الصورة ذلك الكائن الشفاف الذي يتسلل إلى نواظرنا سواء شئنا ام
أبينا لذلك فهي وليدة موقف وعدسة وقد تُغني اللقطة الواحدة عن قراءة
مئات الصفحات فهي صريحة في تعبيرها وهي لغة يفهمها الجميع على اختلاف
مستوياتهم الثقافية والاجتماعية.
وفي الغالب العام تكون هذه العدسة التي تنتج عنها تلك اللقطة هي
عدسة مصور صحفي سواء أكان عاملا في مؤسسة صحفية ام يتمتع بالحس والصفات
فهو مصور صحفي.
وهنالك مفهوم شائع في الكثير من المؤسسات الإعلامية العراقية منها
والعربية بان اي مصور يصلح ان يكون مصورا صحفيا، وفي الواقع ليس اي
مصور بإمكانه ان يكون مصورا صحفيا فالمصور الصحفي في اهميته يوازي
المحرر في العملية الاعلامية حيث لا يمكن لأي مجلة او جريدة او اصدار
ان لا يحتوي على مجموعة من الصور وكلما كانت الصور المنشورة جيدة تكون
المجلة او الجريدة كذلك جيدة.
فالصورة هي عنصر ارتكاز مهم لتقييم الاصدار وعلى هذا فالمصور
الصحفي يحمل على عاتقة مهمة كبيرة هي مهمة النهوض بالموضوع المنشور
تحقيقا كان ام خبرا وبالتالي النهوض بمجمل الوسيلة الاعلامية حيث هنالك
عدد من الشروط الواجب ان يتحلى بها المصور الصحفي للقيام بعملة منها:
إمكانية استخدام كاميرته بصورة جيدة جدا فإمكانية استخدام الكاميرا
تنعكس بالسلب أو بالإيجاب على اللقطة.
ثم عليه ان يكون لماحا فيستطيع ان يصور الحدث قبل حصوله بثوان فهو
يتوقع الحدث مثل خروج رئيس دولة مع رئيس اخر ضيف للتصريح عن امور مهمه.
فالمصور الصحفي بالتالي يعرف اين يقف ليلتقط الصورة الجيدة والمعبرة
والتي تنسجم مع سياسة وسيلته الاعلامية وهو يضبط كاميرته على الباب
الذي سيخرج منه الرئيس قبل خروجه لالتقاط الصورة او لمجموعة صور.
إضافة إلى متابعته للحدث فبعد اي مؤتمر صحفي مثلا تخرج لنا العشرات
من اللقطات الطريفة والمميزة والتي يبنى عليها العشرات من المواضيع
الصحفية وهذه الحركات او الانفعالات لم تكن في صلب المؤتمر الصحفي او
القمة او الاجتماع وانما كانت على هامشه وبرزت لنا نتيجة لمتابعة
المصور الصحفي بدقة وبتمحيص للضيوف.
ومن المهم ان تتوفر لدية امكانية تعبيرية ولو بسيطة ليعلق على
الصور حتى يسهل بالتالي على المحرر ان يعرف من الموجود في الصورة وما
هو الحدث فمن غير المعقول ان يسأل المحرر المصور عن ظروف كل صور
يلتقطها ويقدمها الى هيئة التحرير ليتسنى للمحرر ان يرفق الصورة
بالموضوع المناسب لها.
اما عامل الصبر فهو امر مهم للمصور الصحفي فالقطة مثل العصفور او
مثل الطير تحتاج الى وقت لالتقاطها والى صبر لاسيما ان هنالك الكثير من
المضايقات التي قد يتعرض لها المصور الصحفي مثل تجمهر الناس امام
الكاميرا والدفعات التي يتلقاها اثناء المؤتمرات من رجال الحماية
الخاصة ومن رجال الامن وفي بعض الاحيان حتى من الزملاء لان كل مصور
يريد ان يلتقط الصورة الافضل لوسيلته الاعلامية ويريد الحصول على السبق
الصحفي.
ويجب ان يكون لدية إلمام بالزوايا التصويرية ومفهومها فقد يهين احد
الاشخاص وبالأخص اذا كان سياسيا او رجل امن من حيث لا يشعر مما يوقعه
في حرج وكذلك وسيلته الاعلامية. اذ ان للزوايا التصويرية مفهوم خاص
فتصوير شخص سياسي معروف من زاوية اعلى منه وخصوصا اذا كان جالسا هذا
يدل على ان الشخص الظاهر في الصورة شخص صغير او حقير لذلك القادة
والرجال المهمين تؤخذ لهم الصور من زاوية ادنا من مكان وقوفهم بحيث
تعطي الصورة انطباع بان الشخص الظاهر في الصورة هو ذو شأن اما التقاط
صورة لشخص ما في نفس المستوى فهذا يدل على ان الشخص هو شخص عادي.
ولا ينسى المصور الصحفي أن يجهز نفسة ببطارية اضافية للكاميرا مع
مجموعة عدسات مختلفة واذا امكن كاميرا اضافية فقد تتعطل الكاميرا او
ينتهي مفعول البطارية في وقت حرج يريد فيه المصور ان يأخذ الصورة
وبالتالي سوف يتسبب في مشكلة لهيئة التحرير التي قد لا تجد صورة
للموضوع وبالتالي اما ان تلغيه او تجلب صورة غير جيدة او يضيع السبق
الصحفي عليها ولا يمكن ارجاع الزمن لأخذ اللقطة التي قد تضيع.
وعليه ان يعرف بان مجمل الصور التي يلتقطها في خلال مسيرته هي التي
سوف تحدد اسمه ومدى اهميته فالمصور الذي يمنح الجمهور دائما متعة
اللقطة من عدسته بلا شك سوف يكون هو المفضل في الكثير من الوسائل
الاعلامية وكذلك يكون له جمهوره، وبعبارة اوضح (مجموع كبسات الزر
لالتقاط الصور هو ما سوف يحدد أهمية المصور).
وإذا ما كلف بموضوع عليه ان يذهب لاستطلاع الموقع ليعرف أي الزوايا
مناسبة للتصوير وأين سوف يقف بحيث يتجنب الزحام والتدافع فكم من
مناسبات تذهب سدى بسبب الزحام وبسبب المكان الغير مناسب للتصوير.
وتتوقف في كثير من الاحيان جمالية الصورة على ما لديه من احساس جدا
عالي باللقطة التي يأخذها ويعتبر التصوير هو نعمة من الله تعالى لنسجل
به المواقف التي قد تمر وبعد سنين نستمتع بتذكرها من خلال صورة
فالإحساس هو أساس عمل التصوير وعليه ان يؤمن كذلك بان الكاميرا هي عينه
وهو لا يأخذ لقطة من خلال الكاميرا بل هو يرسم اللقطة من خلال
الكاميرا.
ومن المهم ان لا يعتقد بان عمله سهل إطلاقا فهو ليس في استديو
للتصوير يتحكم باللقطة والعناصر كيف شاء بل هو مطارد لللقطة الجميلة
التي لا يمكن ان يحصل عليها بسهولة.
ان مهنة التصور الصحفي مهنة شاقة وجميلة في نفس الوقت تخلد المخلصين
لها والمصور الصحفي ما هو إلا فنان يرينا ما تراه عيونه في مئات
اللقطات التي تحيط بنا ولكننا لا نراها إلا من خلال عدسته ولا تقتصر
هذه المهنة فقط في مجال الصحافة وإنما تتعداها إلى مجال الإعلام فالصور
الجميلة التي تشد عيوننا لكي نراها في التلفزيون والمجلات والإعلانات
لمختلف الأشياء ما هي إلا صور مفعمة بالإحساس نحتها مصور افرغ عليها
رؤياه ليقدمها إلى عيوننا بمنتهى الحب والجمال. |