العنف البشري وظاهرة الإبادة الجماعية... شواهد وتاريخ

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: في السابق كانت الفظائع والمجازر التي يرتكبها الحكام وأصحاب السلطة والنفوذ تمر من دون عقاب "إلا من رب الأرباب"، بل وقد يغفل عنها أو يتناساها التأريخ وتمر بلا شاهد أو رقيب يسرد مأساتها لتبقى في ذاكرة الزمان، لكن مع تطور وسائل الإعلام في نقل الأحداث المحلية والعالمية لحظة بلحظة، وتنامي الوعي العالمي وإقرار حقوق الإنسان ورعايتها من قبل العديد من المنظمات الدولية، بات الظلم الذي يقع على البسطاء لا يمر من دون عقاب أو على الأقل من دون أن يسمع العالم أو يشاهد ما جرى ولو بعد حين.

وكما إن إجرام السفاحين والقتلة لا يقل عن إجرام "أساتذتهم الكبار" فقتل نفس بغير حق يشابه قتل كل الناس وبلا استثناء، إلا إن الأمر مختلف بالنسبة لمن امتلك زمام الأمور والسلطة، فبدلاً من الإنصاف وإحقاق الحق واللطف بالرعية تجدهم يزيدون من معاناتهم وبؤسهم ويستلذون بقتلهم وتنفيذ المجازر الطائفية والعرقية بحقهم وبلا رحمة أو شفقة، وقد حفظ لنا التاريخ الحديث الكثير من الشواهد على ذلك، حيث مثل العديد منهم أمام المحاكم "أسوة بأقرانهم السفاحين" ومازال آخرون ينتظرون دورهم. 

وعندما كرم المولى "عز وجل" الإنسان واختاره ليكون خليفته على الأرض دون سائر المخلوقات الأخرى، قالت الملائكة، يارب كيف تجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء، فجاء الرد الإلهي بأن العلم لله وحده، ولعل هذه الرسالة السماوية هي الدرس الأول لبني البشر لكي يتعض ويعتبر، فالإنسان "ورغم كل القيم والأحاسيس التي يحملها" قد يتحول إلى وحش كاسر إذا لم تحده الضوابط الدينية والواعز الأخلاقي، ومع هذا نجد الكثير من جرائم الإبادة المنظمة والتي راح ضحيتها ملايين البشر بلا ذنب أو جريرة سوى لتنفيذ رغبات أو مصالح لأفراد قلائل، وقد سطر لنا التأريخ "وما زال" الكثير من المآسي عبر الزمن على سفك الدماء من قبل جماعات أو منظمات أو حكومات لأسباب تتعلق بالدين أو المذهب أو العنصر واللون وغيرها من الأمور التي أباحت قتل أخيه الإنسان بدم بارد.

السعي لاعتراف دولي

فقد عقدت لجنة  تدويل جرائم النظام السابق، اجتماعا برئاسة وكيل وزارة حقوق الإنسان لغرض حصول العراق على اعتراف دولي باعتبار جرائم النظام السابق جرائم إبادة جماعية، بحسب بيان للوزارة، ونقل البيان، ان "وكيل وزارة حقوق الإنسان حسين الزهيري ترأس اجتماع لجنة تدويل جرائم النظام السابق لغرض حصول العراق على اعتراف بجرائم النظام السابق كجرائم إبادة جماعية ضد الإنسانية" مضيفا ان " الجرائم شملت جميع العراقيين بجميع مكوناتهم واطيافهم"، واضاف البيان ان "وزارة حقوق الإنسان هي المعنية الأولى بخصوص هذا الموضوع كونها تحمل على عاتقها موضوع المقابر الجماعية وتوثيق الانتهاكات"، وأوصت اللجنة بـ"تنظيم معرض للصور يعبر عن جرائم المقابر الجماعية والجرائم الأخرى التي ارتكبها النظام البائد إضافة الى تنظيم مؤتمر حول المقابر الجماعية في مقر مجلس حقوق الإنسان في جنيف وإنتاج فلم وثائقي يعرض خلال المؤتمر، ومن ثم التطلع الى طرح مشروع قرار أمام مجلس حقوق الإنسان ينص على ان جرائم النظام السابق هي جرائم ابادة جماعية بكل المقاييس"، بحسب البيان، وأضاف البيان ان "اللجنة تضم اعضاء من وزارة الخارجية ووزارة العدل وهيئة حقوق الإنسان في إقليم كردستان". بحسب اصوات العراق.

مذكرة توقيف بحق القذافي

فيما اعلنت المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة توقيف بحق العقيد معمر القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية ليصبح ثاني زعيم دولة تلاحقه هذه المحكمة بعد الرئيس السوداني عمر البشير، وسارع الثوار الليبيون الى الترحيب بهذه الخطوة معتبرين ان "العدالة تحققت"، وقالت القاضية سانجي مماسينونو موناغينغ خلال جلسة عامة في لاهاي ان "المحكمة تصدر مذكرة توقيف بحق القذافي"، واضافت القاضية "هناك دوافع معقولة للاعتقاد ان معمر القذافي وبالتنسيق مع دائرته المقربة صمم ودبر خطة تهدف الى قمع واحباط عزيمة السكان الذين كانوا ضد النظام"، واصدر القضاة ايضا مذكرات توقيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية بحق نجل القذافي، سيف الاسلام، ورئيس الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي بناء على طلب مدعي المحكمة لويس مورينو-اوكامبو في 16 ايار/مايو، وفي طرابلس، اعلن وزير العدل الليبي الجديد محمد القمودي ان مذكرة التوقيف تشكل "غطاء للناتو" للقضاء على الزعيم الليبي، مؤكدا ان هذا النظام يرفض "اختصاصات" المحكمة، واعتبر الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن ان اصدار مذكرة التوقيف "يؤكد مرة جديدة عزلة" القذافي، واعلن المتحدث باسم البيت الابيض ان اصدار مذكرة التوقيف يشكل مؤشرا اضافيا الى ان الزعيم الليبي فقد شرعيته، وحض وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ المحيطين بالقذافي على "التخلي عنه" و"تصفية الحسابات"، في المقابل، اعرب رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما عن "خيبة امله وقلقه" بحسب المتحدث باسمه، واضاف المتحدث "من المؤسف حقا ان تتخذ المحكمة الجنائية الدولية قرارا مماثلا فيما بذل الاتحاد الافريقي جهودا كبيرة عبر لجان الوساطة" التابعة له. بحسب فرانس برس.

وشدد مايكل بوشنيك من منظمة العفو الدولية على ان "عدم توقيف او ملاحقة اشخاص متهمين يوجه رسالة تثير القلق"، من جهتها، اعتبر منظمة هيومن رايتس ووتش ان المحكمة الجنائية باصدارها مذكرات توقيف كهذه "تثبت ان القانون يمكن ان يطال الذين كانوا يعتقدون لفترة طويلة" انه لا يمكن الوصول اليهم، وصرح مورينو-اوكامبو في بيان "تفاديا للاستمرار في اخفاء الجرائم التي ما زالت ترتكب ومن ان ترتكب جرائم جديدة يجب توقيفهم، هذه الطريقة الوحيدة لحماية المدنيين في ليبيا"، واعلن القضاة ان هناك دوافع معقولة تحمل على الاعتقاد بان الثلاثة مسؤولين "بصفتهم منفذين غير مباشرين" لجرائم اضطهاد ترقى الى جرائم ضد الانسانية ارتكبتها قوات الامن الليبية خصوصا في طرابلس وبنغازي ومصراطة، واضاف القضاة ان قوات الامن ارتكبت "اعمالا غير انسانية بحق السكان المدنيين"، وقد اسفرت الانتفاضة على النظام في ليبيا عن سقوط الاف القتلى بحسب المدعي العام، واجبرت نحو 650 الف ليبي على الفرار الى خارج البلاد و243 الفا آخرين على النزوح الى مناطق اخرى في الداخل، بحسب الامم المتحدة، واصدرت المحكمة حتى الان مذكرة توقيف واحدة بحق رئيس دولة لا يزال في السلطة هو عمر البشير، والرئيس السوداني ملاحق بتهمة ارتكاب اعمال ابادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في دارفور (السودان)، ولا يعترف البشير بصلاحية المحكمة الجنائية الدولية ويتحداها بانتظام، ولا تملك المحكمة الجنائية التي بدأت عملها في 2002 قوة شرطة وتعتمد على ارادة الدول لتنفيذ مذكرات التوقيف، وللمحكمة صلاحية في ليبيا بموجب القرار الدولي الصادر في 26 شباط/فبراير وهو ما ترفضه السلطات الليبية التي تؤكد انها "غير معنية" بقراراتها لانها لم تصادق على معاهدة روم، والمحكمة الجنائية الدولية اول محكمة دولية دائمة مكلفة ملاحقة المسؤولين عن ارتكاب ابادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب.

محاكمة تاريخية

من جانب اخر افتتحت رسميا في بنوم بنه، امام محكمة تشرف عليها الامم المتحدة، المحاكمة المرتقبة منذ فترة طويلة لابرز اربعة قادة لا يزالون احياء في نظام الخمير الحمر وجهت اليهم خصوصا تهمة الابادة وذلك بعد اكثر من 30 عاما من الوقائع، واتهم كل من منظر نظام بول بوت او "الاخ رقم اثنان" نون تشيا، ووزير الخارجية يانغ ساري، ورئيس "كمبوديا الديمقراطية" خيو سمفان، ووزيرة الشؤون الاجتماعية يانغ ثيريث، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وابادة، وجلس المتهمون الذين تتراوح اعمارهم بين 79 و85 سنة وقد بدا عليهم التعب، في قفص الاتهام، لكن لم يظل حاضرا في الجلسة بعد الظهر سوى خيو سمبان، بعد ان رفض القضاة اعفاءه، بينما غادر الاخرون المحكمة لاسباب صحية او بسبب الاحتجاج كما كان الحال بالنسبة لنون تشي، وقال نون تشيا الذي يحمل نظارات سوداء وقبعة من الصوف الابيض والازرق على راسه "لست مرتاحا لهذه الجلسة"، ثم انسحب من الجلسة، وقال محاميه ميشيل بستمان ان "التحقيق القضائي كان ظالما الى حد انه يجب وقف مجمل الملف"، وهو ما كان يخشاه المراقبون، اي ان يرفض المتهمون التهم والتعاون مع المحكمة، كما تخشى الاطراف المدنية البالغ عددها اربعة الاف، ان لا يطول عمر المتهمين حتى يصدر الحكم بحقهم، وسيتعين على قادة النظام ان يشرحوا كيف ولماذا طبقوا بطريقة منهجية ومحسوبة، بين 1975 و1979، نظرية ماركسية مجنونة قضت بفعل الارهاق والجوع والمرض والتعذيب والاعدامات على مليوني شخص، اي ما يعادل ربع سكان كمبوديا حينها. بحسب فرانس برس.

وتستخدم عبارة الابادة عادة للاشارة الى تلك الفترة لكن الامم المتحدة لا تصف الفظاعات المرتكبة بحق شعب الخمير بالابادة، ويقتصر الاتهام على مجازر بحق الفيتنامنيين والاقليمة الاتنية "شمس" المسلمة، واعتبر لارس اولسن الناطق باسم المحكمة المختلطة التي تشكلت سنة 2006 بعد سنوات من التردد، "اخيرا يخضع هؤلاء الاربعة المتهمون بانهم العقل المدبر (في النظام) للمحاكمة والكومبوديون ينتظرون اجوبة وعدالة"وقد حضر مئات الكومبوديين لمشاهدة سفاحيهم السابقين في قفص الاتهام بينما نقل التلفزيون الجلسة، وقال فان ناث الناجي من الابادة "نامل احقاق العدالة" بينما اكد خيم ناريث (56 سنة) "اريد ان تحكم المحكمة على الاربعة بالسجن المؤبد"، وتختلف هذه المحاكمة عن بقية الهيئات القضائية الدولية الاستثنائية في العالم لا سيما لانها تجري في المكان الذي ارتكبت فيه الفظاعات التي تجري محاكمتها خلافا لمحكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا سابقا في لاهاي ومحكمة الجزاء الدولية لروانديا (في اروشا في تنزانيا)، وتتناول الجلسات التمهيدية قضايا اجرائية لا سيما قائمة الشهود، على ان تعلق المحاكمة لبضعة اسابيع، ويتوقع ان تستمر سنوات، ولا يرتقب الادلاء بالشهادات الاولى للمسؤولين الاربعة المعتقلين في مبنى مجاور للمحكمة منذ اعتقالهم سنة 2007، حتى بداية اب/اغسطس، وفي محاكمتها الاولى اصدرت المحكمة في تموز/يوليو 2010 حكم السجن ثلاثين سنة على كاينغ غيك اياف المدعو "دوتش"، رئيس سجن توول سليغ حيث تعرض 15 الف شخص الى التعذيب قبل اعدامهم، وقد طلب دوتش الذي اعترف بكل ما فعله والتمس المعذرة من الضحايا، بالنهاية الافراج عنه في محكمة الاستئناف مؤكدا انه لم يكن قياديا كبيرا في النظام.

اعتقال البشير

من جانبه عبر الاتحاد الاوروبي عن قلقه لقيام الرئيس السوداني عمر البشير بزيارة ثانية لتشاد قائلا انه كان يتعين اعتقاله هناك بموجب مذكرة الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية، ورحب بيان للاتحاد الاوروبي بتحسن العلاقات بين تشاد والسودان وتطبيعها لكنه أشار الى ان تشاد موقعة على النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية وشدد على اهمية تنفيذ قرارات الامم المتحدة، وقال البيان ان كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي عبرت عن قلقها بشأن زيارة البشير الاخيرة، وحثت تشاد "على احترام التزامها بموجب القانون الدولي باعتقال من تتهمهم المحكمة الجنائية الدولية وتسليمهم"، وتابع البيان "الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب يجب ألا تمر دون عقاب ولا بد من ضمان محاكمة مرتكبيها عن طريق اجراءات على المستويين المحلي والدولي"، وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت العام الماضي مذكرة لاعتقال البشير متهمة اياه بالمسؤولية عن ارتكاب ابادة جماعية في اقليم دارفور حيث توفي زهاء 300 ألف شخص منذ عام 2003، وجاءت هذه المذكرة بعد مذكرة سابقة صدرت في مارس اذار 2009 لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، ورفض البشير اتهامات المحكمة ووصفها بأنها جزء من مؤامرة غربية، وكانت هاتان أول مذكرتي اعتقال تصدرهما المحكمة ضد رئيس دولة في السلطة لكن المحكمة ليس لها قوة شرطة وتعتمد على السلطات الوطنية والدول الموقعة على نظامها الاساسي في تنفيذ الاعتقال. بحسب رويترز.

تهم الإبادة الجماعية

في السياق ذاته حكمت محكمة جرائم الحرب التابعة للأم المتحدة على قائد الجيش السابق في رواندا أوغستين بيزيمونغو بالسجن 30 عاما بسبب دوره في ارتكاب الإبادة الجماعية في البلاد عام 1994، وحكمت المحكمة أيضا على قائد الشرطة السابق أوغستين نديندينيمانا بالسجن ولكنها أطلقت سراحه بسبب استيفائه المدة في السجن، كذلك حكمت على ضابطين آخرين برتبة جنرال بالسجن 20 عاما لكل منهم، وكان 800 ألف شخص من قبائل توتسي ومعتدلون من قبائل هوتو قد قتلوا خلال حملات إبادة نفذها متطرفون من الهوتو واستمرت 100 يوم، ويعتبر بيزيمونغو ونديندينيمانا الضابطين الأعلى رتبة الذين أصدرت حكما ضدهم محكمة جرائم الحرب في رواندا التي أقيمت في مدينة أروشا في تنزانيا المجاورة لمحاكمة المسؤولين عن الإبادة، ورحب مارتن نغوجا المدعي العام في رواندا في تصريح له بالحكم، وقالت المحكمة إن بيزيمونغو الذي ألقي القبض عليه في أنغولا عام 2002 كان مسيطرا تماما على مقاتليه الذين نفذوا عمليات القتل عام 1994، بينما توصلت المحكمة الى أن سيطرة نديندينيمانا على المقاتلين كانت محدودة، لذلك حكم عليه بالسجن 11 سنة فقط، استنفذها كاملة في السجن، وقد أدين الضابطان بارتكاب الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية. بحسب رويترز.

وفي نيروبي إن بيزيمونغو لم يبد عليه التأثر حين النطق بالحكم، وقد اتهم بزيارة المسلحين في منازلهم وإعطائهم أوامر بقتل أبناء قبائل توتسي الذين أشار اليهم بالصراصير، وتقول مراسلتنا إنه وعد المقاتلين بالأسلحة والنفط لإحراق المنازل، وكان ثمانية بلجيكيين من أفراد قوات حفظ السلام الدولية الذي كانوا مكلفين بحراسة رئيس الوزراء قد قتلوا ضمن من قتل، مما ساهم في اتخاذ قرار بسحب قوات حفظ السلام من رواند، وكانت حملات الإبادة في رواندا قد بدأت عقب مقتل الرئيس جوفينال هابياريمانا حين أسقطت طائرته بالقرب من العاصمة كيغالي في السادس من ابريل/نيسان عام 1994، وبعد مضي ساعات على سقوط الطائرة قام بعض أعضاء الحكومة بتحريض ميليشيات قبائل الهوتو على قتل التوتسي بشكل منظم في جميع أنحاء البلاد، مما أدى الى استمرار أحداث العنف لمد ثلاثة شهور، وكانت حكومة الهوتو قد اتهمت متمردي التوتسي بالمسؤولية عن قتل الرئيس هابياريمانا ولكن بول كاجامي، الرئيس الحالي، يقول ان الطائرة أسقطت من أجل استغلال الحادث لارتكاب المجازر.

إدانة وزيرة سابقة

الى ذلك حكم على وزيرة رواندية سابقة بالسجن مدى الحياة لدورها في الإبادة الجماعية واغتصاب نساء وفتيات من قبيلة التوتسي، وبذلك، تكون بولين نيراماسوهوكو (65 عاماً) أول امرأة تدينها المحكمة الخاصة برواندا والمدعومة من قبل الامم المتحدة، كما ادين مع الوزيرة السابقة ابنها وأربعة من المسؤولين السابقين بعد محاكمة استغرقت 10 أعوام، وقتل حوالى 800 ألف شخص من التوتسي والهوتو المعتدلين خلال مذابح العام 1994، واتهمت نيراماسوهوكو باصدار الاوامر والاشراف على المذابح التي ارتكبت في بلدتها بوتاري، جنوب رواند، كما اتهم الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا الويزرة السابقة بالمشاركة في القرار الحكومي الذي قضى بتشكيل الميليشيات في أنحاء البلاد، وكانت مهمة المجموعات تلك القضاء على السكان التوتسي في أسرع وقت ممكن، الى ذلك، اتهمت نيراماسوهوكو وابنها أرسين شالوم نتاهوبالي، الذي كان حينها في مطلع العشرينات من العمر، بتنظيم عمليات خطف نساء وفتيات من التوتسي واغتصابهن، ووجد نتاهوبالي بدوره مذنبا وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، فيما حكم على أربعة مسؤولين سابقين آخرين بالسجن 25 عام، إلا أن المحكمة وجدت نيراماسوهوكو غير مذنبة بالقتل والتحريض العلني، وهي اتهامات نفتها كاملة، وشهدت بلدة بوتاري، التي كانت موطناً لخليط كبير من الهوتو والتوتسي، بعض المقاومة لأوامر تنفيذ المذابح، وصرفت الحكومة التي كانت نيراماسوهوكو جزءاً منها، أعلى مسؤول في البلدة من الخدمة لمعارضته الأوامر. وقد اختفى أثره منذ ذلك الحين، وتقول النيابة العامة ان الوزيرة وابنها غالباً ما أجبرا الناس على التعرّي بشكل تام، قبل تحميلهم بشاحنات ونقلهم الى حيث يتم تصفيتهم، ورغم كونها المرأة الوحيدة التي تحاكم بتهمة الإبادة الجماعية من قبل المحكمة الدولية، إلا أن نساء عديدات أخريات تمت إدانتهن بالإبادة الجماعية أمام المحاكم الرواندية، ودانت محكمة في بروكسيل راهبتين بالمشاركة في الإبادة الجماعية. بحسب البي بي سي.

اعتقال المتهم الاخير

من جهتها أفادت وسائل إعلام صربية، باعتقال القائد الصربي السابق الفار، غوران هاجيتش، آخر المشتبهين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إبان الحرب في يوغسلافيا سابقاً، مطلع تسعينيات القرن الماضي، وتتهم محكمة العدل الدولية في لاهاي هاجيتش بارتكاب "عمليات إبادة أو قتل مئات الكروات، ومدنيين آخرين لا ينتمون إلى الجنسية الكرواتية"، إبان الحروب الوحشية التي تلت تفكك يوغسلافي، ويأتي توقيف غوران هاجيتش بعد شهرين من اعتقال القائد العسكري السابق لما كان يُعرف بـ"صرب البوسنة"، راتكو ملاديتش، والذي يُعد أبرز المطلوبين لمحكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة، وجاء اعتقال ملاديتش، الذي يواجه بدوره تهم ارتكاب "جرائم إبادة جماعية"، و"جرائم ضد الإنسانية"، ضد ألبان البوسنة، قبل نحو ثلاث سنوات على موعد إغلاق محكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة في عام 2014، ويعتبر ملاديتش، أكثر المطلوبين لمحكمة جرائم حرب البوسنة والهرسك، قائد قوات صرب البوسنة، أثناء حرب البلقان في تسعينيات القرن الماضي، وكان النائب العام لمحكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة، سيرج براميرتس، قد حذر في وقت سابق من مايو/ أيار الفائت، عقب اجتماع مع الرئيس الصربي، بوريس تاديتش، من "تقاعس" السلطات الصربية في القبض على مجرمي الحرب المتواجدين لديها، وتسليمهم إلى المحكمة الدولية، وذكر براميرتس، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الصربية مطلع مايو/ أيار الماضي، أنه يتوجب على بلغراد الالتزام بواجباتها القانونية والأخلاقية تجاه المحكمة، وأهالي ضحايا الحرب في البوسنة والهرسك وكرواتيا، من خلال تسليم كل من راتكو ملاديتش، وغوران هاجيتش، أكبر مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة. بحسب السي ان ان.

وقف الفظائع

من جانبه أمر الرئيس الامريكي باراك اوباما باجراءات جديدة لتعزيز قدرة الولايات المتحدة على وقف فظائع مثل الابادة الجماعية ومنع مرتكبي جرائم الحرب من دخول الولايات المتحدة، وينشيء الامر مجلسا خاصا يضم وكالات حكومية لتنسيق رد الادارة في حالة وقوع فظائع، واشار اوباما في بيان الي أنه بعد 66 عاما من محرقة النازي و17 عاما من اعمال الابادة في رواندا فان الولايات المتحدة ما زالت تفتقر الى "اطار عمل لسياسة شاملة" لوقف الفظائع الواسعة النطاق، واصدر اوباما توجيهات الي ادارته لدراسة نطاقا من الاجراءات الاقتصادية والدبلوماسية واجراءات اخرى يمكن اتخاذها في مثل هذه الحالات، وكان الرئيس الامريكي قد اشار الى احتمال حدوث قتل جماعي لمدنيين في بنغازي بليبيا في مارس اذار عندما انضمت الولايات المتحدة الى العملية العسكرية لحلف شمال الاطلسي، وفي الاسابيع القليلة الماضية تعرض اوباما لانتقادات لعدم بذل جهود كافية لوقف اعمال قتل المحتجين العزل في سوريا التي في حين انها لا ترقى الي ابادة جماعية الا انها تصاعدت في الايام القليلة الماضية، وأمر اوباما ايضا بتوسيع المبررات لمنع الدخول الي الولايات المتحدة لتشمل عددا أكبر من منتهكي حقوق الانسان مثل اولئك الذين يرتكبون "جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية"، ورحبت جماعات حقوق الانسان بهذه المبادرة. بحسب رويترز.

اعتداءات النروج

على صعيد اخر اكد النروجي اندرس بيرينغ برييفيك انه تصرف بمفرده لدى تنفيذ المجزرة التي اودت بحياة 93 شخصا وادت الى اصابة نحو 100 اخرين في اوسلو وجزيرة قريبة منها، في عمل قال انه "وحشي" لكنه "ضروري" فيما شارك الالاف في قداس على ارواح الضحاي، ويمثل برييفيك (32 عاما) امام محكمة في اوسلو بعد ان اعترف للشرطة بارتكابه التفجير واطلاق النار الجمعة، وقال المحامي غير ليبيستاد للتلفزيون النروجي "ان ار كو" ان موكله برييفيك "اقر بالمسؤولية" عن الهجومين، واضاف "انه يشعر بان القيام بهذه الاعمال وحشي، ولكنه يرى انه ضروري"، وقتل سبعة اشخاص على الاقل في انفجار سيارة مفخخة امام مقر الحكومة في اوسلو، وبعد ذلك قتل 85 شخصا رميا بالرصاص في جزيرة اوتوياه على مشارف اوسلو حيث كان يجري تجمع لشبيبة الحزب العمالي الحاكم، واثارت الهجمات حالة من الغضب في النروج وسط دعوات على الانترنت لاعادة العمل بعقوبة الاعدام، حيث ان العقوبة القصوى التي يواجهها منفذ الهجمات هي السجن لمدة 21 عام، وشاركت العائلة المالكة النروجية ورئيس الوزراء ينس ستولتنبرغ وشخصيات رسمية نروجية اخرى عدة في قداس في كاتدرائية اوسلو تكريما لضحايا الهجومين اللذين اوديا بحياة 92 شخصا على الاقل، وقال رئيس الوزراء في كلمة امام مئات المشاركين في القداس ان "حجم الشر" سيتضح بشكل تام عندما يتم نشر اسماء وصور الضحايا ومعظمهم من المراهقين،ولم تستبعد الشرطة ضلوع مسلح ثان في الهجمات بعد ان تحدث شهود عيان عن احتمال وجود شخص اخر اطلق النار في الجزيرة، واعتقلوا عدة اشخاص في عملية دهم لاحد مباني اوسلو للاشتباه بعلاقتهم بالهجمات، الا انه تم اطلاق سراحهم بعد فترة وجيزة، واوضحت الشرطة انه "لم يتم العثور على اي متفجرات" وانه "تم الافراج عن الاشخاص الذين اعتقلوا"، واعلنت الشرطة لاحقا في بيان انها "لا تملك سببا يسمح بربط هؤلاء الاشخاص باعمال ارهابية"، وقالت الشرطة ان منفذ الهجمات اقر بفعلته الا انه رفض تحمل "المسؤولية الجنائية"، وفي القداس مسح ستولتنبرغ وجهه بمنديل وقال للجموع التي خيم عليها الصمت انه رغم الماساة فان النروج ستظهر "المزيد من الديموقراطية والانتفاح والانسانية ولكن بدون سذاجة"، واضاف "نحن بلد صغير ولكن شعبنا أبي"، فيما ارتفع صوت امراة بالنحيب، واضاف ان النروج "لن تتخلى عن قيمها مطلقا". بحسب فرانس برس.

وبكى زعيم شبيبة حزب العمال اسكيل بيدرسون خلال القداس، وقال اسقف اوسلو اولي كريستيان كفارم امام الحشد المتشح بالسواد "اننا مجتمعون تحت راية الحداد والامل"، وتجمع المئات في وقت سابق امام الكاتدرائية حيث نصب ضريح للضحايا وسط بحر من الزهور التي وضعت تكريما لهم، ووضع ستولتنبرغ وبيدرسون زهورا بيضاء امام الضريح قبل بدء القداس، ويدرس المحققون شهادة من نحو 1500 صفحة نشرها برييفيك على الانترنت وقال فيها انه يحضر لل"عملية الاستشهادية" منذ خريف 2009 على الاقل، وفي هذه الوثيقة "جزء منها مذكرات وجزء دليل لصناعة القنابل وجزء هلوسات سياسية يتحدث فيها عن معاداته للاسلام" يوضح برييفيك كيف انه انشأ شركة وهمية للتعدين والزراعة للتحضير للهجمات، وقال ان "السبب وراء هذا القرار هو خلق سبب مقنع في حال اعتقالي بسبب شراء وتهريب متفجرات او مواد تستخدم في المتفجرات "اي الاسمدة"، وقال ينس برييفيك والد المشتبه به انه اصيب بـ"صدمة" حين راى صورة ابنه تتصدر الصحف على الانترنت، وقال المتقاعد المقيم في فرنسا متحدثا لصحيفة فيردنس غانغ النروجية "كنت اقرأ الاخبار على الانترنت، وفجأة رايت اسمه وصورته، كان الامر بمثابة صدمة لم اخرج منها بعد"، وتابع "انني تحت وطأة الصدمة، امر فظيع حقا ان اسمع هذا"، مؤكدا انه لم يكن على علم اطلاقا بنشاطات ابنه، واوضح الوالد الذي طلق زوجته بعد ولادة ابنه بقليل، انه فقد اي اتصال معه منذ 1995 حين كان الفتى في الخامسة عشرة او السادسة عشرة من العمر، وقال "لم نعش يوما معا، لكننا كنا على اتصال في طفولته"، مضيفا "حين كان فتى، كان صبيا عاديا، لكنه كان منطويا على نفسه ولم يكن يكترث للسياسة في تلك الفترة"، ومع تكشف الشهادات من مخيم الشبيبة حيث قتل عشرات الفتيان والفتيات، وتحاول النروج فهم كيف سالت الدماء على ارض البلد المعروف كمنارة للسلام، وقال رئيس الوزراء ان "العديد من الذين قتلوا كانوا من الاصدقاء، انا اعرف اباءهم، وقد حدث (الهجوم) في مكان قضيت فيه وقتا طويلا في شبابي، لقد كان فردوس شبابي لكنه تحول الان الى جحيم"، ويحتمل ان يرتفع عدد القتلى مع استمرار البحث عن اربعة الى خمسة مفقودين كانوا على الجزيرة، بمساعدة غواصة صغيرة وغواصين من اللجنة الدولية للصليب الاحمر، ووصف برييفيك نفسه على الانترنت بانه رجل "محافظ، مسيحي" يهوى الصيد والعاب الكمبيوتر مثل "وورلد اوف ووركرافت" او "مودرن وورفير2" الحربية.

كما وصف نفسه بانه مدير مزرعة "برييفيك جيوفارم" العضوية التي اتاحت له شراء مواد كيميائية تستخدم في صناعة المتفجرات، واعلن حزب التقدم وهو تشكيل يميني شعبوي نروجي، ان المتهم انضم الى صفوفه في العام 1999 وانسحب منه في العام 2000 وكان لعدة سنوات زعيما لحركة الشببية في الحزب، وقالت رئيسة هذا الحزب سيف ينسن "يحزنني اكثر ان اعلم ان هذا الشخص كان بيننا"، من ناحية اخرى قال مراقبو الحركات الفاشية ان برييفيك كان كذلك عضوا في منتدى سويدي للنازين الجدد على الانترنت تحت اسم "نورديسك"، وقد بدأت المجزرة التي وصفها ستولتنبرغ بـ"المأساة الوطنية" واثارت موجة من الاستنكار والتعاطف في العالم اجمع، بانفجار سيارة مفخخة في قلب حي الوزارات في اوسلو مما اوقع سبعة قتلى وتسعة اصيبوا بجروح خطرة، وبعيد ذلك فتح المتهم النار على مشاركين في مخيم صيفي لشبيبة الحزب العمالي في جزيرة اوتوياه على بعد حوالى اربعين كيلومترا الى غرب العاصمة، فقد دخل برييفيك متنكرا بزي الشرطة الى المخيم زاعما انه يريد التأكد من سلامة التجمع بعد انفجار اوسلو، ثم شرع في اطلاق النار على المشاركين، والقي القبض عليه بعد ذلك، وقالت ستين هاهيم من حزب العمال والتي كانت في الجزيرة عند وقوع الحادث ان المسلح نفذ عمليات القتل بشكل منهجي، واضافت "لقد كان هادئا جد، لم يكن يركض، كان يتحرك ببطء ويطلق النار على كل شخص يراه"، وذكرت الشرطة ان 97 شخصا اصيبوا في الهجمات حيث اصيب 30 في انفجار السيارة المفخخة وسط اوسلو بينما اصيب 67 في عملية اطلاق النار على تجمع الشبيبة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/أيلول/2011 - 12/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م