الخليج بدون العرب

بعد الخط الايراني الامريكي الساخن

محمد الوادي

كنت قد كتبت قبل اشهر مقالة تحت عنوان " الخليج فارسي فكيف تحول عربي " وكانت تلك المقالة بمثابة رد على الابتهاجات العربية الاعلامية والسياسية لتصريح موظف صغير في وزارة الخارجية الامريكية واستخدامه مفردة " الخليج العربي " بدلا عن الخليج الفارسي كما مثبت رسميا في الامم المتحدة والدوائر الدولية.

وجوهر تلك المقالة أننا امة تبحث عن القشور وتفرح به بينما " اللب" الحقيقي يتم اقتسامه بين الولايات المتحدة وايران، كاعتراف رسمي وعلني من كل دول الغرب بالدور والثقل الايراني في المنطقة رغم كثرة الخلافات والخصومات الغربية الايرانية، لكن الغرب وكما ماهو معروف تاريخيا يحترم الاقوياء المتعاملين باستقلالية وتوازن ونديه معه ولايجهد نفسه مع الضعفاء التابعين له كما هو حال امتنا العربية المغلوبة على امرها والمتحسرة على تاريخها والمغيبة عن حاضرها والجاهلة تماما لصورة غدها مع الاسف الشديد.

اليوم نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية خبر قد يبدو للبسطاء بمستوى بساطتهم، لكنه خبر كبير وجوهري ينص " ان واشنطن تدرس اقامة خط اتصال ساخن مع طهران من خلال اسطولها الخامس في الخليج مع الاسطول البحري الايراني " بداية نشر مثل هكذا خبر وبهذا الشكل هو بمثابة اعتراف امريكي بالدور الايراني الجوهري في مياه الخليج العربي، وهو اعتراف لم ياتي مصادفة او كهبه لايران بل بعد اعتراف اكبر جاء نصا بنفس الصحيفة " بان الزوارق الايرانية ذات السرعة الفائقة تبدوا عالية الاداء مما يسبب قلق للاساطيل الغربية كما ان الطائرات العسكرية الايرانية تسبب صداع للاسطول الامريكي في الخليج " واذا اخذنا بنظر الاعتبار بان ايران لم تدخلها طائرة واحدة حديثة او جديدة منذ قيام الثورة الاسلامية فان مثل هذه الاخبار يجب ان تجعل المواطن العربي يتحسس " عقله " اين وصل كما يتحسس " كرشه " بحثا عن ثروات مبددة دون وعي بين المهرجانات الغنائية وسباقات الخيول وعرضات عشائرية ومستلزمات الفحول العربية الماجنة ناهيك عن التبديد العبثي مثلما فعل ابن احد الاصنام العربية الساقطة حينما دفع مبلغ مليوني دولار مقابل سماع اغنيتين لاحدى المغنيات الغربيات!!

 مع العلم ان حتى الانتاج السينمائي الايراني متقدم باشواط على الانتاج العربي.

 ان هذا الخبر ومن صحيفة امريكية معينة دون غيرها هو بمثابة جس نبض امريكي لاستطلاع موافقة ايرانية، لان الولايات المتحدة تبدو غير واثقة من موافقة طهران على الفكرة من الاساس!!

 في مقابل هذه الطامة العربية الرسمية الكبرى سؤال منطقي يبحث عن جواب منطقي.. اين ذهبت الاسلحة العربية التي تم شرائها بمليارات المليارات من الدولارات، ومافائدة هذه الاسلحة اذا لم تؤسس لواقع عربي مشرف في الخليج العربي او غيره! ومافائدة هذه الاسلحة اذا كانت الامة تاكل مما لاتنتج وتشرب ببركات الاخرين وعطفهم علينا!! ومافائدة هذه الاسلحة اذا كانت الامة تشرب من الكوكا الكولا اكثر بكثير مما تصدر من النفط!!ومافائدة هذه الاسلحة اذا كان ثلث الامة لايقرأ ولايكتب!! ومافائدة هذه الاسلحة اذا كانت ايران تضمن مصالحها حتى في الثورات العربية لكن ليس مع العرب بل مع الغرب الممثل بتركيا في المنطقة!!

 سيذهب البعض الى تجارة البؤس والعجز ويستخدم مفردات " الصفوية والمجوس والفرس " وهذا فشل اضافي يضاف الى الفشل العربي التاريخي، فالخلل ليس بايران الدولة التي تبحث وتعمل لمصالحها التاريخية في المنطقة بل الخلل الكبير بنا نحن العرب وليس بغيرنا.

واختفى ذلك الموظف الصغير في الخارجية الامريكية ولم يكرر مفردة الخدر العربية بان " الخليج عربي " ومثلما قلت في تلك المقالة السابقة بان الولايات المتحدة لو وجدت مصالحها تستلزم بان تطلق على الخليج، " خليج الدكتور نجاد " لفعلت دون تردد، اما نحن العرب فسيزدنا بطولة فارغة ان نتهجم على الخط الساخن المرتقب بين القوات الايرانية والامريكية في الخليج.

 مع العلم والتذكير بان المواطن العربي المسكين يقبل ويتلذذ بالحد الادنى من البطولات بان يكون مثلا احد حكامنا على الاقل بالمستوى الجنسي لرئيس الوزراء الايطالي سيليفو برلسكوني الذي ضاجع 8 نساء بليلة واحدة كما نقلت ايلاف، لكن حتى هذه البطولة الجنسية أثبتت الاحداث والظروف والثورات والحفر بان الحكام العرب ليس بمستواها رغم صرفنا مليارات الدولارات العربية خلال عقود على هذا المجال الحيوي!!.

بقي ان اللجوء الى أبيات شاعر الحب والحياة نزار قباني في بعض من قصيدة "خبز وحشيش وقمر " قد يخفف من شدة الالم العربي، حينما يقول..

ببلادي... بلاد الانبياء.. وبلاد البسطاء

ماضغي التبغ.. وتجار الخدر.. مالذي يفعله فينا القمر؟

فتضيع الكبرياء.. ونعيش لنستجدي السماء.. مالذي عند السماء؟

لكسالى ضعفاء.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 9/تشرين الأول/2011 - 11/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م