كيف غيرت هجمات 11 سبتمبر وجه أمريكا والعالم؟

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: في كل عام تعيش الولايات المتحدة الأمريكية والعالم على ذكرى جديدة لأهم الأحداث التي رافقت الألفية الجديدة، ففي 11/أيلول من عام 2001 ذهل العالم على وقع انهيار العنوان الاقتصادي "برجي التجارة العالمي" واهانة العنوان العسكري "البنتاغون" وكذلك السياسي للولايات المتحدة الأمريكية والتي جرت على أثرها محاربة الإرهاب والقاعدة "المسؤول المباشر عن الهجمات" بقيادة رئيس الولايات المتحدة جورج بوش بعد أن شطر الأخير العالم إلى نصفين "من ليس معن، فهو ضدنا".

وقد تغير العالم كثيراً بعد أحداث سبتمبر، وتحولت الحرب الباردة إلى ساخنة وخطر الإبادة النووية عبر القارات إلى مفخخات وانتحاريين في كل مكان وأصبح العداء للإسلام والمسلمين ظاهراً للعيان كون القاعدة تحت رعاية المتطرفين والمتشددين الإسلاميين، بعد أن أصبحت قضية الإرهاب قضية دولية شملت نارها الجميع، وقد تغيرت خارطة العالم كثيراً "بعد الأحداث" حيث شنت حروب وغزوات وسقط ملوك وحكام وانتهكت حقوق الإنسان واندلعت العديد من الانتفاضات والثورات، كما كتب العديد من الدراسات والكتب والمقالات التحليلية والسردية ذات الطابع المؤيد والمعارض له، بهدف البحث عن الحقيقية الضائعة حتى ولو كانت في نظريات المؤامرة.

11 سبتمبر والثقافة الأمريكية

فلقد كانت لحظة فارقة في العصر الحديث وهي أن حدثا أدى إلى "قلب الامور رأسا على عقب" بحسب التحليل الشهير في ذاك الوقت، وسط سحابة الحزن التي خيمت على البلاد في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول /سبتمبر رأى النقاد والمحللون مستقبلا تجتاح فيه الانفجارات واختطاف الطائرات الاعمال السينمائية في هوليود وأن الافلام الكوميدية وأي مشهد للضحك سيعد من قبيل الاهانة للضحاي، وتصوروا أن البلاد ستبقى موحدة وفي حالة من الوقار إلى الابد، لكن بعد استقراء الامور على مدى عشر سنوات مضت يرى الآن المؤرخون الثقافيون الامور بصورة مختلفة، ربما تكون هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر قد غيرت ثقافة البوب لبضعة أسابيع كما يدفع البروفيسور روبرت طومسون لكن بعد ستة شهور عاد جنون الثقافة الامريكية إلى سابق عهده بكل عنفوانه، ويقول خبير ثقافة البوب الشعبية "في نفس اليوم الذي أحيت فيه شبكة سي بي إس ذكرى مرور ستة أشهر على هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر ببث فيلم وثائقي عن الحدث ردت شبكة فوكس بفيلم يبث للمرة الاولى يلعب فيه الممثل روزي أونيل دور مثلي وبث الفيلم أيضا على شبكة إم تي في، وفي هذا الصدد يقول طومسون "ليس معنى ذلك أن كل شئ عاد كماهو مثلما كان في العاشر من أيلول/سبتمبر، فلقد كانت ضربة زلزلت أرواحنا وهويتن، لقد فقدناالثقة في بلدنا وصار لدينا إحساس أكبر بمدى الخطر الذي يحيق بوضعنا"، ويوضح قائلا إنه في حين أن هذه الحالة من القلق بشأن وجودنا ليست بالامر الجديد بالنسبة لجيل نشأ وهو يواجه خطر الابادة النووية إبان الحرب الباردة إلا أن هذا الحدث الجلل قض مضجع أولئك الذين سلموا بفكرة الهيمنة الامريكية التي تلت سقوط الشيوعية، ومنذ الهجمات فاقم من الاحساس بالضعف انتقال أمريكا من أزمة لاخرى، وكانت بعض هذه الازمات نتيجة مباشرة للحادي عشر من أيلول/سبتمبر بدءا من الازمة الاقتصادية الاولية وانتهاء بالفشل في الحرب في العراق وأفغانستان، وهناك أزمات أخرى تعود إلى تراجع الثقة في قيادة الحكومة بدءا من كيفية مواجهة إعصار كاترينا وانتهاء بالمأزق السياسي الاخير جدا والذي أدى بأقوى دولة في العالم إلى أن تصبح على وشك العجز عن تسديد القروض. بحس وكالة الانباء الالمانية.

ويصف المؤرخ الثقافي جيف ميلنك هذا بأنه يعني التهديد ب"كارثة أبدية" الامر الذي أدى إلى تآكل الثقة في مؤسسات الدولة، وحتى أبطال الحادي عشر من أيلول/سبتمبر ليسوا محصنون ضد ذلك، لعل ذلك يتضح من المسلسل التليفزيوني "رسكيو مي" أي "انقذني" الذي أذيع لاول مرة في 2004 وهو من تمثيل دينس ليري حيث يلعب فيه دور رجل إطفاء يميل إلى العنف و سكير وعصبي المزاج ومراوغ يؤرقه مقتل زملائه أثناء هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر لكنه رغم ذلك تغمره السعادة وهو يستغل عمله البطولي في جذب النساء وجني المال، وعلى خلاف أفلام الكوارث في السينما الامريكية فإن هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر بدت أنها كان لها تأثير عكسي، إذ يقول طومسون "كوننا شاهدنا هذه الهجمات على شاشات التليفزيون" فإن هذا صعب الامر على صناع السينما حيث تعين على المرء أن يعرض انفجارات أكثر ضخامة وتكلفة وهذا بدوره جعلنا نشعر بصدمة أكبر"، وبحسب ميلنك فإنه على الصعيد الثقافي الاوسع فإن أحد أكثر الاثار المستمرة "لهذه الهجمات كما صورتها السينما الامريكية" هو تصاعد الشعور بالعداء للمسلمين حيث جرى تصويرهم على أنهم "إناس ذو وجوه عابسة" يمثلون خطرا على أسلوب الحياة الامريكي، كما ساهمت هذه الهجمات في دفع المجتمع إلى العصر الرقمي، فقد جرى تضخيم الرعب الذي صاحب التجربة بصورة هائلة لان ملايين كثيرة من الاشخاص شاهدوها على الهواء مباشرة على شاشات التليفزيون، وكانت الهجمات أحد أول الاحداث الجماهيرية التي دفعت الناس إلى تسجيل مدوناتهم وتحميل الصور والتعليقات على الانترنت مما حول الحدث الرهيب إلى أول كارثة للتواصل الاجتماعي، وقالت مجلة الكترونية إن هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر هي التي تولدت منها فكرة المدونات كوسيلة تعبير جماهيرية.

من بوش الى اوباما

من جهته وعندما وصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى البيت الأبيض كانت هناك الكثير من الآمال بحدوث تغيير في سياسة البلاد الخارجية، وكان متوقعا أن يتحول الحديث عن التعذيب والحرب وكذلك الخطاب الإمبراطوري ذي العبارات الرنانة إلى إرث من الماضي ولت أيامه مع تقلد خليفة جورج دبليو بوش لمنصب الرئاسة، وبعد مرور أكثر من عامين، يرى البعض أن جل ما حدث هو تغيير ظاهري اقتصر على الاسلوب فقط، وكان الدخان لا يزال يتصاعد من جبل الأنقاض والركام في موقع برجي مركز التجارة العالمي "جراوند زيرو" في مانهاتن يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 ، عندما وقف بوش الذي كان رئيس الولايات المتحدة وقتها ليعلن بدء حملة مطاردة للرؤوس المدبرة لأسوأ عمل إرهابي يقع على التراب الأمريكي، على الإطلاق، وبعد ستة أيام من الهجوم ، قال بوش، إن أسامة بن لادن مطلوب "حيا أو ميتا"، وبعد عشر سنوات تقريبا، تعين على أوباما أن يتخذ قرارا أكثر جرأة ليفصل بشكل نهائي في مصير بن لادن، لقد اختاره "ميتا" بدلا من القبض عليه "حيا"، لقد طوى أوباما بشكل أو بآخر، صفحة حقبة الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، بإعلان مقتل بن لادن على يد مجموعة من عناصر القوات البحرية الخاصة في باكستان، وقال "لقد تحققت العدالة"، غير أن نشطاء حقوق الإنسان، لا يكادون يصدقون آذانهم، كيف لخبير قانوني فائز بجائزة نوبل للسلام أن يعطي الضوء الأخضر لإعدام رجل دون محاكمته؟، ويعتقد النقاد أن لديهم الإجابة المفسرة لهذا التعجب، إن أوباما يقود الحرب ضد الإرهاب في الكثير من النواحي، بل بأسلوب أكثر قسوة من سابقه، وقال أنطوني جورجي، من مؤسسة "إندبندنت إنستيتيوت" البحثية، "لدينا الآن بوش آخر"، وتبدو هذه بمثابة إهانة بالنسبة للحزب الديمقراطي الذي يتزعمه أوبام، فبوش الجمهوري في النهاية نفخ بوق الحرب في العراق وأفغانستان، وهو الذي أقام مركز اعتقال للمشتبه بهم بإرتكاب أعمال إرهابية، في جوانتانامو بكوبا، وهو أيضا من صرح بمحاكمة المشتبه بهم في قضايا إرهابية في محاكم خاصة والذي أجاز التعذيب في السجون الخاصة، ويقول الديمقراطيون إن خلفه، ينهي الحروب الآن، ويمد يده للعالم الإسلامي ويدافع صراحة عن حقوق الإنسان في العالم .

يقول خبير الإستراتيجيات السياسية روبرت كريمر، " لقد أستعاد أوباما لأمريكا مكانتها في العالم"، ويبقى صحيحا أن الخطاب الأمريكي الرسمي تغير، فلا وجود لجملة بوش الشهيرة "الحرب العالمية على الإرهاب" والتي يبدو أنها كانت أساس برنامج إدارته للسياسة الأمنية، بل حديث عن مهمة عالمية مشتركة للدفاع عن العالم في وجه التهديدات، ويستشهد الديمقراطيون بالعملية العسكرية في ليبيا كنموذج، والتي رفض أوباما وبشكل قاطع أن تلعب الولايات المتحدة فيها دورا قياديا، ويقولون إنه في عهد بوش لم يكن هناك وجود لتلك التعددية، غير أن أسلوب إدارة أوباما الاكثر هدوءا غالبا ما يتناقض مع الحقائق، فتلك الإدارة لا تحظر التعذيب، لكنها تحول دون ملاحقة المتورطين في هذا "الفصل القبيح من التاريخ الأمريكي" كما صاغتها "واشنطن بوست" مؤخر، الحكومة الامريكية الحالية تنتقد معتقل جوانتانامو، لكن مع كل وعودها بإغلاقه، لا يزال قائم، وتحدثت تلك الإدارة كثيرا عن حقوق الإنسان لكنها تقتل المشتبه بهم دون محاكمات، وحتى المواطنين الامريكيين أمثال الداعية أيمن العولقي لا تغطيهم مظلة الحماية القانونية بمجرد أن تضاف أسمائهم لقائمة المطلوبين، ويلاحق أوباما العولقي "الذي بات على رأس قائمة الارهابيين المطلوبين في الولايات المتحدة" كظله بمقاتلات بدون طيار وعناصر قوات خاصة تعمل متخفية ويبدو أنه مستعد للذهاب لأبعد مما ذهب إليه سلفه بكثير في هذا الشأن، ففي عام 2010 وحده نفذت طائرات أمريكية بدون طيار 118 عملية إسقاط قنابل على مشتبه بهم في باكستان، بحسب معهد "نيو أمريكا فاونديشن"إن.ايه.إف" البحثي، وفي عام 2008 أي قبل تولي أوباما بعام واحد لم يتجاوز عدد الهجمات المماثلة 33 عملية، لقد حصدت هذه الغارات في ظل القيادة الجديدة، أرواح 1700 شخص، وهو ما يعادل عشرة أضعاف الضحايا الذين سقطوا إبان عهد سلفه، حسبما يفيد معهد نيو أمريكا فاونديشن "إن.ايه.إف"، وعلاوة علي ذلك فإن من بين هذا العدد الكبير من الضحايا لم يكن هناك سوى 21 مسلحا حقيقيا، أما باقي الضحايا فكانوا مدنيين أبرياء وأسر بسيطة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

ولأن الولايات المتحدة تعتبر تلك الغارات رسميا جزءا من حربها ضد شبكة القاعدة الإرهابية، فإن الكونجرس الأمريكي ليس له سلطان على تلك الهجمات تقريبا، مثلما هو الحال تماما مع عمليات القتل المستهدفة التي تنفذها القوات الخاصة، ومن ثم يستطيع أوباما ووكالة المخابرات المركزية الامريكية تحت إدارته أن يشنا حروبهما الصامتة دون رقيب تقريبا حتى في دول مثل اليمن والصومال، ويقول روس داوثات وهو كاتب في صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه عندما يحين الوقت كي يقوم المؤرخون بتقييم التاريخ الأمريكي بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، ستواجههم مشكلة في الحديث عن السياسات الخارجية التي انتهجها كل من بوش وأوباما بشكل منفصل، وكتب داوثات "بالنسبة لمعظم الديمقراطيين، فإن تلك التصرفات التي كانت توصف بأنها فاشية بغيضة في عهد بوش، تحولت إلى شعور طيب بالمسؤولية له نكهة الماضي، لمجرد أن الرئيس ديمقراطي التوجه"، لكن الخيارات أمامهم محدودة في واقع الأمر، لقد قالها زعيمهم اوباما واضحة "لقد وضعنا القاعدة على طريق الهزيمة، ولن نتوانى عن مهمتنا حتى نتمها".

إسرائيل وراء 11 ســبتمـبر

في سياق متصل كتب احد المهتمين في احداث سبتمبر وعلاقى اسرائيل بها قائلاً "لم أكن يوماً من المؤمنين بنظرية المؤامرة، على الرغم من كثرة الاسئلة المحيطة التي تحتاج الى اجوبة، وفي عام 2003 تفحصت كلاً من الرواية الرسمية لأحداث 11 سبتمبر والعديد من نظريات المؤامرة المتعلقة بها، وكان كل همي التركيز على من المستفيد من هذه الأحداث، فخلصت إلى نتيجة مفادها انها اسرائيل، وفي يناير 2010 كررت الحقيقة التي تؤكد أنه لولا أحداث 11 سبتمبر لما كان هناك مسوغ لغزو افغانستان، ومن ثم حرب الرئيس جورج بوش الابن على «الإرهاب»، في افغانستان والعراق، وكانت الحرب ضد «القاعدة» وابن لادن انذاراً بغزو العراق، كما أن العلاقة الملفقة بين العراق والقاعدة قدمت العذر لغزو العراق، وفي مقالة بعنوان «إعادة طرح 11 سبتمبر»، قمت بايجاز 21 سؤالاً قام بطرحها الكاتب ديفيد راي غريفين، في كتابه الذي يحمل عنوان «الرواية الجديدة لبيرل هاربر»، وأشار غرفين في عمله هذا، بجلاء لايقبل اي لبس، الى اشتمال الرواية الرسمية لـ11 سبتمبر على كذب لا يرقى إليه الشك، ومنذ أن اعلن بوش الابن حرب اميركا على الارهاب كانت لدينا اسباب قوية كي نتساءل عن صدقية العديد من الحروب التي شنتها اميرك، ويأتي الدليل الحقيقي على من هو الارهابي الحقيقي في العديد من الدراسات التي اجريت عن أدوار إسرائيل التي لعبتها منذ تأسيسها قبل ستة عقود حتى 11 سبتمبر، وهناك فيلم فيديو وثائقي من انتاج بريطاني عام 2002 بعنوان «عصر الارهاب» يتفحص عملية تفجير فندق الملك داوود في القدس في 22 يوليو عام 1946 من قبل العصابات الصهيونية.

وكان الجناح الجنوبي للفندق الذي كانت تشغله في حينه السلطات المدنية للجيش البريطاني، قد تعرض للقصف، ما ادى الى مقتل 91 شخصاً، 28 من الجنسية البريطانية، و41 من العرب، في حين أن 17 من اليهود، وكانت العصابة التي نفذت الهجوم تعرف باسم ارغون ويقودها رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق مناحيم بيغن، وكان تفجير فندق الملك داوود عملا ارهابيا، واعتبر على نطاق واسع اول عمل ارهابي حقيقي في القرن العشرين، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن، انخرط الصهاينة بمشاركة وتدبير جهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) في عدد من الاعمال الارهابية ضد ما يعتبرونه اعداء اسرائيل، يفوق ما قام به الارهابيون المشهورون في العالم، وفي يناير من العام الجاري، نُشر مقال لصحافي التحقيقات، والكاتب الشهير المقيم في واشنطن العاصمة وان ماديسون، تحدث عن الرواية الرسمية لـ11 سبتبمر، وطعن في صدقيته، وكشف ماديسون عن أن «المخابرات البريطانية ذكرت في فبراير 2002 أن الموساد الاسرائيلي كان يدير الخلايا التي اعتبرتها حكومة الولايات المتحدة مسؤولة عن تنفيذ هجمات 11 سبتمبر، إذ تم تنفيذ هجمات جوية على مركز التجارة العالمية وعلى «البنتاغون»، وكان ماديسون قد تلقى تفاصيل التقرير البريطاني الذي عملت حكومة رئيس الوزراء السابق توني بلير على اخفائه وحظر نشره»، ويمكن قراءة مقالة ماديسون التي تكشف عن المؤامرة الحقيقية على الانترنت، وعلق ماديسون في مقالته بأن 11 سبتمبر أثارت اعجاب رئيس الحكومة الاسرائيلي الحالي، الذي كان حينها وزيراً للمالية بنيامين نتنياهو الذي علق على حادثة 11 سبتمبر بعد وقت قصير من ظهورها على التلفزيون الاميركي بالقول «انه امر جيد جداً»، ويتضح الآن أن الموساد هو العقل المدبر لـ11سبتمبر، وبات من الثابت الآن ان المحافظين الجدد في إدارة بوش الابن وانصار اسرائيل في الادارة الاميركية بمن فيهم وليام كريستول، ريتشارد بيرل، اري فلايشر، بول وولفويتز، وايليوت ابرامز، ودوغلاس فيث كانوا جميعا مسؤولين عن توريط اميركا في الحرب على العراق، والآن بعد عقد من غزو افغانستان والاستمرار في لعبة حماية اسرائيل في الشرق الاوسط، باتت اميركا على شفير الافلاس، فقد عمدت اسرائيل الى افلاسها تقريباً، أما ما بقي من اموالها فأخذه الصينيون".

التعرف على ضحايا

من جهة اخرى وفي مختبر بوسط حي منهاتن لا يزال خبراء الطب الشرعي يعكفون بعد مرور عشر سنوات على اعتداءات 11 سبتمبر على التعرف على هوية ضحايا هذه الاعتداءات الذين لم يتم التعرف على نحو 40% منهم حتى الآن، وتقول الدكتورة ميتشذيلد برينتس مديرة ادارة الطب الشرعي في مدينة نيويورك، "ليس لدينا اي التزام قانوني" بإجراء عملية التحقق من هوية الضحايا "لانهم جميعا لديهم شهادة وفاة"، وحتى اليوم حدد الاطباء الشرعيون هوية 1628 من 2753 شخصا قتلوا في احداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك اي 59% من الضحاي، واذا كانت عملية تحديد الضحايا سريعة وسهلة في البداية مع استخدام الوسائل التقليدية مثل بصمات الاصابع والاسنان وحتى الصور الا انها اصبحت اكثر تعقيدا مع مرور الوقت حيث لم يتم تحديد هوية 1100 ضحية حتى الان، واوضحت برينتس وهي طبيبة المانية تعمل في ادارة الطب الشرعي في نيويورك "جمعنا 21817 قطعة من الاشلاء البشرية"، وبسبب حساسية هذه المهمة فإن القاعات التي يعملون فيها محظور دخولها على الصحفيين، والطريقة الوحيدة لمراقبة عملهم هي من خلال باب زجاجي، وفي غرفة أخرى يمكن دخولها يقوم رجل آلي بتطهير الاشلاء قبل ان يؤخذ منها الحمض الريبي النووي (الدي.ان.ايه) لمقارنته مع بنك المعلومات المقدم من اسر الضحاي، ويروي خبير علم الاجرام تايلور ديكرسون الذي يشرف على الاطباء الشرعيين "اتذكر حالة منذ بضع سنوات وهي لقطعة عظم صغيرة عثر عليها على سطح مبنى دويتش بنك (القريب من مكان البرجين) تمكنا من خلالها من تحديد هوية شخص كان يعمل في الوورلد تريد سنتر"، الا انه في معظم الاحيان فان البقايا التي يوجد لها حمض نووي هي لاشخاص تم التعرف عليهم بالفعل من خلال اجزاء اخرى من اجسادهم كما يؤكد هذا الخبير البالغ الثلاثين من العمر، ومن ثم فانه منذ 2006 لم يتسن التعرف سوى على 31 شخصا بينهم اثنان في العامين الماضيين، واعترفت برينتس بان "احد اوجه الاختلاف بين هذا العمل وبين عملنا الاخر كخبراء جريمة هو العلاقة التي تربطنا بالاسر"، والى جانبها يضيف تايلور ديكرسون "اهم شيء بالنسبة لي هو ادراك تاثير عملنا على هذه الاسر وعلى مجتمع الاطباء الشرعيين". بحسب فرانس برس.

تطور الجيش الاميركي

الى ذلك يواجه الجيش الاميركي بعد 11 ايلول (سبتمبر) تحولات جذرية تحت ضغط الميليشيات المسلحة التي لم يكن معدا لقتالها، وعلى الرغم من زيادة ضخمة في ميزانيته فانه بات منهكا بعد عشر سنوات من الحرب، ومع اضطراره الى مطاردة المقاتلين المتطرفين وقيامه باجتياح العراق ومكافحته متمردي العراق ومقاتلي طالبان في افغانستان، دخل الجيش الاميركي في عهد جديد بعد انهيار برجي المركز التجارة العالمي في نيويورك، واظهرت الالة العسكرية الاميركية اولا قوة ضاربة، فقد اطاحت بنظام طالبان خلال شهر وبصدام خلال ثلاثة اسابيع، لكن سرعان ما وجد الجنود الاميركيون انفسهم في مواجهة قتال اشد ضراوة، التمرد، والجيش الاميركي في مطلع العقد الاول من سنوات الالفين كان قد نسي دروس حرب فيتنام كما شكل قوة مبنية بشكل اساسي على الانماط القتالية التقليدية، الا ان الولايات المتحدة ارتكبت خطأ في منح "ثقة مبالغ فيها في فعالية التكنولوجيا الفائقة التطور في مواجهة بدائية العدو"، بحسب السفير الاميركي السابق جيمس دوبينز، وقال هذا الخبير في مركز راند للابحاث "عام 2002، كانت اعداد الجنود الاميركيين في افغانستان تبلغ حوالى 10 الاف وخطط البنتاغون للعراق كانت تنص إبقاء 30 الف جندي في ايلول(سبتمبر) 2003"، وكان من غير الوارد حينها الانطلاق في مهمة الاعمار، وأرغم الاميركيون على اعادة تعلم كيفية محاربة التمرد بعد ان دفعوا ثمنا باهظا، متابعين في الوقت عينه تعقب المقاتلين المتشددين بمساعدة اجهزة الاستخبارات التي يزداد طابعها العسكري شيئا فشيئا ومستخدمين سلاحا جديد، وبعد عشر سنوات على 11 ايلول(سبتمبر)، لا يزال 100 الف عسكري منتشرين في افغانستان وقرابة الـ50 الفا في العراق، وبنفقات ضخمة. بحسب فرانس برس.

كذلك الحال بالنسبة للخسائر البشرية التي يتكبدها الاميركيون، منذ العام 2001، بلغت كلفة الحرب الأميركية على الارهاب والعمليات العسكرية في افغانستان والعراق 1283 مليار دولار بحسب تقرير لقسم الابحاث في الكونغرس، وقتل اكثر من 6 الاف عسكري اميركي وجرح اكثر من 45 الفا اخرين، وقد تصل كلفة معالجة الجرحى من المقاتلين القدامى الى الف مليار دولار خلال السنوات الاربعين المقبلة بحسب دراسة لجامعة براون، وثلثا المحاربين القدامى البالغ عددهم 1،25 مليون محارب والذين تم نشر العديد منهم مرات عدة في مناطق مختلفة في العراق وافغانستان، يعانون من جروح غير مرئية مثل الاضطرابات النفسية ما بعد الصدمة، كما انهم مصابون بدرجات متفاوتة بمشاكل نفسية، وقد وصل عدد حالات الانتحار الى مستويات قياسية، لا شك في ان ميزانية الكونغرس تضاعفت لكن عدد السفن والغواصات تراجع بنسبة 10% وعدد الجنود الذين يتولون قيادة مقاتلات وقاذفات قنابل تراجع الى النصف، واعتبر لورنس كورب الخبير في مركز التقدم الاميركي ان الجنود الاميركيين المنتشرين في صحارى العراق وجبال افغانستان "لم يكن لديهم الوقت ليتدربوا" على خوض حرب تقليدية، وقال من جانبه ستيفن بيدل من مجلس العلاقات الخارجية "لا مفر من رد فعل عنيف حالما تنتهي هذه الحملات" العسكرية، وما هو اخطر من ذلك براي بيدل هو ان الجيش بات منهك، وقال "هناك حد فاصل، لا احد يعلم اين مكانه ولا يبدو انه تم بلوغه، لكن هذه مؤسسة منهكة للغاية، ثمة حدود لا يمكن تخطيها"، ويبدو ان وزير الدفاع السابق روبرت غيتس فهم هذا المعطى، ففي شباط(فبراير)، وقبل اشهر قليلة من مغادرة مهامه، حذر قائلا "اي وزير دفاع ينصح في المستقبل الرئيس بارسال قوة كبيرة الى اسيا او الشرق الاوسط او افريقيا يجب ان يخضع لفحص دماغ.

هجمات أعنف

فيما قال أحد الحراس الشخصيين لزعيم "القاعدة" الراحل أسامة بن لادن ان التنظيم يعيد تنظيم نفسه وقد يشن هجمات أكثر خطورة من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، وأوضح الحارس الشخصي السابق ناصر البحري في مقابلة مع هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية "NHK" لم تكشف عن مكان اجرائها ان تنظيم "القاعدة" ضعُف بعد مقتل بن لادن في أيار/مايو، ولكنه يعيد تنظيم صفوفه ومن المحتمل أن يستعيد قوته، وأضاف ان "القاعدة" قد تنفذ بعد استعادة تنظيمها هجمات أكثر خطورة من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، وقال ان الجماعات المتشددة التي كانت تتلقى التدريب العسكري في أفغانستان عادت إلى بلادها على مدى السنوات العشر الماضية، وأضاف ان هذه الجماعات تقود الآن التنظيمات المحلية للقاعدة وتعزز التعاون فيما بينه، ويشار إلى ان قوة أميركية خاصة تمكنت من قتل بن لادن في مدينة آبوت آباد الباكستانية في أوائل أيار/مايو الماضي، ويقال ان الرجل الثاني في التنظيم أيمن الظواهري خلفه في القيادة. بحسب يونايتد برس.

من الرابح بعد عقد

من جانبها وبعد عشرة اعوام على اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001، ما زالت الولايات المتحدة تسعى للتصدي لنتائجها بتورطها في حربين مكلفتين وفقدانها الى الابد الوهم بانها قوة عظمى لا تهاجم، وقتل اسامة بن لادن في نهاية المطاف في ايار/مايو الماضي لكن حصيلة "الحرب عهلى الارهاب" تبقى كبيرة جدا للولايات المتحدة، فما زال مئة الف جندي اميركي ينتشرون في افغانستان، وقتل حوالى 7500 عسكري اميركي او من القوات الحليفة في هذه الحرب او في العراق، وهما نزاعان تم تمويلهما بقروض ساهمت في تفاقم الدين الاميركي، فهل انتصر بن لادن في معركته ضد اميركا؟ وهل انهت اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر البسيطة في طريقة تنفيذها، قرنا من الهيمنة الاميركية؟، وفي الامد القصير، يبدو الرد على السؤالين ايجابي، ففي العاشر من ايلول/سبتمبر 2001، كانت الولايات المتحدة القوة العالمية العظمى بلا منازع، وكان وضعها المالي في افضل حالاته بعد سنوات من النمو والتفاؤل المهيمن، وصبيحة اليوم التالي في 11 ايلول/سبتمبر، شهد العالم انهيار برجي مانهاتن والهجوم على مقر وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) بينما تحطمت الطائرة الرابعة التي اختطفها انتحاريو القاعدة في حقل في بنسلفانيا بينما كانت في طريقها الى واشنطن، وقامت اربع طائرات خطفها 19 شخصا باستهداف الرموز الاقتصادية والسياسية والعسكرية للقوة الاميركية العظمى في وقت واحد، ومساء الحادي عشر من ايلول/سبتمبر كان عدد القتلى حوالى ثلاثة آلاف شخص بينما فقد الاميركيون الشعور بالامان داخل حدودهم، وقال المؤرخ السياسي في جامعة برينستن جوليان زيليزر "كان هذا انتصارا كبيرا لبن لادن"، واضاف "كعمل ارهابي او اجرامي، كان ذلك نجاحا، وكشف مليون ثغرة في نظام الامن القومي وشكل كارثة على البلاد، على الصعيد النفسي وفي الخسائر البشرية"، ويرى محللون ان القرار الاميركي بشن حرب على الارهاب فورا ادى الى نتائج كارثية اسوأ من الاعتداءات بحد ذاته، وقال المحلل ديفيد روثكوبف من منظمة كارنيغي للسلام "في لحظة ما نجمت عن اصابة بضغط نفسي اعقب صدمة الكارثة، وافقت الولايات المتحدة على كل ردود الفعل المبالغ بها لادارة الرئيس (جورج) بوش"، واضاف ان "هذا وجه رسالة هلع ورد فعل مبالغ فيه ودفعنا الى المساومة على قيمنا وفي نهاية المطاف الحق ذلك ضررا بالولايات المتحدة اكبر من ذاك الذي سببه بن لادن". بحسب فرانس برس.

وتابع "هذا هو هدف الارهاب، التحرك على امل ان يؤدي ذلك الى رد من العدو يسبب اضرارا اكبر من تلك الناجمة عن العمل الاول"، وكان بوش تعهد في خطاب امام الكونغرس بالا ينعم الارهابيون بالراحة بعد الآن، ووجه نداء الى العالم قال فيه "اما انكم معنا او انكم مع الارهابيين"، وتلت ذلك عشر سنوات في المستنقع الافغاني، وغزو للعراق ابعد واشنطن عن حلفائها، واساءة معاملة معتقلين في سجن ابو غريب في العراق اضرت بصورة الولايات المتحدة، كما الحقت عمليات الاستجواب القاسية لاشخاص يشتبه بتورطهم في الارهاب واحتجاز "مقاتلين اعداء" في معتقل غوانتانامو، لا تعرف الطبقة السياسية في الولايات المتحدة اليوم ماذا ستفعل بهم، ضررا ببعض المبادىء الاساسية للدستور الاميركي، وادت الديون التي بلغت مليارات الدولارات بسبب الحربين الاميركيتين الى تفاقم الازمة الاقتصادية، لكن على الامد البعيد، تبدو آراء المؤرخين في نتائج اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر اكثر اعتدال، فالنظام السياسي الديموقراطي الاميركي نجا وان كان البعض يتهمون قانون الامن الوطني "باتريوت اكت" بالمساس بالحريات، واصبحت اميركا بالتأكيد اكثر امانا عبر تعزيز الامن الجوي واصلاح اجهزة الاستخبارات، وتم احباط مؤامرات كثيرة ولم يقع اي اعتداء ارهابي كبير على الاراضي الاميركية، وبعد عشر سنوات لم تتحقق على ارض الواقع احلام الجهاد الدولي التي كانت تراود بن لادن، وقال جوليان زيليزير "لم يبد كزعيم دولي، لقد قتل، والربيع العربي وجه رسالة مفادها ان الاصولية الاسلامية ليست الرغبة الوحيدة لشعوب هذه المنطقة"، وبعد عشر سنوات من "الحرب على الارهاب" قد لا يكون الارهاب هو التهديد لامن ومكانة القوة الاميركية العظمى، ورأى روثكوبف ان "11 ايلول/سبتمبر حدث مهم لكنه ليس سبب التغييرات الجيوسياسية والجيواقتصادية الكبرى"، واضاف ان الصعود الاقتصادي والدبلوماسي والاستراتيجي للصين والهند وحتى البرازيل سيؤدي الى تقليص القوة الاميركية العظمى، اكثر مما فعل بن لادن، كل هذا بدون نسيان الدين العام والبطالة والشيخوخة، التي تشكل كلها تهديدات للتفوق الغربي.

الحريته مقابل الأمن

من جانب اخر أدى تعزيز الإجراءات الأمنية بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) في الولايات المتحدة مصحوبا بالموافقة الضمنية على التعذيب ورد الفعل الناقم على المسلمين إلى جعل المجتمع الأمريكي أقل حرية مما كان عليه قبل عشرة أعوام، بحسب الخبراء، ويبدو أن تآكل القيم الأمريكية الأساسية والتكاليف الهائلة للأمن الداخلي التي تضاف إليها حربان في أفغانستان والعراق سمحت للقاعدة بتحقيق بعض أهدافه، لكن أغلبية الأمريكيين لا تبدو ممتعضة من الأمر، ففي استطلاعات الرأي أعربت أكثرية منهم عن استعدادها للتنازل عن بعض الحقوق المدنية مقابل بلاد أكثر أمانا، فيما اعتبر ربعهم بالكاد أن تعذيب المشتبهين بالإرهاب ليس مبررا في أي حال كان، وقالت مستشارة منظمة هيومن رايتس ووتش اندريا بارسو ''أجاب عدد من الأشخاص بإيجاب حازم جدا لأنهم يعتبرون أن إجراءات على غرار التنصت من دون تفويض لا تحدث إلا مع الآخرين''، وتابعت ''التاريخ أثبت أن هذا ليس صحيح، فما إن تملك الحكومة صلاحية لا تتخلى عنها على الإطلاق''، وقال مستشار منظمة حقوق الإنسان النافذة ''آي سي إل يو'' مايكل جيرمان ''إن هذه التعديات لا تقتصر على الحريات الشخصية لأفراد يتهمون ظلما بل أيضا على دولة القانون'' بسبب ''استخدام مفرط للسرية''، ويدرس الكونجرس مشروع قانون يجيز احتجازا غير محدود من دون محاكمة، وهي مسألة كانت لتبدو قبل 11 أيلول (سبتمبر) من وحي الخيال وكذلك موافقة رئيس أمريكي على تقنية ''الإيهام بالغرق'' وغيرها من وسائل ''الاستجواب القاسي'' التي يعتبرها البعض من صنوف التعذيب، وقالت براسو ''لم تكن الولايات المتحدة بلغت تلك المرحلة قبل عشر سنوات، لعبت دور قائد غير مثالي لكنه قائد في تعزيز حقوق الإنسان''، وأضافت ''يسعى الإرهابيون إلى تغيير بلاد أو شعب، وهذا ما يحصل''. بحسب فرانس برس.

وقال بن فيزنر من ''إي سي إل يو'' إن الرد غير متناسق مع التهديد نظرا إلى قلة الهجمات على الأراضي الامريكية منذ 11 أيلول (سبتمبر)، وأضاف أن الأكثر فتكا بينها كان هجوم فورت هود بتكساس عام 2009 وأسفر عن مقتل 14 شخصا وجرح 29، وهي حصيلة لا يمكن مقارنتها بنحو 30 ألف قتيل يسقطون في حوادث السير سنوي، وقال فيزنر ''إنه تهديد حقيقي لكنه لا يهدد وجودنا''، وتابع ''لكننا نتعاطى معه وكانه الحرب العالمية الأولى''، واستدعت الحرب على الإرهاب تعزيزا غير مسبوق لمراقبة البريد الإلكتروني والاتصالات الهاتفية والتحويلات المالية لمواطنين أمريكيين وأجانب وتخزينها في قواعد بيانات هائلة، غير أن المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي إي أيه) رون ماركس أكد أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لا مفر منها، وهو اليوم خبير في مؤسسة الأمن الداخلي في جامعة جورج واشنطن، وقال محذرا ''لا عودة إلى ما قبل 11 أيلول (سبتمبر)، فالجني خرج من القمقم''، وتابع ''سنضطر إلى مضاعفة انتهاك الخصوصية''، وأوضح أن ''الهجمات شكلت صدمة لجميع الأمريكيين، المشكلة هي أن الحكومة استخدمت مع الأمريكيين أدوات طورت منذ سنوات لتستهدف أعداء'' البلاد ووجهت بشكل خاص ضد المسلمين والمهاجرين، على حد قوله، كما أعرب ماركس عن ''القلق حيال نظرة الجمهوري''، مشيرا إلى ''فقدان المرونة'' تجاه الأفكار المختلفة والحذر العميق من المسلمين، وقال مدير مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في ميتشيغن داود وليد إن الكثير من المسؤولين الجمهوريين يستغلون هذا الحذر ''كاستراتيجية حملتهم''، وأضاف أن ''الخطاب السياسي صار مناهضا للإسلام بشكل صريح وبات جزء كبير من الشعب يتقبله''، مؤكدا أن ''هذا الأمر مخيف''.

ما زالت تدفع الثمن

على صعيد مختلف حيث قتل أسامة بن لادن قبل أن يحقق هدفه باستنزاف الولايات المتحدة اقتصاديا حتى "إفلاسها"، لكن بعد عشر سنوات على اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، ما زالت الولايات المتحدة تدفع ثمن هذه الهجمات، فمن أفغانستان في تشرين الأول (أكتوبر) 2001 إلى العراق في آذار(مارس) 2003، أرسل جورج بوش الرئيس الأمريكي السابق باسم الحرب على الإرهاب، الجيش الأمريكي إلى جبهتين بقي فيهما لفترة طويلة ما زاد ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بشكل كبير، وخلال بضع سنوات ارتفعت حصة وزارة الدفاع من النفقات الفيدرالية من 16 في المائة إلى 20 في المائة، ومدد الرئيس باراك أوباما المهمات المكلفة التي أوكلها سلفه إلى الجيش، ولم يتعلق الأمر بالعراق وأفغانستان فقط، فالتهديد الإرهابي سمح للبنتاغون بالإبقاء على برامج أمنية موروثة عن الحرب الباردة وبإطلاق برامج أخرى عديدة بنتائج واضحة إلى حد م، وذكر الخبير الدفاعي في مؤسسة نيو أميركا، وليام هارتونغ أن "الميزانيات التي اقترحتها السلطة التنفيذية كانت كبيرة جدا والكونجرس أضاف إليها بنودا في معظم الأحيان"، وبحربين بلا تمويل مع تخفيضات ضريبية، أدى هذا المزيج في عهد بوش إلى زيادة الدين العام قبل أن يؤدي تطبيق إجراءات بعد 2007 لمكافحة الأزمة الاقتصادية والمالية ولإنعاش النشاط إلى تفاقم الوضع المالي، وكان زعيم تنظيم القاعدة قال في شريط فيديو تم بثه في آذار (مارس) 2004 أنه يتبع مع الولايات المتحدة الوسائل نفسها التي طبقها المجاهدون "الذين كانت واشنطن تمولهم آنذاك" ضد السوفيات خلال الحرب في أفغانستان، وأكد "سنواصل هذه الاستراتيجية لاستنزاف أمريكا حتى إفلاسها"، وعلى الأمد القصير، بلغت كلفة الاعتداءات على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وحدها نحو 100 مليار دولار، بحسب معهد التحليلات للأمن الشامل، وتشمل الوظائف المفقودة والعائدات الضريبية التي تبخرت والدمار وأعمال التنظيف، وأضاف المركز أن كلفة إعادة الإعمار في موقع البرجين تقدر بين ثلاثة مليارات و4،5 مليار دولار، بينما كلف إصلاح الأضرار في مبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مليار دولار، وبالنسبة للولايات المتحدة، كانت الكلفة المالية للرد على الاعتداءات أكبر بكثير من كلفة الاعتداءات بحد ذاتها. بحسب فرانس برس.

وقال معهد الأبحاث حول العلاقات الدولية في جامعة براون يونيفر سيتي إن كلفة الحربين في العراق وأفغانستان تتراوح بين 3200 وأربعة آلاف مليار دولار على الدولة الفيدرالية، ويمثل هذا المبلغ بين 40 و49 في المائة من الدين العام الذي ارتفع من نحو 6800 مليار دولار في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 إلى أكثر من 14 ألف مليار اليوم، ورأى الاقتصادي راين ادواردز في دراسة نشرت في حزيران (يونيو) أنه لولا الحرب، لكانت نسبة الدين العام لإجمالي الناتج الداخلي أقل بتسع أو عشر نقاط مما هي عليه اليوم حيث ارتفعت نحو 100 في المائة، وأضاف أن "نفقات الحرب هي إجراءات إنعاش إلى حد ما لكن عندما تمول بعجز وقروض، تصبح فوائدها لا تستحق كل هذه الكلفة"، وذهب الاقتصاديان ليندا بيلمس وجوزف ستيغليتز أبعد من ذلك بتأكيدهما أن حالة الهلع المالي في 2008 في أوج أزمة الدين العقاري الأمريكية "نجمت جزئيا على الأقل عن الحرب"، وفي مقال نشر في 2010، أكدا أن الحرب ونتائجها وخصوصا ارتفاع أسعار النفط عوامل استنزفت من الولايات المتحدة مبالغ هائلة كان يمكن إنفاقها لضمان تنمية مناسبة في البلاد وخصوصا عن طريق التعليم، من جهته، أكد لورن تومسن المدير العامل للمكتب الاستشاري لصناعات الدفاع "سورسز اسوشييتس" أن "المبالغ التي أنفقت لشراء أسلحة شهدت ارتفاعا هائلة منذ عشر سنوات، والصناعة استفادت من ذلك"، لكن هذا لا ينطبق على ميزانية الدولة الفيدرالية التي أصبحت في حالة عجز دائم بعدما كانت قريبة من التوازن عند وقوع اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر)، والمفارقة هي أن أعلى ضابط في الجيش الأميركي الأميرال مايكل مولن وصف الدين العام بانه "اكبر تهديد للأمن القومي"، وقال هارتونغ إن "الحرب في العراق التي لا علاقة لها بالإرهاب، كلفت مبلغا هائلا للتخلص من ديكتاتور، وبينما مولت الولايات المتحدة في الماضي الحروب بزيادة الضرائب جزئيا، أطلقت هذه الحرب بالتزامن مع خفض الضرائب.

ضعف السلطة المعنوية

الى ذلك وبعد عشر سنوات على هجمات 11 ايلول/ سبتمبر تخللتها "الحرب على الارهاب" وغوانتانامو والسجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية "سي اي ايه" شهدت موجة التعاطف الاولية مع الولايات المتحدة انحسارا ولم تستعد البلاد حتى الان سلطتها المعنوية، واثار باراك اوباما عند وصوله الى البيت الابيض في كانون الثاني/ يناير 2009 امالا كبيرة، فالبعض رأى ان الرئيس الاميركي الجديد سيتمكن من اعادة سيادة القانون الذي انتهكه سلفه جورج بوش بحسب البعض، وراى الخبراء نفسهم ان اوباما خيب الامال، وقالت هينا شمسي من الاتحاد الاميركي للحريات المدنية "ايه سي ال يو" ان "ادارة اوباما وان كانت استغنت عن الخطاب الحربي لادارة بوش، فانها لم تقصر في مواصلة اعتماد ترسانتها القانونية"، وتابعت شمسي ان اعتقال المشتبه بهم الى ما لا نهاية والمحاكم العسكرية والاغتيالات المحددة الاهداف لافراد يشتبه في ضلوعهم في الارهاب كلها ترسخ القواعد التي وضعتها ادارة بوش لشن "الحرب على الارهاب"، وشددت على ان هذا السلوك ليس فحسب "خطرا كبيرا على حقوق الانسان ودولة القانون"، بل ان "حلفاء" واشنطن "يرون فيه تهديدا خطيرا"، وبدا كل شيء في اثناء حكم ادارة جورج بوش التي تذرعت بالتفتيش عن اسلحة الدمار الشامل وادت بالولايات المتحدة الى قيادة اجتياح العراق مع حلفائها عام 2003، ولاحقا تعرضت الادارة نفسها لانتقادات حادة بسبب طريقة معاملة المشتبه بضلوعهم في الارهاب، فواشنطن لم تتردد في خطف مشتبه بهم ونقلهم الى سجون سرية من دون توجيه اي اتهام اليهم واخضاعهم لما اعتبره البعض تعذيب، وبعد ثلاثة اعوام تقريبا على انتخاب باراك اوباما، لم يتمكن من وقف هذه الممارسات الا جزئيا حيث استمرت "الاغتيالات المحددة الاهداف" ولا سيما باستخدام الطائرات من دون طيار.

واعتبرت شمسي انه في حين يمكن لادارة اوباما تبرير ضربات الطائرات من دون طيار في باكستان التي يعتمدها المتمردون قاعدة خلفية، فهي لا تملك الحجة نفسها لتبير قتل مشتبه بهم في دول لا تشن فيها الولايات المتحدة حربا على غرار اليمن او الصومال، والاسوأ ان رمز حكم بوش وهو سجن قاعدة غوانتانامو في كوبا ما زال مفتوحا بالرغم من وعد اوباما باغلاقه، ورأى براين كاتوليس من مركز التقدم الاميركي "سنتر فور امريكان بروغرس" ان الولايات المتحدة استنفدت تعاطف الراي العام بعيد هجمات ايلول/ سبتمبر، وقال "لقد تضامن العالم مع الولايات المتحدة بعد الهجمات، ولكن الحرب في العراق قضت على جزء كبير من هذا التضامن"، واقرت السفيرة الاميركية السابقة في باكستان وندي تشامبرلين بان اوباما احبط الكثير من الامال، مع انه اعاد تلميع صورة واشنطن ولو قليلا على الساحة الدولية، مقارنة بحكم بوش، وقالت ان السياسة التي اعتمدها جورج بوش "سببت لنا لكثير من الضرر، فالعالم برمته بما فيه حلفاؤنا في اوروبا، فقد الثقة في سلطتنا المعنوية"، واكد كاتوليس "جوهر المشكلة هو اننا لم ننفذ كل ما اعلنا عنه "في عهد اوباما"، سواء كان اغلاق غوانتانامو او دفع عملية السلام في الشرق الاوسط قدما".

أوباما يحيي دور المسلمين

وحيث تستعد الولايات المتحدة لإحياء الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، واستغل أوباما مناسبة استضافة مأدبة الإفطار السنوية في البيت الأبيض ليحيي دور المسلمين في الولايات المتحدة بعد الهجمات وخلال العقد الماضي، بالإضافة إلى التشديد على أهمية التلاحم الوطني بين الطوائف والأديان المختلفة في الولايات المتحدة، وفي وقت يقترب فيه موعد إحياء ذكرى الهجمات الإرهابية، هناك أيضا تأمل داخلي للمجتمع الأميركي وبين الكثير من الأوساط الأميركية حول العلاقة مع المسلمين، وقال أوباما «الإسلام كان دائما جزءا من العائلة الأميركية، والمسلمون الأميركيون ساهموا منذ زمن لقوة بلادنا وهويتها وفي جميع الأحوال، وهذا الأمر صحيح بشكل خاص خلال السنوات العشر الماضية»، وتحدث عن إحياء «الذكرى العاشرة لتلك الهجمات الشنيعة التي آلمت قلوبنا، وسيكون ذلك الوقت لإحياء ذكرى الذين خسرناهم والعائلات التي تواصل ذكراهم والأبطال الذين ساروا لنجدة الآخرين ذلك اليوم وكل الذين خدموا ليبقونا آمنين خلال هذا العقد الصعب»، وشدد أوباما على أهمية التذكر بأن «مسلمين أميركيين فخورين ووطنيين» كانوا من بين هؤلاء المتضررين، قائلا إن «المسلمين الأميركيين كانوا ركابا أبرياء على متن تلك الطائرات، بما فيهم زوجان شابان كانا يتطلعان لولادة مولودهما الأول، وكانا عاملين في البرجين»، مشيرا إلى برجي مركز التجارة العالمي الذي استهدف يوم 11 سبتمبر 2001. وقال أوباما إنهم كانوا «أميركيين بالمولد وبالاختيار، كانوا يتطلعون إلى المستقبل» قبل مقتلهم، ودُعي عائلات الضحايا المسلمين في هجمات 11 سبتمبر لحضور مأدبة إفطار البيت الأبيض، وطلب منهم أوباما الوقوف ليتعرف عليهم باقي الحضور وضجت قاعة الطعام في البيت الأبيض بالتصفيق والتحية، ولفت أوباما أيضا إلى عناصر الشرطة والإطفائية المسلمين، بالإضافة إلى الجنود المسلمين في صفوف الجيش الأميركي، وقال «المسلمون الأميركيون يبقوننا آمنين، نحن نرى ذلك في الخدمة الشجاعة للجنود، بما فيهم الآلاف من المسلمين الأميركيين»، وحضرت الشيبا خان، والدة الجندي الأميركي المسلم كريم خان، الذي كان جنديا في العراق وقتل هناك، الإفطار وحياها أوباما بالاسم، وتم التصفيق لها ولعدد من الجنود المسلمين الذين حضروا المأدبة. بحسب أسوشيتد برس.

وشدد أوباما على أهمية التمعن في معاني ما بعد هجمات 11 سبتمبر، قائلا «هذا العام، وفي كل عام، علينا أن نسأل أنفسن، كيف نحيي هؤلاء الوطنيين، الذين ماتوا والذين خدموا»، واعتبر أن الطريقة الأفضل من خلال تلاحم الولايات المتحدة واحترام كل الأديان والإثنيات والمعتقدات، وقال «علينا أن نكون كأميركا التي عاشوا من أجلها وماتوا من أجلها وضحوا من أجلها»، وأضاف أن «أميركا لا تتحمل فقط الناس بمعتقداتها المختلفة، بل أميركا تشعر بالثراء بسبب تنوعنا»، مؤكدا «لا يوجد نحن وهم، بل كلنا نشكل معنى نحن»، وبينما ركز أوباما تصريحاته على الوضع الداخلي الأميركي، لم يغفل عن الإشارة إلى ما يحدث في بلاد المسلمين، واعتبر أن الولايات المتحدة يجب أن تبقى بلدا «يدافع عن كرامة وحقوق الشعوب حول العالم، سواء أكان شابا يطالب بحريته في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا أو طفلا جائعا في القرن الأفريقي حيث نعمل لإنقاذ الأرواح»، واعتبر أوباما أن عقد مأدبة الإفطار يمثل «تقليدا ثريا في البيت الأبيض للاحتفال بالأيام المقدسة لمعتقدات مختلفة والاحتفال بالتنوع الذي يحدد هويتنا كبلد»، وأضاف «هذه احتفالات أميركية بشكل خاص، أناس من أديان مختلفة تجتمع بتواضع أمام الخالق والتأكيد على تعهدات كل واحد للآخر»، وحرص أوباما، كعادته، على استخدام العبارات المناسبة، قائلا بالعربية «رمضان كريم»، وتحدث مطولا عن فوائد الشهر الكريم وأهميته للمسلمين، بينما وزعت التمور على الحاضرين ليفطروا عليه، وحضر الإفطار مسؤولون أميركيون مثل مستشارة الرئيس الأميركي فاليري غاريت وعضوي الكونغرس المسلمين كيث أليسون وآندريه كارسون، بالإضافة إلى دبلوماسيين من دول إسلامية وغير إسلامية، ويذكر أن السفير الإسرائيلي في واشنطن من بين المدعوين منذ سنوات إلى هذه المناسبة، وحضر أيضا ممثلون عن الجالية المسلمة في الولايات المتحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/ايلول/2011 - 11/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م