العراق ودول الجوار... إرهاب منظم وتجاوزات لا تحترم الحدود

متابعة: علي الطالقاني/ عصام حاكم

 

شبكة النبأ: من الطبيعي ان يشهد بلد ما تتغير فيه الاوضاع السياسية وخصوصا من السيئ نحو الأفضل الى ارتباكات أمنية وسياسية، لكن ليس من الطبيعي ان يتراجع هذا البلد الى الوراء وتخلف الأوضاع تداعيات خطيرة مثل تدخلات دول الجوار في أوضاع العراق فقد ذكر مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى ان إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تنظر في طلب تلقته من تركيا بوضع أسراب من مقاتلات من دون طيار من نوع بريداتور على الأراضي التركية بغية القيام بعمليات لمكافحة "الارهاب" في شمال العراق.

وقال محللون سياسيون ان الإدارة الأميركية لم تتخذ قراراً بعد حيال طلب انقرة نشر طائرات بريداتور على الأراضي التركية لمحاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

فان الطلب التركي باستضافة الطائرات على أراضيها هي نتيجة لم تتخذ بعين الاعتبار للانسحاب الأميركي من العراق الذي تخشى العديد من الدول أن يتسبب بفوضى في منطقة غير مستقرة. إلى ان قرار وضع الطائرات في تركيا قد يعزز التحالف الدبلوماسي التركي ـ الأميركي لكنه يجر الولايات المتحدة بشكل أعمق إلى نزاع إقليمي

من جانب آخر، ذكرت مصادر مطلعة أن الحكومة الإيرانية حشدت مزيدا من قوات الحرس الثوري على طول الحدود مع إقليم كردستان العراق، على الرغم من أن حزب بيجاك أوقف عملياته القتالية ضد الجيش الإيراني قبل خمسة أيام.

وذكر بيان على موقع إعلامي تابع لقوى كردية إيرانية، أن ألوية من الحرس الإيراني بدأت بالتحرك نحو الحدود مع الإقليم، انطلاقا من سردشت وشنو وهيزو، باتجاه بلدة ميراوة القريبة من الحدود، ومنها إلى المناطق الجبلية الحدودية مع الإقليم.

وأضاف أن الجيش الإيراني يستعين بشاحنات مدنية لنقل أسلحته ومعداته القتالية إلى مناطق الحدود للتعتيم على حركة قواته التي تتم غالبا أثناء الليل، مضيفاً أن الجيش نصب العديد من نقاط التفتيش على الطرق الرئيسية التي تربط المدن الكردية في كردستان إيران، ومنها كرماشان وباوة وسنة وسقز ومريوان وبوكان وشنو وغيرها، وأن أفراد الجيش يقومون بعمليات تفتيش دقيقة للمارة وسياراتهم، بغية السيطرة على حركة المواطنين الكرد في تلك المناطق.

ومن وجهة نظر الكتاب والسياسيين يقول الكاتب والسياسي جاسم المطير ان جوهر أهداف القصف التركي والايراني ومحاولة قمع الحركة الكوردية بما يلي:

1- ارهاب الدولة العراقية الضعيفة حاليا بأساليب متقنة عسكرية ولتجذير تبعية العراق الى الدولة الكبرى أيران من الشرق، والى الدولة الكبرى تركيا من الشمال كما كان الحال في القرن التاسع عشر.

2- اعاقة تطور وقيام نموذج الحكم الذاتي او الاقليمي للكورد في تركيا وايران بعد نجاح التجربة في كوردستان العراق الفيدرالي.

3- محاولة افشال ومنع كورد العراق من تحقيق طموحهم الاستراتيجي في قيام دولة كوردستانية مستقلة وفقا لحقهم في تقرير المصي.

4- محاولة أحراج الوجود العسكري الامريكي في المنطقة وعدم وضوح الاتفاقية الامنية مع أمريكا في مسألة الدفاع عن حدود العراق.

من جانب آخر تضاربت تصريحات مسؤولين اتراك بشأن حملة عسكرية برية يحضر الجيش التركي لشنها على شمال العراق لملاحقة مسلحي منظمة حزب العمال الكردستاني التركي المحظور.

ونفى نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج المتحدث باسم الحكومة التركية صحة الأنباء التي تحدثت عن شن القوات العسكرية التركية عمليات عسكرية برية خارج الحدود لتدمير معسكرات الحزب الكردستاني في شمال العراق . وقال عقب اجتماع مجلس الوزراء التركي، أمس الثلاثاء، إن الصلاحية الممنوحة للحكومة التركية من قبل البرلمان للقيام بعمليات عسكرية خارج الحدود ما زالت سارية المفعول، وأكد أن الحكومة قادرة على القيام بأية عملية عسكرية خارج الحدود في أية لحظة إذا استوجب الأمر .

كما أعلن ارينج أن أنقرة تجري مباحثات مع واشنطن حول طائرات من دون طيار من طراز (بريدايتور) يستخدمها حالياً الجيش الأميركي في العراق، وذلك بهدف وضع هذه الطائرات بعد الانسحاب الأميركي من البلد المحتل بتصرف الجيش التركي لمطاردة المتمردين الأكراد .

وكانت مصادر إعلامية تركية ذكرت أن 2000 عنصر من قوات الكوماندوز انتقلوا على متن حافلات مدنية إلى مدينة جرناق الحدودية مع العراق تحت تدابير أمنية مشددة استعدادا لتنفيذ تلك العملية.

من جهته أعلن وزير الداخلية التركي إدريس نعيم شاهينامس، أن تركيا يمكن أن تقوم بتوغل بري ضد المسلحين الأكراد المتحصنين في شمال العراق (في أي وقت).

وقال شاهين كما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول إن (عملية برية وكذلك عملية جوية يمكن أن تطلق في أي وقت رهناً بالمحادثات مع الدولة المجاورة العراق).

وكان المسؤول الثاني في الخارجية التركية فريدون جينيرلي أوغلو زار مؤخراً بغداد لكي يجري محادثات مع السلطات العراقية وسلطات إقليم كردستان العراق.

إنشاء قاعدتين

في سياق متصل نفى مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية العراقية ما تناقلته وسائل اعلام عن تقديم تركيا طلباً الى الحكومة العراقية للسماح لها باقامة قاعدتين عسكريتين في شمال العراق، واشار المسؤول الى ان هذه الازمة يجري حلها في الوقت الحالي عن طريق اللجنة المشتركة بين البلدين.

فيما اكد الناطق باسم حكومة اقليم كردستان العراق كاوا محمود ان العراق سيرفض هذا الامر في حال تقدمت تركيا به.

وكانت وسائل اعلام نقلت عن مصادر لم تكشف عنها قولها ان تركيا طلبت من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق الموافقة على إقامة قواعد عسكرية لوجستية بمنطقتي "رانيا" و"قورنا" القريبتين من جبال قنديل التي تقع فيها معسكرات منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية في شمال العراق، مشيرةً الى ان وكيل وزارة الخارجية التركية فريدون أوغلو قدم الطلب لوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي يُتوقع أن يعلن رفض بغداد له.

ويقول عضو لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب العراقي شوان محمد انه لا توجد نية لدى الجانب التركي بهذا الخصوص، وان حل الازمة سيتم عبر اللجنة الثنائية المشتركة المشكلة من وزارتي الداخلية في تركيا والعراق.

وكان نائب رئيس الوزراء التركي اعلن مؤخرا في تصريحات صحفية ان انقرة تجري مباحثات مع واشنطن بشأن حصولها على طائرات من دون طيار يستخدمها حاليا الجيش الاميركي في العراق، وذلك بهدف وضع هذه الطائرات بعد الانسحاب الاميركي من العراق بتصرف الجيش التركي لمطاردة المتمردين الاكراد من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية عنهم.

من جهته قال الناطق باسم السفارة الاميركية في بغداد مايكل ماكليلان نحن لانناقش القضية الاستخباراتية ولكن ندعم التعاون المستمر بين العراق وتركيا لمحاربة الـ (بي كي كي) كمنظمة تقوم بعمليات ارهابية.

ويؤكد استاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية اسامة مرتضى على ضرورة خلق تنسيق بين العراق وتركيا لحل الازمة من دون تدخل الولايات المتحدة، مشيراً الى ان الازمة تتعلق بالبلدين ولا ضرورة لادخال دول او جهات اخرى.

ردود افعال بعض الموطنين

الى ذك سيطر الجدل والنقاش على الشارع العراقي حول تلك الاحداث وما لحق بالقرى الكردية من خسائر بشرية ومادية، فضلا عن التداعيات الاجتماعية وما نجم عن ارهاب بعض الآمنين تحت ذريعة الحركات المسلحة التي تتخذ من شمال العراق مقرا لها.

على الجابري محلل سياسي يقول بان هناك ثمة خيارات اقتصادية وقانونية مطروحة يجب الوقوف عندها للحد من ظاهرة التجاوزات الاقليمية على حدود العراق الشمالية ومن حق الدولة العراقية الرهان على تلك الوسائل على اعتبارها خيار ناجع خصوصا اذا ما تعلق الامر بالمكون الاقتصادي لانه عامل مهم في المعادلة السياسية وان حجم التبادل التجاري بين العراق وكلا من ايران وتركيا كبير جدا وربما يصل الى عشرات المليارات.

 زينب عبد الرزاق اعلامية في اذاعة كربلاء وهي تحمل المسؤولية كاملة على الانقسام الحاصل ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم وليست هناك رؤية مشتركة في الدفاع عن حدود العراق الشمالية ووضع حد للانشطة التي تقوم بها الحركات المسلحة هناك كي لا نعطي ذريعة للدول المجاورة التجاوز على الاراضي العراقية.

الا ان رشيد حيدر وهو ناشط بحقوق الانسان اذا يحمل المسؤولية بصورة مباشرة على امريكا لانها هي المسؤول الاول على حفظ حدود العراق البرية والجوية ومن واجبها صيانة التراب العراقي من الشمال الى الجنوب ومراقبة الحدود العراقية ووقف انشطة الحركات المسلحة ومساعدة العراق في بناء جيش قوي وقادر عن الدفاع عن البلد وتجهيز العراق باحدث الاجهزة الالكترونية والتقنيات العسكرية لضبط حدوده.

الاستاذ حسن عداي اعلامي تحرير يصف المشهد بانه ضبابي ومبهم في ظل الاتهامات المتبادلة ما بين حكومة الاقليم والدول المجاورة ففي الوقت الذي تحمل كلا من ايران وتركيا حكومة الاقليم تبعات ايواء الحركات الكردية في شمال العراق من مثل البيجاك وحزب العمال الكردي حيث تتخذ تلك الحركات من شمال العراق منطلقا لها من اجل تنفيذ عمليات مسلحة في داخل الدولة التركية والجمهورية الاسلامية الايرانية الا ان حكومية الاقليم وفي ظل ذلك التضاد المشترك ما بين الحفاظ على التجربة الكردية في العراق والمصالح القومية وهذا مما يجعلها امام خيارات ضيقة جدا فهي من جهه غير قادرة على ابعاد تلك الحركات عن اراضي الاقليم وبالمقابل هناك تعاطف شبه رسمي ومؤيد لمشروعية المطالب الكردية وعلى هذا الاساس يصبح من الصعب ان تكون هناك حلول سريعة ما لم نحدد الاهداف واي الخيارات هي اقرب للتطبيق على ارض الواقع.

حنان علي مدرسة وهي تعتقد بان المشكلة يمكن تجاوزها من خلال العمل الدبلوماسي ومحاولة الضغط على الدولة المجاورة اقتصاديا وايجاد صيغة تعاون عسكري ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم من اجل ضبط الحدود ونشر قوات عسكرية ومطالبة الدولة المجاورة باتخاذ نفس الخطوة من اجل غلق منافذ التسلل وان لا تكون المسؤولية على عاتق الدولة العراقية بل كل الاطراف تتحمل تبعات تلك الازمة خصوصا وان المشكلة ذات طابع داخلي يتمثل باحقاق حقوق الاقليات الكردية في تلك الدول.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/أيلول/2011 - 18/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م