جامع القران الامام علي (عليه السلام) في القران والحديث الشريف

مجاهد منعثر منشد

قال تعالى:ـ إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناهه فاتبع قرآنه..1.

صدق الله العلي العظيم

 

معنى الجمع في اللغة:ـ

مصدر الفعل "جمع"، يقال: جمع الشيء يجمعه جمعا.

يقول الجواهري أجمعت الشيء: جعلته جميعا، والمجموع: الذي جمع من ههنا وههنا وإن لم يجعل كالشيء الواحد. 2.

وقال الراغب الأصفهاني الجمع: ضم الشيء بتقريب بعضه من بعض، يقال: جمعته فاجتمع.3.

وقول ابن منظور جمع الشيء عن كل تفرقة يجمعه جمعا، واستجمع السيل: اجتمع من كل موضع، وجمعت الشيء: إذا جئت به من ههنا وههنا، وتجمع القوم: اجتمعوا أيضا من ههنا وههنا. 4.

ويقول الفيروز ابادي الجمع: تأليف المتفرق ترتيب 5..

اذن اشتقاق كلمة "جمع" تدل على الجمع والاجتماع والتأليف.

الآيات الكريمة خطابها للنبي (صلى الله عليه واله سلم)

ورد في كتاب الميزان في تفسير القران:ـ

«إن علينا جمعه وقرآنه» القرآن هاهنا مصدر كالفرقان والرجحان، والضميران للوحي، والمعنى لا تعجل به إذ علينا أن نجمع ما نوحيه إليك بضم بعض أجزائه إلى بعض وقراءته عليك فلا يفوتنا شيء منه حتى يحتاج إلى أن تسبقنا إلى قراءة ما لم نوحه بعد.

وقوله: «فإذا قرأناه فاتبع قرآنه» أي فإذا أتممنا قراءته عليك وحيا فاتبع قراءتنا له واقرأ بعد تمامها.

وقيل: المراد باتباع قرآنه اتباعه ذهنا بالإنصات والتوجه التام إليه وهو معنى لا بأس به.

وقوله: «ثم إن علينا بيانه» أي علينا إيضاحه عليك بعد ما كان علينا جمعه وقرآنه فثم للتأخير الرتبي لأن البيان مترتب على الجمع والقراءة رتبة.

وقيل، المعنى ثم إن علينا بيانه للناس بلسانك نحفظه في ذهنك عن التغير والزوال حتى تقرأه على الناس.

«إن علينا جمعه وقرآنه» أي من الواجب في الحكمة أن نجمع من نجمعه فيه ونوحي شرح وصفه إليك في القرآن «فإذا قرأناه فاتبع قرآنه» أي إذا قرأنا ما يتعلق به فاتبع ذلك بالعمل بما يقتضيه من الاستعداد له «ثم إن علينا بيانه» أي إظهار ذلك بالنفخ في الصور انتهى ملخصا وهو كما ترى.

ويذكر لنا التاريخ ثلاثة مراحل لجمع القران الكريم. فقد كانت المرحلة الاولى في عهد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يقول زيد بن ثابت: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) نؤلف; أي نكتب القرآن في الرقاع. 6.

 لقد كان في عهده (صلى الله علية واله وسلم) يجمع القران الكريم بطريقة الحفظ في الصدور وكتابته في القرطاس وألواح من الرقاع والعسب (جريد النخل). واللخاف (الحجارة الرقيقة) والأكتاف (عظمُ البعير).

وفي ذلك العهد كان الاول اسلاما امير المؤمنين الامام علي (عليه السلام)هو المميز عند الله تعالى ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)

حيث قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (عليٌّ مَعَ القرآنِ والقرآنُ مَعَ عليٍّ، لنْ يفترقا حتّى يَرِدَا عَلَيَّ الحوضَ).. 7.

وعن أبي سعيد، قال: «كنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فانقطعت نعله، فتخلف عليّ (عليه السلام) يخصفها، فمشى قليلاً ثمّ قال: إنّ منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فاستشرف لها القوم وفيهم: أبوبكر وعمر، قال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا، قال عمر: أنا هو؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل يعني عليّاً (عليه السلام)، فأتيناه فبشرناه، فلم يرفع به رأسه كأنّه قد كان سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)». 8.

وعن سلمان وأبي ذر، قالا: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد عليّ (عليه السلام) فقال: «ألا إنّ هذا أوّل من آمن بي، وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمّة، يفرّق بين الحقّ والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين».9.

لماذا علي (عليه السلام) مع القران والقران معه ولم يذكر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) احد غيره (سلام الله عليه)؟

في هذه الحالة الانشاء والاستنتاجات والتحاليل لايكون له معنى او منطق بدون الدليل , والدليل القران الكريم والحديث الشريف الذي يبن لنا سبب تميز امير المؤمنين وكيف هو مع القران والقران معه.

قال تعالى:ـ انما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ.11.

بسند عن مجاهد، عن ابن عباس قال: «نزلت في عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)». 12.

وعن عمّار بن ياسر قال: وقف على علي بن أبي طالب (عليه السلام) سائلٌ وهو راكع في تطوّع، فنزع خاتمَه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأعلمه بذلك، فنزلتْ على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذه الآية: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ...) فقرأها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثمّ قال: (مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاهُ وعادِ مَن عاداهُ). 13.

وقال تبارك وتعالى (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) 14.

عن أبي سعيد الخدري قال: سألتُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن قول الله تعالى (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)، قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام). 15.

ووقوله سبحانه: (... وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) 16..

عن علي بن حوشب قال: سمعتُ مكحولاً يقول: قرأ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)، فقال: يا علي، سألتُ الله أنْ يجعلها أُذنك. قال: قال علي (عليه السلام): فما نسيتُ حديثاً أو شيئاً سمعتُه مِن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)17.

وعن بريد الأسلمي قال: سمعتُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول لعلي: يا علي، إنّ الله أمرني أنْ أُدْنِيْكَ ولا أُقْصِيْكَ، وأنْ أُعلّمك وأنْ تعي، وحقٌ على الله أنْ تعي. قال: فنزلتْ (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ). 18.

يقول القندوزي الحنفي أخرج الطبراني عن ابن عبّاس قال: (نزلت في علي (عليه السلام) أكثر من ثلاثمائة آية في مدحه). 19.

وروى الشبلنجي عن ابن عبّاس قوله: ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في عليّ (عليه السلام) 20.

الامام علي (عليه السلام) مستودع مواريث الأنبياء وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين قال فيه رسول الله وما عرجني ربي عز وجل إلى السماء وكلمني ربي إلاّ قال: يا محمد اقرأ علياً مني السلام. 21.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي …: «أنا وأنت من نور الله عزّوجلّ». 22.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «عليّ (عليه السلام) أقضى أمتي بكتاب الله، فمن أحبني فليحبّه، فإن العبد لا ينال ولايتي إلاّ بحبّ عليّ (عليه السلام)». 23.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا علي، أنت أخي وأنا أخوك، أنا المصطفى للنبوة وأنت المجتبى للإمامة، أنا وأنت أبوا هذه الأمة، وأنت وصيي ووارثي وأبو ولدي، أتباعك أتباعي وأولياؤك أوليائي وأعداؤك أعدائي 24.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث: «ما تريدون من عليّ؟ ما تريدون من عليّ؟ ما تريدون من عليّ؟ ما تريدون من عليّ؟ إن علياّ منّي وأنا منه وهو وليّ كل مؤمن بعدي». 25.

اذن هو الصديق الاكبر 26.وأقدمهم سلماً ,وأكثرهم علماً ,وأعظمهم حلماً ,واتخذه رسول الله وصيا 27. وأول من أسلم مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) 28.وهوخير البرية 29,.

عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله)، فأقبل عليّ (عليه السلام) فقال(صلى الله عليه وآله): «قد أتاكم أخي، ثم التفت إلى الكعبة فمسها بيده ثم قال: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة، ثم قال: إنه أولكم إيماناً معي وأوفاكم بعهد الله وأقومكم بأمر الله وأعدلكم بالرعية وأقسمكم بالسوية وأعظمكم عند الله مزية» قال فنزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أُولئك هم خير البرية) 30, قال: فكان الصحابة إذا قيل عليّ قالوا: قد جاء خير البرية».

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «قسمت الحكمة عشرة أجزاء، فأعطي عليّ… تسعة أجزاء والناس جزأ واحدا». 31.

وهو من صلّت الملائكة علية سبع سنين 32.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نزل جبرائيل صبيحة يوم فرحاً مستبشراً وقال: قرت عيني بما أكرم الله أخاك ووصيك وإمام أُمتك عليّ بن أبي طالب، قلت: وبما أكرم الله أخي؟ قال: باهى الله سبحانه بعبادته البارحة ملائكته وحملة عرشه وقال: يا ملائكتي! انظروا إلى حجتي في أرضي كيف عفر خده في التراب تواضعاً لعظمتي، أُشهدكم أنه إمام خلقي ومولى بريتي». 33.

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (عليّ مني وأنا منه، ولا يؤدي عني إلا عليّ)34.

علياً هو وحده المولج بقيادة السفينة بعد غياب ربانها الأول الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم).

وان النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمى علياً يوم الغدير (ولياً) 35.

 (عليّ مولى كل مؤمن ومؤمنة) ان الله يقول فيه انه (أولى بالمؤمنين من أنفسهم)36.. فما معنى هذه الولاية ؟

وهل زعم أحد انها تعني ان النبي أجدر بنصرة المؤمنين أبو بحبهم من أنفسهم؟ أم ان الآية واضحة الدلالة بأن الولاية هنا تعني انه سيد أمورهم وحاكمهم المطلق حتى لكأنه أبوهم الواجب الطاعة، بدليل جعل أزواجه بعدها مباشرة أمهاتهم (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) فهذا المولى الواجب الطاعة يقول يوم الغدير في روايات الأطراف والأهواء المختلفة: (من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه).

هذه هي بعض من مناقب علي في القران الكريم والحديث النبوي الشريف واحد هذه المناقب كفيل ولدليل لوحده في تميز امير المؤمنين (عليه السلام).

اقوال الولي الوصي الجامع للقران الكريم في كتاب الله عزوجل:ـ

قال الامام علي (عليه السلام):ـ وإن الكتاب لَمعي، ما فارقته مُذ صحبتُه. 37.

وهو القائل: (سلوني عن كتاب الله، فوالله، ما من آية إلاّ أنا أعلم أَبِلَيْلٍ نزلتْ أَمْ بنهارٍ، أَمْ في سهلٍ أَمْ في جبلٍ) 38.

وسئل علي(عليه السلام) عن هذه الآية: (فاسألوا أهل الذكر..) 39. فقال: «والله إنّا لنحن أهل الذكر، نحن أهل العلم، ونحن معدن التأويل والتنزيل، ولقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه». 40.

وقال(عليه السلام): ما نزلت آية على رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلا اقرأنيها وأملاها عليّ، فأكتبها بخطي. وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها. ودعا الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله، ولا علماً أملاه عليّ فكتبته منذ دعا لي ما دعا 41.

وقال(عليه السلام): إنّي لم أزل منذ قبض رسول الله(صلى الله عليه وآله) مشغولاً بغسله وتجهيزه ثم بالقرآن حتى جمعته كله ولم ينزل الله على نبيّه آية من القرآن إلاّ وقد جمعتها 42..

جمع القران الكريم بعد استشهاد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).

ترك رسول الله(صلى الله عليه وآله) مصحفاً في بيته خلف فراشه مكتوباً في العسب والحرير والاكتاف، وقد أمر علياً(عليه السلام) بأخذه وجمعه... 43.

وأن الإمام علياً اعتزل الناس بعد استشهاد رسول الله(صلى الله عليه وآله) لجمع القرآن الكريم، وكان موقفه هذا بأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنه قال: لا أرتدي حتى أجمعه. وروي أنه لم يرتد إلاّ للصلاة حتى جمعه 44.

إنّ أول مَن تصدى لجمع القرآن بعد استشهاد النبي(صلى الله عليه وآله) مباشرة، وبوصية منه 45..هوالامام علي (عليه السلام).

وكان اشتغال الامام علي (عليه السلام) بعد استشهاد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وانتهاء مراسيم العزاء بجمع القرآن وترتيبه على ما نزل اضافة الى الشرح الوافي لعلوم القران الكريم مع علومه مثل: المحكم والمتشابه والمنسوخ والناسخ وتفسير الآيات وتأويلها 46.

يقول ابن النديم: أن علياً(عليه السلام) رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) فأقسم أن لا يضع رداءه حتى يجمع القرآن 47.

ويذكر ابن النديم أنه أول مصحف جمع فيه القرآن، وكان هذا المصحف عند آل جعفر، وفي قول آخر يتوارثه بنو الحسن 48.

وسمي مصحف علي (عليه السلام) هذا المصحف كما نزل وشمل علوما لم تتواجد عند الاصحاب الذين جمعوا المصحف وكتبوه باسلوبهم حيث تقديم الآيات والسور دون تسلسل نزولها او شرح وافي لعلوم القران الكريم.

وهنا تأتي المرحلة الثانية التي يذكرها التاريخ والمؤرخون في جمع القران الكريم في عهد أبي بكر، وذلك بانتساخه من العسب والرقاع وصدور الرجال 49.

وروى محمد بن سيرين عن عكرمة، قال: لما كان بدء خلافة أبي بكر قعد علي بن أبي طالب في بيته يجمع القرآن. قال: قلت لعكرمة: هل كان تأليف غيره كما أنزل الأول فالأول؟

قال: لو اجتمعت الإنس والجن على أن يُألفوه هذا التأليف ما استطاعوه.

قال ابن سيرين: تطلبت ذلك الكتاب وكتبت فيه الى المدينة فلم أقدر عليه 50.

وبعد ذلك دخلت المرحلة الثالثة في عهد عثمان بن عفان حيث جمع القرآن بين دفتين وحمل الناس على قراءة واحدة، وكتب منه عدة مصاحف أرسلها الى الأمصار، وأحرق باقي المصاحف 51.

وفي المرحلتين لم يعود ابوبكر وعثمان وبعض الناس الى وصي الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في مسالة القران الكريم رغم وصية النبي (صلى الله عليه واله وسلم).

لقد كان لدى النبي(صلى الله عليه وآله) مصحف مجموع، ففي حديث عثمان بن أبي العاص حيث جاء وفد ثقيف الى النبي(صلى الله عليه وآله) قال عثمان: فدخلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله) فسألته مصحفاً كان عنده فأعطانيه 52.

ومن المصاحف التي كانت موجوده بعد استشهاد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) مصحف اُبي بن كعب الذي قد قدّم الأنفال وجعلها بعد سورة يونس وقبل البراءة، وقدم سورة مريم والشعراء والحج على سورة يوسف 53.

ومصحف زيد ومصحف ابن مسعود(الذي فيه مؤلفاً بتقديم السبع الطوال ثم المئتين ثم المثاني ثم الحواميم ثم الممتحنات ثم المفصلات) ومصحف أبي موسى الأشعري ومصحف المقداد بن الأسود، كما كان لعائشة أيضاً مصحف. ولكن انتهى دور هذه المصاحف والقراءة فيها على عهد عثمان عندما أرسل عليها وأحرقها 54.

ربما يتبادر الى الاذهان سؤال لماذا لم يخرج الامام علي (عليه السلام) مصحفه للناس في عهد عثمان ؟

كما اشرنا في المرحلة الثالثة كانت هناك عدة مصاحف مختلفة اثارة ضجة بين المسلمين وهنا سأل طلحة الإمام علياً(عليه السلام) لو يخرج للناس مصحفه الذي جمعه بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: وما يمنعك ـ يرحمك الله ـ أن تخرج كتاب الله الى الناس ؟ ! فكفّ(عليه السلام) عن الجواب أولاً، فكرّر طلحة السؤال، فقال: لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عمّا سألتك من أمر القرآن، ألا تظهره للناس ؟

وأوضح الإمام(عليه السلام) سبب كفّه عن الجواب لطلحة مخافة أن تتمزق وحدة الاُمة، حيث قال: يا طلحة عمداً كففت عن جوابك فأخبرني عمّا كتبه القوم ؟ أقرآن كله أم فيه ما ليس بقرآن؟ قال طلحة: بل قرآن كله. قال(عليه السلام): إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنّة... 55.

لقد عرض الإمام علي (عليه السلام) مصحفه على الناس وأوضح مميزاته فقام إليه رجل من كبار القوم فنظر فيه، فقال: يا علي أردده فلا حاجة لنا فيه 56.

قال الإمام علي(عليه السلام): أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً، إنّما كان عليَّ أن أخبركم حين جمعته لتقرأوه [57.

وبقى مصحف الامام علي (عليه السلام) الذي جمعه للأئمة (عليهم السلام) من بعده وهم يتداولونه الواحد بعد الآخر لا يُرونه لأحد. 58.الذي اشتمل على شروح وتفاسير لمواضع من الآيات مع بيان أسباب ومواقع النزول.

ويصرح لنا بن سيرين مصير مصحف الامام علي (عليه السلام) بعد عدم حصوله عليه في المدينة المنورة بقوله (فلو أصبت ذلك الكتاب كان فيه علم) 59.

قال(عليه السلام): واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يَغُشّ، والهادي الذي لا يُضِلُّ، والُمحدِّثُ الذي لا يكذبُ.

وما جالس هذا القرآن أحدٌ إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدىً أو نقصان من عمى.

واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنىً، فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لاْوائِكم; فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء وهو الكفر والنفاق والغيّ والضلال، فاسألوا الله به وتوجّهوا إليه بحبّه 60.

فسلام الله على امير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) الذي يسلم عليه رب العباد تعالى في كل عروج لرسوله الكريم محمد(صلى الله عليه واله وسلم)الى السماء...سلاما عليه يوم ولد واستشهد ويوم يبعث حيا ورحمة الله وبركاته.

....................................

المصادر والهوامش

1- القيامة |17.

2- الصحاح للجوهري ج3 - ص 1199 مادة «جمع.

3- المفردات للراغب ص 96.

4- لسان العرب لابن منظور ج8 - ص 53 مادة «جمع.

5- القاموس المحيط ج1 ص 528 مادة «جمع.

6- المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ج 2 ص611.

7- المستدرك ج3ص 124. وأبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد: ج9 ص134وابن حجر في الصواعق المحرقة: ص75.

8- المستدرك ج3 ص122-123.

9- ابن عساكر في تاريخ دمشق، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب: ج42 ص41، الرقم 8368.

10. المائدة 55.

12. الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل: ج1 ص209، الرقم: 216.

13. الهيثمي| مجمع الزوائد ج7ص17.

14. الرعد | 43.

15. البرهان ج2ص303.

16. الحاقّة| 12.

17. أنساب الأشراف: 2: 121.

18. تفسير الطبري ج29ص 56.

19. القندوزي الحنفي ينابيع المودة: ص150 ب42. وتاريخ بغداد: الخطيب البغدادي: 6: 221. وقد جمع آية الله السيد صادق الشيرازي في كتابه (علي … في القرآن) أكثر من 700 آية في علي … وكلها من مصادر اخواننا السنة.

20. الشبلنجي |نور الأبصار: 73.

21. ينابيع المودة: ص158 ب44.

22. ينابيع المودة: ص16 ب1.

23. ابن عساكر في تاريخ دمشق، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب: ج42 ص241، الرقم 8753 والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة: ص87 ب14.

24. ينابيع المودة: ص146-147 ب41.

25. الترمذي في سننه: ج5 ص632. الحديث 3712 كتاب المناقب ب 19، مناقب علي بن أبي طالب.

26. المتقي الهندي في كنز العمال: ج6 ص152، والسيوطي في الدر المنثور: تفسير سورة يس، اية 13.

27. ينابيع المودة: ص93 ب15.

28. احمد بن حنبل في مسنده، مسند الكوفيين، باب حديث زيد بن أرقم، «رقم الحديث 18478 والحاكم في المستدرك على الصحيحين: ج3 ص136.

29. ينابيع المودة: ص74 ب15.

30. البينة|7.

31. ابن عساكر في تاريخ دمشق، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب: ج42 ص384. الرقم: 8988.

32. ابن الأثير في أسد الغابة: ج4 ص103.

33. ينابيع المودة: ص92 ب15.

34. سنن ابن ماجة، تحقيق محمّد فؤاد عبد الباقي الحديث 119 طبعة دار الفكر ج 1 ص 44

يقول ابن ماجة: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة وسويد بن سعيد وإسماعيل بن موسى قالوا: حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة قال، ((سمعت))الحديث.

35. المراجعات / المراجعة 58 طبعة 2 القاهرة 1399 ه_ - 1979 م.

36. الأحزاب|6.

37. نهج البلاغة: الخطبة: 122.

38. كنز العمّال: كتاب التفسير، باب جامع التفسير: 2: 357 ـ 358.

39. الأنبياء| 7.

40. الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: ج1 ص432، الرقم: 459 وابن المغازلي في مناقبه: ص84 الرقم: 125.

41. تفسير البرهان: ج1/16 ح 14.

42. الاحتجاج للطبرسي ص 82.

43. كنز العمال: ج2 / حديث 4792.

44. الطبقات الكبرى:ج 2ص338، انساب الاشراف:ج 1ص587، شرح بن أبي الحديد:ج 1ص27، مناهل العرفان:ج 1ص247، الاتقان: ج1ص204، كنز العمال ج 2: 588 / 4792.

45. تفسير القمي: 745، بحار الأنوار: 92/48 ح 5.

46. الارشاد والرسالة السروية للمفيد، وأعيان الشيعة:ج 1 ص 89، وتاريخ القرآن للأبياري: 85. حقائق هامة حول القرآن الكريم: 153 ـ 158.

47. المناقب: ج2ص40.

48. الفهرست لابن النديم:ص 47 ـ 48.

49. الاتقان:ج 1 /ص 202 ومستدرك الحاكم ج 3ص 656.

50. الاتقان:ج 1ص57، وراجع الطبقات:ج 2ص101، الاستيعاب بهامش الاصابة:ج 2ص253، التسهيل لعلوم التنزيل: ج 1ص4، بحار الأنوار:ج 92ص88 ح 27، آلاء الرحمن: 1/18.

51. الاتقان:ج 1 ص 211.

52. مجمع الزوائد:ج 9ص371، وحياة الصحابة ج 3ص 344.

53. التمهيد محمد هادي معرفة: 1 / 312.

54. صحيح البخاري:ج 6ص225 ـ 226، المصاحف للسجستاني:ص 11 ـ 14، الكامل في التاريخ:ج 3ص55، البرهان: ج1 /ص 239 ـ 243

55. سليم بن قيس: ص110، وعنه في بحار الأنوار: 92 / 42 ح 1.

56. كتاب سليم بن قيس:ص 72، المناقب:ج 1ص40 ـ 41، الاحتجاج للطبرسي:ص 82،وبحار الأنوار: 92/51 ح18.

57. تفسير الصافي:ج 1ص36.

58. بحار الأنوار: 92 / 42 ح 1.

59. الطبقات: ج2ص101 وعنه في الاتقان:ج 1ص57.

60. نهج البلاغة، الخطبة: 176.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/آب/2011 - 22/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م