تونس... ثورة قائمة وتداعيات باهظة

إرباكات أمنية وسياسية قد تغير مسار الديمقراطية

 

شبكة النبأ: بعد مرور سبعة أشهر على الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي والتي كانت الشرارة التي فجرت احتجاجات الربيع العربي التي هزت العالم العربي لا يزال التونسيون بانتظار إقامة العدل والانتهاء من مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة، لكن مع تداعيات كل ماجرى من تغيير بقيت الساحة التونسية تعاني من مشاكل عديدة في الجانب السياسي والأمني حيث قال مسؤولون بوزارة الدفاع التونسية إن مواجهات وقعت بين قوات الأمن التونسية ومسلحين ليبيين في منطقة دوز جنوبي غربي البلاد.

وأضاف المسؤولون أن دورية من الجيش التونسي تعرضت للاستهداف من قبل مجموعة مسلحة كانت تتنقل على متن سيارات رباعية الدفع. وأضاف البيان أن  دورية عسكرية توجهت إلى المكان وتعرضت لاطلاق نار. وقد استمرت المواجهات ساعات عدة لكن لم يتم اعتقال المهاجمين واستمرت عمليات البحث جوا وبرا مستمرة. حسب بي بي سي

في غضون ذلك أعلن مصدر عسكري تحطم مروحية تابعة للجيش التونسي في المنطقة الحدودية ما أسفر عن مقتل قائد الطائرة ومساعده. ولم يتضح على الفور ما إذا كان تحطم المروحية ناتج عن عطل فني أو نتيجة للاشتباكات التي وقعت في المنطقة.

نتائج الثورة

وفي ظل نتائج الثورة أفرجت تونس في هدوء عن وزير العدل السابق المكروه. جاء الافراج عنه بينما تونس تفيق من انباء فرار سيدة العقربي وهي شخصية بارزة في النخبة التونسية القديمة الحاكمة والمتهمة بالفساد الى باريس دون أن تتم محاكمتها.

وقال سامي وهو سائق سيارة أجرة محاكمة بن علي غيابيا لفتة فارغة. من الصعب اعادته الان لكن عليهم على الاقل محاكمة رموز الفساد المتبقية.

وليس هناك تفسير رسمي للافراج عن الوزير السابق لكن قضيته لم تغلق رسميا. وكانت العقربي مقربة من زوجة بن علي وكانت ضمن بطانة الرئيس. وليست صدفة أن كثيرا من التونسيين يقولون ان العقربي فرت من تونس قبل ايام من اصدار ممثل ادعاء أمرا بمنعها من السفر. وتقول مصادر قضائية انه تم تأجيل القرار بسبب تراكم العمل لكن التونسيين يشتبهون على نطاق واسع في أنه تم تسريب المعلومة للعقربي.

ويقول محللون وساسة ان حلفاء بن علي السابقين لا يزالون في مواقع السلطة ويعملون من وراء الكواليس لانقاذ أصدقائهم وحماية مصالحهم وتقويض المكاسب التي حققها الشعب منذ فر الرئيس من البلاد في 14 يناير كانون الثاني بعد احتجاجات استمرت اسابيع ضد حكمه.

ويقول سفيان الشورابي وهو صحفي شاب وناشط ومدون ساعد في انتشار الثورة من المناطق المهمشة الى تونس العاصمة في ديسمبر كانون الاول ان الصراع الان بين من دعموا الثورة التونسية وبعض جيوب النظام السابق الذين يريدون حماية مصالحهم السياسية والاقتصادية السابقة.

واستطرد قائلا ان في هذه المعركة فان الاركان الاساسية للتحول الديمقراطي مثل ارساء قيم المحاسبة والعدالة والعقاب لا تزال في حالة مستمرة من التقدم والتقهقر.

وفي اليوم الذي حاكمت فيه محكمة تونسية علي السرياطي مدير الامن الرئاسي و23 من اقارب بن علي والطرابلسي تجمع المحتجون في شارع الحبيب بورقيبة الذي كان مركزا للمظاهرات التي أسقطت الرئيس السابق.

وتم القاء القبض على الاقارب في المطار بينما كانوا يهمون بالفرار ومعم أموال ومجوهرات في الليلة التي فر فيها بن علي.

ولا يشعر التونسيون بالرضا عن المحاكمات والافراج عن المحتجين والانتقال الى انتخابات تجري في 23 اكتوبر تشرين الاول ويتحدثون عن أن الثورة "سرقها" فلول نظام بن علي.

يقول نعمان القدري (39 عاما) وهو طبيب كان يجلس على درج المسرح الوطني التونسي حيث عقد تجمع حاشد سمحوا للمجرمين المعروفين بالانصراف. هذه مؤشرات على مشاكل عميقة في القضاء... لا يوجد من يوقف ثورتهم المضادة سوانا بتحركنا كأفراد.

وأضاف نحن نحتج على وضع القضاء في بلادنا. نريد قضاء مستقلا وهو أمر حاسم في هذه المرحلة لبناء مستقبلنا.

مساعدة تونس

من جهته تعهد ممثل الاتحاد الاوروبي الخاص لجنوب المتوسط برناردينو ليون ان تكون اوروبا حاضرة الى جانب تونس، عارضا الخطوط الكبرى لخطة اوروبية لمساعدة الانتقال الديموقراطي في هذا البلد. وقال ليون في مؤتمر صحافي في العاصمة التونسية ان اوروبا ستساعد تونس في عمليتها الديموقراطية. حسب فرانس برس

واوضح ان الخطة الاوروبية تهدف الى تنسيق الجهود لمصلحة تونس وستتيح مواكبة المشاريع عبر استنفار صناديق العديد من الاطراف مثل البنك الاوروبي للاستثمار والمفوضية الاوروبية وحتى البنك الافريقي للتنمية.

وشدد على ان الاتحاد الاوروبي سيكون حاضرا وسيلبي الحاجات التي عبرت عنها تونس. وتندرج زيارة ليون لتونس، وهي الثانية منذ تعيينه في 16 تموز ، في اطار جولة تشمل دولا عربية عدة هي المغرب ومصر والاردن.

وذكرت وكالة الانباء التونسية ان الهيئة التونسية المكلفة الاعداد لانتخابات 23 تشرين الاول ستقترح مدونة سلوك للاحزاب السياسية من اجل ايجاد جو من الثقة وضمان نجاح العملية الانتخابية.

وقال رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات كمال جندوبي في تصريحات بثتها الوكالة ان مدونة السلوك تهدف الى ايجاد اجواء تسمح بضمان مبادىء الانفتاح والاحترام المتبادل والحياد وتكافؤ الفرص. واضاف جندوبي ان ستين يوما تفصلنا عن الانتخابات ومن المهم ايجاد جو من الثقة والتشاور بين مختلف شركاء عملية الانتقال الديموقراطي.

وبعد انتهاء التسجيل على اللوائح الانتخابية في 14 آب ، ستكون المرحلة المقبلة تقديم الترشيحات بين الاول والسابع من ايلول ، كما ذكر الامين العام للجنة بوبكر بن ثابت. واعلنت اللجنة ايضا عن لقاءات اسبوعية ستعقد مع الاحزاب السياسية والمجتمع المدني.

تونسي يضرم النار في جسده

من جانب آخر أقدم رجل تونسي، على إضرام النار في نفسه، أمام مقر محافظة مدنين، في حادثة تحاكي طريقة الشاب محمد البوعزيزي، الذي أشعل شرارة ثورة 14 يناير، التي أطاحات بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وذكرت وكالة الأنباء التونسية أن الرجل وصل إلى مقر المحافظة مدنين (500 كيلومتر جنوب شرق تونس العاصمة)، بعد أن اجتاز دورية للجيش، وهو مبلل بمادة البنزين من دون أن يتفطن أحد إليه، حيث تحادث مع أحد المسؤولين، وفور خروجه عمد إلى إضرام النار في جسمه. وأشارت إلى أن الرجل، الذي لم تذكر اسمه ولا عمره، انطلق عبر أروقة مقر المحافظة، مردداً بصوت عال عبارات لوم وعتاب على الإدارة التونسية، مبرراً ما فعله بـ أنه يموت ليحيى أبناؤه. وقالت إن أحد رجال الأمن بادر الى إطفاء النار التي كانت تلتهم جسد الرجل، قبل تدخل الحماية المدنية الدفاع المدني لإسعافه، ونقله إلى المستشفى لعلاجه. ولفتت إلى أن الحادثة أثارت حالة من الذعر والفزع في صفوف العاملين في مركز المحافظة. حسب يو بي آي.

وقالت البيانات: إن 69 حالة تمت باعتماد الحرق كوسيلة للانتحار، أو محاولة الانتحار، أي بنسبة 63 % من عددها الإجمالي.

رمضان تونس

أما على الصعيد الاجتماعي يأتي شهر رمضان في تونس هذا العام بنكهة الإضرابات والوضع الأمني غير المستقر في عدد من المدن وتردي الوضع الاقتصادي وتراجع كبير بحركة السياحة في البلاد.

لكن رغم ذلك، يبدو التونسيون متفائلون بـرمضان بعد بن علي، وهذا ما يفسر الازدحام الكبير الذي تشهده أسواق العاصمة هذه الأيام. ويستقبل التونسيون عادة شهر الصيام بعبارات من قبيل إن شاء الله رمضانك مبروك، سنين دايمة وكل عام وإنتوما (أنتم) حيين بخير، وهي تعبّر عن التلاحم الاجتماعي الكبير في شهر يستغله الكثيرون للزيارات العائلية وتمتين صلة الرحم والتقرّب من الخالق.

وما يميز رمضان هذا العام هو الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الذي يفسره البعض بعمليات التهريب وتصدير السلع الأساسية مثل السكر والحليب والماء المعلب إلى ليبيا.

ويقول حسن البريدي، وهو بائع تمر في السوق المركزي بالعاصمة، إن رمضان هذا العام يتميز عن الأعوام السابقة بوجود الاعتصامات والإضرابات، ونقص النقود لدى الناس (أغلب الناس يشترون بالدين). حسب سي ان ان

ويفسر البائع الوضع الحالي بأن البلاد أمست كالمركب بلا قائد، مشيرا إلى أن الحكومة لم تساهم كثيرا في ضبط حركة الأسعار، كما أن الاضطرابات في ليبيا المجاورة أثرت كثيرا على الوضع الاقتصادي.

وحول موسم التمر لهذا العام يقول البريدي الدقلة (التمر) تاعبة شوية (غير ناضجة) وليست كعادتها، مشيرا إلى أن الطقس في الخريف الماضي لم يساهم في نضج ثمار التمر في بلد ينتج 120 نوعا من التمر ويصدرها إلى أكثر من 60 بلدا في العالم.

وفي سوق التوابل بالعاصمة التونسية تبدي ساسية (بائعة توابل) امتعاضها من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والنقص الكبير في بعض السلع، محملة الحكومة والإضرابات والليبيين مسؤولية الوضع الحالي.

وتضيف المرأة الستينية توا (الآن) العباد فادّة (غاضبين) من الأسعار، الليبيين ما خلوا شي (شيء) والحاكم (الحكومة) ما لاهي (غير مهتم) بشي، لا يهمو في الأسوام (الأسعار).

ويحمل بعض السياسيين الحكومة الانتقالية مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد وارتفاع الأسعار مع قدوم شهر رمضان واقتراب عودة الموسم الدراسي.

ويقول منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية: إذا كان الوضع في الشقيقة ليبيا قد فاقم في تردّي الأوضاع الاقتصادية، فإنّه لا يخفى على أحد أن عمليات التهريب وتصدير السلع الأساسية المُدعّمة بأضعاف أثمانها أدّت إلى ندرة في بعض الموادّ مثل السكر والحليب والماء المعلب والطماطم المركز والزيت وغيرها، خصوصا بالجنوب التونسي، ممّا أخلّ بتوازن العرض والطّلب وساهم في أزمة الغلاء الحالية.

أفارقة في تونس

وفي تداعيات التعامل مع الأزمات في تونس فقد طفت مشكلة فرار العامل السوداني محمد حسن من الصراع في ليبيا ما زال يقيم في مركز ايواء عبر الحدود في تونس.. يقول محمد وهو من دارفور المضطربة في السودان في بلادي هناك صراع وعنف. لا يمكنني العودة الى هناك. الى أين أذهب الان؟ وكان محمد توجه الى ليبيا منذ أعوام فرارا من العنف في بلاده.

وتقول الامم المتحدة ان نحو 900 ألف شخص بينهم 200 ألف عامل أجنبي فروا من ليبيا الى تونس بسبب القتال بعد أن انطلقت في فبراير شباط احتجاجات المعارضة ضد حكم الزعيم الليبي معمر القذافي المستمر منذ 41 عاما.

والعمال الافارقة كانوا مستهدفين بشكل خاص من قوات المعارضة الليبية المسلحة التي أحيانا ما اتهمتهم بالعمل لصالح الحكومة الليبية كمرتزقة. وعاد معظم الليبيين الى وطنهم أو وجدوا أماكن أخرى للاقامة ومعظم الاجانب أعيدوا الى بلادهم الاصلية.

ولكن نحو أربعة الاف أجنبي مثل محمد لا يمكنهم العودة الى أوطانهم اما بسبب الحرب أو الخطر في بلادهم ويقيمون منذ شهور في هذا المخيم قرب الحدود دون دولة والغموض يحيط بمستقبلهم. وفي مارس اذار وصل محمد الى راس جدير البوابة الرئيسية بين ليبيا وتونس. ويقيم في مركز ايواء وراء الحدود. بحسب رويترز

سجن بن على 16 عاما

وعلى الصعيد القضائي فقد قضت محكمة تونسية على الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وصهره بالسجن 16 عاما لكل منهما لادانتهما بتهم الفساد الذي أشعل شرارة ثورة تنتشر في ارجاء العالم العربي.

وأمرت المحكمة ايضا بن على ورجل الاعمال صخر الماطري اللذين حوكما غيابيا بدفع غرامة 97 مليون دينار (71 مليون دولار) لكل منهما. وحكمت على نسرين ابنة بن على المتزوجة من الماطري بالسجن ثماني سنوات غيابيا وأمرتها بدفع 50 مليون دينار.

وكان بن على هرب مع افراد اسرته المقربين الى السعودية حيث يعيش في منفى الان بعد ان ظل في الحكم 23 عاما. وكانت محاكمة الثالثة لابن على الذي رفض الحضور. وكان بن على وزوجته ليلى الطرابلسي حكم عليهما بالسجن 35 عاما لكل منهما الشهر الماضي بعد ادانتهما بالسرقة وحيازة مجوهرات ومبالغ نقدية كبيرة بصورة غير شرعية.

القضاء في تونس

من جهة أخرى  تظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس مطالبين باصلاح القضاء ومحاسبة كل فلول النظام السابق. تأتي المظاهرة في الوقت الذي يمثل فيه 23 فردا من عائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي وزوجته امام المحكمة بتهم محاولة الفرار من البلاد وتصدير عملات أجنبية.

وكان المتظاهرون الذي بلغ عددهم اكثر من 300 شخص قبل ان تفرقهم الشرطة يحتجون على ما قالوا انه تهاون القضاء في محاسبة اتباع بن علي المتورطين. ورفع المحتجون لافتات كتب عليها نريد قضاء مستقلا ونزيها وحاكموا ازلام النظام كفانا من ممارسات النظام السابق و لا للاستبداد يا عصابة الفساد. وفجر الافراج عن البشير التكاري وزير العدل السابق موجة من الغضب في الشارع التونسي. وزاد هروب السيدة العقربي وهي حليفة كبيرة لنظام بن علي رغم انها ملاحقة قضائيا من حدة التوتر.

من جهة أخرى ان 22 سجينا فروا من سجن قفصة التونسي بعد ان هاجموا حراس السجن وسرقوا المفاتيح. واصيب حارس بجروح خطيرة نتيجة طعنه بسكين. لكن قوات من الجيش والحرس الوطني وقوات امن السجن مشطت بلدة قفصة والمناطق المحيطة بها بعد فرار المساجين من السجن والقت لقبص على اربعة من الهاربين ولكن لا يزال الباقون مطلقي السراح. حسب رويترز.

وكان نحو 300 سجين فروا من سجن قفصة التي تبعد 350 كيلومترا جنوبي العاصمة تونس في وقت سابق من العام.

مذكرات اعتقال دولية

وأفيد أن إحدى دوائر محكمة العاصمة تونس أصدرت أخيرا مذكرات اعتقال دولية في حق المتهمين التونسيين والأجانب الهاربين. كما منح القضاء التونسي تفويضين دوليين إلى السلطات القضائية في ألمانيا وبريطانيا لطلب المساعدة من أجل متابعة التحقيقات، وخصوصا وضع حد لعمليات البيع والعرض في القاعات والمحلات التي تُباع فيها الآثار، والعمل على حجزها. وفعلا تأكد للقضاة أن عددا من تلك القطع المهربة موجود في قاعة عرض في مدينة ميونيخ الألمانية وأن بعض المتهمين كانوا وراء تقديمها للمزاد.

وفي خط مواز أثبتت التحقيقات أن بعض عناصر الشبكة كانوا يتمتعون بتسهيلات من أشخاص في المحطة الجوية لنقل السلع في مطار تونس وميناء حلق الوادي الشمالي ومن هناك يشحنونها ويُخزنونها في مستودع في مدينة لوزان السويسرية قبل نقلها إلى ميونيخ ولندن لبيعها في قاعات معروفة. أفادت المصادر القضائية أن أكثر من 7500 قطعة أثرية تم حجزها في إطار هذه القضية التي ينتظر الرأي العام الكشف عن ملابساتها وإنزال العقاب الملائم بمن يثبت تورطه فيها. وعلمت  أن أحد المتهمين الرئيسيين ويُدعى بيار برنار أندرياس (سويسري الجنسية) تم الإفراج عنه في ظروف مريبة في 21 كانون الثاني / يناير الماضي، من دون كفالة أو حتى تحجير السفر عليه لتأمين ضمانات المثول أمام المحكمة مجددا، وهو ما حفزه على مغادرة البلد نهائيا بعد أسبوع من الثورة التي أطاحت زين العابدين بن علي. واعتبر محامون أن الأحكام التي أصدرتها محكمة الدرجة الأولى في العاصمة تونس، كانت مُخففة بشكل مريب ورأوا أنها لا تتناسب مع خطورة الجرائم المنسوبة للمتهمين ومقدار الضرر الذي لحق بتاريخ البلد جراء نهب كنوزها الأثرية وتراثها التاريخي. يُذكر أن بعض المورطين معروفون بعلاقاتهم الوطيدة مع زوجة الرئيس المخلوع ليلى الطرابلسي وبالخدمات المختلفة التي كانوا يقدمونها لها

تبرئة مدير الامن الرئاسي

وفي السياق نفسه برأت محكمة تونسية علي السرياطي مدير الامن الرئاسي في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي من اتهامات بتزوير جوازات سفر لمساعدة أقارب بن علي وزوجته على الفرار بأموال ومجوهرات.

وأسقطت المحكمة الاتهامات عن السرياطي لكنه ما زال رهن الاحتجاز على ذمة قضايا أخرى أخطر لاتهامه بمحاولة اثارة القلاقل بعد الثورة التي أطلقت شرارة احتجاجات الربيع العربي في المنطقة.

وألهبت الاطاحة بابن علي بعد أسابيع من الاحتجاجات مشاعر ملايين في العالم العربي يعانون مثل تونس من ارتفاع معدلات البطالة والسياسات القمعية.

ويحاكم بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي اللذان فرا الى السعودية غيابيا مما أحبط التونسيين الذين يتوقون لمحاسبة المسؤولين بعد 23 عاما عاشوها في ظل ما أطلق عليه على نطاق واسع حكم العائلة.

وأصدرت المحكمة في نفس الجلسة أحكاما بالسجن على 23 من أقارب بن علي وزوجته لفترات تتراوح بين أربعة أشهر وست سنوات. وحكم على ليلى الطرابلسي غيابيا بالسجن لمدة ست سنوات كما حكم على صخر الماطري صهر بن علي غيابيا بالسجن لمدة أربع سنوات. حسب رويترز.

وقال عبد الماجد الذي جاء الى المحكمة ليحضر المحاكمة هذه الاحكام محبطة.. هل يعقل أن يحكم على بعض أفراد عائلة الطرابلسي بالسجن لمدة أربعة شهور أو عام فقط.. لم لا يطلقون سراحهم أيضا.. وأخلت المحكمة سبيل محمد رشيد كشيش وزير المالية السابق لكنها لم تسقط عنه اتهامات الفساد الموجهة اليه.

ويقول محللون وسياسيون ان الحلفاء السابقين لابن علي مازالوا في مواقعهم بالسلطة ويعملون من وراء الستار لانقاذ أصدقائهم وحماية مصالحهم والالتفات على المكاسب التي حققها التونسيون منذ أن فر بن علي من البلاد.

وقال سفيان الشورابي وهو صحفي شاب ومدون نشط ساعد على نشر الثورة التونسية من الداخل المهمش الى العاصمة تونس في ديسمبر كانون الاول ان الصراع يدور الان بين من ناصروا الثورة التونسية وبعض فلول النظام السابق الذين يريدون حماية مصالحهم السياسية والاقتصادية السابقة.

وكان السرياطي مقربا من الرئيس التونسي السابق ويتهمه كثير من التونسيين بتدبير موجة من أعمال العنف في البلاد بعد فرار بن علي الى السعودية يوم 14 يناير كانون الثاني.

وألقي القبض على أقارب لابن علي في المطار بينما كانوا يستعدون للفرار بنقود ومجوهرات ليلة فرار الرئيس السابق.

واعتقل السرياطي بعد قليل من فرار بن علي وطلب العفو في المحكمة. وهتف في نهاية الجلسة قائلا أطلب من الشعب التونسي المعذرة..اطلب منهم العفو...انا تونسي وأحب تونس.

ويقر التونسيون بأن تقدما أحرز في البلاد بعد الثورة. لكن كثيرين يشعرون بالقلق من بطء الاصلاح ويرون أنه يعرض الانتقال الى الانتخابات الديمقراطية يوم 23 أكتوبر تشرين الاول للخطر.

وستخرج احتجاجات في الايام المقبلة للمطالبة بتعديلات قضائية في محاولة لضمان محاسبة رجال الشرطة والمسؤولين عن قتل أكثر من 100 متظاهر في الثورة.

تفريق احتجاج

من جانب آخر استخدمت قوات الامن التونسية الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق حشد من المحتجين في العاصمة يطالبون بتطهير جهاز القضاء واستقالة الحكومة لتباطؤها في ملاحقة فلول النظام السابق.

كما تجمع الالاف لتنظيم احتجاجات في بلدات ومدن اخرى في اكبر اظهار للغضب الشعبي منذ شهور في تونس التي الهمت ثورتها في بداية هذا العام انتفاضات الربيع العربي. وحاول عدة مئات من المحتجين التجمع امام مقر وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة بوسط تونس.

واطلقت الشرطة التي تجمعت بأعداد كبيرة امام الوزارة قنابل الغاز المسيل للدموع وضربت بعض المحتجين بالهراوات مما اجبرهم على التفرق.

وهزت تونس الشرق الاوسط في يناير كانون الثاني عندما ارغمت احتجاجات حاشدة الرئيس السابق زين العابدين بن علي على الهرب الى السعودية. وأضحت الثورة التونسية النموذج للانتفاضات التي تجتاح المنطقة.

غير ان السلطات الانتقالية التي تدير شؤون تونس الان تلاقي صعوبة في اعادة الاستقرار مع تواتر الاحتجاجات والاضرابات. وتقول بعض الجماعات التي شاركت في الثورة الشعبية التي أجبرت بن علي على الفرار انه يجب ان يحاكم هو وانصاره على نحو اسرع ويشتبهون بأن بعض افراد الحكومة يتعاطفون مع الادارة المخلوعة ويتحدث كثير من التونسيين عن أن الثورة سرقها فلول نظام بن علي.

حجب المواقع الاباحية

على الصعيد المعلوماتي فقد حكمت محكمة استئناف تونس بالزام الوكالة التونسية للانترنت باغلاق جميع المواقع الاباحية، كما افاد احد المحامين التونسيين المطالبين بحجب هذه المواقع.

واوضح المحامي منعم التركي لفرانس برس ان محكمة الاستئناف اكدت حكم المحكمة الابتدائية الذي يلزم الوكالة بحجب كل المواقع ذات الطابع الاباحي. واضاف لقد اعطتنا محكمة الاستئناف الحق رغم ان محامية الوكالة قدمت ادلة على ان هذه الاخيرة لا تملك الوسائل المادية والفنية لتطبيق هذا الحكم.

وكان ثلاثة محامين تونسيين تقدموا بدعوى لغلق هذه المواقع الاسبوع الماضي اثر موجة من الانتقادات في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وعلى صفحات الصحف في تونس.

وعزا المحامون الثلاثة مطلبهم للاثار السلبية لهذه المواقع على المستوى النفسي والفيزيولوجي والاجتماعي والتربوي على الافراد وتعارضها مع قيم المجتمع العربي الاسلامي. بحسب فرانس برس.

واصبحت المواقع الاباحية في تونس متاحة منذ رفعت القيود عن الانترنت في كانون الثاني/يناير الفائت. وقال تركي لقد طلبنا فقط حماية اطفالنا وعلى الراغبين في اكتشاف عالم الجنس ان يقوموا به بطريقة سليمة وانطلاقا من عمر معين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/آب/2011 - 28/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م