حكومة مدنية وعدم تأجيل الانتخابات وعودة الجيش إلى ثكناته. الثورة في
مصر كانت قاعدة ذهبية لحركة عرفت باسم الربيع العربي لسبب في غاية
الوجاهة وهو أنهما كانتا سلميتين وغير طائفيتين وديمقراطيتين.
فالجيش على سبيل المثال اتخذ الجيش جانبا واحدا، والنبض الجمعي
للثورة الذي تجسد في ميدان التحرير قاوم موجة بعد موجة من هجمات بلطجية
النظام المحتضر وظل على هذا النهج لمدة 18 يوما إلى أن رحل الحاكم
المستبد. ولم يطلق الجيش النار على مواطنيه.
ويعتقد مراقبون ان المثير للإزعاج بشأن صدامات الأحد الماضي التي
راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح في القاهرة هو أن الخصائص التي جعلت
الثورة المصرية مؤثرة جدا وجعلتها مختلفة عن الصراعات المسلحة التي
نشبت في ليبيا واليمن وسوريا لم تعد صائبة.
ويقول مراقبون في صحيفة غارديان ان القاهرة وبسبب نوبة تشنج قصيرة
لكنها كانت خطيرة، أصبحت كانها تقع تحت سيطرة الجيش حيث أُطلِقت النار
على متظاهرين أو سحقوا تحت عجلات شاحنات الجيش.
من جهتها وسائل الاعلام الرسمية في مصر أججت ألسنة اللهب بالحديث عن
أياد خفية وتدخل خارجي واستخدم المذيعون لغة طائفية قائلين إن الأقباط
قتلوا جنودا وناشدوا المسلمين الخروج إلى الشوارع والدفاع عن هؤلاء
الجنود. وما بدأ كاحتجاج سلمي للأقلية القبطية بسبب إحراق كنيسة في
أسوان انتهى بمقتل 25 شخصا وجرح أكثر من ثلاثمائة آخرين.
التدخلات الخارجية
ويخشى مراقبون من ان هذه التدخلات ان تكون من السعودية وجاء في
تقرير صحفي أن مال النفط السعودي يصرف على شراء ضمائر بعض وسائل
الإعلام العربية للتاثير السلبي بدلا ً من التنوير السياسي. وأن مئات
ملايين الدولارات منعت عن شفاه الفقراء العرب والسعوديين لتصرف على
بطون بائعي الضمير من الصحفيين.
ووجد التقرير أن مصر أكبر دولة عربية في رأس الأهداف السعودية.
وبعض إعلامها يسقط برأي بعضهم في فخ التضليل السعودي لحرف مسار ثورتها
عن طريقها الحقيقي. فالثورات العربية والتغييرات الناتجة عنها ولا سيما
في مصر أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان أحدثت مخاوف دول مجلس
التعاون النفطية وعلى رأسها السعودية جراء سقوط حسني مبارك أهم حليف
لها في المنطقة .
ولم تكتف السعودية بتوزيع 130 مليار دولار على مواطنيها للحد من
مطالبهم بالإصلاح السياسي والمساواة ، بل مدت يدها للخارج من خلال شراء
وسائل إعلام وكتاب وصحفيين للترويج لسياستها الوهابية التكفيرية،
والتأثير في عقول المواطنين العرب وحرفهم عن مطالبهم الإصلاحية وهمومهم
الوطنية والإنسانية.
وقد شكلت احتياجات مصر للمساعدات المالية فرصة لإبتزازها سياسيا ً
وإعلاميا ً بغية التأثير في إتجاهاتها السياسية ما بعد الثورة.
وأضاف التقرير أن المراقبين لاحظوا إلى جانب الضغوط السياسية
السعودية على المجلس الأعلى العسكري والحكومة المصرية لمنع الإنفتاح
على دول إسلامية معينة وهناك ومحاولات حثيثة لتمييع محاكمة مبارك
وأركان نظامه، لاحظوا هجمة على وسائل الإعلام المصرية من خلال شراء
الاقلام والصحف حتى بات بعض كبار الصحفيين المصريين مجرد أرقام في
قوائم المترددين على السفير السعودي في القاهرة.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الخالق فاروق إن أكثر الدول التي
تقدم التمويل أجنبي: السعودية ودول الخليج والولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي وأيضا اليابان ولكن بنمط مختلف، ويعلن الغرب بوضوح أن كثيرا
من هؤلاء سوف يصبحوا قادة في بلادهم، وأبدى استغرابه من أنه أصبح البعض
لدينا يفتخر بالمعونة!
فيما تمر مصر في منعطف تاريخي قد يرسم مستقبل المنطقة كلها بعد ثورة
الخامس والعشرين من يناير، تتدخل المملكة السعودية بأموالها سعيا
للتأثير في بعض القوى المصرية عبر وسائل عدة منها استخدام المال
والإغراءات المادية والهدف طبعا احتواء المسار الثوري الذي يمكن أن
يطال دولا عدة في المنطقة.
دور المجلس العسكري
المجلس الأعلى للقوات المسلحة من جهته هو الملوم في ما وقع لأنه كان
من المفترض أن ينقل البلد من الدكتاتورية إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا.
وما فعله بدلا من ذلك هو نقل مصر من شكل من أشكال حكم الطوارئ إلى آخر.
ويعتقد محللون سياسيون أن الرد العنيف على مظاهرة الأقباط لم يأت من
فراغ. فعقب الهجوم على إضراب جامعي في الإسكندرية أعلن أن المحاكم
العسكرية ستستخدم لمحاكمة المدنيين، والانتخابات البرلمانية ستتأخر
لعدة أشهر، وسباق الرئاسة يمكن أن يُرحل إلى عام 2013.
مجتمع الأقباط من جهته لديه مظالم حقيقية. فقد احتضن الثورة في حين
ظل التمييز المؤسسي ساريا. لكن الدرس المستخلص من هذه الأحداث أكبر
بالتأكيد. فإذا عاد الجنرالات في المجلس العسكري إلى أساليب حسني مبارك
فيجب أن يُحاسبوا عليها أيضا. ويوم الأحد الدامي الذي قتل فيه 26 شخصا
على الأقل وأُصيب العشرات بجروح إثر اشتباكات بين الجيش وأقباط ينبغي
أن يكون تذكيرا بما يمكن أن يحدث إذا ترك الجهد الحقيقي لميدان التحرير
دون إتمامه.
ويقول خبراء في صحيفة فايننشال تايمز أن العلاقات الطائفية ازدادت
سوءا في مصر بدرجة تدعو إلى القلق منذ الإطاحة بدكتاتورية الرئيس
المخلوع حسني مبارك بعد انتفاضة شعبية. فالمشكلة العاجلة تكمن في
الفراغ الأمني الذي خلفته الثورة الشعبية. ومنذ ذلك الحين جُرِّدت قوات
الشرطة المصرية من صلاحياتها السابقة جزئيا.
ويخشى مراقبون من أن تجريد الشرطة من تلك الصلاحيات ينطوي على خطورة
كما أظهرت أحداث الأحد المروعة ذلك. فالجيش يفتقر للتجهيز الجيد لدرجة
يُرثى لها بحيث لا يستطيع سد الفراغ. وعليه فلا بد من بناء قوة شرطية
جديدة –قوامها أقباط ومسلمون على حد سواء- في أسرع وقت ممكن.
بيد أن هناك حدودا لما يمكن لقوات الشرطة أن تنجزه مهما كانت
كفاءتها إذا كانت القوانين التي تعمل على فرضها قائمة على التمييز.
وراى محللون سياسيون في صحيفة فايننشال تايمز أن القوانين المصرية تجعل
من العسير على الأقباط بناء كنيسة على عكس تعاملها مع المسلمين في بناء
المساجد.
وكان نتيجة ذلك، أن المسيحيين المتلهفين للحصول على ترخيص لبناء دار
للعبادة يُضطرون لتقديم طلب للسلطات لمنحهم إذنا ببناء شيء آخر ليعملوا
على تعديله بعد ذلك كي يصبح كنيسة.
ويعتقد خبراء إن الظهور المفاجئ لكنائس غير مرخصة يؤدي في أغلب
الأحيان إلى توترات مع المسلمين، مضيفة أنه كلما سارعت الحكومة بوقف
العمل بمثل تلك القوانين كان ذلك أفضل.
ثم إنه يتعين على القيادة المصرية المؤقتة ممثلة في المجلس العسكري،
أن تعمل على التأكد من أن الصراعات الطائفية تُحَلُّ عبر النظام
القضائي، وأن المتورطين تُنزل بهم العقوبة المناسبة.
بينما يرى محللون سياسيون في صحيفة ديلي تلغراف اليمينية المحافظة
أن تتفاقم النزعة الطائفية في مصر حتى إن أولئك الذين هللوا في المناطق
والقرى الفقيرة لسقوط حسني مبارك يتخوفون الآن مما هو قادم.
وأوضح محللون سياسيون أن الجيش ورث كل رزايا حكم مبارك، وأنه إلى أن
يتخلى عن السلطة أو يصوغ خطة خاصة به ترمي لاستقرار الأوضاع في البلاد،
فإن الطائفية وما تمخض عنها من مشاكل أخرى عديدة ستزداد سوءا.
فالفقر الطاحن في مصر تماما كما في اليمن هو بمثابة تربة جاهزة تتيح
لمن يريد إثارة شغب أو استخدام عميل أن يُجنّد أي شخص مقابل حفنة من
الدولارات، مشيرة إلى أن تلك الظروف يمكن أن تلازم أي حادث عابر. |