
شبكة النبأ: بعد أن تمكن الشعب المصري
من انتزاع ثورته من فم التأريخ وصنع التغيير رغماً عن الطغاة
والمستبدين في أحداث دراماتيكية مثيرة أفلس فيها الشر وانتصر الخير،
بات اليوم يعاني من ثورة مضادة، في حين يحاول القيام بانتفاضة جديدة
لمنع تحويل مجرى الثورة الشعبية الخالصة إلى فئة معينة أو مؤسسة بعينه،
خصوصاً إذا كان المقصود هنا هو الجيش المصري أو المجلس العسكري في
تعبير أدق بعد أن اتهمه الكثيرين بالانحراف عن الحيادية والمهنية التي
سار عليها في بداية الثورة من خلال تجنبهم الاعتداء على المتظاهرين أو
منعهم من ممارسة حقهم الطبيعي في التعبير عن رفضهم لحكم مبارك، إلى جهة
تحاول الحصول على مكاسب سياسية والسيطرة على الحكم في مصر عبر سلب روح
الثورة وتمويع أهدافه، وقد زاد في الآونة الأخير الشد والجذب بين
المؤسسة العسكرية بقيادة كبار ضباطها المتنفذين والحركات الشبابية التي
قادت التغيير والأحزاب السياسية وشريحة واسعة من الشعب المصري حول
العديد من القضايا التي تشكل مفترق طرق في مستقبل مصر القادم.
الجيش والتغيير
فربما يكون مبارك واركان نظامه قيد الاعتقال ولكن المحتجين الذين
اطاحوا به يشعرون أن المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يرتابون في
التزامه الكامل بالتغييرات الديمقراطية الموعودة يختطف الثورة، ويعتقد
المتظاهرون الغاضبون ان الجيش فشل في فك ارتباطه تماما بحقبة مبارك
ويعتقدون انه سيناور ليبقي قبضته على موازين السلطة حتى بعد ان يسلم
الحكم للمدنيين، ما من أحد يشك بان الجيش سيمضي قدما نحو اجراء أول
انتخابات برلمانية حرة ونزيهة في نوفمبر تشرين الثاني وانتخابات رئاسية
في وقت لاحق وليس هناك من يتوقع ان يشهد الاقتراع عمليات التزوير التي
كانت تمارس بشكل متكرر في عهد مبارك، لكن كثيرا من المتظاهرين الذين
نظموا مسيرات لمقر وزارة الدفاع في القاهرة ومقار قيادات عسكرية في مدن
اخرى يتساءلون ما اذا كان الجيش الذي افرز رؤساء مصر على مدار ستة عقود
من الزمان مستعدا للتخلي عن السلطة للمدنيين، وقال المحتج محمد فهمي في
ميدان التحرير مرددا وجهة نظر يشاركه فيها عدد متزايد من المتظاهرين "يبدو
ان الجيش يتجه نحو نقل السلطة لحكومة مدنية ولكن التباطؤ يشير الى انه
يريد ان يظل مسيطرا حتى بعد انتخاب حكومة جديدة"، وكان التأييد للجيش
في اوجه في فبراير شباط حين صدرت الاوامر لجنوده بالنزول الى الشوارع
خلال الانتفاضة ضد مبارك ولكنهم احجموا عن اطلاق النار على المتظاهرين
في مساندة ضمنية لدعوات ارساء الديمقراطية، ولكن بدأت تظهر اعتراضات
على سياسات المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ
تنحي مبارك ووجهت اتهامات له بالبطء في تنفيذ الاصلاحات والقضاء على
الفساد.
ونظم محتجون في القاهرة مسيرة الى مبنى وزارة الدفاع للمطالبة
بتغييرات جذرية ولكن منعوا بساتر من الاسلاك الشائكة والجنود ووقعت
مصادمات بين المتظاهرين ورجال رشقوهم بالحجارة ولم يتدخل الجيش لفضه،
ويقول نشطاء ان تصرفات الجيش في الوقت الحالي مشابهة لما كانت تقوم به
السلطات في عهد مبارك، ويضربون مثالا بعدم تطهير وزارتي العدل
والداخلية تماما رغم استبعاد عدد كبير من الضباط والمسؤولين، ويقول
عمار علي حسن رئيس مركز دراسات الشرق الاوسط ان جميع حكام مصر جاءوا من
صفوف الجيش مضيفا أن الجيش يعتبر ما حدث قبل ستة أشهر انتفاضة ضد خطط
التوريث وليس ثورة لتغيير هيكل السلطة في اشارة لاعتقاد على نطاق واسع
بان مبارك كان يعد ابنه جمال لتولي الرئاسة من بعده، واضاف أن الجيش
يريد ان يظل في السلطة سواء بشكل مباشر او غير مباشر، ويصر الجيش على
انه لا يتمسك بالنظام القديم وقال اللواء محمد العصار مساعد وزير
الدفاع في واشنطن ان الجيش ليس امتدادا للنظام القديم حسبما نشرت وسائل
اعلام مصرية، ويقول الجيش انه لا يرغب في الاستمرار في ادارة شؤون
البلاد وانه ملتزم بجدول زمني لضمان انتقال سلس للسلطة، ومن المقرر ان
تجري الانتخابات البرلمانية في نوفمبر بعد شهرين من الموعد الذي كان
يتوقعه كثيرون ولكن في حدود الاطار الموضوع في وقت سابق من العام،
ويشير محللون للدور الذي لعبه الجيش في تركيا وباكستان كنموذجين
محتملين يمكن أن يحتذي بهما الجيش المصري، وفي الاحاديث الخاصة يقول
عسكريون ان ثمة مصالح عليهم حمايته، ويدير الجيش مصانع ويشق طرقا ولديه
ممتلكات عقارية ضخمة، وعادة ما يتوقع ضباط كبار تولي مناصب كبرى بعد
تقاعدهم من الجيش، وقال مصدر من الجيش "دون شك ثمة مصالح للجيش يحافظ
عليه، فيما ترسم الخريطة السياسية لمستقبل مصر"، وفي العلن يقول الجيش
انه يتحرك باسرع ما يمكن وطالب المصريين بالتحلي بالصبر. بحسب رويترز.
وأكد المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع على مدار عقدين من حكم
مبارك ورئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة في كلمه بثها التلفزيون
مؤخراً "نحن ماضون على طريق ترسيخ اركان الدولة الديمقراطية التي تعزز
الحريات والديمقراطية"، ولا يزال المحتجون متشككين ووقعت الاشتباكات في
القاهرة بعد خطاب المشير، وهتف البعض "الشعب يريد اسقاط المشير"، واشاد
الجيش بالشبان الذين قادوا الانتفاضة في مصر ولكنه هاجم حركة 6 ابريل
التي لعبت دورا بارزا في حشد المصريين ضد مبارك وتقود الان الانتقادات
الموجهة للجيش، وفي رسالته رقم 69 اتهم المجلس الاعلى الحركة بالسعي "للوقيعة
بين الجيش والشعب" مضيفا انه يعمل على الحيلولة دون بلوغها هدفه، وقالت
الحركة ان انتقادات الجيش تهدف للتشكيك في الحركة حتى تخفف من ضغطها
على المجلس العسكري، وابدت جماعات اخرى مساندتها للحركة، وذكر شباب
الاخوان وجماعات اخرى في بيان مشترك "المجلس العسكري ليس هو الجيش
وانما هو مجلس في منصب سياسي في هذه الفترة الانتقالية ممثلا من يدير
شؤون البلاد، من حق الشعب الابقاء عليه أو عزله"، وثمة انقسامات بين
صفوف المحتجين وابدت اصوات من القاعدة العريضة لجماعة الاخوان المسلمين
وهي الحركة الاسلامية الاكثر تنظيما في مصر حذرا أكبر في توجيه
انتقادات للجيش.
أسماء محفوظ
فيما قرر المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة،
التنازل عن البلاغ المقدم ضد كل من أسماء محفوظ ولؤى نجاتي، وإخطار
رئيس هيئة القضاء العسكري باتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية في هذا
الشأن، في مسعى لإنهاء الجدل المثار حول ملف إحالة ناشطين سياسيين إلى
المحاكم العسكرية.
وجاء القرار في رسالة حملت الرقم 72، نشرها المجلس على صفحته
الرسمية في موقع "فيسبوك" وقال فيها إن الخطوة تأتي بعد "لقاء مع نخبة
من الإعلاميين والمفكرين."
وقال البيان: "إيماناً من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأهمية
التواصل مع الشعب المصري العظيم وشباب الثورة، وفي ضوء نتائج اللقاء
الذي تم بين الفريق سامي عنان، نائب رئيس المجلس ونخبة من الإعلاميين
والمفكرين والمثقفين، والذين عبروا عن توجه عام ورغبة أكيدة في أهمية
مراعاة عدم محاكمة الشباب عسكرياً لتعبيرهم عن أرائهم تجاه التطورات
التي يمر بها الوطن حالياً."
وأضاف: "وارتباطاً بذلك، فقد صدق السيد رئيس المجلس الأعلى للقوات
المسلحة على التجاوب مع هذا الطلب بتسامح تام والتنازل عن البلاغ
المقدم ضد كل من لؤي نجاتي وأسماء محفوظ وإخطار رئيس هيئة القضاء
العسكري باتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية في هذا الشأن."
وأهاب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بـ"كل أبناء الشعب المصري من
الإعلاميين والمفكرين والمثقفين والشباب مراعاة التعبير عن مواقفهم
وآرائهم بشكل واع ومسؤول حفاظاً على الوجه المضيء لثورة 25 يناير التي
حمتها القوات المسلحة المصرية." بحسب السي ان ان.
وكانت قضية الناشطة السياسية وعضو حزب التيار المصري تحت التأسيس
أسماء محفوظ، و إحالتها إلى المحكمة العسكرية، قد أثارت الكثير من
اللغط، خاصة بعد توجيه تهم "التحريض على أعمال مسلحة واغتيالات وإهانة
المجلس العسكري،" اثر تعليقات لها عبر صفحاتها بموقعي تويتر وفيسبوك.
وسبق لمحفوظ أن تحدثت إلى CNN بالعربية، وقالت إن التحقيق معها في
النيابة العسكرية "إجراء سياسي الغرض منه توجيه رسالة للنشطاء، خاصة
بعد التحقيق مع العشرات منهم، في مقدمتهم لؤي نجاتي."
كما اتهمت محفوظ اللواء حسن الرويني عضو المجلس العسكري على إحدى
القنوات التلفزيونية الخاصة "بالكذب،" علي خلفية تصريحات له بتخوين
حركة 6 أبريل وحصولها على تمويل أجنبي. وخرجت أسماء محفوظ من النيابة
العسكرية مساء الأحد بكفالة قدرها 20 ألف جنيه مصري دفعها عدد من
الناشطين السياسيين.
وقالت إنها نفت جميع التهم المنسوبة إليها، خاصة وان اتهامها
للرويني جاء في أعقاب استغاثة لها بإحدى القنوات الفضائية الخاصة، بعد
الاعتداء على المتظاهرين بزجاجات الملوتوف والسيوف والحجارة فيما يعرف
بـ"موقعة العباسية،" فضلا عن حريتها الكاملة فيما تكتبه عبر صفحاتها
بالشبكات الاجتماعية.
وأضافت محفوظ أن "ضغوطا نفسية مورست عليها من قبل بعض ضباط الشرطة
العسكرية خارج غرفة التحقيق،" بأن قال أحدهم لها إن "المشير ليس مبارك
ومحدش يقدر يقرب منه" في إشارة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس
الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد في الفترة الانتقالية.
وشددت الناشطة المصرية على أنها وغيرها من النشطاء "يرفضون حكم
العسكر ولا يخشوهم،" إذ "لقد نزع الخوف من قلوب المصريين بعد ثورة 25
يناير، التي أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك."
وأشارت إلى أنها كتبت على صفحتها بموقع تويتر عقب خروجها من
التحقيقات "يسقط يسقط حكم العسكر" وهو التعليق الذي كتبه أيضا عددا من
مستخدمي الشبكة الاجتماعية.
مدنية الدولة
في سياق متصل تعهد نائب رئيس المجلس العسكري الفريق سامي عنان بـ "الدفاع
عن مدنية الدولة"، وشدد على أن الدولة المدنية "قضية أمن قومي وليست
محلاً للمساومة على الإطلاق"، فيما رأس شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد
الطيب اجتماعاً لممثلي القوى السياسية والدينية والفكرية تم خلاله
التوافق على اعتماد "وثيقة الأزهر" لتكون بمثابة صيغة "استرشادية"
للجنة التأسيسية التي سيخول لها وضع الدستور الجديد.
وأعلن عنان، خلال لقاء عقده ليل أول من أمس مع مجموعة من المفكرين
والمثقفين، أن المجلس العسكري الذي يدير البلاد منذ الإطاحة بنظام
الرئيس حسني مبارك يقف على مسافة واحدة من "كل الفصائل والتيارات
السياسية"، كما أعاد التأكيد أن "الجيش انحاز إلى الثورة، وهذا
الانحياز لم يتم بعد الإطاحة بالنظام السابق وإنما حصل أثناء وجوده في
السلطة، الأمر الذي كان يمثل خطورة كبيرة".
وقال الكاتب والباحث هاني لبيب، وهو أحد المفكرين الذين حضروا
اللقاء، إن الفريق عنان أكد أن "الدولة المدنية خط أحمر، ولن يتم
التنازل عنها من قبل المجلس العسكري"، نافياً الشائعات التي تتردد عن
صفقة بين المجلس العسكري والقوى الإسلامية.
وأوضح لبيب أن موضوع المبادئ فوق الدستورية أو الحاكمة للدستور طرح
للنقاش خلال اللقاء، وأضاف أن قادة الجيش أكدوا أنهم لن يفرضوا شيئاً
على الشارع، وأن الجيش حين تحدث عن المبادئ الحاكمة للدستور رهنها
بتوافق القوى السياسية. وأضاف: "قالوا (قادة الجيش) إنهم لم يتبنوا
شيئاً، وغير مسؤولين عن الأخبار التي تتداولها الصحف، وأشاروا إلى أن
بعض الأخبار تنسب للمجلس العسكري ومجلس الوزراء ولا يكون لها أي أساس
من الصحة".
في غضون ذلك، يبدو أن الجدل المتفجر بين أنصار التيار الليبرالي
والإسلاميين حول وضع مبادئ "فوق دستورية" في طريقه إلى التهدئة، بعدما
رأس شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب الاجتماع العاجل لممثلي
القوى السياسية والدينية والفكرية الذي سبق ودعا إليه لمناقشة واعتماد
"وثيقة الأزهر" باتفاق كل القوى السياسية والدينية واعتبار الوثيقة "استرشادية"
للجنة التأسيسية التي سيخول لها وضع الدستور الجديد للبلاد.
وضم الاجتماع تسعة من مرشحي الرئاسة المحتملين، بينهم عمرو موسى
ومحمد البرادعي وأيمن نور وعبد الله الأشعل والمستشار البسطويسي إضافة
إلى الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق والدكتور يحيى الجمل
نائب رئيس الوزراء السابق وبعض ممثلي الأحزاب السياسية والتيارات
الدينية بينهم رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة "الإخوان
المسلمين" محمد مرسي ونائبه الدكتور عصام العريان إضافة إلى عضو مكتب
إرشاد "الإخوان" عبدالرحمن البر وبعض ممثلي الحركات السياسية والفكرية.
وتؤكد الوثيقة تحقيق الهوية المصرية وضمان الحقوق والحريات،
والتأكيد على مبدأ المواطنة كأساس للمساواة بين المصريين جميعاً من دون
أي تفرقة.
وأكد الدكتور الطيب "أهمية التعاون بين الجميع من أجل الحفاظ على
مكاسب ثورة 25 كانون الثاني (يناير) لتكون سقفاً يقف عنده كل الأطراف
بعيداً من أي فرقة". وحذر من "تحول تنوع الاجتهادات حول استراتيجية
المستقبل إلى تنابذ فكري" وضرره على مصر في حاضرها ومستقبلها، لافتاً
إلى أن "الدساتير تعبر عن هوية الأمة ومصالح المجتمع، وأن تنوع
الاجتهادات حول البناء السياسي والدستوري المقبل لن يكون تنوعاً محموداً
إلا إذا ظل في إطار وحدة الوطن وأهدافه العليا".
وقال إن "الدستور هو الوثيقة النهائية وقمة الهرم القانوني في
الدولة الحديثة" على رغم تنوع الاجتهادات بين الدعوة إلى مبادئ فوق
دستورية والتي يراها البعض حائلاً دون هيمنة الاتجاه الواحد واستبداده
في صياغة البناء الدستوري فيما يراه البعض التفافاً على إرادة الجماهير.
وأوضح الطيب أن "موقف الأزهر كان وما زال الوقوف على حياد بين كل
الفرقاء، ويؤكد عدم خوضه غمار العمل السياسي أو الحزبي أو ممارسة
السياسة بمفهومها المعتاد، كما أن ليس من شأنه الدخول في السياسة رغم
اهتمامه بالحفاظ على حضارة وثقافة وهوية الأمة وعدم ذوبانها في أفكار
مشتتة". وأشار إلى أن "الترحيب الذي حظيت به الوثيقة من مختلف القوى
الفكرية والسياسية في مصر والخارج لما مثلته من توافق بين الرؤى
الدينية والسياسية لمعالجة شؤون الدولة بعيداً من أي خلاف بما يجعلها
وثيقة استرشادية عند وضع الدستور وميثاق شرف يلتزم به الجميع طواعية
دون فرض أي توجه على أحد وترك الأمر للإرادة الشعبية التي يعبر عنها
الدستور المنتظر والذي سيكون ميزان عدل بين كل أطياف الشعب دون تمييز".
وأوضح القيادي البارز في الإخوان المسلمين نائب رئيس حزب الحرية
والعدالة عصام العريان لـ "الحياة" أن وثيقة الأزهر "استرشادية" للجنة
التأسيسية التي سيخول لها وضع الدستور. مشدداً على أنها "غير ملزمة
لأحد ولا يمكن لأي فصيل أن يفرض إرادته على الشعب"، مشيراً إلى أن
اللجنة التأسيسية ستستعين بهذه الوثيقة وغيرها من الوثائق التي وضعتها
القوى السياسية المختلفة إضافة إلى دراستها للدساتير المصرية ومن ثم
تخرج بنقاط توافقية تضعها بلا مشاكل في الدستور وتفتح حوارات مطولة مع
التيارات والقوى حول نقاط الخلاف، معتبراً أن التوقيع على هذه الوثيقة
"يقطع الطريق أمام حال الجدل المتفجرة على الساحة في مصر منذ الاستفتاء
على تعديل مواد في الدستور"، كما أنها تعد "إقراراً بدور الأزهر"،
وإقراراً بـ "المرجعية الإسلامية للدولة".
وأكد مؤسس "حزب الغد" أيمن نور دعمه وثيقة الأزهر من أجل تحقيق
الدولة الديموقراطية الدستورية الحديثة. ووصف الاجتماع بأنه "خطوة
تاريخية مهمة يستعيد بها الأزهر مكانته العظيمة ودوره المهم منذ ثورة
العام 1919، حيث لعب دوراً في توحيد عنصري الأمة وهو الآن يستعيد الدور
بوضع لمسات حضارية وراقية على مستقبل مصر بجمع قوى الشعب السياسية
والدينية من أجل التوافق على وثيقة الأزهر".
وبدورة أكد المدير السابق للوكالة الدولة للطاقة الذرية الدكتور
محمد البرادعي أن "الحاضرين توافقوا من دون استثناء على اعتماد الوثيقة
التي أعدها الأزهر كإطار عام استرشادي يوضع أمام اللجنة التي ستضع
الدستور". وقال البرادعي إن "الوثيقة تتضمن مبادئ تؤكد هويتنا المصرية
والقيم التي ينبغي أن يبنى الدستور على أساسها بخاصة مبادئ الإسلام
العظيمة"، واعتبر أن "اجتماع يبعث رسالة مفادها أن الأزهر يستعيد دوره
كمنارة للإسلام المعتدل والوسطي في مصر والعالم".
وأكد المفكر الإسلامي الدكتور سليم العوا أن "اجتماع القوى السياسية
في مشيخة الأزهر عكس توافقاً على وثيقة الأزهر والاتفاق على تفعيلها
بصورة استرشادية لتحويل الخلافات الظاهرية الشكلية التي جاءت بين بعض
المشاركين إلى توافق عملي كامل".
المجلس العسكري سيتخلى عن السلطة
من جهته أعلن وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو أنه "على يقين"
من أن المجلس العسكري الحاكم في مصر سيتخلى عن الحكم ما إن يتم انتخاب
رئيس جديد للبلاد. جاء ذلك في مقابلة أجرتها معه صحيفة "فرانكفورتر
الغماينه تسايتونغ" الألمانية خلال زيارته الحالية لألمانيا.
وحول سؤاله عن أن المجلس العسكري في القاهرة يستخدم التغييرات
الوزارية المستمرة لمواجهة ضغط الشارع بدون أن يستجيب لمطالب الشارع،
قال: "يوجد ضغط عام لكن توجد أيضا حقائق تتطلب تغييرا وزاريا، فمصر
تشهد بعد الثورة فترات استثنائية تتطلب أحيانا خطوات استثنائية".
وأضاف: "لدينا الان جدول زمني واضح ففي تشرين الثاني (نوفمبر)
المقبل ستجرى الانتخابات البرلمانية لمجلسي الشعب والشورى ثم ستشكل
لجنة دستورية لوضع الدستور ثم ستجرى الانتخابات الرئاسية بنهاية العام
الجاري أو مع مطلع العام الجديد وعند ذلك سيقوم المجلس العسكري بتسليم
السلطة وأنا على يقين من أنه يجري العمل لتنفيذ ذلك".
وعند سؤاله عن أي تداعيات يمكن أن تشهدها عملية وضع دستور جديد
للبلاد في حال فوز الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية، اجاب
عمرو: "لا يستطيع أحد أن ينكر أن جماعة الإخوان المسلمين قوة سياسية
قوية ومنظمة بشكل جيد لكنني أعتقد أن هناك مبالغة في النقاش العام حول
تأثير هذه الجماعة في المجتمع المصري".
وأضاف الوزير أن "الإخوان المسلمين سيكون لهم دور لكن إلى جانب دور
القوى الأخرى ، أما فيما يتعلق بالدستور فإن الإخوان المسلمين لن
يستطيعوا أن يملوا (وحدهم صيغة) الدستور الجديد فكل القوى المجتمعية
ستشارك في صياغة الدستور، والمبادئ الأساسية مثل حقوق الإنسان وحرية
العقيدة والمشاركة الديمقراطية لا يمكن أن تكون محل نقاش". بحسب
الوكالة الالمانية للانباء.
ووجهت الصحيفة السؤال التالي :"شوهدت الأعلام السعودية تحملها
مجموعة من السلفيين في المظاهرات الأخيرة في ميدان التحرير، فهل تحاول
الرياض ممارسة أي تأثير على السياسة المصرية"؟
بسبب محاكمة مبارك
حيث تتدلى دمية من عامود للانارة تعبر عن المصير الذي يتمناه بعض
المحتجين في مدينة السويس المصرية للرئيس السابق حسني مبارك لكنهم لا
يصدقون أن الجيش سيسمح بحدوث هذا لقائده السابق، ويقول محمد محمود (33
عاما) وهو منسق لاحدى الحركات الشبابية في السويس والتي كانت واحدة من
النقاط الاكثر عنفا في الثورة التي أطاحت بمبارك "انطباعنا الان هو أنه
لايزال هناك من يحمي مبارك ربما المجلس الاعلى للقوات المسلحة او جهة
خارجية، بعض الدول مازالت تحميه"، بعد أن تحدث بقليل خرج عشرات
المحتجين في مسيرة مرت من أمام مقر الشرطة المحترق بالسويس واتجهوا الى
ثكنات عسكرية وهم يرددون شعارات مناهضة للجيش تتهمه بالتباطؤ، وأغلقت
الاسلاك الشائكة ومركبات الجيش الطريق المؤدي اليه، وبدأت محاكمة مبارك
في الثالث من اغسطس اب مما وضع الجيش في موقف حرج، ويرى محللون أن
المجلس العسكري يقع تحت ضغط من المحتجين الذين يطالبون بمحاسبة الرئيس
السابق ومن ناحية أخرى يتعرض لضغوط من دول خليجية محافظة تحث مصر سرا
على الا تهين حليفا سابقا لان هذا قد يمثل سابقة خطيرة لحكام تلك الدول،
ويعترف ضباط في أحاديث خاصة بأن الجيش ليست لديه رغبة في محاكمة القائد
العسكري السابق الذي تقلد الاوسمة والنياشين وقاد القوات الجوية
المصرية في حرب عام 1973 ضد اسرائيل، غير أن العسكريين يؤكدون في
تصريحاتهم العلنية أنهم لا ينحازون الى جانب على حساب الاخر وان الامر
في أيدي القضاء، وبغض النظر عن عدم ارتياح الجيش فان مصير مبارك سيأتي
في مرتبة تالية لهدف حماية سمعة الجيش وتأمين دوره المستقبلي والذي
ربما ينطوي على حضور له على هامش الحياة السياسية مثلما فعل الجيش في
تركيا لسنوات.
وقال شادي حامد من مركز بروكينجز الدوحة ان الجيش "لن يحمي مبارك
لان الحفاظ على كيان ومؤسسة الجيش أهم، أعتقد أنه اذا كان هذا يعني
القاء مبارك تحت حافلة فانه لن يتردد في هذا"، وأضاف "السؤال هو، هل
هذا شيء هو مضطر للقيام به او يشعر بالحاجة الى القيام به في هذه
المرحلة، أعتقد أن هذا الامر لم يحسم بعد"، وربما تكون هناك سبل لتقليل
حجم الاهانة امام الجماهير مع السماح باستمرار العملية القضائية، ويقيم
مبارك (83 عاما) في مستشفى شرم الشيخ الدولي منذ ابريل نيسان حين تم
استجوابه للمرة الاولى، ولم ينقل الى سجن بالقاهرة حيث يحتجز ابناه
ومسؤولون سابقون اخرون لاسباب صحية، ويعتبر الكثير من المصريين أن مرضه
حيلة تستخدم لحمايته، ويقول محمود المحتج من السويس ان الجيش ربما تكون
لديه خطة أخرى، وأضاف "انهم يريدون أن يضيعوا الوقت الى أن يموت، هذه
هي اللعبة"، واذا أدين بالضلوع في قتل المحتجين وهي أخطر تهمة يواجهها
مبارك فقد يصدر حكم باعدامه، وعلى الرغم من أن محتجين في ميدان التحرير
بالقاهرة او ميدان الاربعين في وسط السويس قد ينادون باعدامه في
هتافاتهم فانه ليس بالضرورة أن يكون هناك اجماع بين المصريين على هذه
الرغبة، لكن حتى اذا كان هناك كثيرون لا يريدون له الموت فانهم يريدونه
أن يتحمل مسؤولية ما يعتبرونه اساءة لاستغلال السلطة خلال حكمه الذي
استمر 30 عام، وهم يتهمونه بسحق المعارضين والسماح لحلفائه ونخبة تتمتع
بالحظوة بالتصرف وكأنهم فوق القانون، ويتبنى هذه الاراء كثيرون ممن
يعيشون في البلدة التي ينتمي لها مبارك بدلتا النيل، يقول فتحي راضي
(52 عاما) وهو اداري بمدرسة بينما كان يرعى زراعات في بلدة كفر
المصيلحة "سيحاكمونه كأي أحد اخر لان الثوار يقولون انه اذا لم تتم
محاكمته فانهم سيطيحون بالجيش، لابد من العدالة"، لكن هناك البعض في
بلدته وأجزاء أخرى من مصر ممن يشككون في الحاجة الى محاكمته، ويقولون
ان الجيش يرضخ لضغوط من المحتجين في ميدان التحرير بالقاهرة الذين
يتسببون في استمرار الاضطراب الاقتصادي الذي يضر بالمصريين، وقال سعيد
عبد العزيز (36 عاما) الذي يعمل في ادارة المحافظة لكنه يكوي الملابس
كعمل اضافي في الشارع الذي كان مبارك يعيش فيه ذات يوم "اذا طلب الناس
هذا فانهم سيحاكمونه، لكن هؤلاء (المحتجين) لا يفهمون، يجب أن يعمل
الناس، انهم يسببون المشاكل للبلاد". بحسب رويترز.
وفي حين يضغط المحتجون على الجيش لمحاكمة مبارك فان دولا عربية
وخاصة دول الخليج التي تعهدت بتقديم مليارات الدولارات من المساعدات
لمصر تحث المجلس الاعلى للقوات المسلحة على الا يحدث سابقة تسبب حالة
من عدم الارتياح في المنطقة، يقول كمران بخاري المحلل في مؤسسة
ستراتفور لتحليل معلومات المخابرات العالمية "ما يحدث في مصر تكون له
أصداء في أنحاء المنطقة، دول الخليج تعلم هذا وهي تريد أن تتمكن من
السيطرة على هذه النزعات"، وقال مسؤول مصري طلب عدم نشر اسمه لحساسية
الموضوع ان دول الخليج أوضحت أنها ترفض محاكمة مبارك، وأشار الى ضغوط
من السعودية التي قدمت مساعدات مالية سخية لاسكات اي شكاوى بين
مواطنيها وأرسلت قوات في اطار قوة خليجية الى البحرين حين تحدى محتجون
الملكية هناك، ورفض سفير الكويت بالقاهرة رشيد حمد الحمد فكرة وجود اي
سياسية خليجية رسمية لمنع محاكمة مبارك، لكنه قال ان هناك مواطنين في
الخليج لا يريدون أن يروا اي رئيس في وضع كهذ، وكان مبارك ثاني رئيس
عربي يسقط بعد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، لكنه الاول الذي
سيحاكم في وطنه، وفر بن علي الى السعودية وتمت محاكمته غيابيا.وفي حين
أن دول الخليج تمارس نفوذا من خلال خزائنها الممتلئة فان من غير المرجح
أن تمارس هذا النوع من الضغط لمنع محاكمة مبارك اذا كان سيغرق مصر في
مزيد من الاضطراب السياسي في الوقت الذي تكافح فيه في مواجهة اقتصادها
المتعثر، وقال بخاري "سيضغطون ويواصلون الضغط ولكن بقدر".
مكتسبات الاعلام
الى ذلك أمضى حافظ الميرازي أسابيع في التحضير لبرنامجه الحواري
الجديد على التلفزيون المصري الحكومي، لكن قبل اسبوع واحد من الموعد
المقرر لبث برنامجه (بتوقيت القاهرة) أمر أحد كبار ضباط الجيش بوقفه،
وأخطر الميرازي بأن شكل البرنامج ينتهك قواعد تقضي باستضافة أكثر من
شخص، وهو تفسير اعتبره الصحفي المخضرم ذريعة لابعاده عن شاشات
التلفزيون المملوك للدولة، وقال الميرازي "الامر لا يتعلق ببرنامجي"
وعبر عن قلقه الشديد من ان هذه الواقعة ذريعة شائعة لترويع الاعلام،
ويعتقد الميرازي الذي اشتهر ببرامجه الحوارية ولقاءاته الصحفية على
قناتي الجزيرة والعربية الفضائيتين أن ضباط المجلس الاعلى للقوات
المسلحة الذين يحكمون مصر منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك
غاضبون من انتقاده العلني لادارتهم للاعلام، وكسرت ثورة يناير المصرية
حاجز الخوف الذي أجبر الصحفيين من قبل على مواءمة تغطيتهم لشؤون الدولة
وتجنب انتقاد رئيس الدولة، وكان من يخالفون ذلك اما يتم ابعادهم أو
فصلهم أو سجنهم في بعض الاحيان، وتعرض البرامج الاخبارية على القنوات
التلفزيونية الخاصة والقنوات الحكومية الاحتجاجات على الحكومة والمجلس
العسكري الحاكم، وأصبحت الاشادة بالوزراء نادرة بل وحلت محلها شكوك
واحيانا انتقادات لكبار المسؤولين الذين ينظر الى أدائهم وموهبتهم
باعتبارها أقل من المطلوب، لكن المطالبين بحرية الصحافة يقولون ان هذه
المكاسب تتعرض لتهديد من جانب المؤسسة العسكرية المعادية بطبعها لاي
معارضة داخل الصفوف، ووثقت الجماعات الحقوقية أكثر من عشر حالات
لمضايقات تعرض لها الصحفيون والمدونون بسبب أخبار أو مقالات رأي تنتقد
المجلس العسكري.فقد استدعي حسام الحملاوي أحد أشهر المدونين والنشطاء
على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر للتحقيق معه أمام النيابة العسكرية
في أعقاب ظهور له على شاشة التلفزيون الحكومي اتهم فيه الشرطة العسكرية
باساءة معاملة المحتجين، واستجوبت مقدمة البرامج ريم ماجد كشاهدة على
تصريحات الحملاوي.
وفي يونيو حزيران الماضي استجوبت النيابة العسكرية اثنين من
الصحفيين بجريدة الوفد بسبب اشارة في تقرير نشر يوم 26 مايو ايار الى
صفقة محتملة تتعلق بالانتخابات بين الجيش وجماعة الاخوان المسلمين
الجماعة المعارضة الاكثر تنظيما في مصر، لكن القضية الاخطر كانت
المتعلقة بالمدون مايكل نبيل الذي قال في مقال بعنوان "الجيش والشعب
عمرهم ما كانوا ايد واحدة" نشرها على مدونته في مارس اذار الماضي وقال
فيها ان الجيش حاول تعطيل الانتفاضة ضد مبارك، وبعد شهر صدر حكم بالسجن
ثلاث سنوات على نبيل (26 عاما) الناشط في الاحتجاجات المناهضة لمبارك،
وقال جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان
"كان هذا حكما كارثيا" فتكرار استدعاء الصحفيين يشيع حالة من الخوف بين
الصحفيين تدفعهم لممارسة "الرقابة الذاتية"، وقال علي عاطف محامي
الدفاع عن نبيل ان موكله حوكم أمام محكمة عسكرية وصدر الحكم بعد ابلاغ
المحامي وأسرة موكله بأن الجلسة تأجلت، ونقلت لجنة حماية الصحفيين
ومقرها نيويورك عن عاطف قوله "محاكمة موكلي وهو مدني أمام محكمة عسكرية
أمر سيء في حد ذاته، يضاف اليه أن المحكمة تنتهك حقه في محاكمة عادلة"،
ويحدد المجلس العسكري ما يمكن وما لا يمكن للاعلام تغطيته، فارسل الجيش
توجيهات الى رؤساء الصحف القومية يطالبهم فيها بعدم "نشر اية (موضوعات
أو أخبار أو تصريحات أو شكاوى أو اعلانات أو صور) تخص القوات المسلحة
أو قادة القوات المسلحة الا بعد مراجعة ادارة الشؤون المعنوية وادارة
المخابرات الحربية والاستطلاع حيث انها الجهات المختصة بمراجعة مثل هذه
الموضوعات حفاظا على أمن وسلامة الوطن"، وفي مايو أيار أجبر الصحفي
البارز يسري فودة على الغاء حلقة من برنامجه الحواري (اخر كلام) على
قناة أون تي.في الخاصة كان من المفترض أن يستضيف فيها أحد كبار ضباط
الجيش.وطلبت ادارة الشؤون المعنوية نسخة مسبقة من الاسئلة، وتقول
المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان ان ما زاد الامر سوءا اعادة وزارة
الاعلام التي كانت رمزا للرقابة الرسمية في عهد مبارك للعمل في خطوة
أدانتها لجنة حماية الصحفيين باعتبارها "انتكاسة واضحة لحرية الصحافة
في مصر"، لكن بعض الصحفيين يبدون تفاؤلا أكبر بحرية الصحافة في مصر
التي ظهرت فيها الصحف لاول مرة قبل أكثر من 150 عاما.
ومع سقوط مبارك تعهد الحكام العسكريون بحماية حرية التعبير واهابوا
"بكل الاعلاميين تحري الدقة والموضوعية واتاحة الفرصة للجميع للتعبير
عن ارائهم بحرية حتى يعكس الاعلام بكافة صوره نبض وتوجهات الشعب المصري
بكافة طوائفه"، وتم استبدال رؤساء تحرير الصحف القومية الذين كان ينظر
اليهم باعتبارهم موالين لنظام مبارك واجبر نقيب الصحفيين على ترك منصبه،
وعاد صحفيون كانوا قد اجبروا على العيش في المنفى الى البلاد، وظهرت
أكثر من ست صحف خاصة جديدة كما تظهر قناة تلفزيونية جديدة كل شهر تقريب،
ومن أبرز القنوات الجديدة التحرير وسي.بي.سي ومصر 25، وتتعارض التغطية
النشطة للانتخابات المرتقبة مع ما حدث قبل الانتخابات البرلمانية
السابقة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي عندما أغلقت الحكومة أكثر من 12
قناة تلفزيون خاصة وساعد الاعلام الحكومي في تدعيم حزب مبارك، وعادت
مقدمة البرامج المخضرمة هالة سرحان لمصر بعد ثورة 25 يناير بعد أن أمضت
أربع سنوات في المنفى بسبب برنامج عن الدعارة في مصر اتهم الشرطة
بالفساد، وقالت ان حرية الصحافة في مصر تحسنت كثير، وأبلغت ان مصر دخلت
بالتأكيد عهدا جديدا من الشفافية والوضوح والحرية بعد الثورة، وتبدو
العودة الى القيود المنهجية على حرية الاعلام التي كانت مطبقة في عهد
مبارك أمرا غير وارد الان لكن الصحفيين يقولون ان هناك حاجة ملحة
لتشريعات تضمن حرية الصحافة، وقال يحيى قلاش سكرتير عام نقابة الصحفيين
السابق ان الامر يبدو وكأن هناك هامشا أكبر من الحرية لكنه حتى هذا
الهامش مكتسب لا تحميه قواعد أو قوانين، وأضاف أن الوقت قد حان لان
تحتل الصحافة في مصر المكانة التي تستحقها. |