على بعض الحق أن يقال

زاهر الزبيدي

ليس غريباً أن يشتبك الصحفيون مع الحكومة في أمور ما ولكن على تلك العداوة أن لا تصبح هواية يمارسها الصحفي كعادة يومياً وعليه أن يكون محقاً فيما يقوله بجد ليُتم على نفسه الرسالة التي عمل من أجلها ومات من أجلها مئات الصحفيون العراقيون منهم من أحب الحكومة من شغاف قلبه ومنهم من كرهها كرهاً كبيراً لأنه كان يرى مساوئها ويغظ البصر عن بعض محاسنها..

في العراق بعد 2003 الكل يعرف ما حدث والظروف التي كنا نعيشها في ظل التخندق الطائفي وما حدث عندما تدلت في سماءنا أطراف ذيل الطائفية لينشر عطرها القبيح في سماء بغداد والوطن.. فطاحت الرقاب ودفن من دفن حياً ومن دفن دون قبر ومن نامت أجسادهم في بطون السباع وغيرهم أولئك الذين التهمتهم اسماك دجلة وضباع البساتين القصية.

إلا أن ذلك كله (والحمد لله).. لم يرافقه أزمات مثل أزمة الخبز التي ضربت دول متحضرة كثيرة وأخرها كانت مصر عندما حدثت فيها أزمة الرغيف ولازال يعاني حتى اليوم من فقدان للوقود.. وأزمة الوقود المنزلي عندما كانت أنبوبة الغاز المنزلي تصل الى 25 ألف دينار عراقي في حين أن سعرها اليوم قد يصل الى أربعة آلاف دينار أو ان يضربنا وباء فتاك يذهب بالملايين أو حتى بالمئات..

ولم نعاني أزمة جفاف خانقة بحيث لا يمكنا ان نجد الماء ولا حتى ضربتنا مجاعة مفرطة كتلك التي تحدث في الصومال حالياً.. ولا زالت هناك نسبة محددة من أبناء الشعب العراقي قادرون على القيام برحلة بسيطة الى إيران او سوريا مثلاً كل ثلاثة سنوات على أقل تقدير.. وأطفالنا في المدارس كانوا يعانون، وآبائهم، من نقص بالكتب المدرسية وبالتدريسيين واليوم لا يوجد هذا النقص ولم نعد ننام في محطات الوقود وقوفاً في طوابير الحصول على 30 لتر بنزين باستثناء بعض الحالات التي يحدث بها خلل عندما تهاجم بعض المصافي..

أو أن يشب الحريق فيها لتهجم عصابات "البحارة" بقسوة على تلك المحطات ويكتالوا ما يريدون من الوقود، بموافقة أصحاب المحطات طبعاً، وتحدث الأزمة المفتعلة ولكن ليست كتلك التي كانت تحدث قبل 2008.. إذاً هناك تحسن كبير وقياسي في ما تم توفيره من خدمات لأبناء الشعب العراقي.. ولكننا جميعاً لدينا طموح كبير يوازي ما في العراق من ثروات هائلة ومواد بشرية كبيرة.. طموحنا بدأ يتمدد ليتخذ شكلاً أخر قريباً من طموح شعوب دول الجوار.. في أن يكون لكل عائلة عراقية منزل يؤويها ويخلصها من دفع مبالغ الإيجار الكبيرة.. ولكل عائلة مرتب خاص بها يكفل لها عيشاً متوسطاً.. وأن يحظى أبناءنا بمدارس نظيفة متكاملة التجهيز وفق النماذج القياسية العالمية وأن يكون هناك عمل بانتظار أبناءنا خريجو الكليات والمعاهد يخدموا من خلاله وطنهم..

 وأن تكون للحكومة القابلية على زرع الأمن والأمان بنفوسنا أولاً من خلال هيبتها التي قاربنا على نسيانها وسط المخاوف التي تطال اغلبنا من العمليات الإرهابية.. وأن تكون للحكومة خطة قوية للتخلص من مخلفات الاحتلال بأنواعها الاقتصادية والنفسية والاجتماعية وبتر العادات الداخلية على المجتمع ونشر روح التسامح بين أبناء الشعب الواحد في الشارع والمحلة.. والبدء بخطة أعمار النسيج الاجتماعي والنفسي للعراقيين وجعلهم شعباً قابلاً على الاختلاط مع شعوب العالم وفهم الحضارة الإنسانية التي نطمح أن نكون جزءاً مؤثراً ايجابياً فيها كما كنا..

وأن تعمل مؤسسات الحكومة كافة وفق مبدأ الشعب دائماً على حق وسماع شكاوى أبناءه بكل حرص وتفان وحلها بأسرع وقت وتسهيل التشريعات اللازمة لها.. وأن ينعم العراقيون براحة محددة في منازلهم وأن نبعد كل المشاريع التي تخص حياتهم اليومية عن الخصخصة.. لكوننا لا نريد أن يتحكم أحد ما بشعبنا وأن لا نعالج المشاكل بالحلول الترقيعية التي طالما اصبحت مضيعة للمال والجهد بل نضغط على الزمن ونختصر المسافات في إيجاد الحلول النهائية لمشاكلنا الكبيرة كالكهرباء مثلاً من خلال النظر الى العالم بعين الانفتاح..

 وجميع ما ورد أعلاه هو ليس من المستحيل بشيء فكل الأمور أضحت واضحة أمام الحكومة ورئيسها بعدما أصبحت لها رؤية واضحة لما يحتاجه الوطن بعد السنوات التي مرت عجاف من أي مشروع كبير يؤشر على حالة من حالات التقدم الستراتيجية في مفاصل الحياة.. وما علينا الآن إلا أن نبدأ بطرق الحديد إيذانا ببدء مرحلة جديدة من الخطط التي تكفل لنا تقديم الحياة الحرة الكريمة للشعب الذي بدأت مطالبه تزداد يوماً بعد يوم وعلينا اللحاق بها لا جعلها تلهث خلفنا ونحن أولي الأمر منها ورعاتها.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/تشرين الأول/2011 - 5/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م