شبكة النبأ: أخيرا أدركت الأنظمة
العربية حجم الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في التأثير سلبا أم إيجابا
في الرأي العام، كما تبين فشل السلطات في تلك الدول باحتواء أزماتها من
خلال إعلامها المسيس الفاقد للمصداقية، والذي تململت منه شعوب المنطقة
أسوة بالأنظمة الحاكمة.
ليطوي الربيع العربي وثوراته الناجحة في بعض تلك البلدان صفحة
الإعلام الرسمي الموالي للسلطة، ويتبلور خلال الفترة القصيرة الحالية
طرح يتمتع ببعض الحيادية في معالجة الشؤون السياسية والاجتماعية وبشكل
قد يتسم بالتوازن.
فيما كان الأمر دافعا لبعض الجهات الى تبني وسائل إعلام جديدة يهدف
الى تتبني طرح يستقطب المتابع العربي والدولي، أملا في ملئ الفراغ
الشاسع الذي كان سائدا، بالإضافة الى الحد من هيمنة قناة الجزيرة
القطرية واسعة الانتشار، التي باتت تعاني بدورها من فضائح وأزمات بعد
انكشاف سياساتها اتجاه بعض القضايا العربية.
قناة إخبارية جديدة
فقد أعلن رجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال خططا لاطلاق
قناة تلفزيونية اخبارية تعمل 24 ساعة يوميا. ومن المتوقع أن يبدأ بث
قناة العرب التلفزيونية الجديدة في نهاية عام 2012 وأن تستهدف
المشاهدين العرب في الشرق الاوسط وخارجه. والقناة الجديدة مملوكة ملكية
خاصة للامير الوليد بن طلال رئيس مجلس ادارة شركة المملكة القابضة
ومالك مجموعة روتانا الاعلامية.
وذكر الامير الوليد لممثلي وسائل الاعلام في مؤتمر صحفي في الرياض
أن القناة الجديدة لن تقدم إلا برامج إخبارية. وقال "نحن قناة العرب..
ستكون يعني قناة مستقلة استقلالا مطلقا وتعتمد على أموالها الذاتية."
وكانت قناة الجزيرة أول قناة تلفزيونية اخبارية عربية تبث برامجها على
مدار ساعات اليوم الأربع والعشرين. واجتذبت الجزيرة في البداية قاعدة
عريضة من المشاهدين كأول بديل للقنوات التلفزيونية التي تديرها
الحكومات واشتهرت ببرامجها الحوارية وانتقاد الاوضاع في العالم العربي.
وتلت الجزيرة قنوات تلفزيونية أخرى مثل العربية المملوكة لسعوديين
والحرة التي تمولها الحكومة الامريكية. وكثيرا ما تعرضت الجزيرة
لانحيازها لمموليها أفراد الأسرة الحاكمة في قطر. وذكر الامير الوليد
ان القناة الجديدة لن يكون لها "تبعية لاية دولة كانت وبالتالي نتوقع
نحن أن يكون المشاهد العربي يعطيها احتراما كبيرا لانها ستعطي الخبر
كما هو بصراحة وبصدق وموضوعية وتعطي المجال للرأي الاخر." بحسب رويترز.
ولمح الامير الوليد الى أن القناة لن تخضع للتأثير الاعلامي الغربي
ولن تسعى الى تقليد القنوات العربية التي تبث من الغرب ولكنها ستطور
أسلوبا صحفيا عربيا. وقال "نحن منافسينا سيكون الجزيرة والعربية وليس
الحرة وليس بي بي سي العربية."
ولم يحدد بعد مكان مقر قناة العرب لكن من الاماكن المحتملة المنامة
والدوحة ودبي وأبو ظبي وبيروت. وفي عام 2010 صنفت مجلة فوربس الامريكية
الامير الوليد ضمن أغني 19 شخصا في العالم حيث بلغ صافي ثروته 19.4
مليار دولار. وهو شخصية تتمتع بنفوذ قوي في الشرق الاوسط واختير
الشخصية العربية الاقوى نفوذا في عالم الاعمال العربي هذا العام.
وقال الامير الوليد "الخطة المبدئية اللي (التي) هي الميزانية
للعشرة سنوات القادمة اعتمدت ورصدت الاموال لها بالكامل بطبيعة الحال..
طبعا تلك الميزانية تعتمد على انه نحن حتى لو لا يوجد اعلان واحد في
التلفزيون.. ستستمر."
وستعمل القناة بدعم من قناة بلومبرج المتخصصة في الاخبار المالية
والاقتصادية. وستقدم بلومبرج مساعدة أولية لقناة العرب خلال مرحلة
الانطلاق وستخصص لبلومبرج مساحة لبث تقارير مالية. وقال الامير الوليد
"وجود بلومبرج فقط لاعطاءنا دعم ودفع خلفي والاستعانة بكل مكاتبهم في
العالم لاخذ المعلومة العالمية سواء كانت السياسية أو الاقتصادية او
المالية ووضعها في قناتنا وح (سوف) يكون لهم حيز يصل لاربعة او خمس
ساعات يوميا باعطاء نشرة اقتصادية مالية." ورشح الصحفي السعودي جمال
أحمد خاشقجي لرئاسة القتاة الجديدة. وخاشقجي خبير في الاسلام السياسي
وله آراء إصلاحية مهمة في المناقشات مع الحكام السعوديين.
قنوات تلفزيونية خاصة في الجزائر
في سياق متصل اعلن وزير الاتصال الجزائري ناصر مهل ان القنوات
التلفزيونية الخاصة سترى النور في 2012 بعد قرار الحكومة رفع احتكار
دام 50 سنة لقطاع السمعي بصري، في اطار اصلاح سياسي في مواجهة ثورات
الربيع العربي.
وقال ناصر مهل لصحيفة الخبر حول البرنامج الزمني لتطبيق قرار
الحكومة فتح القطاع السمعي بصري للاستثمار الخاص "حسب رأيي قد نرى
قنوات خاصة في 2012". وعن الجدول الزمني لاعداد قانون السمعي البصر،
قال وزير الاتصال "سنباشر في اعداده نهاية الشهر الجاري ومن الممكن جدا
ان يعرض على البرلمان خلال الدورة الخريفية الحالية بعد مصادقة مجلس
الوزراء".
وصادق مجلس الوزراء على مشروع قانون جديد للاعلام يفتح القطاع
السمعي بصري للمنافسة. كما ينص على انشاء هيئة لضبط عمل المحطات
الاذاعية والقنوات التفزيونية. وكان كمال عمارني الامين العام للنقابة
الوطنية للصحافيين اكد انه لا يوجد في القانون "جديد حول القطاع السمعي
البصري مقارنة بالقانون الحالي".
واضاف "في كل الاحوال الكلمة الاخيرة ستكون للسلطات العمومية يعني
للحكومة فهي التي تقبل وترفض طلبات فتح المحطات الإذاعية وقنوات
التلفزيون". وطمأن مهل المتخوفين من "نوايا" السلطة وجديتها في اصلاح
قطاع الإعلام بالقول ان "ما هو مقترح للإعلام يدخل ضمن إصلاحات سياسية
نعمل جاهدين على منحها المصداقية الكاملة". وأضاف "اتركونا نعمل ولا
يجب استباق الأحداث". بحسب فرانس برس.
وكان الرئيس عبد العزيز بو تفليقة وعد بهذه الإصلاحات في نيسان/ابريل
لتهدئة الشعب ولصد رياح ربيع الثورات العربية. وتحدث الوزير الاتصال
الجزائري عن الاستعانة بالصحافي المشهور ومقدم نشرة الاخبار الرئيسية
في القناة الفرنسية الثانية رشيد أعراب لاعداد دفتر الشروط للاستثمار
في فتح قنوات تلفزيونية او محطات إذاعية خاصة.
وقال بخصوص دفتر الشروط "سنشرع فيه قريبا واستعنا بأحد الكفاءات
الجزائرية في مجلس السمعي البصري الفرنسي وهو رشيد اعراب". ومنذ قرار
الحكومة فتح القطاع السمعي بصري اعلن رجال اعمال وملاك صحف ومثقفون
نيتهم طلب تراخيص انشاء قنوات تلفزيونية بمجرد الانتهاء من وضع الاطر
القانونية لذلك.
مؤسسة نفع عام
الى ذلك كشفت قناة الجزيرة القطرية بعد تعيين مدير عام جديد لها عن
ملامح خططها التوسعية مستقبلا في ظل تحويلها الى «مؤسسة خاصة ذات نفع
عام» مشيرة الى انها تستعد «للدخول بفاعلية كلاعب رئيسي على الصعيد
الدولي».
واكد بيان صدر عنها «صدور قرار أخيرا بتحويلها الى مؤسسة خاصة ذات
نفع عام بهدف تطوير هياكلها لتلائم التوسع الكبير» كما ان تعيين مدير
جديد «يأتي في اطار تأهيلها مؤسساتيا للدخول بفعالية كلاعب رئيسي على
الصعيد الدولي».
وقد عينت ادارة القناة الشيخ احمد بن جاسم آل ثاني مديرا عاما جديدا
خلفا للفلسطيني الاصل وضاح خنفر. وستكون الشبكة، بحسب النظام الاساسي
الجديد، «مؤسسة خاصة ذات نفع عام لها شخصية معنوية وذمة مالية مستقلة
وتتمتع بالاهلية الكاملة للتصرف». ويشير الفصل الخاص بالشق المالي الى
موارد من «الاموال التي يخصصها لها المؤسس» (500 مليون ريال قطري) اي
حوالي 150 مليون دولار.
يضاف الى ذلك «الايرادات التي تحققها من ممارسة انشطتها وعوائد
استثمار مالها والقروض التي تعقدها مع الغير والاعانات المالية
والمزايا العينية التي تخصصها لها الدولة والهبات والوصايا والتبرعات
والمنح».
وقال مصدر قانوني في الشبكة انها «لن تكون شركة بالمعنى التجاري،
فلن يكون لها مالك او ملاك ولن تطرح لها اسهم في البورصة مثلا». واضاف
مفضلا عدم الكشف عن هويته «سوف تقترب في طبيعتها القانونية من الجمعيات
الخيرية، متطابقة في الصفة مع مؤسسة بي بي سي البريطانية».
كما ينص النظام المالي للشبكة على ان «يكون للمؤسسة صندوق للاحتياطي
العام يخصص له سنويا %10 من صافي الارباح الى ان يصبح الرصيد مساويا
لراس المال». ومن المتوقع بدء العمل بالصفة القانونية الجديدة «عندما
يتم اشهار النظام الاساسي الجديد في الجريدة الرسمية الشهر المقبل».
مجزرة من الإقالات
من جهة أخرى حالما انتشر خبر استقالة وضّاح خنفر من قناة «الجزيرة»،
بدأت الشائعات تتسرّب من داخل مقرّ الفضائية القطرية في الدوحة. وركّزت
كل الأخبار على الموظّفين المحسوبين على المدير العام السابق، فتوقّع
كثيرون صدور قرار إقالتهم أو استقالتهم قريباً. وأبرز هؤلاء مدير قناة
«الجزيرة مباشر» أيمن جاب الله الذي نفى في حديث إلى «الأخبار»
اللبنانية كل ما تردّد عن تقديم استقالته.
وحالما صدر خبر تعيين القطري عبد الله عيسى ماجد الغانم (خلفاً
لعاصف حميدي) نائباً لجاب الله، تسرّبت أخبار تجزم بأن هذا الأخير
استقال في اليوم نفسه الذي أعلن فيه وضّاح خنفر مغادرته المحطة. وأكّد
بعضهم أنّ جاب الله انقطع عن الحضور إلى مقرّ القناة منذ إغلاق «الجزيرة
مباشر مصر»، خصوصاً بعد تعرّضه لانتقادات من الإدارة بسبب عمل المحطة
المصرية من دون ترخيص في القاهرة.
واكتفى الإعلامي المصري بالقول تعليقاً على هذا الموضوع: «الذين
روّجوا لهذا الخبر لم يلتزموا بأدنى المعايير الأخلاقية المهنية، وكان
يمكنهم الحصول على الخبر من مصدره». وإن كان جاب الله رفض الخوض في
أسباب انتشار هذه الشائعة، فإن مقرّبين منه قالوا لـ«الأخبار» إن حملة
شرسة تستهدفه منذ فترة، وتقف خلفها وسائل إعلام سورية، متهمةً إياه
بتجييش المشاهدين ضد النظام. كذلك فإن مسؤولين مصريين عبّروا عن غضبهم
منه بسبب تغطية «الجزيرة مباشر مصر» لاقتحام السفارة الإسرائيلية في
القاهرة.
وبعيداً عن جاب الله، تبدو الحركة طبيعية في كواليس «الجزيرة»
الإخبارية، ويتواصل العمل طبيعياً لمواكبة الثورات العربية، والاستحقاق
الفلسطيني. لكن هذا الهدوء المعتاد يخفي خلفه هواجس ومخاوف يتناقلها
الزملاء في القناة، خصوصاً بين الموظفين المحسوبين على وضّاح خنفر. «الأكيد
أن هناك مجزرة من الإقالات والتغييرات ستشهدها القناة في الأيام
المقبلة»، يقول أحد الإعلاميين المخضرمين في الفضائية القطرية. وتضيف
زميلته «دهشت لحركة الهدوء، لكن الكل يترقب، والبعض يقبض أنفاسه، خشية
أن يطاله قرار يطيحه من منصب تقلّده مصادفةً، أو بحكم قرابته من المدير
السابق».
ومن أبرز التغييرات التي يتداولها الموظفون في القناة، احتمال تعيين
مصطفى سواق (مدير الأخبار الحالي) أو محمد داوود (مدير التخطيط) في
منصب المدير العام للقناة الإخبارية. وتأتي هذه الخطوة بعد إحالة مدير
التحرير حسان الشويكي على الإشراف على «الجزيرة البلقان». في هذا
الإطار يتردّد أن ابتعاد الشويكي عن مكاتب الدوحة جاء بسبب استيائه من
تغطية القناة للأحداث في سوريا. ويقول البعض داخل المحطة إن الشويكي،
وفور عودته من البوسنة، سيتسلّم منصب مدير البرامج خلفاً لعارف حجاوي.
ولا تتوقف بورصة الشائعات عند هذا الحد، إذ يتداول البعض أن القناة
قررت أن تحيل في الفترة المقبلة بعض المذيعين والصحافيين على التقاعد،
وضخّ دماء جديدة في مقر المحطة في الدوحة، فيما بات مؤكداً، استناداً
إلى مصادر موثوقة، أن وضّاح خنفر سيستقر في الدوحة، ويرجّح أن يفتح
معهداً للدراسات والبحوث، أو هيئة للدفاع عن الصحافيين. ويبدو الخيار
الثاني مستبعداً في ظل وجود «مركز الدوحة لحرية الإعلام» الذي يديره
حالياً مسؤول هولندي تحت إشراف حمد بن ثامر آل ثاني، رئيس مجلس إدارة
شبكة «الجزيرة».
من جهة أخرى، عقدت الشبكة أول اجتماع لها برئاسة المدير العام
الجديد أحمد بن جاسم آل ثاني، بحضور وضّاح خنفر ومديري قنوات العربية
والإنكليزية والتركية والبلقان والمباشر.
وكانت «الجزيرة» قد أصدرت بياناً أول من أمس كشفت فيه خططها
التوسعية، في ظل تحويلها إلى «مؤسسة خاصة ذات نفع عام»، مشيرة إلى أنها
تستعد «للدخول بفاعلية كلاعب رئيسي على الصعيد الدولي».
وستكون الشبكة، بحسب النظام الأساسي الجديد، «مؤسسة خاصة ذات نفع
عام لها شخصية معنوية وذمة مالية مستقلة وتتمتع بالأهلية الكاملة
للتصرف». وأضاف البيان أن «إدارة الشبكة تتطلع إلى دخول مرحلة جديدة،
وخصوصاً أنها بصدد التحول إلى خدمة تلفزيونية وإلكترونية دولية متعددة
اللغات (...) ومن المنتظر خلال الأشهر المقبلة إطلاق قناتي تركيا
والبلقان».
وقال مصدر قانوني في إن «الجزيرة» «لن تكون شركة بالمعنى التجاري،
فلن يكون لها مالك ولن تطرح أسهمها في البورصة مثلاً». وأضاف «سوف
تقترب في طبيعتها القانونية من الجمعيات الخيرية، متطابقة في الصفة مع
مؤسسة «بي. بي. سي.» البريطانية». ومن المتوقع بدء العمل بالصفة
القانونية الجديدة «عندما يُشهر النظام الأساسي الجديد في الجريدة
الرسمية الشهر المقبل». |