خفايا الدور البريطاني في حرب ليبيا

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: لا يخفى ان ما قامت به بريطانيا من دور في دعم الانتفاضة الليبية ضد نظام معمر القذافي، اتى بنتائج قد تكون ايجابية على الشعب الليبي وتؤكد معلومات ان بريطاني ستلعب دورا هاما في التحول السياسي في ليبيا مستقبلا.

ولهذا التدخل أسبابا وتداعيات ومصالح فبعد ان أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أنه من المتوقع أن تكلف المشاركة العسكرية في ليبيا دافعي الضرائب البريطانيين نحو 260 مليون جنيه استرليني (415 مليون دولار) خلال فترة ستة شهور. يعتقد خبراء إن التكاليف المتوقع أن تتحملها بريطانيا في إطار مشاركتها في الحملة التي يقودها حلف شمال الأطلسي (ناتو) يمكن أن تبلغ حوالي 120 مليون جنيه استرليني. كما سيتطلب الأمر إنفاق 140 مليون جنيه استرليني أخرى لإحلال الصواريخ والمعدات الأخرى في حالة استمرار المهمة بالمعدل الحالي.

اضافة الى ذلك فأن هدف تفادي حدوث خسائر في الارواح بين المدنيين يزيد من تكاليف العملية العسكرية في ليبيا، حيث سيتطلب الأمر استخدام مزيد من الأسلحة الدقيقة عالية التكلفة.

وانضمت بريطانيا لحملة حلف الأطلسي في بدايتها في 19 مارس الماضي، على أساس أنها ستنتهي في 27 يونيو الجاري. ولكن الإطار الزمني للعمليات العسكرية جرى تمديده مؤخرا لثلاثة شهور على أن ينتهي في سبتمبر المقبل.

ولاقت المشاركة البريطانية في العمليات العسكرية في ليبيا انتقادات شديدة في الآونة الأخيرة من قبل شخصيات عسكرية بارزة و اعضاء في البرلمان في بريطانيا، حيث يتساءلون عما إذا كانت بريطانيا سوف يمكنها الاستمرار في هذه الجهود إلى ما بعد سبتمبر.

خلية سرية

المشاركة البريطانية اتخذت طرق متعددة في إدارة الحرب فهناك معلومات تفيد عن ان الحكومة البرطانية شكلت خلية سرية بهدف وقف امدادات النفط عن القوات الموالية للعقيد معمر القذافي وتأمين الكميات المخصصة للثوار.

شكلت "خلية نفط ليبيا" المؤلفة من مجموعة موظفين ووزراء وعسكريين، في وزارة الخارجية البريطانية. وانشئت الخلية بناء على اقتراح وزير الدولة المكلف شؤون التنمية الدولية الان دنكان الذي اقنع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في نيسان/ابريل بان جزءا من حل النزاع في ليبيا يكمن في النفط. حسب بي بي سي.

ودنكان الذي عمل في الماضي لحساب شركة فيتول النفطية السويسرية، اقنع كاميرون بان الثوار سينتصرون على القذافي اذا كان في تصرفهم ما يكفي من النفط واذا حرم الزعيم الليبي منه.

واعلن مصدر دبلوماسي بريطاني ان "النفط كان يلعب دورا مهما جدا في الالة العسكرية لحرب القذافي".

واضاف ان استراتيجية الحكومة البريطانية التي تشارك في العمليات العسكرية للحلف الاطلسي في ليبيا منذ ستة اشهر "كانت زيادة الضغط" على النظام الليبي "في كافة المجالات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية". وقال ايضا ان خلية النفط جزء من خطة متعددة الجوانب اعتمدتها الحكومة.

واوضح مصدر قريب من الحكومة انذاك "اذا لم يكن لديكم النفط، لا يمكنكم تحقيق النصر في الحرب. وبالتالي، فان هدفنا هو جعل الغرب الليبي يتعطش الى النفط (الموجود انذاك بين ايدي القوات الموالية للعقيد القذافي) والتاكد من ان الثوار يمكنهم مواصلة" القتال.

القذافي لديه الكثير من النفط الخام لكن لا يمكنه تكريره. وبالتالي فهو يعتمد على النفط المستورد، ولقد قطعنا هذا الصنبور.

وقدمت الخلية معلومات للحلف الاطلسي لوقف العمل في مرفأ الزاوية على بعد نحو 40 كلم غرب طرابلس بهدف منع امداد نظام القذافي بالنفط، بحسب البي بي سي.

وحددت الخلية ايضا مكان طرق اخرى يسلكها مهربون للحصول على الوقود من تونس والجزائر لحساب الجيش الليبي.

وشجعت من جهة اخرى تجار النفط المتواجدين في لندن على بيع النفط للثوار في بنغازي شرق ليبيا محاولة التقليل من المخاطر المرتبطة بالدفع.

وكان الامداد بالنفط الليبي معقد خصوصا بفعل عقوبات الاتحاد الاوروبي التي فرضت منذ بداية النزاع في شباط ضد شركات نفطية والمرافىء الليبية. وهذه العقوبات سترفع جزئيا.

والمعلومات حول الخلية السرية للحكومة البريطانية كشفت في اليوم الذي تجتمع فيه حوالي 60 دولة في باريس من اجل المرحلة الانتقالية الديموقراطية في "ليبيا الحرة".

مستقبل ليبيا

وفي رؤية إستراتيجية لمستقبل ليبيا وصف محللون سياسيون تقريرا بريطانيا يتحدث عن مستقبل ليبيا في مرحلة ما بعد القذافي "بالوثيقة المفيدة". فان التقرير الجديد هو "تقييم للوضع في ليبيا" ومن شأن التقرير أن يساعد على المضي قدما في دعم المجلس الوطني الانتقالي والشعب الليبي.

واعد خبراء ان التقرير وثيقة مهمة ولكن في نهاية المطاف هناك عمل جاد لنقل ليبيا بعد مغادرة القذافي الى الديمقراطية وهو الشيء الذي يجب على الشعب الليبي القيام به.

وأمضى فريق دولي تقوده بريطانيا وتدعمه الولايات المتحدة وايطاليا والدنمارك وتركيا واستراليا وكندا عدة أسابيع في شرق ليبيا الخاضع لسيطرة المعارضة لتقييم احتياجات ليبيا بمجرد انتهاء الحرب بافتراض الاطاحة بالقذافي.

وأعد الفريق تقريرا أرسل الى المجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا ومن المقرر عرضه في الاجتماع القادم لمجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا الذي يعقد في اسطنبول بتركيا في 15 يوليو/تموز المقبل.

واضاف تونر ان التقرير "وثيقة مفيدة ومهمة لمساعدتنا خلال سيرنا في تنفيذ الخطة" مضيفا "انني لن اضع العربة أمام الحصان" نظرا لانه لم يتم بعد الاطاحة بالعقيد الليبي معمر القذافي.

واشار الى ان فريقا أمريكيا بقيادة سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا جين كريتز قام بدراسة مختلف سيناريوهات ما بعد الصراع وساعد على كتابة بعض المقتطفات من هذا التقرير.

وجهات نظر متباينة

ولاشك ان هناك وجهات نظر مختلفة حول إدارة الحرب ودعم للثوار فهناك من ينتقد وهناك من يؤيد ففي جهة المنتقدين فقد انتقد الكاتب سيوماس ميلن دور القوى الغربية في ليبيا حيث قال انهم لا ييأسون. للمرة الثالثة خلال عقد من الزمان لعبت القوات البريطانية والأمريكية دورا حاسما في الإطاحة بنظام حاكم في دولة عربية أو إسلامية.

ويضيف أنه بينما كانت قوات المعارضة الليبية تواصل تقدمها مع استمرار الدعم الجوي الذي قدمه حلف شمال الاطلسي الناتو "كان السياسيون في لندن وباريس يعدون انفسهم لدورهم الجديد بوصفهم قابلات لليبيا الجديدة".

لكن الكاتب يرى أن "الأمر يجب أن يكون مختلفا هذه المرة". ويشرح فكرته بالقول "لقد قيل إن دروس الاستعمار الغربي المخضب بالدماء في العراق وافغانستان قد تم استيعابها: لا جنود على الأرض، مساندة من الأمم المتحدة، تخطيط سليم والليبيون في القيادة".

ويتابع الكاتب قائلا إن أسس التدخل العسكري الاجنبي في ليبيا كانت تستند إلى أن قوات القذافي تستعد للقيام بمجزرة ضد المدنيين في بنغازي "بعد أن هدد بتعقب الثوار المسلحين من منزل إلى آخر".

لكنه يستدرك قائلا إن أن تقارير وردت منذ ذلك الوقت من منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش "القت بشكوك جدية" على مجموعة من الروايات المتعلقة بجرائم الحرب التي "استخدمت لتبرير قصف الناتو".

التحدي القادم

غير أن هناك رأي مخالف تماما لما ذهب إليه ميلن، فقد يعتقد محللون سياسيون أن "الدور البريطاني في ليبيا لا ينتهي بسقوط القذافي، فبعد أن ساعد الغرب الليبين على الإطاحة بالديكتاتور، عليه الآن أن يساعدهم على إعاد بناء بلادهم".

فأن سقوط نظام القذافي "اشبه ما يكون بما وصفه تشيرشل (رئيس الوزراء البريطاني السابق) بأنه مجرد نهاية البداية". وأن الغرب يجب أن يكون مستعدا الآن لإرشاد ليبيا في طريق الديمقراطية.

من دون شك أن الأمر يعود إلى اهل ليبيا لإعاد بناء مستقبلهم، لكن من الواجب على بريطانيا والغرب مساعدتهم".

وتتفق الكاتبة انا-ماري سلاوتر في رأيها بشأن جدوى التدخل الغربي في ليبيا. حيث تقول الكاتبة "تخيلوا لو أن الأمم المتحدة لم تصوت للسماح باستخدام القوة في ليبيا في مارس/ آذار الماضي وأن الناتو لم يفعل شئيا".

وتواصل الكاتبة، التي شغلت منصب مديرة وحدة تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية، قائلة "تخيلوا أن القذافي اجتاح بنغازي وأن الولايات المتحدة لم تفعل شيئا وأن المعارضة الليبية تم قمعها".

فهذا هو السيناريو الذي دافع عنه الكثيرون بتبني موقفهم المعارض للتدخل من أجل وقف القذافي.

فخلال أشهر ظل اولئك المحللون يذكرونا بآرائهم، واصفين ليبيا بأنها مستنقع.

وأكدت مصادر عسكرية، للمرة الأولى، أن القوات البريطانية الخاصة ظلت متواجدة في ليبيا لعدة أسابيع ولعبت دورا أساسيا في تنسيق العمليات العسكرية في طرابلس.

وهناك جنودا من الفوج 22 التابع للقوات الخاصة بدأوا قيادة مقاتلي المعارضة الليبية بعد تلقي أوامر من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

أن جنود القوات الخاصة البريطانيين، الذين صاروا يرتدون ملابس مدنية عربية ويحملون نفس اسلحة قوات المعارضة، قد أمروا بتحويل تركيزهم إلى البحث عن العقيد القذافي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/أيلول/2011 - 5/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م