في الوقت الذي يعكف العراقيون، جاهدين، على اجتثاث ما بداخلهم من
حقد أعمى وكريهة ورثوه من ماضي حكامهم وتأريخهم المشؤم وورثوه من
نظامهم الجديد الذي بني على أساس طائفي عقيم.. أقول تبدأ وزارة التعليم
العالي والبحث العلمي مسيرتها العلمية باجتثاث العلماء..
وسياسة الاجتثاث تلك دخلت لتقطّع أوصال كل عمل نبغي منه رص الصفوف
للعراقيين وتناسي الخلافات وأن نبدأ.. نعم نبدأ..
فلغاية الآن نعاني من التخبط في كل خططنا تظهر لنا عناوين بين الحين
والآخر منها، المصالحة، الاجتثاث، التوازن السياسي.. لغاية الآن غير
قادرين على توجيه السفينة صوب المستقبل المنشود لكون تلك العناوين تضرب
بين الحين والآخر كالموج القاسي أجناب سفينتنا وتجعلها تجنح حيناً من
الزمن تتخبط فيها شريحة من أبناء الشعب من هول الصدمة فالكثير من
الأساتذة في الجامعات العراقية قد ابلوا بلاءاً حسناً علمياً وأخلاقيا
ولم يعد ذكر البعث لديهم، مثلما كان سابقاً، مجرد جواز عبور لمرحلة
ولابد منها ولم يكونوا، أولئك، من حملة الشهادات العليا ممن تشبع،
البعث، في قلوبهم بل كانوا سطحيو الانتماء..
أقول لقد اثبت الكثير من الأسرة التعليمية في الجامعات والمعاهد
جدارتهم في العمل الوطني منذ الثمان سنوات وحتى ما قبلها ولم يكن لهم
اليد في أذية شعبهم فلماذا نخرج عليهم بين فترة وأخرى بسيف الاجتثاث
بعدما أخذ منهم سيف القتل ما قتل وبعدما ذبح المئات منهم على يد
العصابات الصهيونية للقضاء على اكبر وأهم ثروات العراق، وتركيعه، إذا
لم يكن هو الآن راكعاً، نأتي اليوم بسيف الاجتثاث لنقدم لتلك العصابات
ما يقلل الجهد عنها عندما نعمل على اجتثاث العشرات من أساتذة الجامعات
بحجج لا تدل إلا على ضيق الأفق..
فنحن أخرجنا الضباط وأخرجنا المراتب وأخرجنا الصناعيون وأخرجنا
الأطباء.. والإرهاب أخرج الكفاءات والأساتذة والعلماء.. الصهاينة قتلوا
الكثير وغيرهم أخرجوا طبقة أخرى من الشعب.. وصفى العراق لمن.. هذا هو
حاله أمامكم غير قادر البتة على الخروج من محنه المتلاطمة ولا يمتلك
مقومات النهوض الحقيقية التي تتمثل بالعالم والأستاذ والصناعي.. أليسوا
هم عماد هذا المجتمع.. ثم ما علاقة عالم الكيمياء وعالم الحياء وعالم
الرياضيات بالتربية إذا قلنا كيف سيربي هؤلاء، المجتثون، الطلبة..
ولماذا يربوهم.. أليس لديهم عوائل لتربيهم؟ أم ترانا لا زلنا خائفين من
مبادئ البعث البائدة حتى يومنا هذا..
والسؤال متى نقف صامدين بوجه كل تلك الترهات عن البعث.. نحن اقوى من
كل تلك المبادئ وعلينا ان نتوشح بالثقة بالنفس وكفانا عبثاً ولنترك تلك
الأمور التي ما جرتنا إلا الى هلاكنا وجعلتنا نكتب عنوان فناء الوطن..
فنحن إذ نرفضهم فمعنى ذلك نتركهم على قارعة الطرق بعيداً عن مراقبتنا..
وأعين الحكومة والأجدر أن يبقوا تحت أعيننا نراقب أفعالهم والقانون
العراقي يحدد ما سيؤول إليه أمرهم إذا ما خرجوا عن أمره.
الطريق أمامنا بحاجة الى كل جهودنا في إرساء دعائم ثورة استثماراتية
كبيرة تجذب الاستثمار من كل بقاء الأرض للوطن بما فيها، بل وأهمها،
قطاع تعليم العالي.. وسنكون حينها بحاجة الى ساعد كل عراقي لم يثبت
عليه القانون تورطه في جريمة مخلة بالشرف الإنساني.. فلنترك تلك
الأفعال ونبدأ ممارسة الفعاليات الحقيقية لبناء الوطن.. لا تلك
الممارسات الشعواء التي تبدأ بطرد هذا وإقصاء ذاك.. كفانا من إجراءات
لم تجلب لنا إلا البؤس ولنتكاتف ونمضي قدماً في طريق القانون لكونه من
سيحكم بيننا بعد حين.
wisam.saaadoon@gmail.com |