الاحتجاجات في الهند... غاندي الجديد وتورط أمريكي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو ان رياح التغيير باتت تضرب شرق الاقليم العربي مرورا ببعض دولة التي تعاني من بعض المشاكل السياسية والاقتصادية دون استثناء، فيما كانت على واجهة تصاعد الاحتجاجات مؤخرا دولة الهند التي دائما ما كانت توصف بالشفافية والديمقراطية الراسخة.

فيما يبدو ان كاريزما غاندي لا تزال عالقة في عقول المجتمعات الهندية، بعد ان انتفضت شرائح عريضة لمناصرة احد افرادها الذي اعلن اضرابا عن الطعام بعد اعتقاله بسبب تذمره العلني مما اعتبره تفشي بائسا للفساد المالي والاداري في الهند، على الرغم من محاولة القيادة الهندية الى اتهام واشنطن بالتورط بتأجيج الشارع لدواعي سياسية بحته.

غاندي الجديد

فقد أبدى ناشط هندي مناهض للفساد دفع اضرابه عن الطعام ملايين الاشخاص للمشاركة في اكبر احتجاجات بالبلاد منذ عقود استعداده يوم الاحد لانهاء ازمته مع الحكومة وقال انه مستعد لاجراء حوار.

وجاء اعلان الناشط انا هازاري بعد يوم من قول رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ ان الحكومة منفتحة ازاء مناقشة مطالب الناشط البالغ من العمر 73 عاما بعد احتجازه لفترة وجيزة في وقت سابق الاسبوع الماضي. وتجمع ما لا يقل عن 50 الف شخص يوم الاحد لدعم هازاري الذي يطالب بسن قانون صارم لمكافحة الفساد.

لكن اصراره على ان تطرح الحكومة مشروع قانون مكافحة الفساد يوم الثلاثاء وتقره بحلول نهاية الشهر الجاري أثار انتقادات بأن مجموعته تملي السياسات على برلمان منتخب مما فرض ضغوطا عليه ليعمل على الوصول لتسوية.

وقال هازاري لمؤيدية في ساحة مفتوحة بالعاصمة في اليوم السادس لاضرابه عن الطعام "لم نغلق باب الحوار. لقد ابقينا عليه مفتوحا. من خلال الحوار فقط يمكن حل القضايا." وهتف محتجون "انا.. واصل الكفاح ونحن معك" و"تحيا الهند الام".

ولاقت حملة هازاري صدى لدى ملايين الهنود خاصة بين ابناء الطبقة المتوسطة التي ملت من تفشي الرشى وسلسلة من فضائح الفساد التي تورط فيها ساسة ورجال اعمال في ثالث اكبر اقتصاد في اسيا.

لكن المنتقدين لاضراب هازاري عن الطعام ومن بينهم الروائية والناشطة الاجتماعية ارونداتي روي يقولون انه وضع سابقة بفرض الهيمنة على المؤسسات الديمقراطية.

وقالت روي لمحطة (سي.ان.ان- اي.بي.ان) التلفزيونية "الخطر يتمثل في انه اذا تخلصنا من هذه المؤسسات ونقول ان المناقشات ستتم خارج البرلمان اذا فمن الممكن غدا ان تتم تعبئة أي نوع من الجماعات المتطرفة."

وقالت الحملة الوطنية لحق الشعب في المعلومات وهي منظمة للحقوق المدنية تنتمي لها روي انها ستتقدم بمشروعها الخاص لمكافحة الفساد.

وكان سينغ الذي ينظر له على نطاق واسع على أنه يقود حكومة فاسدة وضعيفة قد أخذ بزمام المبادرة يوم السبت للمرة الاولى منذ اندلاع الازمة مع هازاري وقال ان الحكومة مستعدة للحوار.

كما ارسل نائب من حزب المؤتمر الحاكم مشروع القانون الذي طرحه هازاري الى لجنة برلمانية لبحثه ملبيا احد مطالب المحتجين.

واحتجز هازاري لفترة وجيزة يوم الثلاثاء الماضي في مسعى لمنعه من حشد التأييد لاضرابه عن الطعام لكنه رفض مغادرة السجن حتى تسمح له الحكومة بمواصلة اضرابه في مكان عام لمدة 15 يوما. واخلي سبيله يوم الجمعة وسط فرحة عارمة من الحشود وتغطية اعلامية مكثفة.

قانون لمكافحة الفساد

كما خرج رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ بلهجة تصالحية نحو حركة الاحتجاج الشعبي ضد الفساد التي هزت حكومته، مؤكدا انفتاحه على الحوار. وقال سينغ "نحن منفتحون على المشاورة والحوار ونطلب اجماعا وطنيا واسعا.. ثمة مساحة واسعة للحركة".

وكان المحتجون يتزعمهم الناشط انا هازاري الذي اعلن اضرابا عن الطعام، طالبوا بتشديد مسودة قانون لمكافحة الفساد يبحثها البرلمان في الوقت الراهن. غير ان سينغ رفض ما وصفه بالتكتيكات اللاديموقراطية للناشط هازاري.

وقال سينغ "علينا جميعا العمل سويا للدفع الى الامام من اجل مسودة قوية وفاعلة وعلينا ازالة ما يعتري سبيلها من عقبات"، مشيرا في الوقت نفسه الى ان الاجراءات البرلمانية تستغرق بعض الوقت.

ويطالب الناشط السلطات بتشديد مشروع قانون مطروح على البرلمان ويستثني رئيس الوزراء وكبار المسؤولين من ملاحقتهم بشبهة الفساد.

وتحول الرجل الذي كان مجرد مصدر ازعاج للسلطات الى رمز وطني قض مضجع الحكومة المنتخبة في 2009، لانه حرك الشارع الهندي وخصوصا الطبقة المتوسطة الممتعضة من ثقافة الرشوة المستشرية.

وبعد ان اعلن عزمه على الصوم حتى الموت، وضع قيد الحجز الاحترازي لرفضه تحديد فترة الصوم بثلاثة ايام نزولا عند رغبة الشرطة. ونجح اخيرا في تمديد الفترة لخمسة عشر يوما. وفي رسالة فيديو سجلها في زنزانته قال انه قد يتحدى السلطات مجددا.

وقال "انا بصحة جيدة. اشعر ان بامكاني ان اصوم اكثر من الخمسة عشر يوما التي سمحت بها الحكومة. يمكن ان اطلب السماح باسبوع اخر. لن اتوقف عن النضال".

وقال ارون جايتلي أحد زعماء حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي المعارض "انها صرخة انذار لنا جميعا ما لم نرتب بيتنا. الناس في هذا البلد أصبحوا ساخطين."

وبدأ هازاري (74 عاما) الاضراب عن الطعام يوم الاربعاء بينما احتشد الالاف من أنصاره أمام السجن الذي أودع فيه يوم الثلاثاء. ورفض هازاري ترك السجن بعدما أمرت الحكومة باطلاق سراحه.

وحملت صحيفة هيندو عنوان "فاسدة وقمعية وغبية" بينما كان العنوان الرئيسي لصحيفة ميل توداي "أنا (هازاري) يثير ارتباك الحكومة". وخرجت الاحتجاجات الحاشدة دعما لهازاري الذي كان يرتدي جلبابا وغطاء رأس أبيض ونظارة على نحو يعيد الى الاذهان صورة زعيم الاستقلال المهاتما غاندي.

ونظم الالاف من المزارعين والطلاب والمحامين مظاهرة في ولاية اسام بشمال شرق الهند. وفي مومباي العاصمة المالية للهند رفع 500 شخص علم الهند وارتدوا غطاء رأس كذلك الذي كان يضعه المهاتما غاندي وأخذوا يهتفون في اشارة الى هازاري "أنا أنا". وأضاف طالب يدعى راهول اتشاريا (21 عاما) "اضطررت الى دفع رشوة حتى يوافقوا على اصدار جواز سفر لي. وشعرت بأن لا حول لي ولا قوة."

وفي مدينة حيدر اباد مركز صناعة تكنولوجيا المعلومات قاطع المحامون المحاكم وترك الطلاب الفصول وخرج المئات الى الشوارع. وبدأ الالاف اضرابا فجائيا عن الطعام في ولاية اندرا برادش الجنوبية وهي معقل لحزب المؤتمر الهندي ونظموا اعتصامات وأغلقوا الطرق وشكلوا سلاسل بشرية.

والمظاهرات جزء من الحياة اليومية في البلدات والمدن الهندية لكن الاحتجاجات الواسعة والتلقائية نادرة وفوجئت الحكومة بنطاق الغضب الشعبي هذا الاسبوع. وهناك خطط لخروج المزيد من المظاهرات في أنحاء الهند ويتوقع خروج مظاهرة كبيرة في دلهي يوم الاربعاء.

وعقد حزب المؤتمر الحاكم اجتماعا طارئا لمناقشة الازمة لكن بدا أن غياب زعيمة الحزب سونيا غاندي بسبب مرض لم يكشف عنه أضعف عملية صنع القرار في الحكومة بشكل أكبر.

دور اميركي

في سياق متصل اشار متحدث بلسان الحزب الهندي الحاكم الى دور محتمل للولايات المتحدة في موجة احتجاجات ضد الفساد في الهند شكلت تحديا متزايدا للحكومة. وعادة يشتبه القادة الهنود في تدخلات خارجية وراء اي حركة معارضة داخلية وان كانت الحكومات الهندية اتخذت مؤخرا توجها دوليا اكثر انفتاحا وربطتها علاقات قوية بالولايات المتحدة.

واشار المتحدث بلسان حزب المؤتمر الهندي الحاكم، رشيد علوي، الى تصريحات اطلقتها الخارجية الاميركية الاسبوع الماضي قالت فيها انها تعول على الهند "لممارسة ضبط النفس الديموقراطي المناسب" في التعامل مع الاحتجاجات.

ونقلت صحيفة تايمز اوف انديا الهندية الخميس عن علوي قوله "لم تطلق الولايات المتحدة من قبل تصريحات بشأن اي حركة في الهند. انها المرة الاولى التي تفعل فيها ذلك". وتابع "نظهر درب الديموقراطية لاخرين، فما الحاجة لان تقول الولايات المتحدة ذلك؟ لقد خلق ذلك بلبلة".

والمح رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ بنفسه الى تدخل خارجي خلال كلمة القاها امام البرلمان الاربعاء. وقال ان "قوة الهند تظهر الان كلاعب هام على الساحة الدولية.. هناك قوى كثيرة لا تريد ان ترى الهند تتبوأ مكانها الصحيح في مصافي الامم، ولا ينبغي ان نخدم اجنداتهم".

وكانت انديرا غاندي، رئيسة الوزراء التي علقت العمل بالنظام الديموقراطي في الهند وسط اضطرابات سياسية في منتصف السبعينات، قد دأبت على الحديث عن "اصابع خارجية" في المشكلات الداخلية للبلاد وهو التعبير الذي ما زال رائجا بين السياسيين الهنود.

غير ان السناتور الاميركي جون ماكين، الذي يزور نيودلهي في الوقت الراهن، رفض تلك التلميحات.

وقال ماكين "الحقيقة هي ان الولايات المتحدة لا تقحم نفسها في ما يدور في اكبر ديموقراطية في العالم من حيث عدد السكان -- ولا تنوى في الواقع فعل ذلك". واضاف انه حري بالهند ان تفخر بمواطنيها وبقدرتهم على "التعبير عن ارائهم بشكل سلمي" مقارنة مثلا بما يدور في سوريا حيث "يذبح المحتجون على ايدي الحكومة".

من جانبها تحركت المتحدثة بلسان الخارجية الاميريكية فكتوريا نولاند لنزع فتيل ازمة. وقالت للصحافيين في واشنطن "وردت تقارير غير دقيقة اطلاقا من الهند (...) جاء فيها ان الولايات المتحدة اصدرت بيانا شديد اللهجة وهو ليس كذلك".

وكانت نولاند هي التي اصدرت التصريح الذي استند اليه المتحدث الهندي رشيد علوي.

فضيحة مالية

في حين يسعى رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ الذي يوصف في الهند ب"الرجل النظيف" الى انقاذ سمعته والحفاظ على هذه الصورة بعد الكشف عن فضيحة كبرى في قطاع الاتصالات.

وسينغ (78 عاما) متهم بعدم التدخل عندما باع وزيره للاتصالات رخص شبكات هاتف محمول لمشغلين من اصدقائه باقل من قيمتها الحقيقية ما اضاع على البلاد نحو اربعين مليار دولار وفقا لهيئة المحاسبة الرقابية الهندية. الا ان سينغ ليس متهما بتحقيق ربح من صفقة بيع هذه الرخص الاحتيالية عام 2008.

لكن وفي تحرك نادر طلبت المحكمة العليا من الحكومة توضيح "موقفها السلبي وصمتها طوال 16 شهرا" بعد مطالبة احد نواب المعارضة البرلمانية اجراء تحقيق قضائي مع وزير الاتصالات ايه راجا الذي استقال في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي.

ووفقا للقانون الهندي يتعين على رئيس الوزراء الموافقة على تقديم اي عضو في حكومته للمحاكمة. واكد مكتب منموهان سينغ لاعلى هيئة قضائية في البلاد ان الحكومة التزمت بالقواعد الاجرائية واستجابت لطلب المعارضة.

وقال البرلماني المعارض سوبرامانيام سوامي الذي قدم عام 2008 طلب استجواب راجا ان "رئيس الوزراء رجل محترم جدا لكنه ليس رجلا سياسيا". واضاف في تصريح لفرانس برس "لقد اختار طريق الاستسهال وانتظر طويلا قبل ان يتحرك".

وسينغ الذي يضع دائما عمامة سماوية اللون والمشهور بتحفظه، نجح حتى الان في ادارة الحياة السياسية الهندية الصاخبة الى حد ما على راس ائتلاف بقيادة حزبه حزب المؤتمر (يسار الوسط).

واليوم يؤخذ عليه تغاضيه عن هذه الفضيحة لتحقيق منفعة سياسية حيث ان حزب المؤتمر بحاجة في ائتلافه الى حزب درافيدا مونيترا كازاغام (دي ام كا)، الحزب المحلي الذي ينتمي اليه وزير الاتصالات.

وتتردد شائعات في نيودلهي بان سينغ، استاذ الاقتصاد السابق واول شخصية من طائفة السيخ تتولى رئاسة الوزراء، يمكن ان يستقيل اذا تاثرت سمعته اكثر.

وقال مسؤول كبير قريب من رئيس الوزراء طالبا عدم ذكر اسمه انه "يميل الى هذا النوع من القرارات".

ومنذ الكشف عن هذه الفضيحة الاسبوع الماضي ادلى سينغ بتصريحين مقتضبين واعدا باحالة جميع المسؤولين الى القضاء ومشيرا الى ان يشعر احيانا بانه "طالب ينتقل من امتحان الى اخر".

وقد اصبح سينغ المشهور بولائه لعائلة غاندي السياسية، رئيسا للوزراء عندما عاد حزب المؤتمر بشكل مفاجىء الى السلطة في 2004 وبعد تخلي زعيمة الحزب سونيا غاندي عن تولي مقاليد الحكم.

ويرى البعض ان سينغ سيحتفظ بالمنصب الى ان يشعر راهول (40 عاما) نجل سونيا غاندي بانه مستعد لتولى هذا المنصب.

ومما يحسب لسينغ تمرير العديد من الملفات الحساسة مثل الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة ووضع سياسة تحرير لاحداث انفتاح لاقتصاد بلد يزيد عدد سكانه عن مليار نسمة.

كان سينغ وزيرا للمالية في التسعينات واعتبر رائد الاصلاحات الاقتصادية والمالية بعد ازمة اضطرت الهند الى طلب مساعدة صندوق النقد الدولي.

وقد حظي سينغ بتقدير كبير من اقرانه في مجموعة العشرين وخاصة من الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي ابدى احترامه الشديد لهذا الرجل ابن تاجر الفاكهة.

استقالة رئيس حكومة ولاية

من جانب آخر استقال أحد كبار قادة حزب المعارضة الرئيسي في الهند، بهاراتيا جاناتا، بعد اتهامه في فضيحة تعدين كبَّدت ولايته خسائر بقيمة 3.6 مليار دولار. وقدم بي إس ياديورابا، رئيس حكومة ولاية كارناتاكا (جنوب)، استقالته لحاكم الولاية إتش آر بهاردواج في بنجالور عاصمة الولاية. وذكرت تقارير، نقلا عن مصادر في حزب بهاراتيا جاناتا، أن أحد زملاء ياديورابا الذي يحظى بثقته، مرشح لخلافته في المنصب. وقال سانتوش هيجدي، رئيس ديوان مكافحة الفساد في كارناتاكا: إن الولاية خسرت دخلا يصل إلى 160 مليار روبية (3.6 مليار دولار) بسبب التعدين غير المشروع وجرائم الفساد ذات الصلة في الفترة من 2006 إلى 2010. وأضاف هيجدي أن أسرة رئيس الوزراء المستقيل، وبعض الأعضاء من حكومة الولاية التي يسيطر عليها حزب بهاراتيا جاناتا، وسياسيين من أحزاب المعارضة شاركوا في الفضيحة، التي تشمل إصدار تراخيص بشكل غير مشروع لشركات تعدين. وشاعت أنشطة التعدين غير المشروع، لا سيما لخام الحديد، في كارناتاكا منذ عدة عقود. ويجري تصدير أغلب هذا المعدن الخام إلى الصين.

وبعد يوم واحد من نشر تقرير هيجدي، طلب حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يقود حملة ضد الفساد، من ياديورابا تقديم استقالته. يذكر أن كارناتاكا هي الولاية الوحيدة في جنوب الهند التي يسيطر على حكومتها حزب بهاراتيا جاناتا. وتسبب التقرير في إحراج حزب بهاراتيا جاناتا، الذي يشن حملة انتقادات عنيفة ضد الائتلاف الحاكم في الهند بقيادة حزب المؤتمر بسبب سلسلة من فضائح الفساد.

فضائح تكتسح صناعة التعدين

كما اكتسحت موجة فضائح الفساد في الهند صناعة أخرى،جارفة في طريقها صناعة تعدين الحديد الخام، ومصيبة بشظاياها شركات من بينها الشركة الأم لواحد من أغنى الأثرياء في البلاد. وأفاد تقرير تحقيق حكومي صدر في الأسبوع الماضي، أن عددا من الأسهم فقدت قيمها، بما فيها أسهم أندي انتربرازيزز، التي تشكل العمود الفقري لإمبراطورية التعدين والموانئ والطاقة التي بناها غوتام اس أندي، الملياردير الذي يعد واحدا من أكبر الأثرياء في الهند.

ومن جانبها نفت اندي انتربرايزز ارتكابها لأي جرم، لكنها تواجه هي وعدة شركات هندية كبرى استجوابات مريرة من قبل محققين وصناع سياسة. وأكد التقرير المكون من 466 صفحة الذي أعده قاض سابق في المحكمة العليا والذي يقوم حاليا بدور المحقق الأول، بأن موظفين عامين وشركات احتالت على حكومة ولاية كارنتاكا ونصبت عليها بمبالغ تساوي ملايين الدولارات على شكل رسوم امتياز وضرائب وغيرها من المدفوعات من تجارة مربحة ومحلية وعالمية في الحديد الخام. الذي يعتبر مادة خام هامة لصناعة الحديد الصلب.

والذي شهد طلبا قويا من جانب الصين والهند اللتين تحققان نموا سريعا. وقال التقرير الذي وضعه سانتوش هيدج، القاضي السابق، أن رشى ضخمة دفعت، وأن عمليات أشبه ما تكون بعمليات المافيا، كانت تمارس يوميا بشكل روتيني. ويقول محللون بأن النتائج التي توصل إليها القاضي هيدج تقدم دليلا على فساد متفش في حقول هامة من الاقتصاد الهندي، بما فيه أراض ومصادر طبيعية، ما زالت تخضع للسيطرة المطلقة لرجال سياسة وتنفيذيين تجاريين، رغم أن قطاعات أخرى مثل البضائع الاستهلاكية وتقنية المعلومات أصبحت أكثر انفتاحا.

والواضح انه لا يعرف بعد ما الذي ستؤول عليه الأمور لاحقا. فالقاضي هيدج لا يمتلك السلطة لملاحقة الشركات والأفراد الذين يتهمهم في تقريره. فهذا الأمر يعود إلى السلطة القضائية أو حكومة كارناتاكا، التي سبق أن قللت سابقا من مخاوف صناعة التعدين. وقد اضطرت الفضيحة رئيس وزراء الولاية إلى تقديم استقالته رغم نفيه لارتكاب أي عمل غير أخلاقي.

وانخفضت أسهم أناني انتربرايزز بحوالي 23%. كما انخفضت أسهم شركة أخرى متورطة في الفضيحة وهي جي اس دبليو بعد خفض سيتي جروب لتصنيف أسهمها ووضعته برسم البيع. وقالت الشركة في بيان لها إن جميع تعاملاتها كانت تتم بصورة مطابقة للقانون. وكان اختراق كبير حدث في التحقيق في أوائل العام الماضي.

فقد أغارت وكالات مكافحة الفساد على مكاتب أندي انتربرزايزز، التي تشغل محطة لتصدير الحديد الخام في ميناء بلكيري، في بحر العرب، وضبطت مستندات استشف منها وجود مدفوعات غير قانونية. فقد تسلم مدير الميناء على سبيل المثال 50 الف روبية أو 1.100 دولار عن كل شحنة انطلقت من الميناء. كما حصل موظف جمركي على 10 الاف روبية خلال كل ثلاثة أشهر، و 0.50 روبية عن كل طن من الحديد الخام يتم شحنه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/آب/2011 - 21/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م