طعنة في الوجه!!

محمد علي جواد تقي

ببالغ الأسى والأسف وصلني بيان من الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق ينعى فيه الدكتور يلدرم عباس الطبيب الاختصاص في جراحة المخ والجملة العصبية الذي استشهد مساء يوم الاثنين الماضي مع شقيقه برصاصات الحقد والغدر في منطقة (تسعين) وسط مدينة كركوك.

 وبذلك يسقط رقم كبير آخر من رصيد العراق العلمي الثر، ويثأر اعداؤنا لتخلفهم وتفاهتهم وعقدهم النفسية. لكن مرة أخرى لندع ذم الارهابيين والمجرمين ونلتفت الى جماعتنا في السلطة التنفيذية والاجهزة الامنية بالسؤال: ماذا يعني لكم اغتيال هكذا شخصية في العراق وبهذه السهولة؟ بل نسأل قبل هذا؛ ماذا يعني لكم انسان يحمل صفة اختصاص في علم الطب او علم الهندسة او علم القانون او الاقتصاد او حتى الدين او غيرها من العلوم...؟ وهل يمكن ان نقارن بين الجندي الواحد بين آلاف الجنود في ساحة المعركة وبين طيار يقود طائرة مقاتلة؟ نحن نحزن ونأسف لسقوط الجندي الشهيد ونفخر به، لكن حزننا يكون من نوع آخر اذا سمعنا ان الطيار استشهد وهو في قاعدته الجوية وتحطمت طائرته بفعل قصف مباغت.

بالرغم من الحديث الطويل – العريض لنا عن المنجزات الامنية وفرض حالة الاستقرار في هذه المدينة وتلك ومواجهة التحديات و.... لكن هذه المعضلة ظلت قائمة أمامنا وهي ان الجماعات المسلحة والاجرامية، أياً كان انتماءها ودوافعها تجد في معظم الاحيان الاجواء مهيئة لها لتنفيذ جرائمها دون ان تواجه مقاومة او مشكلة تذكر، فلم يصدف ان واجهت جماعة مسلحة خلال تنفيذ جريمتها حُزم نارية من عناصر حماية لمسؤول او شخصية مهمة، إلا اذا كان الهدف هو بالاساس مسلح مثل شخصية عسكرية او موكب لقوات مسلحة.

 وما يثيرني حقاً ان أجد في جميع المنشآت الحكومية من مدارس الابتدائية والعيادات الشعبية وحتى الدوائر الحكومية من بلدية وجنسية وماء ومجاري و... غيرها هنالك شرطي او مقر لـ (قوة حماية المنشآت)، ولم نسمع ان واحدة من هذه المنشآت تعرضت لهجوم مع دعائنا للجميع بالسلامة والامن، لكن ما الذي  يمنع من تخصيص جزء من امكانات وقدرات هذا الصنف الامني في الجانب المادي والبشري، لحماية شخصياتنا العلمية؟

بالتأكيد سيحتج البعض بصعوبة هذه المهمة فالكفاءات العلمية كثيرة، لكن لنسأل عن عدد المسؤولين الحكوميين في بغداد والمحافظات من الدرجة الاولى ثم الثانية والمسؤولين الحزبيين وانصارهم، أين يسكنون وكيف يتحركون في الشارع؟ ولو كان الدكتور المغدور يلدرم عباس احد المسؤولين في الدولة كما هو حال العديد ممن يحملون كفاءات علمية، هل كانت تصله رصاصات الجماعات الارهابية؟ علماً ان العديد من المسؤولين في بغداد والمحافظات من المفترض ان يكونوا بين الناس باستمرار دون خوف او وجل مثل المحافظين وامين عام العاصمة وقادة الشرطة وبقية الدوائر الخدمية، فاعمالهم من والى الشعب.

وربما يكون الناس هم من يوفر غطاء الحماية لهم اذا كانت تربطهم علاقة الودّ والمحبة طبعاً. بينما نجد الدكتور الشهيد وهو من قضاء (داقوق) دفع حياته ثمناً لاياديه البيضاء ومعوناته للمستضعفين من خلال تقديم الخدمات الطبية بالمجان للعديد منهم، وكما يروي مقربين فانه لم يتوان من الخروج ليلاً متحدياً الظروف الامنية السيئة في كركوك لمعاينة مرضى في حالات خطرة.

وهو بذلك يكون قد أوفى بعهده و ولائه للرسول الاكرم والأئمة المعصومين الذين علّمونا كيف نكون عوامل بناء وتقدم في الحياة لا هدم وطغيان وفساد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/أيلول/2011 - 12/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م