العنف الأسري... ظاهرة اجتماعية ومعالجات ترقيعية

شبكة النبأ: هل بات العنف الأسري سمة أساسية من سمات المجتمعات المختلفة والحياة العصرية؟، سؤال قد يتبادر إلى أذهان العديد من المتابعين والمطلعين على الزيادة الكبيرة في أحداث العنف الأسري والتي أخذت تنحدر بشكل عجيب إلى هاوية التحرش والاعتداء والقتل بعد أن تحولت إلى قضايا لا تمت بصلة إلى الإنسانية أو العلاقة الأبوية المقدسة، ويبدوا إن الانغماس المفرط في المادية والإفراط الشديد في القيم السماوية وما بنيت علية من مباني أخلاقية وإصلاحية "تدعوا الإنسان إلى انتهاج سبل الخير والرحمة وتجنب أفخاخ الشيطان"، قد ساهمت بشكل كبير في تفشي هذه الأمراض الاجتماعية الخطيرة حتى بات الأب والأخ والزوج يشكل تهديداً مباشراً لحياة البنت وألام والزوجة وربما يكون العكس صحيح أيضاً.

الضرب حتى الموت

فقد اتهم القضاء البلجيكي امرأة هولندية في الثلاثين من العمر تعيش في بلجيكا بارتكاب جريمة قتل مزدوجة وقام بسجنها بعدما اشتبه في أنها ضربت حتى الموت ولديها البالغين من العمر سبع وثماني سنوات، على ما ذكرت النيابة العامة في دندرمونده في فلاندر، وقد عثر على جثتي الصبيين في شقة العائلة الواقعة على بعد ثلاثين كيلومترا شمال غرب بروكسل وجرى استجواب الوالدين، وبعد جلسات الاستجواب الأولى حيث اتهمت الأم التي عرفت الشرطة عنها على أنها لاندو جيه وهي هولندية في الثلاثين من العمر ولدت في أنغولا، بارتكاب جريمة قتل مزدوجة، وبسبب حالتها النفسية، أحيلت إلى جناح الأمراض العقلية والنفسية في سجن بروج (غرب)، وقال المتحدث باسم النيابة العامة في دندرمونده (شمال بروكسل)، "بحسب استنتاجات الطبيب الشرعي، قاوم الصبيان بقوة، ويبدو أن المرأة لا تفهم فعلا ما حصل فهي تعاني من هلوسات، وفي هذه المرحلة من التحقيق، ما من مؤشرات على ضلوع أشخاص آخرين".لم يكن الوالد موجودا عند وقوع الجريمة، وأضاف المتحدث "كان سبب الوفاة عنف متكرر خلف إصابات كثيرة، وكان الصبيان أخوين غير شقيقين، الأول أنجبته المتهمة من علاقة سابقة والثاني من شريكها الحالي. بحسب فرانس برس.

العنف الأسري في نيبال

بينما أودى العنف الأسري بحياة 22 امرأة خلال الأشهر الثلاثة الماضية في نيبال، وذكرت صحيفة «كتماندو بوست»، أن تقريراً نشره مركز إعادة تأهيل المرأة أفاد بأن 22 امرأة توفيت في أنحاء مختلفة من نيبال بسبب العنف الأسري منذ مايو الماضي، ويأتي هذا العدد بزيادة 17 حالة وفاة عن الفترة ذاتها العام الماضي، وجاءت أسباب معينة وراء هذه الوفيات، ومنها مهور الزواج غير المناسبة واتهامات بالشعوذة وأيضاً الاغتصاب والعنف الأسري والجنسي، وسجلت أغلب هذه الحالات في سهول تيراي جنوب البلاد، حيث تزيد نسبياً الحوادث التي تتعلق بالخلافات حول المهور، وذكر مسؤول الشرطة ديبتي كاركي، «أنه سيناريو يظهر أن النساء هن الأكثر تعرضاً لخطورة العنف من قبل بعض أفراد أسرهن والأحياء التي يعشن بها»، ويقول ناشطو حقوق الإنسان، إن ضعف فرض القانون بمعرفة السلطات المحلية ساهم في ارتفاع عدد حوادث العنف ضد النساء، ويلقى باللوم على الوضع السياسي الهش في الدولة الواقعة بمنطقة الهيمالايا في زيادة جرائم القتل والخطف. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

جدل في لبنان

من جهتها تروي «سهى» بحزن وغضب أشكال العنف التي تعرضت لها في بيت الزوجية، قبل ان تنتزع «بالدم»، كما تقول، حكماً بتفريقها عن زوجها، وتبدأ من الصفر رحلة بناء مستقبل جديد لها ولابنائها الثلاثة، وتقول سهى (31 عاماً) «تحملت الضرب المبرح لانني كنت واقعة في معضلة، فأهلي يعتبرون الطلاق عيباً، ولم يوافقوا على عودتي إليهم ومعي الاطفال، ومن جهة أخرى لم يكن ممكناً أن أترك اطفالي مع زوجي السابق وبيئته»، ومع ان سهى لا تشكل حالة منفصلة في المجتمع اللبناني، بل واحدة من حالات كثيرة جداً، على ما يقول خبراء وحقوقيون، إلا ان مشروع قانون العنف الاسري لايزال يجد صعوبة في إقراره في مجلس النواب، بسبب تحفظات دينية واجتماعية، كما يشير حقوقيون الى وقوعه في دائرة التجاذبات السياسية، وحصلت (سهى) قبل عامين على حكم بالتفريق عن زوجها، وذلك بعدما أصبح الواقع الذي تعيشه غير محتمل، وهي مسلمة، كانت متزوجة بمسلم تختلف عنه في المذهب، وتقول «حصلت على هذا الحكم بالدم! فالمحكمة الشرعية حكمت بالطلاق، بسبب التقارير الطبية التي أكدت أنني أتعرض لضرب مبرح»، ومع ان (سهى) تبدي احتراماً كبيراً للقاضي الشرعي الذي «وقف معي وحكم لي بالطلاق بسرعة»، إلا انها لا تخفي امتعاضها من اعتراض المرجعيات الدينية الاسلامية في لبنان على مشروع القانون الذي يجّرم العنف الاسري، كما تبدي استياءها أيضاً من تعامل أجهزة الدولة اللبنانية مع هذه القضية، وتقول ان «الشرطة تتلكأ في الزام زوجي السابق بحكم النفقة الصادر عن المحكمة الشرعية، والمرجعيات الاسلامية تحارب مشروع القانون الذي يحمينا، اشعر بأنني وحيدة، وأتحمل وحدي مسؤولية تربية اولادي الثلاثة»، ومشروع القانون الذي وضع بناءً على اقتراح جمعيات نسائية ومحامين واطباء شرعيين، حظي بموافقة مجلس الوزراء في .2010 وهو قيد الدرس حالياً في البرلمان، لكنه جوبه اخيراً بمواقف حادة من دار الفتوى، أعلى هيئة دينية سنية في لبنان، التي وصفت القانون بانه يقصد «تفكيك التركيبة الاجتماعية للاسرة»، ووصفت واضعيه بأنهم يستندون الى «مبادئ الرأسمالية المتوحشة»، و«حزب الله» الشيعي الذي وصفه نائب امينه العام نعيم قاسم بانه «يتدخل بين الزوج وزوجته». بحسب فرانس برس.

وينص مشروع القانون على إجراءات تتيح حماية المرأة التي تقع ضحية العنف من قبل زوجها او اي فرد آخر من عائلتها، من بينها التشديد على تدخل الشرطة لحمايتها بناء على طلبها، إلا ان الشيخ همام الشعار احد الذين صاغوا بيان دار الفتوى الذي ندد بمشروع القانون يعتبر ان هذا المشروع يتضمن «مخالفات دينية»، منها انه «يجرم الضرب غير المبرح، ويناقض مبدأ قوامة الرجل على الأسرة»، ويقول إن «كثيراً من مواد القانون موجودة اصلاً في قانون العقوبات، من حماية المرأة من الضرب المبرح الى تجريم دفعها على التسول وغير ذلك، فلماذا لا تطبق هذه المواد الموجودة اصلاً بدل من ان يجري طرح قانون ثان؟»، ويقول القاضي في المحكمة الشرعية السنية عبدالعزيز الشافعي إن «هناك ارهابا فكريا في معالجة الموضوع يقوم على تصوير من يخالف هذا المشروع بأنه يؤيد العنف ضد النساء»، ويضيف «لا أحد يقول انه لا يوجد تعنيف للمرأة، ولا احد يقول ان مشروع القانون لا ينطوي على ايجابيات، لكن استطيع ان اقول إن حدة بيان دار الفتوى كانت في جزء منها بسبب عدم الرغبة لدى واضعي المشروع في الاستماع لرأينا وملاحظاتنا»، وتقول المحامية غادة إبراهيم رئيسة جمعية «حقوقيات» ان مشروع القانون المطروح «يندرج في اطار القانون الجزائي، مثل القوانين التي تتحدث عن السرقة أو القتل او غير ذلك، ولا علاقة له من قريب او بعيد بقوانين الاحوال الشخصية، لهذا لم تجر مناقشته مع المرجعيات الدينية، ولذلك استغرب ان يكتسب النقاش حوله صبغة طائفية»، ولا يوجد في لبنان قانون موحد للاحوال الشخصية من زواج وطلاق وارث ووفاة، بل تقوم كل طائفة برعاية قانونها، وكان مشروع قانون للزواج المدني واجه حملة عنيفة ادت الى سحبه من التداول في 1998، وتضيف غادة ابراهيم «لا أقبل تصوير الاسلام على أنه يحمي العنف ضد المرأة، فرد فعل رجال الدين اعطى انطباعاً بأن المسيحية تحمي المرأة أما الاسلام فيحمي من يعنّف المرأة»، وإن كانت مشكلة القانون غير مطروحة لدى الطوائف المسيحية، إلا ان مشكلة العنف المنزلي عابرة للطوائف ومنتشرة في كل مكان.

وتروي منى وهي، شابة مسيحية كانت متزوجة من رجل يكبرها بـ20 عاماً، انه بدأ يعنفها ويضربها بعنف بعد مرور سنتين على زواجها، وكانت قد رزقت بنتاً في ذلك الحين، وتقول «المحيطون بي، وبينهم الكاهن، كانوا ينصحونني بان اصبر ويقولون غداً يتغير، لكنه لم يتغير»، وتضيف «في النهاية هربت من المنزل الى بيت اهلي ورفضت العودة، وكانوا هم قد سئموا معاملته لي، ولم يعد يهمهم ما يقوله الناس، فوافقوا على ان ابقى عندهم مع ابنتيّ الاثنتين»، وترى المحامية غادة ابراهيم، أن هذه الحالات من العنف الاسري ليست حالات منفصلة، بل تشكل واقعاً عاماً في لبنان، وتقول «إذا اخذنا في الحسبان ان الغالبية العظمى من النساء المعنفات لا يلجأن الى القضاء، بسبب التقاليد الاجتماعية، وعدم الثقة بنظام الحماية المعمول به حالياً، يمكننا ان نتخيل حينئذ الحجم الحقيقي لهذه المشكلة في مجتمعنا»، وتضيف ان «مشروع القانون هذا جرى إقراره في عهد الحكومة السابقة التي كانت حكومة اتحاد وطني تمثل كل الاطراف في البلاد، فلماذا يتعرض الآن للعراقيل؟»، وتتخوف إبراهيم من أن يكون هذا المشروع قد اصبح «من نقاط التجاذب السياسي في البلد بعد تغيير الحكومة»، وتؤكد الناشطة فاتن أبوشقرا، منسقة حملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري، ان «الحملة ستستمر في حال لم يقر مشروع القانون أو اقر بشكل يفرغه من مضمونه»، ولا تستبعد تنظيم اعتصامات وتظاهرات لهذا الشأن، وتنشط ابوشقرا في جمعية «كفى»، التي تتابع النساء المعنفات اجتماعياً وقانونياً ونفسياً، وهي جزء من «التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الاسري»، وتضيف «نشعر بأن الهجمة على المشروع غير مبررة، وكلنا أمل أن يتخذ نواب الأمة القرار المناسب».

التركيات يعانين العنف

الى ذلك كشفت دراسة تركية حديثة أن 42% من النساء التركيات يعانين العنف الجسدي على أيدي أزواجهن، وهو ما دعا الحكومة التركية لإدخال مجموعة من الإجراءات الجديدة لمكافحة هذه المشكلة، وسط تحذيرات المتخصصين بأن إجراءات الحكومة غير فعالة في الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة، وذكرت شبكة (يورونيوز) الإخبارية أن تركيا تبذل جهوداً كبيرة للحد من هذه الظاهرة على المستويين الحكومي والثقافي، ولكن انتشار الظاهرة لا يتوقف، فيما تعمل مجلة “بيان يانى” التركية الساخرة على تركيز أضوائها المستمرة على هذه الظاهرة بالذات، وخاصة أنها مجلة نسائية، وكل محرريها من السيدات، كما أن قراءها من السيدات، وتتميز بالمعالجة الجريئة والشجاعة لكافة القضايا الحساسة، وقالت إحدي المحررات بالجريدة، “أحيانا تصيب جرائم العنف ضد المرأة الفرد بالغم من أنها حادث مأساوي، إلا أنه يحمل جانباً كبيراً من الهزل والسخرية من المجتمع والجاني، فأكثر ما يثير السخرية أن تجد  مثلاً رجلاً جامعياً يمارس العنف الجسدي على زوجته”، وأفاد أحد المحامين المدافعين عن النساء اللواتي تعرضن للعنفن بأن تسليط الضوء على مثل هذه القضايا مهم جداً، فهو يرفع من وعي المرأة والمجتمع بتلك القضايا، ويشجع المرأة أن تحصل علي حقها القانوني، ولا تستكين عند تعرضها لحادث مماثل، وهو ما يعد رادعا للرجال المعتدين، مؤكداً في النهاية أن المرأة التركية لديها رغبة قوية في تحقيق مزيد من الحرية والاستقلالية.

للرجال نصيب من العنف

من جهة اخرى أظهرت أرقام نشرتها صحيفة الـ"أوبزرفر" البريطانية ان اثنين من خمسة من ضحايا العنف المنزلي هم من الرجال، مما يتعارض مع الاعتقاد الشائع بأن النساء هن من يحملن آثار ضرب وكدمات، وغالبا ما تهمل الشرطة الرجال المعرضين للعنف من قبل شريكاتهم، وتترك المعتديات عليهم طليقات، وفقاً لما أظهرته جمعية الدفاع عن حقوق الرجل البريطانية، وتظهر تحليلات الجمعية والمتعلقة بالعنف الأسري ان عدد ارجال الذين يتعرضون لاعتداءات من قبل زوجاتهم وصديقاتهم أعلى من المعروف، وجاء في التقرير الذي حمل عنوان "العنف الاسري من وجهة نظر الذكور"، "غالباً ما ينظر الى العنف المنزلي على ان ضحيته انثى، وان المشكلة سببها ذكر، لكن الادلة تظهر ان هذه الصورة خاطئة"، واظهرت احصاءات وزارة الداخلية البريطانية ودائرة الجريمة في بريطانيا ان الرجال شكلوا حوالى 40 في المئة من ضحايا العنف في القترة بين الأعوام 2004-2005 و2008-2009، وهو آخر تاريخ وثقت السلطات فيه معلومات عن العنف المنزلي، وفي الفترة 2006-2007، شكل الرجال 43.4 في المئة من مجمل حالات ضحايا العنف المنزلي، لترتفع النسبة الى 45.5 في المئة للفترة 2007-2008، وتعود وتنخفض الى 37.7 في المئة للفترة 2008-2009، وتعتبر حملة الدفاع عن حقوق الرجل ان الذكور يعاملون كـ"ضحايا من الدرجة الثانية"، وان كثيرين من رجال الشرطة لا يأخذون شكاويهم على محمل الجد، وقال جون مايز من الجمعية ان "الملاجئ تهتم بالنساء اكثر من الرجال، بحيث سجل 7500 امرأة في المآوي مقابل 60 رجلاً فقط".

كما كشفت تقارير إخبارية تونسية اليوم أن 10% من النساء المتزوجات في تونس يضربن أزواجهن وأنه تم تأسيس جمعية غير حكومية لحماية الأزواج المعنفين من "بطش زوجاتهم" أطلق عليها اسم "الجمعية التونسية للدفاع عن الأزواج المعنفين"، وقالت مجلة "الملاحظ" الأسبوعية استنادا إلى نتائج دراسة اجتماعية حول العنف بين الأزواج في تونس إن 10% من النساء المتزوجات في البلاد يضربن أزواجهن وأن 30% منهن يعتدين على بعولهن بالعنف اللفظي، موضحة أن "الأوضاع المادية السيئة" تزيد من حدة العنف بين الأزواج، وأضافت أن كثيرا من الرجال الذين يتعرضون إلى الضرب لا يصرحون بذلك "درءا للفضيحة وحفاظا على ما تبقى من الرجولة وخوفا من ردة فعل المجتمع والمحيط العائلي الذي لا يقبل أن يكون الرجل موضع ضعف"، مشيرة إلى أن العديد من الرجال يلجأون إلى الطلاق هربا من جحيم الزوجات العنيفات، وقالت المجلة إنه "من الضروري التفكير في صيغ تحمي الرجل وتدافع عنه إذا ما تعرض إلى عنف زوجته"، داعية إلى مساندة عمل الجمعية التونسية للدفاع عن الأزواج المعنفين لتشمل بخدماتها أغلب مناطق البلاد التي تضم 24 محافظة. بحسب وكالة الانباء الالمانية، الى ذلك ورغم تزايد النداءات للمطالبة بحقوق المرأة والدفاع عن كرامتها أمام عنف الرجل، الا أن هذا الأخير أصبح ضحية للعنف الاجتماعي من جانب المرأة، من خلال تعرضه لأنواع متعددة ومستحدثة من العنف داخل الأسرة وخارجها.فقد كشفت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية حول مستجدات العنف الاجتماعي في مصر، أن 40 % من الزوجات يضربن أزواجهن، وأن العنف يزداد بين الأميات بنسبة 87 %، مقارنة بالمتعلمات، وأوضحت الدراسة أن الزوجات يعتبرن العنف وسيلة فعالة في حسم النزاع ووقفه عن حده، كما أن ثلث النساء لا يشعرن بالندم لتصرفاتهن، بل يشعرن بالارتياح لضربهن أزواجهن، وتزيد النسبة في القاهرة والإسكندرية عن الوجه القبلي، تليها المدن الساحلية.

المرأة في سوريا

في سياق متصل أظهرت دراسة حول "العنف الأسري ضد المرأة في سورية" أعدتها "الهيئة العامة لشؤون الأسرة" في سورية و"صندوق الأمم المتحدة للسكان"، أن امرأة من كل ثلاث نساء تتعرض لعنف جسدي في سورية في محيطها الأسري، وركزت الدراسة، التي تنشر قريباً، على العنف القائم على أساس الجنس داخل محيط الأسرة، وشملت خمسة آلاف امرأة يمثلن المجتمع السوري، وتطرقت إلى مختلف أشكال العنف الجسدي واللفظي والمعنوي والرمزي، معتبرةً أن هذا الأخير هو الأكثر خطورة، لأنه "يمارس تحت أطر مقبولة اجتماعياً، إلى حد يعتبرها المعنف نفسه شرعية"، وخلصت الدراسة إلى أن أشكال العنف السائدة هي بالترتيب الصفع والضرب واللكم، يليها العض وشد الشعر والأذن، ثم الضرب بالحزام والعصا، واعتبرت أن واحدة من كل ثلاث نساء يمارس عليها هذا الشكل من العنف، أما المسبب بالعنف، فهو أولاً الأب ثم الأخ يليه الزوج، وغالباً ما يؤدي العنف إلى أذى على المستوى الجسدي من كسور في الأطراف أو الأضلاع، ورضوض وتورم وكدمات وجروح ونزيف خارجي، وقالت الدراسة إن المرأة في المدينة أقل تعرضاً للعنف منها في الريف، وكذلك ترتفع نسبة العنف في البيئة الأقل تعلماً، وتطرقت الدراسة إلى العنف النفسي وأشكاله، من الصراخ والتوبيخ، إلى السخرية والتجريح والشتم والوصف بقلة العقل، والمقارنة السلبية مع الإخوة الذكور، وأشارت إلى أن الأم تدخل في عداد ممارسي العنف النفسي بحجة حماية المرأة والحفاظ عليها. بحسب فرانس برس.

وعددت الدراسة أشكال العنف الجنسي السائدة، بدءاً من النظر والملاحقة والتلطيش، ثم الملامسة، والتحرش عبر الهاتف، ومحاولة نزع الثياب، والتحرش الجنسي، وقالت الدراسة إنه قياساً بالذكور، لا يتم إشراك المرأة بمناقشة قضايا الأسرة المتعلقة بها، مثل متابعة التعليم والعمل خارج المنزل، وأشارت إلى ثقافة المجتمع التي تؤثر في قناعات المرأة، مثل إقرارها بزواج الرجل من امرأة ثانية، أو ضرورة تكرار الإنجاب للحصول على طفل ذكر، وخلصت الدراسة إلى أن المرأة المعنفة عموماً "تعيد إنتاج أفراد لديهم الاستعداد في ممارسة العنف، حين تعمد إلى إعلاء شأن الذكر، وتشرع العنف ضد المرأة بحيث يصبح معياراً اجتماعياً"، وتحدثت الدراسة عن التكلفة الباهظة للعنف ضد المرأة، بسبب تكاليف خدمات ودعم ومعالجة النساء المعنفات وأطفالهن، وتكلفة الملاحقات القانونية للعنف الذي يسبب أذى كبيراً، مثل جرائم الشرف، وكذلك أشارت إلى ما يكلفه العنف على المستوى الاجتماعي، حيث تضعف مشاركة المرأة في الحياة العامة، كما يؤدي إلى التفكك الأسري، وتسرب الأبناء من المدارس، وفي النهاية الشعور بعدم الأمان في غياب البيئة النفسية الداعمة للمرأة والأطفال.

سياسة قطع الاذن

فيما ذكرت تقارير إخبارية أن أبا نيوزيلنديا يدعى جيمس ماسون (49 عاما) اعترف بأنه أراد تأديب ابنيه فقام بقطع أذنيهما وسوف يمثل أمام المحكمة ليواجه اتهامات بالاعتداء، وماسون موسيقي في إحدى الكنائس وهو أحد أول الاباء الذين يحاكمون بموجب قانون منع الضرب الذي أقره البرلمان العام الماضي والذي الغى الحق في تأديب الابناء جسديا دون مواجهة اتهام بالاعتداء، وكان ولدا ماسون يبلغان من العمر عامين وخمسة أعوام في ديسمبر الماضي عندما أبلغ مدرس وضابط متقاعد في الشرطة أن الاب اعتدى بدنياعلى الطفلين، وينفي ماسون هذا الاتهام، ومن المقرر أن يشن حزب سياسي صغير في نيوزيلندا حملة خلال الانتخابات العامة والي ستجري خلال العام الحالي لطرح إلغاء قانون منع الضرب في استفتاء بالبلاد. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

صفع الأبناء يزيد عدوانيتهم

بدورهم حذر العلماء في المركز الوطني للأطفال الفقراء بجامعة كولومبيا الأميركية، من أن صفع الأطفال قد يسبب آثارا مؤذية طويلة الأجل على سلوكياتهم ولا تساعد على تربيتهم وتحقيق الطاعة المطلوبة منهم لآبائهم، وربطت أخصائية العلوم النفسية في المركز الدكتورة اليزابيث جيرشوف، الصفع بمشكلات سلوكية سلبية تصيب الأطفال مثل العدوانية والسلوك غير الاجتماعي والانطوائي واضطرابات نفسية عدة، مبينة «أن الصفع غير فعال أبدا في تقويم سلوك الطفل وتربيته ولا يساعد في تعليمه ما هو صحيح مما هو خاطئ، كما أن له دورا في عدم التزام الطفل بطاعة والديه فهو يخاف في حضورهما فقط، ولكنه يسيء التصرف في غيابهما»، وأشارت في تقرير بحثها الذي نشرته مجلة الجمعية الأميركية للعلوم النفسية، إلى «أن الصفع الخفيف إلى المتوسط قد يفيد الأطفال في عمر السنتين إلى الست سنوات، ولكن لا ينصح أن يحاول الآباء الذين يملكون ميولا عصبية بالصفع على الإطلاق، منوهة بأنه ليس جميع الأطفال الذين يتم صفعهم قد يعانون من مشكلات انطوائية أو عدوانية، مؤكدة ضرورة اللجوء إلى وسائل أخرى غير الضرب لإفهام الطفل أخطاءه ومضاعفات سلوكياته السيئة، وتعليمه التصرفات الصحيحة التي يجب عليه الالتزام بها.

الاعتداء على المحارم

من جانبهم إنهال ثلاثة أبناء سعوديين على والدهم الخمسيني بالضرب، مما تسبب بنزيف حاد في المخ، توفي على أثره دماغياً، بعدما تحرش جنسياً بابنته، ونقلت صحيفة "الرياض"، اليوم، عن الطبيب المعالج لحالة الأب، قوله إن "حالة الأب حرجة جداً، وإنه يعاني من نزيف في المخ إثر كدمات في الجمجمة، على أثرها توفي دماغياً، وإن شفاءه ضئيل جداً لا يتجاوز خمسة في المائة"، من جانبه، ذكر المتحدث الرسمي لشرطة جازان، النقيب عبد الله القرني، أنه ورد بلاغ لشرطة أبي عريش (جنوب) المملكة "عن نشوب ضرب بين أب وأبنائه الثلاثة، إثر قضية تحرش الأب جنسياً بابنته العشرينية، التي أبلغت عن والدها الشرطة"، مشيراً إلى أنه "أثناء التحقيق معه اعترف بما أبلغت به ابنته من تحرش لها جنسياً، وصدق اعترافه شرعاً، وأطلق سراحه بالكفالة الحضورية، ريثما صدور الحكم الشرعي عليه"، واضاف عند وصول الأب "إلى منزله انهال عليه أبناؤه الثلاثة ضرباً، جراء فعلته مع أختهم حتى فقدانه الوعي"، وأوضح أن الهلال الأحمر نقل الأب إلى مستشفى أبي عريش، وأدخل العناية المركزة ودخل الأبناء الثلاثة السجن لاستكمال مجريات التحقيق. بحسب يونايتد برس.

بسبب لعبة أطفال

من جانب اخر لقيت سيدة مغربية حتفها إثر ضربة عنيفة تلقتها من زوجها بعد أن نشب بينهما خلاف حول لعبة أطفال، وذكرت صحيفة «الأحداث» المغربية، أن المشكلة بدأت بخلاف بين الزوجين حين طلب الزوج من الأبناء الخروج للشارع واللعب هناك، فرفضت الأم وطلبت منهم البقاء في البيت، ولم تكتفِ بذلك بل عمدت إلى كسر إحدى اللعب، واستبدّ الغضب بالزوج لسلوك الأم وتوترت أعصابه وهو يرى كيف منعت الأطفال من الخروج، وزاد غضبه رؤيته لها تكسر اللعبة التي اقتناها من أجل الأطفال، فتبادل الزوجان عبارات اللوم والعتاب وسرعان ما تحولت إلى تشابك بالأيدي ثم طعنة قوية من الزوج، نقلت الزوجة على إثرها على وجه السرعة إلى مستشفى المدينة، لكن تدخلات الطاقم الطبي لم تجدِ نفعاً لتفارق الأم الشابة الحياة مخلّفة ثلاثة أطفال». بحسب وكالة الانباء الالمانية.

تعنيف السعوديات

في السياق ذاته كشفت دراسة سعودية أن 93٪ من النساء السعوديات اعترفن بأن أزواجهن يمارسون العنف عليهن بطريقة مباشرة، مشيرة إلى أن 13٪ منهن أُكرهن على المعاشرة الجنسية، وقالت الدراسة، التي أجراها مركز رؤية للدراسات الاجتماعية، إن «93٪ من النساء السعوديات اعترفن بأن أزواجهن يمارسون العنف عليهن بطريقة مباشرة، أو عن طريق التسبّب في توجيه العنف إلى زوجته، وأسوأ ما في الأمر أن العنف قد يكون عن طريق استجابته لتحريض خادمته المدللة لضرب زوجته»، وأوضحت الدراسة أن 20٪ من الزوجات المعنفات صغيرات السن وأعمارهن ما بين 18-19 سنة، وأن 25٪ من الأزواج والزوجات المعنفين في الفئة العمرية من 20 إلى 29 سنة، أما أقل نسبة من المعنفين 7٪ فتوجد في الفئة العمرية من 50 إلى 59 سنة، وأثبتت نتائج الدراسة أن المرأة التي من دون عمل هي الأكثر تعرضاً للعنف فبلغت نسبتهن 60٪، مشيرة الى أن أصحاب الدخول المرتفعة لديهم مرونة أكبر في مواجهة المشكلات الاجتماعية، وقالت الدراسة إن 30٪ من الزوجات تعرضن للعنف الاقتصادي، وأبرز أشكاله أن يستولي الزوج على راتب زوجته وإذا امتنعت عن إعطاء دخلها له منعها من الذهاب إلى العمل، ونقلت الدراسة عن إحدى الحالات قولها إنها «عندما اعترضت على استيلاء زوجها على راتبها أحرق لها أمتعتها الشخصية وطردها خارج المنزل»، وقالت الدراسة إن بعض الأزواج يقصدون إلى نوع آخر من أنواع العنف أكثر إيلاماً للزوجة وهو العنف النفسي، ومن أشكاله أن يمنع زوجته من رؤية أمها وأبيها، ومن أكثر هذه الأشكال إيلاماً لنفس المرأة تحرش زوجها بإحدى بناته جنسياً عندما يكون في حالة من السكر الشديد أو تحت تأثير المخدر، أما أقل أنواع العنف انتشاراً بين الزوجات فهو العنف الجنسي، ومن أشكال العنف الجنسي الذي أشارت إليه 13٪ من المبحوثات إكراه أزواجهن لهن على المعاشرة الجنسية، وشكت إحدى الزوجات من أن زوجها يحض بناتها على البغاء للحصول على المال الذي ينفقه في شراء المخدرات. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

انتقاماً من زوجها

على صعيد مختلف شهدت محكمة في أستراليا مؤخراً، جلسة محاكمة لأم أسترالية قتلت طفليها لأنه لم يعد بمقدورها تحمل الشعور بأن زوجها السابق يقضي احتفالات أعياد الميلاد معهما، وقال ممثل الإدعاء، سيمون بين، إن عملية القتل كانت الفصل الختامي في معركة حضانة أطفال المحتدمة بين المرأة وطليقها، وقال بين "ذكرت (الأم) أنها تفضل رؤية إبنيها وقد فارقا الحياة بدلاً من السماح لطليقه بأخذهما، في النهاية، كانت المتهمة غاضبة أشد الغضب وشعرت بالأسى تجاه زوجها السابق، وارتكبت أقصى جريمة قد تدفع اليها الكراهية لتنتزع الطفلين منه"، وتواجه المرأة، التي رفضت المحكمة الإفصاح عن إسمها، اتهاماً بالبدء في التخطيط للجريمة بعد قرار لمحكمة الأسرة بالسماح للأطفال بقضاء عيد الميلاد مع الأب، وقبل شهر من عيد الميلاد الفائت، عثر على جثة الولد (ث8 أعوام) والبنت (10 أعوام) داخل سيارة العائلة في مرآب المنزل بالقرب من مدينة بريزبان، وعلمت المحكمة أن الأم (42 عاماً) أعطت أولادها أقراصاً مخدرة قبل وضعهما في السيارة وخنقهما بانبعاثات الكربون المتصاعدة من فتحة عادم السيارة، وقالت المرأة أنها غير مذنبة بالقتل، رغم اعترافها بالتخلص من طفليها، من جهته أشار محامي الدفاع، كرايج تشودهوري،  للمحكمة إلى أن"المسألة الفاصلة في هذه القضية ستكون الحالة العقلية للأم آنذاك". بحسب وكالة الانباء الالمانية.

بسبب الفقر

من جهة اخرى قامت سيدة مصرية بقتل ابنها ومحاولة الانتحار مرتين وذلك بسبب ظروف حياتها الصعبة، وذكرت صحيفة "المصري اليوم" في عددها الصادر اليوم أن الام قضت سنوات عديدة وهى تبحث عن عمل من محافظة إلى أخرى ، وسط ظروف اجتماعية بالغة الصعوبة، لا يساعدها سوى إعانة الخمسمئة جنيه (88 دولارا) التي يقدمها لها شقيقها ولا تكفى قوت أيام بعد سداد إيجار السكن منها، وبعد أن أخرجت ابنها من التعليم لعدم قدرتها على نفقاته، استحكم بها اليأس والإحباط، قررت التخلص من حياتها، وبسبب خوفها على ترك ابنها وحيدا بعد موتها قررت قتل الطفل، فأحضرت"فوطة" وكتمت أنفاس ابنها إلا أنه أخذ يتوسل إليها بنظراته المتألمة، ولم تنجح هذه الوسيلة فى التخلص من حياته، فبللت الفوطة، وعادت لتكتم أنفاس فلذة كبدها ليفارق الحياة، وبعدها  تجرعت الأم "سم فئران" لتتخلص من حياتها وتلحق بصغيرها، ونجت من الموت بأعجوبة، وعاودت المحاولة في اليوم التالي بقطع شرايين يديها وأخذت تنزف ست ساعات لتجد نفسها ما زالت على قيد الحياة، ومع مطلع اليوم الثالث، بدأت جثة ابنها فى التعفن، ولم تجد الأم أمامها إلا الإبلاغ عن الجريمة، واعترفت فى أقوالها بارتكابها وطالبت بإعدامها ودفنها إلى جوار صغيرها، وأثناء معاينة النيابة لمكان الحادث بمدينة السلام ، عثرت على خطاب إلى جوار جثة الابن بخط الأم تعترف فيه بارتكاب الجريمتين، قبل أن تصبح جريمة واحدة. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

الزوجــة المُعنّفة

الى ذلك ‏تواجه نساء إساءات من قبل أزواجهن، تتنوع بين الإساءة الجسدية والنفسية، وغالبا ما تتفاوت وتتضارب مشاعر المرأة المعنفة نحو زوجها، بين سلبية وإيجابية تجاه الحياة التي تعيشها يوميا، ما يجعل قدرتها على البقاء والصبر أكبر بكثير من رغبتها بالتغيير والانسحاب، وكشفت دراسة أميركية وكندية مشتركة أن الكثير من النساء اللاتي يعشن مثل هذه الظروف النفسية المسيئة والمزمنة، يجدن دائما قدرة على النظر إلى الصفات الإيجابية في أزواجهن، وتبين الدارسة أن معظم النساء يتمكن لأسباب عدة، من إيجاد وتبرير الأسباب الكافية للبقاء مع أزواجهن، من خلال التعلق بصفات تجعل التعايش مع حالة الإساءة أمرا أسهل من الرحيل، مثل صفة التعلق بالزوج، وعدم الاستغناء عنه، أو مشاعر العاطفة، والقلب الطيب، وهي الصفات التي غلبت على آراء الزوجات اللاتي يعانين الإساءة النفسية من قبل أزواجهن، ويعد العنف ضد المرأة إحدى أكثر المشكلات الاجتماعية خطورة، حيث وجد في كل من كندا وأميركا، بحسب تقرير لعام ،2005 أن 7٪ من النساء الكنديات، و6٪ من الرجال، يعانون مشكلات عنف زوجية، مرة واحدة على الأقل خلال السنوات الخمس الماضية، بينما تبين أرقام جديدة، أنه وفي كل عام، تعاني 1.9 مليون امرأة أميركية التعرض للعنف للجسدي، وتعاني المرأة نوعاً أو أكثر من العنف المنزلي، منه الجسدي، الذي يتضمن الصفع والقرص، والرفس، والهز، والخنق، والحرق، والعض، والضرب بأدوات مختلفة، بينما تشمل الإساءة العاطفية الإذلال، والتهديد، والإكراه، والغيرة المرضية، وعزل الشريك عن العائلة والأصدقاء، بينما يشمل العنف الجنسي، الإكراه على ممارسة العلاقة الزوجية، والإجبار على عدم استخدام موانع الحمل، وقالت مديرة مركز أبحاث صحة المدينة بمستشفى ساينت ميشيل في تورونتو بكندا باتريشيا أوكامبو، إن «الدراسة أجريت بهدف رغبتنا في الاطلاع، من خلال استطلاع، على آراء النساء اللاتي يعشن مثل تلك الأوضاع في حاليا، ولايزلن في مرحلة بعيدة عن رفض الحالة التي يعشنها، ولم يخضعن لأي نوع من العلاجات النفسية، أو الاستشارات في مجال العلاقات المسيئة، الأمر الذي يمكننا أن نعتمد عليه في التعرف إلى أنواع معينة من الرجال المسيئين، وتصنيفهم»، وأضافت أن هناك دراسات سابقة عملت على تسجيل تقييم شخصي من النساء اللاتي يعانين الإساءة الزوجية لأنفسهن، ولعلاقاتهن الحميمة، خصوصا التزامهن بتلك العلاقات، ومشاعرهن الإيجابية تجاه الشريك المسيء، أو نحو العلاقة بالمجمل، بالإضافة إلى قراراتهن الحساسة تجاه الاستمرار أو إنهاء العلاقة، مشيرة إلى أن هدف الدراسة، التي تشاركت في تطبيقها مع جامعة أديلفي في نيويورك في أميركا، كان رغبة في تعلم المزيد عن هذه العلاقات، التي غالبا ما تكون سرية، خصوصا التي لا يتم الإعلان عنها أو الاعتراف بها حتى لأقرب الأقرباء.

وباستخدام بيانات تابعة لاستطلاع رأي أجراه المعهد الوطني الأميركي للصحة العقلية، حلل الباحثون خبرات وحالات 611 امرأة أميركية من الزوجات منخفضات الدخل والساكنات في الضواحي، فقالت 42.8٪ من المستطلعة آراؤهن، إنهن عانين إساءات أزواجهن خلال العام الذي طبق فيه الاستطلاع، مع ارتفاع في نسبة الإساءة النفسية، واستمرارها كمشكلة مستمرة مقارنة بالإساءة الجسدية عبر الضرب، بينما سجلت الإساءة الجنسية بين المتزوجات النسبة الأقل، وكانت 2.3٪ من النساء وهي النسبة القليلة، وصفن أزواجهن بالمتحكمين بشدة، بينما سجلت 1.2٪ من النساء أن أزواجهن يسلكون سلوكا عاما شديد العنف، إلا أن نسبة جيدة من النساء سجلن آراء إيجابية تجاه أزاوجهن، تراوحت بين اعتقادهن أن أزواجهن يحملون مشاعر وصفات طيبة، على الرغم من سوء المعاملة، وهي النسبة التي تفاوتت بين 54٪ من النساء واللاتي يصفن شركاءهن بشديدي الاعتماد عليهن، بينما اعتقدت 21٪ من النساء أن شركاءهن يحملون صفات إيجابية مهمة، وبناء على نتائج الاستطلاع، قسم الباحثون الرجال المسيئين لزوجاتهن إلى ثلاث مجموعات، أولها «المؤذية» ونسبة أفرادها 44٪ من آراء المجموعة من المستطلعة آراؤهن من النساء، والذين حصلوا على أقل نقاط في التحكم والسلوكيات العنيفة عامة، والنقاط الأعلى في الاعتماد على الشريكة والتميز بالصفات الإيجابية، وثاني مجموعة «الإيجابية والمتحكمة»، وكانت بنسبة 38٪ من الرجال بحسب آراء النساء في المجموعة المستطلعة آراؤهن، والذين جمعوا نقاطا عالية في العنف وأيضا الاعتماد والحاجة إلى الشريكة والصفات الإيجابية، إلا أنهم أكثر تحكما من المجموعة الأولى، بمراحل أعلى في سلوكيات العنف العامة، وتخلص الدراسة إلى أن المجموعة الثالثة والأخيرة هي «العنيفة بخطر»، بنسبة 18٪، وحصل أفرادها على أعلى نقاط في العنف وسلوكيات التحكم، إضافة إلى المشكلات القانونية، مع أقل نقاط في الاعتماد والحاجة إلى الشريكة، أو التمتع بالصفات الإيجابية، وقال الباحثون إن «نتائج الدراسة تبين أهمية تحليل مشكلات عنف الرجل، من خلال وجهات نظر وآراء النساء المتعرضات للعنف، من ضمن ذلك، خصوصا اللاتي لايزلن خارج دائرة المساعدة الاستشارية والنفسية والخدمات الاجتماعية، والنظام القانوني حمايتهن، واللاتي لايزلن يعشن المشكلة، ويرفضن مواجهة الحلول الجذرية»، وأضافت أوكامبو أن «تسليط الضوء على تجارب النساء، وأهمية الإنصات لهن، لايزال يحتاج إلى المزيد من الاكتشاف والاهتمام، وما قمنا به لايزال خطوة أولى تجاه رفع مستوى فهمنا للوصــول إلى طرق إضافية لتطوير وتحسين مستوى أمان النساء»، والدراسة نشـــرت في دورية «العنف ضد المرأة» في مارس الماضي. وكان معظم النساء المستطلعة آراؤهن، والبالغ عددهن 611 امرأة، من الإفريقيات الأميركيات، وتراوح متوسط أعمارهن بين 35 عاما، ولدى نحو نصف المجموعة أطفال تحت سن 18 عاما، بينما لم تكمل 47٪ منهن دراستهن حتى الثانوية العامة، وكان نحو ثلاثة أرباع المجموعة المستطلعة آراؤهن من فئة الفقراء، بدخل عائلي يتراوح بين 300 دولار في الشهر الواحد، بينما كان 45٪ منهن يحملن فيروس الإيدز، واعترفت 45٪ من النساء بأن أزواجهن يعانين مشكلات خطرة من القانون، وتم اعتقالهم بسبب العنف، بينما قالت 9٪ من النساء إن أزواجهن يعانين مشكلات في شرب الكحول واستعمال المخدرات بأنواعها المختلفة.‏

تأديب الطفل

في سياق اخر تلجأ أسر كثيرة إلى وسائل عدة في تأديب الأطفال، مثل الضرب، أو الحرمان، أو العقاب النفسي، أو جميعها معاً، ويندفع كثير من الأهالي إلى المبالغة في محاسبة الطفل عن كل صغيرة وكبيرة، بأساليب عقابية متنوعة، بعيدة عن الحوار والمناقشة وإشعار الطفل بالمحبة والأمان، متجاهلين النتائج التي تترتب عليها، خصوصاً الضرب الذي يؤدي إلى نتائج وخيمة، لا تقتصر على النواحي الجسدية، بل تتعداه الى الناحية النفسية، حيث يكون الأذى النفسي أصعب، ونتائجه أسوأ، إذ يؤدي الى طفل ضعيف الشخصية، كما أن حياته الاجتماعية المستقبلية تصبح اكثر تعرضاً للأزمات، فالتأديب يجب أن يراعي سن الطفل، والوسيلة يجب أن تناسب المرحلة العمرية التي يمر بها، كي نجنب الطفل آثاراً سلبية ناتجة عنه، ولا يلجأ عمر الحلبي إلى العقاب بالضرب مع ابنته (ثلاثة أعوام)، ويقول «عندما اشعر بالحاجة الى معاقبتها لا ألجأ الى الضرب اطلاقاً، لأن الطفل يحتاج الى الفهم»، مضيفاً أن علينا التعامل مع الطفل بأسلوب الحوار والمحادثة، ويوضح الطرق التأديبية التي يتبعها مع ابنته «أحياناً احاول ان اظهر لها غضبي منها، وذلك لمدة نصف ساعة ليس اكثر، ودائماً بعد ذلك تعتذر مني، وتقبّلني، ولكن ان أصرت على عنادها أحرمها من الذهاب الى البحر، فهي تحب البحر كثيراً، ولكن لا أحرمها من الخروج من المنزل، بل اقضي معها يوم عطلتي خارج المنزل، ولكن ليس على البحر»، ويؤكد الحلبي نجاح طريقته في التعامل مع طفلته «أشعر بأن ابنتي اليوم تميّز بين الأمور، وتفهم ما أريده منها، وتدرك غضبي، وتتراجع عن الخطأ»، ويشير الحلبي إلى أنه لا يمكنه معاقبة ابنته عند كل خطأ «كي لاتهتز ثقتها بنفسها، فلا ألجأ للعقاب الا ان وجدتها تعرض نفسها لأذى».

ويقول أمجد أبو سعيد (موظف في شركة عقارات) «فكرة الضرب كعقاب غير واردة في التعامل مع ابنتي، وعلى الرغم من أنها مازالت صغيرة، لكنني لا أفرط في دلالها كي تعرف ان هناك حدوداً لها». موضحاً ان ضرب الطفل سيجعله يخاف من الألم من دون أن يفهم الخطأ الذي ارتكبه، بالإضافة الى انه يؤدي الى طفل خائف، ويشرح أبو سعيد تجربته مع الأطفال التي لم تقتصر على تربية ابنته «كانت اختي تترك ابنها عندي، وحتى الآن إن ابن اختي يفهم ما أريده ويستمع الى نصائحي، لأنني لم اتبع معه أسلوب العنف يوماً، وإلى الآن أتبع مع ابنتي الأسلوب نفسه»، وعن أفضل الطرق التي ينهجها يقول «أعتمد تأجيل المكافأة، وأعتقد انه حلّ مثالي»، وتتفق مادلين النجار مع الرأي السابق، وتقول، «أتبع مع ابنتي أسلوب الحرمان، وغالباً ما يكون حرماناً من مشاهدة التلفزيون، كون ابنتي تحبها جداً، وبالتالي ان هذا العقاب يؤثر فيها اكثر من أي وسيلة أخرى»، مضيفة أنها في بعض الأوقات التي تكون فيها عصبية تضطر إلى تهديدها بالضرب، وتوضح أن ذلك «أدى الى تغييرات في شخصية ابنتي، فأراها تضرب اخوها الأصغر في اليوم التالي لتهديدي لها، علما بأنني لم اضربها يوماً، وألاحظ معاقبتها لأخيها بحرمانه من الألعاب التي يحبها»، ويؤكد اختصاصي علم الاجتماع، الدكتور حسين العثمان، أن «التأديب يرتبط بالتنشئة الاجتماعية، وهدفه تحويل الإنسان من كائن بيولوجي الى كائن اجتماعي، لذا لا يجب ان يكون التأديب مبنياً على الضرب لأنه غير قادر على خلق اطفال يتمتعون بصحة جيدة»، ويتابع «يحتاج الطفل من عمر ثلاث سنوات الى الاحساس بالأمان، وهذا يرتبط بكيفية تعاطي الأهل مع الأطفال، بالإضافة الى ان التربية يجب ان تبتعد عن الحماية الزائدة والعصبية، بل ان تكون مبنية على الجوائز والعقاب الذي هو الأخير يُبنى على قاعدة الحرمان من أشياء معينة وليس الضرب»، ويلفت العثمان الى اهمية ربط المكافآت التي يمنحها الأهالي للطفل بإنجازات معينة، وأهمية توفير بيئة سليمة لتنشئة الطفل، والتعامل معه بما يناسب سنه، ويضيف العثمان أن «التربية يجب الا تقوم على الدلال الزائد، كونه يؤثر في ثقة الطفل بنفسه، وبالمقابل فعدم تشجيع الطفل يؤدي الى شعوره بالخوف والخجل والشك في قدراته»، أما في ما يتعلق بموضوع الحرمان كعقاب للأطفال فيوضح «الحرمان موضوع نسبي يجب أن يتناسب مع الفعل، فهناك امور لا يمكن ان نعاقب الأطفال عليها، فالعقاب قضية معقدة جداً، خصوصاً حين يكون الطفل في سن الرابعة والخامسة، اذ إنه لا يجوز معاقبة الطفل اطلاقاً في هذه المرحلة العمرية، ونبدأ بتطبيق الحرمان كعقاب بعد ان يبلغ الطفل ست سنوات»، أمّا لجهة تحديد الحرمان، وكيف يجب ان يكون فيقول العثمان «العقاب وكذلك الثواب يجب ان يكونا بالحدود الدنيا مع الطفل، فلو عاقبنا الطفل بالحرمان حين يخطأ، علينا في المقابل ان نقدم له المكافآت والجوائز حين يحسن»، مشدداً على أن حرمان الطفل يجب تحديده بوقت قصير، ويوضح «يجب ألا تتعدى مدة الحرمان يوماً واحداً، بالاضافة الى عدم كسر الأهل للعقاب، كي لا يكون بلا قيمة، ويجب ان يعرف الأهل كيف يختارون الأشياء التي يحرمون اطفالهم منها، على الا يكون موضوع الحرمان علنياً وأمام المجتمع ايضاً، أي ان يتم في المنزل».

ويقول استشاري الطب النفسي، الدكتور علي الحرجان «إن العقابين النفسي والجسدي مرفوضان، ولا يستحب اللجوء إليهما»، موضحاً أنهما يؤديان الى ردود فعل سلبية وخطرة قد تستمر طوال حياة الطفل «تؤثر في حياته الدراسية والأسرية والاجتماعية، فاستعمال العنف قد يؤدي الى طفل يعاني من الخوف والرهبة، وذلك من العقاب الجسدي أو الحرمان»، ويضيف الحرجان «الأطفال الذين يحمل تصرفهم العناد الذي هو شكل من اشكال الكراهية، فإن ذلك ينتج عن اعتياد الطفل الإهانة او الضرب والتقليل من قيمته أمام الآخرين»، ويرى أن «التعليم هو الطريق الامثل لمحاورة الطفل، لأنه في الواقع ليس هناك من طفل يرغب في ان يكون مشاكساً، او ان يخرج عن السلوك العام، بل إن ذلك ينتج عن اسباب عدة، منها ان يكون الطفل نشيطاً وكثير الحركة، او انه يعاني اضطرابات جسمية او نفسية، او انه اكتسب هذا السلوك من البيئة المحيطة كالأهل والتلفزيون والمدرسة، فالطفولة تعني مرحلة الاستكشاف، وبالتالي الطفل يتصرف بطريقة غير صحيحة لأنه لا يعرف الخطأ والصواب، فمهمتنا كأهل ان نوضح ذلك له»، وعن الآثار النفسية التي تنتج عن معاقبة الاطفال بقسوة او بالضرب أو الحرمان، يشرح الحرجان «قد يكره الطفل المدرسة، او يتغيب عنها، وقد يعاني اضطرابات النوم والخوف والعناد والكراهية والعدوانية تجاه الآخرين، والغيرة، ومعاناة جسدية، كالتقيؤ والغثيان والصداع»، وينصح الاهالي بالابتعاد عن العنف الجسدي وحتى النفسي، كونهما يؤثران في العلاقات الاجتماعية للشخص، ويشدد الحرجان على أنه لا يجوز حرمان الطفل من حقوقه الأساسية وهي «الاكل والنوم واللعب والدراسة والاختلاط مع الآخرين، على أن يكون أقصى حالات العقاب بعدم تقديم المكافآت للطفل، أي بما معناه أن يقوم الاهل بعرض الخسائر المترتبة عن عصيانه، والفوائد التي يمكن أن يحصلها إن أحسن السلوك والتصرف»، ويشير إلى أن «على الأهل الا يظهروا قلقهم الشديد او اهتمامهم، كي لا يستغل الطفل عاطفة الاهل وخوفهم، وعليهم ان يظهروا للطفل انهم سيحزنون عليه ان اخطأ وليس منه»، منبهاً الى ضرورة عدم ربط المكافآت التي يمنحها الاهل للطفل بخمسة اشياء، وهي «الاكل والنوم والمدرسة والسلوك والنظافة»، ويعزو الحرجان، خطأ الطفل في التصرف الى خطأ الاهل في التعاطي معه، مضيفاً ان التربية هي الاساس، والطفل لا ذنب له ان ارتكب الاخطاء، ويوضح «انشغال الاهل في الحياة العملية هو الذي ابعدهم عن الطفل، فلا وقت مخصصا له لتنمية ثقافته وتعليمه، كي نزرع فيه كيفية الاستفادة من الجوانب الايجابية في الحياة»، ويلفت الى اهمية الاستماع للطفل «تحولت مقولة السيدات اولاً في بلدان كثيرة لتصبح الاطفال اولاً، فنحن علينا ان كنا جالسين مع مجموعة اصدقاء الا نمنع الطفل من التحدث، إذ ارى أهالي كثيرة يرفضون مشاركة الاطفال في الحديث، فيقولون، لا تتدخل في احاديث الكبار، ولكن من حق الطفل علينا ان نسمعه، ونعلمه اصول التدخل من دون ان نقمعه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 6/أيلول/2011 - 7/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م