الحرب النفسية احد الاركان الاساسية في الحرب الشاملة ضد الشعوب عن
طريق اساليبها (الدعاية والشائعة). وتم استخدامها في العراق منذ عام
2003 ولحد الان لوجود تنافس سياسي مع وجود اطماع واستراتيجيات لبلدان
ضد العراق، فكان نجاح هذه الحرب ايجابية بالنسبة للعدو، فصارت طبيعة
حتى بين العراقيين انفسهم.
وعدم وجود إجراءات وقائية جعل الحالة مستشرية في البلد. وكذلك لعدم
وجود التصدي او تثقيف المواطن عن الموضوع سبب نجاح هذه الحرب عند العدو.
وعندما نقول ان العدو يستخدمها فانها غير صالحة يعني ضد العراق.
والقائم بتنفيذها الاشخاص او الشخصية المعادية للمجتمع Anti social
personality disorder.
فحديثنا عن اساليب الحرب النفسية السلبية منها كونها محل الشاهد،
فهناك دعاية وشائعة ايجابية ليس محل ذكرها الان.
هذه الحرب تعرف بالحرب النفسية للتأثير في أرادة وعواطف واتجاهات
وسلوك جماعات معينة حيث يحقق هذا التأثير اهدافه سواء سياسيا او
انتخابيا او تجاريا او اجتماعيا.
والمنفذ يختفي وراء الاعلام كالصحافة او القنوات الفضائية او متستر
بغطاء عن طريق منصب سياسي الى غير ذلك من الامور التي تشير الى انها
حرب ليس وجها لوجه..، فهناك وجها لوجه تسمى تقليدية.
انك تدرك خطر القنابل والمدافع وتحمي نفسك منها لكن الحرب النفسية
تتسلل لنفسك دون ان تدري.
فأساليبها تؤثر نفسيا بالأشخاص وتستخدم بالحرب والسلم معا كوسيلة
واسلوب لانتصار على الخصم، واحد اهدافها هزيمة الخصم واقناع الشعب
بخذلانه وعدم مقاومتهم من اجل الاستسلام لأهداف العدو.
وورد في دراسات علم النفس الاجتماعي:ـ
حرب الدعاية لها اسماء متعددة منها حرب الاعصاب والحرب النفسية
والحرب الباردة والحرب المعنوية وحرب الافكار والايدلوجيات.
والحرب النفسية اكثر خطورة من الحرب العسكرية لانها تستخدم وسائل
متعددة، ولانها توجه تأثيرها على اعصاب الناس ومعنوياتهم ووجدانهم. وفي
الغالب تكون مقنعة بحيث لاينتبه الناس الى اهدافها (1).
لاتعمل الحرب النفسية باتجاه واحد بل مع خصمها و المجتمع تحاول كسب
الراي العام العالمي لعزل الخصم عن اصدقاءه وكسب التاييد لها.
أن اساليب هذه الحرب في العراق كانت نتائجها ايجابية بالنسبة للعدو
حيث استخدمت اساليب (الدعاية والاشاعة) كسلاح ناجح مما ادى الى:ـ
1. اثارة الفتن والنعرات الطائفية في العراق.
2. زعزعة ثقة العراقيين باحزابهم الاسلامية، وتحاول طمس التاريخ
الجهادي والشجاعة لتلك الاحزاب، فجعلت الفرقة بين المذهب الواحد، وتخلي
الناس عن اللجوء الى زعماء الدين والمراجع.
3. انعدام ثقة الشعب بحكوماته مع الفرقة بينهم.
4. الفرقة و الانقسام بين جميع مكونات الشعب.
5. اضعاف ايمان المواطن بقضية الحرية والديمقراطية، واثارة الشك في
نفسه من خلال عمل الانتهازيين من بعض السياسيين او في المناصب التابعة
للحكومة او مؤسسات الدولة. واشاعة الفساد وضعف اداء المؤسسات الامنية
بعرض نماذج واقعية كإخراج معتقل ارهابي محكوم بالإعدام او هروبه من
السجن، وهذا برنامج معد له من قبلهم لوضع العناصر المفسدة في هذه
المؤسسات المهمة ودفع المبالغ المالية لهم لاجل الغرض المذكور، فيتم
اعلان الموضوع على الجمهور لكسبه من هذا الباب.
ومع ذلك فان العدو يركز على انه الثائر والمجاهد ولايفرق بين
العراقيين ويدعي الوطنية وانه انساني والوحيد الذي ينعش اقتصاد المواطن
الى ماشابه من الامور العكسية، و في الحقيقة هو السبب الرئيسي وراء
ايذاء الشعب.
فمنهج الحرب الدعائية يشبه الحرب العسكرية حيث انه يحتاج الى خطة
مرسومة للعمل كما انها تشتمل على الهجوم والدفاع، فقد تقوم بتوجيه
الهجوم وقد تنسحب صامتة في موقع لكي توجه ضرباتها في موقع اخر وهكذا.
تعريف الدعاية عند المجدد الشيرازي (قدس سره)(2):ـ عبارة عن ترويج
عقيدة أو رأي أو خلق أو مشروع أو برنامج أو بضاعة، سواء كانت الدعاية
حقًّا أو باطلاً.
وكمختصر عن ما قاله في مسالة الدعاية:ـ
1. ضرورة التوجه للدعاية لما لها من أثر في الرأي العام والسلوك.
2. هناك علاقة مطَّردة بين قوة الدعاية وقوة التأثير.
3. الدعاية من حيث المخاطب وأقسامها ثلاثة، وهذا لتقسيم ناظر لجهات
ثلاثة في الإنسان: العقل، والعاطفة، والنفس. وفي الأقسام الثلاثة
تستخدم الدعاية نوعين من الأساليب: أسلوب ظاهر وأسلوب مقنَّع أي غير
ظاهر. وفي الغالب تجمع الدعاية بين الأقسام الثلاثة في رسالتها. ويرى
السيد المجدد أن الدعاية العاطفية أسرع تأثيراً ولذا استخدمتها
الدكتاتورية في التاريخ؛ لأنها تحمل جملة من الخصائص أهمها أنها تخاطب
الأكثرية، بخلاف الدعايات العقلية فهي تخاطب طبقة معينة وتحتاج إلى جهد
فكري.
4. أن أهم الأنشطة الإنسانية تعتمد على الدعاية كالدين والسياسة
والحروب، ويدعم هذه الرؤية بنموذج من التاريخ الحديث وهو الحرب
العالمية الثانية واستخدام اليهود الدعاية في تحقيق أهدافهم.
5. الانفعال الشعبي وأثره عن طريق الدعاية.
6. متطلبات الدعاية التهويل والتضخيم وفي بعض الحالات التهوين
والتقليل والتحقير.
ويقول علماء النفس تخضع اساليب الدعاية والاقناع الى القوانين
العامة التي تحكم عملية الادراك والمعرفة والدافعية، فالانسان يستجيب
لاساليب الدعاية كما يستجيب لاساليب الاقناع الاخرى. وليست اللغة من
الاساليب القوية في الاقناع، ولكن الاعتماد على دوافع الفرد وعلى
استجاباته للإيحاء يعتبر اكثر قوة من مجرد اللغة. (3).
لذلك الدعاية تتماشى مع القوانين العامة للتنظيم المعرفي في الفرد،
فتوجيهات الدعاية المتبعة فيها الايحاء يجب ان يستهدف اشباع حاجة
ضرورية عند الافراد.
وافضل الدعايات التي تستهدف تحقيق رغبات الافراد وحاجاتهم، وهذا
افضل الانواع الذي يجد القبول والازدهار بين الافراد.
واذا لم تكن حاجة عند الناس، فأخصائي الدعاية هو الذي يكون لهم
الحاجة، فيخلق جوا من التوتر وعدم الاتزان في المجال السيكولوجي لدى
الفرد. وبعد ذلك يقوم بعملية الايحاء المطلوبة. ويستخدمون خلق الرغبات
وتلك الحاجات عن طريق القنوات التلفزيونية والاذاعات والصحافة.
ويستغلون المواقف الغامضة في الايحاء خصوصا المواقف الاجتماعية
الحرجة ويمنع تحليل التفسيرات الاخرى، ويقوم بخلق موقف الغموض
والاضطراب والبلبلة من تلقاء نفسه. فيستخدمون العقائد الدينية للفئة
الاجتماعية في الايحاء لانها اكثر قبولا لدى الناس المقصودين.
موضوع الايحاء طويل جدا لكن نختصر النقطة اعلاه لمعرفة طريقة اساليب
الدعاية.
فحرب الدعاية لانتوقعها بهذه السهولة، فمعظم اجهزة المخابرات حتى
الضعيف منها لديها قسم او شعبة واختصاص يعملون فيها، لذلك توضع ببرنامج
خاص.
وبمختصر الدعاية تغير اتجاه الناس وافكارهم وسلوكهم ورايهم بصورة
تحقق النصر للعدو.
اما الاشاعة او الشائعة:ـ
من الاساليب المستخدمة في الحرب النفسية الاشاعات لتقليل الروح
المعنوية وزعزعة الثقة بين افراد المجتمع وتضعيف الارادة القوية والعزم.
والاشاعات من اساليبها تزيف الانباء وتحريفها والمبالغة فيها، فيتم
استغلال الدوافع والقيم الانسانية لتحقيق اهداف العدو.
ولقد ذكرنا من ضمن اساليبها الاعلام بكل انواعه واشكاله، فان موضوع
الإعلام هو الرأي العام عن طريقة تكون الاشاعة اسهل وايسر وبسرعة اكبر.
يعرف المجدد الشيرازي الرأي العام (4):ـ
((عبارة عن ضروب من سلوك أفراد، يتضمن التعبير باللغة والألفاظ
الخاصة بما يفهمه ذلك الشعب أو تلك الأمة، وهي تمارس من جانب أفراد عدة،
وتنشط وتوجه نحو موضوع معين أو موقف معروف على نطاق واسع في أمور عقدية
أو اقتصادية أو سياسية أو تربوية أو غيرها. فإن للرأي العام آثاراً
مستقبلية يجب التوجه إليها)).
و يعرف الشائعة بقوله: «هي عبارة عن وسيلة لتخويف الشعب».
ومن اقواله (قدس سره):ـ
1. أن الغالب في استعمال الإشاعة هي الأخبار الكاذبة.
2. أن الشائعة وسيلة من وسائل إفساد الرأي العام.
فطبيعة الرأي العام في حقيقته قائمة على أنواع من سلوك مجموعة من
الأفراد.. وهذا السلوك فيه اشكال تتجه لموضوع ما... ومن ذلك يكون تأثير
الدعاية والاشاعة على المجتمع سريعا ومؤثر.
ان هذا الموضوع في غاية الاهمية ويحتاج الى تثقيف مستمر مع العمل
العكسي ضد هذا العدو من خلال تلبية احتياجات المواطنين وتنفيذ رغباتهم.
والتفكير الجدي المصاحب للعمل خير وسيلة وخير علاج.. والله من وراء
القصد.
.......................................
المصادر والهوامش
(1):ـ عيسوي ـ الدكتور عبد الرحمن محمد كتاب دراسات
في علم النفس الاجتماعي، طباعة دار المعرفة الجامعية ـ الاسكندرية ص11.
(2):ـ الشيرازي| السيد محمد الحسيني، كتاب الرأي
العام والإعلام (دراسة منهجية في الرأي العام والإعلام والإشاعة
والدعاية). دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر، بيروت – لبنان. الفصل
الرابع.
(3) دراسات في علم النفس الاجتماعي، الفصل الثاني ص
16.
(4):ـ المجدد الشيرازي الرأي العام والإعلام (دراسة
منهجية في الرأي العام والإعلام والإشاعة والدعاية)الفصل الثالث..
|