إسرائيل وفلسطين... المواجهة المحتملة لما قبل إعلان الدولة

شبكة النبأ: "في الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة لمناقشة سعي الفلسطينيين لإعلان الدولة، تستعد كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية لمواجهة المظاهرات والاضطرابات الأخرى في الضفة الغربية".

ومن المتوقع أن تناقش الأمم المتحدة مسألة الدولة الفلسطينية في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وقد بدأت بالفعل المظاهرات الفلسطينية التي شابتها بعض أعمال العنف الطفيفة. إن طريقة التعامل مع تلك القضية في الأمم المتحدة ستؤثر على قوة رد الفعل في الضفة الغربية، لكن كلا الطرفين اتخذ استعدادات جادة للسيطرة على الاضطرابات.

لقد خططت إسرائيل [لمواجهة] وقوع اضطرابات كبرى فقامت بتدريب وتسليح وتجهيز وحدات جيشها النظامية، وقوات الاحتياط والشرطة وفقاً لذلك، بينما أرشدت السلطة الفلسطينية قواتها الأمنية للحيلولة دون وقوع أعمال عنف. بحسب موقع واشنطنن لدراسات الشرق الادنى.

 ومع ذلك، فإن الأجواء المشحونة جداً المحيطة بمداولات الأمم المتحدة، والنطاق المحتمل للمظاهرات ذات الصلة، ومستوى تعقيد الوضع على الأرض كلها عوامل قد تؤدي إلى حوادث يترتب عليها وقوع خسائر [نتيجة قيام أعمال عنف] رغم الجهود القصوى التي يبذلها الطرفان.

نطاق التهديدات

مع اقتراب موعد التصويت في الأمم المتحدة، فإن الضفة الغربية تمثل التهديد الأكثر تعقيداً لقوات الأمن الإسرائيلية. فهناك عوامل مجتمعة مثل المشاعر المتصاعدة ووجود نقاط توتر قائمة منذ زمن طويل وتداخل السكان والإجراءات الاستفزازية من جانب المستوطنين الإسرائيليين واحتمال قيام «حماس» وجماعات فلسطينية متطرفة أخرى بإثارة المتاعب والقلاقل، كلها جميعاً تخلق الوقود لاحتمال اندلاع مظاهرات ووقوع أعمال عنف واسعة النطاق. وهناك سيناريوهات عديدة محتملة، من بينها المظاهرات الحاشدة داخل المدن الفلسطينية، والمسيرات نحو نقاط التفتيش والمستوطنات الإسرائيلية، والمظاهرات عند نقاط مختلفة على طول الحاجز الأمني الإسرائيلي. وحتى الأحداث التي تبدأ سلمية قد تتحول إلى عنف. ومن بين أمثلة أعمال العنف المحتملة على نطاق منخفض رمي الحجارة واستخدام قنابل المولوتوف والمقاليع والاعتداء البدني على الأفراد الإسرائيليين. كما أن الهجمات العفوية مثل إطلاق النار والتقاتل بالسكاكين بين الأفراد أو الجماعات الصغيرة هي أيضاً من الأمور المحتملة. وبالإضافة إلى ذلك، قد تحرض عناصر فلسطينية متطرفة على القيام بأعمال عنف أو تستخدم أسلحة فتاكة كجزء من المظاهرات أو من خلال جهود مخططة لاستثارة مصادمات خطرة مع قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي". كما أن احتمالية مهاجمة المستوطنين الإسرائيليين لأهداف فلسطينية تعد مصدر قلق كبير آخر لكلا الجانبين.

بالفعل، لقد حددت القوات الإسرائيلية بعض نقاط التوتر الأكثر احتمالاً، وهي تشمل نقطة تفتيش قلنديا شمال القدس، والخليل، ومستوطنة غوش عتصيون، وقبر راحيل على الحافة الشمالية من بيت لحم. وإذا وقعت المظاهرات في قلب المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية وبعيداً عن المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية، فسوف تنخفض احتمالية وقوع مشاكل خطيرة.

لقد وقعت بالفعل بعض المظاهرات والاضطرابات قبل مداولات الأمم المتحدة. فالمظاهرات التي شهدتها رام الله يوم الأربعاء، رغم أنها كانت سلمية إلى حد كبير، شابتها أعمال عنف على مستوى منخفض شملت قذف الحجارة من قبل الشباب الفلسطينيين على قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع والاعتقالات، بالإضافة إلى هجومين على سيارتين مدنيتين إسرائيليتين، ومصادمات بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين تدخلت فيها قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" لإيقافها. وقد قامت قوات الأمن الفلسطينية بتشتيت حشد من رماة الحجارة في الخليل.

الاستعدادات الإسرائيلية

اتخذت قوات الأمن الإسرائيلية خطوات هامة للتعامل مع التهديدات آنفة الذكر. ومن بين الاستعدادات التي قامت بها قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" ما يلي:

• تدريب الوحدات النظامية والاحتياطية التي سيتم نشرها في حالة اندلاع الاحتجاجات أو أعمال الشغب.

• وضع خطط للدفاع عن المستوطنات وتدريب/تجهيز المستوطنين للرد على التهديدات.

• تجهيز وحدات قوات "الجيش الإسرائيلي" بمعدات وقاية شخصية وأسلحة غير قاتلة (مثل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه وغيرها من وسائل تفريق الحشود). وزيادة جاهزية القوات من خلال نشر كتائب مشاة إضافية في الضفة الغربية، وتعبئة وحدات احتياط إضافية وإعداد وحدات أخرى للتعبئة المحتملة خلال الأيام المقبلة، وزيادة مستوى التأهب في صفوف القوات في الضفة الغربية، وإرسال كبار القادة إلى نقاط التوتر المحتملة كوسيلة للحيلولة دون التصعيد غير المرغوب فيه.

• إجراء تمارين وعقد حلقات دراسية وبذل جهود للتعريف بالمناطق على كافة مستويات القيادة من أجل الإعداد لمجموعة واسعة من السيناريوهات.

وقد ذكرت التقارير أن إعدادات الشرطة الإسرائيلية تشمل:

• الحصول على معدات مكافحة الشغب (مثل معدات جديدة غير قاتلة) وتدريب الأفراد على استخدامه.

• زيادة عدد أفراد الشرطة المدربين على مكافحة الشغب بنسبة 50 بالمائة (من 5000 إلى 7500).

• زيادة عدد أفراد الشرطة في منطقة القدس.

• إجراء تمارين وعقد حلقات دراسية والتعرف على المناطق بالنسبة للقادة والأفراد.

كما ركزت قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" على بذل جهود مشتركة بين مؤسساتها المختلفة رداً على التهديد، بما في ذلك القيام بتمارين مشتركة والإعداد للتنسيق الوثيق للعمليات وإقامة مناطق عمليات واضحة. ويبدو أن من بين الأهداف الرئيسية للإعدادات هو الحد من الخسائر الفلسطينية إلى أقل درجة ممكنة.

الإعدادات الفلسطينية

هناك مخاوف كبرى داخل السلطة الفلسطينية من تحوّل المظاهرات السلمية نسبياً إلى مواجهات عنيفة مع الجنود والمستوطنين الإسرائيليين -- وهو شيء تأمل في تجنبه قيادة السلطة الفلسطينية وقوات الأمن الفلسطينية العاملة في الضفة الغربية. وتحقيقاً لهذه الغاية، تلقّى أفراد الأمن أوامر بمنع تحول الاحتجاجات إلى أعمال عنف والحفاظ على بقائها سلمية، ومنع احتكاك المتظاهرين بالإسرائيليين. وذكرت التقارير أن السلطة الفلسطينية قد أخبرت قوات الأمن بأنه ينبغي عدم التسامح حتى مع مجرد قذف الحجارة على الإسرائيليين.

وبالإضافة إلى ذلك، حددت السلطة الفلسطينية مناطق احتجاج تتركز بصفة أساسية حول المدن الفلسطينية المركزية وبعيداً عن المستوطنات ونقاط التفتيش من أجل منع وقوع اشتباكات مع المدنيين أو الجنود الإسرائيليين. كما ذكرت التقارير أن قوات الأمن قد تلقت تعليمات بالانتشار بملابس مدنية في المناطق التي كانت قد حدثت فيها مصادمات في السابق، باستثناء المناطق التي لم يُسمح فيها من قبل للضباط الفلسطينيين بالعمل هناك، مثل قلنديا والخليل وقبر راحيل. وقد حصلت هذه القوات على تصريح بتفريق أي شخص يحاول القيام بأعمال عنف.

ويتوقع معظم المراقبين أن أفراد الأمن الفلسطيني سوف يلتزمون بهذه الأوامر لمنع التصعيد، على الأقل في البداية. بيد، إن طريقة ردهم في حالة اشتداد العنف يبقى أمراً غير مؤكد. ورغم المخاوف من التصعيد، يبدو أن قوات الأمن لا تمتلك تفويضاً لاتخاذ إجراءات صارمة لقمع المحتجين العازمين على التحريض على مواجهات مع الإسرائيليين. وسوف يحاول هؤلاء الأفراد على أقصى تقدير منع التحرك خارج مناطق المظاهرات المحددة، كما تلقوا أوامر بعدم استخدام تدابير وقائية عنيفة مثل إطلاق النار أو استخدام الرصاص المطاطي ضد المحتجين الذين يحاولون الاشتباك بشكل مباشر مع المستوطنين أو قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" عند نقاط التفتيش. وعلى أفضل تقدير، فإن تنسيقهم الوثيق مع قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" سوف يشمل تحذيرهم من أي تطورات من هذا القبيل. ويمكن أن تتدخل «حماس» وجماعات متطرفة أخرى لإفساد هذا الوضع، لكن يبدو أن قادة «حماس» قد وجهوا تعليمات لأعضاءهم بالابتعاد عن الاحتجاجات في الوقت الراهن. ومع ذلك، لا تزال تخيم مخاوف من أنه في حالة تصاعد الاحتجاجات، فيمكن أن تغير «حماس» مسارها وتحرض على قيام أعمال عنف إضافية، بما يقوض أي مكاسب سياسية لعباس والسلطة الفلسطينية ويحطم الاستقرار النسبي في الضفة الغربية.

التداعيات

يحظى كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بمصلحة كبرى في ضمان بأن أي مظاهرات تجري بصورة سلمية، أو تقتصر في أسوأ الأحوال على مستوى منخفض من العنف. وستكون أكثر المواقف خطورة هي تلك التي يقترب فيها المتظاهرون من نقاط التفتيش أو المستوطنات أو يواجهون فيها الإسرائيليين بطرق أخرى. وفي مثل تلك الحالات، سوف يعتمد الكثير على الحالة العاطفية للمحتجين، وأداء قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وانضباط ومهارة أفراد الجيش والشرطة الإسرائيلية. إن وجود عناصر متطرفة بين الفلسطينيين والسكان المستوطنين يزيد أيضاً من احتمال قيام استفزازات متعمدة. ولهذا السبب، تخطط قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي" لتعيين كبار الضباط عند نقاط الاحتكاك المحتملة.

وفيما يتعلق بالقادة الفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن أي تصعيد في أعمال العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين سوف يحد من صلاحية السلطة الفلسطينية من خلال كشف افتقارها لوسائل الحوكمة والسيطرة الفعالة. وقد أصدر كل من عباس ورئيس الوزراء سلام فياض بيانات عديدة في الأشهر الأخيرة رفضا فيها الفكرة القائلة بأن التصويت في الأمم المتحدة سيؤدي إلى مثل هذا العنف. ومع ذلك، ففي حالة وقوع أعمال عنف خطيرة، سواء كانت تلقائية أو مخطط لها، فإن احتواءها وعزلها سيشكل تحدياً كبيراً.

نبذة عن معهد واشنطن

الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/أيلول/2011 - 27/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م