بصريات ينعشن تراث مدينتهن لكسب المال

تحقيق: نهلة جابر

 

شبكة النبأ: وسط دهشة الحضور تقوم هالة ذات 18 ربيعا بعرض منتجاتها في احدى صالات العرض التابعة لنقابة المهندسين في البصرة، التي لاقت استحسان الجميع. وترى أن المنتجات المحلية تتمتع بجاذبية كبيرة وخصوصا للسائحين الذين يتوافدون على البلد، حيث تقول هالة: انا اعمل على تطويرها وجعلها في متناول أيدي مقتني تلك الحاجات، لكن مع الأسف نفتقر الى وجود سياحة حقيقية في العراق.

وتتابع، الجهات المختصة مدعوة الى الالتفات الى الشأن السياحي وجعله من اولوياتها لغرض رفد البلد بالعملة الصعبة وعدم الاعتماد على النفط.

وتشير هالة خلال حديثها لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، الى ان البلدان الاجنبية والعربية تهتم بالتراثيات وتعتبرها تاريخا تفتخر به، اما نحن نعمل وبارادة مسلوبة على دثر معالم تاريخنا.

وتتسائل: ماذا يضير الدولة لو وضعت ايديها على التراث وساهمت في الحفاظ عليه، ربما هناك تحفظ على ان الاعمال اليدوية لا ترتقي الى نوع مميز للترات لكن لها نكهة مميزة للجنوب العراقي المليء بعبق التاريخ.

فيما كانت الحاجة ام زكي 70 عاما، تدندن بأغنية قديمة وهي تقوم بأعمالها التي اعتادت عليها منذ نعومة اظفارها حسب قولها، وفي البداية طالبت صانعة السلال البارعة العمل على فتح معاهد نسائية يستطعن من خلاله تعليم الفتيات تراث آبائهن وأجدادهن بالإضافة إلى حمايته من الاندثار وذلك لخبرتهن الطويلة في مزاولة الحرف الشعبية التي اكتسبوها أبا عن جد.

 وبينت أن لها عشرات من السنين وهي تزاول هذه الحرفة القديمة التي تعلمتها من والدتها بالإضافة إلى المنطقة الني ولدت فيها وهي ابي الخصيب، التي يمتهن أغلب أهلها هذه الحرفة.

 حيث قالت " كان كل ما نصنعه من الخصاف لجني التمر والتي تسمى بالعامية "الحلانة" كانت تلاقي اقبالا كبيرا من قبل طالبي هذه السلال وخصوصا في فترة جني التمر، وكان مكسبنا الوحيد ولكن تبدل الحال واصبح أمتهان هذه الحرفة التي تميز بها آباءنا وأجدادنا في طي الاندثار؟ وتتحسر الحاجة ام زكي " فيا ليت ترجع الأيام"،ولا تتمنى أن يمتهن أولادها هذه الحرفة لأن هذه الحرفة أمست بلا مستقبل.

واستاءت الحرفيات في حديثهن لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، من سيطرة المنتوج الاجنبي على حرف الآباء والأجداد التي اكدن بانها ستنقرض مع مرور الزمن لهذا أخذن على عاتقهن تعريف الجيل الجديد المهن والحرف الشعبية، وسبل المحافظة عليها عن طريق الدورات التدريبية بالإضافة إلى مطالبتهن بتدعيم تلك الدورات بالشهادات التي تهيئ للفتيات فرص العمل فيما بعد،وتدر عليهن مكاسب من خلاله التي تعتبر مصدر الرزق الوحيد لمهنتها وتقول "تراث الماضي ال للزوال مع الاسف".

وتشتهر قصبات ابو الخصيب، المطيحة والسيبة والفاو، اضافة الى القرنة والهارثة (بلد النخيل والشعر)، منذ زمن بالحرف الشعبية القديمة (كصنع المشالح الرجالية والنسائية، صناعة الفخار، صناعة الخوص- حرفة السدو، حرفة الخرازة، حرفة النجارة، حرفة المداد والبلول).

وتتمنى هدى الشبيبي (حرفة الخرازة) أن تتعلم حرف شعبية كثيرة غير أن تنقل حرفة آبائها وأجدادها للأجيال هربا من الفراغ القاتل وسعيا راء كسب لقمة العيش. فتقول: تعلمت هذه الحرفة أنا وأختي من جدتي وبدوري علمت صديقاتي، لكن يرجع قلة الإقبال على حرفة الخرازة لقلة إطلاع هذا الجيل على الحرف القديمة لذلك كم كنت أتمنى أن يكن لنا نحن الحرفيات معهد مهني نسائي نستطيع من خلاله عمل دورات تدريبية لفتياتنا على الحرف الشعبية القديمة بالإضافة إلى تعليمي لحرف الشعبية الأخرى، ومن خلال ذلك أوجه ندائي للجهات المختصة بأن يأخذوا كلامي بعين الاعتبار ويمنحونا فرصة التعليم والتعلم لنحافظ على تراث آبائنا وأجدادنا من الانقراض.

أما الحرفية نجدية كاطع تسكن الكرمة 65 عاما والتي تصنع الأشكال الخشبية داخل الأشكال الزجاجية طالبت بشدة فتح المجال لهن لتعريف الأجيال الحرف الشعبية العتيقة وذلك بفتح معهد مهني نسائي على غرار ما للرجال.

مبينة، يدربن ويعلمن الفتيات الحرف الشعبية القديمة التي تعرفهن على مهن الأجداد، وتعلمت هذه الحرفة من زوجي الذي كنت أراه وهو يصنع تلك المجسمات داخل الأشكال الزجاجية التي تحتاج إلى الصبر والدقة وخفة اليد في المنزل حيث لا يجد لديه مكان مخصص يصنع فيه هذه الأشكال التي يستغرق في صنعها أسبوع وفي بعض الأحيان يومين. ولفتت: الكثير يستغرب كيف أستطيع مثلا إدخال السفينة الكبيرة داخل الفتحة الضيقة للزجاجة لذلك بالدورات التدريبية سوف تتقن فتياتنا تلك الحرف الشعبية،وتمنت أن يصل صوتها للجهات المختصة.

دعت النجارة أم محمد الجهات المختصة إلى فتح معهد مهني نسائي على غرار المعهد المهني الرجالي لكي يستطعن من خلاله الحرفيات نقل التراث القديم للفتيات العاشقات لتعلم حرف آبائهن وأجدادهن التي سوف تكسبهن بعض الحرف الشعبية الخبرات في فن التعامل مع المواقف الحرجة التي قد تحدث لهن بالإضافة إلى تعليم الحرفيات حرف شعبية أخرى غير حرفتها.

وتضيف أم محمد الأماكن المخصصة لممارسة هذه الحرف الشعبية يتيح لنا إنتاج قدر كبير من هذه الحرف كما أنه سوف يعيننا على الكسب وقتل البطالة. فأتمنى أن نلاقي استجابة لما نتمناه.

أم عبد الله صانعة الخوص الشعبي، أصرت في حدثيها على أهمية تعليم الأجيال التراث الشعبي القديم والمحافظة عليه من الضياع من خلال عقد الدورات التدريبية لهم وحثهم على المحافظة على تراث الأجداد. وتمنت أم عبد الله أن يتاح لهن فرصة التدريب الفتيات على الحرف الشعبية القديمة التي تعلمنها منذ أكثر من 20 سنة وذلك بفتح لهن معهد مهني نسائي يدربن من خلالها الفتيات لكي يستفدن من حرف الأجداد ويكون لديهن صنعة يعشن من خلالها في ظل قلة الوظائف ويستغللن أوقات فراغهن بما يفيد بعيدا عن الفضائيات والتقليد الأعمى. بالإضافة إلى استفادة الحرفيات من وراء هذه الدورات التي تعتبر هذه الحرف الشعبية هي مصدر رزقهن.

وشاركت الحرفية منتهى الصالح صانعة الفخار زميلاتها حيث طالبت الجهات المختصة فتح المجال لهن لمزاولة هذه الحرف الشعبية وتعليمها للفتيات الذي لن يتحقق إلا إذا فتح معهد مهني نسائي.

وتستطرد الصالح: فالناظر إلى تسابق الفتيات على التعرف على الحرف الشعبية القديمة يجزم أن الفتيات عندما يسمعن بهذا المعهد سوف يتسابقن على التسجيل فيه للتعلم الحرف القديمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/أيلول/2011 - 21/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م