شبكة النبأ: يقال إن صالح المتمسك
بالسلطة منذ بدء الانتفاضة اليمنية مع انطلاقة الربيع العربي، والذي
جاء إلى الحكم في اليمن على حين غفلة من أهلها نتيجة لظروف خاصة أحاطت
باليمن أواخر القرن الماضي، يمتلك من المؤهلات ما تمكنه أن يماطل
ويخادع في تسليم السلطة أو التنازل عنها أو حتى التوقيع على إي مبادرة
تتعلق بهذا الشأن إلى "ماشاء الله" من الوقت، وقد ذهب آخرون بالقول إن
الرئيس اليمني الذي ينتمي إلى قبيلة "حاشد" وله صلة قربى بقبيلة "الأحمر"
يعرف جيداً طبيعة المجتمع اليمني، وكيفية التعامل معهم، كما انه يجيد
فن الخداع والتسويف والمكر خصوصاً وانه نجح في أكثر من مناسبة بالتملص
من التوقيع على المبادرات الخليجية ومقاومة الضغوط الدولية، أضف إلى
ذلك الرسالة الأخيرة التي وجهها إلى المعارضة والتي تجلت بعودة إلى
اليمن وتسلم الأمور فيها رغم تعرضه لمحاولة اغتيال ونجاته من موت محقق
بعد أن توقع الكثيرون إن نهاية حكمه قد حانت وان بقائه في السعودية بات
مؤكد، وعلى ما يبدوا فان المشهد اليمني سوف يتخذ في قادم الأيام منحى
اشد عنفاً بعد أن يأس كل طرف من خصمه في تحقيق وفاق قد يرضي الجميع.
التأهب لصراع طويل
حيث تأهب المحتجون في العاصمة اليمنية صنعاء لانتفاضة طويلة تشوبها
الفوضى بعد كلمة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التي لم يتعهد خلالها
بالتنحي او يعرض طريقا لنقل السلطة عقب عودته الى اليمن بعد ثلاثة أشهر
قضاها في السعودية للعلاج اثر محاولة فاشلة لاغتياله، وفي الكلمة التي
ألقاها صالح مؤخراً ونقلها التلفزيون بعد ان عاد من السعودية حيث عولج
من حروق بالغة دعا الرئيس اليمني لاجراء انتخابات مبكرة وانتقال سلمي
للسلطة، لكن عدم تعهده بالتنحي أجج مؤخراً مزيدا من الغضب في شوارع
صنعاء التي تشهد احتجاجات منذ يناير كانون الثاني، وقال عبد الله
المجيني وهو استاذ أحياء في مدرسة ثانوية وهو يجلس في ساحة التغيير
معقل المعتصمين في الحركة الاحتجاجية "خطابه كان لاحداث فوضى لا حلول،
لا يوجد به ما يحل هذه الازمة، علينا ان نصعد احتجاجاتنا"، لكن المزاج
في الساحة تراجع مقارنة بحالة الفوضى التي سادت على مدى اسبوع وقتل
خلالها اكثر من 100 شخص في القتال بين الموالين لصالح المسلحين جيدا
وبين المحتجين على نظامه المستمر منذ 33 عام، وقال رشاد الشرياعي وهو
جندي في الفرقة الاولى مدرعات الذي يقوده اللواء علي محسن الذي انشق
على صالح وايد معسكر المحتجين منذ مارس اذار "هناك هدوء قلق والناس لا
يعرفون ما يفعلون بعد ذلك"، واستطرد "لكنه (صالح) بحاجة الى توقيع
اتفاق سريع، بالتأكيد ستقع المزيد من الاشتباكات لانه حتى الان لا يفعل
شيئ، نحن مستعدون للجلوس هنا وحماية المحتجين، اذا كان يطلب الحرب
فسينالها".
ويتصدى اليمن لمتمردين في الشمال والجنوب بالاضافة الى جناح للقاعدة
متلهف على استغلال الفوضى، وقدمت السعودية جارة اليمن والولايات
المتحدة مساعدات لصالح لمحاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ
من اليمن مقرا له وتخشى الرياض وواشنطن من ان يؤدي فراغ السلطة الى
الاضرار بالمصالح الغربية في الخليج وممرات شحن النفط في البحر الاحمر،
ويتهم المحتجون صالح وعائلته والحكومة بالفساد على نطاق واسع وعدم
معالجة الفقر والفوضى في بلد يمتلك فيه شخص من بين كل اثنين سلاحا ناري،
وحثت دول غربية وخليجية صالح على انهاء حكمه والتوقيع على خطة لنقل
السلطة توسط فيها مجلس التعاون الخليجي، وقال دبلوماسيون بعد كلمة صالح
انه ليس هناك ما يشير الى استعداده للرحيل وتأمين انتقال سلمي للسلطة،
وقتل 450 شخصا على الاقل منذ بدء الاحتجاجات في يناير، واكد صالح في
كلمته قبوله لخطة نقل السلطة التي اقترحها مجلس التعاون الخليجي وقال
ان نائب رئيس الجمهورية يملك التفويض اللازم لاجراء المحادثات مع
المعارضة، وقال صالح في خطابه التلفزيوني "ولنتجه جميعا نحو الحوار
والتفاهم والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وانتخابات رئاسية
مبكرة"، وقال منظمو الاحتجاجات انهم ينوون تصعيد الاحتجاجات رغم
المخاطر، وقالت انتصار الهدالي ان الاحتجاجات سلمية وان المنظمين
يريدونها ان تبقى كذلك لكن عليهم ان يصعدوها واذا بدأت القوات الحكومية
في اطلاق النار ومهاجمة المحتجين فليفعلوا لانهم سيلحقون العار بأنفسهم
امام العالم. بحسب رويترز.
وحين حاول المحتجون توسيع منطقة الاعتصام في ساحة التغيير وساروا
صوب مناطق تسيطر عليها الحكومة وجدوا نفسهم محاصرين وسط اشتباكات عنيفة
بين القوات الحكومية والقوات التابعة لمحسن، لكن مئات المحتجين توجهوا
الى الساحة من شتى أنحاء صنعاء ومن بينهم 1000 امرأة على الاقل حملن
الاعلام، لكن القتال بين وحدات الجيش امتدت فيما يبدو خارج العاصمة
صنعاء وأعلنت وزارة الدفاع اليمنية عن مقتل اللواء عبد الله القليبي في
هجوم على قاعدة عسكرية خارج المدينة شنه رجال قبائل موالون للمعارضة،
وقال مصدر قبلي ان ثلاثة من رجال القبائل قتلوا أيضا خلال الهجوم الذي
وقع على اللواء الثالث والستين في منطقة نهم الجبلية للثأر لمقتل اثنين
من رجال القبائل، وأضاف ان الطائرات الحربية تقصف المنطقة، وقال علي
سيف حسن وهو محلل سياسي في صنعاء ان اليمن في حرب نظرا لكل هذه الاسلحة
المستخدمة وأوضح ان كل جانب يستخدم كل ما بوسعه من أسلحة، وعبر عن عدم
تفاؤله بعودة صالح وقال انه لا يتوقع اي شيء مبشر من الجانبين، وتزايد
قلق المحتجين اليمنيين تجاه نوايا صالح بعد ان قتل نحو 17 شخصا عندما
هاجمت القوات الحكومية مقر اعتصامهم في صنعاء حسب رواية شهود عيان
ومسعفين، وقالت ام انس (32 عاما) وهي مدرسة "شعرت بخيبة امل، تصورت بعد
كل هذا القتل والقتال انه (صالح) سيتقدم بلفتة مصالحة حقيقية لكنه زاد
الطين بلة"، ويتهم المحتجون صالح وعائلته والحكومة بالفساد على نطاق
واسع وعدم معالجة الفقر والفوضى في بلد يمتلك فيه شخص من بين كل اثنين
سلاحا ناريا.
الرقص على رؤوس الثعابين
من جهته شبه الرئيس علي عبد الله صالح ذات مرة حكم اليمن "بالرقص
على رؤوس الثعابين"، على مدى 33 عاما قاد صالح تلك الدولة الفقيرة عبر
حرب أهلية وانتفاضات وحملات لمتشددين وصراعات قبلية علاوة على الفقر،
ويبدو أن ايام الرقص قد ولت هذا العام في ظل احتجاجات شعبية حاشدة
استلهمت الثورات التي تجتاح العالم العربي، وقد وعد صالح مرارا بالتنحي
ليتراجع في اللحظة الاخيرة في كل مرة، ووقع انفجار في دار الرئاسة في
يونيو حزيران في محاولة اغتيال فيما يبدو مما أدى الى اصابته بجروح
خطيرة واضطره للتوجه الى السعودية المجاورة للتعافي، لكن صالح الداهية
نجح في العودة الى جحر الثعابين يوم الجمعة ووصل الى العاصمة صنعاء في
خطوة مفاجئة يقول محللون انها تزيد احتمال تكريس اعمال العنف ونشوب حرب
أهلية، وشهد اليمن احتجاجات شعبية تكثفت باضطراد ضد حكم صالح منذ يناير
كانون الثاني وبلغت ذروتها حين وقعت اشتباكات بين أفراد قبيلة حاشد
والقوات الموالية لصالح في العاصمة وغيره، وتحدثت الولايات المتحدة
بصراحة عن مخاوفها بشأن من قد يخلف صالح حليفها في الحرب ضد تنظيم
القاعدة بجزيرة العرب وهو جناح للقاعدة مقره اليمن، وتبين في الاونة
الاخيرة أن حكم صالح لا يتزعزع فيما يبدو، في العام الماضي ضغط أنصاره
من أجل اجراء تعديلات دستورية تسمح له بالترشح لولايات رئاسية بلا حد
اقصى مدة كل منها خمس سنوات، وسرت تكهنات على نطاق واسع بأنه يعد أحد
ابنائه ليكون خليفته المحتمل، لكن الانتفاضات الشعبية التي بدأت في
تونس في ديسمبر كانون الاول جاءت لتقضي على الخطط، وبعد سقوط الرئيس
التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك صعد عشرات الالاف من
اليمنيين احتجاجاتهم اليومية في العاصمة صنعاء وبدأ صالح يعرض تنازلات
شفهية، في البداية قال صالح انه لن يرشح نفسه لولاية رئاسية جديدة عام
2013 ونفى فكرة أن يخلفه ابنه ثم عرض اجراء استفتاء على دستور جديد
بحلول نهاية العام والانتقال الى "نظام برلماني" ديمقراطي.
لكن بعد مقتل 52 محتجا ومعظمهم سقطوا بنيران قناصة في مارس اذار
استقال عدد من كبار ضباط الجيش وشيوخ القبائل والدبلوماسيين والوزراء
او أعلنوا انضمامهم لصفوف المحتجين، وينتمى كثيرون الى قبيلتي الاحمر
وسنحان اللتين يرتبط صالح بصلة قرابة بهما وكان يعين أفرادهما في مناصب
عسكرية وحكومية مهمة، ومنذ ذلك الحين شارف ثلاث مرات على التوقيع على
اتفاق لنقل السلطة بوساطة دول خليجية ليتراجع في كل مرة في اللحظة
الاخيرة مما أطال من أمد المواجهة، وأصبح صالح حاكما لشمال اليمن عام
1978 في وقت كان الجنوب فيه دولة شيوعية منفصلة وقاد البلاد بعد دمج
الدولتين عام 1990، وتتكرر شكاوى معارضي صالح من أن اليمن تحت حكمه لم
يستطع توفير الاحتياجات الاساسية للشعب حيث يعيش اثنان من كل ثلاثة على
أقل من دولارين في اليوم، وتتراجع الثروة النفطية وتنفد المياه على
الرغم من بدء تصدير الغاز الطبيعي المسال عام 2009، لكن صالح استطاع أن
يحافظ على دعم القوى العربية والغربية، وبعد هجمات 11 سبتمبر ايلول
2001 على مدن امريكية تنبهت واشنطن الى أن اليمن مصدر للمقاتلين الذين
ينضمون لصفوف تنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن، وعلى الرغم من مولد
بن لادن في السعودية فان أصوله ترجع الى منطقة حضرموت باليمن، وتعاون
صالح مع السلطات الامريكية وشنت وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه)
هجوما ناجحا بطائرة بدون طيار استهدف شخصية مطلوبة، لكن بحلول عام 2007
كان المتشددون أعادوا تنظيم صفوفهم في اليمن وفي 2008 أعلنوا أن
جناحيهم في السعودية واليمن اتحدا تحت لواء القاعدة في جزيرة العرب.
بحسب رويترز.
ومنذ عام 2009 بدأ التنظيم يقوم بمحاولات اكثر جرأة لشن هجمات على
أهدف أمريكية وسعودية خارج اليمن فضلا عن استهداف السائحين الاجانب
داخله، في الوقت نفسه تمرد الحوثيين الشيعة على حكم صالح وبدأ
الجنوبيون الذين يشعرون أنهم مهمشون مسعى انفصاليا جديد، وردت السعودية
والولايات المتحدة وغيرهما من الحلفاء بزيادة الدعم المالي لتعزيز حكم
صالح، ولو كان صالح مقاتلا قوي العزيمة فانه ايضا صاحب كاريزما وتمتع
بشعبية في أوقات كثيرة وهو يفهم جيدا تفاصيل المجتمع اليمني، وولد صالح
في صنعاء عام 1942 وتلقى قسطا محدودا من التعليم قبل أن ينضم الى الجيش
كضابط صف، وكانت انطلاقته الاولى حين عينه الرئيس احمد الغشمي الذي
ينتمي لقبيلة حاشد التي ينحدر منها صالح حاكما عسكريا لتعز ثاني اكبر
مدينة في شمال اليمن، وحين قتل الغشمي في انفجار عام 1978 حل صالح محله،
وفي عام 1990 أدت مجموعة من الظروف الداخلية والاقليمية الى توحيد شمال
اليمن بقيادة صالح ودولة جنوب اليمن الاشتراكية في خطوة عارضتها
السعودية في البداية، وأثار صالح غضب الرياض لقربه من الرئيس صدام خلال
احتلال العراق للكويت في عامي 1990 و1991 مما أدى الى طرد ما يصل الى
مليون يمني من السعودية، وقبل الازمة كانت الكويت تقدم مساعدات مالية
لليمن، لكن القوى الغربية أشادت بصالح انذاك لاجرائه اصلاحات اقتصادية
وضعها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبذل الرئيس اليمني جهودا لجذب
المستثمرين الاجانب، وحقق صالح انتصارا كبيرا حين حاول الجنوبيون
الانفصال عن اليمن الموحد عام 1994 وازداد قربا من السعودية.
نجاة وزير الدفاع
الى ذلك نجا وزير الدفاع اليمني من تفجير انتحاري استهدف موكبه في
جنوب البلاد مؤخراً وتظاهر الاف المحتجين في شوارع العاصمة صنعاء
مطالبين بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح، وقال مسؤول محلي ان الانفجار
أسفر عن اصابة سبعة جنود في السيارة الاولى من موكب وزير الدفاع محمد
ناصر احمد علي في عدن لكن الوزير الذي كان في السيارة الثانية لم يصب
بأذى، ومنذ بدء الاحتجاجات الشعبية المناهضة لصالح في وقت سابق هذا
العام شدد الاسلاميون المتشددون الذين يشتبه في ارتباطهم بالقاعدة
قبضتهم على الجنوب واستهدفوا مرارا قوات الجيش ومسؤولي الامن، وتخشى
قوى دولية احتمال أن يؤدي شيوع الفوضى في اليمن الى زيادة جرأة تنظيم
القاعدة في جزيرة العرب وتعريض ممرات ملاحية حيوية للخطر، لكن قلقا
اكبر يتمثل في الهدوء الهش في العاصمة صنعاء حيث يقول مراقبون ان تصاعد
القتال بين قوات الحكومة وجنود منشقين يعرض البلاد لخطر حرب اهلية،
وتظاهر الالاف في شوارع صنعاء تعبيرا عن غضبهم من عودة صالح المفاجئة
الى اليمن بعد ان مكث ثلاثة اشهر في السعودية للعلاج من جروح أصيب بها
في محاولة اغتيال في يونيو حزيران، وفي وقت لاحق في المساء سمع سكان
صوت انفجار قالوا انه قادم من داخل مقر الامن المركزي في صنعاء وهي
قوات يعتقد انها شاركت في الاشتباكات التي وقعت مؤخر، ونفى مسؤولون
امنيون وقوع انفجار هناك، ومنذ عودة صالح هدأت حدة القتال لكن التوتر
شديد وتباطأت فيما يبدو أي مساع تبذل بشأن المبادرة الخليجية الخاصة
بنقل السلطة، ويتهم بعض المفاوضين الحزب الحاكم باستغلال تركز الانظار
على عودة صالح لتأخير اتفاق قالوا انه اوشك على الاكتمال قبل قتال
الاسبوع الماضي، وردد المتظاهرون "الشعب يريد بناء اليمن" ملوحين
بالاعلام اليمنبة ورافعين صور بعض قتلى احداث العنف الاخيرة والذي بلغ
عددهم 100 في أكثر الاحداث دموية اثناء الاحتجاجات المندلعة منذ ثمانية
أشهر. بحسب رويترز.
وقال ابو قاسم نصيري (65 عاما) الذي ذكر انه عاطل "هذه المفاوضات
السياسية لا تنتهي انهم يدمرون ثورتن، علينا ان نواصل الضغط، علينا ان
نغير النظام واعتقد ان هذا شيء يستحق الموت في سبيله"، وفي عدن قال
مسؤولون انهم اعتقدوا في باديء الامر أن القنبلة فجرت بالتحكم من بعد
لكن يبدو الان انه هجوم انتحاري، ووجد المحققون جثة شاب عمره 19 عاما
داخل سيارة انفجرت وخلصوا الى أنه مفجر القنبلة، وقال مسؤول أمني ان
أسلوب الهجوم يتسق مع أساليب القاعدة، وهذه هي المرة الثانية في شهر
التي ينجو فيها وزير الدفاع من الموت، فقد مر موكبه فوق لغم أرضي في 30
أغسطس اب في محافظة أبين حيث سيطر المتشددون المرتبطون بالقاعدة على
بضع مدن، وبعد ساعات من الهجوم شنت طائرات حربية ضربات جوية على ما
يعتقد انها مخابيء لمتشددين في زنجبار عاصمة محافظة أبين، وقال مسؤول
محلي ان 15 متشددا وجنديين قتلوا في القصف واشتباكات اعقبته على الارض،
وفجرت محاولة لتصعيد الاحتجاجات بدخول المحتجين الى مناطق تسيطر عليها
قوات الحكومة معارك عنيفة بين القوات الموالية لصالح وقوات اللواء
المنشق علي محسن الذي تعهد بحماية المحتجين، وهز قصف عنيف العاصمة
واختبأ السكان في منازلهم مع اندلاع المعارك في شوارعهم، ويخشى كثيرون
ان تزيد عودة صالح أعمال العنف في صنعاء وتعجل بانزلاق البلاد الي حرب
اهلية، لكن القتال هدأ رغم استمرار السواتر المقامة من أكياس الرمل في
الشوارع وانتشار المركبات المدرعة عند تقاطع معظم الطرق، وردد
المتظاهرون "سلمية سلمية لا نريد حربا اهلية" وهم يمرون أمام العشرات
من جنود قوات محسن المسلحين بالقذائف الصاروخية والاسلحة الالية، ولم
يسرع الهدوء النسبي في اليومين الماضيين المفاوضات بشأن المبادرة
الخليجية التي تراجع صالح عن توقيعها ثلاث مرات لكنه يفول انه ما زال
يفضلها كوسيلة لانهاء الازمة.
صالح لن يتنحى
من جهة اخرى قال الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في مقابلة مع
صحيفة أمريكية نشرت قريباً انه لن يتنحى الا اذا لم يتقلد خصومه مناصب
هامة وقد يعقد هذا الموقف من اتفاق تعثر كثيرا لنقل السلطة في البلاد،
وقال صالح لواشنطن بوست "اذا نقلنا السلطة وكانوا هناك (في السلطة)
فهذا يعني اننا استسلمنا لانقلاب"، وتشبث صالح بالسلطة رغم احتجاجات
بدأت قبل ثمانية أشهر تطالب بانهاء حكمه المستمر منذ 33 عاما ورغم
محاولة فاشلة لاغتياله في يونيو حزيران مما استدعى نقله الى السعودية
للعلاج بعد اصابته بحروق خطيرة، وأوقفت عودة صالح المفاجئة لليمن
المفاوضات حول خطة لنقل السلطة توسطت فيها دول خليجية وظهرت مجددا على
السطح رغم أعمال عنف استمرت لايام في صنعاء، وقتل أكثر من مئة شخص في
أعمال عنف هزت صنعاء لاسبوعين، واشتبكت القوات الحكومية مع قوات اللواء
علي محسن وأنصار الزعيم القبلي صادق الاحمر اللذين انضما الى صفوف
المعارضة، ويريد صالح أن يحرم محسن الذي كان انشقاقه في مارس اذار ضربة
قوية لنظامه والاحمر وشقيقه حميد الاحمر من تولي مناصب مهمة، وقد يكون
هذا الامر صعبا لان حميد الاحمر عبر عن تطلعه للرئاسه كما يقود محسن
قوة كبيرة في شتى أنحاء اليمن، ويبحث دبلوماسيون خطة تبعد فيها عائلة
صالح ومحسن والاحمر عن المشهد بل وربما يغادرون البلاد، وعبر محسن عن
موافقته، وقال صالح ان حزبه لا يسعى لابطاء الاتفاق وألقى اللوم على
المعارضة في التأخير، وأضاف أنه لن يخوض انتخابات مبكرة تضمنتها خطة
الانتقال الخليجية. بحسب رويترز.
وقال صالح في المقابلة "بالنسبة لي سأتقاعد بما أن المعارضة ساعدت
على تقريب الرئيس من التقاعد من خلال العمل الاجرامي الذي وقع في مسجد
قصر الرئاسة"، وأشار صالح الى ان أفرادا من قبيلتي محسن والاحمر يمكن
أن يكونوا ضالعين في التفجير الذي تعرض له وأدى الى اصابته بحروق خطيرة
وقال انهم قد يمثلون للمحاكمة بعد ظهور نتائج تحقيق تجريه الولايات
المتحدة في الهجوم، وحث صالح الذي أحجم عن التوقيع على المبادرة
الخليجية ثلاث مرات المجتمع الدولي على التحلي بمزيد من الصبر الى حين
التوصل لاتفاق وأشار الى أن غيابه عن المشهد سيزيد من قوة الاحزاب
الاسلامية والجناح الاقليمي لتنظيم القاعدة ومقره اليمن، وتخشى القوى
الاجنبية من تنامي الاضطرابات في البلد المجاور للسعودية حيث توجد أكبر
احتياطيات للنفط في العالم، وسيطر متشددون اسلاميون على عدة مدن في
محافظة يمنية تقع شرقي ممر شحن رئيسي، وقال صالح "لكن ما نراه هو أننا
نتعرض لضغوط من أمريكا والمجتمع الدولي للاسراع في عملية تسليم السلطة،
ونحن نعلم الى أين ستذهب السلطة، ستذهب الى القاعدة التي تربطها صلات
مباشرة وكاملة بالاخوان المسلمين"، وتتهم جماعات المعارضة صالح بالسماح
بزيادة قوة المتشددين لاثارة مخاوف الغرب واقناعه بأنه أفضل دفاع ضد
القاعدة.
انتقاد للدعوة الأمريكية
في سياق متصل قال مسؤول يمني ان الولايات المتحدة اظهرت عدم
احترامها للديمقراطية ولشركائها في مكافحة الارهاب بتجديدها الدعوة
لتنحي الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بعد ساعات من مقتل انور العولقي
بمساعدة يمنية، ووجهت واشنطن دعوتها لصالح بالتنحي في ذات اليوم الذي
أعلنت فيه أن طائرة بدون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية
الامريكية قتلت العولقي وهو رجل دين امريكي المولد يتحدث الانجليزية
بطلاقة في محافظة الجوف بشمال اليمن، وذكرت مصادر امنية يمنية انه حصلت
على المعلومات التي اتاحت شن الغارة من احد نشطاء القاعدة المعتقلين،
وقال البيت الابيض ان قتل العولقي لم يغير مطلبه بتوقيع صالح على خطة
تقضي بتنحيه عن السلطة، ورفض صالح مرارا التوقيع علي اتفاق لانتقال
السلطة ابرم بوساطة خليجية على مدار ثمانية اشهر من الاحتجاجات لانهاء
حكمه القائم منذ 33 عام، وقال نائب وزير الاعلام عبده الجنادي ان دعوة
البيت الابيض للرئيس بالتنحي عن السلطة فورا عقب نصر كبير مثل مقتل
العولقي ينم عن عدم احترام الامريكيين لمن يتعاونون معهم، ويقول محللون
ان صالح كان شريكا متقلبا للغرب في الحرب على تنظيم القاعدة في جزيرة
العرب وهو جناح القاعدة في اليمن ويساعد أحيانا الجهود التي تقودها
الولايات المتحدة ويستغل في أحيان أخرى كما يقول منتقدوه تهديد
المتشددين لكسب المزيد من التأييد من الخارج، وقال الجنادي ان الرئيس
صالح رئيس منتخب وانه عانى كثيرا من الحرب ضد الارهاب التي دعاه
الامريكيون ليكون شريكا فيه، وقال ان موقف الامريكيين ينم عن عدم
احترام للديمقراطية.
واعتبر يمنيون كثيرون عودة صالح من السعودية حيث كان يعالج من
اصابته في محاولة اغتيال في يونيو حزيران نذير شؤم لاي خطة لنقل السلطة،
وعصف العنف بالبلاد في الاسابيع القليلة الماضية حيث اندلع القتال بين
القوات الموالية لصالح وتلك الموالية للمعارضة، وقالت المعارضة ان قصف
منطقة سكنية في تعز جنوبي العاصمة اليمنية أدى الى مقتل مدني واصابة
ثلاثة اخرين، وقال محتجون ان مقتل العولقي بعد أيام من عودة صالح
مؤامرة أخرى من صالح للتشبث بالسلطة، وقال محمد صبري وهو متحدث باسم
المعارضة ان مقتل العولقي يقدم أدلة أخرى على أن صالح يستخدم قضية
الارهاب من أجل بقاء نظامه، ولكنه قال ان المعارضة لا تعتقد أنه سيكون
للعملية تأثير على مستقبل صالح السياسي وانما تشعر أن الاتفاق سيصل الى
غايته، ونفى مسؤولون امنيون يمنيون تقارير اعلامية عن مقتل ابراهيم
العسيري السعودي المتخصص في صنع قنابل مع العولقي، ويعتقد ان العسيري
صنع متفجرات استخدمت في محاولتين فاشلتين لتفجير طائرتين في طريقهما
للولايات المتحدة من جانب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وقال الجنادي
في مؤتمر صحفي ان والد العولقي سيتسلم رفاته، وتابع قائلا انها ليست
جثة وانما أشلاء وان الحكومة اليمنية لن تتدخل في المراسم الاخيرة، وفي
الجوف قال أصدقاء وأقارب لعائلة العولقي انهم ليسوا متأكدين من كيفية
تشييع رجل وصفته الولايات المتحدة بأنه "ارهابي عالمي". بحسب رويترز.
وقال صديق للعائلة "نعتزم انتشال رفات العولقي ودفنها ولكن لم نقرر
بعد ما اذا كما سنقيم مراسم عزاء رسمية"، وقال زعيم في عشيرة العولقي
ان وفدا من العشيرة ذهب الى الجوف للتأكد من مقتل الداعية الامريكي من
أصل يمني، وفي الجنوب قال مسؤول عسكري يمني ان الجيش قتل 20 متشددا
مرتبطين بالقاعدة في جزيرة العرب في قتال بالقرب من مدينة زنجبار بعد
أن استعاد الجيش السيطرة على العاصمة الاقليمية من المتشددين الشهر
الماضي، وأضاف أن ستة جنود قتلوا أيضا في الاشتباك، ويحاول الجيش
الاحتفاظ بالسيطرة على العاصمة الساحلية لمحافظة مارب الجنوبية التي
تقع الى الشرق من ممر ملاحي استراتيجي، وسيطر الجيش على عدة مدن في
المنطقة، وفي مدينة الجار التي يسيطر عليها المتشددون قال سكان ان
طائرات حربية يمنية قصفت مرتين مستشفى يسيطر عليه مسلحون، وأضافوا أن
سحبا من الدخان انبعثت من المبنى وأخرجت منه خمس جثث على الاقل، وقال
تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في بيان وضع على مواقع الكترونية اسلامية
انه نصب كمينا للقوات أثناء اشتباك عنيف في زنجبار في منتصف سبتمبر
أيلول وانه يقف وراء ثلاثة تفجيرات استهدفت مبان تابعة لشرطة الامن في
مدينة عدن الساحلية الجنوبية وفي مناطق قريبة وانه يقف وراء هجمات أخرى،
وتخشى الولايات المتحدة والسعودية المجاورة لليمن من أن يشجع عدم
الاستقرار في اليمن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على شن هجمات في
المنطقة وخارجها.
موقف الدول الغربية
على صعيد مختلف قال دبلوماسيون ان الدول الغربية تأمل في تكثيف
الضغط على الرئيس اليمني للتنحي عن السلطة من خلال مشروع قرار مقترح في
مجلس الامن في وقت يتزايد فيه الاحباط بسبب اخفاق محادثات نقل السلطة،
وأصيب اليمن بحالة من الشلل بسبب اكثر من ثمانية أشهر من الاحتجاجات
المطالبة بانهاء حكم الرئيس علي عبد الله صالح المستمر منذ 33 عاما مما
فجر اشتباكات دموية في انحاء البلاد بين القوات الموالية لصالح واولئك
الذين انضموا للمعارضة، وأثار القتال العنيف الذي شهدته صنعاء مؤخراً
مخاوف من جر الدولة الواقعة في شبه الجزيرة العربية الى حرب أهلية في
حين استولى متشددون تابعون للقاعدة على اجزاء من محافظة جنوبية تقع
شرقي ممر كبير للشحن الدولي، وقال دبلوماسي غربي كبير في صنعاء "قرر
المجتمع الدولي اننا بحاجة الى زيادة الضغط الان"، وأضاف "لم يتخذ أي
قرار بعد حول شكل القرار الذي ربما نسعى اليه، لكننا في حاجة الى تخطي
مرحلة البيانات في الوقت الراهن"، وابلغ عدة دبلوماسيين غربيين في
نيويورك رويترز بأن الامريكيين والبريطانيين والفرنسيين يضعون الخطوط
العريضة لمشروع قرار محتمل يدعو اليمن للتمسك بخطة نقل السلطة التي
توسطت فيها دول الخليج، وتراجع صالح ثلاث مرات عن التوقيع على اتفاق
نقل السلطة مما اثار المخاوف من زيادة حدة الاضطرابات التي قد تقوي
شوكة المتشددين وتزيد من حالة عدم الاستقرار على مقربة من المملكة
العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، وقال دبلوماسي اخر في
صنعاء "الفكرة تتمثل في ابقاء اليمن تحت الضغط، هذا سيضع جانبي الصراع
تحت المجهر"، وقال دبلوماسيون في نيويورك ان الولايات المتحدة
وبريطانيا وفرنسا لم تطلع روسيا والصين العضوين الدائمين الاخرين في
مجلس الامن على الخطوط العريضة لمشروع القرار المقترح، وليست هناك اي
دلائل واضحة على ان موسكو وبكين على استعداد لدعم قرار من هذا النوع في
المجلس. بحسب رويترز.
وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه "لا نريد البدء في التعامل مع
اليمن قبل أن يوافق المجلس على شيء بشأن سوريا"، وقال دبلوماسيون بمجلس
الامن ان الاعضاء الاوروبيين بالمجلس يحاولون منذ ايام اقناع روسيا
بقبول قرار مخفف بشأن سوريا يهدد باتخاذ "اجراءات موجهة" ضد دمشق اذا
لم توقف حملتها ضد المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية دون تهديد صريح
بفرض عقوبات في الامم المتحدة، وأصدر مجلس الامن بيانا بشأن اليمن في
اواخر يونيو حزيران عبر عن "القلق العميق" إزاء الوضع هناك ورحب "بجهود
الوساطة المستمرة من مجلس التعاون الخليجي لمساعدة الاطراف في التوصل
الى اتفاق للمضي قدما"، وقال دبلوماسيون غربيون ان البيان جاء بعد أشهر
من الخلاف بشأن اليمن نتيجة اعتراضات روسيا والصين ازاء ما اعتبرناه
تدخلا في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، وفي نفس الوقت تضغط
الولايات المتحدة والسعودية على صالح لتسليم السلطة لنائبه، واتهمت
المعارضة الحكومة بابطاء المحادثات بعد عودة صالح المفاجئة، ويقول
الكثير من الدبلوماسيين المشاركين في المفاوضات ان الجانبين عالقان في
دورة متصلة من اتفاقات شبه مكتملة وغالبا ما يتم اعاقتها بسبب تصاعد
وتيرة العنف، وقال دبلوماسي كبير اخر "اعتقد ان الجانبين يعرفان اهمية
هذا ومع ذلك فانهما لا يسارعان الخطى على امل ان هناك شيئا افضل
بانتظارهما"، وعبر مسؤولون بالحزب الحاكم بشكل غير علني عن القلق بسبب
من زيادة الضغط اذا تسلط الضوء عليهم في مجلس الامن، وقال المحلل
اليمني علي سيف حسن ان هذا سيكون مصدر قلق بالغ للحكومة مشيرا الى انه
ليس القرار الاول الذي يعبرون عن القلق بشأنه والمرجح ان يكون بسيط،
وقال انها المرة الثانية وان القادم سيكون اسوأ وسيمثل ضغوطا كبيرة،
ومن المقرر ان يعود مبعوث الامم المتحدة جمال بن عمر الذي يتوسط بين
المعارضة والحكومة الى نيويورك لاطلاع مجلس الامن على نتائج مهمته،
وقالت بعض المصادر انه قد يقترح صدور قرار بعد ذلك بفترة وجيزة اذا بدا
ان المفاوضات في صنعاء وصلت الى طريق مسدود. |