السودان... دولة خارج السلطة ونزاعات لا تنتهي

شبكة النبأ: يعاني السودان "البلد المنهك والفقير" الكثير من المشاكل والخلافات التي عصفت به ومزقت أهله إلى شيع وأحزاب، فمع نهاية الاستعمار وسيطرة الدول الأقوى والأغنى على شؤون السودان الداخلية، تحولت إلى مرحلة جديدة من الصراعات الداخلية التي تطورت إلى حرب أهلية بين الشمال والجنوب انتهت بتدخل الجهود الدولية وبعد المطالبة بحق تقرير المصير، لتنتهي بالانفصال وقيام دولة أخرى إلى جانب السودان، لتبدأ معها مرحلة أخرى من الصراعات حول الحدود والماشية والتسلح والنفط والرسوم والتجاوزات...الخ، من دون أن يفكر أي طرف من القيادات الحاكمة بالمواطن السوداني البسيط الذي تجاذبته السياسة والإيديولوجيات والصراعات إلى ساحة الحرب والقتال والفقر. 

وقف لإطلاق النار

فقد طلب الرئيس الامريكي باراك اوباما من قادة الشمال والجنوب السوداني وقف تصعيد العنف في المناطق الحدودية بينهما، قبل اسابيع فقط من موعد انفصال الجنوب عن الشمال، ويصبح مستقل، واعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير عن وقف لاطلاق النار من طرف واحد في ولاية جنوب كردوفان لمدة اسبوعين، وقال البشير خلال زيارة مفاجئة له الى الولاية الواقعة على الحدود مع جمهورية جنوب السودان "اعلن وقفا لاطلاق النار من جانب واحد"، ويذكر ان الاشتباكات بين جيش الشمال ومقاتلي الحركة الشعبية من ابناء منطقة النوبة منذ شهر حزيران الماضي قد ادت الى تشريد نحو 700 الف شخص ومقتل عدد كبير، وقد اندلعت الاشتباكات عندما حاولت الحكومة الشمالية نزع سلاح المقاتلين من ابناء المنطقة بعد الانتخابات التي شهدتها الولاية في شهر يونيو الماضي، وتنفي الحكومة السودانية اتباع سياسة تطهير عرقي ضد ابناء النوبة المتعاطفين مع ابناء جنوب السودان، من جهة اخرى اعلن مسؤول في الجيش السوداني ان القتال في الولاية قد تراجع الى حد بعيد خلال شهر رمضان، كما ان من المستحيل معرفة ما يجري على ارض الواقع في الولاية بسبب منع الحكومة دخول وسائل الاعلام والدبلوماسيين الاجانب اليها بينما تقيد حركة موظفي الامم المتحدة، كما حظرت الحكومة على منظمات الاغاثة العمل في الولاية واشترطت ان تسلم المساعدات الى الهلال الاحمر السوداني ليقوم بدوره بتوزيعها على ابناء الولاية، واشار تقرير اعدته الامم المتحدة عن الاوضاع في الولاية الى احتمال وقوع جرائم حرب في الصراع في الولاية من قبل طرفي الصراع وخاصة من جانب الجيش الذي اتهمه التقرير بالقيام بعمليات اعدام ميدانية وشن هجمات وقصف جوي على الاحياء السكنية. بحسب البي بي سي.

برلمان جنوب السودان

في سياق متصل قال برلمان جنوب السودان انه يتعين نشر قوات أمنية لوقف أعمال القتل الانتقامية في البلاد، وجاء ذلك بعد أن قالت الامم المتحدة ان اشتباكات على الماشية قتلت 600 شخص على الاقل في هذا البلد الذي حصل على استقلاله الشهر الماضي، وتتقاتل الجماعات العرقية في جنوب السودان منذ قرون بسبب رعي الماشية التي تمثل جانبا رئيسيا من اقتصاد المنطقة لكن اعداد القتلى تتزايد بعد ان خلفت عقود من الحرب الاهلية كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة في المنطقة، ويقول محللون ان جنوب السودان الذي استقل عن السودان في التاسع من يوليو تموز سيواجه خطر الانهيار كدولة اذا لم يستطع السيطرة على نزعات التمرد والصراعات الدامية بين قبائله، وقال وزير الاعلام برنابا ماريال بنجامين بعد اجتماع برلماني ان وزير الداخلية سيحضر اجتماعا أمنيا يرأسه الرئيس لحث الحكومة على "نشر قوات أمنية فور، لتجنب أي أعمال قتل انتقامية أخرى"، وأضاف "سيؤدي ذلك الى كسر الحلقة المفرغة لاعمال القتل الانتقامية"، وقالت بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان ان اشتباكات دامية بين القبائل في الايام القليلة الماضية أسفرت عن اصابة المئات وقد تكون شردت أكثر من ربع مليون شخص، وقالت ان 600 شخص على الاقل قتلو، وتشير تقارير محلية حصلت عليها البعثة الى ان ما بين 26 ألفا و30 ألف رأس من الماشية سرقت خلال الهجمات وان كثيرا من المنازل دمرت، وقال بنجامين ان البرلمان دعا أيضا الحكومة الى تقديم مساعدات انسانية للنازحين، واضاف "هذا سيعني توفير الطعام والدواء والمأوى وأيضا مساعدة مالية لمعاونة من أحرقت منازلهم تماما"، وتشير احصاءات الامم المتحدة الصادرة في يوليو تموز الى ان 2368 شخصا قتلوا في 330 واقعة عنف في انحاء الجنوب منذ بداية العام حتى نهاية يونيو حزيران، واتهمت حكومة جنوب السودان الشمال بتسليح القبائل المتناحرة واثارة التمرد في محاولة لتقويض الدولة الوليدة والاحتفاظ بالسيطرة على نفطها وهي اتهامات تنفيها الخرطوم. بحسب رويترز.

ضحايا الاشتباكات

الى ذلك قالت بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان ان 600 شخص على الاقل قتلوا ومئات اخرين اصيبوا بجراح في معارك وقعت في جنوب السودان وانه من المحتمل أن يكون أكثر من ربع مليون تشردوا بسبب المعارك، وكانت بعثة الامم المتحدة قد افادت بوقوع اشتباكات قبلية دامية في الايام الاخيرة في جنوب السودان فيما يشير الى عدم الاستقرار في البلاد بعد اسابيع فحسب من استقلاله، وقالت الممثلة الخاصة للامم المتحدة في جنوب السودان هيلد جونسون "يجب ان تتوقف دورة العنف هذه"، واضافت قولها "ليس مقبولا أن يسقط مثل هذه الاعداد الكبيرة من القتلى والجرحى مرة اخرى في هذا الدمار الشديد"، وقالت "اني احث الطرفين في هذا الصراع المأساوي على التحلي بضبط النفس، وتشتد الان الحاجة الى المصالحة"، ويتفجر القتال عادة في المنطقة بسبب نزاعات بسبب الماشية التي تمثل جزءا حيويا من الاقتصاد المحلي، وقال البيان ان 600 شخص على الاقل قتلوا وان البعثة لديها انباء غير مؤكدة تفيد ان ما بين 750 شخصا و985 شخصا اصيبوا بجراح، وتشير تقارير محلية حصلت عليها البعثة الى ان ما بين 26 ألف رأس من الماشية و 30 ألفا سرقت خلال الهجمات وان كثيرا من المنازل تدمرت، واضاف البيان ان السلطات ابلغت البعثة ان اكثر من ربع مليون نسمة تشردوا بسبب المعارك في قرى بييري وموتات وبولشول في مقاطعة اورور بولاية جونجلي بينما تعرض نحو 200 شخص للخطف، وأدانت جونسون ايضا نهب وتدمير المنشآت الخيرية في جنوب السودان، وقالت "يجب على الجميع احترام الطبيعة الانسانية لمثل هذه المنشآت. بحسب رويترز.

مقابر جماعية

بدورها قالت مجموعة رصد امريكية انها وجدت دليلا قويا على وجود مقابر جماعية في ولاية جنوب كردفان بالسودان والقريبة من حدود جمهورية جنوب السودان، وقال مشروع سنتينل للمراقبة بالاقمار الصناعية الذي اسسه الممثل جورج كلوني ومقره واشنطن في تقرير جديد صدر مؤخراً انه اكتشف قبرين آخرين في جنوب كردفان الى جانب القبور الستة التي أعلن عنها من قبل، واوضح ان صور الاقمار الصناعية مدعومة بشهادات شهود عيان تظهر عاملين في جمعية الهلال الاحمر السودانية يحفرون مقبرة جماعية ويلقون جثثا فيه، واضاف ان عاملي الهلال الاحمر قاموا بصب الوقود على جثث الموتى واشعلوا النار فيه، ويتضمن تقرير المشروع أيضا ما قال انه صورة رسمية من الهلال الاحمر السوداني لفريق التخلص من الجثث، وقالت مجموعة الرصد الامريكية إن القبور تعود الى شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو، اي في الوقت نفسه الذي وجهت فيه اتهامات الى قوات مؤيدة لحكومة الخرطوم بالقيام باعمال قتل وانتهاكات اخرى في جنوب كردفان، من جانبها نفت الحكومة السودانية ما قالت انها مزاعم مجموعة أمريكية اشارت الى انها رصدت ثمانية قبور جماعية في ولاية جنوب كردفان، وجاء النفي على لسان دفع الله الحاج علي عثمان مندوب السودان بالامم المتحدة الذي قال "لا دليل على وجود قبور جماعية هناك"، وقال أن المنطقة شهدت بلا شك سقوط العديد من القتلى والجرحى لكن المسؤول عنهم جيش دولة جنوب السودان التي انفصلت عن الشمال، تقول الأمم المتحدة ان عشرات الالاف فروا من العنف في الولاية التي تقع على حدود الجنوباما الامم المتحدة فأشارت الى انها لا تستطيع التأكد من تقرير مشروع سنتينل للمراقبة بالاقمار الصناعية. بحسب البي بي سي.

وبررت المتحدثة فانينا مايستراتشي ذلك للصحفيين بأنه "لم يعد للامم المتحدة أي تفويض هناك، ولذا فلا يمكننا الان التحقق من هذه المزاعم"، ويتهم نشطاء القوات المسلحة السودانية بشن غارات جوية وهجمات تستهدف أبناء النوبة في جنوب كردفان في محاولة للقضاء على معارضتهم لها وبسط نفوذ حكومة الخرطوم على الولاية بعد استقلال الجنوب، وتنفي الحكومة السودانية الاتهامات الموجهة اليها وتتهم من تسميهم بجماعات مُسلحة محلية حارب كثير منها مع الجنوب خلال الحرب الاهلية بالقيام بتمرد لمحاولة السيطرة على المنطقة، وتأتي هذه الاشارة الى من سبق من قاتل مع جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان من ابناء منطقة جبال النوبة، والى الزعيم السياسي المحلي في ولاية جنوب كردفان ونائب رئيس الحركة الشعبية في قطاع الشمال عبد العزيز الحلو الذي اتهمه الرئيس السوداني بقيادة تمرد وطالب بالقاء القبض عليه، وادت الاشتباكات بين الجيش ومقاتلي الحركة الشعبية من ابناء منطقة النوبة منذ شهر حزيران الماضي الى تشريد نحو 700 الف شخص ومقتل عدد كبير، وتقول الأمم المتحدة ان عشرات الالاف فروا من العنف في الولاية التي تقع على حدود الجنوب ويقع فيه معظم الاحتياطي النفطي للسودان، وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير اعلن خلال زيارة مفاجئة له الى ولاية جنوب كردفان الواقعة على الحدود مع جمهورية جنوب السودان عن وقف لاطلاق النار من طرف واحد في الولاية ولمدة اسبوعين.

تقييم حقوق الإنسان

في السياق ذاته قال السودان انه سيشكل لجنة لتقييم اوضاع حقوق الإنسان في ولاية جنوب كردفان بعد يوم من صدور دعوة من الامم المتحدة إلى اجراء تحقيق في انباء عن اعمال عنف وانتهاكات هناك.واشتد التوتر في الولاية التي تقع على حدود جنوب السودان وتضم معظم احتياطيات السودان المعروفة من النفط بعد ان انفصل الجنوب الشهر الماضي اخذا معه معظم حقول النفط، ووقف كثير من ابناء جنوب كردفان مع الجنوب في الحرب الاهلية التي استمرت 20 عاما وفر عشرات الالاف منذ اندلع القتال هناك في يونيو حزيران بين الجيش السوداني ومقاتلين كثير منهم ينتمون عرقيا الى جبال النوبة، ووثق تقرير لمكتب مفوض الامم المتحدة لحقوق الإنسان مزاعم عن انتهامات في كادوقلي عاصمة الولاية ومنطقة جبال النوبة المحيطة بها بما في ذلك حوادث قتل خارج الاطر القانونية وحالات احتجاز غير مشروع واختفاء قسري وهجمات على المدنيين ونهب للمنازل وتهجير جماعي، وقالت وكالة السودان للانباء ان وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة أصدر مرسوما بتشكيل لجنة لجمع المعلومات والحقائق وزيارة مواقع النازحين ومقابلتهم وكذلك مقابلة السلطات الحكومية والمواطنين في جنوب كردفان، وقالت الامم المتحدة في تقريرها الذي صدر مؤخراً ان المزاعم "اذا تأكدت فقد تمثل جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب"، ورفضت الحكومة السودانية التقرير ووصفته بانه لا اساس له. بحسب رويترز.

نزاع النفط والعملة

من جانب اخر قال جنوب السودان انه يلحظ تقدما في تسوية نزاعين مع الخرطوم بشأن تقاسم ايرادات النفط واطلاق عملتين جديدتين وذلك في نبرة تصالحية بعد اتهامه خصم الحرب الاهلية السابق باشعال حرب اقتصادية، وقال باقان أموم الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في الجنوب ان جنوب السودان سيدفع رسوما تنسجم مع المعايير العالمية مقابل استخدام خطوط أنابيب تصدير النفط في الشمال بعد تخلي السودان عن طلبه الحصول على 22.8 دولار للبرميل، ونال جنوب السودان استقلاله في التاسع من يوليو تموز وأخذ معه 75 بالمئة من انتاج السودان من النفط البالغ 500 ألف برميل يوميا والذي يعد شريان الحياة الاقتصادية للشمال والجنوب، وسيكون على جنوب السودان أن يدفع للخرطوم رسوما مقابل نقل انتاجه من النفط عبر خط أنابيب الى ميناء السودان الوحيد على البحر الاحمر لكن الطرفين لم يتفقا بعد على كيفية توزيع ايرادات النفط التي كانت تقسم مناصفة، وقال أموم ان الخرطوم سحبت طلبا سابقا للحصول على 22.8 دولار للبرميل مقابل حق استخدام خط الانابيب أي نحو 20 بالمئة من قيمة النفط المصدر وذلك بعد اجراء محادثات ثنائية جديدة في العاصمة الاثيوبية أديس أباب، وأبلغ أموم الصحفيين بعد عودته الى عاصمة الجنوب جوبا أن الجانبين يريدان حل جمليع القضايا العالقة بحلول 30 سبتمبر أيلول، وكان دبلوماسيون غربيون يأملون في التوصل الى اتفاق قبل استقلال الجنوب، وقال "سندفع رسوما لاستخدام خط الانابيب، وسندفع أيضا رسوم عبور تتفق مع المماراسات والمعايير العالمية" لكنه لم يذكر كم سيدفع الجنوب، وقال "أنهت تلك المباحثات محاولة لفرض رسوم اضافية استثنائية من جانب حكومة الخرطوم التي أعلنت أنها ستفرض 22.8 دولار للبرميل، لقد تراجعوا رسميا عن ذلك الموقف"، ولم يصدر رد فعل فوري عن حكومة الشمال التي لم تؤكد طلب الحصول على 8ر 22 دولار للبرميل الذي أعلنه الجنوب عندما وصفه بأنه "سرقة في وضح النهار"، وقد يهدد الخلاف على تقاسم ايرادات النفط بتعطيل تدفق الخام من البلد الذي يعد مصدرا مهما الى الصين واليابان، وحصل الجنوب على استقلاله في استفتاء أجرى في يناير كانون الثاني بموجب اتفاق سلام وقع عام 2005 ووضع حدا لعقود من الحرب الاهلية مع الشمال. بحسب رويترز.

ويقول المحللون ان رصد ايرادات النفط ظل يفتقر الى الشفافية في السودان الذي عاني لسنوات من الحرب والتضخم والفساد وعقوبات تجارية أمريكية، وقال أموم ان البلدين يبحثان أيضا سبل بناء الثقة في عملتيهما الجديدتين، وبدأ الشمال والجنوب طرح عملة جديدة في يوليو تموز دون تنسيق في خطوة تعرض كلا الطرفين لمخاطر محتملة، ويقول الشمال ان الجنيه السوداني في الجنوب سيصبح بلا قيمة الامر الذي قد يضر بالدولة الجديدة بشدة، لكن أي محاولة من الجنوب لتصدير العملة القديمة الى الشمال قد تزيد الضغوط التضخمية القوية أصلا هناك، وقال أموم "اتفقنا على تشكيل لجنة مشتركة من البنكين المركزيين بحيث يجري احلال واستبدال جنيه جنوب السودان (الجديد) بالجنيه السوداني (القديم) وأيضا تحويل الجنيه السوداني في الخرطوم بطريقة تتسم بالشفافية"، وقال "سيخضع الجنيه القديم لنظام ادارة بالغ الوضوح بحيث لا يحدث اغراق للسوق بالجنيه السوداني"، ويقول البنك المركزي السوداني ان مستعد لاجراء مزيد من المحادثات لكنه سيسرع عملية احلال العملة القديمة اذا لم تسفر المفاوضات عن شيء، واضافة الى القضايا الاقتصادية يواجه البلدان مشكلة ترسيم حدودهما الطويلة وانهاء العنف في بعض المناطق الحدودية وايجاد حل لمشكلة منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب.

وقالت جمهورية جنوب السودان انها ستسرع في طرح عملتها الجديدة ملقية الضوء على الخلافات مع شمال السودان عدوها السابق في الحرب الاهلية في مواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن استقلال الجنوب، وبدأت جمهوررية جنوب السودان الشهر الماضي تداول عملتها الجديدة الجنيه بعد أن انفصلت عن الشمال بمقتضى اتفاق سلام أبرم في عام 2005 وتعادل قيمة الجنيه الجديد الجنيه الحالي، وبدأ شمال السودان أيضا طرح عملته الجديدة، وقال محللون انه من الضروري للدولتين التنسيق بينهما لتفادي اضطرابات لكن لم يتم التوصل الى اتفاق حتى الان مع الجنوب بشأن ما سيتم فعله بشأن الجنيهات القديمة المتداولة هناك وتزيد قيمتها عن 700 مليون دولار بحسب الجنوب، وقال البنك المركزي لجنوب السودان في بيان نشرته الصحافة المحلية ان فترة تغيير الجنيهات السودانية القديمة 45 يوما اعتبارا من 18 من يوليو تموز حتى الاول من سبتمبر أيلول، وقال البنك في وقت سابق ان التغيير سيستغرق حتى ثلاثة أشهر، وفي الوقت نفسه قال البنك المركزي للشمال ان البنوك فتحت أبوابها للسماح للمواطنين باستبدال العملة القديمة بالجديدة للاسراع في العملية، وقال مسؤول جنوبي ان الطرفين وافقا على تشكيل لجنة لادارة التغيير بطريقة "شفافة"، ولم تصدر استجابة من الشمال بعد، وقال البنك المركزي للشمال انه منفتح لمزيد من المحادثات لكنها اذا لم تسفر عن شئ فانه سيسرع في تغيير العملة القديمة التي ستصبح بلا قيمة في الجنوب مما يسبب أضرارا لاقتصاده الجديد، واذا كان الجنوب سيتضرر اذا أصبح الجنيه القديم الذي اشتراه بالدولارات في الفترة الانتقالية حتى الاستقلال بلا قيمة فان هناك أيضا مخاطر تتهدد الشمال اذا حاول الجنوب اعادة الجنيهات القديمة اليه مما سيزيد من الضغوط التضخمية، وقال محللون ان الشمال ربما يستخدم مصير الجنيه القديم في الجنوب كورقة مساومة في المحادثات مع الجنوب بشأن تقاسم ايرادات النفط وهو شريان الحياة لاقتصاد كل منهم، واستحوذ الجنوب على 75 في المئة من انتاج النفط البالغ 500 ألف برميل يوميا حينما استقل لكنه عليه أن يدفع مقابل استخدام منشات الشمال لبيع النفط، ولم يتفق الطرفان بعد على رسوم نقل النفط في خط الانابيب بعد اقتسام ايرادات النفط مناصفة حتى الان.

رسوم نفطية

فيما اتهم جنوب السودان الخرطوم بمحاولة فرض رسوم مبالغ فيها مقابل استخدام خط أنابيب الشمال وقال انه قد يغلق الخط في اشارة لتصاعد التوترات مجددا في الوقت الذي يتنازع فيه الجانبان بشأن تقسيم ايرادات النفط، واستحوذ الجنوب على 75 بالمئة من اجمالي انتاج النفط بالبلاد البالغ 500 الف برميل يوميا باستقلاله عن الشمال في التاسع من يوليو تموز بمقتضى اتفاق سلام يرجع لعام 2005 أنهى عقودا من الحرب الاهلية، لكنه يعتمد على الشمال للوصول الى المصافي وخط الانابيب الوحيد عبر الحدود الى بورسودان على البحر الاحمر لبيع النفط وهو ما يمثل شريان الحياة لاقتصاد كل من الشمال والجنوب، وقال ديفيد لورو جوبك وكيل وزارة الطاقة والتعدين في جنوب السودان "المبلغ الذي تريد الخرطوم منا دفعه مبالغ فيه"، اذا أصرت الخرطوم على أننا اما أن ندفع والا فلن يسمحوا لنا باستخدام هذه الاشياء فان جمهورية جنوب السودان، قد تطلب منهم اغلاق خط الانابيب لان ذلك ينطوي على تمييز"، ويطلب شمال السودان مقابل استخدام منشآته النفطية رسوما توازي ثلث قيمة صادرات جنوب السودان، وفشل الجانبان حتى الان في الاتفاق على رسوم الاستخدام في خلاف قد يعطل الامدادات من أحد اكبر منتجي النفط في افريقي، وقال جوبك ان الجنوب قد يسعى لبدائل أخرى من بينها بناء خط منفصل لانابيب النفط اذا ما أصر الشمال على رسوم توازي ثلث قيمة صادرات الدولة الوليدة، وأضاف "لسنا البلد الوحيد الذي يصدر النفط عبر أراضي الدول المجاورة، لماذا علينا أن ندفع (رسوما) مرتفعة للغاية، "اذا اضطررنا فسنقوم بانشاء خط انابيب مستقل"، وتطلب الخرطوم 32 دولارا للبرميل مقابل استخدام الميناء وخط الانابيب والمصافي لبيع نفط الجنوب. بحسب رويترز.

ويعادل ذلك تقريبا ثلث قيمة صادرات جنوب السودان بالاسعار الحالية، وفي وقت سابق، أوقف السودان شحنة حمولتها 600 ألف برميل من جنوب السودان في نزاع بشأن الرسوم الجمركية وكان ذلك أحدث تصعيد للتوترات بين البلدين، وقال جوبك ان شركات من بينها شركات صينية مستعدة لتمويل انشاء خط انابيب مستقل في جنوب السودان مضيفا أن مد خط أنابيب الى كينيا قد يستغرق عامين، لكن خبراء يقولون ان مثل هذه الخطط تستغرق سنوات، وقال جوبك "شركات بعضها صينية ويابانية وكورية ومن دول بالشرق الاوسط مستعدة لتمويل خط الانابيب حتى لامو"، وتعهدت الصين بدعم السودان وجنوب السودان ومساعدة كل منهما في تطوير قطاع النفط التابع له في اطار مساعي بكين القوية للوصول الى الموارد الطبيعية في افريقي، وحافظت الصين على علاقات اقتصادية وسياسية قوية مع شمال السودان خلال الحظر التجاري الامريكي على البلاد وتريد الان ايضا ان تتواصل مع الجنوب، وقال جوبك ان وزارة الطاقة والتعدين وقعت مذكرة تفاهم مع شركة النفط الوطنية الصينية (سي.ان.بي.سي) لكنه لم يذكر تفاصيل، ومنح السودان هو الاخر الشركة الصينية مزيدا من حقوق التنقيب، وزار وزير الخارجية الصيني الخرطوم في أول زيارة رفيعة المستوى لمسؤول صيني للبلاد منذ استقلال جنوب السودان، وغادر في وقت لاحق لاجراء محادثات في عاصمة الجنوب جوب، وقال جوبك "يحاول الصينيون ارضاءنا بنفس القدر، الصينيون هم من مد خط الانابيب وهم من بنوا المصفاة في الخرطوم".

العقوبات تضر الجنوب

من جانبه قال بوت مارك كاتيفاني الرئيس التنفيذي لانجلو جولد أشانتي ثالث أكبر شركة منتجة للذهب في العالم ان شركته مهتمة بأنشطة تنقيب محتملة في جمهورية جنوب السودان الجديدة، وقال كاتيفاني ان القيود الامريكية على شمال السودان يجب ألا تفرض بطريقة قد تضر التنمية والاستثمار في أحدث دولة أفريقية، ولا تطبق العقوبات الامريكية المفروضة على الشمال بشكل مباشر على جنوب السودان، لكن قال محللون ان الشركات المدرجة في الولايات المتحدة يجب أن تخطو بحذر لان القوانين الامريكية تنص على أن أنشطة الاعمال الامريكية في الجنوب ينبغي ألا يستفيد منها الشمال وعلى سبيل المثال من خلال ارسال الصادارت عبر الشمال أو استقبال واردات عن طريقه، وقال كاتيفاني "أعتقد أن الولايات المتحدة عليها أن تحرص على ألا تضع قيودا فيما يتعلق بجنوب السودان بشكل يجعل من الصعب للغاية على الناس القيام باستثمارات هناك"، ليس لدينا النية للعمل في السودان، ولكن جنوب السودان مثير للاهتمام ونعتقد أن المنظمين عليهم أن يتأكدوا أن أي قيود على السودان لا تمتد الى جنوب السودان"، وذلك بعد أن كشفت الشركة عن نتائج الربع الثاني من العام التي أظهرت ارتفاعا كبيرا في الارباح.واستقلت جمهورية جنوب السودان عن السودان في التاسع من يوليو تموز لتستحوذ على 75 في المئة من انتاج النفط في البلاد البالغ 500 ألف برميل يومي، لكن ينظر اليها أيضا على أنها غنية بالمعادن وتفتقر الى أنشطة التنقيب، وتهتم أنجلو جولد ولديها ادراج ثانوي في الولايات المتحدة لكن مقرها في جوهانسبرج بجنوب السودان لانه قريب من عملياتها في الكونغو وينظر اليه على غير مستغل بشكل عام، وتتوسع أنجلو جولد في المنطقة ولها مشروعات تنقيب في اريتريا ومصر، ولديها 24 رخصة للتنقيب في السعودية وتأمل في اكتشاف الذهب في المملكة المنتج الضخم للنفط. بحسب رويترز.

شحنة نفطية محتجزة

من جهة اخرى قال مسؤول بجنوب السودان ان الشمال أفرج عن شحنة نفط للجنوب حجمها 600 ألف برميل كانت محتجزة بسبب عدم سداد رسوم جمركية في وقت يتجادل فيه الطرفان بشأن تقسيم عائدات النفط، وكانت الخرطوم قالت يوم الجمعة انها احتجزت شحنة الخام في ميناء بورسودان بسبب عدم قيام جنوب السودان بسداد رسوم جمركية وذلك في أحدث توتر بين البلدين بسبب صادرات النفط، وأخذ جنوب السودان معظم انتاج النفط السوداني البالغ 500 ألف برميل يوميا عندما نال استقلاله في التاسع من يوليو تموز ضمن اتفاق سلام وقع عام 2005 وأنهى عقودا من الحرب الاهلية مع الشمال، والنفط هو شريان الحياة لكلا الاقتصادين.ويحتاج الجنوب مصافي التكرير الشمالية وميناء السودان الوحيد على البحر الاحمر وخطوط الانابيب كي يستطيع بيع النفط لكن الجانبين لم يتوصلا حتى الان الى اتفاق على الرسوم في نزاع قد يعطل الامدادات من أحد أكبر منتجي الخام في افريقي، وقال ديفيد لورو جوبيك وكيل وزارة الطاقة والتعدين "الان غادرت الشحنة، الستمئة ألف برميل"، وأكد أن الخرطوم طلبت رسما لاستخدام منشات النفط الشمالية في المستقبل بنحو 32 دولارا للبرميل أي ما يعادل ثلث قيمة صادرات جنوب السودان، وقال جوبيك ان جنوب السودان طلب من الاتحاد الافريقي الذي يرعى محادثات ثنائية في اثيوبيا أن يعثر على حل وسط بعد رفض مقترح الاثنين والثلاثين دولار، وقال "الاتحاد الافريقي لم يقرر المبلغ المناسب الذي ينبغي دفعه، وأعتقد أن رئيسنا تحدث مع (الرئيس السوداني) عمر البشير بحيث أن أي قرار يتوصل اليه الاتحاد الافريقي فان جمهورية جنوب السودان ستدفع"، وبدا أن التوترات انحسرت في نهاية الشهر الماضي عندما قال جنوب السودان انه يلحظ تقدما في محادثات تقاسم النفط مع الشمال بعد أسبوع فحسب من اتهامه بشن حرب اقتصادية عن طريق المطالبة برسم أعلى من اللازم لاستخدام خطوط الانابيب. بحسب رويترز.

وفي الشهر الماضي أقر برلمان الشمال ميزانية بديلة لعام 2011 قال نواب بالبرلمان انها تضمنت دخلا سنويا قدره 2.6 مليار دولار من رسوم العبور وهو نفس المبلغ المتوقع لفقد انتاج النفط الجنوبي، ولا توجد مصافي التكرير الا في الشمال، ويقول الخبراء ان خطط الجنوب للربط مع خط أنابيب في كينيا المجاورة لن تتحقق قبل سنوات، ويقول محللون ان هناك غيابا للشفافية منذ سنوات فيما يتعلق بكيفية تسجيل الايرادات النفطية في السودان الذي يواجه صراعات وتضخما وفسادا وعقوبات تجارية أمريكية، والى جانب تقاسم ايرادات النفط يحتاج الطرفان الى انهاء العنف في بعض مناطق حدودهما المشتركة وتوزيع أصول أخرى وديون، وتذهب صادرات النفط السودانية في المقام الاول الى اسيا اذ تشتري الصين أكثر من نصف الصادرات الاجمالية، وتهيمن شركات صينية وهندية على انتاج النفط في جنوب السودان، وتقوم هذه الشركات بتسويق الخام لحسابها حتى الان، ووقع جنوب السودان الشهر الماضي اتفاقا مع شركة جلينكور لكي تساعده في تسويق الخام لكن الاتفاق قد يفشل بسبب خلاف بين عدة مسؤولين.

مزيداً من الدولارات

الى ذلك قال السودان انه سيضخ مزيدا من الدولارات في السوق وحذر التجار من استغلال زيادة الطلب على العملة الصعبة بعد انفصال الجنوب، ويعاني السودان من نقص العملة الصعبة الامر الذي يقول محللون انه يمكن أن يتفاقم بعدما انفصل الجنوب في التاسع من يوليو تموز ومعه 75 في المئة من انتاج الدولة من النفط قبل التقسيم والذي كان يبلغ 500 الف برميل يوميا .ويعتمد جنوب السودان على منشات نفطية ومصاف شمالية لبيع الخام لكن محللين يقولون ان الخرطوم ستحصل على الارجح من الجنوب على رسوم نظير استخدام المنشات أقل مما كانت تحصل عليه بموجب اتفاق السلام عام 2005 الذي قسم العائدات مناصفة بين الجانبين، ومن شأن تراجع العائدات النفطية أن يصعب على الشمال الحصول على العملة الصعبة اللازمة لتغطية الواردات، وقال البنك المركزي السوداني انه قادر على تلبية الطلب المتزايد على الدولار الناتج عن "المضاربات" فضلا عن "اتجاه مواطني دولة الجنوب لاستبدال حقوقهم المعاشية التي منحت لهم الي عملات أجنبية" قبل العودة الى بلادهم، وكان البنك قد ضخ في يوليو تموز أكثر من 500 مليون دولار في البنوك لتستقر العملة في السوق السوداء الاساسية عند 3.4 جنيه سوداني للدولار، وقال تجار في السوق السوداء ان السعر بلغ 3.45 أو 3.5 جنيه مقارنة مع السعر الرسمي عند حوالي ثلاثة جنيهات للدولار، وقال البنك في بيان ان "المضاربين والمتاجرين في العملة الاجنبية عبر القنوات غير المشروعة وغير المرخص لها" سيواجهون السجن ومصادرة الاموال، وبلغ معدل التضخم السنوي 15 في المئة في يونيو حزيران مقارنة مع 9.8 في المئة في نوفمبر تشرين الثاني عندما خفض البنك المركزي فعليا سعر العملة لمحو الحاجة الى السوق السوداء في اجراء لم يحقق نجاحا يذكر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/آب/2011 - 29/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م