(بلا الجنسية)... عندما يفقد الانسان دليل انتمائه الى وطنه

12 عشر مليون شخص بلا جنسية حول العالم

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: باتت بطاقة الجنسية والاحوال المدنية ابرز ما يثبت الفرد انتمائه الى المكان الذي يعيش فيه، ودليل ثبوتية يمنح المواطن حقوقة المفترضة في الوطن الذي ينتمي اليه، وهو يعتبر حق إنساني أساسي يجب ان يمتلكه الجميع.

وعلى الرغم من كون تلك البطاقة المعتمدة لدى الدول حق طبيعي لكل شخص له جذور في المكان الذي شب فيه او ولد، الا ان الاحصائيات تشير الى حرمان الملايين من الافراد من ذلك الحق، في الكثير من الدول وحسب القوانين التي تتبعها. مما  تسبب لتلك الشرائح انتهاك واضح لحقوق المواطنة وحق الحياة في البلاد التي تنتمي اليها.

حيث برزت العديد من الاشكاليات الرسمية التي تواجه من يعاني من فقدان هوية الثبوتية او ما يعرف بهوية الجنسية والاحوال المدنية، خصوصا في ما يتعلق بحقوق الملكية وفتح حسابات مصرفية والتزوج بطريقة قانونية وتسجيل أبناءهم حديثي الولادة، حيث ان عدم امتلاك الجنسية يؤدي الى تهميش مجموعات كاملة من الناس على مدى أجيال وإلى ضغوط كبيرة على المجتمعات التي يعيشون فيها، وأحيانا يكون هذا الامر مصدر توتر ونزاع، ويمكن أن يفقد الناس جنسية بلد معين بسبب جملة من الأسباب ومنها تفكك الدول مثل ما حصل في الاتحاد السوفييتي السابق ويوغوسلافيا السابقة أو إنشاء دول جديدة عندما ترحل القوى الاستعمارية مثل ما حصل في أجزاء من أفريقيا أو آسيا.

12 مليون شخص بلا جنسية في العالم

فيما حذرت منظمة الأمم المتحدة من أن عدد الأشخاص الذين لا يتمتعون بجنسية أي بلد من البلدان في العالم قد تجاوز 12 مليون شخص، ونتيجة لذلك يُحرمون من حقوق الإنسان الأساسية، وحثت المنظمة الدولية مزيدا من البلدان على التوقيع على معاهدتين دولتين بشأن وضع عديمي الجنسية، وأضافت المنظمة أن المشكلة تفاقمت أكثر فأكثر في العقود الأخيرة لأن أطفال عديمي الجنسية يولدون لأبوين بلا جنسية، وتنتشر المشكلة على نطاق واسع في جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا، وقال أنطونيو جوتريس من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة هؤلاء الناس في أمس الحاجة إلى المساعدة لأنهم يعيشون مأزقا قانونيا يؤرق حياتهم كالكابوس، وأضاف قائلا وفضلا عن البؤس الذي يلحق بالمتضررين من هذا الوضع، ويتعرض بعض عديمي الجنسية إلى فترات احتجاز طويلة بسبب عدم قدرتهم على إثبات هوياتهم أو تحديد أماكن مجيئهم، ويُذكر أن 66 بلدا فقط وقعت على معاهدة عام 1954 التي تخول عديمي الجنسية الحصول على الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية، في حين لم ينضم إلى معاهدة 1961 سوى 38 بلدا والتي تضع إطارا قانونيا لمساعدة الدول التي تعاني من هذه المشكلة، ووقعت خلال الشهور الأخيرة كل من كرواتيا وبناما والفليبين وتركمنستان على واحدة من المعاهدتين المذكورتين على الأقل أو على كلاهما. بحسب البي بي سي.

قانون الجنسية في الأردن

في حين شنت حملة للمطالبة بمنح جنسية الأم الأردنية لأبنائها، التي تقول نحن لا نعتدي على حق أحد، نحن فقط نطالب بحقوقنا، هذا هو الشعار الذي ترفعه حملة "أمي أردنية وجنستها حق لي المعنية بقضايا النساء في الأردن والمطالبة بالجنسية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، تطالب حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" بحرمان زوجة وأبناء الأردني المتزوج من غير أردنية من الجنسية، في حال الاستمرار في عدم منح أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين الجنسية، وفقا للمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين الأردنيين، ويسبب عدم منح الجنسية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين معاناة للآلاف في الأردن، وفي هذا السياق تروي نعمة فرج الله الأردنية المتزوجة من فلسطيني لدويتشه فيله معاناتها ومعاناة أبنائها الخمسة بسبب عدم حصولهم على الجنسية الأردنية وتقول إن أبناءها لا يملكون أية وثيقة إلا شهادات الميلاد، فزوجها غادر الأردن منذ عام 1993.

وتؤكد فرج الله التي تبلغ من العمر 53 عاما أن السفارة الفلسطينية ترفض أيضا إعطاء أبنائها الجنسية لأنهم ولدوا خارج الأراضي الفلسطينية فأصبحوا "بلا أية جنسية وبلا جوازات سفر وبلا وثائق، أما صباح الرفاعي المتزوجة من فلسطيني يحمل وثيقة لبنانية فتقول إن أبناءها الأربعة يواجهون صعوبات تتعلق بالعمل لعدم حصولهم على الجنسية الأردنية وتوضح  الرفاعي أن "كثيرا من قطاعات العمل في الأردن وبخاصة المصرفية والسياحية ترفض تشغيل غير الأردنيين، وتضيف الرفاعي التي تجاوزت الستين من عمرها أن إحدى بناتها تزوجت من فلسطيني يعيش في لبنان قبل نحو عشرة أعوام ولا تستطيع زيارة أهلها في الأردن إلا بشرط تقديم كفالة بنكية قيمتها خمسة آلاف دينار، ما يعادل  سبعة آلاف دولار وتستدرك وتقول: "أعتقد أن هذا الشرط قد ألغى أخيرا ، ودفعت معاناة آلاف الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين ناشطات أردنيات إلى إطلاق حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" التي تؤكد أن لا إصلاح بمعناه المنشود بدون أن يشمل ذلك المواطنين كافة بدون أي تمييز بينهم بسبب الجنس، ورفعت اللجنة التنظيمية للحملة مذكرة تناشد فيها الحكومة والبرلمان الأردنيين بإصدار قانون جديد للجنسية تكفل بنوده للأردنية إعطاء الجنسية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، كثيرة هي الأسباب التي دفعت إلى رفض إعطاء الجنسية لأبناء الأردنيات ومن أهمها كما تؤكد نعمة الحباشنة التي تقود حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" في حوار مع دويتشه فيله البعد الديمغرافي في الأردن وتجنيس الفلسطينيين ومخاوف الوطن البديل، لكن القائمين على الحملة يجدون أن الحجج السياسية المختلفة التي يتذرع بها السياسيون لعدم إقرار قانون جنسية جديد في الأردن يضمن حقوق المرأة الكاملة بالمواطنة ومن ضمنها منح الجنسية إنما هي "حجج واهية غير مقنعة، تعبر عن عدم جدية في الالتزام بأبسط حقوق المواطنة والمساواة، وتقول نعمة الحباشنة إن القضية اجتماعية إنسانية دستورية تتعلق بحق المرأة الأردنية وتشير إلى أن البعض يحاول تسييسها بالحديث عن حق العودة بالنسبة للفلسطينيين وعن تفريغ فلسطين من أهلها وعن مخططات الوطن البديل وتشير إلى  أن "الأرقام تكذب هذه الحجج فقد أثبتت أن نسبة النساء الأردنيات المتزوجات من فلسطينيين لم تتعد العشرة في المائة فقط من  المجموع العام لتلك الفئة من السيدات، وتضيف الحباشنة أن الفلسطينية المتزوجة من أردني تـُمنح هي وأولادها الجنسية الأردنية بينما يمنع هذا الحق عن المرأة الأردنية المتزوجة من فلسطيني أو غيره "لتصبح القضية قضية مواطنة وتمييز عنصري وكراهية فقط لا غير، وتؤكد قائدة الحملة أن الغالبية تعاني من المشكلة خاصة مع تبدل الظروف الاجتماعية أو المعيشية خاصة بعد أن يكبر الأبناء ليجدوا أنفسهم غرباء في وطنهم الذي تربوا وكبروا فيه خاصة وأن الكثير منهم يعتبرون الأردن وطنهم الأول والأخير "رغم كل ما يتعرضون له من مضايقات وانتهاكات لأبسط حقوقهم الإنسانية"  وتؤكد الحباشنة أن ما نسبته 5.75 بالمائة من أبناء الأردنيات لا يحملون أي إثباتات رسمية إلا شهادة الميلاد، وتؤكد الحباشنة أنه لم تخرج حتى هذه اللحظة إحصائيات رسمية عن العدد الحقيقي للنسوة الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين وان كانت هناك بعض الإحصائيات لدى مراكز حقوق الإنسان والتي تقدر العدد بـ 66 ألف امرأة خلال ثلاثين عاما وتشير إلى أن نسبة النساء المتزوجات من مصريين سجلت أعلى نسبة وهي تعادل 49 في المائة، وتقول الحباشنة إنه لعدم وجود محكمة دستورية في الأردن -وهي المحكمة المختصة بالقضايا الدستورية وإيقاف طلبات التجنيس من قبل الجهات المختصة- أصبح من الصعب اللجوء للمحاكم داخل الأردن، لذلك اعتمدت الحملة سياسة المطالبة بتنفيذ الاعتصام والوسائل السلمية وأنشأت لها صفحة على موقع الفيس بوك، النائب عبلة أبو علبة تعتبر ما يحدث تمييزاً غير مبرر ضد المرأة  وترى النائب عبلة أبو علبة في حوار إن حرمان المرأة الأردنية من حقها في إعطاء جنسيتها لأبنائها يعتبر "تمييزاً غير مبررّ ضد المرأة وحقوقها في المواطنة التي يجب أن تتساوى تماماً مع حقوق الرجل، وتضيف النائب أبو علبة أن الحركة النسائية الأردنية المنظمة ترفع منذ فترة طويلة مطالباتها بكل السبل من أجل استعادة هذا الحق المفقود, بسبب وجود مئات العائلات التي تعاني يومياً جراء تداعيات هذه القضية، مثل عدم المساواة في حقوق العمل والدراسة والتنقل، وتقول أبو علبة إنه مهما كانت الأسباب التي تطرحها بعض الجهات الرسمية, فإن هذا الحق يجب أن يُنص عليه في الدستور والتشريعات المنبثقة عنه مشيرة إلى الدراسات الميدانية التي تؤكد  أن النسبة الأعلى من النساء متزوجات من مصريين ثم عراقيين ثم من فلسطينيين وسوريين وباقي الجنسيات. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وتؤكد النائب عبلة أبو علبة أن المواطن أكان رجلاً أم امرأة يجب أن لا ينتقص من حقوقه الإنسانية لأية اعتبارات سياسية طارئة وتقول "نحن الآن في مرحلة تحول ديمقراطي وكل التشريعات والقوانين المعدلة الجديدة يجب أن تصب في هذا الاتجاه.

سحب 160 جنسية عراقية

وفي ذات الصدد أعلن محافظ الأنبار البدء بإجراءات قانونية مع الجهات المختصة لالغاء قرار الحكومة المركزية بسحب الجنسية العراقية من اكثر من 160 عائلة في قضاء القائم، معتبراً انه غير دستوري ومجحف، فيما ابدى مجلس المحافظة بعد انتخابه رئيساً جديداً له امس تضامنه مع هذه العائلات ووعد بطرح المشكلة في البرلمان، وقال المحافظ قاسم محمد في تصريح ان الحكومة قررت سحب الجنسية من 160 عـــــائلة عراقية قالت انها من أصول سورية تسكن في قضاء القائم، وهذا ادعاء غير صحيح فهذه العائلات عراقية تسكن المحافظة منذ عشرات السنين، لكنها على قرابة عشائرية مع عائلات سورية، وبعض العشائر منقسم على جانبي الحدود، خصوصاً في منطقتي حصيبة العراقية والبوكمال السورية.

وأضاف ان اللجان القانونية في المحافظة اكدت عدم دستورية هذا الإجراء الحكومي المجحف وسنتخذ اجراءات قانونية لالغاء قرار الحكومة، ولفت الى ان كثيراً من ابناء هذه العائلات ملتحق بالقوات الامنية العراقية او هم موظفون في الدوائر الرسمية واصبح وضعهم الآن غير معروف، وأوضح نائب رئيس مجلس المحافظة سعدون الشعلان ان الحكومة استندت في قرار سحب الجنسية الى القانون الرقم 5 لعام 1975 الخاص بمنح الجنسية للعرب، وتابع لكن العائلات التي سحبت منها الجنسية لا تملك أي جنسية اخرى وأصبحت مجهولة المصير كما ان الحكومة اختارت التوقيت الخطأ ايضاً، فهؤلاء عراقيون وليسوا سوريين ولا يمكن ترحليهم الى سورية خصوصاً في ظل الظروف الحالية، وزاد: سنحول الامر الى البرلمان ووعد بعض النواب بطرحه قريباً خلال الجلسات المقبلة، يذكر ان الدستور العراقي يمنع اسقاط الجنسية عن المواطنين العراقيين بعد اكتسابها.

الى ذلك، قال الشعلان ان مجلس محافظة الانبار انتخب مأمون سامي رشيد رئيساً له بالغالبية المطلقة بعد حصوله على 28 صوتاً بدلاً من الرئيس المقال جاسم الحلبوسي في اجواء ديموقراطية وانتقال سلمي للسلطة بعد ان تنازل الحلبوسي عن الدعوى ضد قرار اعفائه من منصبه وبحضور لجنة نيابية وأخرى قانونية، وأشار الى ان الايام المقبلة ستشهد اقالة وتغيير عدد من مسؤولي المحافظة ومديري الدوائر الحكومية، تنفيذاً لخطة الاصلاح والتغيير التي تضطلع بها اللجان المختصة وباشراف اعضاء المجلس، وينتمي مأمون سامي رشيد إلى الحزب الإسلامي الذي يتزعمه إياد السامرائي، على إعفاء رئيسه جاسم الحلبوسي بسبب استغلاله المنصب وسوء إدارته، وأعلن الحلبوسي لجوءه إلى المحكمة الاتحادية ومجلس النواب لنقض قرار إقالته، واصفاً إياه بـ المفاجئ، وشهدت محافظة الانبار، 110 كم غرب بغداد، خلال الشهور الستة الماضية تظاهرات تطالب بإقالة المسؤولين في المحافظة وتقديمهم إلى القضاء، فضلاً عن المطالبة بتحسين مفردات البطاقة التموينية والطاقة الكهربائية والقضاء على البطالة.

البدون

من جهة اخرى طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، ومقرها نيويورك، الحكومة الكويتية بالافراج عن المعتقلين من عديمي الجنسية (البدون) الذين احتجزتهم الشرطة في المظاهرات الاخيرة، وقالت مديرة قسم الشرق الاوسط في المنظمة ساره ليه ويتسون ان على السلطات الكويتية ان تسمح للناس بالتظاهر السلمي والتعبير عن نفسها باعتبار ذلك حقا اساسيا لها، واضافت: على السلطات الكويتية ان تنظر حولها لترى ان الهجمات العنيفة على المتظاهرين تؤدي الى مزيد من الاحتجاجات، وكان اكثر من الف من عديمي الجنسية (البدون) في الكويت خرجوا في مظاهرات مطالبين بمنحهم الجنسية الكويتية.

وذكرت تقارير ان الشرطة الكويتية اعتقلت 120 شخصا بعدما استخدمت خراطيم المياه وقنابل الغاز والقنابل الصوتية لتفريق المظاهرات، وتعتبر هذه التظاهرة، التي جرت في منطقة الجهراء، الاولى التي تشهدها الكويت في خضم موجة التظاهرات والاحتجاجات التي تشهدها العديد من الدول العربية ، وقالت وزارة الداخلية الكويتية ان المحتجين القوا بالحجارة على رجال الشرطة بعد ان احاطهم هؤلاء علما بان تجمعهم غير قانوني، وقد اصيب جراء ذلك عدد من رجال الشرطة بجروح، ويطالب البدون بتجنيسهم وشمولهم بخدمات التعليم والعناية الصحية المجانية، كما يطالبون بفرص عمل اسوة بالمواطنين الكويتيين، وذكر بيان لمنظمة هيومن رايتس ووتش ان وزير الداخلية الكويتي احمد الحمود الصباح ابلغها ان الشرطة اعتقلت 42 شخصا فقط وانهم سيفرج عنهم بمجرد انتهاء التحقيقات.بحسب البي بي سي.

لديهم جنسية ويعانون من تهميش اجتماعي

الى ذلك يتعرض أطفال الدوم عرضة للعنف وسوء التغذية المزمن وزواج الأطفال وظروف العمل الخطرة والاستغلال، من بين جميع المجتمعات اللبنانية، يعتبر الدوم، الذين يصفهم بعض الباحثين بأنهم "غجر لبنان"، الأكثر تهميشاً، إذ أشار تقرير جديد إلى أن ما يصل إلى 68 بالمائة من أطفالهم لا يذهبون إلى المدارس، وفي هذا السياق، قال شارل نصرالله، مدير جمعية "إنسان"، وهي منظمة غير حكومية تشجع على احترام حقوق المجتمعات المستضعفة أن "حصول الدوم على الحماية القانونية والرعاية الصحية والتعليم والمأوى الملائم والغذاء أمر صعب جداً، بل يكاد يكون مستحيلاً ... وقد أدى التهميش الاجتماعي الحاد إلى تفاقم هذه المشاكل، ويوصف الدوم أحياناً بأنهم "نَوَر"، وهي كلمة عربية تحمل دلالات إزدرائية كسوء النظافة الصحية والكسل والتسول والأخلاق المشكوك فيها. وعلى الرغم من أن العديد منهم يحمل الجنسية اللبنانية، وفقاً لتقرير أصدرته جمعية إنسان والمنظمة غير الحكومية السويسرية "تير ديزوم" Terre des Hommes، إلا أن التمييز الراسخ جعلهم في وضع أسوأ حتى من اللاجئين الفلسطينيين.

من جهته، قال جيسون سكواير، ممثل منظمة "تير ديزوم" في لبنان أن "نتائج هذه الدراسة تصرخ مطالبة جميع الأطراف الفاعلة على الساحة الإنسانية بإعادة التفكير في مبادراتها وبرامجها الحالية وإضافة الدوم وأطفالهم إلى الخريطة الإنسانية في لبنان". وأضاف أن "المجتمع الأوسع في لبنان لا يعيش أو يجرب نفس المصاعب اليومية التي يواجهها الدوم، والدوم هي أقلية عرقية يُساء فهمها تعيش في عدد من دول الشرق الأوسط، من بينها لبنان والأردن والأرض الفلسطينية المحتلة وتركيا والعراق وإيران. ومثل مجتمعات الغجر في أوروبا، يعتقد المؤرخون أن الدوم ينحدرون من جماعات تؤدي الفنون هاجرت غرباً من الهند منذ عدة قرون، وأشارت دراسة حديثة نشرتها الجامعة الأميركية في بيروت حول الفقر في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أن معظمهم يعيش على حوالي 2.7 دولار للشخص في اليوم الواحد. وقالت كريستين هوب، مديرة مشروع الدوم في منظمة "تير ديزوم" أن "حوالي 9 بالمائة من الفلسطينيين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، قبل عشر سنوات، كانت عائلتنا تخشى إدراج الأطفال في المدارس... كما كنا نخشى أن يتم اعتقالنا أو رفضنا لأن الناس يعتقدون أننا خائفون من العلم. أما الآن، فنحن نحاول تسجيل أبنائنا في المدارس، على النقيض من ذلك، وجد تقرير منظمة "تير ديزوم" وجمعية إنسان أن "أكثر من 30 بالمائة من عينات الدوم التي غطاها المسح يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم، وأفاد مركز بحوث الدوم أن لدى القليل من الدوم الذين يعيشون في المدن وظائف ثابتة وأنه يمكن رؤيتهم وهم يتسولون في الشوارع، أو يقرعون الطبول ويعزفون على المزمار وغيرهما من الآلات الموسيقية في الحفلات والأعراس، أو يقرؤون الطالع أو يؤدون أعمالاً يدوية.

وقد أجرت جمعية إنسان ومنظمة "تير ديزوم" مقابلات مع أفراد من مجتمع الدوم في أربعة مواقع، ووجدتا أن العديد منهم يعيشون في مدن الصفيح البدائية ومعظم منازلهم غير متصلة بشبكة الصرف الصحي. كما أن معظم الأمهات محرومات من خدمات رعاية الأمومة ويواجه العديد من الأطفال إهمال الآباء الذين يكافحون من أجل تغطية النفقات. بالإضافة إلى ذلك، لم يلتحق نحو 68 بالمائة منهم بالمدارس على الإطلاق، وقالت هوب لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "أحد المؤشرات على عمق التمييز الذي يواجهه الدوم هو الرغبة في التخلي عن هويتهم العرقية،" مضيفة أن من البراهين الدالة على ذلك حقيقة أن لغة الدوماري تُستبدل بسرعة باللغة العربية، وأضافت أن "نصف البالغين وربع الأطفال الذين قابلناهم فقط يتحدثون الدوماري. وعلى الرغم من أن اللغة علامة على هويتهم العرقية، ولكن يبدو أن الآباء والأمهات يحاولون قمعها لحماية أبنائهم من التمييز الذي عانوا منه، ولم تتمكن جمعية إنسان ومنظمة "تير ديزوم" من تقدير حجم مجتمع الدوم في لبنان، ولكن أبحاثهما تشير إلى أن هناك 3,112 شخص منهم يعيشون في مدن بيروت وصيدا وصور. وقالت هوب أن"هناك العديد من مجتمعات الدوم داخل لبنان، لاسيما في طرابلس والبقاع، وعلى عكس اللاجئين أو البدو، الذين غالباً ما يتم الخلط بينهم وبين الدوم، تم منح الجنسية للدوم في عام 1994. وعلى الرغم من تمتعهم بحقوق المواطنة، إلا أن الدوم يواجهون تهميشاً أكبر من اللاجئين الفلسطينيين وتتجاهلهم جميع المنظمات غير الحكومية تقريباً، وفقاً للتقرير، وأطفال الدوم، على وجه الخصوص، عرضة للعنف وسوء التغذية المزمن وزواج الأطفال وظروف العمل الخطرة والاستغلال. كما أن العديد من أفراد المجتمع يترددون في الحصول على الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية أو التعليم لأنه يتم النظر إليهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وحتى وقت قريب كان الدوم في لبنان قوم رُحل. ولكن منذ منحهم الجنسية، استقر معظمهم وبدؤوا تسجيل أطفالهم في المدارس، كما أفادت هوب، وقال رجل من الدوم يعيش في منطقة بر الياس في البقاع: "قبل عشر سنوات، كانت عائلتنا تخشى إدراج الأطفال في المدارس... كما كنا نخشى أن يتم اعتقالنا أو رفضنا لأن الناس يعتقدون أننا خائفون من العلم. أما الآن، فنحن نحاول تسجيل أبنائنا في المدارس.

العرب يهاجرون للحصول على جنسية اوربية

وفي هذا السياق، وصل علي غناي إلى فرنسا من تونس في شهر مارس في محاولة للهروب من الفقر ورغبة في مشاهدة ذلك الجزء من العالم وأملاً في توفير نفقات أسرته المقيمة في قرية بالمنطقة الجنوبية الفقيرة وحصول على الجنسية الاوربية. ولكن عامل البناء هذا البالغ من العمر 24 عاماً يريد الآن العودة إلى دياره بعد أن أصيب بخيبة أمل شديدة بعد أسابيع من معاناته من مضايقات السلطات الفرنسية والنوم في الشوارع والعيش على إحسان الغرباء.

وعن ذلك قال علي: لم يكن الأمر سهلا. لم يكن سفري إلى فرنسا مجدياً، وتحدث علي أثناء جلوسه مع الأصدقاء في مقهى تونسي على الرصيف وسط مدينة مرسيليا كيف سارت الأمور في الاتجاه الخطأ على مدار الأشهر الأربعة الماضية. فقد حجز رحلة إلى إيطاليا، مثل آلاف التونسيين الآخرين، ودفع 1,000 دينار (700 دولار) للحصول على مكان على متن قارب، لكنه قال: "كانت رحلة صعبة، رأيت الناس يغرقون أمامي... مع ذلك ما زلت ممتناً للرجل الذي أخرجني، ولدى وصوله، قدمت له السلطات الإيطالية وثيقة تخول له الدخول إلى بلدان الاتحاد الأوروبي الموقعة على اتفاقية شنغن، بما في ذلك فرنسا، لمدة ستة أشهر دون الحصول على تأشيرة دخول. وكانت إيطاليا قد استقبلت بالفعل الآلاف من المهاجرين من تونس، خاصة في جزيرة لامبيدوسا التي تقع في القسم الجنوبي من البحر الأبيض المتوسط. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/أيلول/2011 - 28/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م