مناضلون أثرياء جداً!!

وسام سعدون

لأول مرة في تأريخ النضال على مساحة الكرة الأرضية بمشارقها ومغاربها تظهر لنا معارضة سياسية ثرية جداً.. جداً.. جداً.. وتلك هي المعارضة العراقية التي كانت في الخارج.. لقد أثبتت تلك المعارضة غناها المالي.. حيث نلاحظ ما أن يتهم أحد سياسيونا بالثراء الفاحش حتى يظهر لك بأنه كان من عائلة غنية جداً وتعمل في مجال التجارة بأوسع أبوابها.. وتمتلك أرض وعقارات كبيره في الوطن.. وحتى في خارج الوطن وكل ما ملكه اليوم هو أما تلك التجارة أو إرثاً تملكه من أجداده العظام.. فهو تاجر أباً عن جد وضليع بأمور التجارة التي رفعته لهذا المقام العلي.. فتره بأبهى صور الأناقة ساكناً بأجمل قصور بغداد..

ويبدوا أن الفقراء لا يصلحوا أن يكون يكونوا سياسيو معارضة لكونهم لا يملكون كاريزما المعارض السياسي لكون لا يستطيع أن يدير اقتصاد العراق الكبير مثلما كان ولا يزال يدير تجارته التي أغنته بفحش واضح..

 والغريب أن المكاتب الإعلامية للكثير من أولئك السياسيون يطبلون باستمرار بل ويبثون الإشاعات عن كل سياسي بأنه كان يملك ما يملك في عواصم أوربا وله أرصدة في بنوكها وله مكاتب وعقارات وشركات.. والظاهر بأنه لايملك شيء البتة بل والأكثر من ذلك أنه كان يعيش على الكفاف وكل ما أُنزل في رصيده لا يتجاوز الرواتب التي تحفظ في الحسابات الخاصة، والتي لم يعلن الكثير منهم عن مقاديرها خوفاً من إثارة التساؤلات عنها، ولكونه ليس في حاجة لصرف شيء إذ تتكفل الدوائر الحكومية والوزارات بالصرف على كل ما يحتاجه أو أن تلك الأموال قد جاءت عن طرق الرشا والنسب والفوائد التي تستقطع من مبالغ العقود التي تبرمها تلك الدوائر الحكومية والوزارات مع مكاتب التجهيز.

أي سياسيون وطنيون هؤلاء من يتاجرون بالوطن.. وأين صوت الفقراء.. اذا كان القادة جميعهم تجاراً.. كيف سيحققون مطاليب شعبهم وآمالهم إذا كان قد شبعوا من كل شيء إلا من المال الحرام.. وكيف سيشعر هذا السياسي الثري بشعور المسحوق الذي يدور ساعات طول بحثاً ونبشاً على العلب المعدنية ليحمل منها عشرات الكيلوات على ظهره في عز صيف العراق الذي لا اعتقد مطلقاً أن أولئك السياسيون يشعرون به يلفح رؤوسهم ووجوههم المُحمَرة من شدة البطر..

فترى ابن العراق الشريف شعثا أغبر يركض كل يوم لاهثاً وراء لقمة عياله ومتاع يومٍ غير قادر على أن يوفره دون أن يذرف سني عمرة رهقاً وحسرة.. وترى السياسيون متهندمين بوجوههم اللامعة ولحاهم الصقيلة، بعد أن أتو بها طويلة، تنتفخ أوداجهم من شدة الشبع.. يتضاحكون أمام عدسات الفضائيات كأنهم نجوم سينما يغرقون اسماعنا بترهاتهم عن الوطنية والمستقبل البهي الذي غاب تحقيقه عن أعتى ضمائرهم..

لقد شبعنا واتخمنا بالوعود وما عاد عسل السياسة يشفي جوعنا المؤلم وما عادت تنطلي علينا تلك الخدعة بعدما شبع الوطن من الأضاحي البشرية التي قدمها ليتخم الآخرون من ثلة السياسيون على حساب تلك الدماء البريئة التي تراق عند كل ناصية وكل زقاق.

wisam.saaadoon@gmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 13/أيلول/2011 - 14/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م