نووي إيران... بعد فشل العقوبات هل يتراجع الغرب؟

 

شبكة النبأ: في خضم الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، وتحديدا ما بات يعرف بالربيع العربي الذي تشهده الدول العربية وما سوف ينجم عنها من تداعيات مهمه، تبقي الدول الغربية عينا لها على الجمهورية الإسلامية في إيران تترقب ما يدور هناك، وتتربص بالمشروع النووي الذي ترعاه طهران بحذر.

ولم تنجح الدول الغربية على الرغم من تشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية على ايران من ثنيها للتخلي عن طموحاتها على هذا الصعيد، وتتهم الاخيرة بمحاولة امتلاك قنبلة نووية بهدف تغيير موازين القوى في المنطقة والعالم، الامر الذي لا تزال المعنية تنفيه بشدة وتؤكد على سلمية برامجها ذات الصلة.

منشأة تحت الارض

فقد قال أكبر مسؤول نووي ايراني لهيئة الاذاعة والتلفزيون الايرانية يوم الاثنين ان ايران بدأت نقل أجهزة الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم من أجل تصنيع الوقود النووي من مدينة نطنز في وسط البلاد الى منشأة تحت الارض قرب مدينة قم.

وقال فريدون عباسي دواني "نقل اجهزة الطرد المركزي من نطنز الى فوردو (قرب قم) جار مع الالتزام الكامل بالمعايير. يجري تجهيز منشات فوردو وتم نقل بعض أجهزة الطرد المركزي."

وأعلنت ايران في يونيو حزيران انها ستنقل انتاجها لليورانيوم المخصب بدرجة أعلى الى منشأة فوردو تحت الارض في تحد للنداءات الدولية التي تطالبها بوقف تخصيب اليورانيوم الذي تقول بعض الدول ان الهدف منه هو تصنيع اسلحة نووية وهو ما تنفيه ايران.

وكشفت ايران عن موقع فوردو وأخطرت به الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة في سبتمبر ايلول عام 2009 بعد ان علمت ان المخابرات الغربية رصدت الموقع الجبلي. بحسب رويترز.

ويمكن لنقل النشاط النووي الحساس الى منشأة تحت الارض ان يوفر المزيد من الحماية من اي هجمات قد تشنها اسرائيل أو الولايات المتحدة اللتان لم تستبعدا توجيه ضربة وقائية لمنع ايران من امتلاك اسلحة نووية.

كما أعلنت ايران في يونيو انها تعمل على زيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 20 في المئة الى ثلاثة أمثال وذكرت انه سيستخدم في مفاعل للابحاث الطبية.

وبعد يوم مما اعلنته طهران في يونيو أصدرت القوى الست العالمية الكبرى التي تفاوضت مع طهران بشأن برنامجها النووي بيانا جديدا عبرت فيه عن "قلقها العميق" من البعد العسكري المحتمل للانشطة الذرية لايران.

وقال يوكيا امانو المدير العام للوكالة ان نقل اجهزة الطرد المركزي الى قم وزيادة القدرة على التخصيب يمثل "مزيدا من الخروج" على عدد من قرارات الامم المتحدة التي تطالب ايران بتعليق كل الانشطة المتصلة بالتخصيب لدعم المفاوضات الجادة للتوصل الى حل سلمي للازمة.

الاقتراح الروسي

الى ذلك وصل سكرتير مجلس الامن الروسي نيكولاي باتروشيف الى طهران لاجراء محادثات مع نظيره الايراني سعيد جيلالي تتركز على الملف النووي الايراني. واوضحت وكالة الانباء الايرانية (ارنا) ان المسؤول الروسي سيلتقي ايضا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست بحسب ما نقل عنه موقع التلفزيون الرسمي على الانترنت "ان جليلي وباتروشيف سيناقشان بعد ظهر الاثنين مسائل ثنائية واقليمية ودولية".

وتسعى موسكو لتحريك المفاوضات المتوقفة بين ايران من جهة والدول الكبرى اي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والمانيا من جهة ثانية، بشأن الملف النووي الايراني.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تطرق في منتصف تموز/يوليو الماضي الى فكرة تحريك هذه المفاوضات عبر اعتماد سياسة "الخطوة خطوة" لحل مشكلة الملف النووي الايراني. بحسب فرانس برس.

واعلن المتحدث باسم الخارجية الايرانية في نهاية تموز/يوليو ان بلاده "تقدر المساعي الروسية لايجاد حل دبلوماسي (لمشكلة الملف النووي الايراني) بدلا من سياسة التهديد والضغوط".

وصدرت حتى الان ستة قرارات عن مجلس الامن بشأن الملف النووي الايراني تتضمن اربعة منها عقوبات بحق ايران بسبب الاشتباه بسعيها لامتلاك سلاح نووي.

أساس الاقتراح

من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف انه يأمل أن تستأنف المحادثات بين القوى العالمية وايران بشأن برنامج ايران النووي قريبا على أساس اقتراح تقدمت به روسيا. وأضاف لافروف أن ايران أبدت "اهتماما حماسيا" بالاقتراح الذي لم يعلن بعد عن تفاصيله.

وقال الوزير الروسي في مؤتمر صحفي مع نظيره الايراني علي أكبر صالحي "نأمل أن يساعدنا هذا على المضي قدما بوتيرة أسرع مما كان عليه الحال حتى الآن وأن يمكننا استئناف المفاوضات قريبا."

وأشاد صالحي بالوثيقة واصفا اياها بأنها منهج "تدريجي" في التعامل مع النزاع وقال انها تحتوي على "عناصر جيدة" وان طهران ستدرس التفاصيل.

وتحدث لافروف مع الرئيس الامريكي باراك أوباما الشهر الماضي عن منهج تدريجي يمكن لايران من خلاله الاجابة عن تساؤلات حول برنامجها النووي وتحصل في المقابل على تخفيف تدريجي للعقوبات المفروضة عليها. وكان دبلوماسي روسي كبير قال في وقت سابق من العام الحالي انه يرجح أن تعمل المحطة بكامل طاقتها بحلول مطلع أغسطس اب.

احمدي نجاد يوافق

من جانبه اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان بلاده "ترحب" بالاقتراح الروسي القاضي باستئناف المفاوضات حول الملف النووي الايراني عبر اعتماد سياسة "الخطوة خطوة".

وقال احمدي نجاد خلال لقاء مع سكرتير مجلس الامن الروسي نيكولاي باتروشيف حسب ما نقل موقع الرئاسة الايرانية على الانترنت "ان جمهورية ايران الاسلامية ترحب بالاقتراح الروسي لسياسة +الخطوة خطوة+ وهي مستعدة لصياغة اقتراحات للتعاون في هذا المجال".

من جهته قال باتروشيف بحسب المصدر ذاته انه "بموجب سياسة +الخطوة خطوة+ هذه، سوف ناخذ بالاعتبار رايكم وراي المرشد الاعلى (للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي) لانهما مهمان ونعتبرهما اساسييين للتوصل الى حل ايجابي". والمرشد الاعلى له كلمة الفصل في ما يتعلق بالسياسة الخارجية والبرنامج النووي.

وصرح سعيد جليلي كبير المفاوضين الايرانيين في وقت ان المقترحات الروسية "يمكن ان تشكل اساسا لبدء المفاوضات" حول الملف النووي الايراني، بعد لقاء مع باتروشيف في طهران.

وبموجب الاقتراح الروسي، تقوم ايران بالاجابة على اسئلة حول نشاطاتها، وتبدأ القوى العظمى بعد ذلك بخفض العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على ايران. وفي متابعة لزيارة باتروشيف.

وفرض مجلس الامن الدولي اربع مجموعات من العقوبات على ايران بسبب برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي تعتقد الدول الغربية ان له بعدا عسكريا رغم نفي طهران المتكرر لذلك.

كما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي عقوبات فردية على البنوك الايرانية وقطاع النفط مما شكل مخاطر للشركات الاجنبية التي تتعامل معهما.

لا قنبلة نووية

كما قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في مقابلة تلفزيونية ان ايران لا تنوي صنع قنبلة نووية وان برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية.

وقال الرئيس الايراني لقناة تلفزيون يورو نيوز "عندما نقول اننا لا نريد ان نصنع قنبلة نووية فهذا يعني اننا بالفعل لا نريد ان نصنع قنبلة نووية... اذا كان هناك من يسعى لامتلاك قنبلة نووية في هذه الأيام فهو مجنون." وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها ايران بمحاولة صنع أسلحة نووية تحت غطاء برنامجها النووي. وتنفي ايران هذه المزاعم وتقول انها تحتاج التكنولوجيا النووية لتوليد الكهرباء لتغطية احتياجاتها المحلية.

وأدانت فرنسا في 19 يوليو تموز اعلان ايران عن نصب وحدات جديدة لتخصيب اليورانيوم بغرض الاسراع في برنامجها النووي ووصفت هذه الخطوة بأنها "استفزاز واضح."

وقال احمدي نجاد في المقابلة ان انتاج اليورانيوم المخصب الى مستوى 20 في المئة يتم لاغراض طبية. وقال "انتاج اليورانيوم المخصب الى مستوى 20 في المئة يتم للاستخدام السلمي تماما... انه يتم لمفاعل ينتج النظائر المشعة ولا ينتج غير الدواء. انه للاستخدام الطبي والزراعي فقط."

محطة بوشهر

فيما اعلن رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية فريدون عباسي دواني عبر قناة العالم الايرانية الناطقة بالعربية ان محطة بوشهر التي بنتها روسيا في ايران ستدخل في الخدمة في اواخر اب/اغسطس لانتاج الكهرباء.

وقال عباسي دواني "تمت تجربة المحطة في 40% من قدرتها بنجاح (...) ان شاء الله سنتمكن من وضع المحطة في الخدمة ووصلها بالشبكة الكهربائية في اواخر شهر رمضان (اخر اب/اغسطس) مع انتاج اولي من 40%". واضاف ان "المحطة ستبلغ قدرتها الكاملة" من الف ميغاوات بين اواخر تشرين الثاني/نوفمبر ومطلع كانون الاول/ديسمبر. واضاف "اننا ننظم حاليا احتفالا رسميا ويمكن ان ياتي الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الى ايران بهذه المناسبة". وتم ارجاء موعد تشغيل محطة بوشهر عدة مرات بسبب مشاكل تقنية. بحسب رويترز.

ودشن موقع بوشهر وسط ضجة كبيرة في اواخر اب/اغسطس 2010 بعد 35 عاما من التجاذبات، فالمشروع الذي اطلقته شركة سيمنز الالمانية عام 1975 توقف بعد الثورة الاسلامية عام 1979 ثم الحرب على العراق (1980-88) قبل ان تستأنفه روسيا عام 1995.

وادت مشاكل تقنية ومالية وسياسية لاحقا الى تاخير من حوالى عشر سنين في الجدول الزمني الاصلي الذي توقع دخول المحطة في الخدمة عام 1999.

اغتيال عالم نووي

من جهة أخرى قالت وكالة فارس الايرانية شبه الرسمية للانباء ان مسؤولا ايرانيا كبيرا اتهم الولايات المتحدة واسرائيل باغتيال عالم ايراني قال نائب وزير الداخلية انه غير مرتبط بالبرنامج النووي الايراني كما أوردت وسائل اعلام.

وقتل مسلحون داريوش رضائي (35 عاما) الذي كان محاضرا جامعيا ويحمل شهادة الدكتوراة في الفيزياء بالرصاص في طهران يوم السبت. وقالت بعض وسائل الاعلام ان رضائي كان عالما نوويا لكن نائب وزير الداخلية صفر علي باراتلو قال ان هذا ليس صحيحا.

وقال علي لاريجاني رئيس البرلمان في كلمة أمام المجلس التشريعي "العمل الارهابي الامريكي الاسرائيلي أمس الذي استهدف واحدا من صفوة العلماء في البلاد مثال اخر على مستوى العداء الامريكي (تجاه ايران)." وقالت وسائل اعلام ايرانية ان الجهاز الامني الايراني يحقق في حادث الاغتيال. واغتيل عدد من العلماء النوويين في ايران خلال السنوات القليلة الماضية.

وقتل عالم وأصيب اخر في طهران في نوفمبر تشرين الثاني في واقعة ألقت ايران بالمسؤولية عنها على اسرائيل والولايات المتحدة. ونفت واشنطن تلك الاتهامات في ذلك الوقت.

ولم يتأكد رسميا بعد ما اذا كان رضائي منخرطا في البرنامج النووي الايراني كما قالت بعض وسائل الاعلام.

وقالت زهرة الهيان وهي عضوة في البرلمان الايراني ان رضائي لا تربطه صلة بالبرنامج النووي الايراني الذي تقول الولايات المتحدة وحلفاؤها انه ستار لصنع قنبلة نووية.

ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للانباء عن زهرة قولها "كان رضائي من صفوة علماء الفيزياء الايرانيين... قتله أعداء الوطن. لكن... لم تربطه صلة بالانشطة النووية الايرانية."

ونقلت وكالة مهر شبه الرسمية عن مرتضى تمدن رئيس بلدية طهران قوله ان ايران "تحتفظ بحق الرد" دون اسهاب. بحسب رويترز.

وأقر أعضاء البرلمان الايراني مشروع قانون يلزم الحكومة بفرض عقوبات على مسؤولين أمريكيين مثل وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد ونائبه بول فولفوفيتز والقادة العسكريين في كل من مركز احتجاز أبو غريب بالعراق ومعتقل جوانتانامو في كوبا.

ويقول محللون ان مشروع القانون رد من ايران على ادراج واشنطن لمسؤولين ايرانيين كبار في القائمة السوداء تقول انهم مسؤولون عن انتهاكات لحقوق الانسان في الجمهورية الاسلامية. وتنفي ايران اتهامات بخصوص حقوق الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/آب/2011 - 22/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م