قراءة في حراك التيار الصدري

رجل قد يحدد مسار العراق

كتب المحلل السياسي

 

شبكة النبأ: يخوض التيار الصدري حراكا سياسيا واجتماعيا واسعا، ولاشك ان تصريحات السيد مقتدى الصدر ومواقفه ابتداءا من تحذيراته في ضم بعض الاراضي المتنازع عليها الى اقليم كردستان وحول المقاطعة الاقتصادية للشركات الأجنبية العاملة في العراق بمجال النفط والغاز بات أمر واضحا من ان التيار الصدري أخذ يتصدر مواقع كبيرة في البلد وله تأثير سياسي على الواقع العراقي في حين يخطط انصار التيار الصدري وقياداته في العراق الى استراتيجية نحو تثبيت صفوفهم تحت كيان تحت اسم الممهدون، ويعترف الكثير من انصار التيار الى انهم قاتلوا مع جيش المهدي وأنهم على استعداد للقتال مرة أخرى إذا أمرهم مقتدى الصدر بذلك. وتساءل محللون سياسيون عما سيفعله الصدر لاسيما مع اقتراب موعد الانسحاب النهائي للقوات الأميركية من العراق.

وتكون تشكيل الممهدون بعد حل جيش المهدي عام 2008، ويعتقد محللون سياسيون ان السيد مقتدى الصدر يحاول إثارة الشارع ومقاومة النفوذ الأميركي بالكلمات، ويبدو أنه يضع العراق على مفترق طرق، حيث سيحدد الاتجاه الذي يقرره المستقبل القريب للدولة مع تراجع الدور الأميركي عسكريا.

ويعتقد خبراء  في صحيفة نيويورك تايمز أن مقتدى الصدر من أكثر الشخصيات العامة في العراق إثارة للجدل، حيث مر بمختلف المراحل منذ الغزو الأميركي متحولا من رجل حرب الشوارع إلى المنفى خارج العراق إلى السياسي صاحب النفوذ الذي لعب الفصيل الذي يقوده دورا هاما في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

يقول الكولونيل دوغلاس كريسمان قائد الجيش الأميركي الذي يتابع النشطاء التابعين للصدر في الجنوب قوله: من الواضح أن الصدر يحاول اتخاذ قرار بشأن خطوته المقبلة ووضع تياره في خريطة العراق المستقبلية مشيرا في هذا السياق إلى إصرار الصدر على إطلاق رسائل مناهضة للأميركيين في الفترة الماضية.

إلى أن المراقبين ينظرون إلى ما يقوم به مقتدى الصدر باعتباره محاولة لإقامة دولة داخل الدولة، مثل حزب الله في لبنان، إلى أن يتمكن من تولي السلطة في العراق. وقالت ماريسا كوكرين سوليفان نائبة رئيس معهد دراسات الحرب في واشنطن ومن المحللين للشأن العراق "هناك بالتأكيد رغبة في أن يكون العراق نموذجا يمثل إعادة إنتاج بعض ملامح حزب الله في لبنان".

وفي الواقع لا ينفي قادة التيار الصدري في العراق أوجه الشبه بينهم وبين حزب الله، ولكنهم يشيرون إلى الاختلافات في الجذور المحلية لكل من الحركتين. وبحسب ما يقوله مهند الغزاوي أحد القادة البارزين في التيار الصدري ببغداد فإن أوجه الشبه هي الانتماء الشيعي وكلتا الحركتين من حركات المقاومة، لكن الخلاف -والكلام للغزاوي- إن مقتدى الصدر رجل عراقي يستوحي فتواه من أبيه، في إشارة إلى آية الله العظمى محمد صادق الصدر أحد الشيعة البارزين الذي اغتيل في زمن نظام صدام عام 1999.

إلى أن القادة في العراق يفتقدون الكاريزما السياسية والشعبية بين العراقيين، ولكن في المقابل يحظى الصدر بشعبية متنامية في الشارع العراقي وقدرة على التأثير على الشارع العراق، لاسيما حين رفض أن يشارك أتباعه في الاحتجاجات ضد الحكومة العراقية، الأمر الذي وفر الحماية لحكومة نوري المالكي في خضم أحداث الربيع العربي التي أطاحت بحكومات من الشرق الأوسط.

بيد أن خبراء أشاروا إلى أنه من سمات المالكي التغير والتقلب، وهو الأمر الذي حدث مؤخرا حين طالب حكومة المالكي بتوفير وظائف وتحسين الخدمات وتقديم حصة أكبر من الموارد النفطية للشعب. احتشد أتباع الصدر بعد صلاة الجمعة في عدد من معاقل الصدر في بغداد ومدن العراق الجنوبية ومنها النجف والبصرة ضد الحكومة وحملوا أجهزة منزلية معطلة كرمز للانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.

وفي دولة يفتقر كثير من السياسيين فيها إلى قاعدة شعبية، لا تزال شعبية الصدر في الشارع العراقي تتأرجح. وقد حد قراره بمنع أتباعه من الانضمام إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة في فبراير/ شباط مد الغضب الشعبي بسبب الفساد ومستوى الخدمات المتراجع وغياب فرص العمل، وحمى المالكي من اندلاع انتفاضة في خضم الربيع العربي.

ويرى محللون سياسيون إن حث الصدر أتباعه على الخروج للتظاهر في الشوارع يثير الكثير من المتاعب للمالكي، حتى إن كانت تجمعات يوم الجمعة قصيرة المدة؛ حيث لم تتجاوز 20 دقيقة في مدينة الصدر، ولم تتمتع بالزخم مثل مظاهرات الصدر السابقة، التي حدثت خلال العام الحالي ضد القوات الأميركية وتضمنت إشعال النار في الأعلام الأميركية. ويقول أحد الدبلوماسيين الغربيين عن إمكانية حشد التيار الصدري للناس في الشوارع: يشعر المالكي بقلق شديد من احتمال حدوث ذلك.

ومن مواقف الصدر الأخيرة فقد قال ان المقاطعة الاقتصادية للشركات الأجنبية العاملة في العراق بمجال النفط والغاز تضر بها أكثر مما لو تم محاربتها.

وأضاف في بيان أورده المكتب الاعلامي للهيئة السياسية للتيار الصدري في معرض رده على سؤال بشان منع شركات النفط والغاز وغيرها التي خططت ودعمت وساندت حكومات ودول وجيوش العدوان والاحتلال ولو بكل وسائل القوة المتاحة إذا دخلت ارض العراق: إذا كان هناك عمال او ملاك من المسلمين فذلك منوط بإذن الحاكم الشرعي ... وأما أنا فامنع ... بل تجب هدايتهم أو مقاطعتهم. وشدد على ان المقاطعة الاقتصادية تضر بهم أكثر مما لو حاربتهم.

من جانب آخر حذر الصدر، من محاولات ضم قضاء خانقين والنواحي التابعة له الى إقليم كردستان، مبينا أنه حذر مرارا من أن الفدرالية ستجر البلاد إلى أمور لا يحسد عقباها.

ونشرت حكومة إقليم كردستان خلال الأسابيع الماضية قوات من البيشمركة حول مناطق تابعة لخانقين لتوفير الحماية إلى سكان تلك المناطق، بعد تصاعد أعمال العنف التي يقول الكرد أنها تستهدف أغلبها السكان من القومية الكردية بغية تهجيرهم من مناطقهم.

وكان رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني التقى في 22/ ايلول سبتمبر الجاري بقائممقامية قضاء خانقين وشخصيات كردية وجمع غفير من المواطنيين، وقال إن الهدف الرئيسي من نشر قوات البيشمركة في المناطق التابعة لقضاء خانقين تهدف إلى توفير الحماية لأبناء القضاء من مختلف القوميات (العرب والاكراد والتركمان)، وأن مهامهم الامنية لا تنحصر لحماية قومية دون اخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/تشرين الأول/2011 - 4/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م