من شانقة ليبيا الى شيخة البحرين... جرائم بطلاتها نساء البلاط

نوره بنت إبراهيم وهدى بنت عامر وجهان لعملة واحدة

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بعد ان فشل رجالات آل خليفة في كبت أصوات المنفضين على سياسة الفساد المتبعة، والحد من عناد المطالبين بالإصلاح، سخرت السلطات هناك كما تتوارد الانباء من داخل المعتقلات البحرينية نساء من البلاط الملكي لمساعدتهم، عبر تكليف إحدى أميرات العائلة الحاكمة بإجراء عمليات التعذيب والتنكيل بحق المواطنات البحرينيات المعتقلات لاسباب سياسية.

وراجت مع بداية الربيع العربي الكثير من قصص التعذيب التي تصدرت بعض النساء بطولاتها، واتسمت بالوحشية والهمجية المفرطة للنيل من المطالبين بالاصلاح، حيث برز اسم الشيخة نورة بنت ابراهيم في البحرين، احدى أميرات البلاط كرديف للشانقة هدى بنت عامر في ليبيا، والتي كانت مقربة للقذافي، وقد أقبلت كل منهما على عمليات تعذيب وانتهاكات واسعة بحق من سقط بين يديهن.

ويسجل التاريخ لهدى بنت عاملة أن مشاركاتها العنيفة بدأت باكرا، ولم تكن أتمت 21 سنة من عمرها بعد، ففي 1973 شاركت في الزحف على الإذاعة ببنغازي، كما في الحملات ضد الطلاب من 1972 إلى 1985 وغيرها، إضافة إلى مشاركتها في "حملة الإرهاب" التي تلت أحداث مايو 1984 الشهيرة، وهي الأحداث التي توجتها على عرش الفتك والتنكيل، خصوصا يوم إعدام الطالب الليبي الصادق الشويهدي، وكان يومها بعمرها تماما، أي 30 سنة.

وهو ذات الامر يتكرر مع الشيخة نوره، التي لم تدخر جهدا في عمليات التعذيب التي كشف عنها المعتقلون والمعتقلات في السجون البحرينية، سيما وهي تتفنن في انتهاك الحقوق الانسانية والمدنية، مثل التعذيب بواسطة الصعق الكهربائي، والضرب بالعصي والانابيب البلاستيكية، الى جانب تعمدها بأذلال كل من يقع فريسة بين يديها.

وشنت قوى الامن البحريني حملة اعتقالات واسعة للنساء، أملا في كبح الانتفاضة الشعبية القائمة، بعد ان أجهض المحتجون معظم محاولات السلطة في انهاء الاحتجاجات المندلعة منذ شهور، والتي سقط خلال العشرات من القتلى والجرحى، فضلا عن اعتقال المئات من مواطني تلك الدولة الصغيرة.

التعذيب النساء

فقد نشرت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية مقالا لمراسلها هيو توملينسون يتناول حكايات المعذبين والمعذبات على ايدي احدى اميرات البحرين والتي انهالت على المعتقلين من رجال ونساء بالضرب بالعصي والخراطيم المطاطية.

"اتهمت أميرة بحرينية بالتورط في تعذيب المعتقلين خلال عمليات قمع اعمال المتظاهرين ضد الحكومة البحرينية في وقت سابق من هذا العام. وادعى عدد من الاطباء من الجنسين ممن صدرت ضدهم احكام مطولة بالسجن لوقوفهم الى جانب المحتجين الشيعة ضد حكم آل خليفة ان الشيخه نوره بنت ابرهيم ال خليفة انهالت على السجناء بالضرب مستخدمة العصي والخراطيم المطاطية، ومارست عمليات الصدمات الكهربية في وجوههم.

وقد اثارت قضية الاطباء تنديدات دولية ضد حكومة البحرين. وكان افراد الخدمات الطبية قد ذكروا ايضا انه تعرضوا للتعذيب اثناء الاحتجاز واجبروا على توقيع اعترافات مزورة.

وتعمل الاميرة نوره برتبة ضابط شرطة سرية في ادارة مكافحة المخدرات. وقد ولدت من الجيل الثالث للعائلة الملكية ويعتقد انها من اقارب الملكة سبيكه بنت ابرهيم آل خليفة.

وقد رفض ناطق بلسان هيئة المعلومات البحرينية التعليق على ادعاءات الاطباء، لكنه ذكر ان كل المظالم التي يقال ان قوات الامن قامت بارتكابها خلال الاضطرابات تخضع للتدقيق امام هيئة مستقلة لحقوق الانسان امر بتشكيلها الملك حمد بن عيسى آل خليفة في حزيران (يونيو). ولم تنجح اي محاولة للاتصال مباشرة بالاميرة للتعليق على تلك الاقوال.

وكانت الاميرة نوره قد اتهمت بتعذيب عدد من الاطباء من الذكور والنساء. وادعت ندى ضيف (36 سنة) التي صدر ضدها حكم بالسجن 15 عاما، ان الاميرة شاركت في التحقييق معها في آذار (مارس). وقالت ضيف: "لقد صفعتني وانهالت علي بالضرب ونعتتني بانني خنزيرة شيعية. وقد وضعت كابلا في اذني وصعقتني بالكهرباء".

كما ذكرت ضيف انها كانت مغمضة العينين خلال عملية التعذيب، لكنها قالت انه لم يكن في الغرفة الا صوت امرأة واحدة كان الحرس من الرجال يصفونها بـ"الشيخه". واضافت: "بعد انتهاء التحقيقات، نزعت عصابة العينين عني، وتعرفت عليها".

اما فاطمة حاجي (32 سنة ) وكانت محتجزة ايضا، فقالت انها تعرضت لعمليات ضرب مؤلمة بعد القاء القبض عليها في نيسان (ابريل)، وان الاميرة بحثت في محتويات هاتفها الجوال "بلاك بيري" وعثرت على رسالة اليكترونية مرسلة الى هيئة "هيومان رايتس ووتش" تتعلق بفصلها من عملها. "صاحت في وجهي قائلة كيف تجرئين على تشويه سمعة بلادي؟ ثم استخدمت الصدمات الكهربائية في وجهي"، وقد صدر الحكم ضدها بالسجن خمس سنوات لدورها المزعوم في الاحتجاجات المناوئة للحكومة.

وقالت حاجي انها فقدت النظر لفترة قصيرة بعد تكرار الصدمات الكهربائية وان الحرس اعتدوا عليها جنسيا. وقالت كل الطبيبات انهن هددن بالاغتصاب خلال التحقيقات. وذكرت جماعات حقوق الانسان البحرينية ان الاميرة عذبت فتاة شابة اودعت السجن لقراءة ابيات من الشعر تنتقد ملك البحرين خلال الاحتجاجات.

وقد صدر الحكم على آيات القرموزي (20 سنة) وهي شاعرة وطالبة، بالسجن لسنة واحدة امام محكمة عسكرية بتهمة كراهية العائلة الملكية بقراءتها لانتاجها في تظاهرة تنادي بالديمقراطية. وقد اطلق سراحها في تموز (يوليو) ضمن جهود التهدئة التي بذلها الملك حمد. بحسب رويترز.

وكان معظم افراد الخدمات الطبية المدانين يعملون في مستشفى السليمانية في وسط العاصمة المنامة. ويقع المستشفى حيث عولج معظم المصابين عندما سحقت قوات الامن المظاهرات المناوئة للحكومة في ميدان اللؤلؤة القريب، مركز الاضطرابات. وقد قتل 35 شخصا على الاقل.

وكانت هناك ادعاءات في المحكمة بان الاطباء سيطروا على المستشفى، واحتجزوا رهائن واستخدموا سيارات الاسعاف لنقل الاسلحة والذخيرة الى المحتجين. ولم تكن الاميرة نوره المسؤولة البحرينية الوحيدة التي اتهمت بالاساءة الى حقوق الانسان خلال عملية القمع. اذ ادعت طالبات ان كبار ضباط الشرطة هددوهن بالاغتصاب.

وقال ناطق بلسان الحكومة البحرينية ان "مملكة البحرين لا تقر الاساءة الى حقوق الانسان. واننا نشعر بقلق شديد تجاه ما قيل من سوء المعاملة او التعذيب ضد افراد الخدمات الطبية وأخرين ممن يواجهون القضاء بتهم ارتكاب جرائم".

وتقوم لجنة تابعة للامم المتحدة برئاسة شريف بسيوني، الخبير الدولي في جرائم الحرب، بالتحقيق في حوادث الاساءة لحقوق الانسان. ومن المقرر ان تصدر اللجنة تقريرها النهائي في نهاية الشهر الحالي.

كما ان من المقرر ان تعقد محكمة مدنية جلسة خاصة في 23 تشرين الاول (اكتوبر) الحالي لسماع استئناف الاطباء ضد الاحكام الصادرة بحقهم. وهم لا يزالون قيد الكفالة، وينكرون التهم الموجهة اليهم.

وكانت جمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي في المملكة قالت ان قوات الامن البحرينية اعتقلت في المنامة اكثر من 40 امراة واساءت معاملتهن وضربتهن لاحتجاجهن على الانتخابات التشريعية الجزئية التي نظمت. كما نددت العديد من الجهات والمنظمات بما اعتبروه ممارسات تماثل ممارسات الإرهاب الأميركية في غوانتانامو وأبو غريب.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/تشرين الأول/2011 - 10/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م