
شبكة النبأ: ما يحدث في البحرين
وخارجها يعكس الوجه البشع لحقيقة الأنظمة السياسية وطبيعة الازدواجية
في المعايير التي يتبعها المجتمع الدولي، سيما الدول الغربية التي
طالما تشدقت بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان و حق تقرير الشعوب في
الحياة.
الأمر الذي أطلق العنان للمنظومة الخليجية من ما يعرف نادي الملوك
لكبت وقمع حركات التحرر والإصلاح بكافة السبل والوسائل غير الشرعية،
كما يحدث في البحرين منذ ما يوازي ثمان اشهر.
فالسلطة البحرينية وبعد فشلها في فرض الأمر الواقع على الشعب
المتطلع للتغيير لا تزال تمارس شتى أنواع الكبت والاستبداد في ظل
الشرعية الغربية التي مكنتها من التسلط على العباد والبلاد دون اي حسيب
او رقيب.
حيث لا تزال تسجل وبشكل شبه يومي جرائم بحق المدنيين على يد قوات
الدرك الحكومي بمعية ما يسمى درع الجزيرة الذي استباح طيلة الفترة
الماضية معظم المحرمات في تلك الدولة ماديا ومعنويا، كما لا تزال حملات
الاعتقال والعقاب الجماعي تمارس بحق اغلبية الشعب البحريني في الوقت
الذي تزج رموزه في غياهب السجون دون ذنب او جريرة سوى التطلع لمستقبل
حر وديمقراطي يؤمن العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية لطوائف الشعب
وشرائحه المقهورة.
أحكام السجن المؤبد
فقد قالت وكالة أنباء البحرين ان محكمة عسكرية بحرينية أيدت مؤخرا
أحكام السجن المؤبد الصادرة على زعماء من المعارضة الشيعية لتنظيمهم
احتجاجات اوائل العام. وقضت محكمة السلامة الوطنية الاستئنافية التي
تشكلت خلال فرض حالة الطواريء التي أنهيت في مايو ايار بالسجن المؤبد
على ثمانية من بين 21 متهما في يونيو حزيران. وحوكم أحد الثمانية الذين
صدر عليهم حكم بالسجن المؤبد غيابيا لانه يعيش في الخارج.
ومن بين الثمانية النشط المدافع عن حقوق الانسان عبد الهادي الخواجة
وزعماء من المعارضة مثل حسن مشيمع الذي دعا الى قيام نظام جمهوري في
مملكة البحرين. وكان من بين المدانين أيضا زعيم حزب الوعد العلماني
ابراهيم شريف وهو سني وأيدت المحكمة الحكم الصادر عليه بالسجن خمس
سنوات. بحسب رويترز.
وأدين المتهمون الواحد والعشرون بتهم منها "تأسيس وادارة جماعة
ارهابية لقلب دستور الدولة ونظامها الملكي" و "التحريض على بغض طائفة
من الناس والازدراء بهم" و "جمع واعطاء أموال للجماعة الارهابية" و "السعي
والتخابر مع منظمة ارهابية في الخارج تعمل لصالح دولة أجنبية" في اشارة
الى ايران. وذكرت الوكالة ان المدانين مازال يمكنهم الطعن في الحكم
امام محكمة مدنية كما يمكن الافراج عنهم اذا اصدر الشيخ حمد بن عيسى ال
خليفة ملك البحرين عفوا عنهم.
ويقول أقاربهم انهم عذبوا وشكلت البحرين لجنة من خبراء القانون
للتحقيق في مزاعم انتهاكات ارتكبت خلال فرض حالة الطواريء. ومن المقرر
ان تعلن اللجنة عما خلصت اليه الشهر المقبل.
وسحقت البحرين التي تستضيف الاسطول الامريكي الخامس الاحتجاجات في
مارس اذار بعد تعثر محادثات الاصلاح السياسي قائلة ان المتظاهرين
وراءهم مقاصد طائفية شيعية ويلقون مساندة من ايران. وأرسلت السعودية
قوات الى البحرين للمساعدة في انهاء الاحتجاجات.
ويطالب الشيعة باصلاحات سياسية تعطي البرلمان المزيد من السلطات
التشريعية وتغيير رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفة الذي
يشغل المنصب منذ عام 1971. كما يطالبون باعادة كثيرين فصلوا من وظائفهم
لمشاركتهم في الاحتجاجات.
وتقول حكومة البحرين التي تضغط عليها واشنطن لاجراء حوار مع جماعة
الوفاق أكبر احزاب المعارضة وهي جماعة شيعية انها ستعطي المجلس الوطني
(البرلمان) سلطات أوسع لمراقبة اداء الوزراء وان الاشتباكات المستمرة
تعوق تعافي الاقتصاد. ولم يكن من بين المدانيين اي من اعضاء الوفاق.
كما حكمت محكمة السلامة الوطنية البحرينية ايضا على 32 شخصا بالسجن
15 عاما بتهم ارتكاب اعمال عنف "بغرض ارهابي" على خلفية التظاهرات التي
هزت المملكة هذا العام، حسبما اعلن النائب العام العسكري يوسف فليفل.
ونقلت وكالة الانباء البحرينية الرسمية عن المدعي العسكري قوله ان
المتهمين ادينوا بتهم "اشعال حريق من شأنه تعريض حياة الناس واموالهم
للخطر (...) وسرقة منقولات وحيازة عبوات قابلة للاشتعال (...) حيث وقعت
جميع تلك الافعال تنفيذا لغرض ارهابي".
وقالت الوكالة ان بإمكان المحكوم عليهم الاستئناف ضد الحكم أمام
محكمة الاستئناف العليا الجنائية بالمحاكم العادية. وكانت محاكم
السلامة الوطنية اصدرت احكاما بحق العديد من الاشخاص في البحرين.
وفي ذات السياق قامت السلطات سجن رئيس نقابة المعلمين عشر سنوات
ونائبته ثلاث سنوات لادانتهما بالحض على الكراهية في المملكة والدعوة
للاطاحة بالنظام الملكي خلال احتجاجات شهدتها البلاد في وقت سابق من
العام. وأدين مهدي عيسى محمد ابو ديب ونائبته جليلة محمد رضا السلمان
بتهمة تعطيل المدارس ونشر أنباء كاذبة وتهديد الامن القومي وتشجيع
المسيرات والاعتصامات.
وقالت وكالة أنباء البحرين انه في حكم منفصل قضت المحكمة بالسجن 15
عاما على سبعة أشخاص زعم انهم قاموا بقطع لسان مؤذن اسيوي. ويشكو بعض
الاسيويين المقيمين في البحرين من هجمات ينفذها شيعة غاضبون من سياسة
الاسرة الحاكمة التي تمنح الجنسية لاسيويين سنة لتعديل الميزان السكاني
لصالحهم بحسب السلطة.
كما حكم على أربعة بحرينيين اخرين بالسجن لمدد تراوحت بين عام
وثلاثة أعوام لاخفاء اثنين من المطلوبين. كما حكم بالسجن على خامس لمدة
ثلاث سنوات لعدم ابلاغه عن دهس اثنين من أفراد الشرطة.
اعتقال النساء
الى ذلك قالت البحرين انها أفرجت عن 25 امرأة شيعية اعتقلن الاسبوع
الماضي في احتجاج بمركز تسوق من أجل اصلاحات سياسية في المملكة ونفت
تعرضهن لانتهاكات أثناء الاحتجاز.
وكانت الشرطة احتجزت 45 امرأة رددن هتافات مناهضة للحكومة في مركز
تسوق بالمنامة قبل يوم من الانتخابات البرلمانية التكميلية التي
قاطعتها جمعية الوفاق الوطني الاسلامية كبرى المنظمات الشيعية المعارضة
بالمملكة.
وقال بيان حكومي ان النساء اللائي كان بينهن سبع قاصرات تجولن في
مركز التسوق وأحدثن حالة من الذعر بين الاسر التي كانت تقوم بالتسوق في
نهاية الاسبوع! وقال مسؤول بوزارة الداخلية في بيان ان المزاعم عن تعرض
النساء لسوء المعاملة أثناء احتجازهن غير حقيقية.
وقالت منظمة العفو الدولية انها تخشى من تعرض المحتجزات للتعذيب.
واضافت المنظمة ومقرها لندن "لقد تم احتجازهن دون أوامر اعتقال وجرى
استجوابهن دون وجود محامين وتردد ان بعضا منهن تعرضن للتعذيب أو سوء
المعاملة." بحسب رويترز.
وهددت الاعتقالات بتصعيد حدة التوتر بين الشيعة وقوات الامن التي
تدور بينهما اشتباكات بشكل شبه يومي في الكثير من التجمعات الشيعية
بالجزيرة.
ودعت مجموعة ائتلاف شباب 14 فبراير شباط وهم نشطاء شاركوا في
الانتفاضة يوم الاثنين الى تصعيد الاشتباكات مع الشرطة. وفي اشارة
لاحتجاز النساء قالت المجموعة ان الاجراءات الامنية ذهبت الى ابعد مدى.
اقبال ضعيف على الانتخابات
من جهة أخرى أظهر موقع حكومي بحريني على الانترنت ان نسبة الناخبين
الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التكميلية بلغت 17.4 في المئة بعد
ان قاطعت الاغلبية الشيعية الانتخابات في اعقاب سحق حركة احتجاجية هذا
العام.
وتخلت جمعية الوفاق الوطني وهي أكبر جماعة معارضة في البحرين عن 18
مقعدا في مجلس النواب بعد ان قتلت قوات الامن محتجين في بداية مظاهرات
تطالب بالديمقراطية في فبراير شباط.
وتفيد الارقام التي نشرها موقع الحكومة الخاص بالانتخابات بأنه لم
يدل سوى 25130 ناخبا من بين 144513 ناخبا بأصواتهم في 14 دائرة
انتخابية ويمثلون 17.4 في المئة. وجميع المرشحين من المستقلين الذين
كانوا سيواجهون صعوبة بالغة في الفوز لولا مقاطعة المعارضة.
ولم يجر التصويت في اربع دوائر فاز فيها المرشحون بالتزكية. ومن بين
المقاعد الاربعة عشر التي جرى التنافس عليها ستجرى جولة اعادة على تسعة
مقاعد في الاول من اكتوبر تشرين الاول حيث لم يستطع اي مرشح تحقيق
الاغلبية.
ويمثل الاقبال الضعيف انتصارا لجمعية الوفاق التي دعت الناخبين
لمقاطعة الانتخابات التكميلية. وتوقعت الوفاق أن تبلغ نسبة الاقبال على
التصويت 15 في المئة وقالت الحكومة انها تأمل ان تبلغ 30 في المئة على
الاقل.
وألقت الحكومة باللائمة في ضعف الاقبال في بعض الدوائر على ترهيب
الناخبين. لكن الشيخ علي سلمان زعيم جمعية الوفاق قال ان النتائج توضح
ان البحرينيين يرفضون اصلاحات الملك وان الحكومة عليها الاختيار بين
التحول الى الديمقراطية و"الدكتاتورية".
وقال في مؤتمر صحفي في مقر جمعية الوفاق في المنامة انه يجب ان يحدث
تداول سلمي للسلطة. وأضاف انه اذا لم تشهد البلاد عملية انتقالية فستظل
تواجه ازمة فيما يتعلق بالامن وحقوق الانسان. وقال ان هذه لحظة تاريخية.
ورغم رفع الاحكام العرفية في مايو ايار فلا تزال الاشتباكات تتواصل
كل ليلة تقريبا في الكثير من المناطق الشيعية بالبلاد. وقال مايكل
ستيفنز وهو باحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في قطر ان
الانتخابات كانت استفتاء على الحوار الوطني الذي اجراه ملك البلاد وان
مملكة البحرين تواجه حاليا مأزقا خطيرا.
وقال "بالنظر الى ما قاله الملك حمد بشأن الطبيعة العاجلة للاصلاحات
فان السؤال هو ما اذا كان يستطيع القيام بذلك. واذا لم يستطع فانني
اعتقد ان البحرين ستواجه مشكلات خطيرة..سنشهد تصاعدا للعنف."
خلافات العائلة المالكة
من جانب آخر أعيد ضباط الشرطة البحرينيون ذوو الرتب العالية الى
مناصبهم بعد تجميدهم على خلفية قمع الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد
في شهر فبراير/شباط الماضي، وهو ما يشير إلى الخلاف المحتدم في أوساط
عائلة آل خليفة الحاكمة حول المدى الذي يمكن الذهاب اليه في قمع
الاحتجاجات.
هذا ما نطالعه في مقال نشر في صحيفة الاندبندنت البريطانية الصادرة
والذي كتنبه باتريك كوكبيرن بعنوان 'الصراع على السلطة يعمق الانقسامات
في أوساط العائلة الحاكمة في البحرين'. وينسب كاتب المقال الى المعارضة
البحرينية القول ان 90 في المئة من ضباط الشرطة الأردنيين الذين أساؤوا
معاملة المحتجين قد ألغيت عقودهم وسيعادون الى الأردن، وليس واضحا إن
كان ذلك يهدف الى تطهير الجهاز الأمني من الذين انتهكوا حقوق المحتجين
أو لإبعاد الشهود عن مسرح القضية.
وتزداد الخلافات حدة في أوساط العائلة الحاكمة مع وجود شرخ بين
الإجراءات التي يعلنها المك حمد بن عيسى آل خليفة بهدف المصالحة مع
الأغلبية الشيعية وبين ما يطبق منها على أرض الواقع، فمثلا بالرغم من
أنه وجه تعليمات لشركات خاصة بإعادة استخدام 2500 شيعي جرى الاستغناء
عنهم نتيجة الاحتجاجات الا أن الكثيرين منهم لم يستطيعوا العودة الى
أماكن عملهم.
ويتزعم المتشددين في العائلة الحاكمة قائد الجيش خليفة بن أحمد،
وشقيقه وزير البلاط الملكي الشيخ خالد بن أحمد، كما يرى الكاتب الذي
يضيف أن المتشددين المدعومين من السعودية سعوا الى تهميش ولي العهد
سلمان بن حمد الذي ينظر اليه على انه الأكثر ليبرالية في العائلة
الحاكمة.
وقد اتخذت وسائل الاعلام موقفا تحريضيا ضد الشيعة وادعت ان إيران
قامت بالتحريض على القيام بتمرد مسلح، دون وجود دليل على ذلك، وقال
محمد صادق من منظمة 'العدالة للبحرين' الحقوقية إن من بين الذين فقدوا
وظائفهم 25 صحفيا كانوا يعملون في صحيفة الأيام ولم يستطيعوا العودة
للعمل في الصحيفة حتى الآن.
سلفي البلاط
من جهته قال رجل دين سلفي متطرف معروف بانحيازه للبلاط الملكي ان
الدعوة لاقالة رئيس وزراء البحرين الذي يشغل منصبه منذ فترة طويلة وهو
ما تطالب به الغالبية الشيعية هو خط أحمر بالنسبة للسنة في المملكة
الخليجية.
وقال جاسم السعيدي وهو نائب في البرلمان عن منطقة الرفاع وهي معقل
للسنة ان الشيخ خليفة بن سلمان ال خليفة يجب ان يستمر في المنصب الذي
يشغله منذ استقلال البحرين عام 1971 .
وقال السعيدي "رئيس الوزراء خط أحمر بالنسبة لنا." وذكر ان السنة لن
يرضوا ببديل للرجل الذي قضى حياته في خدمة البحرين مضيفا ان أكثر من
ثلثي مواطني البحرين يريدون بقاءه في المنصب. واستطرد ان المواطنين
يتغنون بحب الشيخ خليفة لانه الرمز الحي لهذه الدولة الصغيرة.
وخليفة الذي يعتقد ان له مصالح هائلة في قطاع الاعمال شخصية لا
تتمتع بشعبية بين كثيرين من الشيعة لكن السنة يعتبرونه حامي مصالحهم.
ورفض السعيدي المعروف بارائه السلفية المتزمتة الكشف عما اذا كان السنة
سيقبلون تقديم تنازلات في البرلمان.
وعبر السعيدي عن رأي يتبناه الكثير من سنة البحرين وهو ان الجماعات
الشيعية المعارضة بقيادة جماعة الوفاق تتامر مع ايران وحزب الله
اللبناني الشيعي لاقامة دولة دينية. وتنفي الوفاق تلك الاتهامات.
وعبر السعيدي عن ثقته بان ملك البحرين الشيخ حمد لن يطبق المزيد من
الاصلاحات رغم مطالبة واشنطن بان تدخل الحكومة محادثات مع الوفاق. وقال
انه لا يعتقد ان الزعامة ستتبنى مثل هذا الدور لانها تدرك ان المجتمع
متنوع وذكر ان كل المحادثات يجب ان تجري في اطار البرلمان. |