الاستثمار في الصحة النفسية يعزز فرص نجاح المجتمع

اليوم العالمي للصحة النفسية10 تشرين الأول/أكتوبر 2011

 

شبكة النبأ: في الغالب يعتقد الناس أن الصحة تتعلق بسلامة الجسد من الامراض، لذا نلاحظ اهتماما واضحا بهذا الجانب، فالانسان يتجنب الاخطار المادية بالغريزة والقصد ايضا، فلا يعرّض جسده للنار او الكهرباء او السقوط من ارتفاعات شاهقة او الاصطدام بأنواعه، لأنه سيعرّض جسده للاصابة التي قد تتحول الى عاهة تشل حركته وحيويته وانتاجه العملي حتما.

بيد أن هناك نوعا آخر من الامراض لايصيب الجسد، بل يصيب النفس، ويسمى المرض النفسي، وهو غير ظاهر ولا يتجسد ماديا كالاصطدام او السقوط او الدهس وما شابه، بل هو مرض خفي لا يمكن لمسه باليد او رؤيته بالعين، لكنه قد يتفوق في خطورته على المرض المرئي والملموس، لأنه قادر على أن يشل طاقات الانسان الانتاجية كافة، وبسبب خطورة هذا المرض من جانب وإهماله وعدم الاهتمام به من لدن المعنيين من جانب آخر، دفع بمنظمة الصحة العالمية أن تخصص يوما عالميا للتذكير بالمرض النفسي وخطورته وسبل المعالجة والوقاية على المستوى العالمي.

وتؤكد منظمة الصحة العالمي في موقعها الألكتروني (أن اليوم العالمي للصحة النفسية يزيد وعي الناس بقضايا الصحة النفسية. ويشجع هذا اليوم المزيد من المناقشات المفتوحة للاضطرابات النفسية، والاستثمارات في الخدمات الوقائية والترويجية والعلاجية. والفجوة العلاجية فيما يتعلق بالاضطرابات النفسية والعصبية وتلك المرتبطة بتعاطي المخدرات هائلة، لا سيما في البلدان الفقيرة الموارد).

ومن بين مؤشرات الاهمال الواضح للصحة النفسية، أن الدول الفقيرة أو الحكومات الفاشلة لا تقدم الاهتمام المطلوب لمكافحة هذا المرض، حيث يقول التقرير نفسه:

(هناك بلدان عديدة لديها أقل من أخصائي واحد في الصحة النفسية لكل مليون من السكان. والأدهى أن جزءا كبيرا من الموارد المحدودة يُنفَق على المستشفيات النفسية الكبيرة لا على الخدمات المقدمة من خلال الرعاية المجتمعية والرعاية الصحية الأولية).

لهذا لابد أن تتنبّه الحكومات والوزارات والجهات المعنية بأهمية الاستثمار في الصحة النفسية من اجل تقليل خطر الامراض التي تساعد في نشر العوق النفسي الذي يطيح بقدرات الانسان الفكرية والعملية في آن، لذا يؤكد تقرير المنظمة نفسها على: (إننا نحتاج إلى زيادة الاستثمار في الصحة النفسية وإلى تحويل الموارد المتاحة نحو أشكال من الخدمات المتسمة بمزيد من الفعّالية والإنسانية).

والاستثمار في هذا الجانب ينبغي أن يزداد ويتركز في معالجة البيئة وتوفير فرص العمل المناسبة، وخلق نوع من التوازن الاجتماعي حيث تتوفر حياة مستقرة لجميع افراد المجتمع، ناهيك عن الاهتمام بالنظافة والحدائق والمتنزهات، وتوفير فرص التربية الصحيحة والتعليم المجاني وتقديم الخطوات الاجرائية المطلوبة لتحقيق الضمان الاجتماعي، فهذه كلها خطوات مهمة ومطلوبة لتعزيز الصحة النفسية.

فقد أشارت دراسة برطانية الى أن (خمسة دقائق في بيئة خضراء تعزز الثقة بالنفس)، هذا يدل على أن الانسان اذا حصل على ظروف عمل مناسبة ومكان صحي، وميدان عملي مناسب، بالاضافة الى توفير المناخ البيئي الملائم، فإن هذه الخطوات حتما ستساعد على تحسين الصحة النفسية للفرد والمجتمع معا.

ومن المعروف ان الصحة النفسية بوصفها من الامراض الخفية تتطلب خبرات لها القدرة على التخطيط والتنفيذ، لهذا يتطلب الامر تدريبا متواصلا ومتقنا للحد من أخطار الصحة النفسية على الافراد والمجتمعات، وهو ما دفع بمنظمة الصحة العالمية الى تقديم الدعم المطلوب في هذا الميدان إذ تدعم منظمة الصحة العالمية الحكومات لتمكينها من بلوغ المرمى المتمثّل في تدعيم وتعزيز الصحة النفسية. وقامت المنظمة بتقييم البيّنات الخاصة بتعزيز الصحة النفسية، وهي تعمل الآن مع الحكومات على نشر تلك المعلومات ودمج الاستراتيجيات الفعالة في السياسات والخطط.

ومن الحقائق الرئيسية التي أعلنتها المنظمة في مجال الصحة النفسية ما يلي:

- يعاني أكثر من 450 مليون شخص من اضطرابات نفسية. وهناك الكثير ممّن يعانون من مشاكل نفسية.

- الصحة النفسية جزء لا يتجزّأ من الصحة؛ وبالفعل، لا تكتمل الصحة بدون الصحة النفسية.

- الصحة النفسية ليست مجرّد انعدام الاضطرابات النفسية.

- الصحة النفسية تتأثّر بالعوامل الاجتماعية الاقتصادية والبيولوجية والبيئية.

- هناك استراتيجيات وتدخلات مشتركة بين القطاعات وعالية المردود لتعزيز الصحة النفسية.

ومن الواضح أن عملية الاستثمار في الصحة النفسية تتطلب جهودا حكومية وأهلية مهمة تضع في حساباتها النتائج الفعالة لمثل هذه الخطوات الهامة، لذا فإن برنامج العمل الذي وضعته المنظمة من أجل تضييق الفجوات في مجال الصحة النفسية يسعى، تحديداً، إلى مساعدة البلدان، ولاسيما البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، على زيادة الخدمات الخاصة بالاضطرابات النفسية والعصبية والاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان. وسيمكّن ذلك البرنامج، بعد اعتماده وتنفيذه، من علاج عشرات الملايين من المصابين بالاكتئاب والفصام والصرع ووقايتهم من الانتحار وتمكينهم من العيش حياة طبيعية- حتى في الظروف التي تشحّ فيها الموارد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/تشرين الأول/2011 - 14/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م