تفجيرات 11 سيتمر... هل نفذتها إسرائيل أم خططت لها إيران؟

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: على الرغم من انقضاء عقد على وقوع اعتداءات الحادي عشر من ديسمبر، واعتراف تنظيم القاعدة الذي اجهز على قيادته مؤخرا بتبني العملية تنفيذا وتخطيطا، لا تزال العديد من الجهات التحقيقية تشكك في صحة ما اعلنت عنه التحقيقات الامريكية بهذا الشأن.

حيث تتهم بعض الاطراف جهات غير القاعدة بالوقوف وراء ما حدث، مستندة الى ما ترمي اليه ببعض الادلة والوثائق التي كشفت عنها التحقيقات الخاصة، والتي تفند الرواية الامريكية الرسمية.

وتذهب الكثير من تلك الاتهامات الى تورط بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة تارة، ودول تعد عدوة لأمريكا تارة اخرى، الامر الذي قد يثير الحيرة والفضول في كشف ملابسات حقيقة اكبر حدث وقع مطلع القرن الحادي والعشرين، والذي كان سببا مباشر في تغيير الخارطة السياسية في الشرق الاوسط. 

إسرائيل

فقد كشفت دراسة بعنوان (إسرائيل هي التي نفّذت هجمات 11 سبتمبر الارهابية)، نشرها مركز Press Pakalert" ", وهو مركز دراسات أميركي يعنى بالملفّات الساخنة التي يعيشها العالم، والقضايا الكبرى على المستويات الأمنيّة والسياسية، النقاب عن نبوءة قديمة مثيرة وغريبة صدرت عن رجل تحوم حوله الشكوك أكثر من سواه، هذه النبوءة، وعلاقتها بالشخص الذي أطلقها، ذات دلالات بالغة الأهميّة وهي تؤشّر الى من نفّذ الهجمات إنه إيسّر هارئيل، كبير المسؤولين الاستخباراتيين الإسرائيليين، مدير جهازي الموساد والشين بيت، بين عامي 1952/1963 .

ففي العام 1979، أي قبل 22 عاماً من أحداث 11 أيلول "سبتمبر", تنبّأ إيسّر هارئيل بشكل دقيق للغاية بحصول ما حصل أمام مايكل إيفانز، وهو أميركي مؤيّد للمتطرّفين الإسرائيليين.

وفي 23 أيلول "سبتمبر" 1979، قام إيفانز بزيارة هارئيل في منزله في إسرائيل، حيث تناول طعام العشاء معه ومع الدكتور روفن هشت، كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن، وفي افتتاحية بعنوان أميركا هي الهدف، نشرتها صحيفة جيروزاليم بوست في 30 أيلول "سبتمبر" 2001، تساءل إيفانز المعروف بعدائه الشديد للعرب، عمّا سمّاه الارهاب العربي، وما إذا كان سيصل الى أميركا. نقلا عن جريدة الدستور الاردنية

وقال هارئيل لإيفانز «إن إرهابيين عرباً سوف يستهدفون أعلى بناء في مدينة نيويورك، لأنه يعتبر رمزاً له علاقة بعضو التذكير»، وهذه النبوءة تعني أن هجمات 11 أيلول "سبتمبر"كانت من تخطيط الموساد، بموجب اعتراف إيسر هارئيل، وهي موثّقة بما فيه الكفاية، وهي واردة أيضاً في كتاب بقلم مايكل إيفانز نفسه.

إيران

الى ذلك، وفي يوليو 2004 وجد أعضاء اللجنة الوطنية الأمريكية المكلفة بالتحقيق بملابسات هجمات 11 سبتمبر أنفسهم يواجهون ضغطاً هائلاً، ليس لأن الموعد النهائي لتسليم تقرير هذا التحقيق، الذي كانت تنتظره أمريكا كلها قد انتهى وفات أوانه، بل لأن مدة الشهرين الإضافية التي حصل عليها أعضاء اللجنة كانت هي الأخرى على وشك الانتهاء أيضاً. لكن قبل 8 أيام فقط من موعد تسليم التقرير النهائي، تلقى بعض أعضاء اللجنة معلومات سرية كانت بمثابة قنبلة حقيقية. بحسب صحيفة ايديعوت احرنوت الاسرائيلية.

احتار هؤلاء الأعضاء، ولم يتمكنوا من تحديد ما الذي يتعين عمله، إذ على الرغم من ظهور معلومات جديدة أمامهم لم يكن بمقدورهم معالجة وتصنيف وتدقيق تلك الكمية الكبيرة من المعلومات خلال أيام قليلة. وفي النهاية استقر رأيهم على حل تبين فيما بعد أنه الأسوأ. فقد عمدوا لحشر تلك المعلومات في ثلاث صفحات فقط من صفحات التقرير كتبوها على عجل وتجاهلوا فيها معظم المعلومات ليتركوا بذلك التساؤل الكبير مفتوحاً.

لقد تبيّن فيما بعد أن المبنى الضخم الذي يضم مقر وكالة الأمن الوطني في «فورت ميد» كان فيه غرفة مثيرة للاهتمام على نحو خاص، إذ كانت الوكالة تحفظ فيها عشرات الآلاف من المحادثات المسجلة التي تدور حول موضوع واحد هو: العلاقات بين الاستخبارات الإيرانية والقاعدة، بدءاً من عقد التسعينيات وحتى عشية هجمات 9/11 بالإضافة لـ75 وثيقة سرية توصف بأنها بالغة الأهمية لفهم العلاقة بين القاعدة وطهران.

بيد أن اللجنة لاحظت في نهاية تقريرها أن هذه المسألة – التحقيق – تستحق المزيد من الفحص والتدقيق، لكن على الرغم من ذلك، لم يتقدم أحد للقيام بهذه المهمة بل ويمكن القول إن القضية بأكملها كان يمكن أن تبقى مدفونة في صفحات التقرير الثلاث المذكورة سابقاً لولا امرأة شجاعة تدعى إيلين ساراسيني.

والحقيقة أن هذه المرأة ليست محللة في عالم الاستخبارات، و لا خبيرة في مكافحة الإرهاب بل هي أرملة الطيار فيكتور ساراسيني ربان طائرة البوينغ التي كانت أقلعت من بوسطن رحلة 175 وتحطمت فيما بعد باصطدامها ببرج مبنى التجارة العالمي الجنوبي.

إذ لما كانت هذه المرأة لا تريد أن ترى موت زوجها ووالد طفليها يمر دون مساءلة ويتحول الى مجرد سطر في تقرير اللجنة، قررت البحث عن الحقيقة والعدالة بنفسها، وتوجهت الى المحامي ثوماس ميلون المتخصص بالدعاوى المرفوعة ضد شركات ومؤسسات كبرى.

تضمنت التحقيقات التي أجراها فريق ميلون العديد من اللقاءات مع الشهود وموظفي الاستخبارات وشملت عملاء من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومنشقين إيرانيين بالإضافة لقاض فرنسي وأشخاص آخرين. بل ووصل فريق ميلون الى إسرائيل في بحثهم عن الحقيقة والعدالة.

والآن بعد عشر سنوات من التحقيقات، التي جرت في الزوايا المظلمة لمراكز الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في العالم، بات ميلون وفريقه على قناعة تامة بأنهم يمتلكون الدليل الذي يربط إيران بهجمات 9/11.

فالدعوى القضائية الكبرى التي سلمها الفريق لمحكمة دائرة مانهاتن تستند الى اتهام دراماتيكي يؤكد ان المسؤولية عن هجمات 9/11 لا تقع فقط على عاتق القاعدة بل وأيضاً على إيران وحزب الله استناداً الى ما يصفه المحامون بالدليل الواضح الذي لا يرقى إليه الشك.

والواقع أن لهذه القضية مضامين بعيدة، وهذا ما يفسر لماذا لم تتحمس الحكومة الأمريكية لفحص المكالمات المسجلة المحفوظة في غرفة وكالة الأمن الوطني المشار إليها سابقاً. إذ ان أي نتيجة تخلص الى أن إيران كانت على علاقة بتلك الهجمات لابد أن تثير عندئذ اختباراً أو تحدياً قاسياً أمام الإدارة الأمريكية، وذلك لأنها لن تستطيع حينئذ تجاهل مثل هذه النتيجة، وسوف تجد نفسها في موقف حرج لا تدري معه ما الذي عليها أن تفعله بالضبط. فهل تهاجم إيران كما فعلت في أفغانستان والعراق؟

العلاقة السودانية

وشكّل الدليل الذي ورد في الدعوى القضائية اتهاماً مثيراً يبيّن أن إيران وحزب الله شرعا خلال عقد التسعينيات بمساعدة أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري من أجل تشكيل تنظيم إرهابي جديد بقيادة مقاتلين مخضرمين من أفغانستان ومن حركة الجهاد الإسلامي المصرية. وفي هذا الإطار، بدأت إيران بتدريب أفراد التنظيم وزودتهم بمعدات تكنولوجية متقدمة مكّنتهم من التحرك بحرية، ووفرت لهم الكثير من الخبرة المتصلة بالإرهاب، وأيضاً بخبرة حزب الله التي حصل عليها من خلال عملياته ضد إسرائيل والولايات المتحدة.

كما ساعدت إيران في المراحل اللاحقة، طبقاً للدعوى، في التحضيرات التي سبقت هجمات 9/11. إذ كانت علاقة إيران بالقاعدة قد بدأت في مستهل عقد التسعينيات في السودان الذي أصبح في ذلك الوقت ثاني دولة بالعالم بعد إيران يحكمه الإسلام الراديكالي.

إذ تشير شهادات كبار المسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الى زيارات قام بها الى السودان كل من رئيس إيران في ذلك الوقت رافسنجاني ووزير استخباراته علي فلاحيان ورئيس الحرس الثوري محسن رضائي، وكان بصحبتهم أيضاً شخصية لبنانية معروفة لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية جيداً هو عماد مغنية رئيس الجناح العسكري في حزب الله اللبناني. وتعهد جميع المشاركين في الاجتماع الذي عُقد فيما بعد بمساعدة النظام السوداني، وضم الصفوف في تأييد الحركات الجهادية الأخرى في الشرق الأوسط.

وحينما تبيّن أن السودان بدأ يُصبح مسرحاً جديداً للإرهاب، بدأت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بنشر جواسيسها وأنظمتها الالكترونية فيه، وتمكنت من التعرف على زعيم إرهابي بارز في السودان اسمه أيمن الظواهري، الجهادي المصري الذي دخل السجن مرة لدوره في اغتيال الرئيس أنور السادات. والحقيقة أن اسم هذا الرجل أصبح شهيراً في كل أنحاء العالم بعد أن تحول فيما بعد وبات نائباً لابن لادن ومنظراً استراتيجياً له.

في ابريل 1991 زار الظواهري إيران سراً طالباً مساعدتها للقيام بثورة في القاهرة، ولبت طهران طلبه هذا بموافقتها على دعم منظمته من ناحيتي تقديم المال والتدريب. وهكذا أرسل الظواهري الكثير من رجاله للتدريب في معسكرات إيرانية كان معظمها تحت توجيه أعضاء من حزب الله بقيادة عماد مغنية. واقتنع الظواهري خلال زيارته لإيران بمدى قوة وأهمية الهجمات الانتحارية كوسيلة في العمل ليدرك بعد سنوات من ذلك أنه إذا كان عمل الشخص الانتحاري مؤثراً على الأرض فإن هذا التأثير لابد أن يكون أكبر بكثير إذا ما فجّر طائرة ركاب ضخمة أثناء تحليقها في الجو.

دليل

في عام 1998 تم احتجاز جندي من مشاة البحرية الأمريكية مولود في مصر يدعى علي محمد للاشتباه بتورطه في تفجير السفارتين الأمريكيتين في تنزانيا وكينيا. واعترف هذا الجندي في شهادته أنه سافر في 1989 الى أفغانستان وانضم للجهاد الإسلامي وبن لادن، وقال إنه درّب إرهابيي القاعدة على استخدام المتفجرات وأساليب جمع المعلومات لاستعمالها في الهجمات على أهداف أمريكية.

وشهد محمد أيضاً أن الكثير من دورات التدريب تمت في معسكر إيراني تديره وزارة الاستخبارات.

والحقيقة أن فريق ميلون استخلص دليلاً بعد دراسة آلاف الوثائق يبيّن كيف ساعدت إيران القاعدة في أن تصبح مجموعة إرهابية مؤثرة وخطيرة في التسعينيات. وهذا وحده كافٍ بنظر القانون الأمريكي لاعتبار السلطات الإيرانية متورطة في هجمات 9/11. لكن على الرغم من هذا قرر فريق ميلون عدم المجازفة وفضّل تقديم دليل ملموس للمحكمة يثبت تورط إيران المباشر في تلك الهجمات.

خلال عمل الفريق في العديد من مجالات التحقيق تبيّن لأعضائه أن مسألة السفر والحصول على التأشيرات شكلت عنصراً أساسياً في التحضير لهجمات 9/11. فطبقاً للوثائق التي سلمها الفريق في الدعوى المقدمة للمحكمة، أجرى مخططو تلك الهجمات عملية تدريب كبرى قبل تنفيذها من أجل تسهيل الرحلات المتعددة التي تتطلبها العملية. فمن المعروف أن الحصول على تأشيرة دخول لأمريكا ليست عملية بسيطة، إذ ان أي جواز سفر يحمل ختم دولة موضوعة على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، كفيل بأن يثير الشكوك بصاحب هذا الجواز.

إذاً كيف تمكّن الإرهابيون الـ19 من دخول الولايات المتحدة؟ ولماذا لم يشك بهم مسؤولو الهجرة في أمريكا وألمانيا والمملكة العربية السعودية؟

الحقيقة أن العديد من الإرهابيين كانوا يدخلون إيران من أفغانستان دون أن يضع الضباط الإيرانيون سواء كانوا على الحدود أو في المطارات أختاماً رسمية على جوازات هؤلاء الإرهابيين.

وحدث هذا الأمر أيضاً عند مرورهم عبر بيروت، حيث تولى مسؤولو حزب الله عملية تسهيل الدخول والخروج. وهنا يكمن دليل واضح على علاقة إيران المباشرة بهجمات 9/11. فقد تساءل فريق ميلون: إذا لم تكن إيران على علم بتلك الهجمات أو بالضلوع فيها، فلماذا إذاً لم تختم جوازات سفر هؤلاء الإرهابيين عند دخولهم وخروجهم من أراضيها؟

منشقون إيرانيون

تتضمن الأدلة التي جمعها فريق ميلون إفادات ثلاثة منشقين إيرانيين كانوا يعملون في أجهزة الاستخبارات الإيرانية. والحقيقة أن إفادات هؤلاء المنشقين المشار إليهم بالأحرف: x، y، z توفر مادة فيديوية مهمة جداً تبيّن مدى تورط إيران في هذه القضية، فقد تحدث هؤلاء لساعات طويلة حول طفولتهم ونشأتهم في طهران، وكيف عملوا في أجهزة التجسس. كما تحدثوا أيضاً حول العلاقات بين إيران، حزب الله والقاعدة.

وذكر الشاهد x أن إيران كانت على علم مسبق بالخطة التي أعدت لتفجير طائرات ركاب في أهداف استراتيجية في واشنطن ونيويورك.

وتحدث الشاهد y حول ضلوع عماد مغنية شخصياً في تدريب إرهابيي خاطفي طائرات 11 سبتمبر، وكيف وفرت إيران المأوى لرجال القاعدة بعد تنفيذ الهجمات.

أما الشاهد الثالث z فقد أكد حضوره سلسلة من الاجتماعات في طهران شارك فيها رجال كبار من القاعدة ومسؤولو استخبارات إيرانيون بالإضافة لرجال مغنية بهدف الإعداد لهجمات 9/11.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/أيلول/2011 - 21/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م