مواقف واتجاهات الشباب في العراق

المهندس لطيف عبد سالم العكيلي

برعاية الأستاذ علي محمد الاديب وزير التعليم العالي والبحث العلمي وبحضور الاستاذ الدكتور حسن القرشي رئيس الجامعة المستنصرية وممثلي وزارتي التخطيط والشباب والرياضة ومنظمات المجتمع المدني وعمداء الكليات وحشد كبير من الاكاديميين والاختصاصيين اقام قسم الدراسات الاقتصادية في مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية بالجامعة المستنصرية حلقة نقاشية ضيف فيها الدكتور مهدي محسن العلاق وكيل وزارة التخطيط لعرض ورقته الموسومة (مواقف واتجاهات الشباب في العراق من منظور احصائي)..

 وقد كانت هذه الحلقة النقاشية التي ادارها الدكتور عبد الستار البياتي من مركز المستنصرية من الاهمية بحيث انها حظيت بنقاشات معمقة اعقبت عرض الباحث لورقته التي تضمنت بيانات استخلصت من عملية المسح الوطني للفتوة والشباب عام 2009، حيث شمل الاستبيان مجالات التعليم، العمالة، التشغيل، الصحة العامة، الامراض المنقولة جنسيا، الصحة الانجابية، الحالة التغذوية، الحالة النفسية والاجتماعية واوقات الفراغ، الاعلام والثقافة والشباب والرياضة.

وليس من شك في ان مطالب الشباب تعبر عن مطالب المجتمع ذاته، فما يطلبه الشباب لايقف عند حدود فرص العمل، بل يتعداها إلى فرص الحياة.

 وقد ورد في مدخل ورقة الدكتور العلاق ان قضية الشباب تشغل مكانة مركزية في اولويات واستراتيجيات التنمية الوطنية في العراق. وان الخلفية الديموغرافية لمشكلات الشباب تتلخص في انهم يؤلفون نسبة عالية من الهرم السكاني بالعراق كما هو الحال في كثير من البلدان النامية. غير أن الشباب العراقي عانى مشكلات مركبة، وكان ضحية سياسات غير مسؤولة دفعت به الى اتون الحرب وفشلت في ايجاد فرص عمل كافية ومناسبة له، وتأطيره في الحياة العامة.

 تطرق الدكتور مهدي العلاق إلى اصطلاح (الهبة الديموغرافية) التي وصفها بتحول ديموغرافي في السكان نتيجة انخفاض معدلات الإنجاب بحيث يتحول المجتمع الذي غالبيته من الاطفال وصغار السن والمعالين الى مجتمع يشكل فيه السكان في سن العمل والانتاج المجموعة الأكبر، أي أن معدل نمو السكان النشطين اقتصاديا في الفئة (15--64) سنة يتجاوز معدل النمو للفئات السكانية المعالة وهم صغار السن (دون سن 15 عام) وكبار السن (65 عاما فأكثر).

 وبالاستناد على البيانات يصل عدد الشباب في العراق الى ثمانية ملايين نسمة، وهو عدد قابل للزيادة ويشكل فرصة ديموغرافية للنمو الاقتصادي، بيد أنها مشروطة باستجابة السياسات الاجتماعية والاقتصادية في البلد، فضلا عن ان زيادة عدد السكان في سن العمل ستؤدي الى احداث ضغوطات كبيرة على سوق العمل وتحد من امكانية استيعابها للقادمين الجدد من الافراد.

 وفيما يخص الإستراتيجية الوطنية للشباب لخص الباحث عواملها المؤسسية بالتحديات التالية:

 1. غياب السياسة الوطنية الشاملة الموجهة للقطاع الشبابي، مما يجعل الخدمات المقدمة للشباب محدودة.

2. التعدد وغياب التنسيق في المؤسسات التي تقدم خدماتها للشباب.

3. حالة القلق التي تهيمن على الشباب جراء عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

 4. عدم وجود سياسات تشغيل ملائمة لخلق فرص عمل جيدة للشباب العاطلين.

 5. افتقار الشباب في العراق الى استراتيجية يمكن الاستدلال بها او تطويرها.

 6. صعوبة التعرف على مواقف وسلوك واتجاهات وممارسات الشباب العراقي في ظل التغيرات الكبيرة في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

 7. ضعف المشاركة المجتمعية ومساهمات منظمات المجتمع المدني في التأثير على السياسات العامة الثقافة والإستراتيجية ومساهمات منظمات المجتمع المدني في التأثير على السياسات العامة.

وقد حددت الورقة مقومات بناء الإستراتيجية الوطنية للشباب بالمحاور التالية:

• تحديد الفئة العمرية للشباب.

• تحديد الرؤية الإستراتيجية.

• تحديد المنظور الاستراتيجي والمبادئ الأساسية للإستراتيجية.

وحول تنمية وتوظيف قدرات الشباب أشار الباحث إلى اصطلاح (التمكين) الذي عرفه بالاستناد على أدبيات جامعة الدول العربية بــ (عملية تكوين وتنمية وتوظيف قدرات الشباب لإنتاج وتوزيع فرص الحياة انطلاقا من الالتزام بحقوق الشباب وتكافؤ الفرص بين جميع شرائحه، وخاصة بين الذكور والإناث لتحرير إرادته وتوسيع خياراته ومبادراته من اجل المساهمة الايجابية في صنع القرارات).

ثم عرج الدكتور العلاق على الإبعاد الثلاثة لتمكين الشباب على وفق ما هو مبين تاليا:

1. البعد السياسي (الديمقراطية، المواطنة وحقوق الإنسان)

2. البعد الاقتصادي (توفير العمل والحصول على الدخل)

3. البعد الاجتماعي (العدالة، الإنصاف وتكافؤ الفرص)

وقد أوجز الباحث المبادئ الأساسية للإستراتيجية الوطنية بالمحاور الخمسة التالية:

• المبدأ الإنساني

• المبدأ التربوي

• مبدأ التغيير

• مبدأ التطوير

• أهداف الإستراتيجية

في حين حددت الورقة الأهداف التي تم بموجبها بناء عناصر الإستراتيجية بخمس عنوانات هي: الشباب والإنتاج، الشباب والمجتمع، الشباب والصحة، الشباب والهوية والبنية المؤسسية الحاضنة للسياسات الشبابية.

 وعلى وفق النتائج المستحصلة من البحث، اقترحت الورقة المؤشرات المبينة تاليا:

1. رفع معدل النشاط الاقتصادي للشباب

2. خفض البطالة بين الشباب

3. تخفيض نسبة الفقر بين الشباب

4. تغيير أنماط عمل الشباب

 وفي ختام البحث حدد الدكتور مهدي العلاق السياسات والاجراءات المقترحة لبناء الاستراتيجية الوطنية للشباب بما موضح تاليا:

 1. تحقيق الترابط بين سياسات التعليم والمشروعات الاستثمارية وسياسات التشغيل

 2. تحفيز القطاع الخاص على تشغيل الشباب والتزامه بقوانين العمل والضمان

 3. نقل التكنولوجيا الملائمة للانتاج وحاجات الشباب للعمل وحقوقهم

4. توسيع قاعدة الملكية الصغيرة، والاهتمام بتدريب الشباب وتأهيله

5. وضع أو تبديل قوانين العمل وتشجيع برامج بناء القدرات

 6. اعداد قواعد بيانات حول الايدي العمالة الشابة وانشاء مكاتب للارشاد والتوجيه الوظيفي والمهني وتنفيذ برامج لتدريب الشباب.

7. حث النقابات ومنظمات المجتمع المدني على توفير فرص التدريب للشباب

8. التأكيد على مواجهة كل انواع التمييز بين الشباب والشابات في فرص العمل

9. تصميم وتنفيذ برامج رعاية ومشورة الخريجين والذين حصلوا على دورات تدريبية وقروض صغيرة.

10. وضع أنظمة عمل مرنة تستجيب لاحتياجات الشباب.

11. التركيز على وضع انظمة حماية للتخفيض من الفقر بين الشباب ذكور واناث

12. مراقبة العلاقة بين مستويات الاجور ومعدلات التضخم والتعديل الدوري للحد الأدنى من الأجور.

13. مراقبة أسواق العمل غير النظامية لضمان عدم استغلال الشباب والفتيان من هم دون (15) سنة واجراء الدراسات والمسوح الدورية حول احتياجات ومتطلبات سوق العمل.

 جدير بالإشارة أن هذه الورقة هي نتاج جهود وطنية مؤسسية ممثلة بوزارة الشباب والرياضة، الجهاز المركزي للإحصاء، وزارة الشباب والرياضة / إقليم كردستان، هيئة إحصاء إقليم كردستان وجهود وطنية بحثية ممثلة بخبراء عراقيون، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان والجامعة العربية، وبإشراف مكتب كفاءات الرافدين

وقد نفذت الكوادر الفنية الإحصائية والشبابية المسح الوطني للفئة العمرية (10 – 30) سنة التي تشكل 0 4 % من السكان في (18) محافظة خلال الفترة (من 25 /3 ---إلى 13 / 4) من عام 2009 م.

 يذكر أن هذا الاستبيان كان قد شمل ما مجموعه (6730) عينة عشوائية من الأسر، فضلا عن معاينة (15080) فردا.

* باحث وكاتب

haylatif@yahoo.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/تشرين الأول/2011 - 4/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م