إصدارات جديدة: ثورة عقارب الساعة

 

 

 

 

الكتاب: ثورةُ عقارب ِالساعة

الكاتب: نهار حسب الله

الناشر: سندباد للنشر والاعلام

عرض: إسماعيل إبراهيم عبد

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: في مجموعته للقص القصير جداً، ثورةُ عقارب ِالساعة ِ، يتطلع القاص نهار حسب الله إلى الإسهام في تأسيس ثقافةٍ ضد الإرهابِ والخوفِ والعنفِ. ففي هذه المجموعة هيمنت فكرةُ (ضد الخوف) على الاتجاه الفكري مستوحياً من واقعِ مقاومة الإرهاب ثيمة رفضٍ لكل أنواع الاستلاب البشري، خاصةً الشكل الذي يتخذ من مؤسسات الدولة غطاءً له.

هذا الاتجاه في الكتابة أو الثقافة يقترب – بجرأته – من المجازفة بالوعي والفن، ويتطلب صفات شخصية قبل أن تكون كتابية.وثقافة اللاعنف هذه تمثل له قيم وثيم يطرحها بعدة وجوه، منها: توضيح وفضح "تربية الإرهاب"، ومنها تشريح عقلية الجريمة إضافةً إلى تعليم دروب مقاومة عقلية التخريب النفسي والروحي المجتمعي وإقامة بنى وأسس القيم البديلة والإشادةِ بفعاليات البناء المناوئة، الخالقة لقيم الخير في النفس والمجموع، وتعميق صلة الحضارة بقيم الخلق والإبداع.

 فيما من الناحية الفنية قد اعتمدت المجموعة القصصية على نظام الصياغة المؤلف للمفارقة والمفاجأة في الضربة الأخيرة في القص

وهما عنصران أساسيان في كل عمل سردي – وحتى الشعري منه – لكن القاص نهار حسب الله هنا أرادها قصص قصيرة جداً.. وفعلاً.. فهي قصص قصيرة جداً من حيث المساحة الورقية لكتابتها، لكن هناك فهوماً أخرى تعتني بالقصة القصيرة جداً وتستفيد من عناصر القص الأخرى كمساهمات تغني القصة بالجمال اللغوي والفعل الدرامي والمناورة الأسلوبية.

تجربة " ثورة عقارب الساعة " لها أهميتها من عدّة جوانب، أهمها الجرأة والصدق الفني والفكري وأن الصياغة اللغوية أسلوبا وأداءً قد حققت قدراً مناسباً من الإقناع بالتجربة وبفنية وغائية النماذج القصصية المطروحة.ومما يوجب ذكره هنا أن السرد قد اختص بنموذج النظام الحكائي مما فوّت على الكاتب فرصة ان يضع قصصه في إطار الفهم الجديد للقص. كما أن فرصة أخرى ضاعت على كاتبها حين اوقف جُلَّ موضوعاته على العمل السياسي فجاءت القصص وثيقة إحتجاج سياسية على الوضع المؤقت في العراق دون الغوص عميقاً بالفكر السياسي فنياً. كما أن القصص تعتني بالعبارات التقليدية التي تقلل من متعة وثراء لغة القصص.

لكن ميزات أخرى جعلت المتابعة شيقة وممتعة مثل اهتمام القصص بالمفارقة الاجتماعية خاصةً في تمدد اللقطة المفاجئة للضربة الأخيرة. هذه الأسلوبية " تكاد أن تكون أبرز ظواهر استعماليه القصص".

لقد استحسن القاص قصة الدقيقة الواحدة والتي لا يتعدى وقت قراءتها زمن دقيقة واحدة وحافظ على شكليتها وجماليتها بعدّها قصة " ومضة " المشتركة مع قصيدة الصورة في جماليات السرد كلغة الكثافة الفعالية ونغمة الصوت الواحد قصاً وشعراً.

كما قد حاول الكاتب – وبجرأة محسوبة – تحويل الهمَّ اليومي إلى همٍّ أسطوري، كأنما هموم البلاد ليست عصرية فقط إنما التجويع والإخافة والإرهاب هي ثوابت للسلطة الحاكمة على مدى عصور تاريخ العراق. وهذه نتيجة تحمل من الحقيقة القدر الكبير للسياسة في العراق.

يبدو على النصوص أنها أقدار ملحمية وأسطورية تجتذب القراء من جميع المستويات " العليا والوسطى والدنيا " سواء منهم المدرب على القراءة واؤلئك الذين ليس لديهم تقاليد قرائية.

وتظل الكتابة القصصية – لجميع الكتاب – بحاجةٍ إلى مستلزمات أساسية ترسم درب النص نحو عقول القراء ومنها:

1- التركيب اللغوي المبهر

2- استثنائية الحدث وأهميته المتعلقة بالحاجة الاجتماعية اليه

3- تعميق دور الإشارة والتشفير في تنغيم وترابط أفكار النص

4- الارتقاء المألوف الواقعي إلى اللامألوف الصياغي المقنع.

كما أن توجيه الخطاب الفني إلى الآخرين، قراء ونقاد، يتطلب ان يكون جاهزاً لعدة تأويلات، واحدة رسائل، واحدة أفاهيم، وهو ما يعني أن تطور الموهبة إضافةً إلى القراءة والتجربة كفيل بأن يجعل الأثر الخطابي " القصة " وليس الحكاية مأثرة جديدة تدفع بالفن الى الجدية والتجديد.

ملاحظة أخيرة: إن ثيمة "عقارب " تغتني بمعانٍ كثيرةٍ وتحمل " فلسفة " اللسع الزمني والحقيقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/أيلول/2011 - 12/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م