رمضان... وقفة أخيرة قبل الوداع

 

شبكة النبأ: انصرم عنا شهر رمضان الكريم وبدء العد التنازلي لأيامه الأخيرة، ففي كل عام يطل علينا فيه هذا الشهر الفضيل، مع كل ما يمثله من بركة وغفران ورحمة، فضلاً عما يقدمه من فرصة سانحة للتأمل والندم وطلب العفو والعتق من النار، بعيداً عن الدنيا الفاتنة بمالها وبنينها ومغرياتها التي لا تعد ولا تحصى، وقد اعتادت الشعوب العربية والإسلامية أن تستعد لاستقباله ووداعه في طقوس خاصة امتازت بها تلك الشعوب بحسب ثقافتها وبيئتها وعاداتها وتقاليده، حتى بات طابع هذا الشهر المبارك تختلف من دولة لدوله ومن شعب لأخر، فهناك شهر رمضان في العراق ومصر وتركيا...الخ، ومع كل ما تعانيه تلك الدول من مشاكل وخلافات وهموم تبقى نكهة شهر رمضان هي المميزة والموحدة لأمال الشعوب وتطلعاتها في مستقبل جديد، عله يكون أفضل من الحاضر.     

رمضان العراق الملتهب

ففي رمضان هذا العام تعاني العائلات العراقية من غلاء الأسعار والحرّ الشديد حل شهر رمضان على العراق بظروف صعبة تتمثل في الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة من ناحية وغلاء فاحش في أسعار المحروقات والمواد الغذائية من ناحية أخرى، ومع حلول شهر رمضان المبارك تعج الأسواق في بغداد وباقي المدن العراقية بالمتبضعين لشراء احتياجاتهم الخاصة وما تتطلبه المائدة الرمضانية خلال الشهر الكريم، وعادة ما ترتفع أسعار المواد الغذائية في البلاد في مثل هذا الوقت من السنة، الأمر الذي يضاعف من معاناة الأسر العراقية وخاصة من ذوي الدخل المحدود، ويقول زياد أحمد محمد، أحد المتبضعين في أسواق بيع المواد الغذائية في العاصمة بغداد، إن مجمل معاناة المواطن العراقي خلال شهر رمضان تتلخص أولا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وثانيا ارتفاع في درجات الحرارة في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، ويضيف محمد (33عاماً) أن توفير الطاقة الكهربائية لمنزله بات همه الأبرز في رمضان، موضح، "ارتفاع درجات الحرارة انعكست على زيادة الطلب على الوقود مما أدى بالتالي إلى ارتفاع أسعارها"، ويلوم الزبائن التجار على غلاء أسعار المواد الغذائية، والتجار بدورهم يلومون الحكومة، وكان للنقص الحاصل في المواد التي تصرف بموجب البطاقة التموينية سبباً في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق، حيث ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية إلى الضعف، كما يقول محمد، وتعتمد شريحة واسعة من العراقيين في غذائها الأساسي على ما تزود به عن طريق البطاقة التموينية، وذلك ساري العمل به منذ بدء الحصار الدولي على العراق في عام 1990، وتتضمن البطاقة التموينية توزيع خمس مواد غذائية رئيسية وبسعر رمزي على العوائل العراقية شهرياً، هي الطحين والأرز والزيت والسكر، إضافة إلى حليب الأطفال، غير أن المواطنين يشتكون من عدم تسلمهم تلك المواد كاملة منذ أكثر من سنتين.ولما تردد الحديث عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، اوضح أياد عويد جاسم صاحب أحد محال بيع المواد الغذائية المستوردة في بغداد، الذي يعزو سبب الارتفاع الكبير في أسعار تلك المواد خلال شهر رمضان إلى سياسة التعريفة الجمركية التي حاولت الحكومة العراقية فرضها على دخول السلع والبضائع للحد من الإغراق السلعي الذي تشهده الأسواق في العراق.

ويوضح جاسم، بأن سبب ارتفاع أسعار تلك المواد يعود إلى محاولة الحكومة العراقية انتهاج سياسة التعريفة الجمركية على دخول السلع والبضائع، الأمر الذي أدى إلى تكدس ألاف الأطنان وتلف جزءاً كبير من تلك المواد عند الحدود العراقية وفرض الرسوم والضرائب على التاجر من أجل دخولها، الأمر الذي أرغم الأخير على رفع أسعار المواد المخزونة لديه من أجل سد تلك النفقات، ويضيف جاسم (35عاماً)، وهو منشغل بترتيب بضاعته على رفوف محله الذي امتلئ بأنواع مختلفة من المواد الغذائية المستوردة، أن هناك سبباً آخر أثقل كاهل المواطن العراقي والمتمثل "بغياب مفردات البطاقة التموينية" التي تلكأت الجهات العراقية المسؤولة عن توفيرها والتي كانت توزع بشكل مستمر في السابق، حسب قوله، وينوه إلى ضرورة تدخل الدولة لوضع الحلول المناسبة لـ"إنقاذ" المواطن العراقي من التهاب حرارة أسعار ضروريات الحياة المرافقة لحرارة صيف العراق، وكانت وزارة المالية قد تراجعت مؤقتاً في 16 شباط/ فبراير الماضي عن العمل بقانون التعريفة الجمركية لوقت غير محدد بسبب ارتفاع أسعار السلع الباهظ داخل البلاد وكذلك لوجود بعض العراقيل التي واجهت القانون وآليات العمل به، وكان من المقرر أن يتم تفعيل قانون التعريفة الجمركية في آذار/ مارس الماضي بعد أن اقره مجلس النواب العراقي، وحتى الوقود لم يسلم من نار الأسعار، ومشكلة أخرى تزيد من مشاق رمضان هذا العام، كما في الأعوام القليلة الماضية، هي انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر تقريباً، فقد تصل ساعات القطع إلى خمس ساعات كاملة، ليعود التيار الكهربائي من جديد لساعة واحده فقط، وهلم جر، ويضع البعض اللوم على الحكومة العراقية لعدم توفيرها الكهرباء، ويشيرون إلى صعوبة الصيام وسط هذه الأجواء الملتهبة حر، عباس كريم حميد صاحب أحد مطاعم بيع المأكولات السريعة في بغداد، يعزو عدم صيامه خلال هذا الشهر الكريم إلى الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والغياب التام للتيار الكهربائي، ويبين حميد قائلاً "من الصعب أن أصوم وسط هذا الجو الحار وأنا اعمل طيلة ساعات النهار"، ويضيف حميد (30 عاماً) أن "انهيار البنى التحتية في العراق وتدني مستوى الخدمات في ظل عجز الحكومة العراقية على توفير التيار الكهربائي من الأسباب الرئيسية لعدم صيام أغلب العراقيين عن الصيام هذا العام"، ويعاني العراق من نقص حاد في الطاقة الكهربائية، ولا تزال الشبكة الوطنية غير قادرة على توفير إمدادات الكهرباء لأكثر من ساعات قليلة في اليوم وتأتي الانقطاعات المتكررة في الكهرباء على رأس شكاوى المواطنين، وبحسب أرقام حكومية فإن طاقة العراق المتاحة تبلغ نحو 9 آلاف ميغاواط بينما تبلغ الطاقة القائمة من 11 ألفا إلى 12 ألف ميغاواط، ويقدر الطلب بما يصل إلى 14 ألف ميغاواط خلال الصيف حينما تتجاوز درجات الحرارة في كثير من الأحوال 50 درجة مئوية.

مشروب الحلومر

حيث تقضي السودانيات جزءا كبيرا من ساعات الصيام في شهر رمضان في اعداد أصناف الطعام والشراب التقليدي لمائدة الافطار، ومن أنواع المشروبات التي يختص بها السودانيون دون غيرهم مشروب الابري الذي يطلق عليه سكان المدن أيضا اسم "الحلومر"، ويصنع الحلومر من رقائق من طحين الذرة تعد في المنازل السودانية خلال شهر شعبان الهجري استعدادا لقدوم شهر رمضان، وقالت سودانية تدعى ميادة عاصم "الابري أو بمعنى أصح الحلومر يشكل مصدر رئيسي في صينية الافطار، نحن السودانيين نعتز بهذا المشروب ونفضله على المشروبات الغازية الاخرى، في رمضان الابري يشكل لنا نسبة 90 في المئة بدلا عن باقي المشروبات، نراه منذ صغرنا مع أجدادنا ونحن ان شاء الله، للجيل الذي يلينا"، وتوضع رقائق طحين الذرة في الماء ثم تصفى ويضاف اليها السكر ومجموعة كبيرة من التوابل والاعشاب منها القرفة والزنجبيل والهال والتمر هندي والكركديه، وقالت سودانية أخرى تدعى سيدة محمد "الواحد لما يبل الابري يملا الجردل (الدلو) ويجهز مائه وتشيل الكمية المرغوبة وتسكبها في الجردل، تضع الكمية في الجردل وتصب عليها الماء ثم تنتظر زمن، نصف ساعة أو ثلث ساعة، وبعد ذلك تصفيه. بحسب رويترز.

وتضيف اليه السكر وتقدمه للضيوف"، ويجمع السودانيون على أن مشروب الحلومر يمنع الشعور بالعطش خلال ساعات الصيام الطويلة وخصوصا في فصل الصيف، ويقولون أيضا ان له مزايا أخرى في تسهيل الهضم، وقال سوداني يدعى محمد عمر "الحلومر عادة يكون طحين الذرة يسوى في شكل كسرة ويطبخ ويوضع في الماء وعصيره مفيد جدا جدا لانه يخلط بتوابل، هذه التوابل مفيدة لالام المعدة للصائم، بالنسبة لانتفاخ المصران"، وتتجمع نساء العائلة أو القرية السودانية يوميا خلال شهر رمضان لاعداد الحلومر في جلسات تسمى "العواسة" يتبادلن فيها الحديث ويرددن بعض الاغنيات الشعبية، لكن الرقائق التي يصنع منها المشروب أصبحت تنتج وتباع على نطاق تجاري أيض، وقال بدال (بقال) في الخرطوم يدعى ماجد الشريف "الحلومر أصبح شيء عادي في المتاجر مع العصائر الاخرى مثل التانج وقمر الدين وعصير الجوافة والبرتقال، اسمه حلومر، يعني من الحلاوة والمرارة شوية يعني، حلاوة، في شهر رمضان"، ويقول البعض أن مشروب الحلومر يستمد اسمه من السودان نفسه فهو "حلو" بخيره وأرضه الخصبة ذات الثروات المدفونة و"مر" بما يعانيه كثير من سكانه من جوع وفقر وصراعات.

افطار جماعي

الى ذلك يتجمع عشرات المسلمين في المكسيك يوميا للصلاة خلال شهر رمضان في ساحة لانتظار السيارات تابعة لمطعم، ويعيش ما يقدر بزهاء 3700 مسلم في أنحاء المكسيك ولكن لا يوجد سوى مسجدين رسميين في العاصمة مكسيكو سيتي التي يقطنها 20 مليون نسمة، ويعمل المسلمون في المكسيك على تحسين أوضاعهم وأداء شعائرهم الدينية، وفي شهر رمضان هذا العام أعد امام مسلم في مكسيكو سيتي ساحة لانتظار السيارات تحت الارض لتؤدى فيها الصلوات ودعا المسلمين للصلاة فيه، وقال الامام سعيد الوهابي ان ثمة اختلافات كثيرة بين الدول الاسلامية وغير الاسلامية حيث أن الدول التي يغلب المسلمون على سكانها تكثر فيها المساجد وتتغير فيها مواعيد العمل والانشطة المختلفة في شهر رمضان، ويجتمع عدد من المسلمين في مكسيكو سيتي في منزل بالمدينة خلال شهر رمضان للافطار معا والصلاة في جماعة، ويعتقد أن الجالية المسلمة في مكسيكو سيتي بدأت تتكون عام 1984 مع موجات المهاجرين الفارين من أعمال العنف في الشرق الاوسط، والان أصبح الاسلام من أسرع الأديان انتشارا في المكسيك كما يجري بناء مسجدين في مكسيكو سيتي، ويؤكد المسلمون على أنهم موضع ترحيب في المجتمع المكسيكي الكاثوليكي المحافظ، وقال مسلم مكسيكي يدعى محمد نواز "تعاليم الاسلام مستمدة من القرآن ومن مصادر أخرى وأساسها الانسانية والبشر، وكذلك ديانات أخرى مثل اليهودية والمسيحية فلكل طريقه وسبيله الى الله، وبالنسبة لنا نحن المسلمين في المكسيك فنحن سعداء جدا وكثير من المكسيكيين يعتنقون الاسلام ونحن سعداء للغاية".

فيما يجلس المئات من العمال الاسيويين صامتين على الارض أمام مسجد فاطمة حسن في دبي وأمامهم أطباق مليئة بالفاكهة والوجبات بينما ينتظرون في صبر في ظل رطوبة قاسية أن يبدأوا الافطار، وفي مكان مجاور يحضر متطوعون يتصببون عرقا ويغرفون على عجل الخضر المطهوة والاطباق التي تعتمد على الارز أساسا من أوان معدنية كبيرة في الاطباق لكل ضيوفهم بينما يتأهبون للحظة اذان المغرب، ويقع المسجد في وسط دبي على بعد أمتار فقط من خور دبي "الذي يمثل المركز التجاري الاصلي للامارات عندما كانت دبي مركزا صغيرا للتجارة والصيد" ويقدم المسجد وجبة افطار مجانية للفقراء كل يوم خلال الشهر في مائدة تكفي لما بين 1500 و1800 عامل يومي، وربما كانت صناديق القمامة لمسجد فاطمة حسن خاوية لكن مع مجيء رمضان تحدث زيادة هائلة في مخلفات الطعام في أنحاء المدينة والخليج من بقايا المادب الفاخرة التي يحضرها الاثرياء في منطقة تعني فيها ارتفاع حرارة الصيف فساد الطعام سريع، وقال نور محمد وهو منسق مبيعات تطوع لاطعام الصائمين "ليس لدينا تقريبا مخلفات، أيا ما كان يتبقى نقدمه للناس، وندعو الناس ونقدمه لهم"، لكن ليس كل الافطار في دبي ما هو الا وجبات تقدم للفقراء والكثير منهم من العمال المهاجرين الذين يحصلون على أقل من ألف درهم (272 دولارا) شهريا وعادة ما يعانون من ديون كبيرة، وحولت دبي نفسها على مدى السنوات الخمسين الماضية الى مركز تجاري وسياحي اشتهر بمشاريع العقارات الباذخة والترف والمآدب الفاخرة في الفنادق والمطاعم لتلبية مطالب المستهلكين الاثرياء الذين يريدون أفضل أنواع الطعام الطازج على موائد الافطار، وتضم دبي أطول برج في العالم وجزرا صناعية على شكل نخيل يمكن رؤيتها من الفضاء وعددا من الفنادق الفاخرة منها فندق برج العرب الذي يأخذ شكل شراع والكثير منها يعد وجبات افطار لمن بامكانه دفع ثمنه، ووجبات الافطار في أفخر الاماكن عادة ما تكون أسعارها باهظة اذ تبلغ التكلفة ما يصل الى 200 درهم (55 دولارا) للفرد، وعلى الرغم من الساعات التي تقضى في اعداد الوجبات فان الندل في كبار الفنادق بدبي يقولون ان أغلب ما يتبقى من الطعام يذهب مباشرة الى صناديق القمامة.

وتقول بلدية دبي ان كمية الطعام الملقى في صناديق القمامة بالامارات يزيد بما يصل الى 20 في المئة في شهر رمضان وأغلب البقايا تتكون أساسا من الارز والاغذية الاخرى غير الخضر، وذكرت البلدية أنه ألقي نحو 1850 طنا من الطعام في المتوسط خلال رمضان عام 2010 أي ما يمثل نحو 20 في المئة من اجمالي المخلفات في دبي خلال رمضان، وقالت صحيفة ناشونال اليومية التي تصدر في أبوظبي في أغسطس اب من العام الماضي ان في أبوظبي عاصمة الامارات ألقي نحو 500 طن على الاقل من الطعام بشكل يومي خلال رمضان، وقال نادل في فندق خمسة نجوم بدبي اكتفى بذكر اسمه الاول نظير خشية أن يفقد وظيفته بينما كان يملا الاطباق لموائد الافطار في الوقت الذي كان رجال الاعمال يتفقدون الموائد "الاكلات الساخنة والباردة، كل الاكلات على الموائد تلقى"، وأضاف "اذا طلب الناس توصيل الطعام الى غرفهم نقدم طعاما طازجا مرة أخرى، لكن يتبقى الكثير من المخلفات"، لكن خبراء التغذية في فنادق كبرى مثل ماريوت وهيلتون في دبي يقولون انهم يعتزمون عدم الالقاء بأي طعام رغم أن معدل اعداد الطعام يزيد بما يصل الى 15 في المئة خلال رمضان، قال سايمون لازاروس مدير قسم الاغذية والمشروبات في سلسلة فنادق هيلتون وورلد وايد بالشرق الاوسط وافريقيا "لدينا أنظمة رقابة تساعدنا على تجنب المخلفات".

وأضاف "حتى اذا كانت هناك بقايا صغيرة فان العاملين سيأكلونها كله، لا نعيد تدوير الطعام ولدينا سياسة صارمة لعدم القيام بذلك"، وأثارت الزيادة الكبيرة في مخلفات الطعام خلال شهر رمضان انتقادات من علماء الدين الذين يقولون ان هذا يتنافى مع روح الصيام، وقال الشيخ مدثر صديقي وهو رجل دين مقيم في دبي "اهدار نعمة الله مثل الطعام خاصة في وقت نرى فيه أناسا يتضورون جوعا في اثيوبيا والصومال وأماكن أخرى لا يتناسب مع فكرة الاعتدال في الاسلام، يقول الله في القرآن ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين"، وأضاف "يجب أن تخفض الفنادق من كمية الطعام التي تقدمه، ويجب ألا تكون المسألة مسألة استعراض، وجبات الافطار في الفنادق يجب ألا تكون مخصصة للاثرياء فحسب بل للجميع خاصة الاقل ثراء وهناك الكثير منهم"، ومن الكيانات التي تتطلع لمساعدة الفقراء والمحتاجين مشروع "حفظ النعمة" الذي تأسس عام 2004، ويجمع هذا المشروع الذي يتخذ من أبوظبي مقرا بواقي الطعام من التجمعات الكبرى مثل حفلات الزفاف والمادب ووجبات الافطار في الفنادق في عاصمة الامارات لتوزيع الطعام السليم، وقال سلطان الشحي مدير المشروع ان المشروع يأمل أن تمتد أنشطته في دبي وامارات اخرى في وقت لاحق هذا العام.

اليمنيون والامل

في سياق متصل وبينما يهطل المطر على الخيام يتجمع عشرات الالاف من اليمنيين المعتصمين على موائد الافطار متحدين الظروف التي تزداد بؤسا داعين ان يجدد شهر رمضان حركة احتجاجية متراجعة، لقد اعتصموا في ساحة التغيير منذ ستة أشهر قرب جامعة صنعاء التي انطلقت منها الاحتجاجات لانهاء حكم الرئيس علي عبد الله صالح.لكن الرئيس اليمني ما زال في السلطة وهو مقيم في المملكة العربية السعودية التي نقل اليها لتلقي العلاج بعد أن أصيب اصابات بالغة في محاولة اغتيال في يونيو حزيران، ويتمسك المحتجون بالامل ويحاولون رفع الروح المعنوية في اعتصامهم بوجبات افطار جماعية يعدها متطوعون وكذلك بتنظيم المزيد من الحشود والمسيرات خلال الفترة التي تحتشد فيها أعداد كبيرة للصلاة في المسجد مما يتيح فرصة طبيعية للتجمع.وبخلاف الاجواء الاحتفالية في الميدان يتساءل السكان الذين يسيرون في الشوارع المكتظة التي غمرتها مياه الامطار ما اذا كان الكفاح ضد حكم صالح كان يستحق هذا الثمن في بلد يقل فيه دخل اكثر من 40 في المئة من السكان عن دولارين في اليوم، وارتفعت أسعار المواد الغذائية في أفقر الدول العربية بصورة كبيرة وشح الوقود وأصبحت العاصمة صنعاء تضاء ساعة واحدة فقط في اليوم بينما ينهار الاقتصاد والبنية الاساسية في البلاد، وتذمر محمد وهو قائد سيارة أجرة قائلا "كان وضعنا قبل ذلك لا بأس به، انهم يريدون ثورة والان البنزين سعره 175 ريالا (72 سنتا) للتر بينما كان السعر في السابق 70، وكانت الكهرباء تنقطع لمدة ساعة أو ساعتين يوميا قبل ذلك والان الكهرباء موجودة بالكاد لمدة ساعة ونصف"، وأضاف "ليس بوسعنا سوى التساءل عما اذا كانت الاوضاع أفضل من قبل"، لكن بالنسبة للمحتجين فان مجرد بقائهم في الشوارع رغم الهجمات التي استهدفت المتظاهرين والاشتباكات الضارية بين مجموعات حكومية ومعارضين مسلحين يدعو للاحتفاء، وهم يتعهدون بتصعيد احتجاجاتهم مثلما يعتزم المحتجون في سوري، وقال المحتج علي الخولاني بينما كان يجلس داخل خيمته في انتظار الافطار "رمضان سيزيدنا قوة، أصبحنا جميعا أسرة واحدة وأتوقع انتصار ثورتنا هذا الشهر لانه شهر النصر للمسلمين"، وتخشى قوى اجنبية أن تدفع الاحتجاجات اليمن الى وضع الدولة الفاشلة على أعتاب السعودية التي تضم أكبر احتياطي للنفط في العالم، ويواجه اليمن أيضا نزعة انفصالية في الجنوب ونشاطا لتنظيم القاعدة. بحسب رويترز.

وما زالت واشنطن والرياض تدعمان عملية نقل السلطة التي رعتها دول الخليج وتراجع عنها صالح ثلاث مرات وبدلا من ذلك تعهد بالعودة الى اليمن ليقود حوارا من أجل انهاء الازمة، وبمناسبة رمضان اكد صالح مجددا في كلمة بهذه المناسبة على الدعوة الى الحوار بينما تجاهلت المعارضة هذا العرض والتزمت بالاعتصام في الشوارع، وقبل الصلاة والافطار تطوع زكريا عبد الفتاح وأصدقاؤه لوضع كتل أسمنتية لرفع الخيام بعد ارتفاع منسوب مياه الامطار، وقال بينما اصطف الالاف للصلاة "الامطار لن تثنين، تماما مثل عجز النظام عن اجبارنا على الخروج من هذه الساحة"، ويقول محتجون انهم أعدوا وجبات افطار من خلال جمع تبرعات من رجال أعمال ومنظمات خيرية وكذلك بجمع مدخراتهم مع، وفي مطاعم محلية يعد متطوعون حساء الخضر وطواجن كبيرة من الارز واللحم والدجاج بينما يفطر المحتجون الصائمون على التمر، وارتفعت تكلفة التمر نحو 50 في المئة في رمضان الحالي وكذلك السكر الذي يستخدم في صنع حلوى رمضان، بل ان سعر الخبز ارتفع 30 في المئة، ويقول بعض السكان في صنعاء انه على الرغم من احباطهم فانهم يلقون باللوم على الحكومة في الظروف الاقتصادية التي كانت تتدهور حتى قبل الاحتجاجات، وهم يتهمون المسؤولين برفع الاسعار عن عمد لزيادة الاستياء من المحتجين، وقال وضاح شيباني وهو رجل أعمال في صنعاء "انهم يحاولون تحويل غضب الناس من الاحوال المعيشية الى من يدعون الى اسقاط النظام،  بدلا من السماح بتراكم الاستياء لان الحكومة لا يمكنها تلبية طلباتنا"، وبالنسبة لكثير من المحتجين كان السخط من احوال الاقتصاد هو الذي جعلهم ينطلقون للشوارع وكان ثلث اليمنيين البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعانون بالفعل من الجوع المزمن، كما واجه اليمنيون بطالة تبلغ نحو 40 في المئة نتيجة الفساد المستشري، لكن محمد العوضي وهو من سكان صنعاء قال ان رمضان الحالي ستكون الاوضاع فيه أسوأ من السنوات الماضية، وقال العوضي "لدي ثمانية أفراد في أسرتي لاطعامهم والاسعار مرتفعة للغاية لدرجة أننا اضطررنا الى أن نتخلى عن الكثير من الاشياء في رمضان مثل الحلوى واللحوم، سنتمكن بالكاد من شراء الاحتياجات الاساسية".

رمضان تونس

بدوره يأتي شهر رمضان في تونس هذا العام بنكهة الإضرابات والوضع الأمني غير المستقر في عدد من المدن وتردي الوضع الاقتصادي وتراجع كبير بحركة السياحة في البلاد، لكن رغم ذلك، يبدو التونسيون متفائلون بـ"رمضان بعد بن علي،" وهذا ما يفسر الازدحام الكبير الذي تشهده أسواق العاصمة هذه الأيام، ويستقبل التونسيون عادة شهر الصيام بعبارات من قبيل "إن شاء الله رمضانك مبروك"، "سنين دايمة" و"كل عام وإنتوما (أنتم) حيين بخير"، وهي تعبّر عن التلاحم الاجتماعي الكبير في شهر يستغله الكثيرون للزيارات العائلية وتمتين صلة الرحم والتقرّب من الخالق، وما يميز رمضان هذا العام هو الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الذي يفسره البعض بعمليات التهريب وتصدير السلع الأساسية مثل السكر والحليب والماء المعلب إلى ليبي، ويقول حسن البريدي، وهو بائع تمر في السوق المركزي بالعاصمة، إن "رمضان هذا العام يتميز عن الأعوام السابقة بوجود الاعتصامات والإضرابات، ونقص النقود لدى الناس (أغلب الناس يشترون بالدين)"، ويفسر البائع الوضع الحالي بأن البلاد أمست "كالمركب بلا قائد"، مشيرا إلى أن الحكومة لم تساهم كثيرا في ضبط حركة الأسعار، كما أن الاضطرابات في ليبيا المجاورة أثرت كثيرا على الوضع الاقتصادي، وحول موسم التمر لهذا العام يقول البريدي "الدقلة (التمر) تاعبة شوية (غير ناضجة) وليست كعادتها"، مشيرا إلى أن الطقس في الخريف الماضي لم يساهم في نضج ثمار التمر في بلد ينتج 120 نوعا من التمر ويصدرها إلى أكثر من 60 بلدا في العالم، وفي سوق التوابل بالعاصمة التونسية تبدي ساسية (بائعة توابل) امتعاضها من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنقص الكبير في بعض السلع، محملة الحكومة والإضرابات و"الليبيين" مسؤولية الوضع الحالي، وتضيف المرأة الستينية "توا (الآن) العباد فادّة (غاضبين) من الأسعار، الليبيين ما خلوا شي (شيء) والحاكم (الحكومة) ما لاهي (غير مهتم) بشي، لا يهمو في الأسوام (الأسعار)"، ويحمل بعض السياسيين الحكومة الانتقالية مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد وارتفاع الأسعار مع قدوم شهر رمضان واقتراب عودة الموسم الدراسي. بحسب السي ان ان.

ويقول منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، "إذا كان الوضع في الشقيقة ليبيا قد فاقم في تردّي الأوضاع الاقتصادية، فإنّه لا يخفى على أحد أن عمليات التهريب وتصدير السلع الأساسية المُدعّمة بأضعاف أثمانها أدّت إلى ندرة في بعض الموادّ مثل السكر والحليب والماء المعلب والطماطم المركز والزيت وغيرها، خصوصا بالجنوب التونسي، ممّا أخلّ بتوازن العرض والطّلب وساهم في أزمة الغلاء الحالية"، ويضيف في بيان على موقع فيسبوك "إن الحزب إذ يحمّل الحكومة الانتقاليّة مسؤولية ما آلت إليه القدرة الشرائية للمواطنين، فإنه يدعوها إلى ضرورة المحاسبة والتصدي لمن يثبت تورّطه في الاحتكار والتصدير غير الشرعي للسلع الأساسية"، وحذر الحزب "القائمين على الشأن الاقتصادي في البلاد والمجتمع المدنيّ من خطر السقوط في دوّامة التضخّم المالي على المدى المتوسّط، ويحمّل البنك المركزي مسؤولية الحفاظ على التوازنات المالية بالبلاد واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتصدّي للتضخّم"، وتعتبر المائدة التونسية غنية وعامرة في رمضان ومتماثلة بين مختلف العائلات التونسية و"كل قدير وقدرو" بمعنى كل حسب استطاعته وقدرته الشرائية، وتبدو النساء التونسيات فخورات في حديثهن عن طريقة إعدادهن لمختلف الأطباق الرمضانية التي لا تخلو منها أية مائدة إفطار تونسية، وتقول ألفة (ربة منزل) "المطبخ التونسي هو من أغنى مطابخ دول المتوسط ببهاراته وتنوع وصفاته، أنا تربيت على طريقة التصنيف (التنوع في الطهي) عبر الوالدة والجدة"، وتشير ألفة إلى أن المرأة التونسية تقضي معظم وقتها في المطبخ خلال شهر رمضان لمحاول تلبية حاجات العائلة نحو الأطباق التونسية التقليدية كالبريك وشوربة الفريك والطاجين والخبز الدياري (المنزلي) وغيره، وكما في جميع الدول الإسلامية، يُعتبر شهر رمضان في تونس "شهر العبادة"، حيث يكثر ارتياد المصلين للمساجد لأداء صلاة التراويح وتنظّم حلقات ختم القرآن الكريم والمسابقات الخاصة بترتيل النص القرآني ومسابقات الفرق السلامية وهي فرق مختصة في المدائح النبوية والأذكار، ويلاحظ بعض المراقبين الزيادة الكبيرة في ارتياد الجوامع في تونس بعد الثورة وخاصة خلال شهر رمضان، ويفسرون ذلك بأن النظام السابق كان يضيّق على مرتادي الجوامع وخاصة الشباب الذي كانوا يخضعون لتحقيقات ويتم استدعاؤهم الى وزارة الداخلية التي كان من مهامها تعيين الأئمة وتحديد مضمون الخطب في صلاة الجمعة.

الاسعار ترهق السعوديين

من جانبها ومع حلول رمضان خرجت نورة الحسن للتسوق وشراء متطلبات الشهر الفضيل الذي يعتبره المسلمون فرصة لجمع شمل الاهل والاصدقاء على موائد الافطار لكن الاسعار دفعتها للتوقف والمقارنة، وجدت نورة أن الميزانية التي تخصصها لشراء احتياجات البيت في رمضان ارتفعت الى ثلاثة أمثالها خلال بضع سنوات فقط في ظل زيادة الاسعار، وقالت نورة وهي مدرسة سعودية وأم لخمس بنات "هناك فرق كبير بين الاسعار قبل خمس سنوات والاسعار حالي، لم أكن انفق أكثر من الف ريال (266.7 دولار) لتجهيز مؤونة الشهر الكريم، حاليا انفق ثلاثة اضعاف ذلك المبلغ للحصول على نفس السلع"، وتشهد الاسواق السعودية ارتفاعا في بعض أسعار المواد الغذائية الاساسية مع زيادة الطلب عليها ويقدر محللون الزيادة في أسعار المواد الغذائية هذا العام بين 15 و25 بالمئة، ومع ذلك لا يعزف السعوديون عن الانفاق ويرون أنه لا يمكن تجاهل التقاليد والعادات الاجتماعية بأي حال من الاحوال، وتقول نورة "هناك أيام نقيم فيها ولائم لجمع الاسرة وأخرى لزميلاتي في المدرسة وأخرى للجيران واخرى لصديقات بناتي، أعتقد أنها باتت أكثر كلفة عنها قبل خمسة أعوام لكن لا يمكن أن تتجاهل هذه التقاليد مهما كلف الامر"، ومع الاقبال الكبير من المستهلكين على التسوق في رمضان يتوقع الكاتب الاقتصادي طارق الماضي أن ترتفع مبيعات قطاع التجزئة بنسبة 15 في المئة خلال الشهر، وعند مقارنة الاسعار بالعام الماضي يشكو المستهلكون من زيادة ملحوظة، وترى نورة أن أسعار التمور هذا العام ارتفعت بصورة كبيرة كما ارتفعت أسعار اللحوم والمواد الخام الخاصة بصنع الحلويات بما يقارب 20 بالمئة، ويقول عبيد بن فهد وهو موظف وأب لطفلين "ارتفع سعر الخروف من 850 ريالا الى 1100 ريال كما ان الخضروات ارتفعت بما لايقل عن 30 في المئة، رمضان هذا العام ساخن جدا في الاسعار ايضا مقارنة بالعام الماضي". بحسب رويترز.

وتشتد المنافسة بين متاجر السوبر ماركت والهايبر ماركت لجذب المتسوقين وتتنافس تلك المتاجر في عروضها الترويجية والجوائز والهدايا المغرية والتي تصل الى سيارات فاخرة من طراز "مرسيدس"، وعشية رمضان اكتظت المحال بالمشترين الذين يسعون لشراء مؤونة الشهر خلال بضع ساعات، ويقول منيف الرويلي وهو موظف عسكري وأب لاربعة أولاد "نرى عروضا وخصومات في الصحف لدى جميع متاجر التغذية امل ان تكون حقيقية وان تساعد في تخفيض الاسعار"، ويضيف "هناك ارتفاع كبير في الاسعار واعتقد ان الاسعار مرتفعة لدرجة لا يمكن ان تقبل المزيد منذ عدة شهور وخصوصا (أسعار) الحليب المجفف واللحوم والخضروات"، لكن المستهلكين الثلاثة أكدوا أن موجة ارتفاع الاسعار لم تبدأ قبل الشهر الفضيل ولكن منذ أن أعلن العاهل السعودي عن منح شملت زيادة في الرواتب في مارس اذار الماضي، ووفقا لاحدث بيانات لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) سجلت قيمة المبيعات عبر عمليات نقاط البيع في السعودية "وتمثل ما ينفقه المستهلكون عبر بطاقات الصرف الالي وبطاقات الائتمان في مراكز التسوق الكبرى ومحلات التجزئة وغيرها" ارتفاعا بنسبة 40 بالمئة خلال يونيو حزيران الى 9.17 مليار ريال مقارنة مع 6.5 مليار ريال قبل عام، كما ارتفعت السحوبات النقدية من أجهزة الصرف الالي بالسعودية في يونيو الى 49.6 مليار ريال يزيادة 24 بالمئة مقارنة مع 39.9 مليار قبل عام، ويقول المستشار الاقتصادي السعودي عبد الوهاب أبو داهش ان من المتوقع أن يتجاوز انفاق السعوديين في رمضان الرقم المسجل في يونيو وعزا ذلك بصورة رئيسية الى ارتفاع الرواتب، وفي ظل زيادة الاسعار وارتفاع الانفاق يتوقع أبو داهش ارتفاع معدل التضخم السعودي لاسيما في ظل تراجع الدولار، وبلغ معدل التضخم السعودي في يونيو 4.7 بالمئة، وفي ابريل نيسان رفع البنك السعودي الفرنسي توقعاته لمعدل التضخم خاصة في النصف الثاني من العام وتوقع أن يبلغ 5.6 بالمئة في 2011، وقال في تقريره "زيادة رواتب العاملين بالقطاع العام والكثيرين من العاملين بالقطاع الخاص ستعزز القوة الشرائية للمواطنين، رفعنا توقعاتنا لمعدل التضخم في 2011 الى 5.6 بالمئة في ظل تلك العوامل".

ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين "غالبا ما ترتفع معدلات الانفاق خلال شهر رمضان وهذا العام تحديدا يجمع الشهر بين الاستعدادات لرمضان والعيد وبداية موسم المدارس أوائل شوال (سبتمبر)"، وأضاف "هذا ينعكس بطبيعة الحال على الاسعار، يستغل التجار هذا الموسم لرفع الاسعار حتى وان لم تكن هناك ارتفاعات حقيقة لتكلفة الشراء، هناك ارتفاعات حقيقية في مستوى الاسعار تتراوح بين 15 و25 بالمئة لبعض السلع الغذائية"، ويستبعد البوعينين انعكاس ذلك على معدل التضخم السعودي ويقول "معدل التضخم النهائي يدخل في تكوينه مجموعات مختلفة لذا فحتى اذا ارتفعت مجموعة المواد الغذائية فان تأثيرها سيكون محدودا في النسبة الكلية للتضخم"، دائما ما نجد فجوة بين معدلات التضخم المعلنة وبين نسبة الارتفاع الحقيقية في السلع"، ومع زيادة الانفاق والشراء ترتفع مبيعات الشركات السعودية لاسيما تلك التي تعتمد في أرباحها على بعض العوامل الموسمية كالشركات العاملة في قطاعات الاتصالات والتجزئة والغذاء، ويتوقع المحللون ان تسجل الشركات السعودية المدرجة ضمن تلك القطاعات أرباحا قوية في الربع الثالث في ظل توقعات بزيادة المبيعات بدعم من نمو الطلب على منتجات بعض الشركات لاسيما جرير والحكير وأسواق العثيم والمراعي ونادك، وفي مواجهة لهيب الاسعار يحاول المستهلكون تقليص النفقات بطريقة أو بأخرى، ويقول عبيد بن فهد "لم اعد اتسوق من المتاجر الكبرى أبدا بل اتوجه الى مراكز بيع الجملة والاسواق الشعبية للحصول على أسعار اقل".

المصالحة في ساحل العاج

من جانب اخر يحمل شهر رمضان هذا العام كثيرا من التوقعات المتفائلة للمسلمين في ساحل العاج.فالبلد يتعافى حاليا من صراع عنيف اندلع في أعقاب الانتخابات بعد أن رفض الرئيس السابق لوران جباجبو تسليم السلطة وحاول سحق منافسه الحسن واتارا الذي فاز في الانتخابات، ويرى المسلمون في ساحل العاج في شهر رمضان هذا العام فرصة للمصالحة وطي صفحة الصراعات، وأعاد الصراع على السلطة بين جبادبو وواتارا اذكاء الخلافات التي كان يفترض أن تنهيها الانتخابات التي أجريت في نوفمبر تشرين الثاني الماضي، وأسفر الصراع عن مقتل 3000 شخص وتشريد أكثر من مليون اخرين الى ان تمكنت قوات موالية لواتارا بمساندة فرنسية من اعتقال جباجبو في أبريل نيسان، وفي مساجد العاصمة أبيدجان دعا الائمة الى المصالحة والسلام والتسامح في بداية رمضان، وقال الشيخ دجيجويبا سيسي امام أحد المساجد بالمدينة "مجيء شهر رمضان بعد الازمة فرصة ونعمة الهية، نحن نخرج من صعوبات ولنتجه الى الله سبحانه وتعالى، فلنتجه الى جوهر الروحانيات التي نحتاج اليها لنسامح بعضنا البعض وللمصالحة الحقيقية ولنعيش معا جميعا"، ويمثل المسلمون نحو 40 في المئة من سكان ساحل العاج وثلاثة ارباع المهاجرين المقيمين فيه، ويتركز معظم المسلمين في الشمال بينما يغلب المسيحيون على سكان الجنوب، ويقول الخبراء ان اقتصاد ساحل العاج يتجه نحو الاستقرار بعد الازمة لكن المسلمين اشتكوا قبل رمضان من ارتفاع أسعار المواد الغذائة والاحتياجحات الضرورية، وقالت امرأة تعيش في أبيدجان تدعى سليماتة سوماهورو "لو كان زوجي عاطلا ولو لم يكن يعمل في شهر رمضان فلا أعرف كيف كنا سنواجه الامر، الامور معقدة والاسعار مرتفعة"، وقال رجل اخر من سكان المدينة يدعى أداما تراوري "الازمة أدت الى صعوبة الامور، ليس بالنسبة للطعام في السوق فحسب، قال وزير التجارة انهم خفضوا سعر السكر، لكني لم أر تراجعا حتى الان في سعر السكر، سعر السكر لم يتغير، كان سعر السكر 400 فرنك أفريقي (0.86 دولار) واذا كانوا يقولون انهم يخفضون سعر السكر لوصل الى 400 فرنك أفريقي، لكن سعره ما زال 900 فرنك أفريقي (1.93 دولار)، وتواجه ساحل العاج تحديات كبيرة منها اعادة استتباب الامن وانعاش الاقتصاد وتبني سياسة للتوحيد بين الطوائف والاعراق المختلفة في البلاد، ووقع واتارا مرسوما لتشكيل لجنة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في أعقاب الانتخابات وأمهلها ستة أشهر لرفع تقريرها. بحسب رويترز.

مجاعة الصومال

من جهتهم بدأ صوماليون فارون من المجاعة في الصومال صيام شهر رمضان وسط الخيام المنتشرة في أكبر مخيم للاجئين في العالم بعدما نحلت أجسامهم جراء القحط الشديد، وقال محمد دوبو سامان وهو يهدئ من روع ابنته خارج خيمتهم في مخيم داداب على الجانب الكيني من الحدود مع الصومال "بسبب المجاعة أمضينا اياما بدون أي طعام بأي شكل"، واضاف "كان ذلك صياما بدون أجر، على الاقل هذا الصيام فريضة من الله"، ولا يتوجب على المرضى صيام رمضان، لكن معظم المقيمين في المخيم الذين حاصرتهم أشد موجة جفاف تجتاح القرن الافريقي منذ عقود يصممون على ما يبدو على أداء فريضة الصيام، ويحل رمضان في وقت عصيب على المسلمين في منطقة القرن الافريقي، ويقول رعاة في المنطقة ان الامطار لم تهطل في بعض المناطق التي يجتاحها القحط على مدى أربع سنوات متتالية، وحذرت الامم المتحدة من أن جنوب الصومال بكامله ينزلق الى هاوية المجاعة، ويعاني أكثر من 12 مليون شخص في أنحاء منطقة القرن الافريقي من هذه الظروف القاسية، وحال تمرد يشنه متشددون اسلاميون دون توزيع المساعدات الغذائية في أنحاء من الصومال، ويقوم الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد بجولة في دول المنطقة بدأها بجيبوتي للتشديد على ضرورة تسليم المساعدات داخل البلاد أولا حتى لا يضطر الصوماليون للذهاب الى أماكن أخرى، وقال أحمد "لا نريد لمواطنينا الذهاب الى دول أخرى في رحلات صعبة للحصول على المساعدات". بحسب رويترز.

ويعتزم الاتحاد الافريقي عقد مؤتمر للمانحين يضم زعماء الدول الافريقية والشركاء الدوليين في التاسع من أغسطس اب في العاصمة الاثيوبية أديس ابابا لجمع أموال لدعم المتضررين من القحط في منطقة القرن الافريقي، ومع حلول الليل على مخيم اللاجئين المزدحم تخرج فتاة صغيرة أمام اسرتها من بين شجيرات وهي تحمل على كتفها بساطا مزخرفا بايات من القران، وأفراد هذه الاسرة هم أحدث القادمين ضمن عشرات الاف اللاجئين الى المخيم الذي يكتظ بالفعل بأكثر من طاقته الاستيعابية والذي صمم في الاصل لايواء 270 ألف شخص لكن يقطنه الان أكثر من 400 ألف شخص غالبيتهم العظمى من الصوماليين، ويحاول عمال المساعدات جهدهم للتعامل مع تدفق اللاجئين، ويستغرق الامر من وكالة الامم المتحدة للاجئين أياما وأحيانا اسابيع لتسجيل الوافدين الجدد وتزويدهم بالخيام، وخوفا من طول الرحلة الى كينيا كان على أسرة هذه الفتاة أن تشهد أول أيام رمضان وهي تنام في الاحراش، وبالقرب منها وقبل قليل من بدء الصيام كان عبد الرحمن عبدي يلتهم بقايا وجبة غذائية من الطحين والماء تكاد لا تكفيه هو وأطفاله العشرة، وقال عبدي ان حصص الطعام المخصصة لاسرته على مدى أسبوعين لن تستمر على الارجح طوال هذه المدة حتى لو التزموا بالقواعد الصارمة للصيام، واضاف عبدي "هكذا ندخل شهر رمضان، وسيكون الامر صعبا"، وقال انه في الاعوام السابقة كان يفطر على قطع من اللحم والارز والمعكرونة والتمر، في نفس الوقت كان سامان يستعد للصلاة، وقال سامان "سنصلي هنا بجانب الخيمة، في وضعنا لا يمكنك حتى أن تحلم بالصلاة في مسجد".

حي الحسين في رمضان

من جهة اخرى دفع التجار في سوق خان الخليلي بالقاهرة ثمنا لحالة الاضطراب التي أعقبت الثورة في مصر، فمنذ ذلك الحين تأثر الاقتصاد وما زال الكثير من السياح يساورهم الخوف من العنف في الشوارع، ولكن ربما يحدث انتعاش مع قدوم شهر رمضان، وفي ميدان الحسين يتجمع الناس بعد الصيام للسهر حتى وقت متأخر من الليل لشرب الشاي والتسوق، وحي الحسين الذي بني في العصر المملوكي قبل نحو خمسة قرون متحف مفتوح للمساجد التاريخية والمنازل التي يتخللها العديد من الازقة التي تحفها المتاجر في سوق خان الخليلي، وقال صائغ يدعى حسين صبحي أمين "اللي عايز يحس برمضان على مستوى العالم كله لا زم ييجي منطقة الحسين، لان الوضع هنا بيختلف عن أي حتة موجودة في القاهرة لان الارتباط الديني هنا بيبقى أكثر والمنطقة هنا سياحية وبيغلب عليها الطابع الاسلامي"، ومن المعالم الرئيسية لحي الحسين مقهى الفيشاوي الذي بني عام 1798 وكان يتردد عليه العديد من الشخصيات الكبيرة مثل الملك فاروق والروائي الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ، وقال ضياء الفيشاوي مالك المقهى "دي عادة من زمان، يعني من العشرينات والثلاثينات والاربعينات ومش وليدة النهارده، الناس معتادة تنزل سيدنا الحسين، مش الفيشاوي بس، سيدنا الحسين، تقضي اليوم فيه، سواء الافطار أو السحور، وتكمل السهرة أو القعدة عندن، بقهوة الفيشاوي، انما هي عادة قديمة من زمان، هي بس زادت لان الناس بقت تحبها أكثر وبتنسى فيها همومها وتنسى مشاكلها وتستعيد ذكريات، يعني لو احنا مثلا شباب يبقى مع بعضنا شباب، لو احنا كبار نقول احنا كنا بنيجي هنا زمان، يعني قعدات السمر المصرية اللي هي ما نقدرش نتخلى عنها"، وذكرت فرنسية تقيم بالقاهرة تدعى مارييل أنها تحب زيارة خان الخليلي خلال شهر رمضان لانه يغلب عليه الطابع المصري الاصيل اكثر من أوقات السنة الاخرى، وقالت "الامر مختلف قليل، اقصد ان هناك المزيد من المصريين، المصريون في رمضان اكثر من الاوقات الاخرى، في غير رمضان يمتليء المكان بالسياح وغيرهم، الاجواء مختلفة مع وجود المزيد من المصريين"، وبعد ان عاني المصريون من الاضطرابات السياسية ياتي شهر رمضان بعد طول انتظار ليحقق بعض الرواج لتجار خان الخليلي. بحسب رويترز.

مهنه المسحراتي

الى ذلك أخذ شابان فلسطينيان من أسرة واحدة على عاتقيهما مسؤولية ايقاظ النائمين للسحور في القدس الشرقية خلال شهر رمضان، ويتجول حسام الدين وبهاء غوشة في شوارع البلدة القديمة وأزقتها في أمسيات شهر الصيام يوقظان الناس قبل الفجر ليتسحروا احياء لمهنة المسحراتي التقليدية القديمة، ويرتدي الشابان زيا تقليديا ويردد حسام الدين أدعية وتواشيح قصيرة بينما يدق بهاء على دف بعد كل مقطع من الكلام، وقال حسام الدين غوشة في احدى الامسيات في بداية شهر رمضان هذا العام "فاحنا من أربع سنين منسحر ومنقوم في هي اللي واجب زي ما تقول علينا أكثر من أنه بشكل تطوعي هيكد لسكان حارتنا وللبلد بشكل عام، والهدف الاساسي منها أنه نرجع يعني التراث الفلسطيني، الفلوكلور الموجود، نخليه عايش بالقدس ونخلي الشباب الصغار يعيشوا فيه ويحبوه أكثر وأكثر بظل كل محاولات الاسرلة اللي بتعرضوا لها والتهويد اللي بتتعرض له المدينة يوم بعد يوم"، وتضيء النوافذ أثناء مرور حسام الدين وبهاء ويطل السكان من الشرفات لتحية المسحراتي أثناء مروره في الحارات والازقة تحت أَضواء شهر رمضان التقليدية، وتستمر مهنة المسحراتي التي ترتبط بشهر رمضان في الكثير من الدول العربية رغم وسائل التكنولوجيا الحديثة التي يمكن استخدامها لايقاظ النائم وقتما يشاء، وقال حسام الدين "مع تطور الوقت وكذا صار فيه ساعة والتليفون وهذا معظم الناس بتفيق ( تستيقظ) بشكل عادي بينما لما بسمعوا الاذكار وبسمعوا الموشحات اللي هم من زمان كثير، من حوالي أكثر من 20 سنة ما سمعوهاش برجع فيه نوع من الحب بينهم وبين المدينة برجع بتأصل شوي شوي، فمنستغل الفرصة هي برمضان لنحاول نعمل شي حقيقي للقدس"، وتستمر جولة المسحراتي في شوارع القدس القديمة الى حتى لحظات قليلة من سماع صوت المؤذن لصلاة الفجر يرتفع من المسجد الاقصى. بحسب رويترز.

حملة على بيع الكحول

بدوره قال متحدث باسم رئيس جمهورية الانجوش الروسية التي تسكنها أغلبية مسلمة ان الرئيس شكل هيئة من رجال الدين والمسؤولين لشن حملة على تجار المشروبات الكحولية في السوق السوداء خلال شهر رمضان، ورغم انها موجهة رسميا للمبيعات غير المشروعة إلا أن هذه الخطوة تستهدف فيما يبدو استهلاك المشروبات الكحولية بوجه عام والذي يُباع معظمها سر، ووصف يونس بك يفكوروف رئيس الانجوش الهيئة الجديدة بأنها "شرطة آداب"، ومنذ انهيار الشيوعية قبل 20 عاما اختفت المشروبات الكحولية على نحو متزايد في الاقاليم الاسلامية في روسيا التي شهدت صحوة إسلامية، وقال حسين بلييف المتحدث باسم رئيس الانجوش "المجموعة مكلفة بأن تتأكد من أن تجار التجزئة والمقاهي لا يبيعون المشروبات الكحولية خلال شهر رمضان دون الحصول على كل التصاريح اللازمة"، وبات من الصعب على نحو متزايد الحصول على تراخيص لبيع الكحوليات في منطقة شمال القوقاز التي تسكنها أغلبية مسلمة حيث يدلي كبار المسؤولين بتصريحات علنية ضد الخمور مما دفع كثيرا من الباعة الى التحول لبيعها سر، كذلك تضرر بيع الخمور بسبب هجمات متمردين إسلاميين تستهدف عادة تجار الخمور في المنطقة. بحسب رويترز.

رمضان صور وحكايات

في حين يسجل كتاب مصور صدر في القاهرة مؤخراً حكايات وطرائف عن عادات مصرية في شهر رمضان اضافة الى طبع "الامساكية" التي تحدد مواعيد الامساك عن الطعام والشراب منذ الفجر وتشمل أيضا مواعيد الصلاة، ولا يحدد ياسر قطامش متى طبعت أول امساكية ولكنه يرجح أنها طبعت في عصر محمد علي الذي تولى حكم مصر عام 1805 ويورد الكتاب امساكية لرمضان عام 1262 هجرية (سبتمبر أيلول 1846 ميلادية) وطبعت "ببولاق مصر القاهرة" على ورقة صفراء ذات زخارف طولها 27 سنتيمترا وعرضها 5 ر17 سنتيمتر، وكتب على الامساكية التي تحمل صورة محمد علي "أول يوم رمضان الاثنين ويرى هلاله في الجنوب ظاهرا كثير النور قليل الارتفاع، ومكثه خمس وثلاثون دقيقة" أما مواعيد الصيام والصلاة فكتبت بالتوقيت العربي فمثلا موعد أذان الفجر 9.25 عربي وتساوي 3.25 فجرا بالتوقيت الذي نتعامل به حالي، ويقع كتاب (وحوي يا وحوي.. رمضان صور وحكايات) في 269 ويضم أكثر من 140 صورة وصدر عن الدار المصرية اللبنانية، ويورد الكتاب امساكية رمضان 1356 هجرية (نوفمبر تشرين الثاني 1937) وصممها وطبعها توفيق علي هدايت أفندي التاجر بمدينة بورسعيد الساحلية وحرص على وضع صورته أعلى الامساكية تليها صورة رئيس الوزراء مصطفى النحاس ثم صورة الملك فاروق وكان صبيا في السابعة عشرة، وكانت هذه الامساكية جزءا من كتيب يبلغ 28 صفحة من القطع الصغير (كتاب الجيب) يضم اعلانات عن بضائع هدايت وخلاصة أحكام الصيام وصفحات بيضاء لمن يريد تدوين مذكراته ومواعيده. بحسب رويترز.

ويقول قطامش ان صاحب هذه النسخة من الامساكية كتب فيها "27 قرشا لزوم سهرة مع فيلم (سلامة في خير) للريحاني والسحور خارج المنزل مع حرمنا الست بهيجة والاولاد"، ويسجل أن مشاهدة الافلام والمسرحيات الغنائية كانت جزءا من طقوس ليالي رمضان بالقاهرة ففي عام 1915 كان يمكن بعشرة قروش الذهاب الى "تياترو الاوبرا السلطانية لتشاهد جوقة جورج أبيض وسلامة حجازي في رواية (الحاكم بأمر الله) أو تسهر مع الشيخ سيد درويش وهو ينشد، حب الوطن فرض عليه-أفديه بروحي وعينيه"، وكان السلطان حسين كامل يتولى حكم مصر بين عامي 1914 و1917 وتولى بعده أخوه أحمد فؤاد الاول الذي ظل سلطانا حتى عام 1922 ثم حمل لقب ملك، وحملت دار الاوبرا في تلك الفترة اسم (دار الاوبرا الملكية)، ويقول المؤلف ان سهرات رمضان عام 1935 كان أبرزها في دار الاوبرا الملكية التي افتتحت موسمها يوم الخميس 16 رمضان 1354 الموافق 12 ديسمبر كانون الاول بنخبة من الممثلين والممثلات منهم عبد الله عكاشة ودولت أبيض وجورج أبيض وزينب صدقي وحسين رياض وعباس فارس، وكان سعر التذكرة سبعة قروش للصالة، ويسجل أن فيلم (العزيمة) الذي عرض في السادس من نوفمبر تشرين الثاني 1939 "أول فيلم رمضاني في السينما المصرية" اذ عرض لاول مرة يوم 25 رمضان ومعظم أحداثه تدور في شهر رمضان، وفي استفتاء حول أفضل مئة فيلم مصري بمناسبة مئوية السينما عام 1996 جاء في المرتبة الاولى فيلم (العزيمة) تأليف واخراج رائد الواقعية كمال سليم.

اقلام المدونون

من جانبهم يواصل المدونون العرب اهتمامهم بالقضايا الإقليمية والمحلية الراهنة، كالأحداث في سوريا، والحراك الشعبي في كل من اليمن وليبيا والأردن.كما سلط بعض المدونين هذا الأسبوع الضوء على قضايا الفساد في الأردن، وتكرار ظاهرة انقطاع الكهرباء في لبنان، إضافة إلى اهتمام آخرين بمصير الأقليات في ظل الثورة السورية، وقضية الحريات الشخصية في عدد من الدول العربية.فعلى مدونة "هويتي"، تناول المدون الأردني عبد الله سعيدين، موضوع الفساد في الأردن المتمثل بقضية رجل الأعمال خالد شاهين وعودته إلى الأردن، مع التعديلات الدستورية.فتحت عنوان "دراما الاستخفاف بعقل المواطن"، كتب سعيدين يقول، "يدور حديث هنا وهناك عن خالد شاهين وتزامن عودته مع التعديلات الدستورية، وآراء متباينة خطتها أقلام الكتاب، فمنهم من يقول إن شاهين جاء مخفورا، والآخر يقول إنه جاء بمحض إرادته، وأن عودته كانت بتنسيق بينه وبين الحكومة، لإطفاء نار الغضب الشعبي"، وأضاف سعيدين يقول، "إن كانت الحكومة قد جلبت شاهين فقد أبدعت سينمائيا، حينما بثت وسائل الإعلام صور شاهين مكبلا ومن ثم مرتديا البذلة الزرقاء بشكل متسلسل وبسرعة لم تصل إليها وسائل الإعلام في دول عرفت حق الحصول على المعلومة قبل مئات السنين، وإذا كانت الدولة ما زالت تعتقد أن الشعب غبيا وحدود تفكيره جلدة رأسه فهي مخطئة، وإذا استمرت بإبداعاتها الدرامية التي لا ترقى لذوق المواطن فإنها حتما ستواجه مصاعب كثيرة لم ترها من قبل"، واختتم سعيدين تدوينته بالقول، "بعث بها الشعب مرارا وتكرار، لكننا نرسلها مرة أخرى من منطلق أن "التكرار بعلم الشطار"، ما يريده الشعب هو الإصلاح، لكن ليس ذلك المفهوم الذي تتبناه الدولة، إنه المفهوم المتعارف عليه بين من يبتغي التقدم والازدهار، فلا تتحدثوا عن التقدم قبل أن تغادروا مواقعكم إلى مواقع تستطيعون فيها الاستماع إلى من ينشد الإصلاح"، وفي مدونة عمر دخان، تناول المدون قضية ممارسة الحريات الشخصية في مجتمعات تقدم نفسها على أنها علمانية، ولكنها تقوم فعليا بعكس ذلك، فتحت عنوان "وكالين رمضان"، كتب دخان يقول، "مع كل رمضان تبرز قضية الإفطار العلني والأشخاص الذين يقومون بالأكل جهارا وفي الأماكن العامه خلال نهار رمضان. بحسب رويترز.

وترى الشرطة في دولة علمانية مثل الجزائر تتحول إلى شرطة دينيه تلقي القبض على كل من تجرأ وأكل أمام الناس أو بعيدا عن أنظارهم، وكأني بها "أي الشرطه" قد حلت كل المشاكل الأمنية الأخرى ولم يبق لها سوى مطارده أفراد اختاروا أن لا يلتزموا بشعيرة دينيه معينه، كما لا يلتزم الكثيرون بالصلاة والزكاة و شعائر دينية أخرى، ويصبح الشغل الشاغل لدولة تدعي أنها علمانية وتحترم حرية الأديان والمعتقد والحريات الفردية هو مطاردة كل من ارتكب "جريمة " الإفطار و لو كان في أماكن خاصه وبعيدة تماما على الأنظار، وكأني بهم لا يدركون معنى " لا إكراه في الدين"، واختتم دخان تدوينته بالقول، "السعي لإقرار الحريات الشخصية للأفراد لا يكون عن طريق مهاجمة عقائد الآخرين بشكل استفزازي وعلني، بل يجب أن يكون في نطاقه الصحيح، وهو النطاق الشخصي، أي لا أفرض أفكاري على الآخرين سواء كنت مؤمنا أو غير مؤمن، وليحتفظ كل شخص بعقيدته أو لا عقيدته لنفسه، وليس من حق أحد أن يفرض الشعائر الدينية على أحد، كما أنه ليس من حد أحد أن يجرح في تلك الشعائر ويحاول تدميرها، على الرغم من أنني أعلم أن كلا منهما انعكاس للآخر بشكل أو بآخر، ففرض الشعائر الدينية على الأفراد بشكل ديكتاتوري ينتهك الحريات الشخصية يولد قوة معاكسة من الجانب الآخر لا ترفض تلك الشعائر فحسب، بل تسعى إلى دمارها التام، وهو ما سيؤدي إلى المزيد من الصدامات مالم يفهم كل من الجانبين المعنى الحقيقي للحريات الفردية ويلتزم به"، أما في مدونة "طباشير"، فقد تطرقت صاحبتها شيري إلى قضية الحراك الشعبي حاليا في سوري، فتحت عنوان "عندما يخذل المثقفون الشارع، تربط الأقليات وجودها بالنظام"، كتبت شيري تقول، "يتردد ُ في الآونة الأخيرة أحاديث جانبيّة كثيرة عن مخاوف بعض المثقفين والناشطين على الإنترنت من تحوّل الحراك الشعبي على الأرض في سوريا من ثوريّ يضمّ كافة أطياف الشعب إلى طائفيّ يضمّ فئة معينة من الشعب ستلغي الفئات الأخرى منهُ اذا ما انتصرت الثورة ، وهذه المخاوف ربما تكون موجودة و حقيقية ولم تأت من الفراغ، لكنّ من خلقها هم المثقفون أنفسهم".

وتابعت شيري بالقول، "بعض المثقفين والمعارضين الذين قضوا معظم عمرهم في مبارزة النظام السوري والعراك معه حول الحريات وحقوق الإنسان والإعتقالات التعسفية وغيرها، نفسهم من قضوا جزءا من عمرهمِ خلف قضبان الإعتقال لرأي قالوه أو مقال كتبوه، هم أكثر من يخدم صمتهم النظام السوري الذي مازال يقول إنّ الحراك الشعبي هو عبارة عن مسلحين وقتلة وعصابات مسلّحة وسلفيين، لو وجدَ بين الناس أسماء من المثقفين والمعارضين المشهود لهم بمنطقيتهم ورجاحة عقلهم لما استطاع النظام أن يُقنع جزءا كبيرا من الشعب الذي يقف على الحياد، أو المتخوّف، بأنّ ما يجري هو فعلا عصابات مسلّحة"، وفي مدونة "مواطن جوعان"، يكتب المدون خضر سلامة تجربته وذكرياته وسط تكرار ظاهرة قطع الكهرباء، وفتحت عنوان "كهربا يا كهربا"، كتب سلامة يقول، "شركة الكهرباء العظيمة، منت علينا بالتيار الكهربائي، يا فرحتي، أستطيع الآن أن أشاهد وجه أبو مازن القبيح بوضوح، وهو يقبل جزار مخيم نهر البارد، ولا يزور نهر البارد، الدولة الفلسطينية قادمة، دولة؟، أعتقد أن أبو مازن أشبه بالأصلع الذي يريد الحصول على قصة شعر جنيفر لوبيز مثلاً، لا بأس، أيضاً، أستطيع الآن أن أمتّع بصري بنور ناصر قنديل، وهو يفند المؤامرة على النظام السوري الذي قضى عمره وهو يتآمر على الجميع، وحين فرغ، تآمر على شعبه، الآن فقط، أستطيع أن أرى سعد الحريري في جحره الفرنسي، يعلمنا كيف "نصمد" في معركة محكمة أبوه (على أبو الذي عمله رئيس)، هل يعلم دولته أننا صمدنا في ثلاث حروب في العشرين عاماً الماضية، دون جميلٍ منه، ولا جميلٍ من آل السيّد؟"، ويتابع سلامة بالقول، ""في حضرة الكهرباء"، أعود مواطناً عادياً، أكتب شعراً، أقرأ كتاباً، أنتظر ابريق الشاي، أقلب في التلفاز بحثاً عن نكسة جديدة من نشرة أخبارٍ قديمة، النظام المعتدل في تونس يقتل، والنظام الممانع في سورية يقتل، النظام الرجعي في البحرين يقتل، والنظام التقدمي في ليبيا يقتل، العرب بخير إذاً، ولا فرق بين عربي وعربي إلا باسم قاتله. أكمل رحلتي، دريد لحام عاد ممثلاً، مناوئاً لجاره، يبدو أن مناوئة النظام لم تعد "تطعمني خبز" يا غوار، واكتشفنا بعد أربعين عاماً، أنك "ممثل" بجدارة"، واختتم سلامة تدوينته بالقول، "ثم، أنا كمواطن كامل الحقوق لمدة ست ساعات قبل انقطاع الكهرباء مرة أخرى، أريد أن أعرف من المسؤول عن حرارة الطقس؟ هل إذا حدث وفعلاً اكتشفنا نفطاً في بلدنا، يجب أن نتحول إلى بلد خليجي؟ بطقسه على الأقل، هل تتخايلون معي لبنان إمارة خليجية؟ والأنكى، أمين الجميّل أميراً عليها، أميراً فقط؟ أراهن أنه لن يرض بأقل من إعلان لبنان أمبراطورية، لا بد لشركة الكهرباء أن تتبنى شعار، لديك ما يكفيك من كهرباء ولكن، ليس ما يكفي جميع الناس، انقطعت الكهرباء، لا حاجة بعد اللحظة للأوراق وللكتب وللتلفاز وللبراد وللصحيفة ولناصر قنديل وأمين الجميل واليسار واليمين، وبعد هذا كله، أعجب ممن يحدثني عن الاشعاع والنور، وحب الوطن، في العتمة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/آب/2011 - 29/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م