دولة فلسطين والشرعية الدولية... حلم قريب بعيد

متابعة محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يجهد الفريق الدبلوماسي الفلسطيني المتواجد في نيويورك حاليا بأقصى ما يملك من قوة لانتزاع القرار الأممي الذي يمكن لدولتهم الاعتراف بها كدولة أسوة بباقي دول العالم الأخرى.

ويشعر الفلسطينيون الذين خاضوا مارثون مفاوضات متواصل منذ ما يوازي عقدين، ان الفرصة الذهبية باتت متوفرة لتحقيق حلم الدولة، خصوصا مع مماطلة إسرائيل طيلة الفترة الماضية في المفاوضات الجارية والتي لم تسفر عن نتائج ملموسة.

ويبدو ان الضغوط الامريكية وبعض أطراف اللجنة الرباعية الراعية للمفوضات، لم تستطع ثني الوفد الفلسطيني الذي يتزعمه رئيس منظمة التحرير عن إصرارها في طرح طلب الاعتراف بدولتهم خلال اجتماع الجمعية العمومية خلال هذه الأيام.

نظرة واقعية

الى ذلك، وفي عالم آخر ربما تكون قرية الحديدية أبعد ما تصل اليه دولة فلسطينية مستقبلية ولكن سكان القرية من الرعاة يتحدثون عن المصاعب التي تقف دون هذا الحلم. تقع القرية في الركن الشمالي الشرقي من الضفة الغربية وهي عبارة عن مجموعة من الأكواخ تأوي اسرا وماشية تحميهم من البيئة الصحراوية القاسية.

فحتى لو نال الزعماء الفلسطينيون اعتراف الأمم المتحدة بدولتهم الشهر الجاري يقول سكان الحديدية ان ذلك لن يسهم في تحسين مستوى معيشتهم وتخفيف ضغوط سلطات الاحتلال الاسرائيلية.

والحديدية جزء من الضفة الغربية لكنها تقع داخل المنطقة الحدودية التي تعتبرها اسرائيل حيوية وقامت قوات الامن الاسرائيلية بهدم أكواخ القرية التي تقام دون تراخيض أكثر من مرة منذ عام 1997. ويبلغ عدد سكان القرية حاليا نحو مئة نسمة وهو ربع عدد السكان قبل 14 عاما.

وقال عبد الرحيم بشارات الممثل الرسمي لسكان القرية "البقاء على في الارض هدفنا الأول والاخير." وتابع "غادر ضعاف النفوس وكان اخرهم في عام 2008. من بقوا اتخذوا قرارا.. لا لمزيد من اجراءات الطرد الجبري."

وتظهر في المكان آثار احدث أعمال هدم في يونيو حزيران ويقف براد وكومة من الاثاث تحت شمس الصحراء الحارقة. ويقول مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية الذي يوثق مثل هذه الأحداث أن اعمال الهدم شردت 37 شخصا ولكنهم لم يبرحوا مكانهم رغم ذلك.

واعمال الهدم احدى المشاكل التي يعاني منها الفلسطينيون الذين يخضعون للاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية.

فثمة قيود تمنع البناء وحرية الحركة كما ان توسع المستوطنات اليهودية قلص الاراضي ويستهدف المستوطنون بشكل متزايد الفلسطينيين وممتلكاتهم. ويعد الوصول للماء الذي تسيطر عليه اسرائيل إلى حد كبير مشكلة رئيسية في الحديدية.

ولا يثق بشارات الذي تتحكم قوة أجنبية في مجريات حياته في أن الأمور ستتحسن كثيرا حتى بمساندة اغلبية اعضاء الامم المتحدة لدولة فلسطينية. وقال "لا يمكن قيام دولة دون حدود."

ويقول المسؤولون الفلسطينيون الذي يسعون لكسب اعتراف الامم المتحدة انه سيعزز مطلبهم باقامة دولة في الضفة الغربية على الحدود مع الاردن وقطاع غزة على ساحل البحر المتوسط والقدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم.

ويقولون ان التحرك ناجم عن فشل عملية السلام التي تدعمها الولايات المتحدة في انهاء الاحتلال الاسرائيلي لاراضيهم منذ حرب عام 1967. بحسب رويترز.

وتعترف 120 دولة على الاقل بفلسطين بما في ذلك روسيا وقوى ناشئة مثل البرازيل. ولكن اسرائيل وحليفتها الوثيقة الولايات المتحدة تعارضان هذه الخطوة وتقولان ان المفاوضات المباشرة دون غيرها هي التي يمكن ان تقود لقيام دولة فلسطينية. ويعني ذلك انه حتى ان نال الفلسطينيون دعم أغلبية الدول في الامم المتحدة فان واشنطن ستوقف مسعاها لعضوية كاملة في الامم المتحدة في مجلس الامن.

وفي جميع الأحوال يعترف مسؤولون فلسطينيون بان الاقتراع لن يكون له تأثير يذكر على أرض الواقع. وأزالت اسرائيل بعض نقاط التفتيش التي اقامتها في الضفة الغربية خلال الانتفاضة التي اندلعت في عام 2000 والتي خبت في معظمها بحلول عام 2005 الا أن سيطرتها الكلية على الاراضي تبدو اقوى من اي وقت مضى.

وشيدت اسرائيل جدرانا وأسوارا وحواجز برية ونقاط تفتيش ومناطق اطلاق نار عسكرية وقواعد عسكرية وتقول ان جميعها ضرورية لامن دولتها. وفي نفس الوقت انتقل نحو 300 ألف من مواطنيها لمستوطنات فيما يعتبرونه يهودا والسامرة في الضفة الغربية. ويعيش الان نحو 200 ألف اخرين في القدس الشرقية وحولها على اراض ضمتها اسرائيل رسميا.

ورغم تشكيل السلطة الفلسطينية مؤسسات في العامين الاخيرين استعدادا لاقامة دولة فانها لا تسيطر سوى على قطع من الآراضي في الضفة الغربية تحيط باكبر المدن والقرى الفلسطينية وهو نظام لتقسيم المناطق قبله الفلسطينيون في التسعينات اعتقادا بانه خطوة نحو الاستقلال.

وترك هذه النظام لاسرائيل السيطرة على 60 في المئة من اراضي الضفة الغربية وتتحكم في معيشة 150 الفا من مواطنيها الفلسطينيين البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة وتسيطر على اراض تعتبر حيوية لاقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

وحد من نفوذ السلطة الانقسام الداخلي. ولا تحكم السلطة الفلسطينية غزة منذ سيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) عليها في عام 2007 لتحرمها من فرصة تنمية القطاع بعد جلاء اسرائيل عنه في عام 2005.

ويمكن رؤية العراقيل أمام بسط نفوذ السلطة الفلسطينية في قرية النبي صموئيل الفلسطينية شمال غربي القدس التي عزلت عن المناطق العربية بسبب الجدار العازل الذي شيدته اسرائيل في الضفة الغربية. ويقول المحامي محمد بركات نيابة عن سكان القرية البالغ تعدادهم 250 نسمة "نحن نعيش في جزيرة الان."

والجدار من العواقب المستديمة للانتفاضة الثانية والتي غالبا ما يشير الفلسطينيون لسلبياتها كمبرر لتفادي مزيد من المواجهة العنيفة مع خصم اقوى بكثير.

وتقول اسرائيل ان الجدار يهدف لوقف الهجمات الانتحارية وغيرها من هجمات النشطاء وتضيف انه نجح في مهمته. لكن الفلسطينيين يرون ان الهدف منه استقطاع أراض. والقطاع الذي فصل قرية النبي صموئيل عن بقية الضفة الغربية مثال على ذلك اذ انه يلتف حول مستوطنات يهودية قريبة وصفتها محكمة العدل الدولية بانها غير قانونية.

فبعد ان كان الوصول للبلدات الفلسطينية يستغرق خمس دقائق بالسيارة من النبي صموئيل تصل مدة الرحلة الان الى أكثر من ساعة. وينبغي ان يحصل الزائر على الجهة الاخرى من الجدار على تصريح من اسرائيل لعبور نقطة التفتيش.

ولا يوجد حاجز بين قرية النبي صموئيل والقدس ولكن القرويين الذين يلقى القبض عليهم اثناء العمل هناك بشكل غير مشروع معرضون للسجن وغرامة ضخمة. والقي القبض على عشرة في السنوات الأخيرة ولايزال اثنان في السجن.

ويقول بركات ان نسبة البطالة تصل الى 90 في المئة ويوجد بالقرية متجر بقالة صغير وحيد ومدرسة من فصل واحد مساحته أربعة امتار في أربعة أمتار يدرس بها 11 تلميذا وكان حتميا ان يبدأ الشبان في الرحيل.

وهجر نحو 50 شخصا أو خمس السكان القرية الى الجهة الاخرى من الجدار العازل في الضفة الغربية خلال العامين الماضيين. وقال بركات "الاسهل ان انتقل الى رام الله ولكن لا افكر في الرحيل عن قريتي."

ومن قرية النبي صموئيل يمكن ان ترى افق رام الله وهي حاليا المركز الاداري للدولة المرتقبة. وثمة تناقض صارخ بين مجمع الوزارات الجديد وقصر الرئاسة بها والطرق غير الممهدة في القرية.

ويقول منتقدون إن السلطة الفلسطينية تركز اهتمامها على المدينة بشكل كبير وحولتها لعاصمة فعلية تحل محل القدس الشرقية الموجودة خلف الجدار العازل في الضفة الغربية وهي جزء من المدينة التي تصفها اسرائيل بانها عاصمتها التي لا يمكن تقسيمها.

وتزين النافورات والتماثيل الميادين في رام الله وهي ضمن شبكة الطرق الفلسطينية التي طورت في الضفة الغربية بدعم مالي من مانحين دوليين بما في ذلك الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.

وتجوب شوارع المدينة وحدات الشرطة المزودة بسيارات دورية جديدة من طراز فولكسفاجن ودراجات نارية ايطالية. وغالبا ما يشيد مسؤولون زائرون باعمال بناء الدولة التي يقودها رئيس الوزراء سلام فياض.

وتشير السلطة لنقطتي اختلاف رئيسيتين بين المؤسسات التي شيدتها ومشروع مماثل قاده الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في التسعينات. ويوجد حاليا نظام للادارة المالية يتسم بالشفافية يقلص اعتمادها على دعم المانحين كما أن قوات الأمن التي دربت بمساعدة غربية تسهم في منع أعمال عنف ضد اسرائيل.

وقال غسان الخطيب المتحدث باسم السلطة الفلسطينية انها مستعدة لقيام دولة والاستقلال وفق معايير المجتمع الدولي. وذكر تقرير أصدره البنك الدولي الشهر الحالي انه يمكن مقارنة المؤسسات العامة للسلطة ايجابا بدول اخرى في المنطقة وخارجها وهو سبب اخر يدفع مسؤولين فلسطينيين للقول بانهم مستعدون لقيادة دولة حقيقية.

ولكن حتى أن لجأ المسؤولون الفلسطينيون للأمم المتحدة فان السلطة تواجه ازمة مالية خانقة تبرز هشاشتها. والسبب المباشر هو تراجع المعونات الاجنبية التي تحتاجها السلطة لسد العجز المتوقع ان يصل الى 900 مليون دولار العام الجاري.

والسبب الأعمق هو ضعف الاقتصاد الفلسطيني. ويقول البنك الدولي ان القيود الاسرائيلية التي تعوق القطاع الخاص ينبغي رفعها لاتاحة الفرصة لزيادة قاعدة ايرادات السلطة الفلسطينية والاستمرار في بناء المؤسسات.

وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة عجزت السلطة مرتين عن صرف اجور موظفيها وعددهم 150 الفا في الوقت المحدد وبالكامل مما اضر بمكانتها.

وسيضر الفشل في نيل الاستقلال خلال السنوات القليلة المقبلة بمصداقيتها. ويقول منتقدو السلطة ان استراتيجيتها القائمة على التفاوض مع اسرائيل فشلت. وثمة مشكلة اخرى تتمثل في فشل السلطة وحماس في اخضاع الضفة الغربية وغزة لقيادة واحدة كما لم تجر انتخابات منذ عام 2006 .

ويقول جورج جياكامان أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت قرب رام الله "شرعية السلطة الفلسطينية على المحك لان الفلسطينيين لم يتصوروا ان تعمل كوحدة محلية كبيرة بشكل دائم." وقال "من الواضح أن هذا غير كاف. ستنهار دون عملية سياسية تحظى بمصداقية."

وفي غزة تواجه حركة حماس معضلة فيما تحاول التوفيق بين التزامها المعلن بالكفاح المسلح ضد اسرائيل ومسؤولياتها كحكومة حريصة على تفادي عمليات انتقامية اسرائيلية مؤلمة. وفي الجيب الساحل الذي توقع عرفات ذات مرة إن يصبح سنغافورة الشرق الأوسط يقبع المطار الدولي الذي يحمل اسمه كاثر بعد عين لمشروعه لبناء دولة في التسعينات. وتحول المطار الى انقاض وهو رمز متداع لفترة سابقة حين راودت الفلسطينيين الآمال باحتمال بزوغ دولة مستقلة.

وربما يقول البعض إن آوان حل الدولتين قد فات.. ربما. لكن الربيع العربي ربما يعطي زخما جديدا. فاذا بدأت حكومات عربية تعكس تعاطفا شعبيا مع القضية الفلسطينية فقد تواجه اسرائيل ضغطا أكثر من ذي قبل.

وقال جياكامان "أكثر من أي وقت مضى أري امكانات للمستقبل". وعلى المدى القصير يتفق معه عبد الرحيم بشارات في الحديدية وبركات في قرية النبي صموئيل على أهمية الصمود. وقال "ينبغي ان يتوقع المرء التوجه التالي .. كيفية البقاء .. كيفية الاستمرار نستمر لان الفلسطينيين يدركون أنه ميزة استراتيجية مهمة."

التداعيات المالية

في سياق متصل أبلغ محافظ سلطة النقد الفلسطينية أن طلبا رسميا للاعتراف بدولة فلسطين في الامم المتحدة قد يؤدي لضغوط مالية حادة وربما يسفر عن انهيار السلطة الفلسطينية. وتعارض الولايات المتحدة وهي مصدر رئيسي لتمويل ودعم السلطة الفلسطينية المساعي الفلسطينية الاحادية للاعتراف بالدولة. وحذرت واشنطن من التبعات اذا طلب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الاعتراف بدولة فلسطين يوم الجمعة حيث من المقرر أن يلقي كلمة في الجمعية العامة للامم المتحدة.

وقال جهاد الوزير محافظ سلطة النقد الفلسطينية معبرا عن مخاوفه من تصرف أمريكي محتمل "سيكون هناك تأثير كبير على الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية.. اذا فقدنا (المساعدات الامريكية البالغة) 500 مليون دولار من الدعم المالي للتنمية في الضفة الغربية."

ويقول بعض الساسة الامريكيين انهم سيحاولون قطع المعونة الامريكية عن الفلسطينيين اذا رفضوا التراجع عن طلب الاعتراف بالدولة. وقال الوزير في مقابلة "في الواقع خطر انهيار السلطة الفلسطينية حقيقي جدا في ظل الضغط المالي بدون المساعدة الامريكية وبدون مساعدة المانحين بوجه عام." وأضاف الوزير أنه اذا سحبت الولايات المتحدة مساعدتها للسلطة الفلسطينية فمن المستبعد أن تعوضها الدول المانحة الاخرى.

وقال الوزير الذي يشرف على عمليات في كل من الضفة الغربية حيث مقر السلطة الفلسطينية وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) "اعتقد أن ذلك سيكون صعبا للغاية في هذه المرحلة لان الدعم العربي أيضا لم يأت بالحجم التي كان من المفترض أن يكون عليه فيما يتعلق بدعم الموازنة."

وقالت الولايات المتحدة العضو الدائم في مجلس الامن الدولي انه اذا طلب عباس العضوية الكاملة فستحجب الخطوة على أساس انه لا سبيل لدفع السلام قدما سوى باستئناف المفاوضات المستمرة منذ نحو عشرين عاما مع اسرائيل.

وقال الوزير "أكبر مصدر للقلق الان هو أنه اذا عاد الفلسطينيون بوفاض خال فماذا سيحدث للوضع في الضفة الغربية وبشكل خاص في غزة." وقال الوزير ان اقتصاد الاراضي الفلسطينية نما تسعة بالمئة العام الماضي مدعوما بمساعدات المانحين. والتوقعات لعام 2011 أقل كثيرا. وأكد الوزير مجددا توقعاته بنمو الناتج المحلي 3.5 بالمئة.

وعزا ذلك الى عوامل سلبية منها حالة الغموض وانعدام الاستقرار الناجمة عن الاطاحة بأنظمة من منطقة الشرق الاوسط خلال ما أطلق عليه اسم الربيع العربي.

وقال "ثم جاء الربيع العربي وتغيرت اليات المنطقة كلها." وأضاف "المفاجأة بالنسبة لنا هي أن هناك ربيعا عربيا في كل عاصمة تقريبا غير الضفة الغربية وغزة. وسبب ذلك هو أنهم ينتظرون رؤية ما سيحدث في سبتمبر."

وقال ان استمرار القيود الاسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني عامل اخر يزيد الركود. وقال الوزير واصفا عدم اتضاح ما سيسفر عنه اجتماع الامم المتحدة هذا الشهر "حبس مجتمع الاعمال الفلسطيني انفاسه على مدى الشهور القليلة الماضية." وأضاف أنه جرى تعليق صفقات للاندماج وأن شركات أوقفت خططها للتوسع والتعيين.

ويتزامن تراجع أنشطة الاعمال مع عدم تحقق وعود بمساعدات مالية لصرف الرواتب المتأخرة. وتدفع السلطة الفلسطينية رواتب 150 ألف شخص في الضفة الغربية وقطاع غزة وتصرف بدلات شهرية الى 75 ألفا اخرين. وقال الوزير "الشهر المقبل ربما نواجه مشكلة (في الرواتب) ما لم نحصل على بعض التمويل."

عواقب مسعى الفلسطينيين في الامم المتحدة

- لماذا يريد الفلسطينيون الذهاب للامم المتحدة؟

يقول عباس ان 20 عاما من محادثات السلام التي تقودها الولايات المتحدة وصلت الى طريق مسدود ويريد تصويتا في الامم المتحدة ليخلع على الفلسطينيين عباءة الدولة التي يحلمون بها. غير انه يعترف بأنه لا تزال هناك حاجة لمفاوضات مع اسرائيل من اجل انشاء دولة تؤدي مهامها بشكل صحيح.

وفي تبريرهم لهذه الخطوة يشير الفلسطينيون الى نجاح خطة مدتها عامان بدعم من الغرب لبناء مؤسسات استعدادا لاقامة الدولة والتي قالوا انها انتهت الان.

- الفلسطينيون يريدون الاعتراف بحدود 1967. لماذا؟

تقول السلطة الفلسطينية ان وضع دولتها بصورة نهائية في سياق الاراضي التي استولت عليها اسرائيل في حرب 1967 لا يزال يوفر شروطا واضحة للمرجعية ويعني ان اسرائيل لن يصبح بمقدورها وصف الاراضي "بالمتنازع عليها" بل سيوضح انها محتلة. وتخشى اسرائيل ان يمكن ذلك الفلسطينيين من بدء اجراءات قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد نحو 500 الف اسرائيلي يعيشون في القدس الشرقية والضفة الغربية. بحسب رويترز.

- كيف تعترف الامم المتحدة بالاعضاء الجدد؟

عادة ما تقدم الدول الساعية للانضمام للامم المتحدة طلبا للامين العام الذي يرفعه الى مجلس الامن ليقيمه ويصوت عليه. واذا وافق المجلس المكون من 15 دولة على طلب العضوية فانه يرفعه بدوره الى الجمعية العامة لاقراره. ويحتاج الطلب لاغلبية الثلثين او 129 صوتا من اجل اقراره.

ولا تستطيع دولة الانضمام الى الامم المتحدة الا اذا وافق مجلس الامن والجمعية العامة على طلبها.

- هل بوسع الفلسطينيين الانضمام للامم المتحدة؟

نظريا نعم. لكن واشنطن اوضحت انها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد طلب من هذا القبيل وهو ما يعني انه ليس امامه من فرصة للنجاح. وحتى اذا حصل الفلسطينيون على اغلبية الثلثين في الجمعية العامة فلا سبيل للالتفاف على الحاجة لموافقة مسبقة من مجلس الامن.

- هل يمثل وضع "الدولة غير العضو" خيارا؟

بالاضافة الى التقدم بطلب العضوية الكاملة بالامم المتحدة يستطيع الفلسطينيون ايضا تحسين وضعهم كمراقب الى دولة غير عضو وهو وضع الفاتيكان حاليا. ويقول مبعوثو الامم المتحدة ان مثل هذا الوضع يمكن ان يفسر كاعتراف ضمني من الامم المتحدة بالدولة الفلسطينية لان الجمعية العامة ستعترف بسيطرة الفلسطينيين على دولة فعلية.

ومن مميزات هذا الخيار هو انه يتطلب اغلبية بسيطة في الجمعية العامة التي تضم 193 دولة لا اغلبية الثلثين. وقال عباس يوم الجمعة ان اكثر من 126 دولة تعترف بالفعل بدولة فلسطين وهو ما يعني احتمال فوزها بسهولة بهذا التصويت.

- ما هي مزايا ذلك؟

بجانب منحهم لقب "دولة" المهم يقول دبلوماسيون انه قد يمكن الفلسطينيين من الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية حيث يمكنهم رفع دعاوى قضائية ضد اسرائيل بسبب حصارها الجزئي لغزة او المستوطنات.

- هل هناك اي عيوب بالنسبة للفلسطينيين؟

هناك اخطار محتملة. فعلى سبيل المثال يمكن لاسرائيل ان تقاضي الفلسطينيين امام المحكمة الجنائية الدولية بسبب الصواريخ التي اطلقوها على غزة التي تديرها حركة حماس.

ويحذر بعض المنتقدين من العواقب القانونية على الفلسطينيين انفسهم وقالوا ان هذه الخطوة قد تعرض حقوق اللاجئين في الشتات للخطر وكذلك وضع منظمة التحرير الفلسطينية. ويرفض اخرون بعض هذه الاقاويل.

وكذلك لن يغير تصويت الامم المتحدة من الاوضاع على الارض في الاراضي الفلسطينية وهي حقيقة قد تزيد من اضعاف موقف القيادة الفلسطينية عندما تهدأ الامور. ويحذر بعض الاسرائيليين من ان فشل المسعى الفلسطيني قد يغذي العنف المناهض للاسرائيل بل ربما يطلق شرارة انتفاضة جديدة. ويرفض مسؤولو السلطة الفلسطينية هذا الاحتمال.

- هل تستطيع اسرائيل او واشنطن معاقبة السلطة الفلسطينية؟

يشير مسؤولون اسرائيليون الى سلسلة من الاجراءات المحتملة منها الحد من تصاريح السفر للقادة الفلسطينيين الذين يريدون الخروج من الضفة الغربية ووقف نقل عائدات الضرائب المهمة للفلسطينيين بل ضم التكتلات الاستيطانية في الضفة الغربية لمحاولة تجنب تحرك قضائي في المحكمة الجنائية الدولية. ويحذر بعض المسؤولين الامريكيين من انهم قد يخفضوا من مساعداتهم السنوية للسلطة الفلسطينية التي تبلغ نحو 450 مليون دولار. ولا يزال من غير الواضح تماما ما اذا كانوا سينفذون هذه التهديدات. ومن شأن حرمان السلطة الفلسطينية من الاموال ان يسرع على سبيل المثال بانهيارها المالي وهو ما قد يؤدي الى عدم الاستقرار. ويجادل بعض القادة الفلسطينيين من انه في حالة الافلاس يجب على السلطة الفلسطينية تسليم مفاتيح المدن الكبرى في الضفة الغربية لاسرائيل وابلاغها بأن تدفع ثمن احتلالها الراهن.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/أيلول/2011 - 25/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م