تدويل ظاهرة الفقر وسقوط النظريات الاقتصادية

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: أصبحت كلمة "الفقر" وسعة انتشاره في الآونة الأخيرة تتكرر بصورة يومية من قبل الدول والمنظمات الإنسانية والمؤسسات الخيرية، وكذلك على اغلب وسائل الإعلام المرئي والمقروء، حتى أصبحت مصدر قلقل وخوف يطال الجميع، ولا غريب في الأمر أن تعلن العديد من الدول الأوربية والمتقدمة إن أعداد الفقراء في بلدانهم قد ارتفعت أيض، فالمسألة قد تحولت إلى العالمية، خصوصاً بعد الأحداث والأزمات التي مر بها العالم وكانت عاملاً مساعداً في زيادة الأفواه الجائعة حول العالم، فالأزمات الاقتصادية المتعاقبة وما خلفته من نتائج مدمرة والتغيرات المناخية الكبيرة التي ولدت الجفاف والاحتباس الحراري والقحط والعواصف والزلازل...الخ، وكذلك التغيرات السياسية والأحداث الأخيرة التي هزت منطقة الشرق الأوسط وضعف التعاون الدولي في تقديم المعونات الاقتصادية، وغيرها من العوامل التي مكنت ظاهرة الفقر من العودة وبقوة إلى العديد من المجتمعات المتعبة.

تضاعف البلدان الفقيرة

فقد تضاعف عدد البلدان الشديدة الفقر في السنوات الاربعين الماضية، وكذلك عدد الاشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع منذ ثمانينات القرن الماضي، وفقا لتقرير صدر مؤخراً عن الامم المتحدة، ويقدر تقرير العام 2010 حول البلدان ال 49 الأقل نموا في العالم والصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن النموذج الانمائي الذي كان سائدا حتى الآن في هذه البلدان قد فشل وانه ينبغي اعادة النظر فيه، وشرح الامين العام للأونكتاد سوباشاي بانيتشباكدي خلال مؤتمر صحافي ان "النماذج التقليدية المطبقة في البلدان الاقل نموا (نمو قائم على التجارة) تبدو غير فعالة"، في الواقع، "خلال السنوات الثلاثين الى الاربعين الماضية، تضاعف عدد البلدان الاقل نموا" (من 25 في العام 1971 الى 49 اليوم) "ما يظهر أن الوضع تدهور" في البلدان الاكثر هشاشة"، كما اضاف بانيتشباكدي، ولفت الى ان "عدد الاشخاص الذين يعيشون دون عتبة الفقر تضاعف منذ ثمانينات القرن الماضي"، ويشير التقرير ايضا الى ان الوضع تفاقم خلال السنوات الاخيرة. فعدد الاشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع "ازداد ثلاثة ملايين سنويا بين العامين 2002 و2007" (وهي كانت في الحقيقة سنوات نمو اقتصادي كبير بلغ 7% كمعدل) ليصل الى 421 مليون شخص في العام 2007، وعموما، كان 53% من سكان البلدان الاقل نموا يعيشون في فقر مدقع في بداية الازمة الاقتصادية العالمية، ومع أن البلدان الاقل نموا اظهرت تمتعها بمقاومة شديدة خلال الأزمة، فهي لا تزال ضعيفة جدا، لا سيما بسبب اعتمادها الشديد على الواردات، وخصوصا الغذائية منها. بحسب فرانس برس.

توفير الاموال أمر خطير

فيما قال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك ان حملة مؤسسته لجمع الاموال لمساعدة البلدان الاشد فقرا في العالم ستتطلب "قوة دفع مستمرة" نظرا لتخفيضات الميزانية في الدول المانحة الغنية، وقال زوليك ان عدم توفير الدول المانحة موارد كافية للبنك من أجل دعم الفقراء من شأنه أن "يدمر" الجهود المبذولة لمعالجة مشكلة الفقر العالمي، وبينما تواجه الدول المانحة الغنية ضغوطا لخفض الانفاق في اطار محاولاتها للتعافي من اثار الازمة المالية العالمية يتوجه البنك الدولي الى الاستفادة من الدول المانحة بالاسواق الناشئة والتي تشمل الصين والبرازيل، وقال زوليك خلال مؤتمر صحفي في نهاية اجتماع مع الدول الاعضاء بالبنك الدولي "في وقت (نشهد فيه) خفضا في الميزانيات سنبذل قصارى جهدنا لبناء تحالف عالمي لمشاركة عبء (سد فجوة) توفير الاموال"، ويجري البنك الدولي حاليا مفاوضات مع الدول المانحة للمساهمة في تخصيص موارد جديدة لهيئة التنمية الدولية التي توفر المنح وقروض التنمية منخفضة الفائدة الى 79 دولة من الدول الاشد فقرا في العالم، وأوضح زوليك ان الجهود "القوية" لجمع الاموال من شأنها أن تساعد على حماية 200 مليون طفل اضافي وأن تمد نطاق توفير خدمات الرعاية الصحية الى 30 مليون شخص اضافي وأن تساعد على مد طرق يبلغ اجمالي طولها 80 ألف كيلومتر وأن تدرب وتوظف ما يزيد على مليوني مدرس جديد، وأضاف "التحدي الماثل أمامنا هو أنه في وقت يشهد ضغوطا في الميزانية نحتاج لان نتضامن لتشكيل التحالف، وأن نظهر أن الجميع يشارك وأننا نمضي قدما نحو تحقيق ذلك لكن الامر سيتطلب دفعات متواصلة"، ودفعت الازمة المالية العالمية "التي اندلعت بعد وقت قصير من ظهور أزمة الغذاء" البنك الدول الى التعهد بتوفير مبالغ قياسية بلغت 140 مليار دولار منذ 2008 لمساعدة الدول الفقيرة، وبينما تعافت البلدان النامية بصورة سريعة نسبيا من الازمة لا تزال تواجه تحديات هائلة لتحفير اقتصاداتها وجذب الاستثمارات، من ناحية أخرى قال دومينيك ستراوس كان العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي في رد على سؤال عما اذا كان ينبغي على الدول المانحة فرض ضرائب على المعاملات المالية للمساعدة على توفير الاموال للدول الفقيرة ان الامر سيستغرق بعض الوقت حتى توافق الحكومات على مثل تلك الخطوة الامر الذي من شأنه أن يؤخر توفير الاموال اللازمة للفقراء، وتقدر مؤسسات التنمية أن فرض ضرائب بنسبة 0.005 بالمئة على الاقل على صفقات العملات العالمية قد يجمع ما لا يقل عن 30 مليار دولار في حال تطبيقها على الدولار والين واليورو والجنيه الاسترليني. بحسب رويترز.

الفقر في الاتحاد الاوروبي

من جهته اكد مفوض الاتحاد الاوروبي للعمل والشؤون الاجتماعية لازلو اندور ان الاتحاد الاوروبي واحدة من اغنى المناطق في العالم الا ان هناك نحو 84 مليون شخص مازالوا مهددين بالفقر، وقال اندور في بيان له بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفقر ان "اتفاق زعماء الاتحاد الأوروبي على وضع خطط لاخراج 20 مليون أوروبي من دائرة الفقر والتهميش الاجتماعي بحلول عام 2020 يعطي دلالة قوية على ان الاتحاد الاوروبي يأخذ على محمل الجد اهمية الاندماج الاجتماعي"، واضاف ان اليوم العالمي لمكافحة الفقر هو اليوم الذي يتم فيه تذكير العالم كله بوجود أشخاص يعانون من الفقر ويشدد على ضرورة العمل المشترك لاحداث تغيير في هذا الشأن، من جهته اكد مفوض الاتحاد الاوروبي للتنمية اندريس بيبالجس ان الفقر يعتبر تحديا عالميا يتعين التصدي له موضحا ان 4ر1 مليار شخص في الدول النامية يعيشون حالة فقر مدقع، ويذكر ان قمة الامم المتحدة لاهداف الالفية الانمائية التي اختتمت اعمالها في سبتمبر اعتمدت خطة عمل عالمية لتحقيق أهداف مكافحة الفقر بحلول عام 2015. بحسب وكالة الانباء الكويتية.

فرنسا وعتبة الفقر

الى ذلك فان نسبة الاشخاص الذين كانوا يعيشون دون عتبة الفقر في فرنسا، اي بأقل من 950 يورو في الشهر، بقيت مستقرة عموما في العام 2008 وبلغت 13% من مجمل السكان، على ما اعلن معهد الاحصاءات الفرنسي (انسي)، وفقا للمعهد، فإن 7،836 ملايين شخص كانوا يعيشون دون عتبة الفقر في العام 2008، مقارنة ب 8،035 ملايين في العام 2007، ونصفهم يعتاشون بأقل من 773 يورو شهريا.وكانت نسبة الاشخاص الذين يعيشون دون عتبة الفقر تصل الى 13،4% في العام 2007، ويعزى الانخفاض الطفيف في العام 2008 الى البيانات الضريبية التي أخذت بالاعتبار لقياس هذه الموارد، واشار المعهد "عند ازالة هذا العامل، يمكن اعتبار معدل الفقر مستقرا" موضحا ان نسبة الاشخاص الذين يعيشون دون عتبة الفقر استقرت منذ عدة سنوات عند حوالى 13%، وقد حددت "عتبة الفقر المالية" بـ 949 يورو شهريا للعام 2008 في مقابل 910 في العام 2007. بحسب فرانس برس.

فجوة الثروة في المانيا

من جهة اخرى قالت هيئة حكومية المانية إن فجوة الثروة ما زالت قائمة بين شرق المانيا وغربها بعد مرور 20 عاما على الوحدة حيث تبلغ نسبة متلقي اعانات الرعاية الاجتماعية الى العدد الاجمالي للسكان في شرق البلاد ضعفي مثيلتها في الغرب، وقال رودريخ ايجلر رئيس المكتب الاتحادي للاحصاءات في مؤتمر صحفي قبيل الذكرى السنوية العشرين للوحدة في الثالث من اكتوبر تشرين الاول ان متوسط الدخل المنصرف للفرد في الشرق يبلغ 15500 يورو (21100 دولار) ويقل ما يقرب من خمسة الاف يورو عن المستوى في الغرب، واضاف "الوحدة الالمانية لم تصبح واقعا بعد فيما يتعلق بسوق العمل والاجور" مشيرا الى ان الاجور في الشرق تبلغ في المتوسط 77 في المئة من مثيلاتها في الغرب، وتابع "ما زالت هناك فجوة كبيرة برغم انها ضاقت على مدى العشرين عاما الماضية، ما زال علينا ان نقطع طريقا طويلا قبل ان يمكنا الحديث عن مستويات معيشة موحدة، وأشار مكتب الاحصاءات الى ان عدد من يعيشون في الولايات الشرقية الخمس انخفض 1.7 مليون عما كان في 1990 بينما زاد عدد السكان في الولايات الغربية، وارتفع متوسط العمر المتوقع في الشرق لكنه ما زال اقل من مثيله في الغرب. بحسب رويترز.

اطفال فقراء في أمريكا  

في سياق متصل أكدت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية أن معدلات فقر الأطفال زادت خلال العقد الماضي في 38 ولاية أمريكية، مشيرة إلى أن التراجع الاقتصادي وحبس الرهن هما السببان الرئيسيان وراء ذلك، وأضافت الصحيفة أنه قد لوحظ انخفاض الدخل في العقد الماضي حيث زاد معدل فقر الأطفال بنسبة 18% وزادت مستويات الفقر لدى الأسر التي بها أطفال في 38 ولاية طبقاً لدراسة جديدة اعتمدت على هذه النسب الرسمية التي أكدتها تقارير مؤسسة أني إي كيسي وهي منظمة خيرية أهلية تركز على إعالة الأطفال المحتاجين، واستطردت الصحيفة أنه يبدو بالفعل أن الركود الاقتصادي الأخير كان سبباً في القضاء على الكثير من المكاسب الاقتصادية التي جناها الأطفال في أواخر التسعينيات في الولايات المتحدة، حسبما قالت لورا سبير المدير المساعد لقسم البيانات والإصلاح السياسي في مؤسسة كيسي التي تؤكد أن ما يقرب من ثمانية ملايين طفل قد عاشوا مع أحد والديهم ممن سعوا إلى الحصول على وظيفة ولم يكونوا يعملون في عام 2010، وهو ضعف ما كانت عليه الحال في عام 2007، وفي الولايات المتحدة ككل، يعيش ما يقرب من 15 مليون طفل (20%) في فقر مع أن المفترض أن الحد الأدنى لتحقق أسرة مكونة من أربعة أفراد متطلباتها أن يكون دخلها السنوي هو 43.512 دولار وهو ضعف خط الفقر الفيدرالي لأسرة مكونة من أربعة أفراد، ونقلت الصحيفة عن المركز الوطني للأطفال الفقراء في جامعة كولومبيا أن معدلات الدخل المنخفض للأطفال الأصغر أعلى منها لدى الأطفال الأكبر منهم سن، ويعيش 43% من الأطفال تحت سن السادسة في أسر دخلها منخفض مقارنة بنسبة 37% من الأطفال فوق السادسة، ومع هذا المعدل الكبير من البطالة (12.1%) ومعدلات أزمة الرهن العقاري بصورة عامة شهدت ولاية نيفادا 38% زيادة في فقر الأطفال خلال السنوات العشر الماضية. بحسب رويترز.

بعد الازمة الاقتصادية

من جهتها قالت هيئة حكومية مكسيكية ان عدد الفقراء في المكسيك زاد الي 46.2 بالمئة من اجمالي السكان أو 52 مليون شخص في 2010 ارتفاعا من 44.5 بالمئة في 2008 في اعقاب الازمة المالية العالمية، وجاء في تقرير اصدرته الهيئة الرسمية المسؤولة عن قياس الفقر في المكسيك والمعروفة ماليا باسم كونيفال أن نسبة الفقر المدقع تراجعت بشكل طفيف الي 10.4 بالمئة أو 11.7 مليون شخص في 2010 من 10.6 بالمئة في 2008، وبدأت الازمة المالية في الولايات المتحدة الشريك التجاري الرئيسي للمكسيك وتسببت في ركود حاد في 2009 مما دفع معدلات البطالة للصعود الي أعلى مستوى لها في 12 عام، وتعهدت ادارة الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون المحافظة بخفض الفقر ويقول منتقدون انها لم تبذل جهودا كافية لتقليل التفاوت في الدخول في ثاني أكبر اقتصاد في امريكا اللاتينية. بحسب رويترز.

البريطانيون في شيخوختهم

بدورها كشفت دراسة جديدة نشرتها صحيفة "ديلي اكسبريس" أن واحداً من كل أربعة بريطانيين من الرجال والنساء سيعاني من الفقر بعد التقاعد، لعدم توفيره أي مال للمرحلة المتقدمة من العمر، ووجدت الدراسة أن 13.6 مليون موظف بريطاني لا يوفرون أي شيء لمرحلة التقاعد، مع أن مليوناً و 400 ألف واحد منهم فوق سن الستين وعلى وشك التقاعد، وقالت إن البريطانيين غير المسجلين في برامج تقاعدية ارتفع عددهم من 28 بالمائة عام 2010 إلى 30 بالمائة الآن، وسيضطرون للاعتماد على المعاشات التقاعدية للدولة أو العمل حتى سن السبعين، ما لم يفتحوا خطة تقاعدية أو يوفروا المال بصورة مستقلة، وأضافت الدراسة أن ملايين البريطانيين في سن الخمسينيات والستينيات من العمر يقتربون من سن التقاعد التقليدي من دون أن تكون لديهم أي اعتمادات مالية كافية لحياة كريمة، وأشارت إلى أن 13 بالمائة من البريطانيين وضعوا منازلهم كضمان لحياتهم التقاعدية بالمقارنة مع 12 بالمائة عام 2010، و 8 بالمائة عام 2009، في حين لم يبدأ 74 بالمائة من البريطانيين من الفئة العمرية 25 إلى 34 عاماً الادخار في معاشاتهم التقاعدية، ولاحظت الدراسة أن النساء البريطانيات أكثر ميلاً من الرجال للاستثمار في البرامج التقاعدية وبمعدل 53 بالمائة مقابل 51 بالمائة.

الأمن الغذائي في باكستان

من جهة اخرى يشعر سليم الدين، 35 عاماً، بالسعادة اليوم، فقد تمكن هذا المتسول المعاق الذي يعيش في مدينة لاهور شمال شرق باكستان، من شراء بعض العدس المطبوخ وست فطائر لأسرته المكونة من ستة أشخاص، ويتحدث عن ذلك بقوله "سنقيم وليمة اليوم، فنحن عادة نتقاسم فطيرتين أو ثلاث فطائر في أحسن الأحوال، ولكن أحدهم أعطاني اليوم ورقة من فئة 100 روبية "1.17 دولاراً"، مكنتني بالإضافة إلى القليل من النقود المعدنية الأخرى، من شراء وجبة حقيقية"، ويشكل المتسولون، مثل سليم، الوجه الأكثر وضوحاً للجوع والفقر في البلاد، وبالرغم من أن عددهم غير معروف بدقة، إلا أنه يُقدَّر بعدة ملايين، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام، ويميل هذا الرقم إلى الارتفاع أكثر في المدن الكبرى قبل شهر رمضان، الذي بدأ في 2 أغسطس، حيث يصبح الناس خلاله أكثر سخاءً وميلاً للعطاء، ولا تنعكس حالة انعدام الأمن الغذائي في المتسولين فقط، فوفقاً لتقرير صادر في عام 2010 عن معهد سياسات التنمية المستدامة (SDPI)، الواقع مقره في إسلام أباد، بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، يعاني 48.6 بالمائة من سكان باكستان البالغ عددهم 165 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي، وقد ذكر التقرير أن "الأمن الغذائي في باكستان شهد تدهوراً منذ عام 2003، فالظروف اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي غير كافية في 61 بالمائة من المقاطعات (وهو ما يشكل 80 مقاطعة من أصل 131 مقاطعة)، ويمثل هذا زيادة حادة عن النسبة المسجلة في عام 2003، عندما كانت الظروف اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي غير كافية في 45 بالمائة من المقاطعات (54 مقاطعة من أصل 120 مقاطعة)"، وأضاف التقرير أن حالة الأمن الغذائي الأسوأ (67.7 ٪) توجد في المناطق القبلية التابعة للحكومة الاتحادية، وهي المناطق الواقعة على طول الحدود الباكستانية الأفغانية والتي تعاني من صراعات مسلحة، تليها ولاية بلوشستان (61.2 بالمائة)، "وعلى الرغم من صعوبة إيجاد دليل مادي حاسم، فإن التداخل القوي بين انعدام الأمن الغذائي والصراعات المسلحة يدل على وجود صلة كبيرة محتملة بينهما"، وفي هذا السياق، قال رئيس معهد سياسات التنمية المستدامة، عبد القيوم سوليري، لوسائل الإعلام أن "الفقر والجوع يشكلان مصدر قلق أمني بسبب الصلة القوية بين الأمن الغذائي والجوع والفقر وقابلية التعرض للكوارث". بحسب ايرين.

كما يرتبط انعدام الأمن الغذائي بالأسعار وليس بتوفر السلع الغذائية، حسب المنظمات المعنية، "إذ لا يستطيع الكثير من الناس الحصول على الغذاء بسبب انخفاض دخلهم. وعلى الرغم من أن باكستان تنتج ما يكفي من الغذاء، حيث وصل إنتاج القمح هذا العام إلى 24.2 مليون طن "وهو أكثر من المطلوب" ، إلا أن انعدام الأمن الغذائي قد زاد،" حسب تصريح المتحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، أمجد جمال، وأوضح جمال أن "سياسات التسعير الحكومية أثرت على 35 بالمائة من السكان في المناطق الحضرية ومجموعة واسعة من المستهلكين في المناطق الريفية، حيث يعتمد 40 بالمائة من الأسر على أجور ورواتب، و16 بالمائة على أنشطة غير زراعية، و5 بالمائة على التحويلات المالية الخارجية، وقد تضررت جميع هذه الفئات من ارتفاع الأسعار، بعد أن ارتفع سعر القمح بنسبة 131 بالمائة من 550 روبية "6.47 دولاراً" لكل كيس من فئة 40 كيلوغراماً إلى950 روبية [11.17 دولاراً]"، من جهته، أوضح رئيس الوزراء بأن الزيادة في الأسعار كانت بهدف "تشجيع زراعة القمح للوصول إلى إنتاج 25 مليون طن وتحقيق الأمن الغذائي للبلاد"، وأشار إلى أن هذه الخطوة الهادفة إلى مساواة أسعار القمح الباكستاني بالأسعار في البلدان المجاورة، سوف "تساعد على الحد من التهريب"، من جهتها، قالت ديلنور بيبي، وهي أرملة في الأربعين من عمرهاً، أن دقيق القمح كان يكلف أقل من 15 روبية "17 سنتاً أمريكياً" للكيلوغرام الواحد منذ ثلاث سنوات، ولكنه أصبح الآن يكلف أكثر من 30 روبية "35 سنتاً أمريكياً"، مضيفة أن دخلها الشهري البالغ 5،000 روبية "58.82 دولاراً" والذي تجنيه من عملها كغسالة للملابس "يكفي بالكاد لإطعام أطفالي الثلاثة، والأطباء يقولون أن طفلي البالغ من العمر ثلاث سنوات، والمريض في أغلب الأوقات، يعاني من نقص حاد في الوزن ويحتاج إلى المزيد من الغذاء الذي لا أستطيع توفيره"، ويرى خبراء التغذية الجوع في كل مكان، حيث قال شهيد أوان، مسؤول التغذية بصندوق الأمم المتحدة للطفولة، أن "الرجال والنساء والأطفال يعانون جميعاً من سوء التغذية، ولكن الأثر على صحة النساء والأطفال هو الأكثر حدة"، وأضاف أنه تم الكشف عن 95،000 طفل "يعانون من سوء التغذية الحاد" في البلاد، وأن الكثير من النساء يعانين من فقر الدم وغيره من المشاكل الصحية التي تؤثر أيضاً على صحة الأطفال، مشيراً إلى أن "الإسهال والأمراض المعدية الأخرى التي يعاني منها العديد من الأطفال هي مجرد أعراض، في حين أن السبب الحقيقي للمشكلة هو سوء التغذية الحاد، وهذا هو ما نحتاج لمعالجته على وجه السرعة".

الفقراء الأكثر تضرراً في اليمن

من جانبه يجد عبد الكريم محمد، وهو سائق دراجة نارية يستخدمها كتاكسي، صعوبة متزايدة منذ الأشهر القليلة الماضية لشراء ما يكفي من الغذاء لأسرته المكونة من ثمانية أفراد، حيث قال في العاصمة صنعاء، "قبل الثورة، كنت بحاجة إلى 500 ريال يمني (2.2 دولار) لشراء الخبز لجميع أفراد الأسرة، ولكن الآن لا يكفي حتى 1،000 ريال (4.4 دولار) للقيام بذلك، كما أنني نادراً ما أجد الوقود لدراجتي النارية"، وما يعنيه محمد بالثورة هو سلسلة الاحتجاجات التي عمت أرجاء البلاد وبدأت قبل نحو خمسة أشهر ضد حكم الرئيس علي عبدالله صالح والتي خلفت مئات الضحايا من المتظاهرين بين قتلى وجرحى، وشردت عشرات الآلاف من المدنيين، وقد أدت الاضطرابات إلى رفع الأسعار، حيث أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن  سعر الخبز ارتفع بنسبة 50 بالمائة في الأشهر القليلة الماضية، وهناك أيضاً قلق من أن العملة قد تنهار وتدفع بنسبة 15 بالمائة أخرى من اليمنيين تحت خط الفقر، وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تقرير صدر في الأول من يوليو أن الإحصاءات تشير إلى أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص يعاني من انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية، كما يعاني أكثر من 50 بالمائة من الأطفال من وقف النمو، ويتنبأ الاقتصاديون بأن الوضع قد يزداد سوءاً إذا نفذت الاحتياطات الغذائية في اليمن خلال الشهرين المقبلين وفشلت الحكومة في دفع رواتب الموظفين، ووفقاً لتحذيرات محمد الأفندي، رئيس المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، وهي منظمة غير ربحية، "قد تؤدي ثورة الشباب الحالية إلى تمرد آخر من قبل الجياع".

وفي الأشهر القليلة الماضية، واجهت الكثير من الأسر الفقيرة تزايداً في سوء التغذية لأنها غير قادرة على شراء المواد الغذائية الضرورية، وفقاً لمركز بحثي محلي يُدعى مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، على أطراف النزاع أن تأخذ في اعتبارها معاناة الفقراء، ولا شك أن الفقراء هم الذين يتحملون العبء الأكبر للاضطرابات السياسية في البلاد، وقال المركز في تقرير صدر يوم 4 يوليو أن تسعة ملايين يمني يواجهون صعوبة في تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية"، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل دقيق القمح والسكر والحليب بنسب تتراوح بين 40 و60 بالمائة، في حين تسببت الاضطرابات الجارية في نقص لم يسبق له مثيل في إمدادات الوقود، الذي ازداد سعره بنسبة 900 بالمائة خلال الأشهر الخمسة الماضية"، ووجد برنامج الأغذية العالمي، في تقييم حديث، أن أربعاً من محافظات اليمن البالغ عددها 21 محافظة، وهي ريمة وعمران وحجة وإب، تعاني من أسوأ انعدام للأمن الغذائي، "وخلال مناقشات الفريق، تبين أن أسعار المواد الغذائية مرتفعة أكثر في المناطق الريفية، وذلك على الأرجح بسبب تكلفة النقل التي ارتفعت نظراً لندرة الوقود،" كما جاء في مذكرة إحاطة أعدها برنامج الأغذية العالمي في منتصف يونيو، وأضافت المذكرة أن "96 بالمائة من الأسر في اليمن مشترون صافون، لذا فإن أفقر الأسر هي الأكثر تضرراً من الزيادات الأخيرة في الأسعار، وقد اختار أفقر الناس الآن آليات المواجهة السلبية، مثل تخفيض عدد وجبات الطعام، وعدم استهلاك لحوم أو أسماك وحتى الصوم، ولأن العديد من اليمنيين ينفقون بالفعل ما بين 30 و35 بالمائة من دخلهم اليومي على الخبز، قد يصبح تحمل التضخم في أسعار الخبز عبئاً شاقاً على الأمن الغذائي لأفقر الأسر".

وقد نزح المزيد من الأشخاص مؤخراً في الجنوب، إذ يوجد حالياً أكثر من 15،610 نازحين في عدن، وحوالي 11،890 في لحج و15،000 غير مؤكدين في أبين، ويعتمد نحو 90 بالمائة من النازحين الموجودين في عدن على التبرعات التي تقدمها المجتمعات المضيفة لتلبية احتياجاتهم اليومية من الغذاء، وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وتشير تقارير وسائل الاعلام إلى أن الاقتصاد اليمني خسر حوالي 5 مليارات دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الأزمة السياسية وأنه يتأرجح الآن على حافة الانهيار، وقد تفاقم الوضع بسبب نقص الوقود الذي أصاب البلاد بالشلل، وقال أحمد عبد الوهاب، وهو خبير تغذية في صنعاء، أن نقص الغذاء المتزايد يعني انخفاض السعرات الحرارية لكثير من الناس، "ويؤدي انخفاض السعرات الحرارية إلى فقر الدم ويدمر الأعضاء الحيوية مثل الكلى والكبد والقلب، لأن الجسم يلجأ عادة إلى حرق الأنسجة العضلية، لو لم يكن لديه ما يكفي من السعرات الحرارية"، ودعا محمد البعداني، وهو تاجر قمح في صنعاء، إلى حل وسط بين الحزب الحاكم والمعارضة من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي وخفض أسعار المواد الغذائية، وأضاف أن "على أطراف النزاع أن تأخذ في اعتبارها معاناة الفقراء، ولا شك أن الفقراء هم الذين يتحملون العبء الأكبر للاضطرابات السياسية في البلاد".

موجة حر فاقمت الازمة

على صعيد اخر ذكرت صحيفة فيدوموستي ان موجة الحر التي شهدتها روسيا هذا الصيف ودمرت محاصيل الحبوب وتضخم في اسعار المواد الغذائية ادت الى ارتفاع عدد الروس الذين يعيشون تحت عتبة الفقر في هذا البلد بمقدار 700 الف شخص، وتحدثت الصحيفة الاقتصادية بالاستناد الى تقرير البنك الدولي الذي نشر مؤخراً ومعطيات الوكالة الروسية للاحصاءات عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية بنسبة 8،4 بالمئة بين كانون الثاني/يناير وايلول/سبتمبر 2010 "مقابل 5،9 بالمئة في الفترة نفسها من 2009"، وقالت ان "الجفاف ادى الى ارتفاع اسعار القمح والحليب والبيض والخضار"، موضحة ان "الفقراء خصوصا هم الذين يعانون من تضخم اسعار المواد الغذائية لانها تشكل الجزء الاساسي من نفقاتها"، وبذلك سيزداد عدد الذين يعيشون تحت عتبة الفقر في روسيا 700 الف شخص قبل نهاية 2010 ليبلغ 19،8 مليون شخص مقابل 19،1 مليون تم احصاؤهم في نهاية النصف الاول من 2010. بحسب فرانس برس.

فقراء المدن في بنجلاديش

كما أفادت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في بنجلاديش أنه من الأفضل أن يكون المرء فقيراً في الريف عنه في المدينة، وفي هذا الإطار، قال كاريل دي روي، ممثل اليونيسف في البلاد من العاصمة دكا أن "المفهوم الذي كان سائداً في السابق هو أن سكان الريف هم الأسوأ وضعاً عند الحديث عن التنمية الاجتماعية "مقارنة بالمناطق الحضرية"، ولكن هذا التقرير يظهر بوضوح أن الأحياء الفقيرة في المدن هي التي تحتل قاعدة الهرم"، وقد أظهرت الدراسة أن معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة في الأحياء الفقيرة في بنجلاديش يصل إلى ما يقرب ضعف معدلها في المناطق الريفية والحضرية غير الفقيرة في الوقت الذي يصل فيه المتوسط الوطني لالتحاق سكان الريف أو الحضر بالتعليم الثانوي إلى ثلاثة أضعاف مثيله لدى سكان المدن الفقيرة، ومع تزايد عدد سكان الأحياء الفقيرة بسرعة كبيرة في جميع أنحاء البلاد، يدعو التقرير إلى رسم المزيد من البرامج الموجهة للفقراء في المناطق الحضرية، ويعيش حوالي 30 بالمائة من سكان الحضر في المدن الست الكبرى في البلاد في أحياء فقيرة، من جهته، قال نصر الإسلام، المتخصص في شؤون المناطق الحضرية ورئيس لجنة المنح الجامعية في بنجلاديش، "يوجد في المناطق الريفية مبادرات للصحة والتعليم، إذا أردنا أن نحقق أهدافنا الإنمائية، فعلينا أن نولي مثل هذا الاهتمام للأحياء الفقيرة في المدن كذلك". بحسب ايرين.

الفقر في ازدياد في مصر

من جانب اخر على الرغم من أن متوسط دخل الفرد مرتفع نسبياً في مصر، إلا أن 21 بالمائة من سكان البلاد البالغ عددهم 80 مليون نسمة يعيشون في فقر، معظمهم في الجنوب، وفقاً لتقرير جديد صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات الذي تشرف عليه الدولة، وقال التقرير الذي ركز على الفترة 2009 – 2010 أن "متوسط الدخل السنوي للفرد في مصر يبلغ 2،077 دولاراً" ولكنه أوضح أن عدد الفقراء في تزايد، وأضاف أن "نحو 12.2 مليون مصري يعيشون في 1،200 حي فقير بينما لا تحصل 3،728 من القرى على خدمات الصرف الصحي، كما أن 17 مليون من البالغين في البلاد أميون"، وتعليقاً على التقرير، قال رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد في الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية في القاهرة أن عدد الذين يعيشون في فقر قد يكون أعلى من ذلك بكثير. وأضاف أن "الأرقام الحقيقية حول الفقر قد تكون مذهلة، فهناك تفاوت كبير في الدخل في بلدنا بالإضافة إلى تفشي البطالة"، وأضاف أن عدد الفقراء قد يرتفع نظراً للركود الذي يضرب قطاعات مهمة مثل السياحة والإنشاءات منذ الاضطرابات التي بدأت في يناير، وستزداد الأوضاع سوءاً مع انخفاض التحويلات المالية من ليبيا وتدفق العمال المصريين العائدين إلى ديارهم من هناك خلال الأسابيع الأخيرة. بحسب ايرين.

الفقر بين طالبي اللجوء

في السياق ذاته أضافت أوكسفام صوتها إلى عدد متزايد من الأصوات القلقة بشأن النظام البريطاني في البت في طلبات اللجوء والمعاناة التي يتسبب بها، وذلك في تقرير عن طالبي اللجوء المعدمين الذين يمنعون من العمل ولا يحق لهم المطالبة بمساعدة مالية من الدولة، والرجال والنساء الذين تحدثوا عن قصصهم دون ذكر أسمائهم في تقرير بعنوان "مواجهة الفقر المدقع، استراتيجيات البقاء على قيد الحياة لطالبي اللجوء في المملكة المتحدة"، يعيشون في الظل، وهم مفلسون ويعتمدون على إحسان الآخرين، وقال أحد طالبي اللجوء لباحث من أوكسفام خلال إحدى المقابلات "إنهم لا يعاملونك باحترام، ويستغلونك ليصبح 'غذاؤك مقابل العمل' في تنظيف المنزل وغسل الملابس، كما أن الإقامة مع الأصدقاء أمر صعب، فهم يسأمون من رعايتك إذا لم يكن لديك أي دخل"، وقال آخر مبيناً صعوبات الحياة اليومية، "قد تستخدم بطاقة الحافلات، وتظل تتنقل طوال الليل على متن الحافلة، إنها مخاطرة كبيرة لأنك تذهب إلى أماكن لا تعرفها وتقضي الوقت في محطة الحافلات خلال الليل، وقد يتم القبض عليك، وقد يكون لديك مكان تذهب إليه ولكنك تشعر بأن صديقك يحتاج إلى الخصوصية، أو لا تشعر بالراحة عندما تقيم هناك"، ونقل التقرير عن أحد طالبي اللجوء قوله، "كنت أعرف رجلاً عمل لمدة ثلاثة أشهر، وتلقى وعداً بأجر يومي قدره 35 جنيهاً استرلينياً (56 دولاراً)، وعندما سأل عن الأجر بعد ثلاثة أشهر، قال المدير أنه سيعطيه 50 جنيهاً فقط (80 دولاراً) عن ثلاثة أشهر، فقال 'ولكني استحق 3،000 جنيه (4،800 دولار)'، فهدد المدير بإبلاغ إدارة الهجرة عنه، فماذا يمكنه أن يفعل؟"، ويعاني بعض طالبي اللجوء الذين لم يتقرر بعد البت في حالاتهم، من مشاكل إدارية ويجدون أنفسهم ممنوعين من العمل، ومن المطالبة بأي نوع من أنواع الدعم الحكومي. بحسب ايرين.

وقد تم رفض طلبات لجوء معظم ممن يعانون من الفقر المدقع، ولكن هؤلاء يفضلون العيش مفلسين في المملكة المتحدة على العودة إلى بلدانهم الأصلية، وفي عام 2005، قدر المكتب الوطني لمراجعة الحسابات التابع للحكومة البريطانية أن هناك نحو 155،000 إلى 283،500 لاجئ في هذا الموقف وليس لدى هؤلاء مصدر قانوني للحصول على الدخل، وقد انخفضت المساعدة المتاحة للأشخاص الذين يطلبون اللجوء في بريطانيا بشكل مطرد على مدى السنوات العشر الماضية، ففي وقت سابق كان باستطاعة هؤلاء الحصول على إعانات الرعاية الاجتماعية العادية وطلب الحصول على تصريح عمل إذا اضطروا للانتظار أكثر من ستة أشهر لاتخاذ قرار بشأن طلباتهم، أما الآن، فالمنفعتان الوحيدتان اللتان يمكنهم المطالبة بهما هما السكن وبدل المعيشة المخفض إلى 35 جنيهاً استرلينياً (حوالي 55 دولاراً) في الأسبوع من الخدمة الوطنية لدعم طالبي اللجوء (ناس)، وبمجرد رفض الطلب والاستئناف، يتوقف الدعم ويفترض أن يغادر مقدم الطلب البلاد في غضون ثلاثة أسابيع، وفي هذه المرحلة، يحاول العديد من طالبي اللجوء البقاء دون أية وسيلة دعم، وحتى في الحالات التي يصعب أو يستحيل فيها الرحيل لعدم امتلاكهم الأوراق اللازمة أو بسبب الظروف شديدة الخطورة في أوطانهم، يختار العديد منهم الاختفاء بدلاً من البقاء في مكان الإقامة الذي توفره الخدمة الوطنية لدعم طالبي اللجوء، حيث يمكن بسهولة العثور عليهم وترحيلهم، وأشارت أوكسفام إلى أن قطع المساعدات لإجبار طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على العودة إلى ديارهم قد "فشل بوضوح في تحقيق أهدافه، فطالبو اللجوء المعدمون، الذين تعتبرهم السلطات في نهاية عملية اللجوء، لا يعودون ببساطة إلى بلدانهم الأصلية، بغض النظر عن مدى سوء الأحوال في المملكة المتحدة"، وتقول المنظمات التي تعمل مع طالبي اللجوء أن سوء القرارات المتعلقة بطلبات اللجوء هو السبب الجذري للعديد من المشاكل، لأن القرارات التي ينظر إليها على أنها تعسفية وغير عادلة تشجع المطالبين على البقاء وتجربة حظهم مع دعاوى الاستئناف أو من خلال تقديم طلبات أخرى، وأفادت ديبورا سينغر، من منظمة أسايلم إيد، التي تقدم المساعدة القانونية لطالبي اللجوء، بأن نصف النساء اللواتي عملت معهن، واللواتي رُفضت طلبات اللجوء الخاصة بهن في البداية، قُبل استئنافهن وصدر بحقهن قرار معاكس، إننا لسنا بحاجة أبداً لإجبار أي شخص على الاختيار بين العوز والاضطهاد، فالكثير من الناس الذين لجأوا إلينا بحثاً عن ملاذ لم يحظوا بمحاكمة عادلة، وأضافت أن "هذا يشير إلى أن هناك خطأ كبير في المرحلة الأولية، فمسؤولو وكالة الحدود، الذين يتخذون القرار الأول، يعاملون طالبي اللجوء على أساس ثقافة التكذيب، أما دعاوى الطعن فينظر بها قضاة الهجرة الذين يتبعون معايير مختلفة للإثبات وموقفاً مختلفاً تجاه المصداقية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/أيلول/2011 - 5/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م