الإنسان والايدز... ثلاث عقود من الصراع

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: عندما تم اكتشاف مرض نقص المناعة المكتسب " الايدز" على يد الطبيب الأمريكي مايكل غوتليب عام 1981 في ولاية لوس انجلوس الأمريكية، لم يتصور احد، ولا حتى الطبيب صاحب الاكتشاف، إن هذا المرض سيكون بالفتك والشراسة التي عرف بهم، إذ سرعان ما أعلن عن نفسه بقوة بعد أن أطاح بالملايين ممن أصيبوا بهذا الداء القاتل، والذي يعجز الطب الحديث "تماماً" حتى الساعة عن وضع حد ملموس له، وبرغم تطور "أسلوب التعامل" معه عن طريق استخدام "الوقاية والعلاج"، الأمر الذي حجم انتشاره ليصل العدد إلى أكثر من "30" مليون مصاب حول العالم، بعد أن بلغ ذروته في عام 1999 بـ"60" مليون مصاب، وما زالت المعركة مستمرة دون إعلان المنتصر أو الخاسر فيها.

وصمة الايدز والتوعية العربية

من جهتها قالت مسؤولة بصندوق الامم المتحدة لمكافحة الايدز ان ما بين 10 و14 بالمئة فقط من 400 ألف شخص مصابين بمرض نقص المناعة المكتسب (ايدز) في الشرق الاوسط وشمال افريقيا يحصلون على العلاج بسبب الوصمة والتمييز الذي يمنع الناس من اجراء الاختبارات، وما زال المرض يمثل موضوعا حساسا في المجتمعات المحافظة في هذه المنطقة من العالم بسبب الربط بين الاصابة بالمرض وبين ممارسة الجنس خارج اطار الزواج أو قبله أو بينه وبين ممارسة الجنس بين الرجال دون استخدام الواقي الذكري أو الدعارة أو تعاطي المخدرات عن طريق الحقن، وقالت هند خطيب عثمان المديرة الاقليمية للشرق الاوسط وشمال أفريقيا لصندوق الامم المتحدة لمكافحة الايدز في مقابلة خلال مؤتمر "التحدي الرئيسي أمامنا هو تصعيد الجهود للوصول الى الناس الذين يحتاجون مساعدتنا مثل العلاج بمضادات الفيروسات"، وقالت ان المرضى الذين يتناولون العلاج من الممكن أن يعيشوا مدة طويلة وان الحكومات في المنطقة في العادة توفر العلاج لكن العديد من المرضى يخشى التقدم للحصول عليه بسبب الخوف من العار، وتشير احصائيات الامم المتحدة الى أن عدد المصابين بالايدز المسجلين في المنطقة قد ارتفع بمقدار 100 ألف مريض خلال العامين الماضيين، غير أن المخاوف تبقى من أن عددا أكبر من الحالات لا يكتشف بسبب عدم وجود نظام منهجي للكشف، وقالت عثمان "نحن نشك في دقة التقارير، انه ليس تشكيكا فيما تعلنه الحكومات ولكنه تشكيك في أننا نملك النظام للاعلان الصحيح فعلا عن الحالات". بحسب رويترز.

واضافت أن عدم الرغبة في مناقشة السلوكيات الخطرة المصاحبة للايدز أضرت بحملات التوعية العامة في المنطقة، وقالت عثمان "شهدنا في المنطقة عندما يريدون بناء استراتيجية وطنية لمكافحة الايدز فمن الاسهل لهم أن يتحدثوا عن استراتيجية كما لو كان الانتشار معمما (في المجتمع)، انهم لا يريدون الحديث عن السكان الرئيسيين"، ويفتقر الشرق الاوسط وشمال افريقيا الى أي حملة موجهة للجماعات التي تعيش على هامش المجتمع والمعرضة بشكل أكبر للايدز مثل عمال الجنس ومتعاطي المخدرات، وحذرت عثمان من أن الانتشار المنخفض في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لن يستمر بدون المزيد من الانفتاح بشأن كيفية انتشار الفيروس، وقالت "الانتشار المنخفض لن يظل منخفضا اذا لم يكن لدينا التدخل الصحيح"، وأدى الاحجام عن مناقشة السلوكيات الخطرة الى جعل الاجانب الذين ينظر اليهم على أنهم قادمون من مناطق ينتشر فيها الايدز بشكل أكبر هدفا لجهود مكافحة الايدز بينما يجري تجاهل السكان المحليين، ويقوم الكثير من دول المنطقة بالكشف على الاجانب ويرفض منح المصابين بالمرض تأشيرات الاقامة أو يضعهم قيد الحجر الصحي ويقوم بترحيلهم.

لن يتحول إلى وباء

من جهة اخرى يبدو أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لن تكون معرضة لانتشار كبير لمرض الإيدز لدرجة تصل إلى الوباء، كما ذكر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز، والذي عقد مؤخرا في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويشير التقرير إلى أنه خلال السنوات الخمسة والعشرين الماضية، أي منذ بداية اكتشاف فيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV)، بقيت نسبة الإصابة بالمرض منخفضة إذا ما قورنت بمجموع السكان، وهو ما يرفع آمال القائمين على البرنامج الأممي في وقف انتشاره حالي، من جانبها، أكدت الدكتورة هند الخطيب عثمان، مديرة فريق الدعم الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن نتائج التقرير كانت إيجابية للمنطقة فالبيانات أظهرت أن المنطقة لن تتعرض لانتشار وباء الإيدز، لكنها وضحت في الوقت ذاته أنه يجب العمل الهادف، لأن هناك من هم مصابون بالمرض وهذه الفئات عادة ما تكون منسية"، وبحسب التقرير، تنحصر الأسباب الرئيسية للإصابة بالمرض في المنطقة في تعاطي المخدرات عن طريق الحقن، والعاملين بالجنس، والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، وقد بلغ مجموع المصابين بالإيدز في نهاية عام 2008 نحو 412 ألف شخص، وهو ما يزيد عن عدد الحالات في عام 2001، والتي وصلت إلى 270 ألف مصاب، من جانب آخر، يظهر التقرير أن هناك عددا كبيرا من الدول العربية التي كان من الصعب الحصول على المعلومات المتعلقة بالمرض فيها، مثل البحرين، والعراق، والأردن، والكويت، وليبيا، وعُمان، وقطر، والسعودية، وسوريا، والإمارات، والضفة الغربية، وقطاع غزة، واليمن، وبحسب عثمان، يعود السبب في ذلك إلى أن الإقليم لا يزال خاليا من نظام المراقبة والتقييم، كما أن هذا الموضوع يعتبر من المحرمات، فالقليل من الناس يتقدم ليفصح عن حالته، فالإحصاءات سيئة جدا، وهو أمر يجب العمل عليه لتطويره"، وتبقى قضية الإصابة بمرض الإيدز حساسة للبعض، سواء كانوا من المصابين أو المعرضين للإصابة، ولعل التحدي يكمن في إمكانية كسر الحاجز بين الطرفين، بحيث يصبح التعامل بينهما طبيعيا. بحسب سي ان ان.

فالتقرير، الذي حمل عنوان "حوار السياسات حول الإتاحة الشاملة لخدمات الوقاية والعلاج والرعاية والدعم المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، يؤكد أنه رغم التقدم المحرز الذي تمثل في حصر انتشار المرض، ومنع وصوله إلى درجة الوباء، يظل إسهام المجتمع المدني محدودا في جهود الوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسبة، ويرى التقرير أن للمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية دورا محوريا في إيصال الخدمات العلاجية والوقائية إلى كافة القطاعات البشرية الرئيسية في هذه القضية، وذلك حسبم، وحول الخطوة التالية بعد إصدار هذا التقرير، يقول تيم مارتيناي، مدير برنامج الفاعلية والدعم في برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز "من منظورنا كبرنامج عالمي، يجب التأكيد على ثلاث أو أربع نقاط رئيسية، أولا الاستمرار في دعم السياسات والقيادات الخاصة ببرامج التوعية في المنطقة، والاستمرار في الحصول على معلومات وأمثلة لحالات تظهر كيفية انتشار المرض، ثالثا التركيز على شرائح رئيسية في السكان ممن تعاني من هذا المرض لإحداث التغيير، وأخيرا، محاولة التركيز على طرق جديدة لوقف انتشار المرض والعلاج"، وكأي قضية أخرى، تسعى الأمم المتحدة دوما إلى إشراك شخصيات معروفة في المجتمع، لتكون ممثلة لها، وتحمل رسالتها بين جموع الناس، ومن هنا يأتي دور عدد من الفنانين المصريين كسفراء للنوايا الحسنة في الأمم المتحدة، وهم خالد أبو النجا، وعمرو واكد، والفنانة منة شلبي، وحول دور الفنان بشكل عام في مثل هذه القضايا، يقول واكد، "مهمتنا كسفراء للأمم المتحدة للنوايا الحسنة هي هي محاولة التوصل إلى الطرق الآمنة لمواجهة هذا المرض  والطريقة الصحيحة في تحليله، اليوم المعلومات التي لدينا قليلة جدا، كما أن الناس لديهم دراية غير كافية بالمرض".

ويرى الفنان خالد أبو النجا أن أفضل الطرق لمواجهة الإيدز هو حصار المرض وليس المريض، ويضيف "حصار المريض يؤدي إلى انتشار المرض، أم حصار المرض  ورعاية المريض وطمأنته هي الطريقة الوحيدة لكسر هذا الحاجز وكسر دائرة الخوف لمنع انتشار المرض"، جزء من أهداف المؤتمر كان التأكيد على أن مرض الإيدز لا يحمل بين ثناياه مستقبلا مظلما على الدوام، بل جاء هذا التقرير ليؤكد على حقيقة أن تكاتف المجتمع، والتعامل المباشر والواضح مع هذا المرض هو حقيقة لا بد من التعايش معها، ليضمن المريض والسليم على السواء حق كل منهما في العيش الكريم.

المصابين ونظرة المجتمع

من جانبه وفي معظم الأحيان التي يعالج فيها الإعلام قضية الإيدز، يطرح نظرة المجتمع تجاه المتعايشين مع الفيروس، لكننا نسأل في هذا التقرير المتعايشين عن رأيهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه، وفي دول كثيرة لم يعد الحديث عن الايدز، أو مرض نقص المناعة المكتسب أمرا محرّما يلفّه الغموض، وهذا الأمر يصح بشكل رئيسي في ما يتعلق بالتوعية من المرض وبطرق الوقاية من الإصابة بفيروس الـ HIV المسبب له، غير أن زيادة الوعي بالفيروس لا تنعكس بالضرورة على تخفيف الوصمة التي تتربط بنظرة المجتمع للمتعايشين معه، ومعلوم أن المتعايش لا يظهر في معظم الحالات أي عوارض خاصة أو حتى ضعف يحدّ من نشاطه أو إنتاجيته في الحياة، فالذي يحمل الفيروس هو متعايش وليس مريض، ومن هنا تبدأ القصة، فـ"أحمد" متعايش مع الفيروس منذ فرة من الزمن، وهو يتحدث عن صعوبة كبيرة في تقبله لحالته، وبعد إدراكه بإصابته، تحوّل شخصا إنطوائيا ملازما لمنزله خوفا من "النظرة التجريمية للمجتمع"، كما يقول، أحمد خطا طريقا طويلا للتغلب على حالته النفسية وهو منفتح بشأن إصابته، إلا انه يشكو من أن "ما يهمّ المجتمع هو كيفية إصابة المتعايش ليطلق عليه أحكاما"، هو يقول إن بعد معرفة الاصدقاء اختُزلت علاقتهم به بإصابته فقط، والتجريم هنا كما يشرح أحمد، ينطلق من اعتبار المتعايش منحرف وبالتالي تعايشه مع الفيروس هو عقاب له. بحسب بي بي سي.

اما محمد يمثل عينة مختلفة من المتعايشين، يرى في الحياة الفرص الكثيرة الممنوحة له ويرفض "أن يعيش في الفيروس بدل أن يعيش الفيروس فيه"، كما يقول، فمحمد يجسد الشخص المتقبل لإصابته والذي يسعى لتخطي حالته بمزيد من التصالح مع الذات ومع الفيروس، وبشكل منتج، فهو يرى في حمله للفيروس مسألة خاصة جدا لا يجب أن تكون مثار اهتمام عام ولا تخص أحدا سواه، فالتعايش مع فيروس الـHIV أسهل، بالنسبة له من التعايش مع مرض السكري أو الإصابة بالسرطان، فالأول يعيق جوانب كثيرة من الحياة وقد يكون علاجه متعبا، اما الثاني فمرض قاتل في الأغلب، فيروس الـ HIV ليس هذا ولا ذاك، وعلى عكس محمد، شادي شخص متشائم، غير قادر على تقبّل إصابته وحامل على المجتمع وعلى القوانين الدولية التي لا تفرض احترام المتعايشين والمحافظة على حقوقهم، كما يقول، وهو يصف صعوبة الحالة النفسية التي يعيشها أحيانا بانها تجعله يفكر بالانتحار أحيانا، خصوصا وأن تعايشه مع الفيروس أفقده أي حماسة أو اندفاع للعمل أو إثبات الذات في المجتمع، ان كل شخص من الشباب الثلاثة يعبر عن حالة مختلفة ولكن هناك هموم مشتركة تكاد تكون ذاتها للمتعايشين جميعهم، فالدواء ليس الهم الاكبر.

ففي لبنان تقوم وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بتأمين علاج مرض الايدز للمصابين كافة بشكل مجاني ودوري، بالرغم من بعض التأخير في حالات استثنائية، ولكن المتعايشين لا يزالون محرومين من الحصول على قرض سكني أو مالي مثلا، لأن المؤسسات الخاصة تفرض شروطا صحية قبل الموافقة على منح القرض، ومن بينها عدم الإصابة بفيروس الـHIV، إلا ان المشكلة الاكبر تبقى الحواجز النفسية والاجتماعية وبشكل رئيسي ما يسميه الشبان الثلاثة "التصحّر العاطفي"، وهو ما يقصد به الشبان بشكل رئيسي الحواجز الجنسية التي تمنعهم من إقامة علاقات جنسية عادية خوفا من نقل العدوى للشريك، فعدم المصارحة الشريك هو جريمة أخلاقية وقانونية، أما مصارحته فحكما تجعل الشخص "الذي كان ينظر إليك من فوق، فجأة ينظر إليك من تحت"، في نظرة تقلّل من شأن المتعايش، إلا ان لمحمد حلا بسيطا جدا لتلك المشكلة، فهو يدعو المتعايشات للإفصاح عن أنفسهن وتلبية دعوته للإرتباط.

نواب زيمبابوي غير متحمسين

اذ لم يبد النواب البرلمانيون في زيمبابوي حماسا للدعوة التي وجهتها نائب رئيس الوزراء لهم لأن يكونوا قدوة في الخضوع للختان من أجل مقاومة انتشار مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وكانت ثوكوزاني خوبي قد وجهت الدعوة بعد التوصل الى دليل على أن الرجال المختونين أقل عرضة للاصابة بفيروس اتش اي في من غير المختونين بنسبة 60 في المئة، وفي الحديت مع ثمانية نواب برلمانيين أبدى واحد منهم فقط الاستعداد للخضوع للختان، يذكر أن زيمبابوي هي بين الدول الأكثر إصابة بفيروس اتش اي في، وقد باشرت الحكومة العام الماضي بحملة تهدف الى ختان 80 في المئة من الشبان البالغ عددهم ثلاثة ملايين، ويقول خبراء مرض (الإيدز) إن استخدام الواقي الذكري والاقتصار على علاقة جنسية واحدة تؤمن وقاية أفضل من الإصابة بفيروس اتش اي في، وقال وزير الصحة الوطنية موزيس مزيلا ندلوفو إن دعوة نائب رئيس الوزراء هي دعوة غريبة وضرب من الجنون، وحظيت دعوة خوبي بدعم اثنتين من أعضاء البرلمان، ويذكر ان القليل من المجموعات العرقية في زيمبابوي تخضع أبناءها للختان. بحسب بي بي سي.

حملة دولية

من جهتها اطلقت الأمم المتحدة والولايات المتحدة مباردة للقضاء على فيروس الايدز "اتش آي في" بين الأطفال حديثي الولادة بحلول عام 2015، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك طفلا يولد حاملا لفيروس الايدز كل دقيقة تقريبا، كلهم تقريبا في افريقيا جنوب الصحراء، وتهدف الحملة الجديدة إلى علاج الأمهات الحوامل اللائي يحملن فيروس الايدز، مما يقلل احتمال انتقال العدوى إلى اطفالهن إلى أقل من 5 في المئة، وستبلغ تكلفة تلك الحملة حوالي 2.5 مليار دولار لتوفير الرعاية الطبية لـ15 مليون امرأة، وهو ضعف العدد الذي يتلقى العلاج حالي، وخطط لاطلاق هذه الحملة، المسماة "العد العكسي إلى صفر"، فريق بقيادة برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الايدز (UNAIDS) ولجنة خطة الطوارىء لمكافحة الايدز التابعة لرئيس الولايات المتحدة، ويتلخص العامل الرئيسي لهذه الحملة في توفير سبل الوقاية من الايدز والخدمات العلاجية للنساء واطفالهن، وتركز الحملة بشكل خاص على النساء الحوامل، وبلغ عدد الأطفال الذين انتقلت لهم العدوى لدى ولادتهم حوالي 370 ألفا خلال عام 2009، وكلهم تقريبا في دول منخفضة أو متوسطة الدخل وخاصة في افريقيا جنوب الصحراء، وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون لدى اطلاق المبادرة "نجتمع هنا اليوم لنضمن أن كل الأطفال يولدون أصحاء من دون أمراض، نحن هنا اليوم لنتأكد من أن امهاتهم سيعشن ليرينهم وهم يكبرون"، من جانبه أعرب ميشيل سيديبي المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة عن اعتقاده أنه "بحلول عام 2015 سيكون بالأمكان أن يولد الأطفال في كل مكان وهم معافون من فيروس الايدز وأن امهاتهم سيكن معافات كذلك"، وأضاف "هذه الخطة العالمية الجديدة هي حقيقية وقابلة للتحقيق ومدعومة من قبل أكثر الدول تضررا".

مهلة العشر سنوات

بدوره حدد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، مهلة عشر سنوات للقضاء على فيروس الأيدز في العالم، داعيا أعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة إلى امتلاك الجرأة خلال خطاب افتتاحي لقمة نظمتها المنظمة الدولية حول الإيدز، كما حض بان كي مون "المجتمع الدولي على رص الصفوف لاظهار التكاتف على المسرح الدولي، أكثر من قبل،" بهدف إتاحة الفرصة للمصابين بالمرض للحصول على العلاج منه في موعد أقصاه العام 2015، وكذلك السعي لخفض تكاليف العلاج، وقد مرت ثلاثين سنة على اكتشاف فيروس نقص المناعة المكتسب ومازال الفيروس يشكل تهديدا على سلامة الحياة البشرية، هذا بالرغم من أن عدد الاصابات الجديدة بالمرض انخفضت بنسبة 20% منذ العام 2001، حين تعهد قادة العالم آنذاك بتكثيف الجهد للحد من انتشار الوباء، واتخذ المجتمع الدولي تعهدات كثيرة، لكن معظمها لم يترجم الى اجراءات ملموسة، ثلاثون رئيس دولة ورئيس وزراء، هم عدد غير مسبوق من قادة العالم وشخصيات أخرى رفيعة المستوى شاركوا في مؤتمر رفيع عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث سبل التوصل الى طرق جديدة للقضاء على مرض الايدز.

نجاح تجارب لقاح جديد

من جهة اخرى توصل باحثون أمريكيون إلى لقاح جديد يمكنه حماية القردة من المعادل لفيروس "إتش آي في" المسبب لمرض الإيدز، وقد يسهل التوصل إلى لقاح للبشر ضد هذا المرض، ووجد فريق البحث، بقيادة البروفيسور لوي جيه بكر من معهد اللقاح والعلاج بالمورثات في ولاية أوريجون بالولايات المتحدة، ان اللقاح قد وفر الحماية لـ13 من 24 قردا تم إعطاؤهم اللقاح في إحدى التجارب، وكان اللقاح فعالا في 12 من القردة بعد مرور عام كامل على تلقيحهم به، وتقول الدراسة التي نشرت في مجلة "ناتشر" إن هذه العمل "قد يساهم بشكل كبير" في تطوير لقاح فعال لفيروس "إتش آي في" المسبب لمرض الإيدز، ويعمل اللقاح بتنشيط إنتاج نوع معين من كريات الدم تظل نشطة في الجسم عادة بعد فترة طويلة من الشفاء من الالتهابات، مما يوفر حماية ممتدة منه، ويماثل لوي جيه بكر هذه الخلايا بالجنود على أهبة الاستعداد، ويقول إن هناك دلائل أيضا على أن اللقاح قد محى تقريبا جميع آثار الفيروس في القردة وهو أمر غير مسبوق في أبحاث لقاحات فيروس "إتش آي في"، ورحب عاملون في هذا الحقل بهذا الاكتشاف، غير أنهم أكدوا ضرورة ضمان معايير السلامة قبل تطبيقه على البشر، كما قال سير أندرو ماك مايكل من جامعة أكسفورد البريطانية.

دراسة حول عقاقير الايدز

في سياق متصل كشفت نتائج دراسة طبية حديثة أنه يمكن خفض نسبة انتقال فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" من المصابين به إلى شركائهم المعافين بنسبة 96 في المائة عن طريق تناول العقاقير المضادة للفيروسات في أسرع وقت ممكن، وأظهرت الدراسة التي أعلنتها المعاهد الصحية الوطنية الأمريكية أن شخصا واحدا انتقل إليه الفيروس من شريك له من بين 1763 زوجا خضعوا للتجارب، ونشرت نتيجة التجربة الطبية قبل أربع سنوات من موعد انتهائها الذي كان مقررا في عام 2015 وذلك بسبب النتائج المبهرة للعلاج، من جانبها وصفت منظمة الصحة العالمية نتيجة التجربة الطبية بأنها "تطور مصيري"، وبدأت الدراسة الطبية في عام 2005 في ثلاثة عشر موقعا في قارات أفريقيا وآسيا والأمريكيتين، وقسم فريق الخبراء المرضى إلى قسمين، القسم الأول تناول فيه المصابون بالفيروس العقاقير المضادة بشكل فوري بينما منح المرضى في القسم الآخر العقاقير ولكن بعد انخفاض معدل كرات الدم البيضاء في الدم مع منح كل فريق الواقي الذكري، ثم خضع المرضي في القسمين للتجربة والتحليلات التي كشفت أن شخصا واحدا فقط في القسم الأول تعرض لانتقال العدوى من شريكه بينما انتقل الفيروس في القسم الثاني إلى 27 شخص، من جانبه قالت ميشيل سيديبيه المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز إن " التقدم الذي حدث يعد تغييرا مهما في اللعبة، وسيدفع ثورة الوقاية من المرض إلى الأمام"، أما المدير العام لمنظمة الصحة العالمية مارجريت تشان فقد اعتبرت أن نتائج التجربة الطبية "تطور مصيري"، وأضافت أن "نتائج الدراسة ستقوي وتدعم كتب الإرشادات التي ستصدرها المنظمة في يوليو المقبل لمساعدة المصابين بالفيروس على منع انتقاله إلى شركائهم المعافين"، يشار إلى أن العلماء يعتبرون العقاقير المضادة للفيروسات عنصرا هاما في تقليل انتقال الفيروس وذلك وفقا لمشاهداتهم ولكنها المرة الأولى التي يتم اثبات هذه الحقيقة وفقا لتجارب معملية. بحسب بي بي سي.

ألمانيا توقف مساعدتها

فيما علقت ألمانيا مساعدتها للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا وتقدر بأكثر من 200 مليون يورو سنويا بسبب اتهامات بالفساد، وتعد ألمانيا ثالث أكبر الدول المانحة للصندوق الذي تدعمه الامم المتحدة وتبلغ ميزانيته السنوية أكثر من 12 مليار دولار أمريكي، ووجهت الاتهامات بعد الكشف عن فقر التمويل في بعض الدول مما يرجح سرقة مليارات الدولارات من أموال الصندوق، واعترف مسؤولو الصندوق بوجود فساد ولكنه ليس على نطاق واسع، وأضافوا أن هناك وحدة تحقيق خاصة كشفت عن بعض قضايا الفساد التي تم تصدي لها بقوة فور اكتشافه، وكانت الاتهامات قد ظهرت على السطح بعد أن نشرت وكالة الاسوشيتدبرس تقريرا خاصا حول الموضوع، من جانبه قال وزير التنمية الالماني ديرك نيبيل إنه سيجرى تحقيقا شاملا في هذه المزاعم، وأوضح نيبيل قائلا "أنا آخذ هذه التقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام بشأن وجود فساد في الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز على محمل الجد وأتوقع أن يقوم المسؤولون بتوضيح هذه الاتهامات"، وأضاف "لقد أصدرت قرار بوقف المنح التي تقدمها ألمانيا للصندوق حتى يتم تطهيره من هذا الفساد"،، وقال متحدث باسم الوزارة أإنه يجب الكشف عن تبديد حوالي 34 مليون دولار بسبب اتهامات بوقوع عمليات تزوير وثائق واحتيال، من جانبه صرح المتحدث باسم الصندوق العالمي جون ليدن بأن ألمانيا اتخذت قرارها بناء على تقارير اعلامية مضللة، وأَضاف "ألمانيا كانت على علم تام بكافة الإجراءات التي اتخذها المفتش العام بالصندوق والخطوات الفورية والحازمة التي تم اتخاذها لمنع إساءة استخدام الأموال المنهوبة"، وأشار إلى أن الصندوق سيجيب على كافة الأسئلة التي تطرحها ألمانيا خلال محادثات بون.

30 عاما مرت على الإيدز

من جانبه ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة بمناسبة الذكرى الثلاثين لاكتشاف مرض الإيدز أن معدل الإصابات الجديدة بالمرض قد انخفض بشدة في الأعوام العشرة الماضية، وأضاف التقرير أنه رغم حدوث تقدم كبير في هذا المضمار، إلا أن هناك تباينات كبيرة في العلاج تظل بين الدول الفقيرة والغنية، وكان الطبيب الأمريكي مايكل غوتليب هو أول من لاحظ أعراض مرض متشابهة بين رجال مثليين جنسيا وذلك عام 1981 في مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة، ويقول الطبيب إنه كان سعيدا بهذا الاكتشاف إلا أنه لم يكن ليتوقع أبدا أن تكون الإصابة بالمرض مأساوية بهذا الحجم، ويخشى غوتليب من أن التقدم الذي أحرز في علاج المرض قد دفع البعض إلى التهاون في مكافحته، "فالبعض يعتقد أن علاج المرض ناجع، وأنه يمكن للمرء أن المصاب أن يحيا حياة عادية إذا ما تناول علاجه بانتظام، والحقيقة غير ذلك"، ورغم ان 70% من المصابين بالإيدز في الولايات المتحدة في الثمانينات كانوا من الرجال المثليين جنسيا إلا أن مستخدمي المخدرات عن طريق الحقن في الدم أو الذين يعانون من مرض سيولة الدم هم من الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، وهناك 33.3 مليون شخص في العالم يحملون فيروس "إتش آي في" المسبب لمرض الإيدز، ويقول الدكتور غوتليب إن العدد قد يتضاعف بحلول عام 2050 ما لم يتبدل سلوك ومواقف الناس إزاء المرض، أو يتم اكتشاف لقاح فعال له.

أدلة جديدة

من جانب اخر ورغم إخفاق العلم في إيجاد لقاح لفيروس نقص المناعة المكتسب، إلا أن باحثين حققوا نجاحا في اكتشاف أدلة جديدة بشأن أسباب إصابة فئة قليلة من المرضى بالفيروس دون أن تبدو عليهم أعراض المرض، وتقول الدراسة أن حوالي شخص واحد فقط من بين 300 حامل للفيروس، لديهم نظام مناعة بالجسم يمكنهم القدرة الطبيعية على قمع تكاثر الفيروس، وبالتالي حمل نسبة منخفضة منه، وذكرت الدراسة التي نشرت في "دورية العلوم،" أن اختلافات جينية محددة ربما مسؤولة عن هذا التجاوب غير المألوف لفيروس نقص المناعة المكتسب HIV، وفي هذه الدراسة، نظر فريق بحث دولي في قرابة ألف من "المسيطرين" وهم من يتمتعون بالقدرة الطبيعية للسيطرة على المرض، و2600 شخصاً من المصابين بفيروس متلازمة نقص المناعة المتقدم، ووجد العلماء متغيرات صغيرة في بروتين يعرف بـ"HLA-B" وربما تقف وراء القدرة على السيطرة على الفيروس، فالأشخاص ممن لديهم اختلافات محددة في خمسة عناصر من هذا البروتين، وتسمى الأحماض الأمينية، تقوى لديهم الاستجابة المناعية ضد فيروس المرض، ويذكر أن عدوى فيروس نقص المناعة البشري تتسم بتدهور تدريجي للوظائف المناعية، وأثناء مسار العدوى، يتم إبطال عمل وقتل الخلايا المناعية المهمة المغروفة بخلايا (ت) (CD4+) وتقل أعدادها بشكل مطرد. بحسب سي ان ان.

وتلعب تلك الخلايا دوراً أساسياً في الاستجابة المناعية حيث تعطي الإشارة للخلايا الأخرى في جهاز المناعة لكي تؤدي وظائفها الخاصة، وفيروس نقص المناعة البشري HIV، هو فيروس يضعف جهاز المناعة ويؤدي في النهاية إلى متلازمة نقص المناعة المكتسب (الأيدز)، وفي يوليو/تموز الفائت، أعلن علماء أنهم توصلوا أخيراً ما يمكن وصفه بأول اختراق جدي على صعيد مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة المسبب لمرض "الإيدز" وتوفير لقاح مضاد له، وذلك بعدما نجحوا في العثور على ثلاثة أجسام مضادة طبيعية في جسم الإنسان لديها القدرة على عزل حركة 90 في المائة من سلالات فيروس HIV المعروفة، وقال بيتر كونغ، كبير أخصائيي علوم الأحياء الهيكلية في المعهد القومي الأمريكي للحساسية والأمراض الشديدة العدوى "هذا أمر بالغ الأهمية لأنه بات لدينا أخيراً أجسام مضادة قادرة على تشكيل اللبنة الأساسية لأي لقاح مستقبلي".

اطفال الأيدز

على صعيد ذي صلة قالت منظمة الصحة العالمية، إنها تنظر في توصيات تفيد بإمكانية إنقاذ عدد كبير من الأطفال المصابين بفيروس الأيدز، إذا أتيحت لهم فرصة بدء العلاج بالأدوية في مراحل مبكرة، لافتة إلى أن 400 ألف طفل يصابون بالفيروس سنوي، وقال بيان للمنظمة "بلغت الجهود التي تُبذل في جميع أنحاء العالم في مجال إتاحة العلاج للأطفال المصابين بفيروس الأيدز منعطفاً جديداً، حيث وصل عدد الأطفال المستفيدين من العلاج المنقذ للأرواح إلى 355 ألف طفل في أواخر عام 2009، مقابل 276 ألفا بنهاية عام 2008"، ونسب البيان إلى هيروكي ناكاتاني، المسؤول عن دائرة الأيدز والعدوى بفيروسه والسل والملاريا بمنظمة الصحة، قوله إن "من الأمور المشجعة تزايد عدد الأطفال المستفيدين من العلاج المضاد لفيروس الأيدز، ولكنّ الفرص سانحة أمامنا للقيام بالمزيد"، ووفقا للمنظمة الدولية فإن "فرصة بدء العلاج المضاد لفيروس الأيدز غير متاحة إلاّ لعدد ضئيل جداً من الأطفال الذين لم يبلغوا سن العام، وذلك لعدة أسباب منها عدم توافر الوسائل اللازمة لتحرّي الفيروس لدى تلك الفئة في كثير من الأماكن"، وتشير التقديرات إلى أنّ ثلث الأطفال المصابين بفيروس الأيدز يقضون نحبهم قبل بلوغهم العام الأوّل من العمر وأنّ نصف الأطفال المصابين بذلك الفيروس يهلكون قبل بلوغهم العام الثاني، إذا لم تُتح لهم خدمات التشخيص ويُقدم لهم العلاج بعد ذلك على جناح السرعة، وقال غوتفريد هيرنشال، مدير إدارة الأيدز والعدوى بفيروسه بمنظمة الصحة "إنّ فرص الأطفال للبقاء على قيد الحياة تتزايد بشكل هائل عندما يتم تشخيص العدوى لديهم في مراحل مبكّرة والتعجيل بعلاجها"، ويشار إلى أن كل عام يشهد إصابة نحو 400 ألف طفل بعدوى فيروس الأيدز نتيجة انتقال ذلك الفيروس من الأمّ إلى طفلها، وللحدّ من ذلك الخطر توصي منظمة الصحة بإتاحة الأدوية المضادة للفيروسات لجميع النساء المصابات بفيروس الأيدز من أجل منع انتقاله إلى أطفالهن أثناء فترة الحمل أو خلال الولادة أو الرضاعة. بحسب سي ان ان.

بشرية مقاومة للإيدز

فيما أظهرت دراسة حديثة إمكانية أن يتوصل الانسان في المستقبل، إلى تخليق خلايا في الجسم البشري مضادة لفيروس مرض نقص المناعة المكتسبة المعروف بـ"الإيدز"، مما يتيح للمرضى المصابين به التحكم في الفيروس القاتل دون حاجة إلى تعاطي عقاقير مضادة، وقام فريق من الباحثين من جامعة جنوب كاليفورنيا بنقل خلايا قاعدية من الدم إلى فئران المعمل بعد معالجة تلك الخلايا عن طريق التخلص من البروتين الكائن فيها والذي يعتقد انه يساعد في انتشار فيروس HIV المسبب لمرض الايدز، وتم تعريض الفئران بعد ذلك للفيروس فلم تظهر عليها بعد عدة أسابيع سوى أعراض ضعيفة من الإصابة، أما الفئران التي لم تحقن بالخلايا المعالجة فقد انتشر فيها الفيروس وأصبح جهاز المناعة فيها بادي الضعف، وكان العلماء قد اكتشفوا قبل عقد من الزمان أن الأشخاص الذين لديهم فجوة دقيقة للغاية في العلامة الجينية الموجودة لديهم، والتي تنتج البروتين الذي يساعد على اختراق الفيروس للخلايا ويدعى CCR5 هؤلاء الأشخاص أكثر قدرة على مقاومة فيروس HIV ويتأخر ظهور المرض لديهم من غيرهم، وقادت فريق العلماء من جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجليس البروفيسورة باولا كانون، اتي نشرت نتائج البحث في دورية نايتشر العلمية، ويقول واضعو الدراسة إن تطبيق هذه الطريقة على الانسان يتطلب مزيدا من الأبحاث في المستقبل.

وقف لقاح الجدري

الى ذلك افاد علماء في الولايات المتحدة ان القضاء على الجدري عالميا قد يكون قد ساهم بانتشار فيروس مرض المناعة المكتسب، واضاف العلماء وهم من جامعتي كاليفورنيا في لوس أنجلس، وجورج ماسون بفيرجينيا، بأن النتائج ما زالت اولية وهي بحاجة للمزيد من الدراسات، لكن "اللقاح الذي كان يستعمل ضد الجدري كان يحتوي على مواد تعطي بعض المناعة ضد الايدز، ولكن هذا اللقاح لم يعد يستعمل الآن"، واشار الخبراء بعد تجارب قاموا بها الى ان "اللقاح يعزز مقاومة الجسم للايدز لانه يتدخل مباشرة في الطريقة التي يتكاثر فيها فيروس المناعة المكتسب"، الا انهم قالوا "ان الوقت ما زال مبكرا جدا لمعرفة ما اذا يجب وصف لقاح الجدري كاحد العلاجات"، وقال الدكتور ريموند وينستاين ان "هناك تفسيرات عدة مقترحة للانتشار السريع لفيروس مرض المناعة المكتسب في افريقيا، وهذا يشمل الحرب، وإعادة استخدام الإبر غير المعقمة وتلوث الدفعات الأولى من لقاح شلل الأطفال"، مضيفا بأن "كافة هذه النظريات اما كانت باطلة او أنها لا تفسر بما فيه الكفاية سلوك انتشار الفيروس"، وتفيد الدراسة بأن هناك امكانية بأن يكون "التوقف التدريجي عن استخدام لقاح الجدري خلال الفترة الممتدة من خمسينيات الى سبعينيات القرن الماضي، وذلك بعد نجاح الجهود الدولية للقضاء على المرض، قد ادى الى ارتفاع نسبة الايدز"، الذي بدأ بالانتشار سريعا في تلك الفترة تحديد، ونشرت الدراسة في مجلة "بي. ام. سي. لعلوم المناعة".

وتطرقت الى المراحل الاولى للانتشار السريع للفيروس في مناطق افريقيا الوسطى، حيث تم استئصال الجدري قبل وقف استخدام التلقيح للحماية منه، واستند العلماء في ابحاثهم على تحليل 10 عينات دم سحبت من عشرة أشخاص سبق وتلقوا لقاح الجدري، و10 آخرين لم يتلقوه، وقام الباحثون بعدها بتلويث العينات بالفيروس وتبين لهم انه "لم يستمر بالنمو، أو أن نموه كان بطيئا جدا في دماء الأشخاص الملقحين ضد الجدري"، وتشير الدراسة الى ن "لقاح الجدري ربما يؤدي لتغيرات طويلة المدى في جهاز المناعة تحميه من العدوى"، واعتبر وينشتاين ان "هذه النتائج مثيرة جدا للاهتمام، وربما قد تؤدي إلى سلاح جديد ضد فيروس نقص المناعة المكتسب، لكنها لا تعدو حتى الآن كونها نتائج اولية وان الوقت مبكر جدا للتوصية باستخدام اللقاح لمكافحة الايدز"، يذكر ان فيروس نقص المناعة المكتسب (HIV) يضعف جهاز المناعة وقد يؤدي في النهاية الى الاصابة بالايدز.

تراجع الاصابات الجديدة

بينما اكد التقرير السنوي لبرنامج الامم المتحدة لمكافحة الايدز الذي نشر مؤخراً ان عدد الاصابات الجديدة بهذا المرض في العالم انخفض قرابة الخمس خلال عشر سنوات، وما زال حصول تقدم جديد ممكنا خصوصا بفضل مرهم مهبلي جديد مبيد للجراثيم، واوضحت الوثيقة التي اعدتها الوكالة الاممية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ان حوالى 30 مليون شخص توفوا بالايدز منذ ظهور مرض نقص المناعة المكتسبة في الثمانينات، واصيب به 60 مليونا"، ومنذ 1999 "العام الذي بلغ فيه الوباء ذروته" تراجع عدد الاصابات الجديدة في العالم بنسبة 19%" لتبلغ 2،6 مليونا في 2009 بحسب التقرير، واكد المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة لمكافحة الايدز ميشال سيديبيه في مؤتمر صحافي "ان الاصابات استقرت او انخفضت بشكل ملحوظ في 56 بلدا" بفضل جهود "الوقاية والعلاج"، وفي هذا السياق رحب بتصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر الذي اجاز استخدام الواقي "في بعض الحالات"، معتبرا ان هذا الاعلان "مهم وايجابي" بالنسبة لبلدان مثل البرازيل بشكل خاص، واضاف "ان الحقيقة العلمية (بشان فعالية الواقي الذكري) لا تكفي لاحداث التغيير الاجتماعي، ما هو ضروري هو هذا المرجع الاخلاقي، البابا وعلماء الدين الاسلامي"، ولفت المسؤول الاممي الى انه ينتظر حصول تقدم اخر في مكافحة الايدز، وقال في هذا الصدد "في اطار ثورة الوقاية يرتسم في الافق تقدم حاسم بفضل تجارب على مرهم جديد مبيد للجراثيم يبعث على الامل بالنسبة لجيل كامل من النساء"، وتبشر نتائج التجارب على مرهم مبيد للجراثيم اجراها مركز كابريسا في جنوب افريقيا ونشرت في فيينا في تموز/يوليو لمناسبة المؤتمر العالمي الثامن عشر حول الايدز بوضع وسيلة جديدة لاحتواء الوباء. بحسب فرانس برس.

ويعتبر برنامج الامم المتحدة لمكافحة الايدز ان توفير العلاج لعدد اكبر من المرضى يشكل ايضا مصدر تقدم، ففي 2009 حصل 5،2 ملايين شخص في البلدان ذات الدخل المتدني او المتوسط على العلاج بالادوية المضادة للفيروس مقابل 700 الف في 2004، لكن سيديبيه نبه مع ذلك الى "اننا لم نصل بعد الى حد اعلان الانتصار، وفي 2009 تباطأ نمو الاستثمارات في برامج مكافحة الايدز للمرة الاولى"، واشار برنامج الامم المتحدة الى انه مقابل توفير 15،9 مليار دولار لمكافحة الايدز في 2009 فانه ينقص 10 مليارات من اصل نحو 26 مليارا ضرورية لتغطية الاحتياجات في العام 2010، وقال مدير الوكالة الاممية "انني خائف لانه في حال توقف التمويل سيصبح خمسة ملايين شخص يتلقون العلاج معرضين للموت"، وفي الوقت الذي قلصت فيه الدول الاوروبية مساعدتها المالية، دعا سيديبيه الدول الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل الى زيادة دعمه، كما حث الدول الافريقية على عدم الاعتماد فقط على المساعدة الدولية في تطوير مواردها الذاتية والسير على خطى جنوب افريقي، وبالنسبة للانتشار الجغرافي، تبقى افريقيا جنوب الصحراء الكبرى الاكثر اصابة مع اكثر من ثلثي (67%) اجمالي الاشخاص الذين يحملون فيروس "اتش آي في" وحوالى ثلاثة ارباع (72%) الوفيات المرتبطة بالايدز في العام 2009، فيما يبقى الوباء "مستقرا" في آسيا لا سيما بفضل جهود الوقاية من انتقاله من الام الى الطفل.

الصين تتعهد ببذل المزيد

بدوره ذكر نائب رئيس مجلس الدولة الصينى لي كه تشيانغ، ان الحكومة الصينية ستبذل المزيد من الجهود لاحتواء تفشي فيروس نقص المناعة البشرى/الايدز، وإجراء الابحاث فيما يتعلق باللقاح والادوية، وقال لي خلال زيارته للمركز الصيني للسيطرة على الامراض والوقاية منها فى بكين، "بالرغم من ان الصين حققت تقدما كبيرا فى احتواء فيروس نقص المناعة البشرى/الايدز ، فإن البلاد مازالت تواجه وضعا صعبا"، واضاف انه يتعين على الحكومة على جميع المستويات إدراك ضرورة وأهمية العمل، وتبني المزيد من الاجراءات الفعالة لاحتواء تفشي الايدز، وقال"يتعين علينا ادراك ان حملة احتواء الايدز ستكون طويلة"، وتخطط الحكومة لتقديم المزيد من الدعم للبحوث والتطوير للقاحات وأدوية الايدز، وفقا لما قال، وقال "اننا سعداء بمعرفة انه تم تحقيق تقدم فى ابحاث اللقاح والدواء للايدز، ونأمل فى أن يتحقق تقدم مفاجىء فى البحوث الطبية للقاح، والتشخيص المبكر للمرض، وأدوية الايدز"، واشار إلى أن الحكومة ستستمر فى سياسات تقديم العلاج الطبي المجاني لحاملى فيروس نقص المناعة البشرى الذين لم يغطهم التأمين الصحي، والاختبارات المجانية للكشف عن الايدز، وارشاد المرضى، وكذا الولادة المجانية وبرامج منع انتقال العدوى من الام الى الطفل بالنسبة للامهات حاملات الفيروس، ويتعين على السلطات أيضا تحسين المساعدة لمرضى الايدز والاطفال من آباء حاملين لفيروس نقص المناعة البشرى، وفقا لما قال، وتشير التقديرات الى انه يوجد فى الصين حوالى 740 الف مواطن حامل للفيروس ، وحوالى 100 الف مريض بالايدز من بين 1.3 مليار نسمة. بحسب وكالة الانباء الصينية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/تشرين الأول/2011 - 5/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م