بعد ما يقارب العقد من الزمن من تأسيس جهازي الشرطة والأمن
"الجديدين" والكم الهائل من الأموال التي تصرف كموازنات لصالح المؤسسات
الأمنية.. وآلاف من التصريحات التي تنطلق من هنا وهناك من رجالات الأمن
و المسئولين عن الملفات الأمنية التي يشوبها الشك الكبير.. تتوضح
حقيقية واحدة مهمة.. بل ومهمة جداً أن لا أمن في العراق حتى يومنا
هذا.. ونحن هنا، في العراق، قد لا نتمكن من استبيان تلك الحقيقية
بوضوح، أو لا نريد ذلك، كوننا قد تطبعت عيوننا على مناظر التفجيرات
وألفنا عناوين القتل بأنواعه..
وقاربنا أن تنطلي علينا كذبة الأمن المستتب.. أو حتى انطلت علينا
وصدنا كذبة اختلقها من يريدون البقاء في السلطة والإعتياش على دماء
قتلانا وعلى الطائفية التي قاربت أن تفتك بنا لولا رحمة الله.. ونحن
نجوب الشوارع بأمل أن نكون قد وصلنا الى مرحلة التصديق النهائي..
واليوم تضرب المدينة المقدسة، المؤمّنة جداً، بأربعة تفجيرات مختلفة
تدخل المدينة في موجة من الهلع والذعر.
علينا أن لا نصدق ما يقال من حقائق واهية عن سيطرة الحكومة على
الوضع الأمني وأن نصّر على عدم التصديق لان هذا الوهم، الذي تدخلنا فيه
المؤسسات الأمنية، سوف يطيح بنا وبعوائلنا.. يجب ان نكرر باستمرار بأن
لا أمن لدينا وأن لا نشيع تلك المزحة السمجة بأن العراق أصبح في مأمن
من الضربات التكفيرية وغيرها من تلك الشماعات التي تعلق عليها القوات
الأمنية أكبر أسباب فشلها في الحفاظ حتى على المدن المقدسة والتي يعلم
الجميع أنها الهدف الأكبر، وستبقى، للاستهداف.
أحد ما يفسر لنا كيف تدخل المتفجرات الى المدينة مع مئات الآلاف من
العناصر الأمنية التي تحرس المدينة وتذود عنها.. أحد ما يفسر كيف يموت
العراقيون بتلك البساطة وبهذا العدد الذي كان ليطيح بأكبر الحكومات لو
حدث في بلد غير العراق.. ففي العراق ايام بسيطة تمر وينتهي هذا الملف
ويغلق إكراماً لعيون فلان أو إكراماً لعيون العشيرة الفلانية التي
ينتمي لها فلان.. وكأن دمائنا أصبحت بلا ثمن أو هي كذلك منذ عقود من
الزمن ولا زالت.
ففي دولة يحكمها الوكلاء يقبض بها رئيس الوزراء على أكثر الملفات
الوزارية أهمية.. الدفاع.. الداخلية.. المخابرات.. الأمن الوطني..
وبقية المؤسسات الأمنية، غير المعروفة، وكأن الرجل قادراً على ذلك
ولكنه العكس فالضربات التي توجه للعراقيين اليوم أصبحت قاسية لدرجة أن
العراقيين أصبحوا يهابون من كل عجلة تسير في الشارع ومن أي شخص يرمقهم
في الطريق خوفاً من أن تكون العجلة مفخخة أو الشخص من شياطين الكواتم
الذين يعيثون في الشوارع تقتيلاً في الناس، ناهيك عن ارتفاع في نسب
الجرائم والتسليب في بغداد حسب تصريح احد المسئولين في مجلس المحافظة.
دعوة صادقة لكل الآباء والأمهات أن لا يصدقوا كذبة (الأمن المستتب)
ونحن على ابواب العام الدراسي الجديد.. فدماء ابناءنا وبناتنا ستبقى
معلقة برقاب أولئك دعاة هذا الأمن الذي لا يرقى حتى بأن نجعل أبناءنا
يذهبون الى مدارسهم ولكن كيف ذلك والمستقبل الحذر أمامهم لأننا سنقدمهم
ذبائح وقرابين لكي تدوم السلطة.. سلطة الموت الخفي!
wisam.saaadoon@gmail.com |