لاجئو العالم... رحلة البحث عن الوطن البديل

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: إن مسألة اللجوء ليست بالغريبة على الثقافة البشرية، فمنذ ألاف السنين عرف الإنسان إن الرحيل من الوطن وسبر أغوار الأوطان الجديدة هرباً من الظروف السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وحتى بسبب الكوارث أو الحروب والأمراض التي يعاني منه، ربما تعني في كثير من الأحيان فرصة أخرى للحياة، إلا إن المعاهدات والأطر القانونية التي حددت ظروف اللجوء وأنواعه لم تعرف إلا مؤخر، بعد أن زادت أعدادهم بشكل ملحوظ وباتت تهدد الطوبوغرافيا لكثير من البلدان التي تقع على خط المواجهة الأول.

إن المشكلة الأساسية التي يعاني منها طالب اللجوء والدولة المستضيفة على حد سواء هي عدم وضع أسس سليمة وعادلة لكيفية امتصاص زخم الأعداد الهائلة والقادمة على أراضي دولة معينة دون سواه، مع توفير ملاذ امن وحياة كريمة بالنسبة لمن أقدم على اللجوء مخاطرً بحياته ومصيره، إذ إن الآلاف يموت في كل عام بسبب عدم اعتماد آلية موحدة لاستقبال موجات اللجوء التي ترتفع وتنخفض بحسب مجريات الأحداث العالمية.

اللاجئين العراقيين

حيث تستقبل أمريكا سنويا آلاف اللاجئين من مختلف بلدان العالم، ليشقوا طريقهم في رحلة طويلة لبناء مستقبلهم في وطن الحرية والمبادرة الفردية، ومثل آلاف المواطنين العراقيين الذين غادروا وطنهم بحثا عن الأمان وهروبا من الاضطهاد الطائفي وقلة الفرص الاقتصادية، وصلت أحلام محمود إلى الولايات المتحدة وهي تحمل آثار الخيبة وكوابيسا من زمن الحرب، غير أنها لم تستسلم للقدر، بل حولت معاناتها إلى حافز من أجل إيجاد حل للفئات الاجتماعية التي تعاني مشاكل من هذا النوع، فأسست أحلام مركزا لتقديم المساعدات القانونية والاجتماعية لأفواج اللاجئين العرب المقيمين في شيكاغو لتسهيل اندماجهم في الوطن الجديد وتيسير الاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم العلمية والمهنية التي اكتسبوها في بلدانهم الأصلية، أحلام التي  شرحت بإسهاب واعتزاز تجربتها عن مختلف الخدمات التي تقدمها وقالت "عدد كبير من اللاجئين العرب يصابون بالصدمة عند وصولهم إلى بلاد العم سام" وتابعت أنه من الصعب على عدد كبير منهم ممارسة عمل بعيد عن مؤهلاتهم وتجاربهم المهنية في بلدانهم الأصلية، فمنهم الأطباء والمهندسون والأساتذة الجامعيون، الا انهم يمارسون أعمالا لا تمت لواقعهم المهني ومسارهم العلمي بصلة، ناهيك عن الصعوبات اللغوية التي يواجهونها في التواصل مع محيطهم الجديد ومعاناتهم مع الغربة الثقافية في مجتمع جديد، وتؤكد أحلام محمود أن الأشهر الأولى للاجئ  هي أصعب مراحل التأقلم مع واقعه الجديد، وأن المركز الذي تشرف عليه يساعد اللاجئين الجدد في عملية الاندماج عبر تعليمهم اللغة الانكليزية ومصاحبتهم نفسيا واجتماعيا إلى حين إيجاد موطئ قدم لهم في مجتمع متعدد الثقافات والإثنيات، ويتمتع باقتصاد قادر على دمج كل من له رغبة في التطور والتقدم.

ويعتبر حسن واحداً من هؤلاء اللاجئين الذين وجدوا صعوبة كبيرة بعد وصولهم إلى الولايات المتحدة، إذ أن سوء أوضاعه الاقتصادية وعجزه عن تغطية مصاريف دراسة الأولاد، دفعته إلى مغادرة الوطن والهجرة إلى الولايات المتحدة، بعد سنوات قضاها في بغداد طبيبا نفسياً ناجح، هاهو الآن يحتاج لمن يعالج مشكلته في الجحيم الأمريكي، خصوصا بعد الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة، بالاضافة إلى صعوبة تأقلمه مع مجتمع جديد، حيث يقضي ساعات طويلة بين البحث في المطاعم وفي كبريات الأسواق في شوارع مدينة فيلادلفيا، لكن دون جدوى، فهو لا يتحدث اللغة الانكليزية جيدا ولا يتوفر على خبرة عملية في المجالات التي يبحث فيها عن فرصة عمل، أما الدكتور علي فقد غادر عيادته في بغداد والتي عمل فيها كطبيب لمدة فاقت العشر سنوات، بعد أن ضاق ذرعا من سماع أصوات التفجيرات وصراخ النسوة وهن يبكين أزواجهن القتلى أو أطفالهن الذين أضناهم مرض السرطان، في البداية توجه علي إلى الأردن، ليهاجر بعدها إلى الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية رفقة أبنائه الثلاثة وزوجته ليطلب اللجوء بعد ذلك، كان يحلم بالعمل في مجال تخصصه، لكن الرياح لا تجري كما تشتهي السفن، فالوطن الجديد أجبره على تدبر أموره مرحليا بالعمل عشر ساعات يوميا في مكانين مختلفين، ليعمل في احد المطاعم نهارا وكسائق ليلا، وذلك بالرغم من المساعدات الاجتماعية والقانونية التي توفرها له السلطات الأمريكية سواء على الصعيد الفيدرالي أو على صعيد حكومات الولايات، يقول علي في حديثه أنه شعر في الأيام الأولى بمعاناة شديدة وحنين كبير للوطن، إلا أن دوامة الحياة في وطنه الجديد علمته أن النجاح يتطلب المثابرة والعمل بتفان، فقرر بعدها تقوية مداركه في اللغة الانكليزية قبل الالتحاق بإحدى الجامعات لتعديل شهادة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة بغداد، ويبدو الدكتور علي أكثر ثقة في المستقبل "الولايات المتحدة تساعد الإنسان على النجاح مادام يريد العيش بكرامة ويحترم القانون ويطمح لستقبل أفضل لنفسه ولأفراد  أسرته".

وتختلف قصص اللاجئين العرب في تفاصيلها، لكنها في الأغلب حكايات غنية وتبرز قدرة الإنسان على التأقلم وتغيير مسار حياته نحو الأفضل، وبما أن  الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أكثر دول العالم استقطابا لأفواج اللاجئين حسب احصائيات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، فهي تقدم الكثير لهم حتى تجعل منهم عناصر قادرة على التأقلم  لرسم ملامح مستقبل أكثر أمانا وإنتاجا في مجتمعهم الجديد، وحسب آخر الإحصائيات الحكومية، يعيش في الولايات المتحدة أكثر من 100 ألف لاجئ من جنسيات عربية مختلفة، ويحتل العراقيون المرتبة الأولى، ويوفر القانون الأمريكي للاجئين الرعاية الاجتماعية والصحية والأمن والحق في العمل والتملك وباقي الحقوق التي يتمتع بها أي مواطن أمريكي أو مهاجر شرعي، باستثناء حق التصويت، وأكدت جينا ويلس، مسؤولة العلاقات العامة في مكتب الهجرة واللاجئين في وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة تمنح اللاجئين فور وصولهم مساعدات للتأقلم مع طبيعة الحياة وتسهيل اندماجهم في مجتمعهم الجديد وكذلك مساعدتهم على الوصول إلى مختلف الخدمات الاجتماعية الحكومية.

تزايد اللاجئين في العالم

من جهتها أعلنت الامم المتحدة مؤخراً ان عدد الافراد الذين يجبرون على النزوح عن ديارهم خوفا من الحروب او التعرض للاذى ارتفع الى اعلى مستوياته خلال 15 عام، وقالت المفوضية العليا للامم المتحدة لشئون اللاجئين ان اجمالي 43.7 مليون شخص نزحوا عن ديارهم في نهاية عام 2010 بارتفاع عن عددهم في العام السابق له والبالغ 43.3 مليون، وقالت المفوضية في تقريرها السنوي ان من بين هذا العدد 15.4 مليون لاجيء فروا عبر الحدود "منهم 80 في المئة الى دول نامية قريبة" فيما تم اقتلاع 27.2 مليون من اراضيهم، وتضمن العدد ايضا 850 الف شخص من طالبي اللجوء السياسي ممن تقدموا بطلبات في هذا الصدد، وقال انطونيو جوتيريس مفوض الامم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين "وهو رئيس وزراء سابق للبرتغال" في بيان انه تم الخلط بين قضايا الهجرة وبين الخوف من تدفق مفترض من اللاجئين الى الدول المتقدمة، وقال البيان الذي يحمل عنوان (الاتجاهات العالمية لعام 2010) ان افقر دول العالم تستضيف اعدادا كبيرة من اللاجئين مشيرا الى ان اكثر من نصف عدد اللاجئين من الاطفال دون 18 عاما من العمر، ومن بين الدول التي تستضيف اعدادا كبيرة من اللاجئين باكستان وايران وسوريا اذا تستضيف باكستان 1.9 مليون لاجيء وايران 1.1 مليون لاجيء وسوريا مليون لاجيء، ويمثل الافغان اكبر عدد من اللاجئين بواقع ثلاثة ملايين يليهم العراقيون ثم الصوماليون فالكونجوليون وهي دول تخوض صراعات. بحسب رويترز.

وقال الكسندر ألاينيكوف نائب مفوض الامم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين في بيان صحفي ان العام الحالي شهد "صراعات في شمال افريقيا وساحل العاج وسوريا والسودان ومناطق اخرى في ارجاء العالم"، ولكنه أضاف ان هناك توزيعا "غير عادل" للاجئين في العالم، وقال "يبدو في بعض الاحيان ان اعلى الاعتراضات صوتا تجيء من دول لاتتحمل العبء الاكبر"، وخلال الاشهر القليلة الماضية توجه الاف ممن فروا من اضطرابات في شمال افريقيا الى ايطاليا في سفن متهالكة مما خلق ازمة هجرة على جزيرة لامبيدوزا الايطالية التي تقع في منتصف المسافة بين تونس وجزيرة صقلية الايطالية، وقال مسؤولون ان ايطاليا تفوقت على اليونان بوصفها نقطة العبور الرئيسية الى دول الاتحاد الاوروبي للهجرة غير المشروعة خلال الربع الاول من العام الحالي، وقال ألاينيكوف "وهو استاذ جامعي سابق في القانون ومسؤول رفيع في الهيئة الامريكية للهجرة والجنسية" انه يتعين التعامل مع جميع طلبات اللجوء على نحو منصف.وتم انشاء المفوضية العليا للامم المتحدة لشئون اللاجئين منذ 60 عاما للتعامل مع 2.1 مليون لاجيء في اوروبا في اعقاب الحرب العالمية الثانية، وتستضيف اسيا نحو اربعة ملايين لاجيء وافريقيا 2.1 مليون لاجيء فيما يوجد نحو سبعة ملايين لاجيء في منطقتي الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتستضيف الامريكتان 800 الف لاجي.

بحاجة الى اماكن تستقبلهم

الى ذلك افادت المفوضية العليا للاجئين للامم المتحدة في تقرير نشر مؤخراً انه ينبغي خلال 2012 تامين انتقال 172 الف لاجئ الى بلدان غير تلك التي تستقبلهم لاسباب امنية، واعلنت رئيسة دائرة الترحيل في المفوضية وي-مينغ ليم-كابا في مؤتمر صحافي ان هذا العدد ظل "مستقرا" لمدة سنة، لكن عدد الاماكن المتوفرة لمن يجب عليهم الانتقال غير كاف ومحدود بنحو ثمانين الفا كل سنة، واضافت وي مينغ ليم كابا انه "اذا لم توفر الدول مزيدا من الاماكن فان حوالى مئة الف لاجئ في اوضاع حرجة محتاجين الى الانتقال سيظلون هذه السنة مجهولي المصير".وسجلت المفوضية انخفاضا في حاجات الانتقال في افريقيا واوروبا لكنها تنتظر زيادة في آسيا واميركا الوسطى والجنوبية والشرق الاوسط وشمال افريقي، وترى المفوضية ان قضية انتقال اللاجئين تظل اشكالية معقدة بسبب العدد القليل من البلدان (25) التي تقبل استقبالهم وان العديد من الحكومات تحدد حصص استقبال سنوية، ولا يفترض ان يتحسن الوضع في حين تتوقع الوكالة الدولية ان يبلغ عدد اللاجئين الذين يحتاجون الى الانتقال الى بلد اخر الى 780 الفا في غضون ثلاث او خمس سنين، واعربت المفوضية العليا للاجئين عن قلقها لا سيما انها لاحظت "انخفاضا كبيرا" في عدد من انتقلوا من بين الذين حصلوا على الموافقة على انتقالهم، وهو امر عائد خصوصا الى تشديد الاجراءات الامنية، وافاد التقرير ان 84657 لاجئا قد انتقلوا خلال 2009 في حين انخفض عددهم خلال 2010 الى 72914، وقد كانت الولايات المتحدة السنة الماضية البلد الذي استقبل اكبر عدد من اللاجئين الذين كان مطلوبا انتقالهم (54077)، تليها كندا (6706)، واستراليا (5636)، وفي 2010 احصت المفوضية 15،6 مليون لاجئ اي 400 الف اضافة على 2009. بحسب فرانس برس.

تقرير إحصائي عن فلسطين

في سياق متصل قال تقرير إحصائي نشر مؤخراً إن نحو نصف سكان الأراضي الفلسطينية من اللاجئين خاصة أن إسرائيل هجرت قسرا ثلثي الفلسطينيين الذي كانوا يقيمون في اراضي عام 1948، وذكر تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، أن نسبة السكان اللاجئين في الأرض الفلسطينية بلغت 4ر43 في المئة من مجمل السكان بحسب بيانات عام 2010، وقال التقرير إن 66 في المئة من الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في الاراضي الفلسطينية عام 1948 تم تهجيرهم، حيث طرد ونزح من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1948 حوالي 957‏ ألف عربي فلسطيني، وأضاف أن 7ر29 في المئة من السكان في الضفة لاجئون أي أنه من بين كل 10 أفراد هناك ثلاثة أفراد لاجئين، في حين بلغت نسبتهم في القطاع 3ر67 بالمئة أي أنه من بين كل 10 أفراد هناك سبعة أفراد لاجئين، وأشار التقرير إلى أن الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" بلغ منتصف عام 2010 نحو 8ر4 مليون لاجئ، وأضاف أن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الضفة والمسجلين لدى وكالة الغوث منتصف عام 2010 يشكلون ما نسبته 4ر16 في المئة من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى الوكالة مقابل 3ر23 في المئة في غزة، ولفت إلى أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن بلغت نحو 41،6 في المئة من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت النسبة في لبنان 9ر8 في المئة، وفي سورية 9ر9 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث، وبين التقرير أن مخيمات اللاجئين في الأراضى الفلسطينية هي الأكثر فقرا مقارنة بسكان الريف والحضر، وأن 1ر32 في المئة من الأفراد في المخيمات يعانون من الفقر، مقابل 21،9 في المئة في المناطق الريفية، و8ر25 في المئة في المناطق الحضرية، ولفت إلى أن ارتفاع معدلات الفقر في مخيمات اللاجئين يعود إلى ارتفاع معدلات البطالة وكبر حجم الأسرة بين أسر المخيمات مقارنة بغيرها من الأسر في المناطق الحضرية والريفية، علاوة على ارتفاع نسبة الفقر في غزة التي بلغت 38 في المئة مقابل 3ر18 في المئة في الضفة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

الصومال بين نارين

من جهة اخرى قام متمردوا حركة الشباب بمنع آلاف المتضررين الفارين من مناطق المجاعة في الصومال من الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في مقديشو، ونقلوهم بدل ذلك بالشاحنات إلى مخيم مؤقت يقع على بعد 50 كيلومتراً جنوب العاصمة، حيث تقل فرص الحصول على المساعدات، وفي هذا السياق، أفاد أحد الصحفيين العاملين في مقديشو، طلب عدم ذكر اسمه "على غرار كل من يتحدث عن حركة الشباب تقريباً" أن "هؤلاء المتضررين كانوا في طريقهم إلى مقديشو بحثاً عن المساعدة، ولكنهم نُقلوا هنا بدلاً من ذلك، لقد أصبحوا رهائن، ولا أعتقد أنهم يدركون سبب عدم حصولهم على نفس الاهتمام المتوفر في مقديشو"، وكان هذا الصحفي قد زار مخيم ك50 (K50) حيث يعيش الآن حوالي 45،000 شخص في ملاجئ غير كافية يتزايد فيها خطر المرض والجوع، وبينما يحصل مئات الآلاف من الأشخاص في مقديشو على الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى، على الرغم من ارتفاع عدد نقاط التفتيش التابعة للميليشيات، يمنع انعدام الأمن العديد من وكالات المعونة الدولية من الوصول إلى أماكن خارج العاصمة، حتى القريبة منها مثل مخيم ك50، من جهته، قال أحد عمال الإغاثة في المدينة أن حركة الشباب تمنع النازحين من الوصول إلى المدينة "لسببين رئيسيين هم، عدم رغبتها في أن يهجر الناس المنطقة الخاضعة لسيطرتها، ومحاولتها إثبات قدرتها على مساعدة المحتاجين الذي يعتبر رحيلهم من مناطق سيطرتها بمثابة تصويت بحجب الثقة عنها"، كما قال عامل إغاثة آخر أن مخيم ك50 يحتضن "ما يقرب من 7،500 أسرة "45،000 شخص"، يعانون من مشاكل كثيرة بما فيها الجوع ونقص المياه وانعدام المأوى والمرافق الصحية السيئة للغاية"، مضيفاً أن "حالتهم الصحية تتدهور يوماً بعد يوم"، وأوضح أن "العديد من المتضررين "القادمين في أغلب الأحوال من منطقتي باي وباكول الجنوبيتين اللتين تعرضتا للمجاعة" يعانون عند وصولهم من سوء التغذية ويحضر معه أطفالاً يعانون بدورهم من سوء التغذية"، وجاء في توضيحه أيضا "في أحد الأيام التي كنت فيها في المخيم لقي ستة أطفال مصرعهم. وأحيانا يفوق عدد الأطفال الذين يموتون في المخيم هذا الرقم بكثير"، وفي السياق نفسه، أفاد تقرير صادر في 5 سبتمبر عن وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة للأمم المتحدة (FSNAU) أن ما لا يقل عن أربعة ملايين شخص يتعرضون لأزمة في الصومال، كما أن "750،000 متضرر يواجهون خطر الموت في الأشهر الأربعة المقبلة بسبب عدم وجود استجابة كافية"، وأضافت الوحدة أن عشرات الآلاف من الناس قد لقوا حتفهم بالفعل، أكثر من نصفهم من الأطفال، "وإذا ما استمرت المستويات الحالية للاستجابة، فمن المتوقع أن يزيد انتشار المجاعة على مدى الأشهر الأربعة المقبلة". بحسب ايرين.

وأفاد شافي محمد عبدي، وهو طبيب متطوع يدير عيادة في ك50، أن جميع الأطفال في المخيم تقريباً يعانون من سوء التغذية ومن أمراض متصلة بالجوع، "كما تعاني كثير من الحوامل والمرضعات والمسنين أيضاً من آثار الجوع"، وأشار إلى تفشي الحصبة والإسهال في المخيم، مضيفاً أن "بعض الأطفال يصلون إلى هنا وهم يعانون من أمراض كثيرة بسبب ضعف صحتهم"، وأضاف عبدي أن العيادة تعاني من عجز "في كل شيء تقريب، نحن بحاجة إلى أدوية والمزيد من العاملين المتطوعين في المجال الصحي، هناك احتياجات كثيرة ومساعدات قليلة للغاية"، وأشار إلى أنه لا يوجد سوى طبيبان يخدمان جميع سكان المخيم البالغ عددهم 45،000 شخص"، جميعهم بحاجة إلى مساعدة طبية فورية من نوع أو آخر"، وحسب عبدي، فإن الحاجة الأكثر إلحاحاً تتمثل في ضرورة إقامة مركز للتغذية العلاجية في المخيم، حيث أن "العديد من الأطفال الذين يصلون هنا لا يستطيعون تناول الطعام بشكل طبيعي بسبب شدة سوء أوضاعهم الصحية"، من جهته، أفاد الشيخ عبد الله شيخ علي، وهو عضو في لجنة الجفاف المحلية التي تتولى مساعدة النازحين، أنه بإمكان وكالات المعونة الراغبة في تقديم المساعدة أن تقوم بذلك عبر اللجنة، و"سنعمل على أن يحصل النازحون على كل المساعدات المخصصة لهم"، وأضاف أن بعض منظمات الإغاثة تقدم حصصاً غذائية شهرية للنازحين، مشيراً إلى أن "الوضع الآن أفضل مما كان عليه من قبل، ولكن لا تزال هناك احتياجات، يجب ألا يكون هناك شك في أننا سوف نؤدي واجبنا على أكمل وجه، أنا لا أعرف أي ضمانات أخرى أستطيع أن أقدمها".

بحثاً عن الطعام

في السياق ذاته ينتقل المزيد من السكان الفقراء في مقديشو إلى المخيمات المقامة هناك لإيواء أكثر من 100،000 نازح أتوا من مناطق أخرى من البلاد بسبب الجفاف المتزايد وما نتج عنه من نقص في المواد الغذائية والخدمات الأساسية الأخرى، طبقاً لعمال الإغاثة وممثلي المجتمع المدني، فقد شهدت الأسابيع الاخيرة ارتفاعاً حاداً في عدد العائلات التي تنتقل إلى المخيمات في مقديشو، حسبما قال المسؤولون، "حال العديد من العائلات التي تنتقل إلى المخيمات ليس أفضل من النازحين، فلم يصل أحد إلى مناطقهم بعد، ولذلك قرروا الانتقال إلى المخيمات بغرض الحصول على المساعدة،" كما أفادت آشا أوغاس شاعور، وهي عضوة بارزة في المجتمع المدني في مقديشو، وأضافت شاعور أن العديد من تلك العائلات تقطن المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة حركة الشباب المتمردة، والتي انسحبت من المدينة يوم 6 أغسطس، وأوضحت أن بعضهم من النازحين داخلياً منذ أمد طويل ومن السكان الذين يعتمدون في دخلهم على العمل اليومي، "لا توجد وظائف وليس لديهم مصدر دخل آخر"، كما أن بعضهم لم يغادر منزله منذ أسابيع بسبب القتال، "إنهم الآن يستطيعون الخروج لكنهم لا يملكون شيئاً"، وقال عبد القادر عمر، الذي يعمل مديراً لأحد المناطق التي يشرف علي مساعدتها المجلس الدانمركي للاجئين (DRC) والذي يدعم أربعة مخيمات في العاصمة الصومالية يقيم فيها حوالي 3،000 أسرة (18،000 نسمة)، أن العديد من الوافدين الجدد قدموا من المدينة أو مشارفها، "وهي مناطق لم تصلها المساعدات بعد"، وأضاف أن العديد من العائلات التي كانت في مخيمات النازحين في ممر أفغوي الذي يبلغ طوله 30 كيلومتراً ويمتد من المدينة في اتجاه الجنوب، يعودون الآن إلى مقديشو بسبب عدم تلقي مساعدات كافية هناك. بحسب ايرين.

وأفاد عمر أن عائلات أخرى تقيم ملاجئ مؤقتة من قش الأرز داخل المخيمات. إنهم "ينتظرون توزيع المواد الغذائية ثم يعودون إلى ديارهم،" مضيفاً أن "هذا في حد ذاته يعد مؤشراً على مدى اليأس الذي أصاب الناس"، انتقلت امبارو (ليس اسمها الحقيقي) من مقر إقامتها في شمال مقديشو إلى المخيم، وكان الحي الذي تقيم فيه واحداً من أخر الأماكن التي انسحبت منها حركة الشباب، وقالت امبارو "انتقلت لأن البقاء هناك يعني الموت جوعاً"، كانت امبارو تجد عملاً في الأسواق، ولكن تلك الأسواق أصبحت الآن مهجورة، "لا أستطيع إطعام أطفالي، وعندما سمعت أن كل هؤلاء الناس قادمين لمساعدة المتضررين من الجفاف، قررت أن أذهب للحصول على مساعدة أيضاً"، وقال عمر، على وكالات المعونة إيجاد وسيلة للوصول إلى المحتاجين "داخل المدينة وضواحيها"، وأضاف أنه "نظراً لأن هناك مساعدات تُقدم للنازحين بسبب الجفاف، لا نريد خلق الاستياء والعداء تجاههم من باقي السكان"، وأضاف عمر أن الوصول إلى الناس في أماكن إقامتهم سيخفض أيضاً عدد الأشخاص الذين يتنقلون في أنحاء البلاد، "أعداد ضخمة من الناس تتحرك داخل الصومال والأمر كله متعلق بالحصول على الغذاء، إذا علموا أننا سنصل إليهم، لن يكونوا مضطرين للانتقال إلى أماكن أخرى"، وقالت كيكي جبيهو، رئيسة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الصومال، أن المجتمع الإنساني يهدف إلى تقديم المساعدة للمحتاجين أينما كانو، وأضافت أنه "عندما ينتقل الناس من منازلهم بحثاً عن المساعدة، يصبحون معرضين لمخاطر كبيرة للغاية، وعرضة لجميع أنواع الانتهاكات، إن التحديات كثيرة، وخصوصاً بعد انتقال أكثر من 100،000 نازح إلى مقديشو خلال الشهرين الماضيين، وسوف نستمر في بذل قصارى جهدنا لمساعدتهم.

اوضاع مضطربة

بدوره قال كريس غونيس، الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا): "ليس لدينا أدنى فكرة عن مكان هؤلاء الناس، إذ من المستحيل تقريباً الحصول على أية معلومات من سوريا في الوقت الراهن"، وأضاف في 16 أغسطس أن "هؤلاء اللاجئون المنسيون أصبحوا الآن مختفين أيض، فليس لدينا أية فكرة عن مكان النساء والأطفال، إننا نطالب الحكومة السورية بالسماح لنا بالدخول الفوري إلى المخيم لتقييم الوضع هناك ومحاولة استئناف الخدمات الإنسانية"، ووفقاً للأونروا، اضطر مالا يقل عن 5000 لاجئ فلسطيني للفرار من مخيم حي الرمل باللاذقية، وصرحت المنظمة في بيان لها أنها "تدين استخدام القوة ضد المدنيين"، مضيفة "نحن نطالب السلطات السورية أن تأمر قواتها بممارسة أقصى درجات ضبط النفس طبقا للقانون الدولي لضمان سلامة المدنيين بما فيهم اللاجئين الفلسطينيين"، وتحتضن سوريا، حسب الأمم المتحدة، 472،109 لاجئ فلسطيني يعيش الكثيرون منهم في مخيمات مترامية الأطراف غير مكتملة الخدمات، ويتكون معظم هؤلاء اللاجئين من الأسر التي فرت من فلسطين خلال حرب عام 1948 أثناء إنشاء دولة إسرائيل ومن أولادهم وأحفادهم، ويعتبر حق العودة للاجئين الفلسطينيين مطلب رئيسي في مفاوضات السلطة الفلسطينية مع إسرائيل، وطالب غونيس في البيان الصادر عنه السلطات السورية بالسماح "بسرعة دخول العاملين الإنسانيين للعناية بالجرحى، وتسهيل وصول الأونروا إلى المخيم لاستئناف خدماتها الكاملة في المخيم". بحسب ايرين.

ودفعت أعمال العنف الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى اتخاذ خطوة غير اعتيادية تمثلت في إدانته الشديدة لتصرفات الحكومة السورية، حيث قال ياسر عبد ربه أن العنف الذي عانى منه المدنيون الفلسطينيون والسوريون على حد سواء يعتبر "نوعاً من الجرائم ضد الإنسانية"، وحثت السلطة الفلسطينية الحكومة السورية على حماية أرواح اللاجئين الفلسطينيين، وكانت الحملة الأمنية المشددة قد بدأت في اللاذقية يوم 14 أغسطس، بعد يوم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وأشار بعض النشطاء إلى أن السفن الحربية السورية انضمت في اليوم التالي لعملية قصف المدينة، غير أن وكالة الأنباء الرسمية الحكومية "سانا" نفت قيام السلطات الأمنية بقصف المدينة مشيرة إلى أن اثنين من رجال الشرطة وأربعة مسلحين مجهولين لقوا حتفهم أثناء مطاردة قوات الأمن لمسلحين كانوا يقومون بترويع السكان، ويستخدمون الأسلحة الرشاشة والمتفجرات من أعلى أسطح المنازل ومن خلف المتاريس، وكانت سوريا قد شهدت احتجاجات عنيفة في الأشهر القليلة الماضية، وحسب بعض المراقبين، اتسمت محاولات الرئيس الأسد لسحق الانتفاضة بالوحشية، وقد بلغ عدد الضحايا، وفقاً لجماعات حقوق الإنسان، أكثر من 1700 قتيل و30،000 معتقل في غضون خمسة أشهر، وكان خبراء مستقلون تابعون لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قد ذكروا يوم 5 أغسطس أنهم لا زالوا يتلقون تقارير عن استخدام القوة المفرطة التي تخلف وراءها قتلى وجرحى، بالإضافة إلى ادعاءات بالتعذيب والاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية واحتجاز المحتجين، علاوة على استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان وفرض قيود غير مبرَّرة على حرية التجمع السلمي وحرية التعبير، وفي هذا السياق، ذكر كريستوف هينز، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة أو عبر إجراءات مستعجلة، أنه "لا يمكن تبرير الاستخدام العشوائي للمدفعية الثقيلة ضد المتظاهرين، ولا يسمح لأية دولة باستخدام قوتها العسكرية ضد السكان المدنيين العُزّل بغض النظر عن الوضع السائد على الأرض، إن عمليات القتل التي نجمت عن ذلك تعتبر بشكل واضح عمليات إعدام تعسفية يعاقب عليها القانون الدولي".

قواعد صارمة

من جانبها أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووزارة اللاجئين والعائدين الأفغانية أن عدد طالبي اللجوء الأفغان قد انخفض في عام 2010، ويرجع السبب في ذلك جزئياً إلى تشديد ضوابط الهجرة في دول المقصد، وطبقاً لما ذكرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، انخفض عدد طالبي اللجوء الأفغان في 44 دولة صناعية (معظمها دول أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزلندا واليابان وكوريا) بنسبة 9 بالمائة من العدد الإجمالي العالمي لطالبي اللجوء، وجاء في المرتبة الثانية بعد صربي، وقد ذكر تقرير صادر في 28 مارس عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعنوان "مستويات واتجاهات اللجوء في الدول الصناعية لعام 2010" أن الأفغان تقدموا بـ 24،800 طلب لجوء في عام 2010 (مقابل 27،200 طلب في عام 2009)، والغالبية العظمى من تلك الطلبات (22،939) مسجلة في أوروب، وقالت وكالات الإغاثة أن تفاقم انعدام الأمن وتردي الفرص الاقتصادية والاجتماعية في الداخل والشعور المتزايد بالقلق بشأن مستقبل البلاد هي عوامل الدفع الرئيسية للمهاجرين وطالبي اللجوء الأفغان، وقال نادر فرهاد، المتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن "ثمة عاملاً آخراً يمكن أن يُعزى إلى الصعوبات التي يواجهها طالبو اللجوء بسبب تشديد ضوابط الهجرة في دول اللجوء"، وقال تقرير مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن "ترتيب النرويج (كدولة مقصد) قد انخفض إلى المرتبة الثانية عشر في عام 2010 نتيجة لاستحداث سياسات لجوء أكثر صرامة بصورة عامة"، وقالت وزارة اللاجئين والعائدين أن معظم الدول الأوروبية واستراليا قامت بتشديد قوانينها وإجراءاتها لقبول المهاجرين وطالبي اللجوء الأفغان، وفي عام 2010 انخفض عدد طلبات اللجوء المقدمة من الأفغان في المملكة المتحدة بنسبة 50 بالمائة وبنسبة 75 بالمائة في النرويج مقارنة بعام 2009، ولكن ألمانيا ذكرت أنها سجلت ارتفاعاً في طلبات اللجوء بنسبة 75 بالمائة (5،900 طلب) وكذلك السويد بنسبة 41 بالمائة (2،400 طلب)، وقد تقدم الأفغان أيضاً بطلبات لجوء في الولايات المتحدة (548 طلباً) ونيوزلندا (1،266 طلباً) وكوريا (16 طلباً) من بين دول أخرى. بحسب ايرين.

وخلال السنوات القليلة الماضية تم ترحيل مئات الأفغان الذين تم رفض طلبات لجوئهم في أوروبا واسترالي، وقد انتقدت منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة، مذكرة التفاهم المثيرة للجدل الصادرة في 17 يناير 2011 والموقع عليها من قبل الحكومتين الأفغانية والاسترالية والتي تسمح "طبقاً للسلطات الاسترالية" بترحيل طالبي اللجوء الأفغان الذين رفضت طلباتهم، ولكن المسؤولين الأفغان يقولون أن مذكرة التفاهم لا تضمن عمليات الترحيل القسري لطالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم، ويتهم المسؤولون الأفغان السلطات الاسترالية بإساءة تفسير الاتفاقية المشتركة التي حازت على مباركة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويقوم معظم طالبي اللجوء والمهاجرون بدفع مبالغ كبيرة ويواجهون مخاطر كبيرة في الوصول إلى دولة المقصد المطلوبة، وقالت شكرية براكزاي، العضوة في البرلمان ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان الأفغانية أن "الناس مصابون بخيبة أمل، لقد أصابهم الإحباط بسبب الكثير من الرفض وعمليات الترحيل من أوروبا وأستراليا خلال السنوات القليلة الماضية، فمن يرغب في إنفاق آلاف الدولارات والمخاطرة بحياته ثم ينتهي به الحال بالرفض والترحيل؟"، العودة من الدول المجاورة وقالت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن معظم اللاجئين الأفغان وطالبي اللجوء مازالوا في المنطقة وخاصة في إيران وباكستان وهو ما نتج عنه عدد أقل من طلبات اللجوء في 44 دولة صناعية في عام 2010. وقد عاد 112،968 لاجئاً أفغانياً إلى بلادهم، معظمهم من باكستان وإيران، طواعية في عام 2010 في إطار برنامج ممول من مفوضية اللاجئين، وكان معدل العودة العام الماضي أعلى بكثير من عام 2009 عندما عاد 54،552 لاجئاً إلى أفغانستان، طبقاً لما ذكرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقد اعتلت باكستان قمة الدول المضيفة للاجئين على مدار ثلاثة عقود حيث يوجد بها حوالي مليوني أفغاني لازالوا مسجلين كلاجئين، كما يعيش حوالي 900،000 لاجئ أفغاني مسجل في إيران، وطبقاً لما ذكرته مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، فقد عاد ما يزيد عن خمسة ملايين لاجئ أفغاني إلى ديارهم منذ عام 2002.

ليبيا ومحنة المهاجرين

من جانب اخر كشف تفجر العنف في ليبيا عن محنة العمال المهاجرين الآسيويين الملحة والخطيرة، فهم يرحلون على عجل نحو مستقبل غير مؤكد في بلادهم، وفقاً للعائدين مؤخراً من هناك ولمسؤولين من بنجلاديش والفلبين، وكان أكثر من 60،000 من رعايا البلدين يعملون في ليبي، ويعمل ما يقرب من عُشر سكان الفلبين البالغ عددهم 94 مليون نسمة خارج بلادهم، وقد قاموا بإرسال نحو 19 مليار دولار في عام 2010، أي ما يعادل 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً للحكومة، وفي 8 مارس، ذكرت وزارة الشؤون الخارجية أن 12،000 من العمال الفلبينيين البالغ عددهم نحو 30،000 في ليبيا قد غادروه، وقال العائدون والمسؤولون أن من بين هؤلاء الذين هربوا، عاد 4،200 عامل إلى العاصمة مانيلا، بمساعدة أرباب العمل في معظم الحالات، ولا يزال كثيرون غيرهم محاصرين ويوشك المال والطعام والماء لديهم على النفاذ، وفقاً لمجموعات دعم العمال المهاجرين، وقال وكيل وزارة الخارجية رافائيل سيغويس، "لقد أنجزنا الكثير، ولكن لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله"، وقد تم تخصيص نحو 12 مليون دولار لجهود إعادة العمال إلى الوطن، التي لا تزال مستمرة، وقال دانييل غونزاغا، وهو عامل بناء وأب لطفلين، أنه ومجموعة من العمال الفلبينيين ساروا لـ 20 ساعة تقريباً عبر الصحراء من أجل الوصول إلى الحدود التونسية، إلا أنهم وجدوا كارثة إنسانية هناك، حيث أُجبر العديد منهم على العودة لأنهم تركوا وثائقهم أثناء اندفاعهم للهروب بسرعة، وقال غونزاغا "لم يكن هناك من يساعدنا. كنا نتسكع ونمشي ذهاباً وإياباً لمعرفة كيف نعبر الحدود، وعندما وجدنا في النهاية شخصاً ساعدنا، كان علينا تخطي جدار ارتفاعه ثلاثة أمتار، لقد عمت الفوضى، ولكني محظوظ لأنني مازلت على قيد الحياة، وهناك آخرون لا زالوا يحاولون إيجاد وسيلة للوصول إلى الوطن، أنا سعيد بعودتي، ولكن أسرتي ستواجه خطر الجوع لأنني عاطل عن العمل"، وأضاف غونزاغا أنه ما زال مديناً لأصدقائه وأقاربه بالمال الذي استخدمه لتقديم طلب للذهاب إلى ليبي، وأفادت وزارة العمل أنها قد صنفت مهارات العائدين، وسيتم إبلاغها إلى وكالات التوظيف، كما شددت على توفير الحد الأدنى من المساعدات النقدية المؤقتة، ولكنها تركز الآن على إيجاد وظائف بديلة. بحسب ايرين.

وقال شاه محمد ريبون، البالغ من العمر 30 عاماً، والذي كان يعمل لحساب شركة كورية في ليبيا خلال الأشهر التسعة الماضية، "أنا على قيد الحياة، وهذا هو المهم بالنسبة لي الآن، لقد كانت تجربة مروعة، لقد دفعت 3،768 دولاراً "للوصول الى ليبيا"، بعت أرضي وبعض الممتلكات الأخرى على أمل أن أكسب الكثير من المال هناك، ولكنني الآن خالي الوفاض ولا أعرف كيف سأتدبر أمري"، وكان هناك 27،000 عامل بنغالي في ليبيا، وفقاً لوزارة العمل في الخارج، ولكن وكالات التوظيف تقدر العدد الحقيقي بنحو 80،000، ويعود ما بين 500 و550 عاملاً بنغالياً كل يوم، استناداً إلى تقديرات الحكومة، وقال جوينال عابدين، رئيس منظمة غير حكومية محلية تدعى مؤسسة مهاجري بنجلاديش، أن معظمهم يواجهون أزمة مالية في ظل عدم امتلاكهم أراض أو مدخرات، وأضاف قائلاً "سيكون لذلك أثر سيء للغاية على عائداتنا من التحويلات النقدية والاقتصاد ككل"، وقد بلغت مساهمة العاملين في الخارج نحو 11 مليار دولار في كل من 2009 و2010، بما يوازي 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 90 مليار دولار في 2009، وحتى وقت قريب، كانت القوى العاملة تشكل واحدة من صادرات البلاد الرئيسية إلى الشرق الاوسط، بدوره، قال خانداكر مشرف حسين، وزير العمل وشؤون المغتربين، "ستؤثر الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط على تصدير بنجلاديش للقوى العاملة إلى هذه البلدان، لكننا سنواصل تصدير الأيدي العاملة إلى بلدان أخرى، نحن نبحث عن أسواق جديدة"، وأفاد بأن الحكومة تقوم بإعداد قائمة بالعائدين وأضاف قائل، "إذا تحسن الوضع في ليبيا، سنحاول إعادتهم إليها مرة أخرى، أو سنحاول إرسالهم إلى دول أخرى"، وهناك ما يقدر بنحو سبعة ملايين شخص يعملون بالخارج، أو 6.5 بالمائة من السكان في عام 2009.

تكاليف نظام اللجوء

على صعيد مختلف ذكر نشطاء ان ثلاثة من اصل اربعة من طالبي اللجوء ظلوا في بريطانيا ومعظمهم مقيمين بشكل غير قانوني، وقال مراقبو الهجرة في بريطانيا ان واحد من اربعة قرارات من اصل 660 الف قرار متعلق بطلبات اللجوء بين عامي 1997 و2010 ادت الى الغاء الطلب، واشار النشطاء الى ان تكلفة نظام اللجوء منذ عام 1999 بما في ذلك المساعدة القانونية وتكاليف المحكمة وصلت تقريبا الى عشرة مليارات جنيه او 2 مليون جنيه استرليني يومي، ووجد مراقبو الهجرة في بريطانيا في دراسة نشرت قبل صدور الاحصاءات الرسمية، انه من بين ال 660 الف حالة التي اقرت خلال 13 عاما هناك 509 الف طالب لجوء في بريطانيا منهم 243 الف قانوني و266 الف غير قانوني، وقال رئيس مجموعة النشطاء السير أندرو غرين "ينبغي ان لا يهمل اولئك الاشخاص الجادين في حماية اللاجئين الحقيقيين مثلنا ترحيل المطالبين الوهميين وردعهم"، واضاف "ان النظام بحاجة ايضا لأن يكون اكثر صرامة على الطلبات الوهمية ومن السخف ان نسمح بتأخير او منع رحيل الاشخاص الذين ظلوا في بريطانيا بشكل غير قانوني لعدة سنوات لطلب اللجوء وهذا ينطبق الآن على حوالي 60 في المئة من طالبي اللجوء"، واوضح ان فشل وكالة الحدود البريطانية لتنفيذ القرارات الصادرة عن محاكم استئناف الهجرة يقلل من انشطتها ويشوه سمعة القانون، وذكر مراقبو الهجرة في بريطانيا ان هناك 266 الف طالب لجوء لم يتم ردعهم او ترحيلهم وبالتالي يفترض ان يظلوا في بريطانيا بشكل غير قانوني. بحسب وكالة الانباء الكويتية.

من أجل حياة أفضل

فيما وصل أول اللاجئين الإرتريين رسمياً إلى السودان عام 1968، في حين يعبر الآن ما يقدر بحوالي 1،600 شخص منهم الحدود كل شهر طلباً للجوء في الشجراب، وهو مخيم ضخم يقع شرق السودان، وعلى الرغم من أن تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشير إلى وجود أكثر من 100،000 لاجئ إرتري في شمال السودان، إلا أن ملف اللاجئين قد شهد تغيرات خلال الـ 43 عاماً الماضية، وقال محمد أحمد الأغبش، معتمد اللاجئين في السودان أن "الوافدين الجدد هم عموماً من الشباب والمتعلمين الذين يأتون من المرتفعات ولا توجد لديهم روابط ثقافية أو عرقية مع السكان المحليين، ويستخدم معظم هؤلاء السودان كبلد للعبور، حيث يبقون هنا لبعض الوقت إلى أن تتاح لهم الفرصة للتحرك شمال، كما يحاولون أحياناً عبور البحر الأبيض المتوسط من شمال إفريقيا من أجل الوصول إلى أوروبا"، في المقابل، اتخذ هؤلاء الذين وصلوا في عام 1968 هرباً من حرب الاستقلال الإرترية (من 1961 إلى 1991) من السودان مكاناً لبدء حياة جديدة حتى أن بعضهم نجح في الحصول على وثائق سودانية، ومن بين اللاجئين الإرتريين في السودان، يعيش ما يقرب من 40،000 لاجئ مع المجتمع المحلي وينتمون إلى نفس المجموعة العرقية، فعلى سبيل المثال توجد قبائل الرشايدة والبجه على كلا الجانبين من الحدود، ولكن الوضع مختلف الآن بالنسبة للاجئين الإرتريين، إذ قال جيديون تيسفازيون أنه فر من بلاده عام 2008 وقضى عاماً في المخيم قبل أن يحصل على أوراق لجوئه، وكمعارض للحكومة الإرترية، يعيش تيسفازيون الآن في الخرطوم وقد شغل سلسلة من الوظائف متدنية الأجر، وعن سوء أحوال اللاجئين، قال "يُحظر علينا كلاجئين شغل الكثير من الوظائف حتى في المنظمات الدولية الموجودة في الخرطوم، يمكننا فقط العمل في الشركات الخاصة الصغيرة في وظيفة عامل دهانات أو عامل نظافة"، ومع استقلال جنوب السودان في التاسع من يوليو، ستقوم حكومة الخرطوم بتنفيذ قانون جديد للجنسية ويخشى اللاجئون الإرتريون من أن تصبح السلطات أكثر صرامة بشأن حقوقهم، كما يخشون أيضاً من أن يصبح السكان أكثر شدة في التعامل معهم"، وأضاف تيسفازيون "بعد شهر يوليو سيكون الموقف أكثر سوءاً بالنسبة للإرتريين، فنحن نبدو مثلهم ونتصرف مثلهم، لكن السودانيين خائفون من، ولأننا لاجئون، يطالبنا بعض الأشخاص في الحكومة احياناً بدفع أموال دون أي سبب حقيقي لذلك"، ويرى تيسفازيون آثار هذا التمييز على اللاجئين الإرتريين الجدد، حيث قال "نحن نراهم يأتون إلى الخرطوم دون أي وضع قانوني ويتنقلون في جميع الأوقات في المدينة من منزل صديق إلى آخر، كما يحاولون عبور الحدود بسرعة للوصول إلى أوروبا لكنهم بحاجة إلى 5،000 دولار على الأقل للقيام بذلك". بحسب ايرين.

وفي المخيمات الإثني عشر الموجودة على جانبي الحدود الإرترية السودانية، أقامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ورش عمل لتحذير الناس من الاستعانة بالمهربين، وقال بوراي أساديج، أحد محاميي اللاجئين في مخيم الشجراب "لقد شرحنا لهم أن ذلك الأمر خطير جداً وأنهم قد يلقون حتفهم أثناء الرحلة إذا غرق قاربهم على سبيل المثال في البحر الأبيض المتوسط، ولكن ليس من السهل إقناعهم لأنه من المستحيل تقريباً بالنسبة لهم الحصول على تصريح لمغادرة المخيم إلى الخرطوم والأكثر صعوبة من ذلك هو تمكنهم من مغادرة البلاد ككل"، وبالشراكة مع المعتمد السوداني لشؤون اللاجئين، قامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل جميع الوافدين الجدد باستخدام بروتوكول تحديد وضع اللاجئين، ومن المفترض أن يسهل التسجيل حصول اللاجئين على وثائق اللجوء، والكثير من الرجال الإرتريين هم جنود فارون من الخدمة العسكرية التي بالرغم من أنها محددة رسمياً بـ 18 شهر، إلا أنها قد تمتد لأجل غير مسمى، ولذلك يقوم المحققون بسؤالهم عن وحداتهم والأسلحة التي كانوا يحملونها للتحقق من هويتهم، وأثناء زيارتها إلى مخيم الشجراب يوم 20 يونيو في اليوم العالمي للاجئين، ركزت جانيت ليم مساعد المفوض السامي لشؤون اللاجئين على دمج اللاجئين مع السكان المحليين، وترى ليم أن دمج اللاجئين هو الوسيلة الفعالة الوحيدة للحد من ظاهرة تهريب البشر وتوفير حياة أفضل للاجئين، وقد وعدت ليم أيضاً بأن تقوم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات الدولية المختلفة بتركيب مضخات مياه وتوزيع الغذاء على السكان المحليين شريطة أن يسمحوا للاجئين الجدد بالعمل والاندماج في مجتمعاتهم، وما بين خيار العمل الشاق وسط المجتمعات المحلية أو الانتقال إلى الخرطوم والمجازفة برحلة محفوفة بالمخاطر إلى الشرق، لا يعرف موكونين تيلوبرهومز البالغ من العمر 60 عاماً ماذا يختار، وتيلوبرهومز معارض سياسي فر من بلاده عام 1981 إلى مخيم الشجراب، وبفضل شقيقاته في اليابان تمكن من العيش في المنفى في آسيا لأكثر من 20 عام، وفي عام 1995 قاده الحنين إلى الوطن إلى العودة إلى إرتري، وقال تيلوبرهومز "عندما عدت إلى إرتريا كنت مازلت مسجلاً كناشط سياسي، ولذلك هربت مرة أخرى قبل شهرين، وها قد عدت مجدداً إلى الشجراب، لا أستطيع الذهاب إلى اليابان مرة أخرى لأن أخي غير الشقيق الذي كان كفيلي في المرة الأولى أصبح متقاعداً الآن ولا يمكنه أن يكفلني من جديد، لا أدري ماذا أفعل، في اليابان كنت في الجنة وأنا هنا في الجحيم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 14/أيلول/2011 - 15/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م