الكوارث الطبيعية... خطر اختلال الموازين البيئية

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: إن الكوارث الطبيعية بكل أشكالها وأنواعها تشكل تحدياً كبيراً أمام الإنسان وطموح التنمية والتكامل الاقتصادي والذي يسعى إلى تحقيقه منذ أمد بعيد، ويبدوا إن غضب الطبيعة الذي زاد كثيراً في العقود الأخيرة له ما يبرره بعد ان حرف الإنسان العديد من الموازين الطبيعية والبيئية وتلاعب بالعديد من المقدرات الكونية التي حولت الكرة الأرضية إلى أعاصير وتسونامي وجفاف وتصحر وفيضانات.

وقد حذر العديد من المختصين في مجال الكوارث الطبيعية من الاختلال في ميزان الطبيعة الدقيق، قد يعود بالعواقب الوخيمة على الحياة الإنسانية بأسره، وان على الإنسان أن لا يتحدى قوى الطبيعة بل أن يتصالح معها من اجل وضع حداً لتدهور علاقة الإنسان بالطبيعة.

الاعصار ايرين

فقد عادت الحياة في مدينة نيويورك الى طبيعتها يوم الاثنين بعد الاعصار ايرين لكن مئات الالاف من الاشخاص الذين كانوا يتوجهون اليها عادة من المناطق المحيطة واجهوا صعوبة في الوصول بعدما أغرقت الفيضانات بعض الطرق.

وعلى مسافة ابعد الى الشمال تكافح فيرمونت اسوأ فيضانات تشهدها الولاية منذ 1927 بعدما اجتاحها ايرين يوم الاحد رغم تراجعه الى عاصفة استوائية. وتسببت العاصفة في هطول أمطار غزيرة على نيوجيرزي وولايات اخرى وهي في طريقها شمالا الى كندا.

وقتل الاعصار ما لا يقل عن 21 شخصا في الولايات المتحدة وقطع الكهرباء عن خمسة ملايين منزل ومكتب.

وفتحت الاسواق المالية كالمعتاد غير ان ثمة توقعات بانخفاض حجم التداول. ومن المقرر ايضا ان تفتح المحاكم الاتحادية في نيويورك.

وبدأت قطارات الانفاق في نيويورك والرحلات الجوية في المطارات الرئيسية تستأنف الخدمة تدريجيا لكن معظم خدمات السكك الحديدية التي تغذي مدينة نيويورك من الشمال ومن نيوجيرزي متوقفة لاجل غير مسمى لوجود حطام على القضبان التي لا تزال تغمرها المياه.

ووضعت أكياس الرمل أمام أبواب بورصة نيويورك يوم الاحد توقعا لحدوث فيضان لكنها أُزيلت يوم الاثنين.

وشعر بيتر روجين (45 عاما) وهو مصرفي يستقل القطار عادة الى العمل من منزله في مانهاتن الى ستامفورد بولاية كونيتيكت بالاحباط عندما سمع من موظف في محطة جراند سنترال ستيشن بعدم وجود قطارات يوم الاثنين.

وقال "سأدفع على الارجح مبلغا كبيرا لسيارة أجرة حتى تقلني الى هناك" مضيفا ان ذلك سيكلفه 120 دولارا بدلا من 12.5 دولار لركوب القطار.

ولم يتعرض المركز الوطني للتنس في كوينز لاضرار كبيرة ومن المقرر ان تبدأ بطولة الولايات المتحدة المفتوحة يوم الاثنين كما هو مقرر. ومن المقرر ايضا ان تقام مساء يوم الاثنين مباراة في كرة القدم بين فريقي نيويورك جاينتس ونيويورك جيتس في استاد ميدولاندز بنيوجيرزي رغم التوقعات بتفاقم الفيضانات في الولاية في الايام القادمة.

وكانت ولايتا فيرمونت ونيوجيرزي الاشد تضررا من الفيضانات. واغرقت الامطار الولايتين بعد صيف ممطر على غير المعتاد مما رفع منسوب المياه في الانهار حتى قبل وصول العاصفة.

وقتل شخص واحد على الاقل بعدما جرفته المياه الى نهر في فيرمونت الجبلية التي لا تطل على بحار والتي نادرا ما تشهد عواصف استوائية. ويرفع ذلك العدد الاجمالي للقتلى في العاصفة الى 21 على الاقل بالاضافة الى ثلاثة لقوا حتفهم في جمهورية الدومنيكان وواحد في بويرتوريكو.

وجرفت المياه احد الجسور التاريخية المغطاة بفيرمونت بعدما تسببت الامطار المصاحبة لايرين في فيضان الانهار على ضفافها وقال مسؤولون يوم الاثنين ان الكهرباء انقطعت عن 50 ألف شخص. ووصف حاكم الولاية بيتر شوملين الفيضانات بالكارثة واضطرت السلطات الى انقاذ العديد من الاشخاص.

وفي نيوجيرزي قال الحاكم كريس كريستي "لقد أفلتنا لتونا من طلقة رصاصة" وحث السكان على البقاء في منازلهم وعدم الذهاب الى العمل مع محاولة شبكة النقل على التعافي.

وقال في مؤتمر صحفي "اذا لم تكونوا مضطرين الى الذهاب الى العمل فلا تذهبوا الى العمل غدا. غدا سيكون يوما صعبا جدا في التنقل حول نيوجيرزي."

وقالت شركة نيوجيرزي ترانزيت ان اغلب خدمات السكك الحديدية لا تزال مغلقة حتى اشعار اخر لكن خدمات الحافلات عادت وفق جدول عمل مخفض.

وقال مسؤولون انه من المتوقع ان يبلغ منسوب المياه في الانهار والجداول في ولاية نيوجيرزي ذروته خلال اليومين القادمين ليصل الى مستويات قياسية او يقترب منها.

ولم تتضح بعد تكلفة الخسائر التي سببها اعصار ايرين لكن كريستي حاكم نيوجيرزي قال لبرنامج (واجه الصحافة) ان الخسائر في ولايته وحدها قد تصل الى "مليارات الدولارات."

ومدينة نيويورك التي يقطنها 8.5 مليون نسمة غير معتادة على الاعاصير لكن السلطات اتخذت خطوات احترازية غير مسبوقة منها عمليات اجلاء اجبارية واغلاق كامل لانظمة نقل جماعية. وسيكون لهذا أثر اقتصادي كبير.

زلزال قوي يضرب امريكا

في سياق متصل ضرب زلزال قوي الساحل الشرقي للولايات المتحدة مؤخراً فهز مباني العاصمة الامريكية وأدى الى ترويع الاف العاملين في المكاتب ففروا الى الشوارع، ولم ترد تقارير عن أضرار كبيرة أو اصابات بسبب الزلزال الذي بلغت قوته 5.8 درجة ومركزه في مينرال بولاية فرجيني، وكان هذا اقوى زلزال يضرب ولاية فرجينيا منذ عام 1897 وكان على عمق ضحل مما زاد من قوته، واغلق مفاعلان نوويان في محطة كهرباء نورث انا في ولاية فرجينيا بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المحطة ولكن الشركة التي تشغل المفاعلين قالت انه لم تقع اضرار كبيرة، وسيبقى المفاعلان مغلقين حتى يمكن اعادة التشغيل بأمان، وتم اخلاء مقر وزارة الدفاع الامريكية (النبتاجون) والبيت الابيض ومبنى الكونجرس في واشنطن وهرع الاف العمال الى الشوارع بعدما أدى الزلزال الذي وقع في وقت الغداء لاسقاط الاشياء على الارض من أرفف المتاجر والمكاتب، وقال لاري بيتش الذي يعمل في الوكالة الامريكية للتنمية الدولية بوسط واشنطن على بعد 133 كيلومترا من مركز الزلزال "كنا نتأرجح، كان قويا بالتأكيد"، وعاد العمال الاتحاديون في واشنطن الى منازلهم مبكر، وتعرضت كاتدرائية واشنطن الوطنية التي شهدت مراسم جنازات كثير من رؤساء الولايات المتحدة لاضرار حيث كسر ثلاث قمم في البرج الاوسط بالكاتدرائية، ولا يشعر الساحل الشرقي للولايات المتحدة عادة بالزلازل بقوة، وقالت هيئة المسح الجيولوجي الامريكية ان قوة الزلزال بلغت 5.8 درجة لتخفض التقدير السابق البالغ 5.9 درجة، وتسبب الزلازل التي تتراوح قوتها بين 5.5 درجة وست درجات في العادة أضرارا للمباني والمنشات الاخرى، وكما لو أن زلزالا قويا نادرا لم يكن كافيا فيستعد الساحل الشرقي أيضا للاعصار ايرين القوي القادم من منطقة البحر الكاريبي، وأدى الزلزال الى تأرجح الثريات بمبنى الكونجرس وهز مجلس الشيوخ قبل خروج العاملين، والكونجرس في عطلة ومعظم الاعضاء ليسوا هناك، وقال وندي اوسكارسون كيرشنر المساعد بمجلس الشيوخ "ظننت في البداية أن شخصا يهز مقعدي ثم ظننت انها ربما تكون قنبلة"، وتعطلت خدمات الهاتف في جميع أنحاء المنطقة وادى التكالب على اجراء مكالمات الهاتف المحمول الى عدم قدرة المستخدمين من اجراء المكالمات، وفي نيويورك اضطرت السلطات لاخلاء المحاكم ومبنى البلدية بعد الزلزال الذي تسبب أيضا في توقف العمل بموقع مركز التجارة العالمي، وأخليت ابراج المراقبة بمطاري جون اف. كنيدي في نيويورك ونيو ارك ليبرتي في نيو جيرزي وتأجلت الرحلات الجوية بصفة مؤقتة في واشنطن وفيلادلفيا ونيويورك، وشعر بالزلزال حتى تورونتو وأخليت مبان في بوسطن. بحسب رويترز.

الاستعدادات لمواجهة الكوارث

الى ذلك أفادت أمانة الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة للأمم المتحدة أن العديد من دول الشرق الأوسط التي كانت قد فشلت على مدار السنوات في وضع أولويات الاستعداد للكوارث قامت الآن بإنشاء قواعد بيانات وطنية، وينبغي أن تكون قادرة الآن على تقدير مستوى المخاطر وتحسين الاستجابة، وقالت لونا أبو سويرح، مسؤولة البرنامج الإقليمي في مكتب الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة للأمم المتحدة بالقاهرة أن "المنطقة تتأثر بالعديد من الأخطار كالزلازل والفيضانات والانهيارات الأرضية والجفاف، ولكن الحد من مخاطر الكوارث لم يمثل أولوية للحكومات حتى وقت قريب"، وأضافت أن "هذا الالتزام جديد نسبياً وقد شهدنا مستويات عديدة للتقدم في دول المنطقة ولكن مستوى الالتزام لا يزال أقل من المستويات العالمية"، وقد حدث بعض التقدم أيضاً على صعيد وضع السياسات، حيث قالت أبو سويرح، "لأول مرة يكون لهذه المنطقة استراتيجية للفترة 2011-2020 تحدد الخطوط العريضة للالتزام بالحد من المخاطر ومواطن الضعف للدول العربية والسكان عن طريق العمل على نهج متعدد الأخطار وتقييم المخاطر وتحديد وتعزيز القدرات"، وطبقاً لتقرير عام 2010 الصادر عن وزراء البيئة العرب، فقد عانت المنطقة العربية من 276 كارثة خلال الـ 25 عاماً الماضية، لقي خلالها 100،000 شخص حتفهم وتضرر ما يقرب من 10 ملايين وأصبح 1.5 مليون شخص مشردين، والمنطقة معرضة لخطر الزلازل لأن أخدود وادي الأردن يمتد من البحر الأحمر عبر فلسطين وشمالاً عبر البحر الميت ووادي البقاع بلبنان، ويعيش نحو ثلثي سكان الأردن وجميع سكان لبنان وجزء كبير من سكان المناطق الحضرية في سوريا داخل 50 كيلومتراً من خط الصدع، وتعتبر ندرة المياه والأراضي الصالحة للزراعة أيضاً تهديداً للأمن الغذائي، بينما زادت الفيضانات في السنوات الأخيرة من ضعف المجتمعات، وطبقاً لتقرير الضعف الناجم عن الجفاف لعام 2010 الخاص بسوريا، يوجد ما يقدر بحوالي مليون شخص يفتقدون إلى الغذاء بسبب الجفاف، خاصة في شمال شرق البلاد حيث تعيش الأسر الضعيفة التي تعتمد على الزراعة.

وقد قامت كل من سوريا واليمن والأردن بوضع قواعد بيانات للخسائر الوطنية الناجمة عن الكوارث والتي يمكن استخدامها لتحليل المخاطر الواسعة النطاق استناداً إلى البيانات المقدمة من البلد ويشمل ذلك دراسات الحالة والتوضيحات والخلفيات حول مسببات المخاطر، وأشارت الاستراتيجية الدولية للحد من المخاطر في تقرير حديث بعنوان "الكشف عن المخاطر وإعادة تعريف التنمية" إلى أن "مجموعة من الدول العربية تحقق الآن تقدماً في تقديم التقارير بانتظام عن خسائر الكوارث وهو ما يوفر مجموعة من البيانات التجريبية التي لا يمكن الاستغناء عنها"، وقال التقرير أن الأردن وسوريا واليمن قد قامت مؤخراً بإكمال قواعد بيانات الخسائر الوطنية للكوارث، وستقوم مصر والمغرب قريباً بالانضمام إلى تلك الدول، وتقوم دول أخرى حالياً بالانتهاء من قواعد بياناتها في حين تحذو كل من جيبوتي ولبنان حذوه، وتمتلك الحكومات المعنية قواعد البيانات وتقوم بإدارتها وتحديثها بانتظام على المستوى القومي، وفي اليمن يتم إدارة قواعد البيانات بصورة مشتركة بواسطة وزارة المياه والبيئة والدفاع المدني وشركاء آخرين من بينهم الأمم المتحدة والبنك الدولي، وقالت أبو سويرح أن "تأثير الكوارث على اقتصاديات الدول العربية إلى جانب المشكلات التي تواجها تلك الدول مثل الفقر وغيره، تجعل المشاركة في الحد من مخاطر الكوارث تحدياً بالنسبة له، وأضافت قائلة، "إنك بحاجة إلى العمل اليوم على مسألة الحد من الكوارث من أجل التأكد من عدم تعرض نظامك للانهيار أمام كارثة ما"، وأوضحت أن "دولاً مثل الأردن ولبنان والأرض الفلسطينية المحتلة وسوريا معرضة لمخاطر كبيرة جراء الزلازل بسبب تركز السكان حول خطوط الصدع، وقد قامت بعض الدول بتقييمات دقيقة وعملت على ربطها بتخطيط المدن، وقد بدأ لبنان والأرض الفلسطينية المحتلة بتقييم المستشفيات لمعرفة مدى قدرتها على الصمود أمام الزلازل وكذلك تقييم بعض المدارس، غير أن هذا التقييم مازال في مراحله المبكرة"، وطبقاً للاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث، قامت عدد من الوكالات المتخصصة في العالم العربي بوضع نظم شبه إقليمية للإنذار المبكر من أخطار محددة، وذكرت الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث أن الجفاف قد أثر على مدار السنوات على الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة وعلى الإنتاج الزراعي، وقالت أبو سويرح أنه "في الربع الأخير من عام 2011 سنقوم بجمع كل الأطراف المعنية معاً "الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاصط في المنطقة لمناقشة كيف يمكننا تفعيل الاستراتيجيات ووضع الأولويات والاستثمار في الحد من المخاطر".

الزوبعة في ميسوري

بدورها فقد ادت الزوبعة التي ضربت مدينة جوبلين بولاية ميسوري في وسط الولايات المتحدة الى سقوط اكبر عدد من القتلى جراء زوابع منذ ما لا يقل عن ستين عاما مع ارتفاع حصيلتها الى 122 قتيل، وان كان بعض المسؤولين يتوقعون ارتفاع هذه الحصيلة اكثر، الا انها تسجل حاليا اعلى عدد من القتلى جراء زوبعة منذ ان بدا تعداد الضحايا بدقة، فيما تعود اعلى حصيلة سابقة الى العام 1953 حين اودت زوبعة ب116 شخصا في فلينت بولاية ميشيغان الشمالية، وكانت فرق الاغاثة تنشط بعد 48 ساعة على مرور الزوبعة فتبحث بين انقاض المباني محاولة العثور على ناجين، وتم انتشال شخصين على قيد الحياة من بين الانقاض اولهما كان عالقا في قبو والاخر تحت انقاض متجر، وقال المسؤول البلدي مارك رور خلال مؤتمر صحافي "ما زلنا في مرحلة بحث وانقاذ وستتواصل خلال الساعات المقبلة"، واضاف "ان حياة العديد من الاشخاص على المحك" مؤكدا ان الوقت يضغط، ولا يزال حوالى 1500 شخص في عداد المفقودين بحسب عدد من وسائل الاعلام غير ان بعض سكان جوبلين قد يكونوا لجأوا الى خارج المنطقة التي طاولتها الزوبعة بدون ان تتمكن السلطات من احصائهم، ما يفسر عدد المفقودين المرتفع، وبعد حوالى 48 ساعة على مرور الزوبعة، خيم دمار مذهل في جوبلين حيث دمرت احياء كاملة وراح المنكوبون ينقبون بين انقاض منازلهم سعيا لانقاذ بعض قطع الاثاث والمقتنيات الشخصية، واعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما عن "حزنه الشديد" جراء حصيلة الزوابع المرتفعة، وقال متحدثا خلال زيارة لبريطانيا "نتوجه بافكارنا وصلواتنا الى العائلات التي تعاني في الوقت الحاضر"، وما زاد من صعوبة عمليات الانقاذ الامطار الغزيرة التي انهمرت بدون توقف وقد اصيب اثنان من المنقذين بجروح بالغة جراء صاعقة، وتوقعت الارصاد الجوية الوطنية استمرار العواصف في ميسوري واوكلاهوما وكنساس وتكساس، وقال براندون هيكس (26 عاما) متحدثا امام انقاض منزله "نحاول انقاذ ما امكن قبل العاصفة المقبلة"، وازاء الفوضى والخراب الناتجين عن الزوبعة، تزخر صفحة المدينة على موقع فايسبوك بمعلومات حول المطاعم التي تقدم وجبات طعام مجانية والملاجئ للطوارئ، فيما عرض العديد من المتطوعين خدماتهم للمساعدة على ازالة الركام والنهوض بالمدينة مجددا.غير ان المهمة تبدو هائلة فقد تسببت الزوبعة باضرار تتراوح قيمتها ما بين مليار وثلاثة مليارات الدولارات، بحسب تقديرات وضعتها شركة "ايكيكات" المتخصصة استنادا الى الاملاك المؤمنة لديها فقط، واعلنت السلطات عن اصابة ثمانية الاف مبنى بالزوبعة التي وصلت سرعة رياحها الى 320 كلم في الساعة وخلفت شريطا من الدمار طوله 6،4 كلم وعرضه اكثر من كيلومتر، وقال جيف لو (23 عاما) لصحيفة سبرينغفيلد نيوز-ليدر "لم يعد شيئ كما كان، لا يمكن اطلاقا التعرف الى اي شيء"، وتعرضت ولاية اوكلاهوما المحاذية لميسووي بدورها لزوابع واكد الشريف راندال ادواردز من مدينة الرينو بوسط اوكلاهوما لشبكة سي ان ان "سقوط قتيلين" جراء الزوابع، وكانت زوابع ضربت في نهاية نيسان/ابريل جنوب شرق الولايات المتحدة مخلفة 354 قتيلا واضرارا هائلة، ما جعل منها الاعنف في حوالى قرن من حيث حصيلتها الاجمالية. بحسب فرانس برس.

كلفة اضرار تسونامي اليابان

من جهته اسفر تسونامي 11 اذار/مارس في اليابان عن اضرار مباشرة بقيمة 16900 مليار ين (147 مليار يورو) من دون احتساب اختلال النشاط الاقتصادي وعواقب حادث فوكوشيما النووي، على ما اعلنت الحكومة اليابانية مؤخر، ويشمل هذا المبلغ دمار المنازل والشركات والبنى التحتية في منطقة توهوكو (شمال شرق اليابان) التي دكها زلزال بقوة 9 درجات اكتسحها اثره تسونامي هائل ما اسفر عن مقتل وفقدان اكثر من 23 الف شخص، ويشكل هذا الرقم الاجمالي حوالى 3،5% من اجمالي الناتج الداخلي ويتجاوز بكثير كلفة اضرار زلزال كوبي عام 1995 الذي كان ادى الى مقتل 6400 شخص وبلغت كلفته 9600 مليار ين، ودمرت كارثة 11 اذار/مارس منازل ومكاتب ومراكز تجارية ومنشآت صناعية بقيمة 10400 مليار ين، وطرقات واراض زراعية ومرافئ ومراكب صيد بقيمة 5200 مليار، ومصارف مياه وانابيب غاز وخطوط كهرباء وشبكات اتصالات بقيمة 1300 مليار ين، الى جانب هذه الاضرار المباشرة الحقت الكارثة اضرارا فادحة بالنشاط الاقتصادي لا في المحافظات الاكثر تضررا اي مياغي وايواتي وفوكوشيما فحسب بل في مجمل انحاء البلاد كذلك، وادى التسونامي الى حادث نووي خطير في محطة فوكوشيما للطاقة النووية (220 كلم شمال شرق طوكيو)، وانبعثت كميات كبيرة من الاشعاعات في الجو والتربة والبحر ما اجبر اكثر من 85 الف مواطن من سكان السواحل على المغادرة وادى الى افلاس الكثير من المزارعين وصيادي السمك في المنطقة، كما تراجع انتاج الكهرباء الى حد كبير نتيجة توقف عمل حوالى 15 مفاعلا نوويا في توهوكو بسبب الزلزال وتعليق عمل غيرها في انحاء الارخبيل كاجراء احترازي، وبالتالي ستضطر شركات منطقة طوكيو والشمال الشرقي الى تخفيض استهلاكها للكهرباء صيفا بنسبة 15% عملا باوامر السلطات لتجنب قطع الكهرباء، كما تراجع بالتالي الانتاج الصناعي ولا سيما في قطاع السيارات بسبب نقص في القطع نجم عن الاضرار اللاحقة بالمصانع في توهوكو. بحسب فرانس برس.

الاعصار مويفا

من جهة اخرى ضعف الاعصار مويفا لدى اقترابه من ساحل الصين متفاديا العاصمة المالية شنغهاي واتجه شمالا نحو حافة اقليم شاندونغ الواقع على حدود البحر الاصفر، ومن المتوقع ان يتفادى الاعصار الساحل الشرقي للصين لكنه سيكون مصحوبا برياح قوية وامطار موسمية، لكن خبراء الارصاد الجوية قالوا ان من الممكن تجنيب السكان اضرارا كبيرة مما يخشى ان يكون اسوأ اعصار يضرب البلاد في سنوات، وقال سانغ باو ليانغ نائب رئيس مركز السيطرة على الفيضانات في شنغهاي لوكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) ان الرياح القوية اسقطت اللوحات الاعلانية وقطعت الكهرباء لفترة وجيزة عن منطقتين سكنيتين على الاقل بشنغهاي، وذكرت شينخوا ان السلطات اجلت اكثر من 310 الاف من سكان شنغهاي والغت اكثر من 200 رحلة واغلقت جسرين يصلان المدينة بجزر نائية، وقال زائر من اقليم شانشي يدعى لي هونغ يون عمره 29 عاما "لم يبد كاعصار على الاطلاق، هذه الرياح كانت طبيعية تمام، اعتقد ان الاعصار يكون اقوى من ذلك بكثير وينبغي الا يكون هناك مارة في الشوارع"، وقال المركز الوطني للارصاد الجوية بالصين ان الاعصار الذي يحمل رياح تصل سرعتها القصوى الى 138 كيلومترا في الساعة قد يمر بأجزاء من اقليم شاندونغ، وتوقع موقع تروبيكال ستورم ريسك على الانترنت ان يتباطأ مويفا على الارجح ليصبح عاصفة استوائية بينما يتجه شمالا ليصل الى اليابسة قرب مدينة داليان الساحلية. بحسب رويترز.

علاقة المساجد بالكوارث

من جانبهم يرى خبراء إدارة الكوارث والقيادات الدينية في واحد من أكثر بلدان العالم تعرضاً للكوارث وأكبرها من حيث عدد السكان المسلمين أنه بإمكان المساجد أن تقوم بدور أكبر من مجرد كونها ملاذاً روحي، وفى هذا السياق، أفاد على نور محمد، المدير القطري لمنظمة الإغاثة الإسلامية بإندونيسيا أن الاستفادة من المساجد لا تكمن في استغلال أبنيتها فحسب في حالات الكوارث بل تتعدى ذلك لتشمل أيضاً الاستفادة من التأثير والاحترام الذي يحظى به أئمة تلك المساجد، وأضاف نور أنه يجب "تدريب وتحفيز الأئمة للاستفادة من مساهمتهم في تعزيز الجانب الإنسانى وروح التعاون بين الناس بهدف تقديم الدعم وتحقيق التنمية وتخفيف المعاناة، فدعوة الأئمة فعالة جدّاً وتلقى قبولاً جيداً من قبل المجتمعات المحلية"، ويشكل التقرير الصادر مؤخراً عن منظمة الإغاثة الإسلامية بإندونيسيا ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وجمعية نهضة العلماء بإندونيسيا، وهو جمعية سنية تقليدية، أول دراسة تبحث في الدور المحتمل الذي يمكن أن يقوم به 600،000 مسجد في البلاد في حالة الكوارث، وفي هذا الصدد وخلال الإطلاق الأول للتقرير، شبَّه كياي حاجى عبد الجميل، رئيس البحوث والتنمية بوزارة الشؤون الدينية، مساجد بلاد بمكتبة تتوفر على العديد من الكتب ولكنها تفتقر لفهرس يقدم استراتيجية منسقة، من جهته، قال عبد الجميل، "أعتقد أن هذا التقرير يكتسي أهمية كبرى في تنشيط وتفعيل دور المساجد خاصة بعد الخسائر التي منيت بها بعض المناطق"، وأشار إلى أن الباحثين ركزوا على دراسة الوضع في ستة مساجد في مقاطعتين بجاوة تعرضتا لأضرار في الآونة الأخيرة بسبب الكوارث، وقد تمت الاستعانة بالمساجد خلال العديد من الكوارث بإندونيسيا سواء الصغيرة منها أو الكبيرة، بدءاً من تسونامي عام 2004 الذي خلف وراءه 167،000 قتيل في البلاد وحتى زلزال عام 2009 الذي ترك وراءه الآلاف من المشردين في بلدة بادانج بسومطرة الغربية، وفي هذا السياق، قال إغناسيو ليون غارسيا، مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في إندونيسيا، أن "المسجد يشكل عنصراً أساسياً في الحد من مخاطر الكوارث وإنقاذ الأرواح، وهذا شيء يجب أن يفتخر به المسلمون". بحسب ايرين.

كان المسجد الكبير فى باندا أتشي أحد المباني القليلة التي صمدت في أعقاب كارثة تسونامي عام 2004، غالباً ما يظل المسجد المبنى الوحيد القائم الذي لم يتعرض للدمار نتيجة الرياح العاتية والفيضانات المدمرة، ويرى محمد على حميدي وزلفة ساخيا، كاتبي التقرير، أنه بينما يُرجع البعض ذلك إلى معجزة ما يعزوه البعض الآخر إلى المبالغ المالية الكبيرة والرعاية الخاصة التي توليها المجتمعات لبناء أماكن التجمعات الدينية، ويقترح التقرير أربعة مجالات أساسية يمكن للمساجد أن تلعب فيها دوراً هاما بهدف الحد من مخاطر الكوارث، وتتمثل هذه المجالات في تخزين الإمدادات وتنسيق جهود الإغاثة وتوزيع المساعدات وتوفير أماكن العلاج والاستشفاء على المدى الطويل، من جهته، أفاد أفيانتو مهتدى، رئيس القسم المعني بتغير المناخ وإدارة الكوارث بجمعية نهضة العلماء، أن هذا التقرير جعله يولي أهمية خاصة لعامل القدرة على الاستجابة للكوارث عند التخطيط للمباني، وأوضح ذلك بقوله، "علينا وضع تلك الاحتياجات الإضافية في الحسبان عند قيامنا بتخطيط وبناء المساجد"، مضيفاً أنه ينبغي مراعاة عدد الحمامات والمساحات المفتوحة، وتعتبر الاستجابة للكوارث مهمة جديدة للمسجد باعتباره مؤسسة دينية ومكاناً للعبادة يتبع قواعد سلوك صارمة، فعادة ما تكون المرافق الداخلية للمسجد والمستخدمة للصلاة فقط محظورة على غير المسلمين، ويرى الخبراء أنه من غير المفترض أن يتم تطبيق النتائج الأولية للدراسة "التي تناولت أساساً المساجد التابعة لجمعية نهضة العلماء" على كافة المساجد في بلد تتعدد فيه الطوائف الإسلامية بما فيها الغالبية السنية، وعلى الرغم من ترحيب منظمات الإغاثة بنتائج التقرير، إلا أن البعض منها يتردد في إشراك أية مؤسسة دينية بصورة مباشرة في جهود الإغاثة خوفاً من التعرض للمساءلة وتفادياً للانحياز لأنشطة أية مؤسسة أخرى، لذا فإنه من الأرجح أن يقوم هؤلاء المشككون بتحويل أموال وجهود الإغاثة عبر المدارس، بالإضافة إلى ذلك، يرى بعض عمال الإغاثة أن بناء المساجد في إندونيسيا لا يزال يتم بشكل غير مقنن مما يثير أسئلة حول موضوع الشفافية، إذ تستطيع أي أسرة تملك المال أن تقوم ببناء بناية معينة وأن تعلنها مسجداً وتبدأ في جمع الأموال والحصول على دعم المجتمع، وقد علق عبد الجميل على ذلك بقوله أن كل هذه التفاصيل والمخاوف المرتبطة بها هو بالظبط ما أدى إلى التفكير في إجراء دراسة حول دور المسجد في تخفيف آثار الكوارث.

ضحايا الزلزال المنسيون

من جانب اخر لم يعد ضحايا زلزال الثامن من أكتوبر 2005، الذي أودى بحياة 73 ألف شخص في الجزء الباكستاني من كشمير وإقليم خيبر باختون خوا، يحظون باهتمام معظم الناس في باكستان والعالم أجمع، فقد تسببت الكوارث الأخرى التي شهدتها البلاد منذ ذلك الحين، مثل فيضانات 2010، في تحويل الاهتمام والمساعدات عن ضحايا ذلك الزلزال المدمر، إلا أن هؤلاء الضحايا أنفسهم يجدون صعوبة قصوى في نسيان آثار الزلزال على حياتهم، فحتى وإن تمكن البعض منهم، مثل زاهور خان من منطقة باتاغرام بإقليم خيبر باختون خوا، من مواصلة حياته واستئناف عمله كمزارع، إلا أنه يقول، "لن أستطيع أبداً نسيان زوجتي وابنتي الشابة اللتان توفيتا تحت أنقاض منزلنا المنهار، لا زالت أصوات صرخاتهما تطاردني إلى الآن، ولكن أولى أولوياتي حالياً هي رعاية ابنتي الصغرى وابني اللذان نجيا من الزلزال، لقد قررت المضي قدما في حياتي"، غير أن مواصلة الحياة أو نسيان الماضي يظل أمراً مستحيلاً بالنسبة لبعض الضحايا، خصوصاً الذين أصيبوا منهم بإعاقات دائمة، إذ سيعاني الأطفال "الذين أصبحوا شباباً الآن" من آثار الزلزال إلى الأبد بسبب الإعاقة الدائمة التي لحقت بهم كما ستعاني منها السيدات المعاقات اللائي يكافحن من أجل العيش بكرامة، وقال زاهور الدين من مؤسسة هاشو، وهي منظمة غير حكومية مقرها إسلام أباد، أن "معظم من أصيبوا بالشلل إثر الزلزال هم من السيدات والأطفال بسبب وجودهم في المنازل وقت الكارثة في حين كان معظم الرجال في مواقع عملهم"، وتعمل المؤسسة مع منظمة أمريكية تعنى بمعالجة إصابات النخاع الشوكي بهدف إعادة تأهيل ضحايا زلزال باكستان ومساعدتهم، وحسب زاهور فإن "حوالي 700 شخص أصيب في النخاع الشوكي، ونحن نقدم المساعدة لـ33 سيدة وطفل نعتقد أنهم في أمس الحاجة إلى الدعم"، ومن بين المستفيدين من هذه المساعدات، محمد كليم الذي كان في الثامنة من عمره عندما غطته أنقاض مدرسته في منطقة جبلية في بالاكوت بإقليم خيبر باختون خو، وقد لقي 29 من زملائه البالغ عددهم 31 طفلاً بالإضافة إلى والده وأخيه مصرعهم في الزلزال، وبالرغم من نجاة كليم من الموت إلا أنه أصيب بكسر في ظهره حوله إلى مقعد عاجز عن السير، وقد تحدث محمد خالد، شقيق كليم الأكبر عن وضع أخيه قائل، "لا يستطيع كليم، الذي يجلس على كرسي متحرك، الوصول إلى المدرسة بسبب بعد المسافة وصعوبة التضاريس الجبلية، لذلك لابد أن يأتي أحد إلى هنا لتعليمه. وهو يتمنى أن يصبح مدرساً عندما يكبر". بحسب ايرين.

وكان كليم قد تمكن من الحصول على الدعم بمساعدة مجموعة من الأطفال في لوس أنجليس، حيث استطاع الاستفادة من خدمات معلم يزوره لمساعدته في واجباته المدرسية، ولكن ذلك لم يستمر طويلاً، حيث اضطر معلمه للاستقالة من عمله لمتابعة دراسته فلم يعد هناك من يساعده، كما أنه يجد صعوبة في الحصول على الرعاية الطبية. وفي هذا السياق، قالت زيبا فانيك "مديرة مشروع إصابات النخاع الشوكي (سكايبر)" أن "هؤلاء الناس لا يملكون سوى فرصة ضئيلة للحصول على الرعاية الطبية، فهم بحاجة لشخصين أو ثلاثة أشخاص لحملهم إلى المرفق الصحي الذي غالبا ما يكون بعيدا في الجبال، وهم منخرطون في برنامج المساعدات الطبية عن بعد التابع لمشروع سكايبر، حيث يقوم بعض الأشخاص في الولايات المتحدة بالاتصال بهم مرة في الشهر للحصول على آخر المعلومات حول حالتهم وإعطائهم الدعم النفسي ومساعدتهم في علاج أية مشاكل قد يتم اكتشافها"، وعلى بعد حوالي 360 كلم من كليم، في بلدة باغ بالجزء الباكستاني من كشمير، تعاني سعدية نور "البالغة من العمر 15 عاماً والمصابة بشلل منذ كانت في العاشرة من عمرها" من مشاكلها الخاصة، فهي تتوق لإكمال دراستها ولكنها لا تستطيع، حيث قالت "يعاني أبي من المرض ويعجز عن دفع كرسيي المتحرك إلى المدرسة، كما أن إخواني لا زالوا صغاراً وغير قادرين على القيام بذلك، ونحن نعاني أيضاً من العديد من المشاكل المالية بسبب عجز والدي عن العمل، كما أننا مضطرون لدفع إيجار البيت الذي نستأجره في باغ بدل البقاء في قريتنا حتى يتمكن أبي من تلقي العلاج".

اتفاقية بوتان

على صعيد اخر رحبت الأمم المتحدة بقرار بوتان إكمال إجراءات اتفاقية تسهيل الجمارك وهي اتفاقية ثنائية تمكن من تسريع وصول المساعدات الإنسانية للبلاد في حالة ما وقوع كارثة، وقال راجان جينجاجي، المستشار الإقليمي للاستجابة للكوارث في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) أن "هذه خطوة كبيرة ويمكن أن تشكل مثالاً يحتذي به آخرون في المنطقة". وفي حين تظل هذه المملكة الصغيرة مغلقة الحدود بشكل كبير، إذ لا تصدر أكثر من 1600 تأشيرة دخول سياحية فقط سنويَاً، إلا أن ضعفها تجاه الكوارث الطبيعية دفع الحكومة إلى التفكير في تسهيل الانتشار السريع للمساعدات الدولية في مواقف الطوارئ من خلال تخفيض الحواجز الجمركية. وقد علق كارما لودي رابتين، رئيس إدارة الكوارث والبيئة والطاقة في مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بثيمفو عاصمة بوتان، على هذا التوجه بقوله أن "هناك اعترافاً متزايداً بالحاجة إلى إدارة الكوارث. إن الجهات المعنية تتعلم من تجارب الماضي"، وتشمل الاتفاقية بين الأمم المتحدة والدول الأعضاء، وهي اتفاقية وضعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ووافقت عليها المنظمة العالمية للجمارك، التدابير اللازمة لتسريع إجراءات التخليص الجمركي بما في ذلك تبسيط التوثيق وإجراءات التفتيش والإعفاء الدائم أو المؤقت من الرسوم والضرائب على الواردات وأيضا ترتيبات التخليص الجمركي خارج مواقع وساعات العمل الرسمية، وسوف تسمح الاتفاقية بدخول شحنات الإغاثة بما في ذلك فرق البحث والإنقاذ وفرق الكلاب والوحدات الطبية المتنقلة وسرعة الدخول إلى البلاد أو العبور منها في حالة وقوع كارثة ما.وحسب جينجاجي، فإن "الساعات الـ 72 الأولى "من وقوع الكارثة" تكتسي أهمية قصوى بالنسبة لإنقاذ أرواح الناس، ويجب ألا تضيع في إجراءات الجمارك"، وأشار إلى أن فرص إنقاذ الأرواح تكون دائما محدودة خلال الكوارث. بحسب ايرين.

وطبقا لأوتشا، فإن مملكة بوتان غير الساحلية، التي تبلغ مساحتها 46 ألف متر مربع، معرضة بشكل كبير للكوارث الطبيعية التي تشمل الزلازل والفيضانات والانهيارات الأرضية وحرائق الغابات وفيضانات البحيرات الجليدية. وحذر جينجاجي من أن "خبراء الزلازل يتوقعون حدوث زلزال ضخم في منطقة الهيمالايا"، مشيراً إلى أنه يعرض للخطر كلَاً من نيبال والهند وبوتان، وكان زلزال بقوة 6.1 قد ضرب في عام 2009 منطقة مكتظة بالسكان في مدينة مونجا التي تبعد عن تيمفو بحوالي 177 كم، وتسبب في تدمير أكثر من 500 منزل ومدرسة ومعبد، كما تلته هزات ارتدادية في أماكن مختلفة على مسافات بعيدة وصلت لبنجلاديش والتبت، وقال رابتين من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن "كوارث الماضي، مثل الفيضانات والحرائق، تظهر الحاجة إلى وضع إجراءات لتبسيط عملية الاستجابة"، كما أوضح جينجاجي أن غياب اتفاقية جمركية يعني أنه "في حالة وقوع كارثة ما سيكون من الصعب على بوتان في ظل الإطار القانوني الحالي الحصول على مساعدات دولية عاجلة من الخارج بسبب التضاريس الجبلية والوضع الحالي للبنية التحيتة"، ومن المتوقع أن تقوم بوتان بالتوقيع على الاتفاقية في شهر سبتمبر لتصبح بذلك ثاني دولة في جنوب آسيا تنضم إلى هذه الاتفاقية، بعد نيبال التي قامت بتوقيعها في مايو 2007.

شرق إفريقيا في خطر

الى ذلك من المحتمل أن يتعرض ما لا يقل عن 500،000 طفل يعانون من سوء التغذية في المناطق المتضررة من الجفاف في القرن الإفريقي لخطر الموت إذا لم تصل إليهم مساعدات فورية، كما حذر أنتوني ليك، المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وهؤلاء الأطفال هم الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والشديد، وتشمل الأعراض السريرية الظاهرة عليهم تورم في الساقين أو القدمين أو الوجه ناجم عن نقص حاد في البروتين، "ومن المرجح أن تزداد هذه الأزمة حدة خلال الأشهر الستة المقبلة أو نحو ذلك،" كما قال ليك في مؤتمر صحفي عُقد في نيروبي يوم 17 يوليو، في ختام زيارة لمنطقة توركانا التي تقع شمال غرب البلاد، وداداب، موطن الآلاف من اللاجئين الصوماليين في الشمال الشرقي، وأضاف ليك قائل، "لقد تحدثت إلى أم كانت تطعم طفلها نواة ثمرة النخيل المطحونة، التي لا تحتوي على أية قيمة غذائية على الإطلاق، وتبللها في فمها لأن مياه الآبار المحلية أصبحت مالحة"، وقد تم تسجيل معدل سوء تغذية حاد عام GAM بنسبة 37 بالمائة في توركان، وتعد نسبة سوء التغذية الحاد العام التي تتخطى 10 بالمائة من حالات الطوارئ، وفي جميع أنحاء القرن الإفريقي، يحتاج ما لا يقل عن 10.7 مليون شخص في جيبوتي وكينيا وإثيوبيا والصومال إلى مساعدات إنسانية عاجلة بسبب الجفاف، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وفي الصومال، يستمر الآلاف بالفرار من البلاد أو التوجه إلى العاصمة مقديشو، كما يعبر حوالي 3،200 لاجئ صومالي الحدود إلى كينيا وإثيوبيا يومياً.

وقال جستين فورسايث، الرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة في المملكة المتحدة، "على مدى الأيام الماضية، رأيت بأم عيني معاناة هائلة يسببها الجفاف في مخيم اللاجئين في داداب وفي جميع أرجاء شمال كيني، لقد كان أفراد الأسر التي قابلتها بحاجة ماسة إلى الغذاء والماء، ونحن نعرف أن الوضع في الصومال أسوأ من هذا"، وقد رحبت المنظمات الإنسانية بالبيان الذي أصدرته مؤخراً حركة الشباب الإسلامية المعارضة في الصومال، حول إتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الجنوبية الوسطى من البلاد، وقال ليك أن هذا "سوف يساعدنا على تكثيف الدعم"، وأضاف أن اليونيسف نقلت جواً في 13 يوليو مساعدات غذائية طارئة وإمدادات المياه إلى بيداوا بجنوب الصومال، لأول مرة منذ أكثر من عامين، وفي مقديشو، يساعد الأطباء المتواجدون مع بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الصومال (أميسوم) على التصدي لتفشي الحصبة في مخيم للنازحين بسبب الجفاف، كما وصل نحو 9،300 شخص كانوا قد فروا من منازلهم في المناطق الوسطى والجنوبية إلى مقديشو في شهر يونيو، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقال الكولونيل كاموراري كاتويكييري، رئيس التعاون المدني العسكري في بعثة الاتحاد الإفريقي، "إن الاحتياجات كبيرة، ونحن لا نملك إلا القيام بتدخلات طارئة صغيرة، نأمل أن تستفيد المنظمات الإنسانية من تحسن الوضع الأمني وتأتي لإغاثة الشعب الصومالي"، إنه لشيء فظيع أن يموت طفل في عالمنا اليوم بسبب نقص الغذاء  وفي كينيا، تشكو المجتمعات المحلية المجاورة لمخيمات اللاجئين من الاهتمام باللاجئين الصوماليين، على الرغم من أنها ليست أفضل حالاً منهم، وقال ليك "إنهم [المتضررون من الجفاف] يعانون مما يشبه عاصفة عاتية بسبب الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص الإمدادات الغذائية، إن هؤلاء الناس يعيشون على الحافة في جميع الأحوال، هذه المسألة لا تتعلق فقط بمجرد تهديد الحياة، بل بتهديد طريقة العيش"، وقد كان تأثير الجفاف على المجتمعات الرعوية في المناطق القاحلة وشبه القاحلة في إثيوبيا وكينيا والصومال هو الأشد، وتعهد أندرو ميتشل وزير التنمية الدولية البريطاني في 17 يوليو بتقديم 52.25 مليون جنيه استرليني (84 مليون دولار) في صورة مساعدات طارئة لما لا يقل عن مليون شخص في كينيا وإثيوبيا والصومال، وستُضاف هذه المساعدات إلى الدعم السابق المُقدم إلى 1.36 شخص في إثيوبيا، والذي تم الإعلان عنه في 3 يوليو، كما أطلقت الحكومة الإثيوبية نداءً في 11 يوليو قائلة أن هناك ما لا يقل عن 4.56 مليون شخص متضرر من الجفاف بحاجة إلى المساعدة، وسيتم تخصيص المساعدات النقدية البريطانية الجديدة لبرامج الوقاية من حالات سوء التغذية وعلاجها وتحسين رعاية اللاجئين في مخيمات داداب في كينيا ودولو ادو في إثيوبي، ودعا ميتشل لمشاركة دولية أكبر في حل أزمة القرن الإفريقي، قائلاً أن هناك حاجة لمنع تحول هذه المصيبة إلى كارثة، وأوضح بالقول "إنه لشيء فظيع أن يموت طفل في عالمنا اليوم بسبب نقص الغذاء".

التصحر في مصر

حيث تبلغ المساحة المزروعة في مصر نحو 3 بالمائة فقط من إجمالي مساحة البلاد ويتسبب التصحر وأعمال البناء التي يغذيها النشاط الاقتصادي والنمو السكاني السريع في تآكل هذه الموارد، مما يشكل خطراً كبيراً على الإنتاج المحلي من الأغذية، وفقاً للخبراء، "التصحر هو الخطر الحقيقي الذي ينبغي على الجميع الالتفات إليه،" كما قال عبد الرحمن عطية، أستاذ الزراعة في جامعة القاهرة، "تتجلى هذه المشكلة في وجود فجوة غذائية ضخمة سوف تتسع أكثر في المستقبل كلما فقدنا المزيد من الأراضي الزراعية بسبب التصحر"، وتخسر مصر ما يقدر بـ 11،736 هكتاراً من الأراضي الزراعية سنوياً، مما يجعل الأراضي الزراعية في البلاد، التي تبلغ مساحتها 3.1 مليون هكتار، عرضة "للتدمير الكلي في المستقبل المنظور،" كما أفاد، وأضاف أن مصر تستورد أكثر من 60 بالمائة من احتياجاتها الغذائية، وقد فقدت نحو 768،903 هكتاراً من الأراضي الزراعية في منطقة شمال الدلتا بسبب ارتفاع مستوى المياه الجوفية وممارسات الصرف السيئة وزحف الكثبان الرملية على مر العقود، كما يشكل ارتفاع مستويات البحار خطراً على الأراضي الزراعية، مما يتسبب في تسرب مياه البحر إلى المياه الجوفية والحد من الإنتاجية الزراعية، من جهة أخرى، فقدت مصر آلاف الأفدنة الزراعية بسبب أعمال البناء، فقد تم تسجيل 165،000 حالة بناء على أراض زراعية خلال الفترة من فبراير إلى يونيو 2011، وفقاً لوزارة الزراعة، وقد حذر صلاح يوسف، رئيس الخدمات الزراعية في الوزارة قائلاً "إنها كارثة"، وقال إسماعيل عبد الجليل، الرئيس السابق لمركز بحوث الصحراء المصري، أن الدراسات أظهرت أن مصر تفقد أكثر قليلاً من هكتار من الأراضي الخصبة في وادي النيل كل ساعة بسبب البناء على الأراضي الزراعية، وحذر في ورقة بحثية من أن هذا التوجه سيستمر إذ لم يتغير أسلوب "العمل كالمعتاد". بحسب ايرين.

ووقعت مصر إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر عام 1994، وفي وقت لاحق حظرت استخدام التربة السطحية كمادة خام للطوب الأحمر واتخذت تدابير لتقييد التنمية الحضرية على الأراضي الصالحة للزراعة وتنظيم شبكات الري، ويجب اتخاذ بعض الإجراءات لتعويض خسارة الأراضي الزراعية عن طريق استصلاح الظهير الصحراوي للقرى في الدلتا والمناطق الأخرى، لا ينبغي لنا أن نقف بسلبية ونشاهد أراضينا الزراعية تتعرض للتدمير فداناً تلو الآخر، ولكن على الرغم من هذا، فإن المزيج من تضاؤل الأراضي الزراعية والتزايد السريع في عدد السكان "الذي يبلغ 85 مليون نسمة في الوقت الحاضر ومن المتوقع أن يصل إلى 123 مليون في عام 2029" سيجعل من الصعب على مصر تلبية احتياجاتها الغذائية، وفقاً لعطية، كما أثرت زيادة التصحر على توافر المياه، إذ أفاد مسؤولون مصريون أن حصة مصر من مياه النيل، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، هي بالفعل غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة في البلاد، وأفاد مغاوري شحاتة، وهو خبير بارز في مجال المياه أن مصر تحتاج ما بين 10 و15 مليار متر مكعب إضافي من مياه النيل لري الأراضي الزراعية التي تبلغ مساحتها 3.1 مليون هكتار، وأضاف قائلاً "لقد توقفت المياه بالفعل عن الوصول إلى بعض الحقول في الأجزاء الشمالية والوسطى من دلتا النيل، هذا ما يجعل بلادنا تخسر المزيد من الأراضي بسبب التصحر"، والزراعة مسؤولة عن 85 بالمائة من استهلاك المياه في مصر، وفقاً لتقرير حالة البيئة في البلاد، ومن المتوقع أن تتفاقم مشاكل المياه في مصر لأن دول المنبع، مثل اثيوبيا وأوغندا، التي تعاني أيضاً من النمو السكاني السريع، تضغط من أجل الحصول على حصة أكبر من المياه لتلبية احتياجاتها الخاصة، وقد اجتمعت دول منبع نهر النيل الست في أوغندا في عام 2010، ووقعت على اتفاق جديد لتقاسم المياه، ولكن مصر والسودان لم توقعا عليه، ودعتا بدلاً من ذلك إلى إجراء محادثات جديدة تشارك فيها جميع الدول المشاطئة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 3/أيلول/2011 - 4/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م