المرأة العربية والتغيير... من مواجهة كتائب القذافي الى الثورة الناعمة في السعودية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يبدو ان المرأة العربية قد قطعت خطوة كبيرة في الثورة لكنها تخشى من المستقبل، وايضاً تسعى الى تحقيق خطوة أخرى في طريق المساواة مع الرجل، حيث لا أحد يعرف بعد مدى عمق تأثير الثورات العربية على النسيج الاجتماعي في البلدان التي عاشتها، لكن ما لا يخفى على أحد هو أن هذه الثورات هي صناعة شعبية شاركت فيها كل شرائح المجتمع وعلى رأسها المرأة.

حيث لم تتخلف المرأة عن مسيرة التغيير، التي تجتاح المنطقة العربية، ولم تمنعها التقاليد المحافظة، التي تحكم أغلب البلدان العربية من المشاركة في دعم الثورات العربية، حيث ان هناك نساء عديدات في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا تقدمن الصفوف ليقفن إلى جانب الرجال داعيات إلى تحقيق تحول ديمقراطي في المجتمعات العربية، وان الحضور الفاعل والمشاركة الكبيرة للمرأة في فعاليات الثورة الشبابية كان ملفتاً للنظر ذلك الحضور المميز لها، وارتفاع صوتها وهي تصرخ مع الرجال الشعب يريد إسقاط النظام، وبذلك اكتسبت المرأة العربية ميزة جديدة قد تساعد في تأثيرها بشكل اكبر في المجتمع.

المرأة والتغيير

فقد نشرت صحيفة الجارديان تحقيقا طويلا عن دور النساء الذي برز فيما تطلق عيه الصحيفة الربيع العربي في اشارة الى موسم الثورات والهبات التي انتشرت أخيرا في عدد من الدول العربية، يقول التحقيق الذي اشترك في اعداده عدد من الصحفيين والصحفيات من طرابلس وتونس وصنعاء، إنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة التي شهدت الاضطرابات التي هزت المنطقة، كان بعض المشاهد الأكثر تأثيرا مشهد النساء اللاتي يرتدين الملابس السوداء، بحر من الوجوه النسائية في عواصم بلدان المغرب العربي وشبه الجزيرة العربية.

ويمضي التحقيق ليستدرك بالقول "ولكن وبعد أن توقفت ثورة التوقف أو أصابها الجمود في اليمن مرورا بتونس ومصر وليبيا والبحرين، وسورية، اصبح هناك شيء واضح: انه رغم أن النساء العربيات قد نجحن في تنظيم مسيرات الاحتجاج، والتدوين الالكتروني، والاضراب عن الطعام، بل وتقديم حياتهن أيضا، إلا أنهم لم يقطعن سوى خطوة صغيرة إلى الأمام على الطريق المؤدي إلى حصولهن على قدر أكبر من المساواة مع الرجال، ويضيف: "ربما تكون المرأة العربية ساندت الربيع العربي، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان الربيع العربي سيساند المرأة ، يقول التحقيق انه كان من الواضح في الثورة التونسية في مطلع هذا العام، أن الصورة القديمة للمرأة العربية الخاضعة، المستلبة، يجب أن تتغير. ومن بين النخبة التي تلقت تعليما عاليا ومن بين أوساط الطبيبات والمحاميات وأساتذة الجامعة إلى الأعداد الكبيرة من الخريجات العاطلات عن العمل، كانت النساء هن اللاعبات الرئيسيات الفاعلات في الانتفاضة التي كانت بداية الربيع العربي، وفي القاهرة، قامت المرأة بدور فعال، ليس فقط في الاحتجاجات ولكن في كثير من الأعمال المنظمة الاساسية التي حولت ميدان التحرير من لحظة إلى حركة حيث تشارك المرأة في ترتيب تسليم المواد الغذائية والبطانيات، وتقديم المساعدات الطبية.

وفي اليمن، كانت امرأة شابة، هي توكل كرمان، التي قادت أول المظاهرات في حرم الجامعة ضد حكم علي عبد الله صالح. وقد ظهرت كرمان باعتبارها واحدة من قادة ثورة لا تزال حتى الآن قائمة.

وفي البحرين، كانت النساء بين الموجة الأولى التي نزلت الى دوار اللؤلؤة في العاصمة - بعضهن مع أطفالهن - للمطالبة بالتغيير. ووجدت الحركة البحرينية شخصية رئيسية في زينب خواجة، التي اضربت عن الطعام احتجاجا على ضرب زوجها وإلقاء القبض عليه.

وفي ليبيا، كانت المرأة في الطليعة، فقد تظاهرت امهات وشقيقات وارامل الرجال الذين قتلوا في مجزرة وقعت في أحد السجون في عام 1996 خارج مبنى محكمة في بنغازي بعد اعتقال محاميهم.

ولم تفلت المرأة من دفع التكلفة البشرية لهذه الانتفاضة. فخلال قمع الشرطة للثورة التونسية، تعرضت المرأة للضرب على أيدي رجال الأمن، وفي المناطق الريفية تعرضت نساء كثيرات للاغتصاب على أيدي الشرطة بعد فض المظاهرات، ووردت تقارير عدة عن وقوع حالات اغتصاب في مصر، وقد تعرضت مراسلة من جنوب افريقيا لشبكة سي بي اس الامريكية للاعتداء الجنسي.

وفي طرابلس بليبيا ظهرات ايمان العبيدي لكي تعلن امام كاميرات التليفزيون أنها تعرضت للاغتصاب من قبل حوالي 15 فردا من أفراد القوات الموالية للقذافي، ولكن لم تكن كل النساء ضمن المظاهرات المطالبة بالتغيير ففي اليمن كان هناك من تظاهرن لتأييد الرئيس علي عبد الله صالح.

وفي غرب ليبيا، غابت المرأة إلى حد كبير عن الاحتجاجات التي وقعت في المدينة في البداية قبل أن تتعرض للقمع العنيف من قبل قوات النظام. وكان من المألوف مشاهدة بعض النساء يهتفن ويزغردن للعقيد معمر القذافي، وعندما ظهرت عائشة القذافي ابنة الزعيم معمرالقذافي البالغة من العمر 34 عاما، في شرفة مبنى لكي تخطب في حشد من النساء قالها الجميع بالهتافات المدوية، فهي بالنسبة لهن تعتبر رمزا بما تتمتع به من ذكاء ودهاء وجاذبية وميل لارتداء أحدث الأزياء والتصميمات، وهي أيضا شقراء، وتعتبر كلوديا شيفر ليبيا.

التحقيق الطويل في "الجارديان" يتوصل الى أن الربيع العربي لم يكن من أجل المساواة بين الجنسين كما تجمع النساء في جميع البلدان المعنية. بحسب البي بي سي.

وتشعر الكثيرات منهن بأن الرجال الذين حرصوا على وجود النساء في الشارع يتظاهرن من أجل الحرية قد لا يرحبون بوجود المرأة بعد ذلك في البرلمان والوزارات ومجالس الإدارة الحكومية والتجارية.

ويذكر التحقيق ان احدى المتظاهرات المصريات قالت لكاثرين أشتون، المفوضة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، خلال زيارة قامت بها مؤخرا إلى ميدان التحرير: "كان الرجال حريصين على أن أكون هنا عندما كنا نطالب برحيل مبارك، ولكن الآن بعد ان رحل، فإنهم انهم يريدون أن أعود الى البيت، أما اللوبي النسوي في تونس فيعتبر أن المعركة الحقيقية بدأت الآن فقط، بعد الثورة.

علما بأن من بين الشباب التونسي المتعلمن العاطلين عن العمل الذين كانوا وراء الثورة، الثلثان من النساء، ولا يزال هناك تفاوت صارخ في الأجور وتفضيل الذكور على الاناث في الميراث. لكن المعركة الأولى تتعلق بدور المرأة في السياسة.

الثورة المصرية بعيون خمس من بناتها

اما في هذا المقال، نروي قصص خمس نساء ساهمن في صياغة الثورة: مدونة شابة، وابنة زعيم في الاخوان، وطبيبة قبطية، وناشطة ديمقراطية تعرضت للقمع، ونقابية، يشرحن ما تعني الثورة لهن.

عندما التقيت داليا للمرة الاولى كانت ناشطة دخلت للتو عالم الكمبيوتر والانترنت، ولكنها كانت مصممة على استخدام مدوناتها لاعلاء حقوق المصريين ولاسيما النساء منهم. اما الآن، وبعد ثلاث سنوات على ذلك اللقاء، تحولت داليا الى ناشطة مخضرمة في عالم التدوين الالكتروني.

ولكنها لم تدرك انها جزء من شيء اكبر من ذلك بكثير الا عندما نزلت الى ميدان التحرير بالقاهرة ووقفت الى جانب امرأة فقيرة وامية وكلاهما تطالبان بشيء واحد الا وهو زوال النظام.

تقول داليا: "سألت تلك الامرأة عن السبب الذي دفعها للمجيء الى الميدان، فاجابت "من اجل التغيير"، عندها عرفت ان الثورة قد انطلقت، ولكن في دلالة على خيبة الامل التي بدأت تعتمل في نفوس الكثيرين ممن شاركوا في الثورة، تضيف: "اثناء الثورة، لم يكن مهما ان كنت رجلا ام امرأة او شابا ام كهلا، الامر الوحيد الذي كان يهم ان تكون مصريا. اما الآن، فقد عدنا الى ما كنا عليه، انت رجل وانا امرأة. يقولون لنا إنه لا ينبغي ان نختلط او ان نناقش الامور كما كنا نناقشها ايام الثورة.

وتختم بالقول: "إنه امر مخيب للآمال فعلا ومثير للخوف.

كانت زهراء، وهي مديرة مدرسة وام لثلاثة اطفال، قد شهدت لتوها اعتقال زوجها ووالدها - وكانا عضوين في تنظيم الاخوان المسلمين - في مداهمة نفذتها اثناء الليل قوات الامن المصرية.

الا انها كانت مصممة على عمل كل ما في وسعها لاطلاق سراحهما بالطلب بالحاح من الحكومة وعن طريق وسائل الاعلام، والآن بعد ان اطلق سراح الرجلين، بدأت زهراء بتركيز جهودها على التعليم، إذ تقول: "إن اعظم ما في هذه الثورة انها اعادت لاطفال مصر الامل والحرية، وتقول إنها "تشجع الاطفال على التفكير بطريقة مختلفة، والايمان بقيم مختلفة. ان هذا امر مهم.

منى مينة طبيبة قبطية تتزعم منظمة يطلق عليها اسم "اطباء بلا حقوق، قضت منى سنوات من عمرها وهي تكافح من اجل تحسين اوضاع الاطباء المصريين المعاشية والوظيفية، ولكن القمع والفساد الذي اتسم بهما حكم الرئيس المخلوع مبارك جعل كفاحها عقيما.

اما الآن، فإن منى قررت الامساك بالفرصة التي اتاحتها الثورة لتحقيق ما كانت تصبو اليه، شاركت منى في التظاهرات والاعتصامات في ميدان التحرير، ولكنها تخشى الآن من ان تسرق الثورة، وان النظام القديم قد يعود بثياب جديدة.

تقول منى: "بدأ الشعور بالتحرير، ولكنه لم يكتمل بعد. انها الخطوة الاولى في طريق طويل، ومازال ينبغي تحقيق المزيد من الامور قبل ان نتحرر بحق، الا انها تؤكد انها وزملاؤها من محتجي ميدان التحرير "سيضحون بدمائهم من اجل ادامة الثورة.، كانت جميلة اسماعيل يوما ما مذيعة تلفزيونية محبوبة، الى ان قررت هي وزوجها النائب ايمن نور تحدي الرئيس المخلوع مبارك.

فقد رشح ايمن نور نفسه في الانتخابات الرئاسية وخسر، وجرده النظام بعدها من حصانته البرلمانية واودعه السجن، كما جمد النظام حسابات الزوجين المصرفية، وطردت جميلة من وظيفتها وتعرضت لسنوات من الملاحقة اثناء محاولتها اقناع السلطات باطلاق سراحه، وتشعر جميلة بالفخر لما حققه المصريون، وتقارن الثورة المصرية بسقوط جدار برلين، صنعنا الثورة بانفسنا، ولسنا مدينين لاحد. وللمرة الاولى هذه بلدنا وليست بلدهم في اشارة الى مبارك وحاشيته.

وتقول جميلة: "اشعر شعورا مختلفا وانا امشي في شوارع بلدي الآن، اشعر وللمرة الاولى ان الشارع شارعي وان الحي حيي وان البلد بلدي، وقد قررت جميلة ترشيح نفسها في الانتخابات النيابية المقرر اجراؤها في وقت لاحق من العام الجاري.

عائشة مزارعة من منطقة الدلتا، وهي ايضا ناشطة نقابية، في بيتها، تجلس عائشة غير المتزوجة على رأس المائدة، فهي تختلف في ذلك عن معظم النسوة الريفيات، في عام 2008، قادت عائشة اضرابا للمطالبة بمساواة عاملات معامل التبغ بزملائهن من الرجال في المرتبات، وفازت في تلك المعركة.

الا انها خسرت في السنة الماضية محاولتها للفوز بمقعد في البرلمان في الانتخابات المزورة التي جرت في مصر. بحسب البي بي سي.

ولكنها مصممة على الترشح ثانية في الانتخابات المقبلة، وان فازت او خسرت تقول إنها مصممة على مواصلة الكفاح من اجل تحسين المدارس والمستشفيات والطرق في منطقتها، وتقول: "انا امرأة، ولكن حمدا لله اعرف حقوقي، الا انها لا تعتقد بأن مصر ستحكمها امرأة في يوم من الايام، إذ تقول: "لا لا لا، هذه ليست قضية بالنسبة لي، فمصر صعبة وتحتاج الى رجل ليدير شؤونها.

الست غالية

من جهتها تحولت الشغالة السابقة في مصر إلى "طاهية" شهيرة على شاشة واحدة من القنوات الفضائية المصرية الجديدة، لتعلن ميلاد رمز من رموز المرحلة الجديدة التي تمخضت عنها ثورة 25 يناير.

غالية محمود التي باتت تعرف باسم "الست غالية" كانت تعمل "شغالة" لدى إحدى الأسر المصرية قبل أن تصبح شهيرة على قناة "25" الفضائية المصرية، وقال محمد جوهر، المدير التنفيذي في القناة التلفزيونية: "هذه هي مصر الجديدة.. عصر جديد.. وتلفزيون جديد.. وأناس جدد يتحدثون لأناس بدلاً من سلطة تتحدث إلى الناس، وأضاف قائلاً: "ثمة الكثير من الناس الفقراء الذين يرون أنفسهم من خلالها، وكانت شقيقة جوهر هي أول من اكتشفت موهبة غالية في الطبخ، حيث كانت تمارس أعمال الطهو لديها، وفي برنامجها الخاص، تقوم غالية بتقديم الوصفات الرخيصة والسهلة والمصرية الأصيلة، التي لا تحتاج إلى الكثير من المكونات، في إحدى حلقاتها، تناولت غالية وصفة استخدمت فيها الطحين والبيض والخميرة والبهارات لعمل الكيك أو "الكحك" الذي يغطى بالسكر المطحون، والذي يتم تقديمه خلال أيام العيد، وخلال عرض برنامجها، تقول المقدمة حبيبة هشام، إنها لم تستطع مواجهة حجم الاتصالات الهاتفية التي تنهال على "الست غالية" من المشاهدين، سواء أكانوا ربات بيوت أو نساء عاملات أو فتيات أو حتى رجال، وفي هذه الأيام، غالباً ما يلتقي المشاهدون مع غالية محمود في الشارع ويلتقطون صوراً معها ويعبرون لها عن مدى إعجابهم بها، وتقول غالية إنها سعيدة للغاية بحديث الناس معها و"أنا بحبهم كمان.. في الشارع يلوحون لي ويسألونني 'هل أنت بالفعل الست غالية؟'"

أصبح الناس ينتظرون برنامج الست غالية يومياً ليسمعوا وصفاتها وأحاديثها، خطوات الطهي التي تلجأ إليها تناسب العائلات المتوسطة والفقيرة على السواء، وهناك وجبات لا تزيد قيمتها على 1.68 دولاراً أو ما يصل إلى 10 جنيهات مصرية. بحسب السي ان ان.

المنتجة المنفذة للبرنامج وضعت تصميماً لمطبخ الست غالية يتناسب مع البيئة التي تعمل بها في منزلها، وهو عبارة عن مطبخ بمعدات وتجهيزات متواضعة، ويحتوي على غاز بثلاث عيون فقط وثلاجة صغيرة وأواني مثل تلك التي تستخدمها غالية في منزلها، ويبدو أن هذه الأمور ساعدت غالية في أداء عملها بصورة مدهشة.

أسماء محفوظ

في حين قالت الناشطة السياسية وعضو حزب التيار المصري تحت التأسيس أسماء محفوظ، إن التحقيق معها في النيابة العسكرية إجراء سياسي الغرض منه توجيه رسالة للنشطاء، خاصة بعد  التحقيق مع العشرات منهم، في مقدمتهم لؤي نجاتي، وأوضحت محفوظ في مقابلة خاصة مع CNN بالعربية، أن النيابة العسكرية وجهت إليها تهم "التحريض على أعمال مسلحة واغتيالات وإهانة المجلس العسكري،" اثر تعليقات لها عبر صفحاتها بموقعي تويتر وفيسبوك.

كما اتهمت محفوظ اللواء حسن الرويني عضو المجلس العسكري على إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة "بالكذب،" علي خلفية تصريحات له بتخوين حركة 6 أبريل وحصولها على تمويل أجنبي.

وخرجت أسماء محفوظ من النيابة العسكرية مساء الأحد بكفالة قدرها 20 ألف جنيه مصري دفعها عدد من الناشطين السياسيين، وقالت إنها نفت جميع التهم المنسوبة إليها، خاصة وان اتهامها للرويني جاء في أعقاب استغاثة لها بإحدى القنوات الفضائية الخاصة، بعد الاعتداء على المتظاهرين بزجاجات الملوتوف والسيوف والحجارة فيما يعرف بـ"موقعة العباسية،" فضلا عن حريتها الكاملة فيما تكتبه عبر صفحاتها بالشبكات الاجتماعية، وأضافت محفوظ أن "ضغوطا نفسية مورست عليها من قبل بعض ضباط الشرطة العسكرية خارج غرفة التحقيق،" بأن قال أحدهم لها إن "المشير ليس مبارك ومحدش يقدر يقرب منه" في إشارة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد في الفترة الانتقالية، وشددت الناشطة المصرية على أنها وغيرها من النشطاء "يرفضون حكم العسكر ولا يخشوهم،" إذ "لقد نزع الخوف من قلوب المصريين بعد ثورة 25 يناير، التي أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، وأشارت إلى أنها كتبت على صفحتها بموقع تويتر عقب خروجها من التحقيقات "يسقط يسقط حكم العسكر" وهو التعليق الذي كتبه أيضا عددا من مستخدمي الشبكة الاجتماعية، من جانبه طالب اللواء عادل المرسى رئيس هيئة القضاء العسكري في بيان، وسائل الإعلام والمهتمين الدخول على صفحة أسماء محفوظ على موقع "فيسبوك"، للوقوف على ما إذا كان ذلك يمثل رأيا أو خروجا عن القانون بما لا يليق وبما يحمله من تحريض، وأهاب بالمواطنين الحرص على استعمال حق النقد كحق دستوري دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته. بحسب السي ان ان.

وذكر البيان أن "البعض يستغل حرية الرأي ذريعة في وسائل الإعلام ويعلن عن تهديدات بميليشيات مسلحة لتنفيذ اغتيالات وتجاوز حدود إبداء الرأي إلى سب وإهانة القوات المسلحة والمجلس الأعلى."

وأكد المرسى أن القضاء العسكري لا يصادر رأيا، وإنما يحقق فيما جرمه قانون العقوبات المصري، وفقا لاختصاصاته المحددة بقانون القضاء العسكري، وكتبت أسماء على صفحتها بموقع فيسبوك في وقت سابق "من الآخر لو القضاء ما جابش حقنا محدش يزعل لو طلعت جماعات مسلحة وعملت سلسلة اغتيالات طالما ما فيش قانون وما فيش قضاء.. محدش يزعل.

الأخوات المسلمات

في السياق ذاته ترجلت إيمان عبدالله من سيارة أجرة بحي الهجانة الفقير في العاصمة المصرية القاهرة سارع الناس لملاقاتها فرحين وعلت أصوات الزغاريد التقليدية، التي يعبر بها المصريون عن فرحهم، وقالت سيدة تدعى سعاد بخيت وهي أم لأربعة، ضمن الجموع "يا ألف مرحبا، دا إحنا زارنا النبي.

وهي تحمل على كتفها الأيسر طفلا يبدو أنه يعاني سوء التغذية، فتحت بخيت ذراعيها لاحتضان الزائرة المألوفة، بينما وقف ثلاثة أطفال حفاة في المدخل ينظرون بفضول إلى إيمان عبد الله وهي تشق طريقها إلى منزلهم ذي الغرفة الواحدة، وبالنسبة للعائلات المحرومة في هذا الحي الذي يعد من أفقر المناطق في القاهرة، فإن زيارة امرأة في الحجاب الإسلامي التقليدي والثوب الطويل، تعني انهم لن يضطروا إلى النوم لا يلوون إلا على بطن خاوية، على الأقل، ليس في تلك الليلة.

أما إيمان عبد الله، فهذه الزيارة هي واحدة من مهماتها الخيرية، كجزء من عملها بصفتها عضواً في "الأخوات المسلمات،" وهي الذراع النسائية لتنظيم الإخوان المسلمين، اكبر جماعة معارضة في مصر، فهي تزور الهجانة على الأقل مرتين في الشهر لتوزيع مواد الإغاثة على العائلات المحتاجة في هذه المناطق المهملة منذ فترة طويلة، وتقول إيمان وهي تفتح كيسا مليئا بالمواد الإغاثية، "أعمل في مجال الأعمال الخيرية منذ أن انضممت إلى المجموعة منذ 17 عاما عندما كنت طالبة في جامعة الأزهر.

والكيس ذاك يحوي الدجاج المجمد، وكيلوغراما واحدا من السكر وكيسا من الأرز والدقيق وكيس عدس، وتقول إيمان "إن محتوياته ليست كثيرة.. ولكن آمل أن أعود بأكثر من هذا قبل شهر رمضان."

وشهر رمضان الذي يحل بعد نحو أسبوع، يعد موسما تقليديا لإخراج الزكاة، وبالنسبة لعائلة سعاد بخيت، فإن الصدقات سبيلها الوحيد للبقاء، لأن زوجها عاطل عن العمل ويعاني من إصابة في الظهر.

وتقول بخيت إن المساعدات "سوف تقلل بالتأكيد من معاناة الجوع الذي تحمله أولادها لعدة أيام الآن،" بينما تضيف إيمان أن "الناس في هذا الحي بحاجة إلى الضروريات الأساسية.. إنهم منسيون في الأحياء مثل الهجانة لفترة طويلة.. لهذا السبب ثار الناس في مصر، ومضت تقول "الانتفاضة الجماهيرية في يناير/كانون الثاني كانت من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية واستعاد الناس مرة أخرى لكرامتهم.

ولسنوات، فاز تنظيم الإخوان بقلوب فقراء مصر والطبقة العاملة بسبب الأعمال الخيرية في تقديم العديد من الخدمات التي أخفقت الحكومات السابقة في توفيرها. كما أن النساء في الجماعة هن الأكثر مشاركة في العمل الخيري لهذه الحركة، التي كانت محظورة في مصر تحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك، إذ كانت ترفع طويلا شعار "الإسلام هو الحل، وقد شملت أعمال الجماعة تنظيم العمل الاجتماعي على نطاق ضيق وجمع وتوزيع الصدقات وبناء المساجد والمصانع، كما أنشأت المؤسسات الخيرية مثل المستشفيات والصيدليات والعيادات التي تلبي احتياجات المجتمع والطبقة المنسية.

والجمعيات الخيرية تستمر في جذب مجندين جدد من الشباب في جميع أنحاء البلاد، خصوصا الشباب العاطلين عن العمل، ما سمح للحركة باكتساب القوة تدريجيا رغم قمع النظام لسنوات طويلة، وتعد الجامعات والمساجد أماكن مهمة، حيث أعضاء الجماعة يبحثون عن مرشحين محتملين للانضمام لهم، وتقول إيمان لشبكة CNN "نحن نتطلع لتعزيز الذات ومهارات القيادة في أعضائنا الجدد، وبينما تتجول إيمان في زقاق حي الهجانة، تقابلها امرأة شابة منقبة، لتسلم عليها، وتخبرها بأنها "لم تغب عن درس واحد من دروس تفسير القرآن في المسجد،" فيما بدا أنه محاولة للحصول على إشادة ومديح إيمان.

وتقول إيمان عبدالله إن النساء اللواتي يحضرن دروس تلاوة وتفسير القرآن يتلقين شهريا "حوافز" مالية تتراوح بين 40  و100 جنيه مصري كهبة من "المؤسسات الإسلامية خارج البلاد، ولم تعط إيمان تفاصيل عن تلك المؤسسات، غير أنها من المرجح أن تكون منظمات غير هادفة للربح تمولها السعودية التي تستخدم عائدات النفط لنشر النفوذ الوهابي في مصر وغيرها الدول.

وفي منطقة أخرى وبالقرب من مسجد قبيل صلاة المغرب، تجمعت نحو 20 امرأة وبدأن الدخول إلى حرم المسجد وبرفقة بعضهن أطفالهن لحضور درس للواعظة الدكتورة صباح السكري الصيدلانية والعضوة في "الأخوات، وتقول إنها ستبدأ الدرس من خلال مقارنة نظام مبارك الاستبدادي، بتحدي المستضعفين لجبروت فرعون الذي حكم في وقت النبي موسى.

وتروي الواعظة على مسامع النساء المصغيات قائلة "غرق فرعون مع جيشه كله، عندما كان يتبع بني إسرائيل الذين تمكنوا من عبور اليم بعد أن فرقه الله لموسى،" وتضيف قائلة إن "رجال نظام مبارك أيضا سوف يعاقبون على كل جرائمهم، وقالت السكري إنها ستكرس بقية الدرس لوضع المرأة في الإسلام، وأردفت "الإسلام أعطى المرأة مكانة مرتفعة.. فالنساء في الإسلام يتمتعن بحقوق متساوية مع الرجال.. لديهن الحق في اختيار مهنتهن وأزواجهن وأملاكهن، وأوصت الواعظة النساء بارتداء "ملابس محتشمة" لأن "المرأة غالية ويجب أن تتحجب لتحمي نفسها ضد المعتدين." في حين هزت النسوة، وجميعهن يرتدين الحجاب، رؤوسهن في إشارة إلى موافقة كلام الواعظة.

ولكن خلافا للأيام الأولى للجماعة، عندما كان دور النساء يقتصر على الأنشطة الخيرية والعمل التربوي، دخلت المرأة في السنوات الأخيرة مجالات جديدة كانت تعتبر سابقا "خارج حدودهن،" مثل السياسة،  إذ ظهرت المرأة إلى جانب الرجل في حفل مؤخرا بمناسبة تدشين حزب رسمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وعن ذلك قالت منال إسماعيل، وهي عضو في الحزب الإسلامي الذي شكل حديثا، إنه "رغم أن النساء جلسن في صفوف منفصلة، وابتسمن بخجل للكاميرات التلفزيونية إلا أنهن حرصن على مشاركة رؤيتهن لمصر الجديدة مع الصحفيين الذين يغطون الحدث، وأضافت "هذا فجر جديد.. لقد كنا ننتظر وقتا طويلا ليأتي هذا اليوم.. فنحن نحتفل بنهاية الطغيان وتأسيس حريتنا الجديدة."

وقالت إسماعيل إنها سافرت من بيتها بمحافظة البحيرة (بضع ساعات بالسيارة من القاهرة) خصيصا لحضور هذا الحدث، مشيرة إلى أنها ترشحت مستقلة في انتخابات نوفمبر/تشرين ثاني 2010 التشريعية.

وقد تم ترشيحها كجزء من نظام الحصص (الكوتا) الذي قدمه النظام السابق، وحجز 64 مقعدا للنساء في برلمان يبلغ عدد مقاعده 454 مقعدا. ولمفاجأة الجميع، حصلت إسماعيل على أكثر الأصوات التي حصلت عليها امرأة في الانتخابات، وتأمل إسماعيل الآن في تكرار نجاحها ذاك باعتبارها ناشطة سياسيا في الانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي تم الآن إعادة جدولتها إلى نوفمبر/تشرين الثاني.

ولإعداد نفسها للانتخابات المقبلة، فهي تحضر ورشات عمل مكثف حول "النشاط السياسي" والتي تنظمها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة. بحسب السي ان ان.

وقد جمعت ورشات العمل تلك الناشطين السياسيين الطموحين والقادة من الذكور والإناث، الذين يرغبون في التفرغ للسياسة، ويريدون تعلم أدوات وأساليب الحملات الانتخابية الفعالة والتعبئة العامة.

وقالت إسماعيل "نحن، ونساء مصر كنا هناك في الخطوط الأمامية للثورة في يناير/كانون الثاني، للمطالبة بتحقيق العدالة والحرية للجميع.. الآن بعد أن انتهت الثورة نريد أن نتأكد من أننا لا نأخذ المقعد الخلفي، وتتفق الناشطات جميعا على أن تنفيذ الشريعة الإسلامية هي الطريقة الوحيدة لضمان أن يتم احترام حقوق المرأة، ووفقا لإسماعيل فإن العدالة والحرية والمساواة للجميع هي المبادئ التي تدعو إليها الشريعة الإسلامية،" لكنها شددت على أن أكثر ما يهم هو أن هناك تفسيرا معتدلا للشريعة.

وقالت "يجب ألا يكون هناك مكان للحدود الشرعية مثل رجم الزانيات أو قطع أيدي السارقين في مجتمعاتنا الحديثة.. كل شيء يجب أن يتطور مع الوقت.. هذا هو شعار الحركة.

نساء مصر في مواجهة الاسلاميين

الى ذلك يحاول المدافعون عن حقوق المرأة الغاضبون من عدم احراز تقدم في قضيتهم حشد جماعات نسائية للدفاع عن حقوق المرأة من تهديدات متصورة مع صعدود التيار الاسلامي وتيارات محافظة أخرى، وقالت نوال السعداوي المدافعة المخضرمة عن حقوق المرأة في حديث لرويترز "الجيش سرق الثورة. والحكومة والجماعات المنظمة مثل جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب السياسية التقليدية يقودها انتهازيون، واضافت "النساء في حاجة لتوحيد صفوفهن.

ويقول نشطاء ان النساء في مصر يواجهن بعضا من أسوأ أنواع المعاملة في العالم ومنها العنف الاسري والتحرش والتمييز في العمل وفي القانون، وختان الاناث منتشر في البلاد. ويقول مؤيدوه -خطأ- ان تعاليم الاسلام تنص عليه. كما ان اجبار الفتيات على الزواج مازال سائدا خارج المدن الكبيرة.

ويضع مؤشر فجوة النوع الاجتماعي لعام 2010 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي مصر في المرتبة 125 من بين 134 دولة، ويقول المدافعون عن حقوق المرأة انه ليس هناك وقت أفضل من الان لتوحيد الصفوف لان السبب الرئيسي الذي كان يشرذم الحركة النسوية وهو هيمنة السيدة الاولى السابقة سوزان مبارك عليها قد زال بالاطاحة بزوجها الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط الماضي.

لكن مع استهداف جماعة الاخوان المسلمين التي كانت محظورة من قبل لنسبة كبيرة من مقاعد البرلمان في الانتخابات المقررة في وقت لاحق هذا العام تقول السعداوي ان النساء يجب أن يتحركن بسرعة لضمان حقوقهن، وفي الشهر الماضي نشر نشطاء "ميثاق المرأة" الذي وقع عليه نصف مليون مصري يطالبون بدستور جديد يضمن المساواة بين الجنسين وانهاء التحرش الجنسي وتعزيز دور المرأة في الحياة السياسية، وحتى الان هناك وزيرة واحدة في الحكومة الانتقالية وهو اقل من تمثيل المرأة في عهد مبارك.

وقالت السعداوي "يحكمنا نظام ابوي. الجيش جزء منه والحكومة جزء منه... لذلك فان المرأة مستبعدة."

وتريد السعداوي احياء "اتحاد نساء مصر" وهو مشروع تقول ان زوجتي الرئيسين السابقين انور السادات ومبارك ألغتاه، واضافت "كنا نحاول باستمرار تشكيله منذ السبعينات. وقفت جيهان السادات وسوزان مبارك ضد الحركة النسوية لانهما كانتا تريدان للقوة النسائية ان تكون تحت سيطرة الحكومة وليس المرأة، وقلقا من ان تكون الاطاحة بمبارك قد اطلقت يد التيار الاسلامي في السعي للحصول على السلطة تشكل النساء الان شبكات جديدة للدعوة وتحاول ناشطات مثل هدى بدران ومرفت التلاوي والسعداوي توحيد النساء للدفاع عن حقوقهن، ويشير مسح أجراه المركز المصري لحقوق المرأة عام 2008 الى أن نحو ثلثي الرجال يعترفون بأنهم يتحرشون بالنساء. واظهر المسح ان اكثر من أربعة اخماس النساء يشكون من التحرش الذي يتراوح من التحديق والتعليق والتعبيرات غير اللائقة الى هجوم اكثر خطورة.

وشاركت النساء في الانتفاضة الشعبية التي استمرت 18 يوما في ميدان التحرير بوسط القاهرة ليلا ونهارا تعالجن الجرحى عندما فتحت الشرطة النار على المتظاهرين. وشكت كثيرات من تحرش بلطجية النظام السابق بهن، وخرج الالوف الى الشوارع مرة اخرى في اليوم العالمي للمرأة في مارس اذار. وقالت منظمة العفو الدولية ان نساء احتجزهن الجيش بعد المظاهرة أجبرن على أن تجرى لهن اختبارات عذرية وضربن وتعرضن لصدمات كهربائية وتفتيش ذاتي، ونفى الجيش اجراء اختبارات العذرية وسوء المعاملةودافعت السعداوي (79 عاما) عن حقوق المرأة على مدى عشرات السنين. وسجنت بسبب أرائها في سبعينات ، القرن الماضي وتعرضت لتهديات بالاغتيال من جانب متشددين اسلاميين. ولم يخفف سنها من حدة أرائها، فقالت "الشريعة كذبة" واضافت "لم يكتبها الله بل كتبها الرجال. تونس منعت تعدد الزوجات رغم انها تتبع الشريعة. هذا من بين اهدافنا الان منع تعدد الزوجات وطرح ميثاق أسري علماني، وقالت ان مبارك ضمن تحجيم النساء بتعيين رجال دين يروجون لنظام المجتمع الابوي واستمرار تعدد الزوجات.

والان يطالب السلفيون الحكومة بالعدول عن اصلاحات اقرت عام 2000 بصدور قانون الخلع الذي يضمن للزوجة الطلاق اذا ردت لزوجها الصداق وتخلت عن حقوقها الشرعية. بحسب رويترز.

ويهدف اتحاد النساء الى الدفع الى ما هو ابعد من قانون عام 2000 بالغاء الشروط التي تبيح الطلاق ليصبح حق المصرية في الطلاق متمشيا مع حقوق النساء في الغرب، وقالت السعداوي ان السلفيين "يستخدمون الاسلام لتبرير كل اشكال قمع المرأة." واضافت ان قانون الطلاق "ظالم بالفعل اذ أن المرأة يجب ان تتخلى عن جميع حقوقها الاقتصادية لتترك زوجها، وتابعت "هل سمعنا عن أي حزب سياسي يتحدث عن حقوق المرأة.

"ثورة ناعمة" بالسعودية

على صعيد اخر تزايدت وتيرة الجدل في الشارع السعودي أخيرا، حول قضية قيادة المرأة للسيارة، خاصة بعد حملة نسائية رفعت شعار "سأقود سيارتي بنفسي،" في تحد لحظر قيادة النساء، لقي دعما من مختلف فئات المجتمع، وأكد عدد من رجال الدين والقانون والعاملين في الحقل الفقهي الإسلامي، عدم وجود نص في القرآن أو السنة النبوية، يحرم قيادة المرأة، لكنهم أرجعوا حظر السعودية لقيادة المرأة للسيارة إلى أسباب اجتماعية متعلقة "بالمصالح والمفاسد المترتبة على قيادة النساء لها،" على حد قولهم، وترى سعوديات شاركن في الحملة، أن المرأة السعودية خرجت للتعليم و"حصلت على أعلى الدرجات العلمية،" وأن قيادة السيارات هي "نقطة بداية لقائمة من المطالب، وفي هذا السياق، قالت إيمان النفجان، ربة منزل سعودية، وناشطة في مجال حقوق المرأة في حديث خاص بموقع CNN بالعربية: "خرجت لقيادة سيارتي يوم الجمعة، للمطالبة بحق المرأة في قيادة السيارات، فهذا مطلب حقوقي بسيط نريد تحقيقه، وهذه حركة نابعة من نبض الشارع السعودي هدفها سلمي ولا يهدد أمن واستقرار البلاد في شيء.

وأضافت: "عند خروجنا للشارع وجدنا تقبلا كبيرا من المجتمع السعودي باختلاف فئاته، من الرجال والشباب والأطفال، فالمرأة السعودية مصدر ثقة، كما أن الفئة المتشددة في الدولة تشجع قيادة المرأة للسيارات، فلا يوجد نص ديني يمنع المرأة من القيادة، وعن أسباب تفجير القضية في هذه الفترة تحديداً، قالت النفجان: "هذا المطلب قديم وتطالب به السعوديات منذ زمن طويل، فالمجتمع تغير وتطور، كما أن قلة المواصلات العامة وصعوبة عملية التنقل، زادت من ضرورة حصول المرأة على حق القيادة."

من جانبها، قالت المدونة السعودية، سارة الخالدي، وهي طالبة ماجستير، للموقع عبر الهاتف: "عندما خرجت مع أمي لقيادة السيارة، لم أجد أي تعجب من أصحاب المركبات الأخرى، بل كان الناس من حولنا يشجعوننا في تحضر ورقي، ويلوحون لنا بعلامات النصر، كذلك تعجبت من موقف أفراد العائلة المؤيد لنا، وعن موقف حركة "أقود سيارتي بنفسي"، أوضحت الخالدي قائلة: " نحن لسنا ضد أحد، ولا نقود حركة عصيان أو تمرد." واشارت إلى انهن سبق وطلبن من العاهل السعودي الملك عبد الله منذ أكثر من 6 سنوات، للحصول على تصريح للقيادة، وقالت: "طلب ( الملك ) منا الصبر، لكن الفترة طالت ووجدنا أن الوقت مناسب لتجديد مطلبنا.

وحول الأسباب وراء حظر قيادة المرأة، قالت الخالدي: "أعتقد أن السبب اجتماعي، وله علاقة بحرص أولياء الأمور في العصور الماضية على المرأة والخوف من تعرضها للمخاطر، لذا حرصنا على القيام بتجربة عملية تثبت قدرتنا على النزول إلى الشارع وقيادة السيارات في أمان، لأن المجتمع تغير وتطور وعلينا مواكبته، وبدورها، انتقدت الناشطة وداد لوتاه، الموجهة الأسرية بمحاكم دبي بالإمارات العربية المتحدة، المعارضين لقيادة المرأة في السعودية، متسائلة: "لماذا تمنع المرأة السعودية من القيادة؟ ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانت المرأة تخرج لساحات القتال على ظهر جواد، وتشارك المسلمين القتال، فالحياة تتطور للأفضل، ولفتت لوتاه إلى "عدم وجود نص ديني في القرآن أو السنة يمنع قيادة المرأة،" وقالت: "معظم فقهاء الإسلام ومفتيه في دول الخليج لا يرون مانعا دينيا في قيادة المرأة للسيارات، وأجازوا الأمر، لكن بعض المتشددين من الفقهاء السعوديين لا يجيزون ذلك، لأمور يخشون حدوثها عند قيادة المرأة للسيارات، وتحدثت لوتاه عن وجهة نظرها الشخصية في القضية قائلة: " إن أسباب حظر قيادة المرأة في السعودية غير واقعية، فنسبة حوادث الرجال في العالم تفوق نسبة حوادث النساء، كما أن المرأة يمكن أن تتعرض للتحرش في حال استقلت سيارة مع سائق غريب، إضافة إلى خطورة ترك الأطفال بمفردهم مع سائق غريب، وعن رأي الدين والإقتاء، أكد الشيخ علي حميد قاسم، كبيير المفتين، وعضو لجنة الإفتاء بإمارة دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، عدم وجود نص ديني يحظر قيادة المرأة قائلاً: "لا يوجد نص ديني يحرم قيادة المرأة السيارات.. فالشريعة الإسلامية لا تمنع شيئا مفيدا، لذا تمت إجازة قيادة النساء للسيارات في جميع دول الخليج، لكن هذا الحظر نشأ في السعودية قديماً، نتيجة انتشار الفساد وخوفاً على النساء من الفتنة، وأضاف الشيخ علي حميد قاسم: "يرى البعض في سهولة تنقل الإناث وتوفير المال والفراغ مفسدة للمرأة، كما يمكن أن تتعرض المرأة للمعاكسات والمضايقات من الشباب في حال قيادة السيارة بمفردها، لكن في رأيي الشخصي إن المرأة الفاضلة لن تفسد بقيادة السيارات، والمرأة الفاسدة أخلاقياً لن يمنعها حظر قيادة السيارات من البغاء."

ولا تزال الحملة قائمة، والسعوديات يخضن تجربة قيادة السيارات يوميا في بعض شوارع المملكة على أمل أن يحصلن على حقهن المطبق في العالم.

ثورة النساء السعوديات

وفي الوقت ذاته مع افتتاح مراكز انتخابية في أنحاء المملكة العربية السعودية في الثالث والعشرين من إبريل/نيسان أمام الناخبين للتسجيل للاقتراع في الانتخابات البلدية المقبلة، بدأت مجموعات نسائية بالمطالبة بالمشاركة في هذه الانتخابات، وكما هو متوقع، تم استبعاد النساء، فهن لن يتمكن من التصويت في الانتخابات التي ستجري في سبتمبر/أيلول المقبل، غير أنهن تمكن من إبداء وجهة نظرهن، تعد هذه المحاولة واحدة من أوائل التحركات العلنية للحركة التي أطلقت على نفسها اسم "ثورة المرأة السعودية" أو Saudi Women Revolution، وهي حركة أنشئت بهدف القيام بتحرك لإنهاء قوانين التمييز ضدهن في السعودية، وتهدف زعيمة التحرك إلى إنهاء وصاية الذكور على المرأة وإنهاء حاجة المرأة لموافقة الزوج أو الأب أو الأخ أو حتى الابن على أن تعمل أو تسافر أو تدرس أو الزواج أو التوجه إلى مراكز الرعاية الصحية بأنواعها وفقاً لمنظمة "هيومان رايتس ووتش، كما ترغب المرأة السعودية بالحصول على حق قيادة السيارة، وكانت نهى السلمان قد أنشأت صفحة باسم "ثورة المرأة السعودية" على موقع التواصل الاجتماعي، وكما أنشأت صفحة على موقع تويتر، وقالت نهى السلمان، وهي في الثامنة والعشرين من عمرها،: "بدأت بكتابة الرسائل على تويتر للسماح للمرأة بالكتابة في أي شأن يعانين منه. بحسب السي ان ان، كان الأمر سهلاً، خصوصاً استخدام كلمة "ثورة:، لكنني وصلت إلى مرحلة أن علي القيام بالتحرك بشأن معانتنا اليومية، وتجاوز عدد الأعضاء في صفحة الحركة على الفيسبوك 3500 عضو، كما تلتقي بعضهن شخصياً في جلسات نقاش، وفي صفحتهن على الفيسبوك، كتبن عن أنفسهن: "نحن نساء سعوديات سنسترد حقوقنا الإنسانية التي حُرٍمنا منها باسم الخصوصية السعودية.

ليبيات يدخلن الحياة السياسية

من جهة اخرى جلست امرأتان فقط بين 17 رجلا على منصة بمدينة بنغازي بشرق ليبيا هذا الشهر اثناء تقديم المعارضة الاعضاء الجدد في المجلس الوطني الانتقالي لوسائل الاعلام، وتعتبر النساء اللائي اضطلعن بدور بارز في الانتفاضة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي أن قلة عدد القيادات النسائية مؤشر على كفاح طويل ينتظرهن في المستقبل، وتقول هناء الجلال التي تخلت عن الاشراف عن قطاع التعليم بالمجلس المحلي كي تشارك في دعم حقوق المرأة "خلال الثورة تحلت النساء بالقوة بالفعل وكن قائدات. يتحدثن أكثر من لغة وكن محل ترحيب، وتابعت "ثمة منافسة الان. وقد عدنا للرأي الداعي لعدم منافسة النساء للرجال وان تكون القوامة للرجل، وتستغل النساء في الشرق الحرية التي نلنها حديثا للتعبير عن ارائهن ومحاولة تغيير اسلوب الخطاب السياسي ورفع سقف طموحهن الاجتماعي.

وفي بداية الانتفاضة اختلطت زغاريد النساء بدوي طلقات الاحتفال بالنصر على قوات القذافي وافلات المنطقة من قبضته في منتصف فبراير شباط، جلست النساء في مقر قيادة المعارضة يخططن لخطواتهن التالية. وكثيرا ما يتخذن الصدارة لدى التحدث الى وسائل الاعلام ويشاركن قادة المعارضة النقاش حول ليبيا الجديدة، وبرزت مجموعة من المحاميات في الاجتماعات الاولى الرامية لتنظيم جهود المعارضة والتف الصحفيون حول نساء لبقات يتحدثن لغتين بعد خروجهن من الجلسات المغلقة.

ومن بين هؤلاء المحامية سلوى بوقعيقيص التي ابدت عدم رضاها لوجود خمس نساء فقط في عضوية المجلس الوطني الانتقالي الذي يضم نحو 50 شخصا، وقالت "ربما يتطلب تغيير اسلوب التفكير لتولي دور قيادي ومنصب ارفع بعض الوقت، ولا تزال ليبيا مجتمعا تقليديا يهيمن عليه الرجال وتحتل المرتبة 91 بين 102 دولة من حيث المساواة بين الجنسين حسب مؤشر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2009، وطرح القذافي رؤيته الرسمية لدور المراة في الكتاب الاخضر الذي يجمع بين نظرياته الاجتماعية ورؤيته للاسلام السياسي وتبدو مستنيرة نسبيا فيما يتعلق بدور المرأة في المجتمع.

وفيما يعد تاكيدا لرؤيته يصطحب القذافي في رحلاته الخارجية حاشية من الحارسات فقط، وساهم مستوى المعيشة الاعلى في تقليص زيجات القاصرات منذ تولي القذافي السلطة وذلك استنادا لتقرير الامم المتحدة لعام 2004 ويتولى عدد كبير من النساء مناصب رفيعة في مؤسسات اكاديمية ومهنية اخرى.

ومن النادر ان تسافر المرأة الليبية بمفردها او بدون اذن الزوج أو الاسرة.

ولا يزال الاختلاط بين الجنسين في المحافل الاجتماعية في غياب مرافق محظورا الى حد بعيد كما تقتصر الكثير من المقاهي والمطاعم التي تناقش فيها موضوعات سياسية ودينية على الرواد من الرجال في الغالب، وتقابل النساء القليلات اللائي ترتدن هذه الاماكن بنظرات محدقة وغير لائقة لاسيما القلة التي تكشف رأسها، وتقول فوزية بريون ممثلة طرابلس في المجلس الانتقالي وهي استاذة لغة عربية في جامعة ميشيجان في الولايات المتحدة "اذا كان الرجال في بلدنا يفتقرون للخبرة السياسية والثقافية نتيجة 41 عاما من القمع والفوضى ... فان النساء اقل خبرة.، وواقع الحياة السياسية في ليبيا حيث حظي القذافي بسلطة مطلقة والدائرة المقربة منه بحصانة قانونية شبه كاملة يعني تجنب معظم النساء العمل السياسي، وقالت سلوى بوقعيقيص "كي تشغل المرأة منصبا رفيعا جدا في الحكومة كان ينبغي ان تدفع الثمن. عليك ان تسددي الثمن بطرق مختلفة. لذا كان من الافضل ايثار السلامة.

وذكرت هناء الجلال "في حقبة القذافي حاولنا الابتعاد عن الانظار على الساحة السياسة لاننا لم نرد ان نكون جزءا من النظام. لم تكن هناك سيادة للقانون. اذا لفتت المرأة الانظار لم يكن هناك ما يحميها."

وتقول عائشة محمد مدرسة اللغة الانجليزية "في السابق كانت الفتيات يمضين اوقاتهن في التساؤل.. من سأتزوج.. ماذا ارتدي وكيف سيكون حفل عرسي.. الان يتحدثن عما يردن عمله في المستقبل."

وتحلم سمية عادل الطالبة الجامعية التي ترتدي بنطلونا ضيقا من الجينز وتغطي رأسها ان تصبح صحفية بعدما تحررت وسائل الاعلام من قبضة القذافي. بحسب رويترز.

وقالت "كنت اعتقد انني سأتزوج وأسافر للخارج وأفعل ما اريد. ولكني الان اريد ان ابقى هنا وأعمل وأصبح صحفية.، وتقول سلوى بوقعيقيص ان نشاط المراة السياسي زاد كثيرا عن ذي قبل ولكن الطريق امامها لا يزال طويلا، وتابعت "المرأة في هذه الثورة جزء من الحراك السياسي.. في التظاهر وفي المجلات وفي الاعلام وفي مساعدة منظمات المجتمع المدني. لقد استيقظت المرأة وهي تشعر ان الوقت حان للتحرك، وأضافت "اخشى حين تنتهي الثورة ان تتوقف (المرأة). نهاية الثورة برحيل القذافي ليست نهاية الثورة بالنسبة للمرأة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/أيلول/2011 - 13/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م