يتفنن جند ابليس من الجنة والناس بصور نشر الرذيلة والفساد في
المجتمعات وخاصة الدينية والمحافظة منها، ولهذا نلاحظ عاما بعد آخر
اتساع مساحة مصاديق هذه الصور التي من شأنها الاسهام بشكل كبير بإشاعة
ثقافة الانحلال والتميّع في المجتمعات المحافظة والاسلامية.
ولعل من ادوات او اسلحة الابالسة البشرية التي تسهم الى حد كبير في
اشاعة ونشر الرذيلة في المجتمعات الاسلامية المحافظة، إنشاء مواقع
اليكترونية على الشبكة العنكبوتية (الانترنيت) مفتوحة ومتاحة لجميع
الاعمار ولكلا الجنسين، وكذلك غزو السوق بملابس تكشف اكثر مما تستر
وخاصة ملابس الفتيات وغيرها من الصور الاخرى التي يطول الحديث عنها.
لكني اود اليوم التركيز على مفصل مهم جدا، بل هو في بالغ الاهمية،
الا وهو الدور الذي تضطلع به بعض شركات الاتصال المتنقلة في العراق من
خلال توفيرها خدمات لمشتركيها تكاد تعتبر من افضل الوسائل والطرق التي
يستغلها المراهقون والمراهقات وخاصة اولئك الذين يعيشون في بيئة
اجتماعية لم توفر لهم عناصر الحصانة الاجتماعية والدينية.
فمما يؤاخذ على هذه الشركات توفيرها خدمة الاتصال بعد انتصاف الليل
وحتى صباح اليوم الثاني، حيث تكوت تعرفة او كلفة الاتصال متواضعة جدا
الى درجة تكاد تكون شبه مجانية.
وهذا مما يجعلنا نتصور ماذا يعني ان يجلس مراهق او مراهقة بعيدين عن
الآباء او الامهات او الاخوة والاخوات، يجلسون بمفردهم يتحدثون في خلسة
وبعيدا عن الانظار، شاب مراهق وشابة ومراهقة والشيطان ثالثاهما في ظلام
دامس وهدوء مطبق، ما الذي سيدور بينهما يا ترى؟!.
انا اعتقد ان شركات الاتصالات المتنقلة في العراق مسؤولة مسؤولية
كبيرة امام الله والمجتمع عما تسهمه بتوفير بعض الاجواء التي لا يمكن
ان يستغلها الا المراهقون والمراهقات بل حتى كبار السن البعيدين عن
الدين والقيم والضوابط الاخلاقية، ليعيشوا اجواء مريبة لا يمكن ان
نتصورها بغير هذه الصورة.
وهذا يجعلنا نتساءل.. ما الداعي الذي يجعل هذه الشركات توفر مثل هذه
الخدمات شبه المجانية؟، ولماذا يتم اختيار هذا الوقت المتأخر من الليل
دون غيره؟، ولماذا تلمّح بعض الشركات من خلال تسمية بعض شرائح الاتصال
بـ (خط الشباب)؟
وغيرها من التساؤلات التي تستدعي وقفة جدية للنظر بها واجراء
اللازم بخصوصها من الاسرة اولا ومن ثم هيئة الاتصالات المسؤولة عن
الإشراف على عمل هذه الشركات، كما لا ننسى دور المرجعيات الدينية
ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية فتضافر الجهود في مثل هذه
الظاهر الاجتماعية مطلوبة وحاجة اجتماعية انسانية ملحة.. |