الفساد في العراق... خليط السياسة والاقتصاد

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبرز الفساد المتفشي في العراق كتحدي صعب أمام تلك الدولة ونظامها السياسي والبنيوي الناشئ، خصوصا بعد إخفاق مراكز القرار في التصدي لهذا الملف، الى جانب سقوط مسئولي الدولة في دائرة الشبه. فيما لم تفلح بحسب المراقبين الضغوط الشعبية والتداعيات الميدانية في الحد من اتساع دائرة الفساد والشبهات، خصوصا بعد أن انعكست تلك الظاهرة السلبية على صعيد إعادة إعمار البلاد التي تعاني من تهرأ كبير في البنى التحتية. حيث يواجه أرفع المسئولين انتقادات مستمرة، بالإضافة الى اتهامات أحيانا بالتورط المباشر بالفساد أو غض النظر المتعمد. ويرى بعض المحللين ان ظاهرة الفساد المالي والإداري تبلورت بشكل خطير بعد أن امتزجت بما بات يعرف بالفساد السياسي.

الجزء السري من الصراع على السلطة

فقد الدولة "هو الجزء غير المعلن من الصراع على السلطة في البلاد". وقال العكيلي الذي قدم استقالته وقبلها رئيس الوزراء في رسالة بعث بها الى لجنة النزاهة البرلمانية، ان "التكالب على نهب اموال الدولة وعقاراتها هو الجزء غير المعلن من الصراع على السلطة في العراق اليوم". واضاف في بيان الاثنين "لذا فان ملف الفساد فيه سائر الى المزيد من الالتباس والتعقيد والتسيسس وخلط الاوراق في ظل ارادة سياسية تدعي الوعي بحجم الفساد المستشري، ولكنها اضحت في الفترة الاخيرة متذمرة بقوة من الرقابة ومن القوعد والقيود القانونية، وتسعى جاهدة لمقاومة اداوات واليات المساءلة والشفافية". وتابع "فكانها مشغولة بمحاربة الرقابيين، اكثر من انشغالها بمكافحة الفاسدين، وذلك قد لانحصد منه الا المزيد من التراجع الذي ارفض بشدة ان اكون شريكا فيه".

واشار الى انه "تخلينا عن المنصب هو استجابة مخلصة لدعوة دولة رئيس الوزراء (نوري المالكي) للاستقالة في احد مقابلاته التلفزيونية من اجل منح الفرصة لدولته لتحقيق رغبته في اختيار شخص قادر على مكافحة الفساد على حد وصف دولته". ولكنه اشار الى انه "رغم انني اجزم بان مكافحة الفساد لا يتحقق بقدرة رجل اي كان ، ولكنها انظمة واليات وسياسات وقواعد قانونية يديرها مهنيون اكفاء، بالتعاون والتنسيق والتكامل بين جميع السلطات والمؤسسات في الدولة تحت رعاية ارادة سياسية كاملة، تدعم الملف ولا تتدخل فيه".

واكد العكيلي في رسالته رغبته القاطعة في ترك المنصب قائلا "انني عجزت مؤخرا عن الاحتفاظ بالدعم السياسي الذي كنت قد كسبته قبل عام 2011". واضاف "لا يمكن لاية هيئة لمكافحة الفساد ان تعمل بفاعلية وكفاءة بلا دعم سياسي كاف".

وقال كذلك "اؤيد ما ذكره رئيس الوزراء حول تعرضنا لضغوط سياسية كانت الجهة السياسية التي تمارسها تظن ان لها سلطة التدخل في توجيه ملفات الفساد بالطريقة التي تراها مناسبة، ولم نكن نرغب في ان نكون شركاء او شهود على ذلك، لانه تدخل سافر شؤوون القضاء والعدالة".

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قبل السبت الاستقالة التي قدمها اليه رئيس هيئة النزاهة في العراق. وقدم العكيلي مساء الخميس استقالته بسبب ضغوط احزاب سياسية اتهمها بمحاولة التستر على اختلاس اموال، حسبما اعلن الجمعة احد معاونيه رافضا كشف هويته.

وكان العكيلي البالغ 44 عاما والذي يتراس الهيئة منذ كانون الثاني/يناير 2008، اتهم في شباط/فبراير الماضي، وزراء بانهم يفضلون التستر على فساد في دوائرهم بدلا من مكافحته وان هذه الاموال هي المصدر الرئيسي لتمويل المتمردين. وتعتبر منظمة الشفافية الدولية العراق من بين اكثر اربع دول يستشري فيها الفساد في العالم.

انفكاك العكيلي رسميا

في السياق ذاته أعلن مصدر مقرب من رئيس هيئة النزاهة، عن صدور أمر انفكاك القاضي رحيم العكيلي من منصبه. وأضاف المصدر أن "أمراً صدر اليوم بانفكاك القاضي رحيم العكيلي من منصبه في هيئة النزاهة"، مشيرا إلى أنه "لن يلتحق بمجلس القضاء الأعلى وهو الان في فترة أجازة طويلة الأمد".

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد في تصريح لإحدى القنوات الفضائية في وقت سابق أن هيئة النزاهة فشلت في مكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، حيث أن الموجود فيها يعاني من الضغط والتجاذب بين القوى السياسية لذلك فهناك جملة من ملفات الفساد التي لم تفتح.

يذكر أن مصدرا مطلعا و مقربا من حزب الدعوة ذكر في تصريح صحفي بأن رئيس الوزراء نوري المالكي يخطط لاستبدال رئيس هيئة النزاهة الحالي رحيم العكيلي بقريب من حزب الدعوة وهو علاء الساعدي .

كما ذكر عضو لجنة النزاهة النيابية عثمان الجحيشي، ان استقالة رئيس هيئة النزاهة رحيم العكيلي جاءت بناء على ضغوطات من كتل سياسية "للتستر" على بعض ملفات الفساد المتعلقة ببعض المسؤولين التابعين لها، مبينا ان العكيلي اصدر في الاونة الاخيرة اوامر بالقبض على وزيرين ومنع سفر بعض المسؤولين الكبار في الدولة الى الخارج مما اثار حفيظة الكتل السياسية.

وقال الجحيشي إن "استقالة رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي جاءت بناء على ضغوطات من كتل سياسية للتستر على بعض ملفات الفساد المتعلقة ببعض المسؤولين التابعين لهذه الكتل"، مبينا ان "موقف العكيلي كان في الاونة الاخيرة قويا وخطى خطوات جريئة وشجاعة منها اصدار اوامر بالقاء القبض على وزيرين احدهما سابق والاخر حالي فضلا عن ضبطه لامر لواء الرد السريع اللواء نعمان متلبسا بالرشوة واصدار اوامر بالقبض ومنع سفر لمسؤولين كبار في الدولة وكل هذا اثار حفيظة بعض الكتل السياسية للضغط على القاضي رحيم لتقديم استقالته". بحسب اصوات العراق.

وأوضح الجحيشي أن "الاخبار الاخيرة تشير الى ان العكيلي قدم طلبا لاحالته على التقاعد، لكن بكل الاحوال ان تنازله عن هذا المنصب يدل بالتأكيد على وجود ضغوط معينة وتهديد"، مبينا ان "المنصب الذي كان يشغله بالوكالة وليس وبالاصالة وهذا الشي اضعف موقفه، وان المسالة الثانية التي اضعفته هو ان قانون النزاهة الحالي هو تابع ضمن قوانين الحاكم المدني بول بريمر ويعمل بها حتى الان بمعنى انه تابع الى مجلس الوزراء".

وتابع "لكن ضمن القانون الجديد الذي كان يفترض ان يصوت عليه البرلمان ستكون هيئة مستقلة تابعة الى مجلس النواب ورئيس الهيئة بدرجة وزير يصوت عليه مجلس النواب ويقدم استقالته الى المجلس ايضا"، متمنيا ان يكون رئيس الهيئة البديل "قاضيا لديه الخبرة والكفاءة والنزاهة والحيادية والمهنية بعيدا عن التحزب وبعيدا عن الارتباط باي جهة سياسية كانت وجريء ولا يخضع لاحد لاي جهة كانت".

مغادرة عائلة العكيلي بغداد

الى ذلك أكد عضو لجنة النزاهة النيابية، على ان رئيس هيئة النزاهة المستقيل رحيم العكيلي ارسل عائلته خارج بغداد خشية التصفية السياسية، مبينا إن استقالته جاءت كمحاولة من رئيس الوزراء للاستحواذ على الهيئة و ضمها إلى الهيئات التي استحوذ عليها، على حد تعبيره.

وقال صباح الساعدي، ان"رحيم العكيلي كان يخشى من كواتم الصوت الموجودة في بغداد والتي تمارس بطشها باستمرار ما دفعه الى عدم الادلاء بدوافع استقالته"، مؤكدا على ان "العكيلي اخرج عائلته خارج بغداد لانه يخشى عليها من التصفيات".

واتهم الساعدي رئيس الحكومة نوري المالكي "بتجنيد الاعلام وتسخير جهات سياسية لتزويق الوقائع فضلا عن ممارسة السطوة بكل قوة على كل شيء "، موضحا ان " تاخير اقرار قانون هيئة النزاهة في مجلس النواب و عدم التصويت على رئيس الهيئة كان وراء تقديم العكيلي استقالته".

واشار الى ان "هناك ضغوطات مارسها نوري المالكي على رئيس الهيئة لفتح ملفات على سياسيين عراقيين وهذه الملفات وهمية وملفقة وكان المالكي يصر على فتحها لتصفيات سياسية لا غير ".

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد قبل الـ(10) من ايلول/ سبتمبر طلب استقالة رئيس هيئة النزاهة وكالة،  بناء على رغبة رئيس هيئة النزاهة وكالة القاضي رحيم حسن العكيلي بالاستقالة من منصبه. بحسب أصوات العراق.

وأستغرب الساعدي  من "موافقة المالكي السريعة على طلب التقاعد وليس الاستقالة "مبيناً أن "الموافقة تمت في يوم عطلة لمؤسسات الدولة و بشكل غير شرعي فمجلس الوزراء مجتمعاً يجب ان يوافق على طلب التقاعد و ليس رئيس الوزراء منفرداً".

رفع دعوى ضد صباح الساعدي

من جهة مقابلة قال النائب عن التحالف الوطني عبد الإله النائلي، إن رئيس الوزراء نوري المالكي رفع دعوى قضائية ضد النائب صباح الساعدي بسبب اتهاماته المتكررة لرئيس الحكومة، مبينا ان التحالف الوطني سيبحث في فصل الساعدي من عضويته.

وأوضح النائلي وهو نائب في ائتلاف دولة القانون أن "التحالف الوطني سيقدم طلبا لفصل النائب صباح الساعدي من عضويته، في وقت رفع رئيس الوزراء نوري المالكي دعوى قضائية وقانونية ضد الساعدي لأنه وجه إليه تهما غير صحيحة ولا تستند الى حقائق"، لافتا الى ان التحالف "سيعمل بشكل قانوني ضد الاتهامات التي وجهها الساعدي حتى لا تتكرر تلك الاتهامات ضد رموز التحالف". وأضاف أن "النائب الساعدي في تصريحاته الأخيرة تهجم وبشكل غير مبرر على رئيس الوزراء نوري المالكي لأنه قبل استقالة رئيس هيئة النزاهة رحيم العكيلي".

وكان عضو لجنة النزاهة النيابية صباح الساعدي قد اتهم، رئيس الحكومة نوري المالكي بتجنيد الإعلام وتسخير جهات سياسية لتزويق الوقائع فضلا عن ممارسة السطوة بكل قوة على كل شيء، موضحا ان تأخير إقرار قانون هيئة النزاهة في مجلس النواب وعدم التصويت على رئيس الهيئة كان وراء تقديم رحيم العكيلي استقالته.

وأشار النائب النائلي الى أن "استهداف الساعدي لرئيس الوزراء وقبله حسين الشهرستاني وخضير الخزاعي وصفاء الدين الصافي، يمثل أجندة بعثية يمثلها الساعدي من حيث يشعر او لا يشعر، لغرض تشويه رموز التحالف الوطني"، لافتا الى ان الساعدي يعيش ازمة شخصية ضد رئيس الوزراء تحديدا، وأنه يرى ان موقفه صحيح ونقول له يجب ان يقف عند هذا الحد، وان لا يتمادى بتشويه رموز التحالف الوطني". بحسب أصوات العراق.

والنائب صباح الساعدي كان عضوا في حزب الفضيلة وفاز بمقعده النيابي بترشحه من خلال قائمة الائتلاف الوطني العراقي التي كانت تضم المجلس الاعلى والتيار الصدري وكتلة الفضيلة وبعض المستقلين، لكنه استقال من حزب الفضيلة مع بدء تشكيل التحالف الوطني الذي ضم كل تلك القوى الى جانب ائتلاف دولة القانون، وعمل منذ ذلك الوقت كنائب مستقل، وكان يترأس لجنة النزاهو النيابية في البرلمان السابق واستمر في اللجنة كعضو في الدورة الحالية، وعرف بانتقاداته الكثيرة للحكومة واتهامه لها بالفشل في اداء واجباتها، فضلا عن اتهامه للعديد من القادة السياسيين والوزراء بالتورط بقضايا فساد، داعيا الى محاكتهم.

تطبيق القانون بحق المفسدين

من جهتها دعت نائب في مجلس النواب العراقي رئيس الوزراء نوري المالكي الى تطبيق القانون بحذافيره على جميع المفسدين، للحفاظ على سمعة البلاد، على اثر تقرير الشفافية العالمية الذي ابقى العراق في المرتبة الرابعة بين الدول الاكثر فسادا.

وقالت سميرة الموسوي عن كتلة مستقلون ضمن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي "ادعو رئيس الوزراء الى الحفاظ على سمعة العراق، من خلال رسم خطة لتطبيق القانون بحذافيره على جميع المفسدين وتقديمهم الى القضاء".

وبحسب الموسوي فان منظمة الشفافية العالمية، ابقت العراق في تقريرها الاخير بمرتبته، اي في المرتبة الرابعة بين اكثر الدول فسادا، وهذا يؤشر الى ان قضية الفساد مازالت على حالها، والعراق لم يتقدم".

ووجهت الموسوي انتقادا لاذعا الى هيئة النزاهة البرلمانية قائلة ان "تصريحات اعضاء اللجنة البرلمانية متناقضة فيما بين اعضاء اللجنة ذاته، ولم تصدر بالاجماع". وقالت ان "هذه التصريحات اسهمت اسهاما كبيرا في تشويه سمعة العراق، من خلال توزيع التصريحات المحمومة والاسقاطية، على جميع المسؤولين في السلطات الثلاثة". بحسب فرانس برس.

كما وجهت النائب اللوم الى هيئة النزاهة، (هيئة مستقلة تعنى بمكافحة الفساد) قائلة "ان الهيئة لم تسهم بفاعلية حتى الان في تطبيق مبدأ النزاهة". واوضحت ان "هيئة النزاهة لم تقدم على اطلاع المواطنيين بشكل صحيح ولم تشخص المفسدين والجهات المفسدة". واضافت "كما ان الهيئة لم تقطع الطريق على الذين يتهمون الناس جزافا تحت سمعها ونظرها".

يذكر ان العراق يعاني من فساد حكومي مستشر، وقد صنفت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي للعام 2010 العراق كرابع اكثر دولة فسادا في العالم.

وفي حزيران/يونيو، اعلنت هيئة النزاهة ان 479 شخصا ادينوا بالفساد خلال الاشهر الخمسة الاولى من العام الحالي، وانها ضبطت 49 مليون دولار في قضايا فساد تمكنت من استعادة 218 الف دولار منها فقط.

تظاهرات واحتجاجات

من جانب آخر تظاهر الاف العراقيين في انحاء البلاد لمطالبة رئيس الوزراء نوري المالكي بتحسين امدادات الكهرباء والخدمات الاساسية في اختبار جديد لائتلافه الحاكم الهش. واحتشد المواطنون في شوارع بغداد والمدن الجنوبية رافعين فوق رؤوسهم مراوح كهربائية وأجهزة تكييف معطوبة تعبيرا عن احباطهم في اعقاب دعوة اطلقها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للتظاهر.

وبعد أكثر من ثمانية اعوام على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بصدام حسين ما زال الكثير من العراقيين يشعرون باحباط شديد بسبب بطء التقدم الاقتصادي في حين تتركز شكواهم الاساسية من نقص الكهرباء والبنية التحتية والوظائف. وقال رسول عبد الرزاق احد المتظاهرين في مدينة البصرة الجنوبية "نتظاهر ضد الحكومة التي لم تف بوعودها. هذه المرة يجب ان يلبوا هذه المطالب. سنواصل الاحتجاج كل يوم جمعة الى ان يستجيبوا."

وواجه المالكي في وقت سابق من هذا العام مظاهرات غاضبة بسبب الخدمات الاساسية وتحولت حكومته منذ ذلك الحين الى اتخاذ اجراءات على عجل قصيرة الامد مثل خفض رسوم المرافق العامة وتزويد المولدات الكهربائية بالمناطق بالوقود لتهدئة المحتجين. ومقتدى الصدر المناهض بشدة للولايات المتحدة هو عضو اساسي بائتلاف المالكي.

لكن الاحتجاجات التي ينظمها تزيد من الضغط على الحكومة في الوقت الذي تحاول فيه احتواء عنف الميليشيات والمسلحين والتناقش حول ما اذا كان يتعين بقاء قوات أمريكية بعد الموعد المحدد بحلول نهاية العام. بحسب رويترز.

وفي وقت سابق من هذا الشهر أبلغ الصدر الحكومة بانه يتعين عليها توفير 50 الف فرصة عمل ومنح العراقيين نصيب اكبر في ثروات البلاد النفطية والاسراع بالاصلاحات او مواجهة احتجاجات.

وتظاهر اكثر من 10 الاف من انصار الصدر في مدينة الصدر بشرق بغداد المعقل الرئيسي لحركة الصدر. وحمل البعض نعوشا ملفوفة بأغطية سوداء اللون. وكتب على احد النعوش كلمة تشير الى ان الكهرباء خارج الخدمة وعلى اخر سؤال لشخص يسأل عن نصيبه في النفط. وحمل متظاهرون اخرون براميل نفط فارغة. وفي الحلة جنوبي العاصمة خرج نحو خمسة الاف متظاهر الى الشوارع امام مكتب الصدر.

اغتيال صحافي

عبر عراقيون عن غضبهم ازاء مقتل صحافي معروف بانتقاداته للحكومة في بغداد وطالبوا باصلاحات خلال تظاهرات جرت في عدة مدن الجمعة فيما قدم رئيس هيئة النزاهة في العراق استقالته في مواجهة الضغوط التي قال انه يتعرض لها. واعلنت مصادر امنية وطبية عراقية مقتل هادي المهدي (43 عاما) الصحافي العراقي المعروف بانتقاداته للحكومة خلال برنامج اذاعي، بسلاح كاتم للصوت في منزله ببغداد.

وانطلقت مسيرة تشييع شارك فيها نحو خمسين شخصا من منزله في الكرادة (وسط) باتجاه ساحة التحرير في قلب العاصمة، وارتدى اغلبهم ملابس سوداء وهم يحملون نعش رمزيا مغطى بالعلم العراقي للصحافي المغدور وصورة كبيرة له. وواكبت المسيرة اجراءات امنية مشددة ولم تسمح الشرطة بمرور النعش الرمزي باتجاه ساحة التحرير وارغمت المشيعين على اكمال مسيرتهم وهم يحملون صورة كبيرة فقط وسط هتافات قالت احداها "كاتم الصوت بوطني يغتال كل من وطني" و"هادي يا شهيد الصوت خوفهم حتى التابوت".

كما حملوا لافتات بينها "اننا نستحق حكومة افضل" فيما ذكرت اخرى بعبارات قالها المهدي قبل مقتله تقول "اعيش منذ ثلاثة ايام حالة رعب فهناك من يتصل بي ويحذرني من مداهمات واعتقالات للمتظاهرين" واخرى "لقد سئمت مشاهدة امهاتنا يشحذن في الشوارع ومللت اخبار تخمة ونهب السياسيين ثروات العراق".

وقالت هناء ادور سكرتيرة جمعية "الامل العراقية" احدى منظمات المجتمع المدني التي شاركت في التشييع "انها خسارة كبيرة للاعلام والمثقفين العراقيين". واضافت ادور التي ترتدي ملابس سوداء وتعلق صورة هادي حول عنقها، ان "عملية الاغتيال دليل واضح على استمرار نهج التصفية الجسدية واغتيال كل صوت يرتفع من اجل اصلاح النظام".

واغلقت قوات الامن الطرق الرئيس المؤدية الى ساحة التحرير التي انتشر حولها عدد كبير من قوات الامن وعناصر مكافحة الشغب. ولدى وصول المشيعين الى ساحة التحرير ارتفعت اعدادهم الى نحو ثلاثمائة متظاهر كما تعالت اصواتهم منددة باغتيال المهدي.

وقال نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي الذي شارك في التشييع ان "الزميل الشهيد هادي كان من الاعلاميين الشجعان الذين يعبرون عن ارائهم بوضوح ومن الاصوات التي تطالب باجتثاث الفساد ومحاربة كل ما يضر المجتمع".

واكد ان "الكلمة الحرة ما زالت وستبقى موجودة في العراق بوجود الصحافيين الشجعان الذين لن يأبهوا بسقوط زملائهم الشجعان". وطالب ب"اسراع اللجان التحقيقية بمحاسبة الجناة لينالوا جزائهم العادل". واشار اللامي الى انه "بسقوط هادي ارتفع عدد شهداء الصحافة الى 368 شهيدا منذ اجتياح العراق عام 2003".

واكد زاهر الجامع (25 عاما) وهو ناشط في منظمات المجتمع المدني مشارك في التظاهرة، ان "هادي كان احد الناشطين في الحركات الاحتجاجية ضد الفساد الاداري والمالي ومصادرة الحقوق والحريات" وتابع "كما يساهم في حملات التضامن ويؤكد على ضرورة رفض كل ما يخالف الدستور والقانون". وحملت احدى اللافتات عبارة عن المهدي تقول "ساشارك في التظاهرات واني من مؤيديها".

ونددت منظمة "مراسلون بلا حدود" في بيان بقتل المهدي الذي وقع عشية مظاهرات على المستوى الوطني. وجاء في البيان ان "الصحافي معروف بمواقفه المؤيدة للمظاهرات" مضيفا ان "الدوافع السياسية للقتلة مؤكدة وليس فيها اي شك".

واعتقل المهدي في 25 شباط/فبراير مع ثلاثة اخرين من زملائه كانوا يغطون تظاهرة في ساحة التحرير في بغداد. وبالتزامن مع ذلك، انطلقت تظاهرات اخرى في ساحة التحرير استنكرت احداها علاقة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي بالسعودية. وحمل المتظاهرون الذين لا يتجاوز عددهم خمسين متظاهرا لافتة تحمل صورة للهاشمي والنجيفي والملك عبد الله ال سعود، ملك السعودية وخلفهم علم اسرائيل.

فيما هتف متظاهرون اخرون تجمعوا في مكان قريب "الشعب وقع بالحبر الكويت ما تاخذ شبر" في اشارة الى وقوفهم ضد محاولات الكويت بناء ميناء مبارك. كما فرشوا العلم الكويتي على الارض وسط هتافات "اخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعة".

الى ذلك خرجت تظاهرات متفرقة في مدن النجف والديوانية والحلة والبصرة (جنوب بغداد) للمطالبة بمحاربة الفساد وتحسين الخدمات وادارة البلاد ووقف التدخلات الاجنبية على سيادة العراق. كما تظاهر العشرات في كركوك (شمال) والفلوجة (غرب) مطالبين بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد ووقف التدخلات الاجنبية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/أيلول/2011 - 21/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م