قال تبارك وتعالى: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ
بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً (1.
صدق الله العلي العظيم
قال الإمام الحسين (عليهم السلام) يوم عاشوراء 2.
أنا ابن عليِّ الخيرِ من آل هاشمٍ كفاني بهذا مفخراً حيـن أفخرُ
وجدي رسولُ الله أكرمُ خلقه ونحن سراج الله في الأرض يزهرُ
وفاطمُ أمي من سلالة أحمد وعميَ يدعى ذا الجناحين جعفرُ
وفينا كتاب الله أنزل صادقاً وفينا الهدى والوحي بالخير يذكرُ
ونحن أمان الله للخلق كلهم نسِرُّ بهذا في الأنام ونَجهرُ
ونحن ولاة الحوض نسقي ولينا بكأس رسول الله ما ليس ينكرُ
وشيعتنا في الناس أكرم شيعةٍ ومبغضنا يـوم القيامة يخسـر
سراج الله (3) الامام الرضا (عليه السلام) امتداد لشمس النبوة في
الأرض , فصلى الله عليه عدد ما في علم الله، صلاةً دائمةً بقوام ملك
الله.
مطهــــــرون نقــــــيات ثـــــــيابهم.. تجــــري الصلاة عليهم
أينما ذكرو
من لم يـــــكن علــــوياً حين تنسبه.. فـــما لــــه فـــي قديم
الدهر مفتخر
فالله لـــــــما بـــــرا خلــــــقاً فأتقنه.. صفاكم واصــــطفاكم
أيـــــها البشر
فأنتم المـــــلأ الأعــــــلى وعـــندكم.. عــــلم الكتاب وما جاءت
به السور 4.
قال الإمام الكاظم عليه السلام: (ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم في المنام وأمير المؤمنين عليه السلام معه، ومعه خاتمٌ وسيفٌ
وعصاً وكتابٌ وعمامة، فقلت له: ماهذا؟ فقال: أما العمامة فسلطان الله
تعالى عز وجل، وأما السيف فعزة الله عز وجل، وأما الكتاب فنور الله عز
وجل، وأما العصا فقوة الله عز وجل، وأما الخاتم فجامع هذه الأمور. ثم
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأمر يخرج الى علي ابنك....
ثم قال أبو الحسن عليه السلام: ثم وصفه لي رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم فقال: عليٌّ ابنُك، الذي ينظر بنور الله، ويسمع بتفهيمه،
وينطق بحكمته، يصيب ولا يخطئ، ويعلم ولا يجهل، وقد ملئ حكماً وعلماً،
وما أقل مقامك معه، إنما هو شيء كأن لم يكن، فإذا رجعت من سفرك فأصلح
أمرك، وافرغ مما أردت فإنك منتقل عنه، ومجاور غيره، فاجمع ولدك وأشهد
الله عليهم جميعاً، وكفى بالله شهيداً). 5.
وقال الصدوق قدس سره 6 (حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى
المعاذي النيسابوري قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن علي البصري
المعدل قال: رأى رجل من الصالحين فيما يرى النائم رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله من أزور من أولادك؟ فقال صلى الله
عليه وآله وسلم: إن من أولادي من أتاني مسموماً، وإن من أولادي من
أتاني مقتولاً ! قال فقلت له: فمن أزور منهم يا رسول الله، مع تشتت
مشاهدهم، أو قال أماكنهم؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: من هو أقرب منك،
يعني بالمجاورة وهو مدفون بأرض الغربة. قال: فقلت يا رسول الله تعني
الرضا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
قل صلى الله عليه، قل صلى الله عليه، ثلاثاً).
يوم ولادته (عليه السلام):
اربعة روايات في ولادته الميمونة ,ولكن الاولى هي اكثر مصادر ,ولا
بأس بذكرهم للفائدة:
1. الحادي عشر ليلة خلت من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائة. 7.
2. الحادي عشر ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين ومائة للهجرة8.
3. إحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائة9. ـ
4. سنة إحدى وخمسين ومائة. 10.
والدته (تكتم): ـ
القابها وتسمى: أروى، أم البنين، ولما ولدت الرضا سماها الطاهرة
11,و أم ولد تسمى: الخيزران المرسية، وقيل: شقراء النوبية،، وشقراء 12.
وتسمى تكتم عليه استقر اسمها حين ملكها أبو الحسن موسى عليه السلام 13.
بعد ان اشتراها الامام الكاظم (عليه السلام) جمع قوماً من أصحابه،
ثم قال: والله ما اشتريت هذه الأمة إلا بأمر الله ووحيه
فسُئل عن ذلك ؟ فقال: بينما أنا نائم إذ أتاني جدي وأبي ومعهما شقة
حرير فنشرتها، فإذا قميص وفيه صورة هذه الجارية. فقال: يا موسى ليكونن
من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك، ثم أمرني إذا ولدته أن أسميه علياً،
وقالا لي: إن الله تعالى يظهر به العدل والرأفة طوبى لمن صدّقه وويل
لمن عاداه وجحده وعاداه14.
قالت السيدة تكتم: ـ لما حملت بابني علي لم أشعر بثقل الحمل، وكنت
أسمع منه تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً وهو في بطني، ولما وضعته وقع على
الأرض واضعاً يده رافعاً رأسه إلى السماء يحرك شفتيه كأنه يتكلم.. فدخل
إليّ أبوه موسى بن جعفر (عليهما السلام) فقال: هنيئاً لك يا نجمة كرامة
ربك.. فناولته إياه في خرقة بيضاء فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في
اليسرى.. ودعا بماء الفرات فحنكه به ثم ردّه إليّ وقال: خذيه فإنه بقية
الله تعالى في أرضه. فتبرّك البيت الكاظمي بهذا المولود الجديد المبارك.
وكان سلام الله عليه تام الخلقة سميناً وضاءاً وجهه كالبدر في كبد
السماء...
وفي الكافي عن محمد بن زياد الأزدي قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه
السلام يقول - لما ولد الرضا عليه السلام -:
إن ابني هذا ولد مختونا طاهرا مطهرا، وليس من الأئمة أحد يولد إلا
مختونا طاهرا مطهرا، ولكنا سنمر الموس ـ آلة يحلق بها ـ لإصابة السنة
واتباع الحنيفية 15.
فكانت ولادته في المدينة المنورة إلى جوار جدّه رسول الله (صلى الله
عليه وآله) عام (148 هـ). وهو نفس العام الذي استشهد فيه جدّه العظيم
الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليهم السلام). فالإمام علي الرضا (عليه
السّلام) ولد في العام الذي تسلم فيه أبوه الإمام موسى الكاظم (عليه
السّلام) قيادة الأمّة الإسلامية من الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام).
وكان نقش الخاتم للإمام الرضا (عليه السّلام): (ما شاء الله - ﻻ قوة
إلا بالله).
القابه: ـ الرضا، والصادق، والصابر، والفاضل، وقرة أعين المؤمنين،
وغيظ الملحدين 16.
والله تبارك وتعالى سماه بالرضا عليه السلام,فلقبه الامام موسى بن
جعفر (عليه السلام)بالرضا 17....
وكان (عليه السلام) يناديه ويخاطبه يا أبا الحسن 18.
فالإمام علي الرضا (عليه السّلام) هو واحد من ست وثلاثين من الأبناء
الكرام للإمام موسى الكاظم (عليه السّلام).. كان الامام الكاظم (عليه
السّلام) بحراً من أي النواحي أتيته، بحر من النور والعطاء والحب
والحنان والعلم والفضل والأخلاق وهذه الكوكبة الطيبة كانت تسبح في ذاك
البحر وكل يأخذ حاجته ليربو وينمو على اسم الله.
اقوال الامام الكاظم عن ابنه الرضا (عليهما السلام):
يروي عبد الله بن مرحوم قال: خرجت من البصرة أريد المدينة فلما صرت
في بعض الطريق لقيت أبا إبراهيم (الإمام موسى (عليه السّلام)) وهو يذهب
به إلى البصرة فأرسل إليّ.. فدفع إليّ كتباً وأمرني أن أوصلها بالمدينة
فقلت: إلى من أدفعها جعلت فداك.
قال (عليه السّلام): إلى ابني علي فإنه وصييّ والقيّم بأمري وخير
بنيّ 19.
وقال (عليه السّلام): (علي ابني أكبر ولدي وأسمعهم لقولي وأطوعهم
لأمري) 20.
وقال (عليه السّلام): (علي أكبر ولدي وأبرّهم عندي وأحبهم إليّ)21.
ووصف إبراهيم بن العباس الصولي للإمام الرضا (عليه السّلام) قائلاً:
ما رأيت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) جفا أحداً بكلمة قط.. ولا
رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه.. وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر
عليها.. ولا مدرجله بين يدي جليس له قط..
ولا اتكأ بين يدي جليس له قط..
ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قط..
ولا رأيته يقهقه في ضحكة قط.. بل كان ضحكه التبسّم.
وكان إذا نصب مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه ومواليه حتى
البواب والسائس.
وكان (عليه السّلام) قليل النوم بالليل كثير السهر.. يحيي أكثر
لياليه من أولها إلى الصبح..
وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر ويقول: ذلك
صوم الدهر.
وكان (عليه السّلام) كثير المعروف والصدقة في السر، وأكثر ذلك يكون
منه في الليالي المظلمة.. فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدق22.
الغيبيات ودلائل الامامة التي تحدث بها (سلام الله عليه):
1. صفوان بن يحيى يحدث قائلا:
حين مضى موسى الكاظم (عليه السّلام) وقام ولده من بعده أبو الحسن
الرضا (عليه السّلام) وتكلم خفنا عليه.. وقلنا له إنك أظهرت أمرا
عظيما.. وإنا نخاف عليك من تلك الطاغية.. يعني هارون العباسي.
فقال (عليه السّلام): ليجهدن جهده، فلا سبيل له علي23.
2. موت هارون عن محمّد بن سنان: قيل للرضا (عليه السّلام) إنّك قد
شهرت نفسك بهذا الأمر وجلست مجلس أبيك وسيف هارون يقطر دماً؟ فقال:
جوابي هذا ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أخذ أبوجهل من
رأسي شعرة فاشهدوا أنني لست بنبيّ، وأنا أقول لكم: إن أخذ هارون من
رأسي شعرة فاشهدوا أنني لست بإمام. 24.
3.. مصير البرامكة عن مسافر قال: كنت مع أبي الحسن الرضا (عليه
السّلام) بمنى، فمرّ يحيى بن خالد مع قوم من آل برمك، فقال (عليه
السّلام):
مساكين هؤلاء ﻻ يدرون مايحلّ بهم في هذه السنة، ثمّ قال: هاه وأعجب
من هذا هارون وأنا كهاتين، وضمّ بأصبعيه.
قال مسافر: فوالله ما عرفت معنى حديثه حتى دفناه معه. 25.
4. عن تربته دخل الإمام الرضا (عليه السّلام) - في طريقه إلى
المأمون - دار حميد بن قحطبة الطائي ودخل القبّة التي فها هارون الرشيد
ثمّ خطّ بيده إلى جانبه ثمّ قال:
هذه تربتي وفيها ادفن، وسيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي وأهل
محبّتي، والله ما يزورني منهم زائر ولا يسلّم عليّ منهم مسلّم إلاّ وجب
له غفران الله ورحمته بشفاعتنا أهل البيت. 26.
5. وعن أبي الصلت الهروي قال: لما أنشد دعبل الخزاعي قصيدته التائيه
الرائعه فيقول دعبل: لمّا أنشدتها للإمام الرضا علیه السلام وانتهيت
إلى قولي:
خروجُ إمام لا محالــة خارجٍ***يقـوم علـى اسم اللهِ والبـركاتِ
يمـيّز فينـا كل حـقّ وباطـل***ويجزي على النعماء والنقماتِ
يقول دعبل: فبكى الإمام الرضا علیه السلام بكاءاً شديداً وقال لي:
يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري مَن هو هذا
الإمام وحتى يقوم؟
قلت لـه: لا يا مولاي. فقال علیه السلام: يا دعبل الإمام من بعدي
إبني محمد وبعده ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه
القائم المنتظر في غيبته المُطاع في ظهوره، ولو لم يبقَ من الدنيا إلا
يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها قسطاً وعدلا كما ملئت
ظلماً وجورا27..
فأكملها الإمام الرضا علیه السلام ببيتين قائلاً:
وقبرٌ بطوسٍ يالهـا من مصيبةٍ***ألحّتْ على الأحشاء بالزفراتِ
إلى الحشر حتى يبعث الله قائماً***يفـرّجُ عنّـا الغــمّ
والكـربـاتِ.
6. محمد بن الحسن الصفّار عن يعقوب بن يزيد عن أيوب بن نوح، قلت
للإمام الرضا علیه السلام: إنّا نرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، وأن
يُسديه اللهُ إليكَ من غير سيف، فقد بويع لكَ وضُربت الدراهم باسمكَ،
فقال علیه السلام:
ما منّا أحدٌ اختلفت إليه الكتب، وسَئل عن المسائل، وأشارت إليه
الأصابعُ وحملت إليه الأموال إلا اُغتيل أو مات على فارشهِ حتى يبعث
الله عز وجل بهذا الأمر رجلاً خفي المولد والمنشأ غير خفيّ في نسبهِ
28.
7.. وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن الريّان بن الصلت، قلت للإمام
الرضا علیه السلام: أنت صاحب هذا الأمر ؟ فقال: نعم أنا صاحبُهُ،
ولكنّي لست بالذي أملأها قسطاً وعدلا، فإنه يظهر في سن الشيوخ ومنظر
الشُبّان 29. ويقصد بذلك الإمام المهدي (عليه السلام)، وكذلك حينما سئل
علیه السلام عن القائم من آل البيت عليهم السلام فقال علیه السلام:
هو الرابع من ولدي ابن سيّدة الإماء، يطَهّر اللهُ به الأرض من كل
جور ويقدّسها من كلّ ظلم، وهو صاحب الغيبة، فإذا أشرقت الأرض بنوره،
وضع ميزان العدل بين الناس، وهو الذي يُنادي به منادٍ يسمعه جميع أهل
الأرض:
ألا أن حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه فإنّ الحقّ معه وفيه
وهو قول الله فيه (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء
آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)30.
ولاية العهد: ـ
سئل الإمام عن قبوله لولاية العهد أجاب علیه السلام قائلاً لأحد
الخوارج: قد علم الله كراهتي لها وقد خيّرت بينها وبين القتل واخترتها
مجبراً ولي أسوةٌ بالأنبياء السابقين ومنهم يوسف علیه السلام وهو رسول
ونبي. وقال لعزيز مصر إجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظٌ عليم، وحقق
يوسف الإنتصار لـه ولأبويه ولعقيدته بعد هلاك الطغاة وهذا جواب للذين
لا يدركون حكمة الإمام من قبول ولاية العهد بعد أن وضع شروطاً لقبولها
فأجاب حينما سأله أحد الخوارج، وأمّا معاجزه أثناء مجيئه من المدينة
إلى خراسان فهي أكثر من أن تحصى ومنها حديث السلسلة الذهبية المتواتر
المتن والسند31.
وبعد البيعة ظهرت كرامات الإمام (عليه السلام) فاستثمرها (عليه
السلام) في اصلاح الناس بارشادهم وتوجيههم، ففي بداية ولاية العهد
احتبس المطر، فجعل بعض حاشية المأمون والمبغضين للامام (عليه السلام)
يقولون: انظروا لمّا جاءنا علي بن موسى وصار ولي عهدنا، حبس الله عنّا
المطر، وسمع المأمون بذلك فاشتدّ عليه، وطلب من الإمام (عليه السلام)
ان يدعو الله لكي يمطر الناس، فخرج (عليه السلام) الى الصحراء وخرج
الناس ينظرون، فصعد المنبر، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال: «اللهم يا
رب أنت عظّمت حقنا أهل البيت، فتوسّلوا بنا كما أمرت وامّلوا فضلك
ورحمتك وتوقّعوا احسانك ونعمتك، فاسقهم سقياً نافعاً عاماً غير رايث،
ولا ضائر، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا الى منازلهم
ومقارّهم».
ويقول الإمام محمد الجواد (عليه السلام) راوي الخبر: «فو الذي بعث
محمداً بالحق نبياً لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم وأرعدت وأبرقت
وتحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر».
وأخبرهم الإمام (عليه السلام) ان هذا السحاب هو للبلد الفلاني،
وهكذا الى ان اقبلت سحابة حادية عشر، فقال (عليه السلام): «ايها الناس
هذه سحابة بعثها الله عزوجل لكم، فاشكروا الله على تفضله عليكم وقوموا
الى مقاركم ومنازلكم فإنها مسامتة لكم ولرؤوسكم ممسكة عنكم الى أن
تدخلوا الى مقاركم ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله تعالى وجلاله».
فانصرف الناس ونزل المطر بكثافة فجعل الناس يقولون: هنيئاً لولد
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كرامات الله عزّوجل.
ثم برز اليهم الإمام (عليه السلام) بعد تجمعهم ثانية، واستثمر هذه
الكرامة للوعظ والارشاد، لان الناس يتأثرون بمن له كرامة عند الله
ويتقبلون ما يقوله، فقام فيهم خطيباً وقال: «ايها الناس اتقوا الله في
نعم الله عليكم، فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره
على نعمه وأياديه، واعلموا انكم لا تشكرون الله تعالى بشيء بعد الايمان
بالله وبعد الاعتراف بحقوق اولياء الله من آل محمد (صلى الله عليه وآله)
أحب إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم
الى جنان ربهم، فإنّ من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى» ثم
حدثهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعض الأحاديث التربوية.
وظهرت للإمام (عليه السلام) كرامات اخرى استثمرها الإمام (عليه
السلام) في التأثير على قلوب حاضريها، ومن هذه الكرامات ان بعض افراد
البلاط كانوا يخدمون الإمام (عليه السلام) ويرفعون الستر عند مجيئه
وعند خروجه، فاتفقوا يوماً على عدم رفع الستر له، فلما جاء على عادته
لم يملكوا أنفسهم، وقاموا ورفعوا الستر على عادتهم، فلما دخل لامَ
بعضهم بعضاً، واتفقوا ثانية، فلما كان اليوم الثاني نفّذوا ما اتفقوا
عليه ولم يرفعوا له الستر، فجاءت ريح شديدة فرفعته حين دخوله، وحين
خروجه، فقال بعضهم لبعض: ان لهذا الرجل عند الله منزلة وله منه عناية،
انظروا الى الريح كيف جاءت ورفعت له الستر عند دخوله وعند خروجه من
الجهتين ارجعوا الى ما كنتم عليه من خدمته32.
من وصاياه (عليه السلام):
يا عبد العظيم ابلغ عنّي اوليائي السلام، وقل لهم ان ﻻ يجعلوا
للشيطان على انفسهم سبيلاً، ومرهم بالصدق في الحديث، واداء الأمانة
ومرهم بالسكوت وترك الجدال فيما ﻻ يعنيهم، واقبال بعضهم على بعض
والمزاورة فإن ذلك قربة اليّ ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً
فإني آليت على نفسي انه من فعل ذلك واسخط ولياً من اوليائي دعوت الله
ليعذبه في الدنيا اشد العذاب، وكان في الآخرة من الخاسرين وعرفّهم ان
الله قد غفر لمحسنهم، وتجاوز عن مسيئهم إلاّ يرجع عنه، فإن رجع والاّ
نزع روح الإيمان عن قلبه، وخرج عن ولايتي، ولم يكن له نصيباً في
ولايتنا، واعوذ بالله من ذلك33.
زيارة الامام الرضا (عليه السلام):
جاء في اخباره (عليه السلام) عن الحسن بن علي بن فضال عنه علیه
السلام: أنّه قال له رجل من أهل خراسان: إنّي رأيت جدّك رسول الله (ص)
في المنام، وقال لي(ص): كيف أنتم اذا دُفن في أرضكم بضعتي، واستحفظتم
وديعتي وغُيبَ في ثراكم نجمي، فقال الإمام الرضا علیه السلام: إني أنا
المدفون في أرضكم، وأنا بضعة من نبيّكم، وأنا الوديعة والنجم، ألا فمن
زارني، وهو يعرف ما أوجب الله تعالى من حقي وطاعتي، فأنا وآبائي شفعاؤه
يوم القيامة، ومَنْ كُنّا شفعاؤه نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين.
34.
1. عن عليّ بن إبراهيم اليقطينيّ، عن محمّد بن سليمان المصريّ عن
أبيه، عن إبراهيم بن أبي حجر، عن قبيصة، عن جابر الجُعفي عن أبي جعفر
عليه السّلام عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ستُدفن بضعة منّي بخراسان، ما
زارها مكروب إلاّ نفّس الله كربته، ولا مذنب إلاّ غفر الله ذنوبه35.
2. عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه، عن أبي هاشم الجعفريّ قال: سمعت أبا
جعفر [الجواد] عليه السّلام يقول: إنّ بين جبلَي طوس قبضةً قُبضت من
الجنّة، مَن دخلها كان آمناً يوم القيامة من النار. 36
3. عن عليّ عن أبيه، عن عبدالرحمان بن حمّاد، عن عبدالله بن إبراهيم
عن أبيه، عن حسين بن زيد، عن الصادق عليه السّلام قال: سمعته يقول:
يخرج رجل من ولْد ابني موسى، اسمه اسم أمير المؤمنين صلوات الله عليه،
فيُدفن في أرض طوس وهي خراسان، يُقتل فيها بالسمّ فيُدفن فيها غريباً،
مَن زاره عارفاً بحقّه أعطاه الله عزّوجلّ أجرَ مَن أنفق قبل الفتح
وقاتَل37.
4. الصدوق عن أبيه، عن سعد، عن ابن أبي الخطّاب، عن البزنطيّ قال:
سمعت الرضا عليه السّلام يقول: ما زارني أحد من أوليائي عارفاً بحقّي
إلاّ تشفّعتُ فيه يوم القيامة. 38.
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضا الْمُرْتَضَى
الاِمامِ التَّقِيِّ النَّقِيِّ وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوْقَ الاَرْضِ
وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى، الصِّدّيقِ الشَّهيدِ، صَلاةً كَثيرَةً تامَّةً
زاكِيَةً مُتَواصِلَةً مُتَواتِرَةً مُتَرادِفَةً، كَاَفْضَلِ ما
صَلَّيْتَ عَلى اَحَد مِنْ اَوْلِيائِكَ.
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ وَابْنَ وَلِيِّهِ، اَلسَّلامُ
عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا
اِمامَ الْهُدى وَاَلْعُرْوَةُ الْوُثْقى وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ،
اَشْهَدُ اَنَّكَ مَضَيْتَ عَلى ما مَضى عَلَيْهِ آباؤُكَ الطّاهِرُونَ
صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، لَمْ تُؤْثِرْ عَمىً عَلى هُدىً وَلَمْ
تَمِلْ مِنْ حَقٍّ اِلى باطِل، وَاَنَّكَ نَصَحْتَ للهِ وَلِرَسُولِهِ
وَاَدَّيْتَ الاَمانَةَ، فَجَزاكَ اللهُ عَنِ الاِسْلامِ وَاَهْلِهِ
خَيْرَ الْجَزاءِ، اَتَيْتُكَ بِاَبي وَاُمّي زائراً عارِفاً، بِحَقِّكَ
مُوالِياً لاَوْلِيائِكَ مُعادِياً لاَعْدائِكَ فَاشْفَعْ لي عِنْدَ
رَبِّكَ.
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ وَرَحْمَةُ
اللهِ وَبَرَكاتُهُ، اَشْهَدُ اَنَّكَ الاِمامُ الْهادي وَالْوَلِيُّ
الْمُرْشِدُ، اَبْرَأُ اِلَى اللهِ مِنْ اَعْدائِكَ، وَاَتَقَرَّبُ
اِلَى اللهِ بِوِلايَتِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ
وَبَرَكاتُهُ.
لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ تَسْليمي عَلَيْكَ (واذا أردت قُل):
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ،
اَللّـهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتي اِبْنَ
نَبِيِّكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَاجْمَعْني وَاِيّاهُ في
جَنَّتِكَ وَاحْشُرْني مَعَهُ وَفي حِزْبِهِ مَعَ الشُّهَداءِ
وَالصّالِحينَ وَحَسُنَ اُولئِكَ رَفيقاً، وَاَسْتَوْدِعُكَ اللهَ
وَاَسْتَرْعيكَ وَاَقْرَأُ عَلَيْكَ اَلسَّلامَ، آمَنّا بِاللهِ
وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئْتَ بِهِ وَدَلَلْتَ عَلَيْهِ فَاكْتُبْنا
مَعَ الشّاهِدينَ.
..........................................
المصادر والهوامش
1. سورة الفرقان: 61.
2. مناقب ابن شهر آشوب: 3/234.
3. احد القابه المباركة ذكرفي دلائل الإمامة لمحمد
بن جرير الطبري الشيعي ص359 وفي بحار الانوار عن مناقب ابن شهر آشوب.
4. ابو نؤاس.
5. عيون أخبار الرضا: 2/33.
6. عيون: 1/313:
7. بحار الأنوارج45ص10ب1ح17. بحار
الأنوارج45ص10ب1ح19. عن تاريخ الغفاري: ولد عليه السلام يوم الجمعة
الحادي عشر من شهر ذي القعدة. ، بحار الأنوارج45ص10ب1ح18، الكافي ج 1 ص
486، بحار الأنوارج45ص2ب1ح2. بحار الأنوارج45ص9ب1ح16، عن مصباح
الكفعمي. إرشاد المفيد ص 285. بحار الأنوارج45ص10ب1ح20 كشف الغمة ج 3 ص
90، بحار الأنوارج45ص3ب1ح3.
8. كشف الغمة ج 3 ص 70 بحار الأنوارج45ص1ب2ح3. كشف
الغمة ج 3 ص 113. بحار الأنوارج45ص8ب1ح12. كشف الغمة ج 3 ص 90، بحار
الأنوارج45 ص3ب1ح3.
9. مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 366 و 367، بحار الأنوار
ج45ص10ب1ح21. وعيون أخبار الرضا ج 1 ص 18، بحار الأنوارج45ص9ب1ح15.
10. نفس المصدر.
11. مناقب آل أبى طالب ج 4ص366و367، بحار
الأنوارج45ص10ب1ح21. وبعض المؤلفين ذكر بعض الألقاب لأم الإمام عليهم
السلام كما في الأحاديث التي مرت والتالية في بحار الأنوار عن كشف
الغمة ج 3 ص 113. وبحار الأنوارج45ص8ب1ح12 عن الإرشاد ص 285، بحار
الأنوارج45ص292ب21ح1. الكافي ج 1 ص 486، بحار الأنوار ج45ص 2ب1ح2. كشف
الغمة ج 3 ص 90، بحار الأنوارج45ص3ب1ح3. بحار الأنوارج45ص3ب1ح4.
12. كشف الغمة ج 3 ص 70 بحار الأنوارج45ص1ب2ح3.
13. عيون أخبار الرضا ج 1 ص 14، بحار
الأنوارج45ص7ب1ح9.
14. منتهى الآمال 2: 406 عن الدر النظيم ج2ص203 و
إثبات الوصية ص179 عنه مستدرك العوالم ج22ص25ح1.
15. بحار الأنوارج25ص44ح19، كمال الدين ج2ص423ح15.
16. عيون أخبار الرضا ج 2 ص 245 - 250. عيون أخبار
الرضا ج 2 ص 250، بحار الأنوارج45ص9ب1ح13. والرضي، والوفي، وأشهرها:
الـرضــــا كشف الغمة ج 3 ص 70 ص 113 بحار الأنوار ج45ص1 ب2ح3،
ص8ب1ح12.. و سراج الله,و ونور الهدى,,و كفو الملك، وكافي الخلق، ورب
السرير، ورءاب التدبير. مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 366 و 367، بحار
الأنوارج45ص10ب1ح21.
17. عيون أخبار الرضا ج 1 ص 13، علل الشرائع ج 1 ص
226، معاني الأخبار ص 65. بحار الأنوارج45ص4ب1ح5.
18. عيون أخبار الرضا ج 1 ص 14، بحار
الأنوارج45ص4ب1ح6.
19. عيون الأخبار: ج 1 ص 27.
20. بحار الأنوار: ج 49 ص 38.
21. بحار الأنوار: ج 49 ص 38.
22. عيون الأخبار: ج 1 ص 197.
23. الفصول المهمة لابن صباغ ص 245.
24. مناقب ابن شهر آشوب 4/339-340.
25. عيون 2/225، ب 50، ح 2. وبصائر الدرجات 484، ج
10، ب 9، ح 14. وإرشاد المفيد 309.
26. عيون 2/137، ب 39.
27. اعلام الورى ج2 ص265.
28. كمال الدين ج5 ص361.
29. اعلام الورى ج2 ص240.
30. ـ سورة الشعراء،: 4.
31. عيون ج2ص132.
32. الاتحاف بحب الاشراف: 157.
33. الاختصاص 247: روي عن عبد العظيم (الحسني) عن
أبي الحسن الرضا (عليه السّلام)
34. اعلام الورى ج2 ص71.
35. عيون ج2ص 257 وامالي الصدوق ص119.
36. عيون ج2 ص256.
37. عيون ج 2ص255 وامالي 118.
38. الامالي 119. |